فهرس الكتاب

شرح الزرقاني - بَابُ النَّهْيِ عَنْ بَيْعِ الثِّمَارِ حَتَّى يَبْدُوَ صَلَاحُهَا

رقم الحديث 1308 وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: نَهَى عَنْ بَيْعِ الثِّمَارِ حَتَّى تُزْهِيَ، فَقِيلَ لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا تُزْهِيَ؟ فَقَالَ: حِينَ تَحْمَرُّ،.

     وَقَالَ  رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَرَأَيْتَ إِذَا مَنَعَ اللَّهُ الثَّمَرَةَ فَبِمَ يَأْخُذُ أَحَدُكُمْ مَالَ أَخِيهِ؟.


( النهي عن بيع الثمار حتى يبدو صلاحها)

( مالك عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الثمار) منفردًا عن النخل نهي تحريم ( حتى يبدو) بلا همز أي يظهر ( صلاحها) ويقع في بعض كتب المحدثين بالألف في الخط وهو خطأ لأنها تحذف في مثل هذا للناصب وإنما اختلف في مثل زيد يبدو والاختيار حذفها أيضًا قاله عياض ( نهى البائع) لئلا يأكل مال أخيه بالباطل إذا هلكت الثمرة كما أشار إليه في الحديث بعده ( و) نهى ( المبتاع) أي المشتري وفي نسخة المشتري لئلا يضيع ماله فإن بدا الصلاح جاز، وبه قال الجمهور.
وصحح الحنفي البيع حالة الإطلاق قبل بدو الصلاح وبعده وأبطل شرط الإبقاء قبله وبعده وبدو الصلاح في بعض حائط كاف في بيع جميعه وفي بيع ما جاوره لا ما بعد عنه على المشهور وإنما كفى بدو صلاح بعضه لأن الله امتن علينا بجعل الثمار لا تطيب دفعة واحدة إطالة لزمن التفكه فلو اعتبر الجميع لأدى إلى أن لا يباع شيء قبل كمال صلاحه أو تباع الحبة بعد الحبة وفي كل منهما حرج عظيم ويجوز البيع قبل الصلاح بشرط القطع إذا كان المقطوع منتفعًا به كالحصرم إجماعًا فإن كان على التبقية منع إجماعًا.

وهذا الحديث رواه البخاري عن عبد الله بن يوسف ومسلم عن يحيى كلاهما عن مالك به وتابعه عبيد الله وموسى بن عقبة كلاهما عن نافع به وأيوب ويحيى بن سعيد والضحاك الثلاثة عن نافع نحوه عند مسلم.

( مالك عن حميد الطويل) الخزاعي البصري ( عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى) تحريمًا ( عن بيع الثمار حتى تزهي) بضم الفوقية، من أزهى بالياء، قال الخليل: أزهى النخل بدا صلاحه.
وفي رواية تزهو بالواو، وصوبها بعضهم وأنكر الياء.
وصوب الخطابي الياء ونفى تزهو بالواو.
قال ابن الأثير: والصواب الروايتان على اللغتين يقال زها يزهو إذا ظهرت ثمرته وأزهى يزهي إذا احمر أو اصفر ( فقيل له: يا رسول الله وما تزهي؟ فقال: حين تحمر) بشد الراء، وهذا صريح في الرفع.
ورواه بعضهم عن حميد موقوفًا على أنس والصواب رفعه وفي رواية قتيبة عن مالك فقال حتى تزهى قال حتى تحمار بفتح الفوقية وسكون المهملة فميم فألف فراء مشددة ( وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أرأيت إذا منع الله الثمرة) بأن تلفت ( فبم يأخذ أحدكم مال أخيه؟) بحذف ألف ما الاستفهامية عند دخول حرف الجر، مثل قولهم: فيم وعلام وحتام، ولما كانت الاستفهامية متضمنة للهمزة ولها صدر الكلام انبغى أن يقدر أيم والهمزة للإنكار فالمعنى لا ينبغي أن يأخذ أحدكم مال أخيه باطلاً لأنه إذا تلفت الثمرة لا يبقى للمشتري في مقابلة ما دفعه شيء.
وفيه إجراء الحكم على الغالب لأن تطرق التلف إلى ما بدا صلاحه ممكن وعدم تطرقه إلى ما لم يبد صلاحه ممكن فأنيط الحكم بالغالب في الحالين.
وصرح مالك برفع هذا، وتابعه الدراوردي عن حميد وقال الدارقطني: خالف مالكًا جماعة منهم ابن المبارك وهشيم ومروان بن معاوية ويزيد بن هارون فقالوا فيه.
قال أنس: أرأيت إن منع الله الثمرة إلخ.
قال الحافظ: وليس فيه ما يمنع أن يكون التفسير مرفوعًا لأن مع الذي رفعه زيادة علم على ما عند الذي وقفه وليس في رواية من وقفه ما ينفي رواية من رفعه وقد روى مسلم من طريق أبي الزبير عن جابر ما يقوي رواية الرفع في حديث أنس ولفظه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لو بعت من أخيك ثمرًا فأصابته عاهة فلا يحل لك أن تأخذ منه شيئًا بم تأخذ مال أخيك بغير حق.
وقال ابن خزيمة: رأيت مالك بن أنس في المنام فأخبرني أنه مرفوع اهـ.

