فهرس الكتاب

شرح الزرقاني - بَابُ الْقَضَاءِ فِي الْمِيَاهِ

رقم الحديث 1437 قَالَ يَحْيَى: قَالَ مَالِكٌ: فِي رَجُلٍ دَفَعَ إِلَى رَجُلٍ مَالًا قِرَاضًا، وَشَرَطَ عَلَيْهِ أَنْ لَا تَشْتَرِيَ بِمَالِي إِلَّا سِلْعَةَ كَذَا وَكَذَا أَوْ يَنْهَاهُ أَنْ يَشْتَرِيَ سِلْعَةً بِاسْمِهَا، قَالَ مَالِكٌ: مَنِ اشْتَرَطَ عَلَى مَنْ قَارَضَ أَنْ لَا يَشْتَرِيَ حَيَوَانًا أَوْ سِلْعَةً بِاسْمِهَا، فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ، وَمَنِ اشْتَرَطَ عَلَى مَنْ قَارَضَ أَنْ لَا يَشْتَرِيَ إِلَّا سِلْعَةَ كَذَا وَكَذَا، فَإِنَّ ذَلِكَ مَكْرُوهٌ، إِلَّا أَنْ تَكُونَ السِّلْعَةُ الَّتِي أَمَرَهُ أَنْ لَا يَشْتَرِيَ غَيْرَهَا كَثِيرَةً مَوْجُودَةً لَا تُخْلِفُ فِي شِتَاءٍ وَلَا صَيْفٍ فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ: فِي رَجُلٍ دَفَعَ إِلَى رَجُلٍ مَالًا قِرَاضًا، وَاشْتَرَطَ عَلَيْهِ فِيهِ شَيْئًا مِنَ الرِّبْحِ خَالِصًا دُونَ صَاحِبِهِ، فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَصْلُحُ، وَإِنْ كَانَ دِرْهَمًا وَاحِدًا، إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ نِصْفَ الرِّبْحِ لَهُ، وَنِصْفَهُ لِصَاحِبِهِ أَوْ ثُلُثَهُ أَوْ رُبُعَهُ أَوْ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ أَوْ أَكْثَرَ، فَإِذَا سَمَّى شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ قَلِيلًا أَوْ كَثِيرًا، فَإِنَّ كُلَّ شَيْءٍ سَمَّى مِنْ ذَلِكَ حَلَالٌ وَهُوَ قِرَاضُ الْمُسْلِمِينَ، قَالَ: وَلَكِنْ إِنِ اشْتَرَطَ أَنَّ لَهُ مِنَ الرِّبْحِ دِرْهَمًا وَاحِدًا فَمَا فَوْقَهُ خَالِصًا لَهُ دُونَ صَاحِبِهِ، وَمَا بَقِيَ مِنَ الرِّبْحِ فَهُوَ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ، فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَصْلُحُ، وَلَيْسَ عَلَى ذَلِكَ قِرَاضُ الْمُسْلِمِينَ.



( ما يجوز من الشرط في القراض)

( قال مالك في رجل دفع إلى رجل مالاً قراضًا وشرط عليه أن لا تشتري بمالي إلا سلعة كذا وكذا) لسلعة يسميها ( أو ينهاه أن يشتري سلعة باسمها قال مالك: من اشترط على من قارض أن لا يشتري حيوانًا أو سلعة باسمها فلا بأس بذلك) لأنه قد أبقى كثيرًا مما يتجر فيه ( ومن اشترط على من قارض أن لا يشتري إلا سلعة كذا وكذا فإن ذلك مكروه) للتحجير ( إلا أن تكون السلعة التي أمره أن لا يشتري غيرها) وقوله ( كثيرة) ثابت لابن وضاح عن يحيى ساقط لابنه ( موجودة لا تخلف في شتاء ولا صيف فلا بأس بذلك) فإن تعذرت لقلتها منع، وإن نزل فسخ.
وبه قال الشافعي وأجازه أبو حنيفة ( قال مالك في رجل دفع إلى رجل مالاً قراضًا واشترط عليه فيه شيئًا من الربح خالصًا دون صاحبه فإن ذلك لا يصلح وإن كان درهمًا واحدًا) إذ لعل ذلك العدد يستغرق الربح ولأنه تدخله الجهالة في الأجزاء المشترطة ولا يجوز ( إلا أن يشترط نصف الربح) للعامل ( ونصفه لصاحبه أو ثلثه أو ربعه أو أقل من ذلك أو أكثر فإذا سمى شيئًا من ذلك قليلاً أو كثيرًا فإن كل شيء سمى من ذلك حلال وهو قراض المسلمين) الجاري بينهم ( ولكن إن اشترط أن له من الربح درهمًا واحدًا فما فوقه خالصًا له دون صاحبه وما بقي من الربح فهو بينهما نصفين فإن ذلك لا يصلح وليس على ذلك قراض المسلمين) يشبه التعليل لعدم الصلوح أي لمخالفة سنة القراض.



رقم الحديث 1437 وحَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، أَنَّهُ بَلَغَهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: فِي سَيْلِ مَهْزُورٍ وَمُذَيْنِبٍ يُمْسَكُ حَتَّى الْكَعْبَيْنِ، ثُمَّ يُرْسِلُ الْأَعْلَى عَلَى الْأَسْفَلِ.


