فهرس الكتاب

شرح الزرقاني - بَابُ مَا لَا يَجُوزُ مِنْ بَيْعِ الْحَيَوَانِ

رقم الحديث 1359 حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: نَهَى عَنْ بَيْعِ حَبَلِ الْحَبَلَةِ، وَكَانَ بَيْعًا يَتَبَايَعُهُ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ، كَانَ الرَّجُلُ يَبْتَاعُ الْجَزُورَ إِلَى أَنْ تُنْتَجَ النَّاقَةُ، ثُمَّ تُنْتَجَ الَّتِي فِي بَطْنِهَا.


( ما لا يجوز من بيع الحيوان)

( مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى) نهي تحريم ( عن بيع حبل الحبلة) بفتح الحاء والموحدة فيهما إلا أن الأول مصدر حبلت المرأة والثاني اسم جمع حابل كظالم وظلمة وكاتب وكتبة.
وقال الأخفش هو جمع حابلة ابن الأنباري: التاء في الحبلة للمبالغة كقولهم شجرة أبو عبيد والحبل مختص بالآدميات ولا يقال في غيرهم من الحيوان إلا حمل إلا ما في الحديث، ورواه بعضهم بسكون الباء في الأول وهو غلط قاله عياض ( وكان) بيع الحبلة ( بيعًا يتبايعه أهل الجاهلية كان الرجل) منهم ( يبتاع الجزور) بفتح الجيم وضم الزاي، وهو البعير ذكرًا كان أو أنثى ( إلى أن تنتج) بضم الفوقية وسكون النون وفتح الفوقية الثانية، أي تلد وهو من الأفعال التي لم تسمع إلا مبنية للمفعول نحو جن وزهي علينا أي تكبر ( الناقة) مرفوع بإسناد تنتج إليها أي تضع ولدها فولدها نتاج بكسر النون من تسمية المفعول بالمصدر ( ثم تنتج التي في بطنها) أي ثم تعيش المولودة حتى تكبر ثم تلد وعلة النهي ما في الأجل من الغرر وهذا التفسير من قول ابن عمر كما جزم به ابن عبد البر وغيره لما في مسلم من طريق عبيد الله عن نافع عن ابن عمر قال: كان أهل الجاهلية يتبايعون لحم الجزور إلى حبل الحبلة وحبل الحبلة أن تنتج الناقة ثم تحمل التي نتجت فنهاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وبه فسره مالك والشافعي وغيرهما.
وقيل: هو بيع ولد ولد الناقة الحامل في الحال بأن يقول إذا نتجت هذه الناقة ثم نتجت التي في بطنها فقد بعتك ولدها فنهى عنه لأنه بيع ما ليس بمملوك ولا معلوم ولا مقدور على تسليمه فهو غرر، وبه فسره أحمد وإسحاق وجماعة من اللغويين وهو أقرب إلى اللفظ لكن الأول أقوى لأنه تفسير ابن عمر وليس مخالفًا للظاهر فإن ذاك هو الذي كان في الجاهلية، والنهي وارد عليه ومذهب المحققين من أهل الأصول تقديم تفسير الراوي إذا لم يخالف الظاهر.
قال الطيبي: فإن قيل تفسيره مخالف لظاهر الحديث فكيف يقال إذا لم يخالف الظاهر وأجاب باحتمال أن المراد بالظاهر الواقع فإن هذا البيع كان في الجاهلية بهذا الأجل فليس التفسير حلاً للفظ بل بيان للواقع ومحصل هذا الخلاف كما قال ابن التين: هل المراد البيع إلى أجل أو بيع الجنين؟ وعلى الأول هل المراد بالأجل ولادة الأم أو ولادة ولدها؟ وعلى الثاني هل المراد بيع الجنين الأول أو بيع جنين الجنين فصارت أربعة أقوال اهـ.
وقال المبرد: هو عندي بيع حبل الكرمة والحبلة الكرمة لأنها تحبل بالعنب كما جاء في حديث آخر نهى عن بيع الثمر قبل أن يبدو صلاحه ويكون هذا أصلاً في منع البيع بثمن إلى أجل مجهول قال السهيلي: وهو غريب لم يسبقه إليه أحد في تأويل الحديث.
وأخرجه البخاري عن عبد الله بن يوسف عن مالك له وتابعه الليث عن نافع عند مسلم بدون ذكر التفسير وعبيد الله عن نافع كما علم.