وقد رواه البخاري في الزكاة عن قتيبة عن عبد الله بن يوسف ومسلم من طريق ابن وهب كلاهما عن مالك به.
ورواه البخاري في الزكاة عن قتيبة عن مالك مختصرًا بدون قوله وقال: أرأيت إن منع إلخ فكأن مالكًا حدث به على الوجهين والبخاري اختصره.

( مالك عن أبي الرجال محمد بن عبد الرحمن بن حارثة) بمهملة ومثلثة الأنصاري ( عن أمه عمرة بنت عبد الرحمن) بن سعد بن زرارة مرسلاً وصله ابن عبد البر من طريق خارجة بن عبد الله بن سليمان بن زيد بن ثابت عن أبي الرجال عن عمرة عن عائشة ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الثمار حتى تنجو من العاهة) وذلك عند طلوع الثريا ( قال مالك وبيع الثمار قبل بدو صلاحها من بيع الغرر) المنهي عنه فلما أباح صلى الله عليه وسلم بيعها بعد بدو صلاحها علم أنها خرجت من الغرر والغالب حينئذٍ سلامتها فإن أصابتها جائحة فهي نادرة لا حكم لها قاله أبو عمر.

( مالك عن أبي الزناد) عبد الله بن ذكوان ( عن خارجة بن زيد بن ثابت) الأنصاري أحد الفقهاء ( عن) أبيه ( زيد بن ثابت) الصحابي ( أنه كان لا يبيع ثماره حتى تطلع الثريا) النجم المعروف لأنها تنجو من العاهة حينئذٍ.
وفي أبي داود عن أبي هريرة مرفوعًا إذا طلع النجم صباحًا رفعت العاهة عن كل بلدة والنجم الثريا.
ولأحمد والبيهقي عن ابن عمر نهى صلى الله عليه وسلم عن بيع الثمار حتى يؤمن عليها العاهة فقيل: ومتى ذلك يا أبا عبد الرحمن؟ قال: إذا طلعت الثريا، وطلوعها صباحًا يقع في أول فصل الصيف وذلك عند اشتداد الحر وابتداء نضج الثمار وهو المعتبر في الحقيقة وطلوع النجم علامة له، وقد بينه بقوله في رواية البخاري من طريق الليث عن أبي الزناد عن خارجة عن أبيه فزاد على ما هنا فيتبين الأصفر من الأحمر.

