فهرس الكتاب

شرح الزرقاني - بَابُ جَامِعِ الطَّلَاقِ

رقم الحديث 1239 وَحَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَنَّهُ قَالَ: بَلَغَنِي، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِرَجُلٍ مِنْ ثَقِيفٍ أَسْلَمَ وَعِنْدَهُ عَشْرُ نِسْوَةٍ، حِينَ أَسْلَمَ الثَّقَفِيُّ: أَمْسِكْ مِنْهُنَّ أَرْبَعًا وَفَارِقْ سَائِرَهُنَّ.


(جامع الطلاق)

(مالك عن ابن شهاب أنه قال بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لرجل من ثقيف أسلم) هو غيلان، بغين معجمة (وعنده عشر نسوة) فأسلمن معه (حين أسلم الثقفي) ظرف لقال (أمسك) وفي رواية: اختر (منهن أربعًا وفارق سائرهن) أي باقيهن.
قال ابن عبد البر: هكذا رواه جماعة الموطأ، وأكثر رواة ابن شهاب ورواة ابن وهب عن يونس عن ابن شهاب عن عثمان بن محمد بن أبي سويد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لغيلان بن سلمة الثقفي حين أسلم، فذكره.
ووصله معمر عن ابن شهاب عن سالم عن ابن عمر ويقولون إنه من خطأ معمر مما حدث به بالعراق اهـ.
وقد رواه الترمذي وابن ماجه من طريق معمر عن الزهري عن سالم عن أبيه.
قال الترمذي سمعت محمد بن إسماعيل يقول هذا غير محفوظ، والصحيح ما روى شعيب وغيره عن الزهري قال: حدثت عن عثمان بن محمد بن أبي سويد الثقفي فذكره اهـ.
وقد حدث به جماعة من أهل البصرة عن معمر ويقال: إن معمرًا حدث بالبصرة أحاديث وهم فيها، وقد كشف مسلم في كتاب التمييز عن علته وبينها بيانًا شافيًا فقال كان عند الزهري في قصة غيلان حديثان أحدهما مرفوع والآخر موقوف فأدرج معمر المرفوع على إسناد الموقوف فأما المرفوع فرواه عقيل عن الزهري: قال بلغنا عن عثمان بن محمد بن أبي سويد أن غيلان فذكره.
وأما الموقوف فرواه الزهري عن سالم عن أبيه أن غيلان طلق نساءه في عهد عمر وقسم ميراثه بين بنيه الحديث اهـ.
أي أدرجه في أوله هو في مسند إسحاق بن راهويه عن معمر عن الزهري عن سالم عن أبيه أن غيلان أسلم وتحته عشر نسوة فقال النبي صلى الله عليه وسلم: اختر منهن أربعًا فلما كان في عهد عمر طلق نساءه وقسم ماله بين بنيه فبلغ ذلك عمر فقال: والله إني لأظن الشيطان فيما يسترق من السمع سمع بموتك فقذفه في نفسك ولا أراك تمكث إلا قليلاً، وايم الله لترجعن في مالك ولتراجعن نساءك أو لأورثهن منك ولآمرن بقبرك فيرجم كما يرجم قبر أبي رغال، ومات غيلان في آخر خلافة عمر.

(مالك عن ابن شهاب أنه قال سمعت سعيد بن المسيب) التابعي ابن الصحابي (وحميد) بضم الحاء (بن عبد الرحمن بن عوف) الزهري تابعي ابن صحابي (وعبيد الله) بضم العين (بن عبد الله) بفتحها (بن عتبة) بضمها وفوقية ساكنة (وسليمان بن يسار كلهم يقول سمعت أبا هريرة يقول سمعت عمر بن الخطاب يقول أيما امرأة طلقها زوجها تطليقة أو تطليقتين ثم تركها حتى تحل) بالخروج من العدة (وتنكح زوجًا غيره فيموت عنها) الزوج الثاني (أو يطلقها ثم ينكحها زوجها الأول فإنها تكون عنده على ما بقي من طلاقها) واحدة أو ثنتين (قال مالك وعلى ذلك السنة عندنا التي لا اختلاف فيها) بدار الهجرة، وبه قال الجمهور من الصحابة والتابعين والأئمة الثلاثة لأن الزوج الثاني لا يهدم ما دون الثلاث لأنه لا يمنع رجوعها للأول قبله.
وقال أبو حنيفة وبعض الصحابة والتابعين يهدم الثاني ما دون الثلاث كما يهدم الثلاث فإذا عادت للأول كانت معه على عصمة كاملة.

(مالك عن ثابت بن) عياض (الأحنف) الأعرج العدوي مولاهم تابعي ثقة (أنه تزوج أم ولد لعبد الرحمن بن زيد بن الخطاب) العدوي وأمه لبابة بنت لبابة الأنصارية ولد في حياة النبي صلى الله عليه وسلم فأحضره جده أبو أمه عنده صلى الله عليه وسلم فحنكه ومسح رأسه ودعا له بالبركة فكان لبيبًا عاقلاً، وزوجه عمه عمر بنته فاطمة واستشهد أبوه باليمامة وولي هو إمرة مكة ليزيد بن معاوية ومات سنة بضع وستين وقيل كان اسمه محمدًا فغيره عمر (قال) ثابت (فدعاني) ابنه (عبد الله بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب) وأمه فاطمة بنت عمر (فجئته فدخلت عليه فإذا سياط موضوعة) جمع سوط (وإذا قيدان من حديد وعبدان له قد أجلسهما عنده فقال طلقها وإلا والذي يحلف به) وهو الله سبحانه (فعلت بك كذا وكذا) ضربتك بالسياط وقيدتك بالقيدين (قال فقلت هي الطلاق ألفًا قال فخرجت من عنده فأدركت عبد الله بن عمر) ابن عم أبيه (بطريق مكة فأخبرته بالذي كان من شأني فتغيظ عبد الله بن عمر وقال: ليس ذلك بطلاق) للإكراه (وإنها لم تحرم عليك فارجع إلى أهلك قال: فلم تقررني نفسي حتى أتيت عبد الله بن الزبير وهو يومئذ بمكة) خليفة زاد في نسخة أمير عليها (فأخبرته بالذي كان من شأني وبالذي قال لي عبد الله بن عمر قال فقال لي عبد الله بن الزبير لم تحرم عليك فارجع إلى أهلك وكتب إلى جابر بن الأسود الزهري وهو أمير المدينة) من جهة ابن الزبير (يأمره أن يعاقب عبد الله بن عبد الرحمن) يعزره على ما فعل (وأن يخلي بيني وبين أهلي) زوجتي (قال فقدمت المدينة فجهزت صفية) فاعل بنت عبيد (امرأة عبد الله بن عمر امرأتي حتى أدخلتها علي بعلم عبد الله بن عمر) زوجها (ثم دعوت عبد الله بن عمر يوم عرسي لوليمتي فجاءني).

وقد روى أحمد وأبو داود وابن ماجه وصححه الحاكم عن عائشة مرفوعًا لا طلاق ولا عتاق في إغلاق أي إكراه، بكسر الهمزة وسكون المعجمة وقاف، سمي به لأن المكره كأنه يغلق عليه الباب ويضيق عليه حتى يطلق فلا يقع طلاقه.
وزعم أن المراد بالإغلاق الغضب ضعف بأن طلاق الناس غالبًا إنما هو في حال الغضب فلو جاز عدم وقوع طلاق الغضبان لكان لكل أحد أن يقول كنت غضبان فلا يقع عليّ طلاق وهو باطل.
وقد صح عن ابن عباس وعائشة أنه يقع طلاق الغضبان وأفتى به جمع من الصحابة.
وقد قال الأئمة الثلاثة وغيرهم لا يقع طلاق المكره لقوله تعالى: { { إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ } } فنفى الكفر باللسان فكذا الطلاق إذا لم يرده بقلبه ولم ينوه ولم يقصده لم يلزمه ولحديث تجاوز الله لأمتي عن الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه.
وقال أبو حنيفة وأصحابه يصح طلاق المكره ونكاحه وعتقه وتدبيره لا بيعه.

(مالك عن عبد الله بن دينار) مولى ابن عمر (أنه قال سمعت عبد الله بن عمر قرأ يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لقبل) بضم القاف والباء وبإسكانها (عدتهن) أي في استقبال عدتهن (قال مالك: يعني بذلك أن يطلق في كل طهر مرة) لا أكثر وكأنه أتى بكل ليشمل ما إذا كان الطهر عقب حيض طلقت فيه وراجعها لأنه يصدق عليه أنه طلق لاستقبال العدة وأن الأمر في الحديث بأن يمسكها حتى تحيض ثم تطهر للندب لا للوجوب.
قال القشيري وغيره وهذه القراءة على التفسير لا التلاوة وهي تصحح أن المراد بالأقراء الأطهار إذ لا يستقبل في الحيض عند الجميع ولا يجتزئ بها عند أحد من الطائفتين قاله عياض.
وتقدم أن في مسلم في بعض طرق حديث ابن عمر وقرأ النبي صلى الله عليه وسلم فطلقوهن في قبل عدتهن.

(مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أنه قال كان الرجل إذا طلق امرأته ثم ارتجعها قبل أن تنقضي عدتها كان ذلك له وإن طلقها ألف مرة فعمد) بفتح الميم قصد (رجل إلى امرأته فطلقها حتى إذا شارفت) قاربت (انقضاء عدتها راجعها ثم طلقها ثم قال لا والله لا آويك) أضمك إليّ (ولا تحلين أبدًا) لغيري (فأنزل الله تبارك وتعالى { { الطَّلاَقُ } } أي التطليق الذي يراجع بعده { { مَرَّتَانِ } } أي ثنتان { { فَإِمْسَاكٌ } } فعليكم إمساكهن بعده { { بِمَعْرُوفٍ } } من غير ضرار { { أَوْ تَسْرِيحٌ } } إرسال لهن { { بِإِحْسَانٍ } } فاستقبل الناس الطلاق جديدًا من يومئذ) أي من يوم نزول الآية (من كان طلق منهم أو لم يطلق).

وهذا مرسل تابع مالكًا على إرساله عبد الله بن إدريس وعبدة بن سليمان وجرير بن عبد الحميد وجعفر بن عون كلهم عن هشام عن أبيه مرسلاً.
ووصله الترمذي والحاكم وغيرهما من طريق يعلى بن شبيب، وابن مردويه من طريق محمد بن إسحاق كلاهما عن هشام عن أبيه عن عائشة قالت: كان الناس والرجل يطلق امرأته ما شاء أن يطلقها وهي امرأته إذا ارتجعها وهي في العدة، وإن طلقها مائة مرة وأكثر حتى قال رجل لامرأته: والله لأطلقك فتبيني مني ولا آويك أبدًا قالت: وكيف ذلك؟ قال: أطلقك فكلما همت عدتك أن تنقضي راجعتك، فذهبت المرأة فأخبرت رسول الله صلى الله عليه وسلم فسكت حتى نزل القرآن { { الطَّلاَقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ } } قال الترمذي: والمرسل أصح وفي المستدرك صحح الموصول.
قال ابن عبد البر: أجمعوا على أن قوله أو تسريح بإحسان هي الثالثة التي قال الله { { فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلاَ تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ } } وعند ابن أبي شيبة عن أبي رزين جاء رجل فقال: يا رسول الله أرأيت قول الله الطلاق مرتان فأين الثالثة؟ فقال صلى الله عليه وسلم: { { فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ } } (مالك عن ثور) بمثلثة (بن زيد الديلي) بكسر المهملة وسكون التحتية (أن الرجل كان يطلق امرأته ثم يراجعها ولا حاجة له بها ولا يريد إمساكها كيما تطول بذلك عليها العدة ليضارها فأنزل الله تبارك وتعالى { { ولا تمسكوهن ضرارًا } } مفعول له { { لِّتَعْتَدُوا } } عليهن { { وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ } } بتعريضها إلى عذاب الله (يعظهم الله بذلك) وورد هذا بنحوه من طريق العوفي عن ابن عباس عند ابن جرير قال ابن عبد البر: أفاد هذا وما قبله أن نزول الآيتين في معنى واحد متقارب وذلك حبس الرجل المرأة ومراجعتها بقصد الإضرار.

(مالك أنه بلغه) أسنده ابن أبي شيبة عن حاتم بن إسماعيل عن عبد الرحمن بن حرملة (أن سعيد بن المسيب وسليمان بن يسار سئلا عن طلاق السكران فقالا إذا طلق السكران جاز طلاقه وإذا قتل قتل به قال مالك وعلى ذلك الأمر عندنا) وبه قال جماعة من التابعين وجمع من الصحابة والأئمة الأربعة فيصح عنه مع أنه غير مكلف تغليظًا عليه ولأن صحته من قبيل ربط الأحكام بالأسباب.

(مالك أنه بلغه) أسنده ابن أبي شيبة عن سفيان عن أبي الزناد (أن سعيد بن المسيب كان يقول إذا لم يجد الرجل ما ينفق على امرأته فرق بينهما) للضرر فقلت: سنة فقال: سنة هذا بقية خبر ابن أبي شيبة (قال مالك وعلى ذلك أدركت أهل العلم ببلدنا) المدينة.