القضاء في المياه

( مالك عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو) بفتح العين ( ابن حزم) الأنصاري ( أنه بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال) وفي نسخة قضى ( في سيل مهزور) بفتح الميم وإسكان الهاء وضم الزاي وسكون الواو آخره راء ( ومذينب) بضم الميم وفتح الذال المعجمة وتحتية ساكنة ونون مكسورة وموحدة واديان يسيلان بالمطر بالمدينة يتنافس أهل المدينة في سيلهما ( يمسك) سيلهما فهو مبني للمفعول أي يمسكه الأعلى أي الأقرب إلى الماء فيسقي زرعه أو حديقته ( حتى الكعبين) هكذا ضبط في نسخة صحيحة بالبناء للمجهول فإن كان رواية وإلا فيصح ضبطه للفاعل وهو الأعلى في قوله ( ثم يرسل الأعلى) الماء ( على الأسفل) الأبعد منه عن الماء قال ابن عبد البر لا أعلمه يتصل من وجه من الوجوه مع أنه حديث مدني مشهور عند أهل المدينة مستعمل عندهم معروف معمول به قال وسئل البزار عنه فقال لست أحفظ فيه بهذا اللفظ عن النبي صلى الله عليه وسلم حديثا يثبت اهـ وهو تقصير شديد من مثلهما فله إسناد موصول عن عائشة عند الدارقطني في الغرائب والحاكم وصححاه وأخرجه أبو داود وابن ماجه من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده وإسناده حسن وأخرج ابن ماجه نحوه من حديث ثعلبة بن أبي مالك القرظي وقال البيهقي إنه مرسل ثعلبة من الطبقة الأولى من تابعي أهل المدينة قال الباجي اختلف أصحابنا في معنى الحديث فروى ابن حبيب عن ابن وهب ومطرف وابن الماجشون يرسل صاحب الحائط الأعلى جميع الماء في حائطه ويسقي حتى إذا بلغ الماء في الحائط إلى كعبي من يقوم فيه أغلق مدخل الماء وروى عيسى في المدنية عن ابن وهب يسقي الأول حتى يروي حائطه ثم يمسك بعد ريه ما كان من الكعبين إلى أسفل ثم يرسل وروى زياد عن مالك يجري الأول من الماء في ساقيته إلى حائطه قدر ما يكون الماء في الساقية حتى يروي حائطه أو يفنى الماء فإذا روى أرسله كله قال ابن مزين هذا أحسن ما سمعت وقال ابن كنانة بلغنا أنه إذا سقى بالسيل الزرع أمسك حتى يبلغ الماء شراك النعل وإذا سقى النخل والشجر وما له أصل حتى يبلغ الكعبين وأحب إلينا أن يمسك في الزرع وغيره حتى يبلغ الكعبين لأنه أبلغ في الري ( مالك عن أبي الزناد) بكسر الزاي وخفة النون عبد الله بن ذكوان ( عن الأعرج) عبد الرحمن بن هرمز ( عن أبي هريرة) رضي الله عنه ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا يمنع) بضم أوله مبنيا للمفعول خبر بمعنى النهي ( فضل الماء) زاد في رواية أحمد بعد أن يستغنى عنه ( ليمنع) مبني للمفعول أيضا ( به الكلأ) بفتح الكاف واللام بعدها همزة مقصورة اسم لجميع النبات ثم الأخضر منه يسمى الرطب بضم الراء وسكون الطاء والكلأ اليابس يسمى حشيشا ومنه يقال للناقة أحشت ولدها إذا ألقته يابسا وحشت يد فلان إذا يبست ومعنى الحديث أن من سبق الماء بفلاة وكان حول ذلك الماء كلأ لا يوصل إلى رعيه إلا إذا كانت المواشي ترد ذلك الماء فنهى صاحب الماء أن يمنع فضله لأنه إذا منعت منه منعت من رعي ذلك الكلأ والكلأ لا يمنع لما فيه من الإضرار بالناس قاله عياض قال القرطبي واللام للعاقبة مثلها في قوله تعالى { { فالتقطه آل فرعون } } الآية والحديث حجة لنا في القول بسد الذرائع لأنه إنما نهى عن منع فضل الماء لما يؤدي إليه من منع الكلأ اهـ وسبقه إليه الباجي وقد ورد التصريح في بعض طرق الحديث بالنهي عن منع الكلأ فصحح ابن حبان من رواية أبي سعيد مولى بني غفار عن أبي هريرة مرفوعا لا تمنعوا فضل الماء ولا تمنعوا الكلأ فيهزل المال وتجوع العيال وهو محمول على غير المملوك وهو الكلأ النابت في الموات فمنعه مجرد ظلم إذ الناس فيه سواء أما الكلأ النابت في أرضه المملوكة له بالإحياء ففيه خلاف صحح ابن العربي وغيره الجواز وهو رواية ابن القاسم عن مالك في العتبية ومطرف عنه في الواضحة وأنكرها أشهب فلم يجز بيع الكلأ بمال وإن كان في أرضه ومرجه وحماه قال مالك في المجموعة والواضحة معنى الحديث في آبار الماشية التي في الفلوات وفي كتاب ابن سحنون عن ابن القاسم وأشهب ذلك في الأرض ينزلها للرعي لا للعمارة فهو والناس في الرعي سواء ولكن يبدؤن بمالهم الباجي بئر الماشية ما حفرها الرجل في غير ملكه في البراري والقفار لشرب ماشيته ويبيح فضلها للناس فاتفق مالك وأصحابه أنه لا يمنع فضلها قال مالك في المدونة لا يباع بئر الماشية ما حفر منها في جاهلية ولا إسلام وإن حفرت في قرب ابن القاسم يريد قرب المنازل إذا حفرها للصدقة فما فضل منها فالناس فيه سواء أما من حفرها لبيع مائها أو سقي ماشيته لا للصدقة فلا بأس ببيعها اهـ والنهي للتحريم عند مالك والشافعي والليث والأوزاعي وقال غيرهم هو من باب المعروف والحديث رواه البخاري في الشرب عن عبد الله بن يوسف وفي ترك الحيل عن إسماعيل ومسلم في البيع عن يحيى ثلاثتهم عن مالك به ( مالك عن أبي الرجال) بالجيم ( محمد بن عبد الرحمن) بن حارثة الأنصاري ( عن أمه عمرة بنت عبد الرحمن) بن سعد بن زرارة الأنصارية ( أنها أخبرته) مرسلا ووصله أبو قرة موسى بن طارق وسعيد بن عبد الرحمن الجمحي كلاهما عن مالك عن أبي الرجال عن أمه عن عائشة ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا يمنع) بالبناء للمفعول ( نقع بئر) بفتح النون وإسكان القاف ومهملة زاد بعض الرواة عن مالك يعني فضل مائها قال الهروي قيل له نقع لأنه ينقع به أي يروى به يقال نقع بالري وشرب حتى نقع قال الباجي ويروى وهو ماء قال مالك في المجموعة وغيرها معناه فضل ماء قال أبو الرجال النقع والرهو هو الماء الواقف الذي لا يسقى عليه أو يسقى وفيه فضل وقال ابن حبيب عن مطرف عن مالك معناه البئر بين الشريكين يسقي هذا يوما وهذا يوما ويستغني أحدهما يومه أو بعضه عن السقي فيريد صاحبه السقي به فليس له منعه مما لا ينفعه حبسه ولا يضره تركه فإن احتاج من لا شرك له إلى فضل مائها فلا إلا أن تنهار بئره فيدخل في الحديث ويسقي بفضل ماء جاره إن زرع أو غرس على أصل ماء فانهار وخيف على زرعه أو غرسه وشرع في إصلاح ما انهار وفضل عن حاجة صاحب الماء.