( قال مالك والأمر عندنا في بيع البطيخ) بكسر الباء وتقديم الطاء عليها، لغة ( والقثاء) بكسر القاف أكثر من ضمها وهو اسم لما يقول له الناس الخيار والعجور والفقوس وبعضهم يطلقه على نوع يشبه الخيار ( والخربز) بكسر المعجمة وسكون الراء وموحدة مكسورة فزاي، صنف من البطيخ معروف شبيه بالحنظل أملس مدور الرأس رقيق الجلد قاله البوني ( والجزر) بفتح الجيم وكسرها لغة الواحدة جزرة معروف قال أبو عمر: الجزر ليس في أكثر الموطآت لأنه باب آخر من بيع الغائب والمغيب في الأرض ( إن بيعه إذا بدا صلاحه حلال جائز) هما بمعنى حسنه اختلاف اللفظ ( ثم يكون للمشتري ما ينبت حتى ينقطع ثمره ويهلك) بكسر اللام ( وليس في ذلك وقت يؤقت وذلك أن وقته معروف عند الناس وربما دخلته العاهة فقطعت ثمرته قبل أن يأتي ذلك الوقت) المعلوم للناس ( فإذا دخلته العاهة بجائحة تبلغ الثلث فصاعدًا كان ذلك موضوعًا عن الذي ابتاعه) اشتراه فإن نقصت عن الثلث لم يوضع لجريان العادة أن الهواء لا بد أن يرمي بعض الثمرة ويأكل الطير منها ونحو ذلك، فقد دخل المبتاع على إصابة اليسير واليسير المحقق ما دون الثلث.
وروى ابن وهب مرفوعًا إذا باع المرء الثمرة فأصابتها عاهة فذهبت بثلث الثمرة فقد وجب على صاحب المال الضياع وعمل به، وقاله كثير من الصحابة وإن كان ظواهر الأحاديث وضع الجائحة مطلقًا، كما قال الشافعي.



رقم الحديث 1309 وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي الرِّجَالِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَارِثَةَ، عَنْ أُمِّهِ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: نَهَى عَنْ بَيْعِ الثِّمَارِ حَتَّى تَنْجُوَ مِنَ الْعَاهَةِ قَالَ مَالِكٌ: وَبَيْعُ الثِّمَارِ قَبْلَ أَنْ يَبْدُوَ صَلَاحُهَا مِنْ بَيْعِ الْغَرَرِ.


( النهي عن بيع الثمار حتى يبدو صلاحها)

( مالك عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الثمار) منفردًا عن النخل نهي تحريم ( حتى يبدو) بلا همز أي يظهر ( صلاحها) ويقع في بعض كتب المحدثين بالألف في الخط وهو خطأ لأنها تحذف في مثل هذا للناصب وإنما اختلف في مثل زيد يبدو والاختيار حذفها أيضًا قاله عياض ( نهى البائع) لئلا يأكل مال أخيه بالباطل إذا هلكت الثمرة كما أشار إليه في الحديث بعده ( و) نهى ( المبتاع) أي المشتري وفي نسخة المشتري لئلا يضيع ماله فإن بدا الصلاح جاز، وبه قال الجمهور.
وصحح الحنفي البيع حالة الإطلاق قبل بدو الصلاح وبعده وأبطل شرط الإبقاء قبله وبعده وبدو الصلاح في بعض حائط كاف في بيع جميعه وفي بيع ما جاوره لا ما بعد عنه على المشهور وإنما كفى بدو صلاح بعضه لأن الله امتن علينا بجعل الثمار لا تطيب دفعة واحدة إطالة لزمن التفكه فلو اعتبر الجميع لأدى إلى أن لا يباع شيء قبل كمال صلاحه أو تباع الحبة بعد الحبة وفي كل منهما حرج عظيم ويجوز البيع قبل الصلاح بشرط القطع إذا كان المقطوع منتفعًا به كالحصرم إجماعًا فإن كان على التبقية منع إجماعًا.

وهذا الحديث رواه البخاري عن عبد الله بن يوسف ومسلم عن يحيى كلاهما عن مالك به وتابعه عبيد الله وموسى بن عقبة كلاهما عن نافع به وأيوب ويحيى بن سعيد والضحاك الثلاثة عن نافع نحوه عند مسلم.