رقم الحديث 1240 وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، أَنَّهُ قَالَ: سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ وَحُمَيْدَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ وَعُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ وَسُلَيْمَانَ بْنَ يَسَارٍ كُلُّهُمْ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يَقُولُ: أَيُّمَا امْرَأَةٍ طَلَّقَهَا زَوْجُهَا تَطْلِيقَةً أَوْ تَطْلِيقَتَيْنِ ثُمَّ تَرَكَهَا حَتَّى تَحِلَّ، وَتَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ، فَيَمُوتَ عَنْهَا أَوْ يُطَلِّقَهَا ثُمَّ يَنْكِحُهَا زَوْجُهَا الْأَوَّلُ، فَإِنَّهَا تَكُونُ عِنْدَهُ عَلَى مَا بَقِيَ مِنْ طَلَاقِهَا قَالَ مَالِكٌ: وَعَلَى ذَلِكَ السُّنَّةُ عِنْدَنَا الَّتِي لَا اخْتِلَافَ فِيهَا.


(جامع الطلاق)

(مالك عن ابن شهاب أنه قال بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لرجل من ثقيف أسلم) هو غيلان، بغين معجمة (وعنده عشر نسوة) فأسلمن معه (حين أسلم الثقفي) ظرف لقال (أمسك) وفي رواية: اختر (منهن أربعًا وفارق سائرهن) أي باقيهن.
قال ابن عبد البر: هكذا رواه جماعة الموطأ، وأكثر رواة ابن شهاب ورواة ابن وهب عن يونس عن ابن شهاب عن عثمان بن محمد بن أبي سويد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لغيلان بن سلمة الثقفي حين أسلم، فذكره.
ووصله معمر عن ابن شهاب عن سالم عن ابن عمر ويقولون إنه من خطأ معمر مما حدث به بالعراق اهـ.
وقد رواه الترمذي وابن ماجه من طريق معمر عن الزهري عن سالم عن أبيه.
قال الترمذي سمعت محمد بن إسماعيل يقول هذا غير محفوظ، والصحيح ما روى شعيب وغيره عن الزهري قال: حدثت عن عثمان بن محمد بن أبي سويد الثقفي فذكره اهـ.
وقد حدث به جماعة من أهل البصرة عن معمر ويقال: إن معمرًا حدث بالبصرة أحاديث وهم فيها، وقد كشف مسلم في كتاب التمييز عن علته وبينها بيانًا شافيًا فقال كان عند الزهري في قصة غيلان حديثان أحدهما مرفوع والآخر موقوف فأدرج معمر المرفوع على إسناد الموقوف فأما المرفوع فرواه عقيل عن الزهري: قال بلغنا عن عثمان بن محمد بن أبي سويد أن غيلان فذكره.
وأما الموقوف فرواه الزهري عن سالم عن أبيه أن غيلان طلق نساءه في عهد عمر وقسم ميراثه بين بنيه الحديث اهـ.
أي أدرجه في أوله هو في مسند إسحاق بن راهويه عن معمر عن الزهري عن سالم عن أبيه أن غيلان أسلم وتحته عشر نسوة فقال النبي صلى الله عليه وسلم: اختر منهن أربعًا فلما كان في عهد عمر طلق نساءه وقسم ماله بين بنيه فبلغ ذلك عمر فقال: والله إني لأظن الشيطان فيما يسترق من السمع سمع بموتك فقذفه في نفسك ولا أراك تمكث إلا قليلاً، وايم الله لترجعن في مالك ولتراجعن نساءك أو لأورثهن منك ولآمرن بقبرك فيرجم كما يرجم قبر أبي رغال، ومات غيلان في آخر خلافة عمر.

(مالك عن ابن شهاب أنه قال سمعت سعيد بن المسيب) التابعي ابن الصحابي (وحميد) بضم الحاء (بن عبد الرحمن بن عوف) الزهري تابعي ابن صحابي (وعبيد الله) بضم العين (بن عبد الله) بفتحها (بن عتبة) بضمها وفوقية ساكنة (وسليمان بن يسار كلهم يقول سمعت أبا هريرة يقول سمعت عمر بن الخطاب يقول أيما امرأة طلقها زوجها تطليقة أو تطليقتين ثم تركها حتى تحل) بالخروج من العدة (وتنكح زوجًا غيره فيموت عنها) الزوج الثاني (أو يطلقها ثم ينكحها زوجها الأول فإنها تكون عنده على ما بقي من طلاقها) واحدة أو ثنتين (قال مالك وعلى ذلك السنة عندنا التي لا اختلاف فيها) بدار الهجرة، وبه قال الجمهور من الصحابة والتابعين والأئمة الثلاثة لأن الزوج الثاني لا يهدم ما دون الثلاث لأنه لا يمنع رجوعها للأول قبله.
وقال أبو حنيفة وبعض الصحابة والتابعين يهدم الثاني ما دون الثلاث كما يهدم الثلاث فإذا عادت للأول كانت معه على عصمة كاملة.

(مالك عن ثابت بن) عياض (الأحنف) الأعرج العدوي مولاهم تابعي ثقة (أنه تزوج أم ولد لعبد الرحمن بن زيد بن الخطاب) العدوي وأمه لبابة بنت لبابة الأنصارية ولد في حياة النبي صلى الله عليه وسلم فأحضره جده أبو أمه عنده صلى الله عليه وسلم فحنكه ومسح رأسه ودعا له بالبركة فكان لبيبًا عاقلاً، وزوجه عمه عمر بنته فاطمة واستشهد أبوه باليمامة وولي هو إمرة مكة ليزيد بن معاوية ومات سنة بضع وستين وقيل كان اسمه محمدًا فغيره عمر (قال) ثابت (فدعاني) ابنه (عبد الله بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب) وأمه فاطمة بنت عمر (فجئته فدخلت عليه فإذا سياط موضوعة) جمع سوط (وإذا قيدان من حديد وعبدان له قد أجلسهما عنده فقال طلقها وإلا والذي يحلف به) وهو الله سبحانه (فعلت بك كذا وكذا) ضربتك بالسياط وقيدتك بالقيدين (قال فقلت هي الطلاق ألفًا قال فخرجت من عنده فأدركت عبد الله بن عمر) ابن عم أبيه (بطريق مكة فأخبرته بالذي كان من شأني فتغيظ عبد الله بن عمر وقال: ليس ذلك بطلاق) للإكراه (وإنها لم تحرم عليك فارجع إلى أهلك قال: فلم تقررني نفسي حتى أتيت عبد الله بن الزبير وهو يومئذ بمكة) خليفة زاد في نسخة أمير عليها (فأخبرته بالذي كان من شأني وبالذي قال لي عبد الله بن عمر قال فقال لي عبد الله بن الزبير لم تحرم عليك فارجع إلى أهلك وكتب إلى جابر بن الأسود الزهري وهو أمير المدينة) من جهة ابن الزبير (يأمره أن يعاقب عبد الله بن عبد الرحمن) يعزره على ما فعل (وأن يخلي بيني وبين أهلي) زوجتي (قال فقدمت المدينة فجهزت صفية) فاعل بنت عبيد (امرأة عبد الله بن عمر امرأتي حتى أدخلتها علي بعلم عبد الله بن عمر) زوجها (ثم دعوت عبد الله بن عمر يوم عرسي لوليمتي فجاءني).

وقد روى أحمد وأبو داود وابن ماجه وصححه الحاكم عن عائشة مرفوعًا لا طلاق ولا عتاق في إغلاق أي إكراه، بكسر الهمزة وسكون المعجمة وقاف، سمي به لأن المكره كأنه يغلق عليه الباب ويضيق عليه حتى يطلق فلا يقع طلاقه.
وزعم أن المراد بالإغلاق الغضب ضعف بأن طلاق الناس غالبًا إنما هو في حال الغضب فلو جاز عدم وقوع طلاق الغضبان لكان لكل أحد أن يقول كنت غضبان فلا يقع عليّ طلاق وهو باطل.
وقد صح عن ابن عباس وعائشة أنه يقع طلاق الغضبان وأفتى به جمع من الصحابة.
وقد قال الأئمة الثلاثة وغيرهم لا يقع طلاق المكره لقوله تعالى: { { إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ } } فنفى الكفر باللسان فكذا الطلاق إذا لم يرده بقلبه ولم ينوه ولم يقصده لم يلزمه ولحديث تجاوز الله لأمتي عن الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه.
وقال أبو حنيفة وأصحابه يصح طلاق المكره ونكاحه وعتقه وتدبيره لا بيعه.

(مالك عن عبد الله بن دينار) مولى ابن عمر (أنه قال سمعت عبد الله بن عمر قرأ يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لقبل) بضم القاف والباء وبإسكانها (عدتهن) أي في استقبال عدتهن (قال مالك: يعني بذلك أن يطلق في كل طهر مرة) لا أكثر وكأنه أتى بكل ليشمل ما إذا كان الطهر عقب حيض طلقت فيه وراجعها لأنه يصدق عليه أنه طلق لاستقبال العدة وأن الأمر في الحديث بأن يمسكها حتى تحيض ثم تطهر للندب لا للوجوب.
قال القشيري وغيره وهذه القراءة على التفسير لا التلاوة وهي تصحح أن المراد بالأقراء الأطهار إذ لا يستقبل في الحيض عند الجميع ولا يجتزئ بها عند أحد من الطائفتين قاله عياض.
وتقدم أن في مسلم في بعض طرق حديث ابن عمر وقرأ النبي صلى الله عليه وسلم فطلقوهن في قبل عدتهن.

(مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أنه قال كان الرجل إذا طلق امرأته ثم ارتجعها قبل أن تنقضي عدتها كان ذلك له وإن طلقها ألف مرة فعمد) بفتح الميم قصد (رجل إلى امرأته فطلقها حتى إذا شارفت) قاربت (انقضاء عدتها راجعها ثم طلقها ثم قال لا والله لا آويك) أضمك إليّ (ولا تحلين أبدًا) لغيري (فأنزل الله تبارك وتعالى { { الطَّلاَقُ } } أي التطليق الذي يراجع بعده { { مَرَّتَانِ } } أي ثنتان { { فَإِمْسَاكٌ } } فعليكم إمساكهن بعده { { بِمَعْرُوفٍ } } من غير ضرار { { أَوْ تَسْرِيحٌ } } إرسال لهن { { بِإِحْسَانٍ } } فاستقبل الناس الطلاق جديدًا من يومئذ) أي من يوم نزول الآية (من كان طلق منهم أو لم يطلق).

وهذا مرسل تابع مالكًا على إرساله عبد الله بن إدريس وعبدة بن سليمان وجرير بن عبد الحميد وجعفر بن عون كلهم عن هشام عن أبيه مرسلاً.
ووصله الترمذي والحاكم وغيرهما من طريق يعلى بن شبيب، وابن مردويه من طريق محمد بن إسحاق كلاهما عن هشام عن أبيه عن عائشة قالت: كان الناس والرجل يطلق امرأته ما شاء أن يطلقها وهي امرأته إذا ارتجعها وهي في العدة، وإن طلقها مائة مرة وأكثر حتى قال رجل لامرأته: والله لأطلقك فتبيني مني ولا آويك أبدًا قالت: وكيف ذلك؟ قال: أطلقك فكلما همت عدتك أن تنقضي راجعتك، فذهبت المرأة فأخبرت رسول الله صلى الله عليه وسلم فسكت حتى نزل القرآن { { الطَّلاَقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ } } قال الترمذي: والمرسل أصح وفي المستدرك صحح الموصول.
قال ابن عبد البر: أجمعوا على أن قوله أو تسريح بإحسان هي الثالثة التي قال الله { { فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلاَ تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ } } وعند ابن أبي شيبة عن أبي رزين جاء رجل فقال: يا رسول الله أرأيت قول الله الطلاق مرتان فأين الثالثة؟ فقال صلى الله عليه وسلم: { { فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ } } (مالك عن ثور) بمثلثة (بن زيد الديلي) بكسر المهملة وسكون التحتية (أن الرجل كان يطلق امرأته ثم يراجعها ولا حاجة له بها ولا يريد إمساكها كيما تطول بذلك عليها العدة ليضارها فأنزل الله تبارك وتعالى { { ولا تمسكوهن ضرارًا } } مفعول له { { لِّتَعْتَدُوا } } عليهن { { وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ } } بتعريضها إلى عذاب الله (يعظهم الله بذلك) وورد هذا بنحوه من طريق العوفي عن ابن عباس عند ابن جرير قال ابن عبد البر: أفاد هذا وما قبله أن نزول الآيتين في معنى واحد متقارب وذلك حبس الرجل المرأة ومراجعتها بقصد الإضرار.

(مالك أنه بلغه) أسنده ابن أبي شيبة عن حاتم بن إسماعيل عن عبد الرحمن بن حرملة (أن سعيد بن المسيب وسليمان بن يسار سئلا عن طلاق السكران فقالا إذا طلق السكران جاز طلاقه وإذا قتل قتل به قال مالك وعلى ذلك الأمر عندنا) وبه قال جماعة من التابعين وجمع من الصحابة والأئمة الأربعة فيصح عنه مع أنه غير مكلف تغليظًا عليه ولأن صحته من قبيل ربط الأحكام بالأسباب.

(مالك أنه بلغه) أسنده ابن أبي شيبة عن سفيان عن أبي الزناد (أن سعيد بن المسيب كان يقول إذا لم يجد الرجل ما ينفق على امرأته فرق بينهما) للضرر فقلت: سنة فقال: سنة هذا بقية خبر ابن أبي شيبة (قال مالك وعلى ذلك أدركت أهل العلم ببلدنا) المدينة.



