فهرس الكتاب

شرح الزرقاني - بَابُ مَا جَاءَ فِي الْحَكَمَيْنِ

رقم الحديث 1234 حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ، أَنَّ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ كَانَ يَقُولُ فِي وَلَدِ الْمُلَاعَنَةِ، وَوَلَدِ الزِّنَا إِنَّهُ إِذَا مَاتَ وَرِثَتْهُ أُمُّهُ، حَقَّهَا فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى، وَإِخْوَتُهُ لِأُمِّهِ حُقُوقَهُمْ، وَيَرِثُ الْبَقِيَّةَ مَوَالِي أُمِّهِ، إِنْ كَانَتْ مَوْلَاةً.
وَإِنْ كَانَتْ عَرَبِيَّةً وَرِثَتْ حَقَّهَا، وَوَرِثَ إِخْوَتُهُ لِأُمِّهِ حُقُوقَهُمْ.
وَكَانَ مَا بَقِيَ لِلْمُسْلِمِينَ
قَالَ مَالِكٌ: وَبَلَغَنِي عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ مِثْلُ ذَلِكَ وَعَلَى ذَلِكَ أَدْرَكْتُ أَهْلَ الْعِلْمِ بِبَلَدِنَا.


( ميراث ولد الملاعنة)

( مالك أنه بلغه أن عروة بن الزبير كان يقول في ولد الملاعنة) بفتح العين وكسرها، وهي التي وقع اللعان بينها وبين زوجها ( وولد الزنا إنه إذا مات ورثته أمه حقها) بالنصب بدل من ضمير ورثته ( في كتاب الله تعالى) الثلث أو السدس ( و) ورث ( إخوته لأمه حقوقهم) السدس للواحد، والثلث للاثنين فصاعدًا ( ويرث البقية موالي أمه إن كانت مولاة) أي معتقة ( وإن كانت عربية) أي حرة أصلية ( ورثت حقها وورث إخوته لأمه حقوقهم) السدس ( وكان ما بقي للمسلمين) يجعل في بيت مالهم ( قال مالك وبلغني عن سليمان بن يسار مثل ذلك وعلى ذلك أدركت أهل العلم ببلدنا) وبه قال جمهور العلماء وأكثر فقهاء الأمصار وسبق قريبًا قول سهل بن سعيد ثم جرت السنة في ميراثها أنها ترثه ويرث منها ما فرض الله تعالى.
ولأبي داود من مرسل مكحول ومن حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: جعل النبي صلى الله عليه وسلم ميراث ابن الملاعنة لأمه ولورثتها من بعدها وأخرج أصحاب السنن الأربعة، وحسنه الترمذي وصححه الحاكم عن واثلة مرفوعًا تحوز المرأة ثلاثة مواريث عتيقها ولقيطها وولدها الذي لاعنت فيه.
وفي إسناده عمر بن روبة بضم الراء وسكون الواو فموحدة مختلف فيه ووثقه أحمد وله شاهد من حديث ابن عمر عند ابن المنذر وهذه الترجمة ومدخولها بلفظه مرا في آخر الفرائض لأنه محله وأعاده هنا تتميمًا لحكم اللعان.



رقم الحديث 1234 حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ، أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ قَالَ: فِي الْحَكَمَيْنِ اللَّذَيْنِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى { { وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا } }إِنَّ إِلَيْهِمَا الْفُرْقَةَ بَيْنَهُمَا وَالْاجْتِمَاعَ قَالَ مَالِكٌ: وَذَلِكَ أَحْسَنُ مَا سَمِعْتُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، أَنَّ الْحَكَمَيْنِ يَجُوزُ .

     قَوْلُهُ مَا بَيْنَ الرَّجُلِ وَامْرَأَتِهِ فِي الْفُرْقَةِ وَالْاجْتِمَاعِ.


(ما جاء في الحكمين)

(مالك أنه بلغه) مما جاء في طرق ثابتة رواها عبد الرزاق وغيره عن عبيدة السلماني (أن علي بن أبي طالب قال في الحكمين اللذين قال الله تبارك وتعالى: { { وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا } } أصله شقاقًا بينهما فأضيف الشقاق إلى الظرف على سبيل الاتساع كقوله تعالى: { { بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ } } أصله بل مكر في الليل.
والشقاق العداوة والخلاف، لأن كلاً منهما يفعل ما يشق على صاحبه أو يميل إلى شق أي ناحية غير شق صاحبه.
والضمير للزوجين وإن لم يجر لهما ذكر لذكر ما يدل عليهما { { فَابْعَثُوا حَكَمًا مِّنْ أَهْلِهِ } } رجلاً يصلح للحكومة والإصلاح بينهما { { وَحَكَمًا مِّنْ أَهْلِهَا } } لأن الأقارب أعرف ببواطن الأحوال وأطلب للصلاح ونفوس الزوجين أسكن إليهما فيبرزان ما في ضمائرهما من الحب والبغض وإرادة الصحبة والفرقة ويخلو كل حكم منهما بصاحبه ويفهم مراده ولا يخفى حكم عن حكم شيئًا إذا اجتمعا { { إِن يُّرِيدَا } } أي الحكمان { { إِصْلاَحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا } } أي الزوجين أي يقدرهما على ما هو الطاعة من إصلاح أو فراق { { إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا } } بكل شيء { { خَبِيرًا } } بالبواطن كالظواهر (إن إليهما) أي الحكمين (الفرقة بينهما والاجتماع) فيمضي على الزوجين ما اتفق الحكمان عليه.

(قال مالك وذلك أحسن ما سمعت من أهل العلم أن الحكمين يجوز) ينفذ (قولهما بين الرجل وامرأته في الفرقة) إذا اتفقا عليها (والاجتماع) كذلك بغير توكيل ولا إذن من الزوجين خلافًا لمن قال.
وعليه الشافعي أن الزوج يوكل حكمه في الطلاق أو الخلع، وتوكل هي حكمها في بذل العوض وقبول الطلاق به ويفرقان بينهما إن رأياه صوابًا.