( مالك عن حميد الطويل) الخزاعي البصري ( عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى) تحريمًا ( عن بيع الثمار حتى تزهي) بضم الفوقية، من أزهى بالياء، قال الخليل: أزهى النخل بدا صلاحه.
وفي رواية تزهو بالواو، وصوبها بعضهم وأنكر الياء.
وصوب الخطابي الياء ونفى تزهو بالواو.
قال ابن الأثير: والصواب الروايتان على اللغتين يقال زها يزهو إذا ظهرت ثمرته وأزهى يزهي إذا احمر أو اصفر ( فقيل له: يا رسول الله وما تزهي؟ فقال: حين تحمر) بشد الراء، وهذا صريح في الرفع.
ورواه بعضهم عن حميد موقوفًا على أنس والصواب رفعه وفي رواية قتيبة عن مالك فقال حتى تزهى قال حتى تحمار بفتح الفوقية وسكون المهملة فميم فألف فراء مشددة ( وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أرأيت إذا منع الله الثمرة) بأن تلفت ( فبم يأخذ أحدكم مال أخيه؟) بحذف ألف ما الاستفهامية عند دخول حرف الجر، مثل قولهم: فيم وعلام وحتام، ولما كانت الاستفهامية متضمنة للهمزة ولها صدر الكلام انبغى أن يقدر أيم والهمزة للإنكار فالمعنى لا ينبغي أن يأخذ أحدكم مال أخيه باطلاً لأنه إذا تلفت الثمرة لا يبقى للمشتري في مقابلة ما دفعه شيء.
وفيه إجراء الحكم على الغالب لأن تطرق التلف إلى ما بدا صلاحه ممكن وعدم تطرقه إلى ما لم يبد صلاحه ممكن فأنيط الحكم بالغالب في الحالين.
وصرح مالك برفع هذا، وتابعه الدراوردي عن حميد وقال الدارقطني: خالف مالكًا جماعة منهم ابن المبارك وهشيم ومروان بن معاوية ويزيد بن هارون فقالوا فيه.
قال أنس: أرأيت إن منع الله الثمرة إلخ.
قال الحافظ: وليس فيه ما يمنع أن يكون التفسير مرفوعًا لأن مع الذي رفعه زيادة علم على ما عند الذي وقفه وليس في رواية من وقفه ما ينفي رواية من رفعه وقد روى مسلم من طريق أبي الزبير عن جابر ما يقوي رواية الرفع في حديث أنس ولفظه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لو بعت من أخيك ثمرًا فأصابته عاهة فلا يحل لك أن تأخذ منه شيئًا بم تأخذ مال أخيك بغير حق.
وقال ابن خزيمة: رأيت مالك بن أنس في المنام فأخبرني أنه مرفوع اهـ.

وقد رواه البخاري في الزكاة عن قتيبة عن عبد الله بن يوسف ومسلم من طريق ابن وهب كلاهما عن مالك به.
ورواه البخاري في الزكاة عن قتيبة عن مالك مختصرًا بدون قوله وقال: أرأيت إن منع إلخ فكأن مالكًا حدث به على الوجهين والبخاري اختصره.

( مالك عن أبي الرجال محمد بن عبد الرحمن بن حارثة) بمهملة ومثلثة الأنصاري ( عن أمه عمرة بنت عبد الرحمن) بن سعد بن زرارة مرسلاً وصله ابن عبد البر من طريق خارجة بن عبد الله بن سليمان بن زيد بن ثابت عن أبي الرجال عن عمرة عن عائشة ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الثمار حتى تنجو من العاهة) وذلك عند طلوع الثريا ( قال مالك وبيع الثمار قبل بدو صلاحها من بيع الغرر) المنهي عنه فلما أباح صلى الله عليه وسلم بيعها بعد بدو صلاحها علم أنها خرجت من الغرر والغالب حينئذٍ سلامتها فإن أصابتها جائحة فهي نادرة لا حكم لها قاله أبو عمر.

( مالك عن أبي الزناد) عبد الله بن ذكوان ( عن خارجة بن زيد بن ثابت) الأنصاري أحد الفقهاء ( عن) أبيه ( زيد بن ثابت) الصحابي ( أنه كان لا يبيع ثماره حتى تطلع الثريا) النجم المعروف لأنها تنجو من العاهة حينئذٍ.
وفي أبي داود عن أبي هريرة مرفوعًا إذا طلع النجم صباحًا رفعت العاهة عن كل بلدة والنجم الثريا.
ولأحمد والبيهقي عن ابن عمر نهى صلى الله عليه وسلم عن بيع الثمار حتى يؤمن عليها العاهة فقيل: ومتى ذلك يا أبا عبد الرحمن؟ قال: إذا طلعت الثريا، وطلوعها صباحًا يقع في أول فصل الصيف وذلك عند اشتداد الحر وابتداء نضج الثمار وهو المعتبر في الحقيقة وطلوع النجم علامة له، وقد بينه بقوله في رواية البخاري من طريق الليث عن أبي الزناد عن خارجة عن أبيه فزاد على ما هنا فيتبين الأصفر من الأحمر.