رقم الحديث 1241 وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ ثَابِتِ بْنِ الْأَحْنَفِ، أَنَّهُ تَزَوَّجَ أُمَّ وَلَدٍ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدِ بْنِ الْخَطَّابِ، قَالَ: فَدَعَانِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدِ بْنِ الْخَطَّابِ فَجِئْتُهُ فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ، فَإِذَا سِيَاطٌ مَوْضُوعَةٌ، وَإِذَا قَيْدَانِ مِنْ حَدِيدٍ، وَعَبْدَانِ لَهُ قَدْ أَجْلَسَهُمَا، فَقَالَ: طَلِّقْهَا وَإِلَّا وَالَّذِي يُحْلَفُ بِهِ فَعَلْتُ بِكَ كَذَا وَكَذَا، قَالَ: فَقُلْتُ: هِيَ الطَّلَاقُ أَلْفًا، قَالَ: فَخَرَجْتُ مِنْ عِنْدِهِ، فَأَدْرَكْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ بِطَرِيقِ مَكَّةَ فَأَخْبَرْتُهُ بِالَّذِي كَانَ مِنْ شَأْنِي، فَتَغَيَّظَ عَبْدُ اللَّهِ،.

     وَقَالَ : لَيْسَ ذَلِكَ بِطَلَاقٍ، وَإِنَّهَا لَمْ تَحْرُمْ عَلَيْكَ، فَارْجِعْ إِلَى أَهْلِكَ، قَالَ: فَلَمْ تُقْرِرْنِي نَفْسِي، حَتَّى أَتَيْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ، وَهُوَ يَوْمَئِذٍ بِمَكَّةَ أَمِيرٌ عَلَيْهَا، فَأَخْبَرْتُهُ بِالَّذِي كَانَ مِنْ شَأْنِي، وَبِالَّذِي قَالَ لِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ قَالَ فَقَالَ لِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ: لَمْ تَحْرُمْ عَلَيْكَ فَارْجِعْ إِلَى أَهْلِكَ، وَكَتَبَ إِلَى جَابِرِ بْنِ الْأَسْوَدِ الزُّهْرِيِّ، وَهُوَ أَمِيرُ الْمَدِينَةِ يَأْمُرُهُ أَنْ يُعَاقِبَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَأَنْ يُخَلِّيَ بَيْنِي وَبَيْنَ أَهْلِي، قَالَ: فَقَدِمْتُ الْمَدِينَةَ، فَجَهَّزَتْ صَفِيَّةُ امْرَأَةُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ امْرَأَتِي حَتَّى أَدْخَلَتْهَا عَلَيَّ بِعِلْمِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ ثُمَّ دَعَوْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ يَوْمَ عُرْسِي لِوَلِيمَتِي فَجَاءَنِي.


(جامع الطلاق)

(مالك عن ابن شهاب أنه قال بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لرجل من ثقيف أسلم) هو غيلان، بغين معجمة (وعنده عشر نسوة) فأسلمن معه (حين أسلم الثقفي) ظرف لقال (أمسك) وفي رواية: اختر (منهن أربعًا وفارق سائرهن) أي باقيهن.
قال ابن عبد البر: هكذا رواه جماعة الموطأ، وأكثر رواة ابن شهاب ورواة ابن وهب عن يونس عن ابن شهاب عن عثمان بن محمد بن أبي سويد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لغيلان بن سلمة الثقفي حين أسلم، فذكره.
ووصله معمر عن ابن شهاب عن سالم عن ابن عمر ويقولون إنه من خطأ معمر مما حدث به بالعراق اهـ.
وقد رواه الترمذي وابن ماجه من طريق معمر عن الزهري عن سالم عن أبيه.
قال الترمذي سمعت محمد بن إسماعيل يقول هذا غير محفوظ، والصحيح ما روى شعيب وغيره عن الزهري قال: حدثت عن عثمان بن محمد بن أبي سويد الثقفي فذكره اهـ.
وقد حدث به جماعة من أهل البصرة عن معمر ويقال: إن معمرًا حدث بالبصرة أحاديث وهم فيها، وقد كشف مسلم في كتاب التمييز عن علته وبينها بيانًا شافيًا فقال كان عند الزهري في قصة غيلان حديثان أحدهما مرفوع والآخر موقوف فأدرج معمر المرفوع على إسناد الموقوف فأما المرفوع فرواه عقيل عن الزهري: قال بلغنا عن عثمان بن محمد بن أبي سويد أن غيلان فذكره.
وأما الموقوف فرواه الزهري عن سالم عن أبيه أن غيلان طلق نساءه في عهد عمر وقسم ميراثه بين بنيه الحديث اهـ.
أي أدرجه في أوله هو في مسند إسحاق بن راهويه عن معمر عن الزهري عن سالم عن أبيه أن غيلان أسلم وتحته عشر نسوة فقال النبي صلى الله عليه وسلم: اختر منهن أربعًا فلما كان في عهد عمر طلق نساءه وقسم ماله بين بنيه فبلغ ذلك عمر فقال: والله إني لأظن الشيطان فيما يسترق من السمع سمع بموتك فقذفه في نفسك ولا أراك تمكث إلا قليلاً، وايم الله لترجعن في مالك ولتراجعن نساءك أو لأورثهن منك ولآمرن بقبرك فيرجم كما يرجم قبر أبي رغال، ومات غيلان في آخر خلافة عمر.

(مالك عن ابن شهاب أنه قال سمعت سعيد بن المسيب) التابعي ابن الصحابي (وحميد) بضم الحاء (بن عبد الرحمن بن عوف) الزهري تابعي ابن صحابي (وعبيد الله) بضم العين (بن عبد الله) بفتحها (بن عتبة) بضمها وفوقية ساكنة (وسليمان بن يسار كلهم يقول سمعت أبا هريرة يقول سمعت عمر بن الخطاب يقول أيما امرأة طلقها زوجها تطليقة أو تطليقتين ثم تركها حتى تحل) بالخروج من العدة (وتنكح زوجًا غيره فيموت عنها) الزوج الثاني (أو يطلقها ثم ينكحها زوجها الأول فإنها تكون عنده على ما بقي من طلاقها) واحدة أو ثنتين (قال مالك وعلى ذلك السنة عندنا التي لا اختلاف فيها) بدار الهجرة، وبه قال الجمهور من الصحابة والتابعين والأئمة الثلاثة لأن الزوج الثاني لا يهدم ما دون الثلاث لأنه لا يمنع رجوعها للأول قبله.
وقال أبو حنيفة وبعض الصحابة والتابعين يهدم الثاني ما دون الثلاث كما يهدم الثلاث فإذا عادت للأول كانت معه على عصمة كاملة.

(مالك عن ثابت بن) عياض (الأحنف) الأعرج العدوي مولاهم تابعي ثقة (أنه تزوج أم ولد لعبد الرحمن بن زيد بن الخطاب) العدوي وأمه لبابة بنت لبابة الأنصارية ولد في حياة النبي صلى الله عليه وسلم فأحضره جده أبو أمه عنده صلى الله عليه وسلم فحنكه ومسح رأسه ودعا له بالبركة فكان لبيبًا عاقلاً، وزوجه عمه عمر بنته فاطمة واستشهد أبوه باليمامة وولي هو إمرة مكة ليزيد بن معاوية ومات سنة بضع وستين وقيل كان اسمه محمدًا فغيره عمر (قال) ثابت (فدعاني) ابنه (عبد الله بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب) وأمه فاطمة بنت عمر (فجئته فدخلت عليه فإذا سياط موضوعة) جمع سوط (وإذا قيدان من حديد وعبدان له قد أجلسهما عنده فقال طلقها وإلا والذي يحلف به) وهو الله سبحانه (فعلت بك كذا وكذا) ضربتك بالسياط وقيدتك بالقيدين (قال فقلت هي الطلاق ألفًا قال فخرجت من عنده فأدركت عبد الله بن عمر) ابن عم أبيه (بطريق مكة فأخبرته بالذي كان من شأني فتغيظ عبد الله بن عمر وقال: ليس ذلك بطلاق) للإكراه (وإنها لم تحرم عليك فارجع إلى أهلك قال: فلم تقررني نفسي حتى أتيت عبد الله بن الزبير وهو يومئذ بمكة) خليفة زاد في نسخة أمير عليها (فأخبرته بالذي كان من شأني وبالذي قال لي عبد الله بن عمر قال فقال لي عبد الله بن الزبير لم تحرم عليك فارجع إلى أهلك وكتب إلى جابر بن الأسود الزهري وهو أمير المدينة) من جهة ابن الزبير (يأمره أن يعاقب عبد الله بن عبد الرحمن) يعزره على ما فعل (وأن يخلي بيني وبين أهلي) زوجتي (قال فقدمت المدينة فجهزت صفية) فاعل بنت عبيد (امرأة عبد الله بن عمر امرأتي حتى أدخلتها علي بعلم عبد الله بن عمر) زوجها (ثم دعوت عبد الله بن عمر يوم عرسي لوليمتي فجاءني).

وقد روى أحمد وأبو داود وابن ماجه وصححه الحاكم عن عائشة مرفوعًا لا طلاق ولا عتاق في إغلاق أي إكراه، بكسر الهمزة وسكون المعجمة وقاف، سمي به لأن المكره كأنه يغلق عليه الباب ويضيق عليه حتى يطلق فلا يقع طلاقه.
وزعم أن المراد بالإغلاق الغضب ضعف بأن طلاق الناس غالبًا إنما هو في حال الغضب فلو جاز عدم وقوع طلاق الغضبان لكان لكل أحد أن يقول كنت غضبان فلا يقع عليّ طلاق وهو باطل.
وقد صح عن ابن عباس وعائشة أنه يقع طلاق الغضبان وأفتى به جمع من الصحابة.
وقد قال الأئمة الثلاثة وغيرهم لا يقع طلاق المكره لقوله تعالى: { { إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ } } فنفى الكفر باللسان فكذا الطلاق إذا لم يرده بقلبه ولم ينوه ولم يقصده لم يلزمه ولحديث تجاوز الله لأمتي عن الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه.
وقال أبو حنيفة وأصحابه يصح طلاق المكره ونكاحه وعتقه وتدبيره لا بيعه.

(مالك عن عبد الله بن دينار) مولى ابن عمر (أنه قال سمعت عبد الله بن عمر قرأ يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لقبل) بضم القاف والباء وبإسكانها (عدتهن) أي في استقبال عدتهن (قال مالك: يعني بذلك أن يطلق في كل طهر مرة) لا أكثر وكأنه أتى بكل ليشمل ما إذا كان الطهر عقب حيض طلقت فيه وراجعها لأنه يصدق عليه أنه طلق لاستقبال العدة وأن الأمر في الحديث بأن يمسكها حتى تحيض ثم تطهر للندب لا للوجوب.
قال القشيري وغيره وهذه القراءة على التفسير لا التلاوة وهي تصحح أن المراد بالأقراء الأطهار إذ لا يستقبل في الحيض عند الجميع ولا يجتزئ بها عند أحد من الطائفتين قاله عياض.
وتقدم أن في مسلم في بعض طرق حديث ابن عمر وقرأ النبي صلى الله عليه وسلم فطلقوهن في قبل عدتهن.

(مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أنه قال كان الرجل إذا طلق امرأته ثم ارتجعها قبل أن تنقضي عدتها كان ذلك له وإن طلقها ألف مرة فعمد) بفتح الميم قصد (رجل إلى امرأته فطلقها حتى إذا شارفت) قاربت (انقضاء عدتها راجعها ثم طلقها ثم قال لا والله لا آويك) أضمك إليّ (ولا تحلين أبدًا) لغيري (فأنزل الله تبارك وتعالى { { الطَّلاَقُ } } أي التطليق الذي يراجع بعده { { مَرَّتَانِ } } أي ثنتان { { فَإِمْسَاكٌ } } فعليكم إمساكهن بعده { { بِمَعْرُوفٍ } } من غير ضرار { { أَوْ تَسْرِيحٌ } } إرسال لهن { { بِإِحْسَانٍ } } فاستقبل الناس الطلاق جديدًا من يومئذ) أي من يوم نزول الآية (من كان طلق منهم أو لم يطلق).

وهذا مرسل تابع مالكًا على إرساله عبد الله بن إدريس وعبدة بن سليمان وجرير بن عبد الحميد وجعفر بن عون كلهم عن هشام عن أبيه مرسلاً.
ووصله الترمذي والحاكم وغيرهما من طريق يعلى بن شبيب، وابن مردويه من طريق محمد بن إسحاق كلاهما عن هشام عن أبيه عن عائشة قالت: كان الناس والرجل يطلق امرأته ما شاء أن يطلقها وهي امرأته إذا ارتجعها وهي في العدة، وإن طلقها مائة مرة وأكثر حتى قال رجل لامرأته: والله لأطلقك فتبيني مني ولا آويك أبدًا قالت: وكيف ذلك؟ قال: أطلقك فكلما همت عدتك أن تنقضي راجعتك، فذهبت المرأة فأخبرت رسول الله صلى الله عليه وسلم فسكت حتى نزل القرآن { { الطَّلاَقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ } } قال الترمذي: والمرسل أصح وفي المستدرك صحح الموصول.
قال ابن عبد البر: أجمعوا على أن قوله أو تسريح بإحسان هي الثالثة التي قال الله { { فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلاَ تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ } } وعند ابن أبي شيبة عن أبي رزين جاء رجل فقال: يا رسول الله أرأيت قول الله الطلاق مرتان فأين الثالثة؟ فقال صلى الله عليه وسلم: { { فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ } } (مالك عن ثور) بمثلثة (بن زيد الديلي) بكسر المهملة وسكون التحتية (أن الرجل كان يطلق امرأته ثم يراجعها ولا حاجة له بها ولا يريد إمساكها كيما تطول بذلك عليها العدة ليضارها فأنزل الله تبارك وتعالى { { ولا تمسكوهن ضرارًا } } مفعول له { { لِّتَعْتَدُوا } } عليهن { { وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ } } بتعريضها إلى عذاب الله (يعظهم الله بذلك) وورد هذا بنحوه من طريق العوفي عن ابن عباس عند ابن جرير قال ابن عبد البر: أفاد هذا وما قبله أن نزول الآيتين في معنى واحد متقارب وذلك حبس الرجل المرأة ومراجعتها بقصد الإضرار.