رقم الحديث 1438 قَالَ يَحْيَى: قَالَ مَالِكٌ: لَا يَنْبَغِي لِصَاحِبِ الْمَالِ أَنْ يَشْتَرِطَ لِنَفْسِهِ شَيْئًا مِنَ الرِّبْحِ خَالِصًا.
دُونَ الْعَامِلِ.
وَلَا يَنْبَغِي لِلْعَامِلِ أَنْ يَشْتَرِطَ لِنَفْسِهِ شَيْئًا مِنَ الرِّبْحِ خَالِصًا.
دُونَ صَاحِبِهِ.
وَلَا يَكُونُ مَعَ الْقِرَاضِ بَيْعٌ، وَلَا كِرَاءٌ، وَلَا عَمَلٌ، وَلَا سَلَفٌ، وَلَا مِرْفَقٌ يَشْتَرِطُهُ أَحَدُهُمَا لِنَفْسِهِ دُونَ صَاحِبِهِ.
إِلَّا أَنْ يُعِينَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ عَلَى غَيْرِ شَرْطٍ.
عَلَى وَجْهِ الْمَعْرُوفِ.
إِذَا صَحَّ ذَلِكَ مِنْهُمَا.
وَلَا يَنْبَغِي لِلْمُتَقَارِضَيْنِ أَنْ يَشْتَرِطَ أَحَدُهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ زِيَادَةً، مِنْ ذَهَبٍ وَلَا فِضَّةٍ وَلَا طَعَامٍ، وَلَا شَيْءٍ مِنَ الْأَشْيَاءِ.
يَزْدَادُهُ أَحَدُهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ.
قَالَ: فَإِنْ دَخَلَ الْقِرَاضَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ، صَارَ إِجَارَةً، وَلَا تَصْلُحُ الْإِجَارَةُ إِلَّا بِشَيْءٍ ثَابِتٍ مَعْلُومٍ، وَلَا يَنْبَغِي لِلَّذِي أَخَذَ الْمَالَ أَنْ يَشْتَرِطَ، مَعَ أَخْذِهِ الْمَالَ، أَنْ يُكَافِئَ.
وَلَا يُوَلِّيَ مِنْ سِلْعَتِهِ أَحَدًا، وَلَا يَتَوَلَّى مِنْهَا شَيْئًا لِنَفْسِهِ، فَإِذَا وَفَرَ الْمَالُ.
وَحَصَلَ عَزْلُ رَأْسِ الْمَالِ، ثُمَّ اقْتَسَمَا الرِّبْحَ عَلَى شَرْطِهِمَا.
فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمَالِ رِبْحٌ.
أَوْ دَخَلَتْهُ وَضِيعَةٌ.
لَمْ يَلْحَقِ الْعَامِلَ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ.
لَا مِمَّا أَنْفَقَ عَلَى نَفْسِهِ.
وَلَا مِنَ الْوَضِيعَةِ، وَذَلِكَ عَلَى رَبِّ الْمَالِ فِي مَالِهِ، وَالْقِرَاضُ جَائِزٌ عَلَى مَا تَرَاضَى عَلَيْهِ رَبُّ الْمَالِ، وَالْعَامِلُ مِنْ نِصْفِ الرِّبْحِ أَوْ ثُلُثِهِ أَوْ رُبُعِهِ أَوْ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ أَوْ أَكْثَرَ قَالَ مَالِكٌ: لَا يَجُوزُ لِلَّذِي يَأْخُذُ الْمَالَ قِرَاضًا أَنْ يَشْتَرِطَ أَنْ يَعْمَلَ فِيهِ سِنِينَ لَا يُنْزَعُ مِنْهُ.
قَالَ: وَلَا يَصْلُحُ لِصَاحِبِ الْمَالِ أَنْ يَشْتَرِطَ أَنَّكَ لَا تَرُدُّهُ إِلَيَّ سِنِينَ، لِأَجَلٍ يُسَمِّيَانِهِ.
لِأَنَّ الْقِرَاضَ لَا يَكُونُ إِلَى أَجَلٍ.
وَلَكِنْ يَدْفَعُ رَبُّ الْمَالِ مَالَهُ إِلَى الَّذِي يَعْمَلُ لَهُ فِيهِ، فَإِنْ بَدَا لِأَحَدِهِمَا أَنْ يَتْرُكَ ذَلِكَ.
وَالْمَالُ نَاضٌّ لَمْ يَشْتَرِ بِهِ شَيْئًا، تَرَكَهُ.