( قال مالك والأمر عندنا في بيع البطيخ) بكسر الباء وتقديم الطاء عليها، لغة ( والقثاء) بكسر القاف أكثر من ضمها وهو اسم لما يقول له الناس الخيار والعجور والفقوس وبعضهم يطلقه على نوع يشبه الخيار ( والخربز) بكسر المعجمة وسكون الراء وموحدة مكسورة فزاي، صنف من البطيخ معروف شبيه بالحنظل أملس مدور الرأس رقيق الجلد قاله البوني ( والجزر) بفتح الجيم وكسرها لغة الواحدة جزرة معروف قال أبو عمر: الجزر ليس في أكثر الموطآت لأنه باب آخر من بيع الغائب والمغيب في الأرض ( إن بيعه إذا بدا صلاحه حلال جائز) هما بمعنى حسنه اختلاف اللفظ ( ثم يكون للمشتري ما ينبت حتى ينقطع ثمره ويهلك) بكسر اللام ( وليس في ذلك وقت يؤقت وذلك أن وقته معروف عند الناس وربما دخلته العاهة فقطعت ثمرته قبل أن يأتي ذلك الوقت) المعلوم للناس ( فإذا دخلته العاهة بجائحة تبلغ الثلث فصاعدًا كان ذلك موضوعًا عن الذي ابتاعه) اشتراه فإن نقصت عن الثلث لم يوضع لجريان العادة أن الهواء لا بد أن يرمي بعض الثمرة ويأكل الطير منها ونحو ذلك، فقد دخل المبتاع على إصابة اليسير واليسير المحقق ما دون الثلث.
وروى ابن وهب مرفوعًا إذا باع المرء الثمرة فأصابتها عاهة فذهبت بثلث الثمرة فقد وجب على صاحب المال الضياع وعمل به، وقاله كثير من الصحابة وإن كان ظواهر الأحاديث وضع الجائحة مطلقًا، كما قال الشافعي.



رقم الحديث 1310 وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ خَارِجَةَ بْنِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ أَنَّهُ كَانَ لَا يَبِيعُ ثِمَارَهُ حَتَّى تَطْلُعَ الثُّرَيَّا قَالَ مَالِكٌ: وَالْأَمْرُ عِنْدَنَا فِي بَيْعِ الْبِطِّيخِ، وَالْقِثَّاءِ، وَالْخِرْبِزِ، وَالْجَزَرِ، إِنَّ بَيْعَهُ إِذَا بَدَا صَلَاحُهُ حَلَالٌ جَائِزٌ، ثُمَّ يَكُونُ لِلْمُشْتَرِي مَا يَنْبُتُ حَتَّى يَنْقَطِعَ ثَمَرُهُ، وَيَهْلِكَ وَلَيْسَ فِي ذَلِكَ وَقْتٌ يُؤَقَّتُ، وَذَلِكَ أَنَّ وَقْتَهُ مَعْرُوفٌ عِنْدَ النَّاسِ، وَرُبَّمَا دَخَلَتْهُ الْعَاهَةُ، فَقَطَعَتْ ثَمَرَتَهُ، قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَ ذَلِكَ الْوَقْتُ، فَإِذَا دَخَلَتْهُ الْعَاهَةُ بِجَائِحَةٍ تَبْلُغُ الثُّلُثَ فَصَاعِدًا كَانَ ذَلِكَ مَوْضُوعًا عَنِ الَّذِي ابْتَاعَهُ.