(مالك أنه بلغه) أسنده ابن أبي شيبة عن حاتم بن إسماعيل عن عبد الرحمن بن حرملة (أن سعيد بن المسيب وسليمان بن يسار سئلا عن طلاق السكران فقالا إذا طلق السكران جاز طلاقه وإذا قتل قتل به قال مالك وعلى ذلك الأمر عندنا) وبه قال جماعة من التابعين وجمع من الصحابة والأئمة الأربعة فيصح عنه مع أنه غير مكلف تغليظًا عليه ولأن صحته من قبيل ربط الأحكام بالأسباب.

(مالك أنه بلغه) أسنده ابن أبي شيبة عن سفيان عن أبي الزناد (أن سعيد بن المسيب كان يقول إذا لم يجد الرجل ما ينفق على امرأته فرق بينهما) للضرر فقلت: سنة فقال: سنة هذا بقية خبر ابن أبي شيبة (قال مالك وعلى ذلك أدركت أهل العلم ببلدنا) المدينة.



رقم الحديث 1242 وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، أَنَّهُ قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ: قَرَأَ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِقُبُلِ عِدَّتِهِنَّ قَالَ مَالِكٌ: يَعْنِي بِذَلِكَ أَنْ يُطَلِّقَ فِي كُلِّ طُهْرٍ مَرَّةً.


(جامع الطلاق)

(مالك عن ابن شهاب أنه قال بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لرجل من ثقيف أسلم) هو غيلان، بغين معجمة (وعنده عشر نسوة) فأسلمن معه (حين أسلم الثقفي) ظرف لقال (أمسك) وفي رواية: اختر (منهن أربعًا وفارق سائرهن) أي باقيهن.
قال ابن عبد البر: هكذا رواه جماعة الموطأ، وأكثر رواة ابن شهاب ورواة ابن وهب عن يونس عن ابن شهاب عن عثمان بن محمد بن أبي سويد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لغيلان بن سلمة الثقفي حين أسلم، فذكره.
ووصله معمر عن ابن شهاب عن سالم عن ابن عمر ويقولون إنه من خطأ معمر مما حدث به بالعراق اهـ.
وقد رواه الترمذي وابن ماجه من طريق معمر عن الزهري عن سالم عن أبيه.
قال الترمذي سمعت محمد بن إسماعيل يقول هذا غير محفوظ، والصحيح ما روى شعيب وغيره عن الزهري قال: حدثت عن عثمان بن محمد بن أبي سويد الثقفي فذكره اهـ.
وقد حدث به جماعة من أهل البصرة عن معمر ويقال: إن معمرًا حدث بالبصرة أحاديث وهم فيها، وقد كشف مسلم في كتاب التمييز عن علته وبينها بيانًا شافيًا فقال كان عند الزهري في قصة غيلان حديثان أحدهما مرفوع والآخر موقوف فأدرج معمر المرفوع على إسناد الموقوف فأما المرفوع فرواه عقيل عن الزهري: قال بلغنا عن عثمان بن محمد بن أبي سويد أن غيلان فذكره.
وأما الموقوف فرواه الزهري عن سالم عن أبيه أن غيلان طلق نساءه في عهد عمر وقسم ميراثه بين بنيه الحديث اهـ.
أي أدرجه في أوله هو في مسند إسحاق بن راهويه عن معمر عن الزهري عن سالم عن أبيه أن غيلان أسلم وتحته عشر نسوة فقال النبي صلى الله عليه وسلم: اختر منهن أربعًا فلما كان في عهد عمر طلق نساءه وقسم ماله بين بنيه فبلغ ذلك عمر فقال: والله إني لأظن الشيطان فيما يسترق من السمع سمع بموتك فقذفه في نفسك ولا أراك تمكث إلا قليلاً، وايم الله لترجعن في مالك ولتراجعن نساءك أو لأورثهن منك ولآمرن بقبرك فيرجم كما يرجم قبر أبي رغال، ومات غيلان في آخر خلافة عمر.

(مالك عن ابن شهاب أنه قال سمعت سعيد بن المسيب) التابعي ابن الصحابي (وحميد) بضم الحاء (بن عبد الرحمن بن عوف) الزهري تابعي ابن صحابي (وعبيد الله) بضم العين (بن عبد الله) بفتحها (بن عتبة) بضمها وفوقية ساكنة (وسليمان بن يسار كلهم يقول سمعت أبا هريرة يقول سمعت عمر بن الخطاب يقول أيما امرأة طلقها زوجها تطليقة أو تطليقتين ثم تركها حتى تحل) بالخروج من العدة (وتنكح زوجًا غيره فيموت عنها) الزوج الثاني (أو يطلقها ثم ينكحها زوجها الأول فإنها تكون عنده على ما بقي من طلاقها) واحدة أو ثنتين (قال مالك وعلى ذلك السنة عندنا التي لا اختلاف فيها) بدار الهجرة، وبه قال الجمهور من الصحابة والتابعين والأئمة الثلاثة لأن الزوج الثاني لا يهدم ما دون الثلاث لأنه لا يمنع رجوعها للأول قبله.
وقال أبو حنيفة وبعض الصحابة والتابعين يهدم الثاني ما دون الثلاث كما يهدم الثلاث فإذا عادت للأول كانت معه على عصمة كاملة.

(مالك عن ثابت بن) عياض (الأحنف) الأعرج العدوي مولاهم تابعي ثقة (أنه تزوج أم ولد لعبد الرحمن بن زيد بن الخطاب) العدوي وأمه لبابة بنت لبابة الأنصارية ولد في حياة النبي صلى الله عليه وسلم فأحضره جده أبو أمه عنده صلى الله عليه وسلم فحنكه ومسح رأسه ودعا له بالبركة فكان لبيبًا عاقلاً، وزوجه عمه عمر بنته فاطمة واستشهد أبوه باليمامة وولي هو إمرة مكة ليزيد بن معاوية ومات سنة بضع وستين وقيل كان اسمه محمدًا فغيره عمر (قال) ثابت (فدعاني) ابنه (عبد الله بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب) وأمه فاطمة بنت عمر (فجئته فدخلت عليه فإذا سياط موضوعة) جمع سوط (وإذا قيدان من حديد وعبدان له قد أجلسهما عنده فقال طلقها وإلا والذي يحلف به) وهو الله سبحانه (فعلت بك كذا وكذا) ضربتك بالسياط وقيدتك بالقيدين (قال فقلت هي الطلاق ألفًا قال فخرجت من عنده فأدركت عبد الله بن عمر) ابن عم أبيه (بطريق مكة فأخبرته بالذي كان من شأني فتغيظ عبد الله بن عمر وقال: ليس ذلك بطلاق) للإكراه (وإنها لم تحرم عليك فارجع إلى أهلك قال: فلم تقررني نفسي حتى أتيت عبد الله بن الزبير وهو يومئذ بمكة) خليفة زاد في نسخة أمير عليها (فأخبرته بالذي كان من شأني وبالذي قال لي عبد الله بن عمر قال فقال لي عبد الله بن الزبير لم تحرم عليك فارجع إلى أهلك وكتب إلى جابر بن الأسود الزهري وهو أمير المدينة) من جهة ابن الزبير (يأمره أن يعاقب عبد الله بن عبد الرحمن) يعزره على ما فعل (وأن يخلي بيني وبين أهلي) زوجتي (قال فقدمت المدينة فجهزت صفية) فاعل بنت عبيد (امرأة عبد الله بن عمر امرأتي حتى أدخلتها علي بعلم عبد الله بن عمر) زوجها (ثم دعوت عبد الله بن عمر يوم عرسي لوليمتي فجاءني).

وقد روى أحمد وأبو داود وابن ماجه وصححه الحاكم عن عائشة مرفوعًا لا طلاق ولا عتاق في إغلاق أي إكراه، بكسر الهمزة وسكون المعجمة وقاف، سمي به لأن المكره كأنه يغلق عليه الباب ويضيق عليه حتى يطلق فلا يقع طلاقه.
وزعم أن المراد بالإغلاق الغضب ضعف بأن طلاق الناس غالبًا إنما هو في حال الغضب فلو جاز عدم وقوع طلاق الغضبان لكان لكل أحد أن يقول كنت غضبان فلا يقع عليّ طلاق وهو باطل.
وقد صح عن ابن عباس وعائشة أنه يقع طلاق الغضبان وأفتى به جمع من الصحابة.
وقد قال الأئمة الثلاثة وغيرهم لا يقع طلاق المكره لقوله تعالى: { { إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ } } فنفى الكفر باللسان فكذا الطلاق إذا لم يرده بقلبه ولم ينوه ولم يقصده لم يلزمه ولحديث تجاوز الله لأمتي عن الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه.
وقال أبو حنيفة وأصحابه يصح طلاق المكره ونكاحه وعتقه وتدبيره لا بيعه.

(مالك عن عبد الله بن دينار) مولى ابن عمر (أنه قال سمعت عبد الله بن عمر قرأ يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لقبل) بضم القاف والباء وبإسكانها (عدتهن) أي في استقبال عدتهن (قال مالك: يعني بذلك أن يطلق في كل طهر مرة) لا أكثر وكأنه أتى بكل ليشمل ما إذا كان الطهر عقب حيض طلقت فيه وراجعها لأنه يصدق عليه أنه طلق لاستقبال العدة وأن الأمر في الحديث بأن يمسكها حتى تحيض ثم تطهر للندب لا للوجوب.
قال القشيري وغيره وهذه القراءة على التفسير لا التلاوة وهي تصحح أن المراد بالأقراء الأطهار إذ لا يستقبل في الحيض عند الجميع ولا يجتزئ بها عند أحد من الطائفتين قاله عياض.
وتقدم أن في مسلم في بعض طرق حديث ابن عمر وقرأ النبي صلى الله عليه وسلم فطلقوهن في قبل عدتهن.

(مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أنه قال كان الرجل إذا طلق امرأته ثم ارتجعها قبل أن تنقضي عدتها كان ذلك له وإن طلقها ألف مرة فعمد) بفتح الميم قصد (رجل إلى امرأته فطلقها حتى إذا شارفت) قاربت (انقضاء عدتها راجعها ثم طلقها ثم قال لا والله لا آويك) أضمك إليّ (ولا تحلين أبدًا) لغيري (فأنزل الله تبارك وتعالى { { الطَّلاَقُ } } أي التطليق الذي يراجع بعده { { مَرَّتَانِ } } أي ثنتان { { فَإِمْسَاكٌ } } فعليكم إمساكهن بعده { { بِمَعْرُوفٍ } } من غير ضرار { { أَوْ تَسْرِيحٌ } } إرسال لهن { { بِإِحْسَانٍ } } فاستقبل الناس الطلاق جديدًا من يومئذ) أي من يوم نزول الآية (من كان طلق منهم أو لم يطلق).

وهذا مرسل تابع مالكًا على إرساله عبد الله بن إدريس وعبدة بن سليمان وجرير بن عبد الحميد وجعفر بن عون كلهم عن هشام عن أبيه مرسلاً.
ووصله الترمذي والحاكم وغيرهما من طريق يعلى بن شبيب، وابن مردويه من طريق محمد بن إسحاق كلاهما عن هشام عن أبيه عن عائشة قالت: كان الناس والرجل يطلق امرأته ما شاء أن يطلقها وهي امرأته إذا ارتجعها وهي في العدة، وإن طلقها مائة مرة وأكثر حتى قال رجل لامرأته: والله لأطلقك فتبيني مني ولا آويك أبدًا قالت: وكيف ذلك؟ قال: أطلقك فكلما همت عدتك أن تنقضي راجعتك، فذهبت المرأة فأخبرت رسول الله صلى الله عليه وسلم فسكت حتى نزل القرآن { { الطَّلاَقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ } } قال الترمذي: والمرسل أصح وفي المستدرك صحح الموصول.
قال ابن عبد البر: أجمعوا على أن قوله أو تسريح بإحسان هي الثالثة التي قال الله { { فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلاَ تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ } } وعند ابن أبي شيبة عن أبي رزين جاء رجل فقال: يا رسول الله أرأيت قول الله الطلاق مرتان فأين الثالثة؟ فقال صلى الله عليه وسلم: { { فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ } } (مالك عن ثور) بمثلثة (بن زيد الديلي) بكسر المهملة وسكون التحتية (أن الرجل كان يطلق امرأته ثم يراجعها ولا حاجة له بها ولا يريد إمساكها كيما تطول بذلك عليها العدة ليضارها فأنزل الله تبارك وتعالى { { ولا تمسكوهن ضرارًا } } مفعول له { { لِّتَعْتَدُوا } } عليهن { { وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ } } بتعريضها إلى عذاب الله (يعظهم الله بذلك) وورد هذا بنحوه من طريق العوفي عن ابن عباس عند ابن جرير قال ابن عبد البر: أفاد هذا وما قبله أن نزول الآيتين في معنى واحد متقارب وذلك حبس الرجل المرأة ومراجعتها بقصد الإضرار.