وَأَخَذَ صَاحِبُ الْمَالِ مَالَهُ، وَإِنْ بَدَا لِرَبِّ الْمَالِ أَنْ يَقْبِضَهُ، بَعْدَ أَنْ يَشْتَرِيَ بِهِ سِلْعَةً.
فَلَيْسَ ذَلِكَ لَهُ، حَتَّى يُبَاعَ الْمَتَاعُ، وَيَصِيرَ عَيْنًا، فَإِنْ بَدَا لِلْعَامِلِ أَنْ يَرُدَّهُ، وَهُوَ عَرْضٌ، لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لَهُ.
حَتَّى يَبِيعَهُ، فَيَرُدَّهُ عَيْنًا كَمَا أَخَذَهُ قَالَ مَالِكٌ: وَلَا يَصْلُحُ لِمَنْ دَفَعَ إِلَى رَجُلٍ مَالًا قِرَاضًا، أَنْ يَشْتَرِطَ عَلَيْهِ الزَّكَاةَ فِي حِصَّتِهِ مِنَ الرِّبْحِ خَاصَّةً، لِأَنَّ رَبَّ الْمَالِ، إِذَا اشْتَرَطَ ذَلِكَ، فَقَدِ اشْتَرَطَ لِنَفْسِهِ، فَضْلًا مِنَ الرِّبْحِ ثَابِتًا.
فِيمَا سَقَطَ عَنْهُ مِنْ حِصَّةِ الزَّكَاةِ.
الَّتِي تُصِيبُهُ مِنْ حِصَّتِهِ.
وَلَا يَجُوزُ لِرَجُلٍ أَنْ يَشْتَرِطَ عَلَى مَنْ قَارَضَهُ، أَنْ لَا يَشْتَرِيَ إِلَّا مِنْ فُلَانٍ.
لِرَجُلٍ يُسَمِّيهِ.
فَذَلِكَ غَيْرُ جَائِزٍ.
لِأَنَّهُ يَصِيرُ لَهُ أَجِيرًا بِأَجْرٍ لَيْسَ بِمَعْرُوفٍ قَالَ مَالِكٌ: فِي الرَّجُلِ يَدْفَعُ إِلَى رَجُلٍ مَالًا قِرَاضًا.
وَيَشْتَرِطُ عَلَى الَّذِي دَفَعَ إِلَيْهِ الْمَالَ الضَّمَانَ، قَالَ: لَا يَجُوزُ لِصَاحِبِ الْمَالِ أَنْ يَشْتَرِطَ فِي مَالِهِ غَيْرَ مَا وُضِعَ الْقِرَاضُ عَلَيْهِ، وَمَا مَضَى مِنْ سُنَّةِ الْمُسْلِمِينَ فِيهِ، فَإِنْ نَمَا الْمَالُ عَلَى شَرْطِ الضَّمَانِ.
كَانَ قَدِ ازْدَادَ فِي حَقِّهِ مِنَ الرِّبْحِ مِنْ أَجْلِ مَوْضِعِ الضَّمَانِ.
وَإِنَّمَا يَقْتَسِمَانِ الرِّبْحَ عَلَى مَا لَوْ أَعْطَاهُ إِيَّاهُ عَلَى غَيْرِ ضَمَانٍ.
وَإِنْ تَلِفَ الْمَالُ لَمْ أَرَ عَلَى الَّذِي أَخَذَهُ ضَمَانًا، لِأَنَّ شَرْطَ الضَّمَانِ فِي الْقِرَاضِ بَاطِلٌ قَالَ مَالِكٌ: فِي رَجُلٍ دَفَعَ إِلَى رَجُلٍ مَالًا قِرَاضًا.
وَاشْتَرَطَ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَبْتَاعَ بِهِ إِلَّا نَخْلًا أَوْ دَوَابَّ.
لِأَجْلِ أَنَّهُ يَطْلُبُ ثَمَرَ النَّخْلِ أَوْ نَسْلَ الدَّوَابِّ.
وَيَحْبِسُ رِقَابَهَا، قَالَ مَالِكٌ: لَا يَجُوزُ هَذَا، وَلَيْسَ هَذَا مِنْ سُنَّةِ الْمُسْلِمِينَ فِي الْقِرَاضِ.
إِلَّا أَنْ يَشْتَرِيَ ذَلِكَ.
ثُمَّ يَبِيعَهُ كَمَا يُبَاعُ غَيْرُهُ مِنَ السِّلَعِ قَالَ مَالِكٌ: لَا بَأْسَ أَنْ يَشْتَرِطَ الْمُقَارِضُ عَلَى رَبِّ الْمَالِ غُلَامًا يُعِينُهُ بِهِ.
عَلَى أَنْ يَقُومَ مَعَهُ الْغُلَامُ فِي الْمَالِ.
إِذَا لَمْ يَعْدُ أَنْ يُعِينَهُ فِي الْمَالِ.
لَا يُعِينُهُ فِي غَيْرِهِ.