( النهي عن بيع الثمار حتى يبدو صلاحها)

( مالك عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الثمار) منفردًا عن النخل نهي تحريم ( حتى يبدو) بلا همز أي يظهر ( صلاحها) ويقع في بعض كتب المحدثين بالألف في الخط وهو خطأ لأنها تحذف في مثل هذا للناصب وإنما اختلف في مثل زيد يبدو والاختيار حذفها أيضًا قاله عياض ( نهى البائع) لئلا يأكل مال أخيه بالباطل إذا هلكت الثمرة كما أشار إليه في الحديث بعده ( و) نهى ( المبتاع) أي المشتري وفي نسخة المشتري لئلا يضيع ماله فإن بدا الصلاح جاز، وبه قال الجمهور.
وصحح الحنفي البيع حالة الإطلاق قبل بدو الصلاح وبعده وأبطل شرط الإبقاء قبله وبعده وبدو الصلاح في بعض حائط كاف في بيع جميعه وفي بيع ما جاوره لا ما بعد عنه على المشهور وإنما كفى بدو صلاح بعضه لأن الله امتن علينا بجعل الثمار لا تطيب دفعة واحدة إطالة لزمن التفكه فلو اعتبر الجميع لأدى إلى أن لا يباع شيء قبل كمال صلاحه أو تباع الحبة بعد الحبة وفي كل منهما حرج عظيم ويجوز البيع قبل الصلاح بشرط القطع إذا كان المقطوع منتفعًا به كالحصرم إجماعًا فإن كان على التبقية منع إجماعًا.

وهذا الحديث رواه البخاري عن عبد الله بن يوسف ومسلم عن يحيى كلاهما عن مالك به وتابعه عبيد الله وموسى بن عقبة كلاهما عن نافع به وأيوب ويحيى بن سعيد والضحاك الثلاثة عن نافع نحوه عند مسلم.

( مالك عن حميد الطويل) الخزاعي البصري ( عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى) تحريمًا ( عن بيع الثمار حتى تزهي) بضم الفوقية، من أزهى بالياء، قال الخليل: أزهى النخل بدا صلاحه.
وفي رواية تزهو بالواو، وصوبها بعضهم وأنكر الياء.
وصوب الخطابي الياء ونفى تزهو بالواو.
قال ابن الأثير: والصواب الروايتان على اللغتين يقال زها يزهو إذا ظهرت ثمرته وأزهى يزهي إذا احمر أو اصفر ( فقيل له: يا رسول الله وما تزهي؟ فقال: حين تحمر) بشد الراء، وهذا صريح في الرفع.
ورواه بعضهم عن حميد موقوفًا على أنس والصواب رفعه وفي رواية قتيبة عن مالك فقال حتى تزهى قال حتى تحمار بفتح الفوقية وسكون المهملة فميم فألف فراء مشددة ( وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أرأيت إذا منع الله الثمرة) بأن تلفت ( فبم يأخذ أحدكم مال أخيه؟) بحذف ألف ما الاستفهامية عند دخول حرف الجر، مثل قولهم: فيم وعلام وحتام، ولما كانت الاستفهامية متضمنة للهمزة ولها صدر الكلام انبغى أن يقدر أيم والهمزة للإنكار فالمعنى لا ينبغي أن يأخذ أحدكم مال أخيه باطلاً لأنه إذا تلفت الثمرة لا يبقى للمشتري في مقابلة ما دفعه شيء.
وفيه إجراء الحكم على الغالب لأن تطرق التلف إلى ما بدا صلاحه ممكن وعدم تطرقه إلى ما لم يبد صلاحه ممكن فأنيط الحكم بالغالب في الحالين.
وصرح مالك برفع هذا، وتابعه الدراوردي عن حميد وقال الدارقطني: خالف مالكًا جماعة منهم ابن المبارك وهشيم ومروان بن معاوية ويزيد بن هارون فقالوا فيه.
قال أنس: أرأيت إن منع الله الثمرة إلخ.
قال الحافظ: وليس فيه ما يمنع أن يكون التفسير مرفوعًا لأن مع الذي رفعه زيادة علم على ما عند الذي وقفه وليس في رواية من وقفه ما ينفي رواية من رفعه وقد روى مسلم من طريق أبي الزبير عن جابر ما يقوي رواية الرفع في حديث أنس ولفظه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لو بعت من أخيك ثمرًا فأصابته عاهة فلا يحل لك أن تأخذ منه شيئًا بم تأخذ مال أخيك بغير حق.
وقال ابن خزيمة: رأيت مالك بن أنس في المنام فأخبرني أنه مرفوع اهـ.