(مالك أنه بلغه) أسنده ابن أبي شيبة عن حاتم بن إسماعيل عن عبد الرحمن بن حرملة (أن سعيد بن المسيب وسليمان بن يسار سئلا عن طلاق السكران فقالا إذا طلق السكران جاز طلاقه وإذا قتل قتل به قال مالك وعلى ذلك الأمر عندنا) وبه قال جماعة من التابعين وجمع من الصحابة والأئمة الأربعة فيصح عنه مع أنه غير مكلف تغليظًا عليه ولأن صحته من قبيل ربط الأحكام بالأسباب.

(مالك أنه بلغه) أسنده ابن أبي شيبة عن سفيان عن أبي الزناد (أن سعيد بن المسيب كان يقول إذا لم يجد الرجل ما ينفق على امرأته فرق بينهما) للضرر فقلت: سنة فقال: سنة هذا بقية خبر ابن أبي شيبة (قال مالك وعلى ذلك أدركت أهل العلم ببلدنا) المدينة.



رقم الحديث 1243 وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ قَالَ: كَانَ الرَّجُلُ إِذَا طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثُمَّ ارْتَجَعَهَا قَبْلَ أَنْ تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا، كَانَ ذَلِكَ لَهُ، وَإِنْ طَلَّقَهَا أَلْفَ مَرَّةٍ فَعَمَدَ رَجُلٌ إِلَى امْرَأَتِهِ فَطَلَّقَهَا حَتَّى إِذَا شَارَفَتِ انْقِضَاءَ عِدَّتِهَا رَاجَعَهَا، ثُمَّ طَلَّقَهَا، ثُمَّ قَالَ لَا وَاللَّهِ لَا آوِيكِ إِلَيَّ، وَلَا تَحِلِّينَ أَبَدًا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى { { الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ } } فَاسْتَقْبَلَ النَّاسُ الطَّلَاقَ جَدِيدًا مِنْ يَوْمِئِذٍ، مَنْ كَانَ طَلَّقَ مِنْهُمْ أَوْ لَمْ يُطَلِّقْ.


(جامع الطلاق)

(مالك عن ابن شهاب أنه قال بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لرجل من ثقيف أسلم) هو غيلان، بغين معجمة (وعنده عشر نسوة) فأسلمن معه (حين أسلم الثقفي) ظرف لقال (أمسك) وفي رواية: اختر (منهن أربعًا وفارق سائرهن) أي باقيهن.
قال ابن عبد البر: هكذا رواه جماعة الموطأ، وأكثر رواة ابن شهاب ورواة ابن وهب عن يونس عن ابن شهاب عن عثمان بن محمد بن أبي سويد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لغيلان بن سلمة الثقفي حين أسلم، فذكره.
ووصله معمر عن ابن شهاب عن سالم عن ابن عمر ويقولون إنه من خطأ معمر مما حدث به بالعراق اهـ.
وقد رواه الترمذي وابن ماجه من طريق معمر عن الزهري عن سالم عن أبيه.
قال الترمذي سمعت محمد بن إسماعيل يقول هذا غير محفوظ، والصحيح ما روى شعيب وغيره عن الزهري قال: حدثت عن عثمان بن محمد بن أبي سويد الثقفي فذكره اهـ.
وقد حدث به جماعة من أهل البصرة عن معمر ويقال: إن معمرًا حدث بالبصرة أحاديث وهم فيها، وقد كشف مسلم في كتاب التمييز عن علته وبينها بيانًا شافيًا فقال كان عند الزهري في قصة غيلان حديثان أحدهما مرفوع والآخر موقوف فأدرج معمر المرفوع على إسناد الموقوف فأما المرفوع فرواه عقيل عن الزهري: قال بلغنا عن عثمان بن محمد بن أبي سويد أن غيلان فذكره.
وأما الموقوف فرواه الزهري عن سالم عن أبيه أن غيلان طلق نساءه في عهد عمر وقسم ميراثه بين بنيه الحديث اهـ.
أي أدرجه في أوله هو في مسند إسحاق بن راهويه عن معمر عن الزهري عن سالم عن أبيه أن غيلان أسلم وتحته عشر نسوة فقال النبي صلى الله عليه وسلم: اختر منهن أربعًا فلما كان في عهد عمر طلق نساءه وقسم ماله بين بنيه فبلغ ذلك عمر فقال: والله إني لأظن الشيطان فيما يسترق من السمع سمع بموتك فقذفه في نفسك ولا أراك تمكث إلا قليلاً، وايم الله لترجعن في مالك ولتراجعن نساءك أو لأورثهن منك ولآمرن بقبرك فيرجم كما يرجم قبر أبي رغال، ومات غيلان في آخر خلافة عمر.

(مالك عن ابن شهاب أنه قال سمعت سعيد بن المسيب) التابعي ابن الصحابي (وحميد) بضم الحاء (بن عبد الرحمن بن عوف) الزهري تابعي ابن صحابي (وعبيد الله) بضم العين (بن عبد الله) بفتحها (بن عتبة) بضمها وفوقية ساكنة (وسليمان بن يسار كلهم يقول سمعت أبا هريرة يقول سمعت عمر بن الخطاب يقول أيما امرأة طلقها زوجها تطليقة أو تطليقتين ثم تركها حتى تحل) بالخروج من العدة (وتنكح زوجًا غيره فيموت عنها) الزوج الثاني (أو يطلقها ثم ينكحها زوجها الأول فإنها تكون عنده على ما بقي من طلاقها) واحدة أو ثنتين (قال مالك وعلى ذلك السنة عندنا التي لا اختلاف فيها) بدار الهجرة، وبه قال الجمهور من الصحابة والتابعين والأئمة الثلاثة لأن الزوج الثاني لا يهدم ما دون الثلاث لأنه لا يمنع رجوعها للأول قبله.
وقال أبو حنيفة وبعض الصحابة والتابعين يهدم الثاني ما دون الثلاث كما يهدم الثلاث فإذا عادت للأول كانت معه على عصمة كاملة.

(مالك عن ثابت بن) عياض (الأحنف) الأعرج العدوي مولاهم تابعي ثقة (أنه تزوج أم ولد لعبد الرحمن بن زيد بن الخطاب) العدوي وأمه لبابة بنت لبابة الأنصارية ولد في حياة النبي صلى الله عليه وسلم فأحضره جده أبو أمه عنده صلى الله عليه وسلم فحنكه ومسح رأسه ودعا له بالبركة فكان لبيبًا عاقلاً، وزوجه عمه عمر بنته فاطمة واستشهد أبوه باليمامة وولي هو إمرة مكة ليزيد بن معاوية ومات سنة بضع وستين وقيل كان اسمه محمدًا فغيره عمر (قال) ثابت (فدعاني) ابنه (عبد الله بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب) وأمه فاطمة بنت عمر (فجئته فدخلت عليه فإذا سياط موضوعة) جمع سوط (وإذا قيدان من حديد وعبدان له قد أجلسهما عنده فقال طلقها وإلا والذي يحلف به) وهو الله سبحانه (فعلت بك كذا وكذا) ضربتك بالسياط وقيدتك بالقيدين (قال فقلت هي الطلاق ألفًا قال فخرجت من عنده فأدركت عبد الله بن عمر) ابن عم أبيه (بطريق مكة فأخبرته بالذي كان من شأني فتغيظ عبد الله بن عمر وقال: ليس ذلك بطلاق) للإكراه (وإنها لم تحرم عليك فارجع إلى أهلك قال: فلم تقررني نفسي حتى أتيت عبد الله بن الزبير وهو يومئذ بمكة) خليفة زاد في نسخة أمير عليها (فأخبرته بالذي كان من شأني وبالذي قال لي عبد الله بن عمر قال فقال لي عبد الله بن الزبير لم تحرم عليك فارجع إلى أهلك وكتب إلى جابر بن الأسود الزهري وهو أمير المدينة) من جهة ابن الزبير (يأمره أن يعاقب عبد الله بن عبد الرحمن) يعزره على ما فعل (وأن يخلي بيني وبين أهلي) زوجتي (قال فقدمت المدينة فجهزت صفية) فاعل بنت عبيد (امرأة عبد الله بن عمر امرأتي حتى أدخلتها علي بعلم عبد الله بن عمر) زوجها (ثم دعوت عبد الله بن عمر يوم عرسي لوليمتي فجاءني).

وقد روى أحمد وأبو داود وابن ماجه وصححه الحاكم عن عائشة مرفوعًا لا طلاق ولا عتاق في إغلاق أي إكراه، بكسر الهمزة وسكون المعجمة وقاف، سمي به لأن المكره كأنه يغلق عليه الباب ويضيق عليه حتى يطلق فلا يقع طلاقه.
وزعم أن المراد بالإغلاق الغضب ضعف بأن طلاق الناس غالبًا إنما هو في حال الغضب فلو جاز عدم وقوع طلاق الغضبان لكان لكل أحد أن يقول كنت غضبان فلا يقع عليّ طلاق وهو باطل.
وقد صح عن ابن عباس وعائشة أنه يقع طلاق الغضبان وأفتى به جمع من الصحابة.
وقد قال الأئمة الثلاثة وغيرهم لا يقع طلاق المكره لقوله تعالى: { { إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ } } فنفى الكفر باللسان فكذا الطلاق إذا لم يرده بقلبه ولم ينوه ولم يقصده لم يلزمه ولحديث تجاوز الله لأمتي عن الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه.
وقال أبو حنيفة وأصحابه يصح طلاق المكره ونكاحه وعتقه وتدبيره لا بيعه.

(مالك عن عبد الله بن دينار) مولى ابن عمر (أنه قال سمعت عبد الله بن عمر قرأ يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لقبل) بضم القاف والباء وبإسكانها (عدتهن) أي في استقبال عدتهن (قال مالك: يعني بذلك أن يطلق في كل طهر مرة) لا أكثر وكأنه أتى بكل ليشمل ما إذا كان الطهر عقب حيض طلقت فيه وراجعها لأنه يصدق عليه أنه طلق لاستقبال العدة وأن الأمر في الحديث بأن يمسكها حتى تحيض ثم تطهر للندب لا للوجوب.
قال القشيري وغيره وهذه القراءة على التفسير لا التلاوة وهي تصحح أن المراد بالأقراء الأطهار إذ لا يستقبل في الحيض عند الجميع ولا يجتزئ بها عند أحد من الطائفتين قاله عياض.
وتقدم أن في مسلم في بعض طرق حديث ابن عمر وقرأ النبي صلى الله عليه وسلم فطلقوهن في قبل عدتهن.

(مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أنه قال كان الرجل إذا طلق امرأته ثم ارتجعها قبل أن تنقضي عدتها كان ذلك له وإن طلقها ألف مرة فعمد) بفتح الميم قصد (رجل إلى امرأته فطلقها حتى إذا شارفت) قاربت (انقضاء عدتها راجعها ثم طلقها ثم قال لا والله لا آويك) أضمك إليّ (ولا تحلين أبدًا) لغيري (فأنزل الله تبارك وتعالى { { الطَّلاَقُ } } أي التطليق الذي يراجع بعده { { مَرَّتَانِ } } أي ثنتان { { فَإِمْسَاكٌ } } فعليكم إمساكهن بعده { { بِمَعْرُوفٍ } } من غير ضرار { { أَوْ تَسْرِيحٌ } } إرسال لهن { { بِإِحْسَانٍ } } فاستقبل الناس الطلاق جديدًا من يومئذ) أي من يوم نزول الآية (من كان طلق منهم أو لم يطلق).

وهذا مرسل تابع مالكًا على إرساله عبد الله بن إدريس وعبدة بن سليمان وجرير بن عبد الحميد وجعفر بن عون كلهم عن هشام عن أبيه مرسلاً.
ووصله الترمذي والحاكم وغيرهما من طريق يعلى بن شبيب، وابن مردويه من طريق محمد بن إسحاق كلاهما عن هشام عن أبيه عن عائشة قالت: كان الناس والرجل يطلق امرأته ما شاء أن يطلقها وهي امرأته إذا ارتجعها وهي في العدة، وإن طلقها مائة مرة وأكثر حتى قال رجل لامرأته: والله لأطلقك فتبيني مني ولا آويك أبدًا قالت: وكيف ذلك؟ قال: أطلقك فكلما همت عدتك أن تنقضي راجعتك، فذهبت المرأة فأخبرت رسول الله صلى الله عليه وسلم فسكت حتى نزل القرآن { { الطَّلاَقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ } } قال الترمذي: والمرسل أصح وفي المستدرك صحح الموصول.
قال ابن عبد البر: أجمعوا على أن قوله أو تسريح بإحسان هي الثالثة التي قال الله { { فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلاَ تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ } } وعند ابن أبي شيبة عن أبي رزين جاء رجل فقال: يا رسول الله أرأيت قول الله الطلاق مرتان فأين الثالثة؟ فقال صلى الله عليه وسلم: { { فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ } } (مالك عن ثور) بمثلثة (بن زيد الديلي) بكسر المهملة وسكون التحتية (أن الرجل كان يطلق امرأته ثم يراجعها ولا حاجة له بها ولا يريد إمساكها كيما تطول بذلك عليها العدة ليضارها فأنزل الله تبارك وتعالى { { ولا تمسكوهن ضرارًا } } مفعول له { { لِّتَعْتَدُوا } } عليهن { { وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ } } بتعريضها إلى عذاب الله (يعظهم الله بذلك) وورد هذا بنحوه من طريق العوفي عن ابن عباس عند ابن جرير قال ابن عبد البر: أفاد هذا وما قبله أن نزول الآيتين في معنى واحد متقارب وذلك حبس الرجل المرأة ومراجعتها بقصد الإضرار.