( ما لا يجوز من الشرط في القراض)

( قال مالك لا ينبغي لصاحب المال أن يشترط لنفسه شيئًا من الربح خالصًا دون العامل ولا ينبغي للعامل أن يشترط لنفسه شيئًا من الربح خالصًا دون صاحبه) فإن وقع ذلك فقال مالك وأصحابه في الموازية إن ترك ذلك مشترطه قبل العمل جازوا ما بعده فروى يحيى عن ابن القاسم إن أسقطه مشترطه صح وتماديًا عليه وأنكره يحيى بعد العمل ( ولا يكون مع القراض بيع ولا كراء ولا عمل ولا سلف ولا مرفق) بفتح الميم وكسر الفاء، وعكسه ما يرتفق به ( يشترطه أحدهما لنفسه دون صاحبه إلا أن يعين أحدهما صاحبه على غير شرط على وجه المعروف إذا صح ذلك منهما ولا ينبغي للمتقارضين أن يشترط أحدهما على صاحبه زيادة من ذهب ولا فضة ولا شيء من الأشياء يزداده أحدهما على صاحبه فإن دخل القراض شيء من ذلك صار إجارة ولا تصلح الإجارة إلا بشيء ثابت معلوم) لأنها بيع منافع فيشترط لها شروط البيع ( ولا ينبغي) أي يحرم ( للذي أخذ المال) أي العامل ( أن يشترط مع أخذه المال أن يكافئ) من أسدى إليه معروفًا، يختص به فلو كافأ لمعروف أسدي إليه في مال القراض على وجه التجارة والنظر جاز ( ولا يولي من سلعته) أي القراض المشتراة بماله ( أحدًا) غيره بمثل ما اشتراها به إذا كان يرجو فيها النماء لتعلق حق رب المال بالربح فيها وقيد بما لم يخف الوضيعة وإلا جاز ( ولا يتولى شيئًا منها لنفسه) يستقل به ( فإذا وفر) بفتح الفاء أي زاد ( وحصل عزل رأس المال ثم اقتسما المال) أي ربحه ( على شرطهما) إن كان ربح ( فإن لم يكن للمال ربح أو دخلته وضيعة) نقص ( لم يلحق العامل من ذلك شيء لا مما أنفق على نفسه ولا من الوضيعة) لأنه ليس بمضمون عليه ( وذلك على رب المال في ماله) دون العامل ولا شيء للعامل أيضًا ( والقراض جائز على ما تراضى عليه رب المال والعامل من نصف الربح أو ثلثه أو ربعه أو أقل من ذلك أو أكثر) أعاده لأنه قدمه غير مقصود.

( ولا يجوز للذي يأخذ المال قراضًا أن يشترط أن يعمل فيه سنين لا ينزع منه و) كذلك ( لا يصلح لصاحب المال أن يشترط أنك) يا عامل ( لا تردّه إلي سنين لأجل يسميانه لأن القراض لا يكون إلى أجل) لا يكون لأحدهما فسخه قبله ووافقه الشافعي وأجازه أبو حنيفة في أحد قوليه وأصحابه ( ولكن يدفع رب المال ماله إلى الذي يعمل له فيه فإن بدا لأحدهما أن يترك ذلك والمال ناض لم يشتر به شيئًا تركه) لأن عقده غير لازم بإجماع ( وأخذ صاحب المال ماله وإن بدا لرب المال أن يقبضه بعد أن يشتري به سلعة فليس ذلك له حتى يباع ويصير عينًا) لتعلق حق العامل بالربح ( فإن بدا للعامل أن يرده وهو عرض لم يكن ذلك له حتى يبيعه فيرده عينًا كما أخذه) لتعلق حق ربه بذلك وحاصله أن لكل فسخه قبل العمل لا بعده حتى يعود عينًا كما أخذه ( ولا يصلح لمن دفع إلى رجل مالاً قراضًا أن يشترط عليه الزكاة في حصته من الربح خاصة لأن رب المال إذا اشترط ذلك فقد اشترط لنفسه فضلاً) زيادة ( من الربح ثابتًا فيما سقط عنه من حصة الزكاة التي تصيبه) تلزمه ( من حصته) ولأنه لا يدري كم يكون المال حين وجوب الزكاة وربما هلك كله أو بعضه ( ولا يجوز لرجل أن يشترط على من قارضه أن لا يشتري إلا من فلان لرجل يسميه فذلك غير جائز لأنه يصير له أجيرًا) وفي نسخة رسولاً ( بأجر ليس بمعروف) وسواء كان ذلك الرجل موسرًا لا تعدم عنده السلع أو معسرًا فإن وقع فسخ فإن فات صح بما يصح به القراض الفاسد قاله ابن نافع وأجازه أبو حنيفة.

( قال مالك في الرجل يدفع إلى رجل مالاً قراضًا ويشترط على الذي دفع إليه المال الضمان قال: لا يجوز لصاحب المال أن يشترط في ماله غير ما وضع القراض عليه وما مضى من سنة المسلمين فيه) ولا خلاف بينهم أن القراض على الأمانة لا على الضمان ( فإن نما المال على شرط الضمان كان قد ازداد في حقه من الربح من أجل موضع الضمان) وذلك لا يجوز ( وإنما يقتسمان الربح على ما لو أعطاه على غير ضمان وإن تلف المال لم أر على الذي أخذه ضمانًا لأن شرط الضمان في القراض باطل) فإن دفع على الضمان فسخ ما لم يعمل فإن عمل بطل الشرط وردّ إلى قراض مثله عند مالك وعنه إلى أجرة مثله وقاله الشافعي.
وقال أبو حنيفة القراض جائز والشرط باطل.

( قال مالك في رجل دفع إلى رجل مالاً قراضًا واشترط عليه أن لا يبتاع به إلا نخلاً أو دواب لأجل أنه يطلب ثمر النخل أو نسل الدواب ويحبس رقابها قال مالك: لا يجوز هذا وليس هذا من سنة المسلمين في القراض) وبه قال سائر الفقهاء فإن وقع لم يصح وله أجر مثله فيما اشتراه والدواب والنخل لرب المال قاله أبو عمر ولا يجوز ( إلا أن يشتري ذلك ثم يبيعه كما يباع غيره من السلع) لأن الذي يعامل عليه في القراض هو التجارة دون السقي والقيام على الدواب لأنها تنمو بلا عمل، ولأن العامل قد يربح ببيع الرقاب فيكون ممنوعًا منه وهو المقصود بالقراض قاله الباجي ( ولا بأس أن يشترط المقارض على رب المال غلامًا يعينه به على أن يقوم معه الغلام في المال إذا لم يعد) بفتح فسكون ( أن يعينه في المال لا يعينه في غيره) .