( مالك عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب أنه قال لا ربًا في الحيوان) المختلف جنسه كمتحد وبيع يدًا بيد فإن بيع إلى أجل واختلفت صفاته جاز وإلا منع عند مالك وأجازه الشافعي مطلقًا وهو ظاهر قول ابن المسيب لأنه صلى الله عليه وسلم أمر بعض أصحابه أن يعطي بعيرًا في بعيرين إلى أجل فهو مخصص لعموم حرمة الربا.
وأجيب بحمله على مختلف الصفة والمنافع جمعًا بين الأدلة ومنعه أبو حنيفة اتفقت الصفات أو اختلفت لقوله تعالى { { وَأَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا } } والربا هو الزيادة وهذه زيادة ( وإنما نهي من الحيوان عن ثلاثة عن المضامين) جمع مضمون يقال: ضمن الشيء بمعنى تضمنه ومنه قولهم مضمون الكتاب كذا وكذا ( والملاقيح) جمع ملقوح ( وحبل الحبلة) وهذا أخرجه البزار والطبراني في الكبير عن ابن عباس، والبزار عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن المضامين والملاقيح وحبل الحبلة، وإسناده قوي وصححه بعضهم ( والمضامين بيع ما في بطون إناث الإبل) لأن البطن قد ضمن ما فيه ( والملاقيح بيع ما في ظهور الجمال) جمع جمل ذكر الإبل لأنه الذي يلقح الناقة ولذا سميت النخلة التي يلقح بها الثمار فحلاً ووافق الإمام على هذا التفسير جماعة من الأصحاب وعكسه ابن حبيب فقال: المضامين ما في الظهور والملاقيح ما في البطون وزعم أن تفسير مالك مقلوب وتعقب بأن مالكًا أعلم منه باللغة.

( قال مالك لا ينبغي أن يشتري أحد شيئًا من الحيوان بعينه) أي المعين كجمل وحصان معينين ( إذا كان غائبًا عنه وإن كان قد رآه ورضيه على أن ينقد ثمنه لا قريبًا ولا بعيدًا) قيد في المنع وجوز في المدونة النقد فيما قرب لأن الغالب السلامة بخلاف البعيد فيخشى دخول بيع وسلف وهو غرر ( وإنما كره ذلك لأن البائع ينتفع بالثمن ولا يدري هل توجد تلك السلعة على ما رآها المبتاع أم لا فلذلك كره ذلك) لتردد الثمن بين السلفية والثمنية ( ولا بأس به إذا كان مضمونًا موصوفًا) مفهوم قوله أولاً بعينه على أن ينقد ثمنه لزوال علة التردد.



رقم الحديث 1360 وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّهُ قَالَ: لَا رِبًا فِي الْحَيَوَانِ، وَإِنَّمَا نُهِيَ مِنَ الْحَيَوَانِ عَنْ ثَلَاثَةٍ: عَنِ الْمَضَامِينِ وَالْمَلَاقِيحِ وَحَبَلِ الْحَبَلَةِ، وَالْمَضَامِينُ بَيْعُ مَا فِي بُطُونِ إِنَاثِ الْإِبِلِ، وَالْمَلَاقِيحُ بَيْعُ مَا فِي ظُهُورِ الْجِمَالِ قَالَ مَالِكٌ: لَا يَنْبَغِي أَنْ يَشْتَرِيَ أَحَدٌ شَيْئًا مِنَ الْحَيَوَانِ بِعَيْنِهِ إِذَا كَانَ غَائِبًا عَنْهُ، وَإِنْ كَانَ قَدْ رَآهُ وَرَضِيَهُ عَلَى أَنْ يَنْقُدَ ثَمَنَهُ لَا قَرِيبًا وَلَا بَعِيدًا قَالَ مَالِكٌ: وَإِنَّمَا كُرِهَ ذَلِكَ، لِأَنَّ الْبَائِعَ يَنْتَفِعُ بِالثَّمَنِ، وَلَا يُدْرَى هَلْ تُوجَدُ تِلْكَ السِّلْعَةُ عَلَى مَا رَآهَا الْمُبْتَاعُ أَمْ لَا؟ فَلِذَلِكَ كُرِهَ ذَلِكَ، وَلَا بَأْسَ بِهِ، إِذَا كَانَ مَضْمُونًا مَوْصُوفًا.


( ما لا يجوز من بيع الحيوان)

( مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى) نهي تحريم ( عن بيع حبل الحبلة) بفتح الحاء والموحدة فيهما إلا أن الأول مصدر حبلت المرأة والثاني اسم جمع حابل كظالم وظلمة وكاتب وكتبة.
وقال الأخفش هو جمع حابلة ابن الأنباري: التاء في الحبلة للمبالغة كقولهم شجرة أبو عبيد والحبل مختص بالآدميات ولا يقال في غيرهم من الحيوان إلا حمل إلا ما في الحديث، ورواه بعضهم بسكون الباء في الأول وهو غلط قاله عياض ( وكان) بيع الحبلة ( بيعًا يتبايعه أهل الجاهلية كان الرجل) منهم ( يبتاع الجزور) بفتح الجيم وضم الزاي، وهو البعير ذكرًا كان أو أنثى ( إلى أن تنتج) بضم الفوقية وسكون النون وفتح الفوقية الثانية، أي تلد وهو من الأفعال التي لم تسمع إلا مبنية للمفعول نحو جن وزهي علينا أي تكبر ( الناقة) مرفوع بإسناد تنتج إليها أي تضع ولدها فولدها نتاج بكسر النون من تسمية المفعول بالمصدر ( ثم تنتج التي في بطنها) أي ثم تعيش المولودة حتى تكبر ثم تلد وعلة النهي ما في الأجل من الغرر وهذا التفسير من قول ابن عمر كما جزم به ابن عبد البر وغيره لما في مسلم من طريق عبيد الله عن نافع عن ابن عمر قال: كان أهل الجاهلية يتبايعون لحم الجزور إلى حبل الحبلة وحبل الحبلة أن تنتج الناقة ثم تحمل التي نتجت فنهاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وبه فسره مالك والشافعي وغيرهما.
وقيل: هو بيع ولد ولد الناقة الحامل في الحال بأن يقول إذا نتجت هذه الناقة ثم نتجت التي في بطنها فقد بعتك ولدها فنهى عنه لأنه بيع ما ليس بمملوك ولا معلوم ولا مقدور على تسليمه فهو غرر، وبه فسره أحمد وإسحاق وجماعة من اللغويين وهو أقرب إلى اللفظ لكن الأول أقوى لأنه تفسير ابن عمر وليس مخالفًا للظاهر فإن ذاك هو الذي كان في الجاهلية، والنهي وارد عليه ومذهب المحققين من أهل الأصول تقديم تفسير الراوي إذا لم يخالف الظاهر.
قال الطيبي: فإن قيل تفسيره مخالف لظاهر الحديث فكيف يقال إذا لم يخالف الظاهر وأجاب باحتمال أن المراد بالظاهر الواقع فإن هذا البيع كان في الجاهلية بهذا الأجل فليس التفسير حلاً للفظ بل بيان للواقع ومحصل هذا الخلاف كما قال ابن التين: هل المراد البيع إلى أجل أو بيع الجنين؟ وعلى الأول هل المراد بالأجل ولادة الأم أو ولادة ولدها؟ وعلى الثاني هل المراد بيع الجنين الأول أو بيع جنين الجنين فصارت أربعة أقوال اهـ.
وقال المبرد: هو عندي بيع حبل الكرمة والحبلة الكرمة لأنها تحبل بالعنب كما جاء في حديث آخر نهى عن بيع الثمر قبل أن يبدو صلاحه ويكون هذا أصلاً في منع البيع بثمن إلى أجل مجهول قال السهيلي: وهو غريب لم يسبقه إليه أحد في تأويل الحديث.
وأخرجه البخاري عن عبد الله بن يوسف عن مالك له وتابعه الليث عن نافع عند مسلم بدون ذكر التفسير وعبيد الله عن نافع كما علم.

( مالك عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب أنه قال لا ربًا في الحيوان) المختلف جنسه كمتحد وبيع يدًا بيد فإن بيع إلى أجل واختلفت صفاته جاز وإلا منع عند مالك وأجازه الشافعي مطلقًا وهو ظاهر قول ابن المسيب لأنه صلى الله عليه وسلم أمر بعض أصحابه أن يعطي بعيرًا في بعيرين إلى أجل فهو مخصص لعموم حرمة الربا.
وأجيب بحمله على مختلف الصفة والمنافع جمعًا بين الأدلة ومنعه أبو حنيفة اتفقت الصفات أو اختلفت لقوله تعالى { { وَأَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا } } والربا هو الزيادة وهذه زيادة ( وإنما نهي من الحيوان عن ثلاثة عن المضامين) جمع مضمون يقال: ضمن الشيء بمعنى تضمنه ومنه قولهم مضمون الكتاب كذا وكذا ( والملاقيح) جمع ملقوح ( وحبل الحبلة) وهذا أخرجه البزار والطبراني في الكبير عن ابن عباس، والبزار عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن المضامين والملاقيح وحبل الحبلة، وإسناده قوي وصححه بعضهم ( والمضامين بيع ما في بطون إناث الإبل) لأن البطن قد ضمن ما فيه ( والملاقيح بيع ما في ظهور الجمال) جمع جمل ذكر الإبل لأنه الذي يلقح الناقة ولذا سميت النخلة التي يلقح بها الثمار فحلاً ووافق الإمام على هذا التفسير جماعة من الأصحاب وعكسه ابن حبيب فقال: المضامين ما في الظهور والملاقيح ما في البطون وزعم أن تفسير مالك مقلوب وتعقب بأن مالكًا أعلم منه باللغة.

( قال مالك لا ينبغي أن يشتري أحد شيئًا من الحيوان بعينه) أي المعين كجمل وحصان معينين ( إذا كان غائبًا عنه وإن كان قد رآه ورضيه على أن ينقد ثمنه لا قريبًا ولا بعيدًا) قيد في المنع وجوز في المدونة النقد فيما قرب لأن الغالب السلامة بخلاف البعيد فيخشى دخول بيع وسلف وهو غرر ( وإنما كره ذلك لأن البائع ينتفع بالثمن ولا يدري هل توجد تلك السلعة على ما رآها المبتاع أم لا فلذلك كره ذلك) لتردد الثمن بين السلفية والثمنية ( ولا بأس به إذا كان مضمونًا موصوفًا) مفهوم قوله أولاً بعينه على أن ينقد ثمنه لزوال علة التردد.