(مالك أنه بلغه) أسنده ابن أبي شيبة عن حاتم بن إسماعيل عن عبد الرحمن بن حرملة (أن سعيد بن المسيب وسليمان بن يسار سئلا عن طلاق السكران فقالا إذا طلق السكران جاز طلاقه وإذا قتل قتل به قال مالك وعلى ذلك الأمر عندنا) وبه قال جماعة من التابعين وجمع من الصحابة والأئمة الأربعة فيصح عنه مع أنه غير مكلف تغليظًا عليه ولأن صحته من قبيل ربط الأحكام بالأسباب.

(مالك أنه بلغه) أسنده ابن أبي شيبة عن سفيان عن أبي الزناد (أن سعيد بن المسيب كان يقول إذا لم يجد الرجل ما ينفق على امرأته فرق بينهما) للضرر فقلت: سنة فقال: سنة هذا بقية خبر ابن أبي شيبة (قال مالك وعلى ذلك أدركت أهل العلم ببلدنا) المدينة.



رقم الحديث 1244 وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ عَنْ ثَوْرِ بْنِ زَيْدٍ الدِّيلِيِّ، أَنَّ الرَّجُلَ كَانَ يُطَلِّقُ امْرَأَتَهُ ثُمَّ يُرَاجِعُهَا، وَلَا حَاجَةَ لَهُ بِهَا، وَلَا يُرِيدُ إِمْسَاكَهَا كَيْمَا يُطَوِّلُ بِذَلِكَ عَلَيْهَا الْعِدَّةَ لِيُضَارَّهَا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى { { وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ } } يَعِظُهُمُ اللَّهُ بِذَلِكَ.


(جامع الطلاق)

(مالك عن ابن شهاب أنه قال بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لرجل من ثقيف أسلم) هو غيلان، بغين معجمة (وعنده عشر نسوة) فأسلمن معه (حين أسلم الثقفي) ظرف لقال (أمسك) وفي رواية: اختر (منهن أربعًا وفارق سائرهن) أي باقيهن.
قال ابن عبد البر: هكذا رواه جماعة الموطأ، وأكثر رواة ابن شهاب ورواة ابن وهب عن يونس عن ابن شهاب عن عثمان بن محمد بن أبي سويد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لغيلان بن سلمة الثقفي حين أسلم، فذكره.
ووصله معمر عن ابن شهاب عن سالم عن ابن عمر ويقولون إنه من خطأ معمر مما حدث به بالعراق اهـ.
وقد رواه الترمذي وابن ماجه من طريق معمر عن الزهري عن سالم عن أبيه.
قال الترمذي سمعت محمد بن إسماعيل يقول هذا غير محفوظ، والصحيح ما روى شعيب وغيره عن الزهري قال: حدثت عن عثمان بن محمد بن أبي سويد الثقفي فذكره اهـ.
وقد حدث به جماعة من أهل البصرة عن معمر ويقال: إن معمرًا حدث بالبصرة أحاديث وهم فيها، وقد كشف مسلم في كتاب التمييز عن علته وبينها بيانًا شافيًا فقال كان عند الزهري في قصة غيلان حديثان أحدهما مرفوع والآخر موقوف فأدرج معمر المرفوع على إسناد الموقوف فأما المرفوع فرواه عقيل عن الزهري: قال بلغنا عن عثمان بن محمد بن أبي سويد أن غيلان فذكره.
وأما الموقوف فرواه الزهري عن سالم عن أبيه أن غيلان طلق نساءه في عهد عمر وقسم ميراثه بين بنيه الحديث اهـ.
أي أدرجه في أوله هو في مسند إسحاق بن راهويه عن معمر عن الزهري عن سالم عن أبيه أن غيلان أسلم وتحته عشر نسوة فقال النبي صلى الله عليه وسلم: اختر منهن أربعًا فلما كان في عهد عمر طلق نساءه وقسم ماله بين بنيه فبلغ ذلك عمر فقال: والله إني لأظن الشيطان فيما يسترق من السمع سمع بموتك فقذفه في نفسك ولا أراك تمكث إلا قليلاً، وايم الله لترجعن في مالك ولتراجعن نساءك أو لأورثهن منك ولآمرن بقبرك فيرجم كما يرجم قبر أبي رغال، ومات غيلان في آخر خلافة عمر.

(مالك عن ابن شهاب أنه قال سمعت سعيد بن المسيب) التابعي ابن الصحابي (وحميد) بضم الحاء (بن عبد الرحمن بن عوف) الزهري تابعي ابن صحابي (وعبيد الله) بضم العين (بن عبد الله) بفتحها (بن عتبة) بضمها وفوقية ساكنة (وسليمان بن يسار كلهم يقول سمعت أبا هريرة يقول سمعت عمر بن الخطاب يقول أيما امرأة طلقها زوجها تطليقة أو تطليقتين ثم تركها حتى تحل) بالخروج من العدة (وتنكح زوجًا غيره فيموت عنها) الزوج الثاني (أو يطلقها ثم ينكحها زوجها الأول فإنها تكون عنده على ما بقي من طلاقها) واحدة أو ثنتين (قال مالك وعلى ذلك السنة عندنا التي لا اختلاف فيها) بدار الهجرة، وبه قال الجمهور من الصحابة والتابعين والأئمة الثلاثة لأن الزوج الثاني لا يهدم ما دون الثلاث لأنه لا يمنع رجوعها للأول قبله.
وقال أبو حنيفة وبعض الصحابة والتابعين يهدم الثاني ما دون الثلاث كما يهدم الثلاث فإذا عادت للأول كانت معه على عصمة كاملة.

(مالك عن ثابت بن) عياض (الأحنف) الأعرج العدوي مولاهم تابعي ثقة (أنه تزوج أم ولد لعبد الرحمن بن زيد بن الخطاب) العدوي وأمه لبابة بنت لبابة الأنصارية ولد في حياة النبي صلى الله عليه وسلم فأحضره جده أبو أمه عنده صلى الله عليه وسلم فحنكه ومسح رأسه ودعا له بالبركة فكان لبيبًا عاقلاً، وزوجه عمه عمر بنته فاطمة واستشهد أبوه باليمامة وولي هو إمرة مكة ليزيد بن معاوية ومات سنة بضع وستين وقيل كان اسمه محمدًا فغيره عمر (قال) ثابت (فدعاني) ابنه (عبد الله بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب) وأمه فاطمة بنت عمر (فجئته فدخلت عليه فإذا سياط موضوعة) جمع سوط (وإذا قيدان من حديد وعبدان له قد أجلسهما عنده فقال طلقها وإلا والذي يحلف به) وهو الله سبحانه (فعلت بك كذا وكذا) ضربتك بالسياط وقيدتك بالقيدين (قال فقلت هي الطلاق ألفًا قال فخرجت من عنده فأدركت عبد الله بن عمر) ابن عم أبيه (بطريق مكة فأخبرته بالذي كان من شأني فتغيظ عبد الله بن عمر وقال: ليس ذلك بطلاق) للإكراه (وإنها لم تحرم عليك فارجع إلى أهلك قال: فلم تقررني نفسي حتى أتيت عبد الله بن الزبير وهو يومئذ بمكة) خليفة زاد في نسخة أمير عليها (فأخبرته بالذي كان من شأني وبالذي قال لي عبد الله بن عمر قال فقال لي عبد الله بن الزبير لم تحرم عليك فارجع إلى أهلك وكتب إلى جابر بن الأسود الزهري وهو أمير المدينة) من جهة ابن الزبير (يأمره أن يعاقب عبد الله بن عبد الرحمن) يعزره على ما فعل (وأن يخلي بيني وبين أهلي) زوجتي (قال فقدمت المدينة فجهزت صفية) فاعل بنت عبيد (امرأة عبد الله بن عمر امرأتي حتى أدخلتها علي بعلم عبد الله بن عمر) زوجها (ثم دعوت عبد الله بن عمر يوم عرسي لوليمتي فجاءني).

وقد روى أحمد وأبو داود وابن ماجه وصححه الحاكم عن عائشة مرفوعًا لا طلاق ولا عتاق في إغلاق أي إكراه، بكسر الهمزة وسكون المعجمة وقاف، سمي به لأن المكره كأنه يغلق عليه الباب ويضيق عليه حتى يطلق فلا يقع طلاقه.
وزعم أن المراد بالإغلاق الغضب ضعف بأن طلاق الناس غالبًا إنما هو في حال الغضب فلو جاز عدم وقوع طلاق الغضبان لكان لكل أحد أن يقول كنت غضبان فلا يقع عليّ طلاق وهو باطل.
وقد صح عن ابن عباس وعائشة أنه يقع طلاق الغضبان وأفتى به جمع من الصحابة.
وقد قال الأئمة الثلاثة وغيرهم لا يقع طلاق المكره لقوله تعالى: { { إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ } } فنفى الكفر باللسان فكذا الطلاق إذا لم يرده بقلبه ولم ينوه ولم يقصده لم يلزمه ولحديث تجاوز الله لأمتي عن الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه.
وقال أبو حنيفة وأصحابه يصح طلاق المكره ونكاحه وعتقه وتدبيره لا بيعه.

(مالك عن عبد الله بن دينار) مولى ابن عمر (أنه قال سمعت عبد الله بن عمر قرأ يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لقبل) بضم القاف والباء وبإسكانها (عدتهن) أي في استقبال عدتهن (قال مالك: يعني بذلك أن يطلق في كل طهر مرة) لا أكثر وكأنه أتى بكل ليشمل ما إذا كان الطهر عقب حيض طلقت فيه وراجعها لأنه يصدق عليه أنه طلق لاستقبال العدة وأن الأمر في الحديث بأن يمسكها حتى تحيض ثم تطهر للندب لا للوجوب.
قال القشيري وغيره وهذه القراءة على التفسير لا التلاوة وهي تصحح أن المراد بالأقراء الأطهار إذ لا يستقبل في الحيض عند الجميع ولا يجتزئ بها عند أحد من الطائفتين قاله عياض.
وتقدم أن في مسلم في بعض طرق حديث ابن عمر وقرأ النبي صلى الله عليه وسلم فطلقوهن في قبل عدتهن.

(مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أنه قال كان الرجل إذا طلق امرأته ثم ارتجعها قبل أن تنقضي عدتها كان ذلك له وإن طلقها ألف مرة فعمد) بفتح الميم قصد (رجل إلى امرأته فطلقها حتى إذا شارفت) قاربت (انقضاء عدتها راجعها ثم طلقها ثم قال لا والله لا آويك) أضمك إليّ (ولا تحلين أبدًا) لغيري (فأنزل الله تبارك وتعالى { { الطَّلاَقُ } } أي التطليق الذي يراجع بعده { { مَرَّتَانِ } } أي ثنتان { { فَإِمْسَاكٌ } } فعليكم إمساكهن بعده { { بِمَعْرُوفٍ } } من غير ضرار { { أَوْ تَسْرِيحٌ } } إرسال لهن { { بِإِحْسَانٍ } } فاستقبل الناس الطلاق جديدًا من يومئذ) أي من يوم نزول الآية (من كان طلق منهم أو لم يطلق).

وهذا مرسل تابع مالكًا على إرساله عبد الله بن إدريس وعبدة بن سليمان وجرير بن عبد الحميد وجعفر بن عون كلهم عن هشام عن أبيه مرسلاً.
ووصله الترمذي والحاكم وغيرهما من طريق يعلى بن شبيب، وابن مردويه من طريق محمد بن إسحاق كلاهما عن هشام عن أبيه عن عائشة قالت: كان الناس والرجل يطلق امرأته ما شاء أن يطلقها وهي امرأته إذا ارتجعها وهي في العدة، وإن طلقها مائة مرة وأكثر حتى قال رجل لامرأته: والله لأطلقك فتبيني مني ولا آويك أبدًا قالت: وكيف ذلك؟ قال: أطلقك فكلما همت عدتك أن تنقضي راجعتك، فذهبت المرأة فأخبرت رسول الله صلى الله عليه وسلم فسكت حتى نزل القرآن { { الطَّلاَقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ } } قال الترمذي: والمرسل أصح وفي المستدرك صحح الموصول.
قال ابن عبد البر: أجمعوا على أن قوله أو تسريح بإحسان هي الثالثة التي قال الله { { فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلاَ تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ } } وعند ابن أبي شيبة عن أبي رزين جاء رجل فقال: يا رسول الله أرأيت قول الله الطلاق مرتان فأين الثالثة؟ فقال صلى الله عليه وسلم: { { فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ } } (مالك عن ثور) بمثلثة (بن زيد الديلي) بكسر المهملة وسكون التحتية (أن الرجل كان يطلق امرأته ثم يراجعها ولا حاجة له بها ولا يريد إمساكها كيما تطول بذلك عليها العدة ليضارها فأنزل الله تبارك وتعالى { { ولا تمسكوهن ضرارًا } } مفعول له { { لِّتَعْتَدُوا } } عليهن { { وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ } } بتعريضها إلى عذاب الله (يعظهم الله بذلك) وورد هذا بنحوه من طريق العوفي عن ابن عباس عند ابن جرير قال ابن عبد البر: أفاد هذا وما قبله أن نزول الآيتين في معنى واحد متقارب وذلك حبس الرجل المرأة ومراجعتها بقصد الإضرار.