رقم الحديث 1438 وَحَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: لَا يُمْنَعُ فَضْلُ الْمَاءِ لِيُمْنَعَ بِهِ الْكَلَأُ.


القضاء في المياه

( مالك عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو) بفتح العين ( ابن حزم) الأنصاري ( أنه بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال) وفي نسخة قضى ( في سيل مهزور) بفتح الميم وإسكان الهاء وضم الزاي وسكون الواو آخره راء ( ومذينب) بضم الميم وفتح الذال المعجمة وتحتية ساكنة ونون مكسورة وموحدة واديان يسيلان بالمطر بالمدينة يتنافس أهل المدينة في سيلهما ( يمسك) سيلهما فهو مبني للمفعول أي يمسكه الأعلى أي الأقرب إلى الماء فيسقي زرعه أو حديقته ( حتى الكعبين) هكذا ضبط في نسخة صحيحة بالبناء للمجهول فإن كان رواية وإلا فيصح ضبطه للفاعل وهو الأعلى في قوله ( ثم يرسل الأعلى) الماء ( على الأسفل) الأبعد منه عن الماء قال ابن عبد البر لا أعلمه يتصل من وجه من الوجوه مع أنه حديث مدني مشهور عند أهل المدينة مستعمل عندهم معروف معمول به قال وسئل البزار عنه فقال لست أحفظ فيه بهذا اللفظ عن النبي صلى الله عليه وسلم حديثا يثبت اهـ وهو تقصير شديد من مثلهما فله إسناد موصول عن عائشة عند الدارقطني في الغرائب والحاكم وصححاه وأخرجه أبو داود وابن ماجه من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده وإسناده حسن وأخرج ابن ماجه نحوه من حديث ثعلبة بن أبي مالك القرظي وقال البيهقي إنه مرسل ثعلبة من الطبقة الأولى من تابعي أهل المدينة قال الباجي اختلف أصحابنا في معنى الحديث فروى ابن حبيب عن ابن وهب ومطرف وابن الماجشون يرسل صاحب الحائط الأعلى جميع الماء في حائطه ويسقي حتى إذا بلغ الماء في الحائط إلى كعبي من يقوم فيه أغلق مدخل الماء وروى عيسى في المدنية عن ابن وهب يسقي الأول حتى يروي حائطه ثم يمسك بعد ريه ما كان من الكعبين إلى أسفل ثم يرسل وروى زياد عن مالك يجري الأول من الماء في ساقيته إلى حائطه قدر ما يكون الماء في الساقية حتى يروي حائطه أو يفنى الماء فإذا روى أرسله كله قال ابن مزين هذا أحسن ما سمعت وقال ابن كنانة بلغنا أنه إذا سقى بالسيل الزرع أمسك حتى يبلغ الماء شراك النعل وإذا سقى النخل والشجر وما له أصل حتى يبلغ الكعبين وأحب إلينا أن يمسك في الزرع وغيره حتى يبلغ الكعبين لأنه أبلغ في الري ( مالك عن أبي الزناد) بكسر الزاي وخفة النون عبد الله بن ذكوان ( عن الأعرج) عبد الرحمن بن هرمز ( عن أبي هريرة) رضي الله عنه ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا يمنع) بضم أوله مبنيا للمفعول خبر بمعنى النهي ( فضل الماء) زاد في رواية أحمد بعد أن يستغنى عنه ( ليمنع) مبني للمفعول أيضا ( به الكلأ) بفتح الكاف واللام بعدها همزة مقصورة اسم لجميع النبات ثم الأخضر منه يسمى الرطب بضم الراء وسكون الطاء والكلأ اليابس يسمى حشيشا ومنه يقال للناقة أحشت ولدها إذا ألقته يابسا وحشت يد فلان إذا يبست ومعنى الحديث أن من سبق الماء بفلاة وكان حول ذلك الماء كلأ لا يوصل إلى رعيه إلا إذا كانت المواشي ترد ذلك الماء فنهى صاحب الماء أن يمنع فضله لأنه إذا منعت منه منعت من رعي ذلك الكلأ والكلأ لا يمنع لما فيه من الإضرار بالناس قاله عياض قال القرطبي واللام للعاقبة مثلها في قوله تعالى { { فالتقطه آل فرعون } } الآية والحديث حجة لنا في القول بسد الذرائع لأنه إنما نهى عن منع فضل الماء لما يؤدي إليه من منع الكلأ اهـ وسبقه إليه الباجي وقد ورد التصريح في بعض طرق الحديث بالنهي عن منع الكلأ فصحح ابن حبان من رواية أبي سعيد مولى بني غفار عن أبي هريرة مرفوعا لا تمنعوا فضل الماء ولا تمنعوا الكلأ فيهزل المال وتجوع العيال وهو محمول على غير المملوك وهو الكلأ النابت في الموات فمنعه مجرد ظلم إذ الناس فيه سواء أما الكلأ النابت في أرضه المملوكة له بالإحياء ففيه خلاف صحح ابن العربي وغيره الجواز وهو رواية ابن القاسم عن مالك في العتبية ومطرف عنه في الواضحة وأنكرها أشهب فلم يجز بيع الكلأ بمال وإن كان في أرضه ومرجه وحماه قال مالك في المجموعة والواضحة معنى الحديث في آبار الماشية التي في الفلوات وفي كتاب ابن سحنون عن ابن القاسم وأشهب ذلك في الأرض ينزلها للرعي لا للعمارة فهو والناس في الرعي سواء ولكن يبدؤن بمالهم الباجي بئر الماشية ما حفرها الرجل في غير ملكه في البراري والقفار لشرب ماشيته ويبيح فضلها للناس فاتفق مالك وأصحابه أنه لا يمنع فضلها قال مالك في المدونة لا يباع بئر الماشية ما حفر منها في جاهلية ولا إسلام وإن حفرت في قرب ابن القاسم يريد قرب المنازل إذا حفرها للصدقة فما فضل منها فالناس فيه سواء أما من حفرها لبيع مائها أو سقي ماشيته لا للصدقة فلا بأس ببيعها اهـ والنهي للتحريم عند مالك والشافعي والليث والأوزاعي وقال غيرهم هو من باب المعروف والحديث رواه البخاري في الشرب عن عبد الله بن يوسف وفي ترك الحيل عن إسماعيل ومسلم في البيع عن يحيى ثلاثتهم عن مالك به ( مالك عن أبي الرجال) بالجيم ( محمد بن عبد الرحمن) بن حارثة الأنصاري ( عن أمه عمرة بنت عبد الرحمن) بن سعد بن زرارة الأنصارية ( أنها أخبرته) مرسلا ووصله أبو قرة موسى بن طارق وسعيد بن عبد الرحمن الجمحي كلاهما عن مالك عن أبي الرجال عن أمه عن عائشة ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا يمنع) بالبناء للمفعول ( نقع بئر) بفتح النون وإسكان القاف ومهملة زاد بعض الرواة عن مالك يعني فضل مائها قال الهروي قيل له نقع لأنه ينقع به أي يروى به يقال نقع بالري وشرب حتى نقع قال الباجي ويروى وهو ماء قال مالك في المجموعة وغيرها معناه فضل ماء قال أبو الرجال النقع والرهو هو الماء الواقف الذي لا يسقى عليه أو يسقى وفيه فضل وقال ابن حبيب عن مطرف عن مالك معناه البئر بين الشريكين يسقي هذا يوما وهذا يوما ويستغني أحدهما يومه أو بعضه عن السقي فيريد صاحبه السقي به فليس له منعه مما لا ينفعه حبسه ولا يضره تركه فإن احتاج من لا شرك له إلى فضل مائها فلا إلا أن تنهار بئره فيدخل في الحديث ويسقي بفضل ماء جاره إن زرع أو غرس على أصل ماء فانهار وخيف على زرعه أو غرسه وشرع في إصلاح ما انهار وفضل عن حاجة صاحب الماء.



