فهرس الكتاب

شرح الزرقاني - بَابُ مَا جَاءَ فِي ثَمَرِ الْمَالِ يُبَاعُ أَصْلُهُ

رقم الحديث 1306 حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: مَنْ بَاعَ نَخْلًا قَدْ أُبِّرَتْ، فَثَمَرُهَا لِلْبَائِعِ إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ الْمُبْتَاعُ.


( ما جاء في ثمر المال يباع أصله)

( مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من باع نخلاً قد أبرت) بضم الهمزة وشد الموحدة وتخفيفها، والتأبير التلقيح، وهو أن يشق طلع الإناث ويؤخذ من طلع الذكر فيذر فيه ليكون ذلك بإذن الله أجود مما لم يؤبر وهو خاص بالنخل وألحق به ما انعقد من ثمر غيرها ( فثمرها) بمثلثة، وفي رواية: فثمرتها بمثلثة وتاء تأنيث ( للبائع) لا للمشتري ويترك في النخل إلى الجذاذ ولكليهما السقي ما لم يضر بالآخر فجعل الشارع الثمر مادام مستكنًا في الطلع كالولد في بطن الحامل إذا بيعت كان الحمل تابعًا لها فإذا ظهر تميز حكمه ومعنى ذلك أن كل ثمر بارز يرى في شجره إذا بيعت أصول الشجر لم تدخل هذه الثمار في البيع ( إلا أن يشترط المبتاع) أي المشتري أن الثمرة تكون له ويوافقه البائع على ذلك فيكون للمشتري فإن قيل اللفظ مطلق فمن أين يفهم أن المشتري اشترط الثمرة لنفسه.
أجيب بأن تحقيق الاستثناء يبين المراد وبأن لفظ الافتعال يدل أيضًا عليه كما يقال كسب لعياله، واكتسب لنفسه ومفهوم الحديث إن لم تؤبر فالثمر للمشتري وفي جواز شرطها البائع لنفسه ومنعه قولاً الشافعي ومالك.
وقال أبو حنيفة: هي للبائع أبرت أو لم تؤبر وللمشتري مطالبته بقلعها عن النخل في الحال ولا يلزمه الصبر إلى الجذاذ، وإن شرط إبقاءه إليه فسد البيع لأنه شرط لا يقتضيه العقد.
قال: وتعليق الحكم بالإبار إما للتنبيه به على ما لم يؤبر أو لغير ذلك، ولم يقصد به نفي الحكم عما سوى المذكور، وفيه أن ذلك يحتاج إلى دليل.
وقد رده بعضهم بأن التنبيه إنما يكون بالأدنى على الأعلى وبالمشكل على الواضح.
وما ذكر خارج عن الوجهين ورده الأبي بأن المذكور في الأصول أنه يكون أيضًا بالأدنى على الأعلى وحاصل مأخذ المذهبين أن مالكًا والشافعي استعملا الحديث لفظًا ودليلاً أي منطوقًا ومفهومًا ويسمى في الأصول دليل الخطاب وهو مفهوم المخالفة الثابت منه نقيض حكم المنطوق للمسكوت عنه غير أن الشافعي استعمله بلا تخصيص ومالكًا مخصصًا بالمشتري كما مر وأبو حنيفة استعمله لفظًا ومعقولاً، وتسميه الأصوليون معقول الخطاب وهو التنبيه على مساواة حكم المسكوت عنه للمنطوق وفيه جواز تذكير النخل.
قال عياض ولا خلاف فيه وقد قال صلى الله عليه وسلم للأنصار: لا عليكم أن لا تفعلوا فتركوا التذكير فنقصت الثمار فقال: أنتم أعلم بأمر دنياكم وما حدثتكم به عن الله فهو حق.

ورواه البخاري هنا وفي الشروط عن عبد الله بن يوسف ومسلم عن يحيى كليهما عن مالك به، ورواه أبو داود والنسائي في الشروط وابن ماجه في التجارات كلهم من طريق مالك وغيره.