(مالك أنه بلغه) أسنده ابن أبي شيبة عن حاتم بن إسماعيل عن عبد الرحمن بن حرملة (أن سعيد بن المسيب وسليمان بن يسار سئلا عن طلاق السكران فقالا إذا طلق السكران جاز طلاقه وإذا قتل قتل به قال مالك وعلى ذلك الأمر عندنا) وبه قال جماعة من التابعين وجمع من الصحابة والأئمة الأربعة فيصح عنه مع أنه غير مكلف تغليظًا عليه ولأن صحته من قبيل ربط الأحكام بالأسباب.

(مالك أنه بلغه) أسنده ابن أبي شيبة عن سفيان عن أبي الزناد (أن سعيد بن المسيب كان يقول إذا لم يجد الرجل ما ينفق على امرأته فرق بينهما) للضرر فقلت: سنة فقال: سنة هذا بقية خبر ابن أبي شيبة (قال مالك وعلى ذلك أدركت أهل العلم ببلدنا) المدينة.



رقم الحديث 1245 وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ، أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ وَسُلَيْمَانَ بْنَ يَسَارٍ سُئِلَا عَنْ طَلَاقِ السَّكْرَانِ؟ فَقَالَا: إِذَا طَلَّقَ السَّكْرَانُ جَازَ طَلَاقُهُ، وَإِنْ قَتَلَ قُتِلَ بِهِ قَالَ مَالِكٌ: وَعَلَى ذَلِكَ الْأَمْرُ عِنْدَنَا.


(جامع الطلاق)

(مالك عن ابن شهاب أنه قال بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لرجل من ثقيف أسلم) هو غيلان، بغين معجمة (وعنده عشر نسوة) فأسلمن معه (حين أسلم الثقفي) ظرف لقال (أمسك) وفي رواية: اختر (منهن أربعًا وفارق سائرهن) أي باقيهن.
قال ابن عبد البر: هكذا رواه جماعة الموطأ، وأكثر رواة ابن شهاب ورواة ابن وهب عن يونس عن ابن شهاب عن عثمان بن محمد بن أبي سويد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لغيلان بن سلمة الثقفي حين أسلم، فذكره.
ووصله معمر عن ابن شهاب عن سالم عن ابن عمر ويقولون إنه من خطأ معمر مما حدث به بالعراق اهـ.
وقد رواه الترمذي وابن ماجه من طريق معمر عن الزهري عن سالم عن أبيه.
قال الترمذي سمعت محمد بن إسماعيل يقول هذا غير محفوظ، والصحيح ما روى شعيب وغيره عن الزهري قال: حدثت عن عثمان بن محمد بن أبي سويد الثقفي فذكره اهـ.
وقد حدث به جماعة من أهل البصرة عن معمر ويقال: إن معمرًا حدث بالبصرة أحاديث وهم فيها، وقد كشف مسلم في كتاب التمييز عن علته وبينها بيانًا شافيًا فقال كان عند الزهري في قصة غيلان حديثان أحدهما مرفوع والآخر موقوف فأدرج معمر المرفوع على إسناد الموقوف فأما المرفوع فرواه عقيل عن الزهري: قال بلغنا عن عثمان بن محمد بن أبي سويد أن غيلان فذكره.
وأما الموقوف فرواه الزهري عن سالم عن أبيه أن غيلان طلق نساءه في عهد عمر وقسم ميراثه بين بنيه الحديث اهـ.
أي أدرجه في أوله هو في مسند إسحاق بن راهويه عن معمر عن الزهري عن سالم عن أبيه أن غيلان أسلم وتحته عشر نسوة فقال النبي صلى الله عليه وسلم: اختر منهن أربعًا فلما كان في عهد عمر طلق نساءه وقسم ماله بين بنيه فبلغ ذلك عمر فقال: والله إني لأظن الشيطان فيما يسترق من السمع سمع بموتك فقذفه في نفسك ولا أراك تمكث إلا قليلاً، وايم الله لترجعن في مالك ولتراجعن نساءك أو لأورثهن منك ولآمرن بقبرك فيرجم كما يرجم قبر أبي رغال، ومات غيلان في آخر خلافة عمر.

(مالك عن ابن شهاب أنه قال سمعت سعيد بن المسيب) التابعي ابن الصحابي (وحميد) بضم الحاء (بن عبد الرحمن بن عوف) الزهري تابعي ابن صحابي (وعبيد الله) بضم العين (بن عبد الله) بفتحها (بن عتبة) بضمها وفوقية ساكنة (وسليمان بن يسار كلهم يقول سمعت أبا هريرة يقول سمعت عمر بن الخطاب يقول أيما امرأة طلقها زوجها تطليقة أو تطليقتين ثم تركها حتى تحل) بالخروج من العدة (وتنكح زوجًا غيره فيموت عنها) الزوج الثاني (أو يطلقها ثم ينكحها زوجها الأول فإنها تكون عنده على ما بقي من طلاقها) واحدة أو ثنتين (قال مالك وعلى ذلك السنة عندنا التي لا اختلاف فيها) بدار الهجرة، وبه قال الجمهور من الصحابة والتابعين والأئمة الثلاثة لأن الزوج الثاني لا يهدم ما دون الثلاث لأنه لا يمنع رجوعها للأول قبله.
وقال أبو حنيفة وبعض الصحابة والتابعين يهدم الثاني ما دون الثلاث كما يهدم الثلاث فإذا عادت للأول كانت معه على عصمة كاملة.

(مالك عن ثابت بن) عياض (الأحنف) الأعرج العدوي مولاهم تابعي ثقة (أنه تزوج أم ولد لعبد الرحمن بن زيد بن الخطاب) العدوي وأمه لبابة بنت لبابة الأنصارية ولد في حياة النبي صلى الله عليه وسلم فأحضره جده أبو أمه عنده صلى الله عليه وسلم فحنكه ومسح رأسه ودعا له بالبركة فكان لبيبًا عاقلاً، وزوجه عمه عمر بنته فاطمة واستشهد أبوه باليمامة وولي هو إمرة مكة ليزيد بن معاوية ومات سنة بضع وستين وقيل كان اسمه محمدًا فغيره عمر (قال) ثابت (فدعاني) ابنه (عبد الله بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب) وأمه فاطمة بنت عمر (فجئته فدخلت عليه فإذا سياط موضوعة) جمع سوط (وإذا قيدان من حديد وعبدان له قد أجلسهما عنده فقال طلقها وإلا والذي يحلف به) وهو الله سبحانه (فعلت بك كذا وكذا) ضربتك بالسياط وقيدتك بالقيدين (قال فقلت هي الطلاق ألفًا قال فخرجت من عنده فأدركت عبد الله بن عمر) ابن عم أبيه (بطريق مكة فأخبرته بالذي كان من شأني فتغيظ عبد الله بن عمر وقال: ليس ذلك بطلاق) للإكراه (وإنها لم تحرم عليك فارجع إلى أهلك قال: فلم تقررني نفسي حتى أتيت عبد الله بن الزبير وهو يومئذ بمكة) خليفة زاد في نسخة أمير عليها (فأخبرته بالذي كان من شأني وبالذي قال لي عبد الله بن عمر قال فقال لي عبد الله بن الزبير لم تحرم عليك فارجع إلى أهلك وكتب إلى جابر بن الأسود الزهري وهو أمير المدينة) من جهة ابن الزبير (يأمره أن يعاقب عبد الله بن عبد الرحمن) يعزره على ما فعل (وأن يخلي بيني وبين أهلي) زوجتي (قال فقدمت المدينة فجهزت صفية) فاعل بنت عبيد (امرأة عبد الله بن عمر امرأتي حتى أدخلتها علي بعلم عبد الله بن عمر) زوجها (ثم دعوت عبد الله بن عمر يوم عرسي لوليمتي فجاءني).

وقد روى أحمد وأبو داود وابن ماجه وصححه الحاكم عن عائشة مرفوعًا لا طلاق ولا عتاق في إغلاق أي إكراه، بكسر الهمزة وسكون المعجمة وقاف، سمي به لأن المكره كأنه يغلق عليه الباب ويضيق عليه حتى يطلق فلا يقع طلاقه.
وزعم أن المراد بالإغلاق الغضب ضعف بأن طلاق الناس غالبًا إنما هو في حال الغضب فلو جاز عدم وقوع طلاق الغضبان لكان لكل أحد أن يقول كنت غضبان فلا يقع عليّ طلاق وهو باطل.
وقد صح عن ابن عباس وعائشة أنه يقع طلاق الغضبان وأفتى به جمع من الصحابة.
وقد قال الأئمة الثلاثة وغيرهم لا يقع طلاق المكره لقوله تعالى: { { إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ } } فنفى الكفر باللسان فكذا الطلاق إذا لم يرده بقلبه ولم ينوه ولم يقصده لم يلزمه ولحديث تجاوز الله لأمتي عن الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه.
وقال أبو حنيفة وأصحابه يصح طلاق المكره ونكاحه وعتقه وتدبيره لا بيعه.

(مالك عن عبد الله بن دينار) مولى ابن عمر (أنه قال سمعت عبد الله بن عمر قرأ يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لقبل) بضم القاف والباء وبإسكانها (عدتهن) أي في استقبال عدتهن (قال مالك: يعني بذلك أن يطلق في كل طهر مرة) لا أكثر وكأنه أتى بكل ليشمل ما إذا كان الطهر عقب حيض طلقت فيه وراجعها لأنه يصدق عليه أنه طلق لاستقبال العدة وأن الأمر في الحديث بأن يمسكها حتى تحيض ثم تطهر للندب لا للوجوب.
قال القشيري وغيره وهذه القراءة على التفسير لا التلاوة وهي تصحح أن المراد بالأقراء الأطهار إذ لا يستقبل في الحيض عند الجميع ولا يجتزئ بها عند أحد من الطائفتين قاله عياض.
وتقدم أن في مسلم في بعض طرق حديث ابن عمر وقرأ النبي صلى الله عليه وسلم فطلقوهن في قبل عدتهن.

(مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أنه قال كان الرجل إذا طلق امرأته ثم ارتجعها قبل أن تنقضي عدتها كان ذلك له وإن طلقها ألف مرة فعمد) بفتح الميم قصد (رجل إلى امرأته فطلقها حتى إذا شارفت) قاربت (انقضاء عدتها راجعها ثم طلقها ثم قال لا والله لا آويك) أضمك إليّ (ولا تحلين أبدًا) لغيري (فأنزل الله تبارك وتعالى { { الطَّلاَقُ } } أي التطليق الذي يراجع بعده { { مَرَّتَانِ } } أي ثنتان { { فَإِمْسَاكٌ } } فعليكم إمساكهن بعده { { بِمَعْرُوفٍ } } من غير ضرار { { أَوْ تَسْرِيحٌ } } إرسال لهن { { بِإِحْسَانٍ } } فاستقبل الناس الطلاق جديدًا من يومئذ) أي من يوم نزول الآية (من كان طلق منهم أو لم يطلق).

وهذا مرسل تابع مالكًا على إرساله عبد الله بن إدريس وعبدة بن سليمان وجرير بن عبد الحميد وجعفر بن عون كلهم عن هشام عن أبيه مرسلاً.
ووصله الترمذي والحاكم وغيرهما من طريق يعلى بن شبيب، وابن مردويه من طريق محمد بن إسحاق كلاهما عن هشام عن أبيه عن عائشة قالت: كان الناس والرجل يطلق امرأته ما شاء أن يطلقها وهي امرأته إذا ارتجعها وهي في العدة، وإن طلقها مائة مرة وأكثر حتى قال رجل لامرأته: والله لأطلقك فتبيني مني ولا آويك أبدًا قالت: وكيف ذلك؟ قال: أطلقك فكلما همت عدتك أن تنقضي راجعتك، فذهبت المرأة فأخبرت رسول الله صلى الله عليه وسلم فسكت حتى نزل القرآن { { الطَّلاَقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ } } قال الترمذي: والمرسل أصح وفي المستدرك صحح الموصول.
قال ابن عبد البر: أجمعوا على أن قوله أو تسريح بإحسان هي الثالثة التي قال الله { { فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلاَ تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ } } وعند ابن أبي شيبة عن أبي رزين جاء رجل فقال: يا رسول الله أرأيت قول الله الطلاق مرتان فأين الثالثة؟ فقال صلى الله عليه وسلم: { { فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ } } (مالك عن ثور) بمثلثة (بن زيد الديلي) بكسر المهملة وسكون التحتية (أن الرجل كان يطلق امرأته ثم يراجعها ولا حاجة له بها ولا يريد إمساكها كيما تطول بذلك عليها العدة ليضارها فأنزل الله تبارك وتعالى { { ولا تمسكوهن ضرارًا } } مفعول له { { لِّتَعْتَدُوا } } عليهن { { وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ } } بتعريضها إلى عذاب الله (يعظهم الله بذلك) وورد هذا بنحوه من طريق العوفي عن ابن عباس عند ابن جرير قال ابن عبد البر: أفاد هذا وما قبله أن نزول الآيتين في معنى واحد متقارب وذلك حبس الرجل المرأة ومراجعتها بقصد الإضرار.

(مالك أنه بلغه) أسنده ابن أبي شيبة عن حاتم بن إسماعيل عن عبد الرحمن بن حرملة (أن سعيد بن المسيب وسليمان بن يسار سئلا عن طلاق السكران فقالا إذا طلق السكران جاز طلاقه وإذا قتل قتل به قال مالك وعلى ذلك الأمر عندنا) وبه قال جماعة من التابعين وجمع من الصحابة والأئمة الأربعة فيصح عنه مع أنه غير مكلف تغليظًا عليه ولأن صحته من قبيل ربط الأحكام بالأسباب.