وقد رواه البخاري في الزكاة عن قتيبة عن عبد الله بن يوسف ومسلم من طريق ابن وهب كلاهما عن مالك به.
ورواه البخاري في الزكاة عن قتيبة عن مالك مختصرًا بدون قوله وقال: أرأيت إن منع إلخ فكأن مالكًا حدث به على الوجهين والبخاري اختصره.

( مالك عن أبي الرجال محمد بن عبد الرحمن بن حارثة) بمهملة ومثلثة الأنصاري ( عن أمه عمرة بنت عبد الرحمن) بن سعد بن زرارة مرسلاً وصله ابن عبد البر من طريق خارجة بن عبد الله بن سليمان بن زيد بن ثابت عن أبي الرجال عن عمرة عن عائشة ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الثمار حتى تنجو من العاهة) وذلك عند طلوع الثريا ( قال مالك وبيع الثمار قبل بدو صلاحها من بيع الغرر) المنهي عنه فلما أباح صلى الله عليه وسلم بيعها بعد بدو صلاحها علم أنها خرجت من الغرر والغالب حينئذٍ سلامتها فإن أصابتها جائحة فهي نادرة لا حكم لها قاله أبو عمر.

( مالك عن أبي الزناد) عبد الله بن ذكوان ( عن خارجة بن زيد بن ثابت) الأنصاري أحد الفقهاء ( عن) أبيه ( زيد بن ثابت) الصحابي ( أنه كان لا يبيع ثماره حتى تطلع الثريا) النجم المعروف لأنها تنجو من العاهة حينئذٍ.
وفي أبي داود عن أبي هريرة مرفوعًا إذا طلع النجم صباحًا رفعت العاهة عن كل بلدة والنجم الثريا.
ولأحمد والبيهقي عن ابن عمر نهى صلى الله عليه وسلم عن بيع الثمار حتى يؤمن عليها العاهة فقيل: ومتى ذلك يا أبا عبد الرحمن؟ قال: إذا طلعت الثريا، وطلوعها صباحًا يقع في أول فصل الصيف وذلك عند اشتداد الحر وابتداء نضج الثمار وهو المعتبر في الحقيقة وطلوع النجم علامة له، وقد بينه بقوله في رواية البخاري من طريق الليث عن أبي الزناد عن خارجة عن أبيه فزاد على ما هنا فيتبين الأصفر من الأحمر.

( قال مالك والأمر عندنا في بيع البطيخ) بكسر الباء وتقديم الطاء عليها، لغة ( والقثاء) بكسر القاف أكثر من ضمها وهو اسم لما يقول له الناس الخيار والعجور والفقوس وبعضهم يطلقه على نوع يشبه الخيار ( والخربز) بكسر المعجمة وسكون الراء وموحدة مكسورة فزاي، صنف من البطيخ معروف شبيه بالحنظل أملس مدور الرأس رقيق الجلد قاله البوني ( والجزر) بفتح الجيم وكسرها لغة الواحدة جزرة معروف قال أبو عمر: الجزر ليس في أكثر الموطآت لأنه باب آخر من بيع الغائب والمغيب في الأرض ( إن بيعه إذا بدا صلاحه حلال جائز) هما بمعنى حسنه اختلاف اللفظ ( ثم يكون للمشتري ما ينبت حتى ينقطع ثمره ويهلك) بكسر اللام ( وليس في ذلك وقت يؤقت وذلك أن وقته معروف عند الناس وربما دخلته العاهة فقطعت ثمرته قبل أن يأتي ذلك الوقت) المعلوم للناس ( فإذا دخلته العاهة بجائحة تبلغ الثلث فصاعدًا كان ذلك موضوعًا عن الذي ابتاعه) اشتراه فإن نقصت عن الثلث لم يوضع لجريان العادة أن الهواء لا بد أن يرمي بعض الثمرة ويأكل الطير منها ونحو ذلك، فقد دخل المبتاع على إصابة اليسير واليسير المحقق ما دون الثلث.
وروى ابن وهب مرفوعًا إذا باع المرء الثمرة فأصابتها عاهة فذهبت بثلث الثمرة فقد وجب على صاحب المال الضياع وعمل به، وقاله كثير من الصحابة وإن كان ظواهر الأحاديث وضع الجائحة مطلقًا، كما قال الشافعي.