رقم الحديث 1439 قَالَ يَحْيَى: قَالَ مَالِكٌ: لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يُقَارِضَ أَحَدًا إِلَّا فِي الْعَيْنِ لِأَنَّهُ لَا تَنْبَغِي الْمُقَارَضَةُ فِي الْعُرُوضِ، لِأَنَّ الْمُقَارَضَةَ فِي الْعُرُوضِ إِنَّمَا تَكُونُ عَلَى أَحَدِ وَجْهَيْنِ، إِمَّا أَنْ يَقُولَ لَهُ صَاحِبُ الْعَرْضِ، خُذْ هَذَا الْعَرْضَ فَبِعْهُ.
فَمَا خَرَجَ مِنْ ثَمَنِهِ فَاشْتَرِ بِهِ.
وَبِعْ عَلَى وَجْهِ الْقِرَاضِ.
فَقَدِ اشْتَرَطَ صَاحِبُ الْمَالِ فَضْلًا لِنَفْسِهِ مِنْ بَيْعِ سِلْعَتِهِ، وَمَا يَكْفِيهِ مِنْ مَئُونَتِهَا أَوْ يَقُولَ: اشْتَرِ بِهَذِهِ السِّلْعَةِ وَبِعْ.
فَإِذَا فَرَغْتَ فَابْتَعْ لِي مِثْلَ عَرْضِي الَّذِي دَفَعْتُ إِلَيْكَ.
فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ فَهُوَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ.
وَلَعَلَّ صَاحِبَ الْعَرْضِ أَنْ يَدْفَعَهُ إِلَى الْعَامِلِ فِي زَمَنٍ هُوَ فِيهِ نَافِقٌ.
كَثِيرُ الثَّمَنِ.
ثُمَّ يَرُدَّهُ الْعَامِلُ حِينَ يَرُدُّهُ وَقَدْ رَخُصَ.
فَيَشْتَرِيَهُ بِثُلُثِ ثَمَنِهِ.
أَوْ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ.
فَيَكُونُ الْعَامِلُ قَدْ رَبِحَ نِصْفَ مَا نَقَصَ مِنْ ثَمَنِ الْعَرْضِ.
فِي حِصَّتِهِ مِنَ الرِّبْحِ.
أَوْ يَأْخُذَ الْعَرْضَ فِي زَمَانٍ ثَمَنُهُ فِيهِ قَلِيلٌ.
فَيَعْمَلُ فِيهِ حَتَّى يَكْثُرَ الْمَالُ فِي يَدَيْهِ.
ثُمَّ يَغْلُو ذَلِكَ الْعَرْضُ وَيَرْتَفِعُ ثَمَنُهُ حِينَ يَرُدُّهُ.
فَيَشْتَرِيهِ بِكُلِّ مَا فِي يَدَيْهِ.
فَيَذْهَبُ عَمَلُهُ وَعِلَاجُهُ بَاطِلًا، فَهَذَا غَرَرٌ لَا يَصْلُحُ.
فَإِنْ جُهِلَ ذَلِكَ.
حَتَّى يَمْضِيَ نُظِرَ إِلَى قَدْرِ أَجْرِ الَّذِي دُفِعَ إِلَيْهِ الْقِرَاضُ، فِي بَيْعِهِ إِيَّاهُ، وَعِلَاجِهِ فَيُعْطَاهُ.
ثُمَّ يَكُونُ الْمَالُ قِرَاضًا مِنْ يَوْمَ نَضَّ الْمَالُ.
وَاجْتَمَعَ عَيْنًا.
وَيُرَدُّ إِلَى قِرَاضٍ مِثْلِهِ.