(مالك أنه بلغه) أسنده ابن أبي شيبة عن سفيان عن أبي الزناد (أن سعيد بن المسيب كان يقول إذا لم يجد الرجل ما ينفق على امرأته فرق بينهما) للضرر فقلت: سنة فقال: سنة هذا بقية خبر ابن أبي شيبة (قال مالك وعلى ذلك أدركت أهل العلم ببلدنا) المدينة.



رقم الحديث 1246 وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ، أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ كَانَ يَقُولُ: إِذَا لَمْ يَجِدِ الرَّجُلُ مَا يُنْفِقُ عَلَى امْرَأَتِهِ فُرِّقَ بَيْنَهُمَا قَالَ مَالِكٌ: وَعَلَى ذَلِكَ أَدْرَكْتُ أَهْلَ الْعِلْمِ بِبَلَدِنَا.


(جامع الطلاق)

(مالك عن ابن شهاب أنه قال بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لرجل من ثقيف أسلم) هو غيلان، بغين معجمة (وعنده عشر نسوة) فأسلمن معه (حين أسلم الثقفي) ظرف لقال (أمسك) وفي رواية: اختر (منهن أربعًا وفارق سائرهن) أي باقيهن.
قال ابن عبد البر: هكذا رواه جماعة الموطأ، وأكثر رواة ابن شهاب ورواة ابن وهب عن يونس عن ابن شهاب عن عثمان بن محمد بن أبي سويد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لغيلان بن سلمة الثقفي حين أسلم، فذكره.
ووصله معمر عن ابن شهاب عن سالم عن ابن عمر ويقولون إنه من خطأ معمر مما حدث به بالعراق اهـ.
وقد رواه الترمذي وابن ماجه من طريق معمر عن الزهري عن سالم عن أبيه.
قال الترمذي سمعت محمد بن إسماعيل يقول هذا غير محفوظ، والصحيح ما روى شعيب وغيره عن الزهري قال: حدثت عن عثمان بن محمد بن أبي سويد الثقفي فذكره اهـ.
وقد حدث به جماعة من أهل البصرة عن معمر ويقال: إن معمرًا حدث بالبصرة أحاديث وهم فيها، وقد كشف مسلم في كتاب التمييز عن علته وبينها بيانًا شافيًا فقال كان عند الزهري في قصة غيلان حديثان أحدهما مرفوع والآخر موقوف فأدرج معمر المرفوع على إسناد الموقوف فأما المرفوع فرواه عقيل عن الزهري: قال بلغنا عن عثمان بن محمد بن أبي سويد أن غيلان فذكره.
وأما الموقوف فرواه الزهري عن سالم عن أبيه أن غيلان طلق نساءه في عهد عمر وقسم ميراثه بين بنيه الحديث اهـ.
أي أدرجه في أوله هو في مسند إسحاق بن راهويه عن معمر عن الزهري عن سالم عن أبيه أن غيلان أسلم وتحته عشر نسوة فقال النبي صلى الله عليه وسلم: اختر منهن أربعًا فلما كان في عهد عمر طلق نساءه وقسم ماله بين بنيه فبلغ ذلك عمر فقال: والله إني لأظن الشيطان فيما يسترق من السمع سمع بموتك فقذفه في نفسك ولا أراك تمكث إلا قليلاً، وايم الله لترجعن في مالك ولتراجعن نساءك أو لأورثهن منك ولآمرن بقبرك فيرجم كما يرجم قبر أبي رغال، ومات غيلان في آخر خلافة عمر.

(مالك عن ابن شهاب أنه قال سمعت سعيد بن المسيب) التابعي ابن الصحابي (وحميد) بضم الحاء (بن عبد الرحمن بن عوف) الزهري تابعي ابن صحابي (وعبيد الله) بضم العين (بن عبد الله) بفتحها (بن عتبة) بضمها وفوقية ساكنة (وسليمان بن يسار كلهم يقول سمعت أبا هريرة يقول سمعت عمر بن الخطاب يقول أيما امرأة طلقها زوجها تطليقة أو تطليقتين ثم تركها حتى تحل) بالخروج من العدة (وتنكح زوجًا غيره فيموت عنها) الزوج الثاني (أو يطلقها ثم ينكحها زوجها الأول فإنها تكون عنده على ما بقي من طلاقها) واحدة أو ثنتين (قال مالك وعلى ذلك السنة عندنا التي لا اختلاف فيها) بدار الهجرة، وبه قال الجمهور من الصحابة والتابعين والأئمة الثلاثة لأن الزوج الثاني لا يهدم ما دون الثلاث لأنه لا يمنع رجوعها للأول قبله.
وقال أبو حنيفة وبعض الصحابة والتابعين يهدم الثاني ما دون الثلاث كما يهدم الثلاث فإذا عادت للأول كانت معه على عصمة كاملة.

(مالك عن ثابت بن) عياض (الأحنف) الأعرج العدوي مولاهم تابعي ثقة (أنه تزوج أم ولد لعبد الرحمن بن زيد بن الخطاب) العدوي وأمه لبابة بنت لبابة الأنصارية ولد في حياة النبي صلى الله عليه وسلم فأحضره جده أبو أمه عنده صلى الله عليه وسلم فحنكه ومسح رأسه ودعا له بالبركة فكان لبيبًا عاقلاً، وزوجه عمه عمر بنته فاطمة واستشهد أبوه باليمامة وولي هو إمرة مكة ليزيد بن معاوية ومات سنة بضع وستين وقيل كان اسمه محمدًا فغيره عمر (قال) ثابت (فدعاني) ابنه (عبد الله بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب) وأمه فاطمة بنت عمر (فجئته فدخلت عليه فإذا سياط موضوعة) جمع سوط (وإذا قيدان من حديد وعبدان له قد أجلسهما عنده فقال طلقها وإلا والذي يحلف به) وهو الله سبحانه (فعلت بك كذا وكذا) ضربتك بالسياط وقيدتك بالقيدين (قال فقلت هي الطلاق ألفًا قال فخرجت من عنده فأدركت عبد الله بن عمر) ابن عم أبيه (بطريق مكة فأخبرته بالذي كان من شأني فتغيظ عبد الله بن عمر وقال: ليس ذلك بطلاق) للإكراه (وإنها لم تحرم عليك فارجع إلى أهلك قال: فلم تقررني نفسي حتى أتيت عبد الله بن الزبير وهو يومئذ بمكة) خليفة زاد في نسخة أمير عليها (فأخبرته بالذي كان من شأني وبالذي قال لي عبد الله بن عمر قال فقال لي عبد الله بن الزبير لم تحرم عليك فارجع إلى أهلك وكتب إلى جابر بن الأسود الزهري وهو أمير المدينة) من جهة ابن الزبير (يأمره أن يعاقب عبد الله بن عبد الرحمن) يعزره على ما فعل (وأن يخلي بيني وبين أهلي) زوجتي (قال فقدمت المدينة فجهزت صفية) فاعل بنت عبيد (امرأة عبد الله بن عمر امرأتي حتى أدخلتها علي بعلم عبد الله بن عمر) زوجها (ثم دعوت عبد الله بن عمر يوم عرسي لوليمتي فجاءني).

وقد روى أحمد وأبو داود وابن ماجه وصححه الحاكم عن عائشة مرفوعًا لا طلاق ولا عتاق في إغلاق أي إكراه، بكسر الهمزة وسكون المعجمة وقاف، سمي به لأن المكره كأنه يغلق عليه الباب ويضيق عليه حتى يطلق فلا يقع طلاقه.
وزعم أن المراد بالإغلاق الغضب ضعف بأن طلاق الناس غالبًا إنما هو في حال الغضب فلو جاز عدم وقوع طلاق الغضبان لكان لكل أحد أن يقول كنت غضبان فلا يقع عليّ طلاق وهو باطل.
وقد صح عن ابن عباس وعائشة أنه يقع طلاق الغضبان وأفتى به جمع من الصحابة.
وقد قال الأئمة الثلاثة وغيرهم لا يقع طلاق المكره لقوله تعالى: { { إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ } } فنفى الكفر باللسان فكذا الطلاق إذا لم يرده بقلبه ولم ينوه ولم يقصده لم يلزمه ولحديث تجاوز الله لأمتي عن الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه.
وقال أبو حنيفة وأصحابه يصح طلاق المكره ونكاحه وعتقه وتدبيره لا بيعه.

(مالك عن عبد الله بن دينار) مولى ابن عمر (أنه قال سمعت عبد الله بن عمر قرأ يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لقبل) بضم القاف والباء وبإسكانها (عدتهن) أي في استقبال عدتهن (قال مالك: يعني بذلك أن يطلق في كل طهر مرة) لا أكثر وكأنه أتى بكل ليشمل ما إذا كان الطهر عقب حيض طلقت فيه وراجعها لأنه يصدق عليه أنه طلق لاستقبال العدة وأن الأمر في الحديث بأن يمسكها حتى تحيض ثم تطهر للندب لا للوجوب.
قال القشيري وغيره وهذه القراءة على التفسير لا التلاوة وهي تصحح أن المراد بالأقراء الأطهار إذ لا يستقبل في الحيض عند الجميع ولا يجتزئ بها عند أحد من الطائفتين قاله عياض.
وتقدم أن في مسلم في بعض طرق حديث ابن عمر وقرأ النبي صلى الله عليه وسلم فطلقوهن في قبل عدتهن.

(مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أنه قال كان الرجل إذا طلق امرأته ثم ارتجعها قبل أن تنقضي عدتها كان ذلك له وإن طلقها ألف مرة فعمد) بفتح الميم قصد (رجل إلى امرأته فطلقها حتى إذا شارفت) قاربت (انقضاء عدتها راجعها ثم طلقها ثم قال لا والله لا آويك) أضمك إليّ (ولا تحلين أبدًا) لغيري (فأنزل الله تبارك وتعالى { { الطَّلاَقُ } } أي التطليق الذي يراجع بعده { { مَرَّتَانِ } } أي ثنتان { { فَإِمْسَاكٌ } } فعليكم إمساكهن بعده { { بِمَعْرُوفٍ } } من غير ضرار { { أَوْ تَسْرِيحٌ } } إرسال لهن { { بِإِحْسَانٍ } } فاستقبل الناس الطلاق جديدًا من يومئذ) أي من يوم نزول الآية (من كان طلق منهم أو لم يطلق).

وهذا مرسل تابع مالكًا على إرساله عبد الله بن إدريس وعبدة بن سليمان وجرير بن عبد الحميد وجعفر بن عون كلهم عن هشام عن أبيه مرسلاً.
ووصله الترمذي والحاكم وغيرهما من طريق يعلى بن شبيب، وابن مردويه من طريق محمد بن إسحاق كلاهما عن هشام عن أبيه عن عائشة قالت: كان الناس والرجل يطلق امرأته ما شاء أن يطلقها وهي امرأته إذا ارتجعها وهي في العدة، وإن طلقها مائة مرة وأكثر حتى قال رجل لامرأته: والله لأطلقك فتبيني مني ولا آويك أبدًا قالت: وكيف ذلك؟ قال: أطلقك فكلما همت عدتك أن تنقضي راجعتك، فذهبت المرأة فأخبرت رسول الله صلى الله عليه وسلم فسكت حتى نزل القرآن { { الطَّلاَقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ } } قال الترمذي: والمرسل أصح وفي المستدرك صحح الموصول.
قال ابن عبد البر: أجمعوا على أن قوله أو تسريح بإحسان هي الثالثة التي قال الله { { فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلاَ تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ } } وعند ابن أبي شيبة عن أبي رزين جاء رجل فقال: يا رسول الله أرأيت قول الله الطلاق مرتان فأين الثالثة؟ فقال صلى الله عليه وسلم: { { فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ } } (مالك عن ثور) بمثلثة (بن زيد الديلي) بكسر المهملة وسكون التحتية (أن الرجل كان يطلق امرأته ثم يراجعها ولا حاجة له بها ولا يريد إمساكها كيما تطول بذلك عليها العدة ليضارها فأنزل الله تبارك وتعالى { { ولا تمسكوهن ضرارًا } } مفعول له { { لِّتَعْتَدُوا } } عليهن { { وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ } } بتعريضها إلى عذاب الله (يعظهم الله بذلك) وورد هذا بنحوه من طريق العوفي عن ابن عباس عند ابن جرير قال ابن عبد البر: أفاد هذا وما قبله أن نزول الآيتين في معنى واحد متقارب وذلك حبس الرجل المرأة ومراجعتها بقصد الإضرار.

(مالك أنه بلغه) أسنده ابن أبي شيبة عن حاتم بن إسماعيل عن عبد الرحمن بن حرملة (أن سعيد بن المسيب وسليمان بن يسار سئلا عن طلاق السكران فقالا إذا طلق السكران جاز طلاقه وإذا قتل قتل به قال مالك وعلى ذلك الأمر عندنا) وبه قال جماعة من التابعين وجمع من الصحابة والأئمة الأربعة فيصح عنه مع أنه غير مكلف تغليظًا عليه ولأن صحته من قبيل ربط الأحكام بالأسباب.

(مالك أنه بلغه) أسنده ابن أبي شيبة عن سفيان عن أبي الزناد (أن سعيد بن المسيب كان يقول إذا لم يجد الرجل ما ينفق على امرأته فرق بينهما) للضرر فقلت: سنة فقال: سنة هذا بقية خبر ابن أبي شيبة (قال مالك وعلى ذلك أدركت أهل العلم ببلدنا) المدينة.