( القراض في العروض)

( قال مالك: لا ينبغي لأحد أن يقارض أحدًا إلا في العين لأنه لا تنبغي المقارضة في العروض لأن المقارضة في العروض إنما تكون على أحد وجهين) كل منهما ممنوع ( إما أن يقول له صاحب العرض: خذ هذا العرض فبعه فما خرج من ثمنه فاشتر به وبع على وجه القراض فقد اشترط صاحب المال فضلاً لنفسه من بيع سلعته وما يكفيه من مئونتها) ووافقه الشافعي وأجازه أبو حنيفة ( أو) يجعل العرض نفسه رأس المال وهو الوجه الثاني بأن ( يقول اشتر بهذه السلعة وبع فإذا فرغت فابتع لي مثل عرضي الذي دفعت إليك فإن فضل شيء فهو بيني وبينك) فلا يجوز وأجازه ابن أبي ليلى ( و) وجه المنع أنه ( لعل صاحب العرض أن يدفعه إلى العامل في زمن هو فيه نافق) رائج ( كثير الثمن ثم يردّه العامل حين يرده وقد رخص) بضم الخاء ( فيشتريه بثلث ثمنه أو أقل من ذلك فيكون العامل قد ربح نصف ما نقص من ثمن العرض في حصته من الربح أو يأخذ العرض في زمان ثمنه فيه قليل فيعمل فيه حتى يكثر المال في يديه ثم يغلو ذلك العرض ويرتفع ثمنه حين يرده فيشتريه بكل ما في يديه فيذهب عمله وعلاجه) عطف تفسير ( باطلاً) بلا شيء ( فهذا غرر لا يصلح) فيفسخ قبل العمل ( فإن جهل ذلك) واستمر ( حتى يمضي) ينقضي العمل ( نظر إلى قدر أجر الذي دفع إليه القراض في بيعه إياه وعلاجه فيعطاه ثم يكون المال قراضًا من يوم نض المال واجتمع عينًا) تفسير لنض ( ويرد إلى قراض مثله) وهذا بيان شاف لكراهة القراض بالعروض لا يشكل على من له أدنى تأمل قاله أبو عمر.



رقم الحديث 1439 وحَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ أَبِي الرِّجَالِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أُمِّهِ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّهَا أَخْبَرَتْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: لَا يُمْنَعُ نَقْعُ بِئْرٍ.


القضاء في المياه

( مالك عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو) بفتح العين ( ابن حزم) الأنصاري ( أنه بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال) وفي نسخة قضى ( في سيل مهزور) بفتح الميم وإسكان الهاء وضم الزاي وسكون الواو آخره راء ( ومذينب) بضم الميم وفتح الذال المعجمة وتحتية ساكنة ونون مكسورة وموحدة واديان يسيلان بالمطر بالمدينة يتنافس أهل المدينة في سيلهما ( يمسك) سيلهما فهو مبني للمفعول أي يمسكه الأعلى أي الأقرب إلى الماء فيسقي زرعه أو حديقته ( حتى الكعبين) هكذا ضبط في نسخة صحيحة بالبناء للمجهول فإن كان رواية وإلا فيصح ضبطه للفاعل وهو الأعلى في قوله ( ثم يرسل الأعلى) الماء ( على الأسفل) الأبعد منه عن الماء قال ابن عبد البر لا أعلمه يتصل من وجه من الوجوه مع أنه حديث مدني مشهور عند أهل المدينة مستعمل عندهم معروف معمول به قال وسئل البزار عنه فقال لست أحفظ فيه بهذا اللفظ عن النبي صلى الله عليه وسلم حديثا يثبت اهـ وهو تقصير شديد من مثلهما فله إسناد موصول عن عائشة عند الدارقطني في الغرائب والحاكم وصححاه وأخرجه أبو داود وابن ماجه من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده وإسناده حسن وأخرج ابن ماجه نحوه من حديث ثعلبة بن أبي مالك القرظي وقال البيهقي إنه مرسل ثعلبة من الطبقة الأولى من تابعي أهل المدينة قال الباجي اختلف أصحابنا في معنى الحديث فروى ابن حبيب عن ابن وهب ومطرف وابن الماجشون يرسل صاحب الحائط الأعلى جميع الماء في حائطه ويسقي حتى إذا بلغ الماء في الحائط إلى كعبي من يقوم فيه أغلق مدخل الماء وروى عيسى في المدنية عن ابن وهب يسقي الأول حتى يروي حائطه ثم يمسك بعد ريه ما كان من الكعبين إلى أسفل ثم يرسل وروى زياد عن مالك يجري الأول من الماء في ساقيته إلى حائطه قدر ما يكون الماء في الساقية حتى يروي حائطه أو يفنى الماء فإذا روى أرسله كله قال ابن مزين هذا أحسن ما سمعت وقال ابن كنانة بلغنا أنه إذا سقى بالسيل الزرع أمسك حتى يبلغ الماء شراك النعل وإذا سقى النخل والشجر وما له أصل حتى يبلغ الكعبين وأحب إلينا أن يمسك في الزرع وغيره حتى يبلغ الكعبين لأنه أبلغ في الري ( مالك عن أبي الزناد) بكسر الزاي وخفة النون عبد الله بن ذكوان ( عن الأعرج) عبد الرحمن بن هرمز ( عن أبي هريرة) رضي الله عنه ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا يمنع) بضم أوله مبنيا للمفعول خبر بمعنى النهي ( فضل الماء) زاد في رواية أحمد بعد أن يستغنى عنه ( ليمنع) مبني للمفعول أيضا ( به الكلأ) بفتح الكاف واللام بعدها همزة مقصورة اسم لجميع النبات ثم الأخضر منه يسمى الرطب بضم الراء وسكون الطاء والكلأ اليابس يسمى حشيشا ومنه يقال للناقة أحشت ولدها إذا ألقته يابسا وحشت يد فلان إذا يبست ومعنى الحديث أن من سبق الماء بفلاة وكان حول ذلك الماء كلأ لا يوصل إلى رعيه إلا إذا كانت المواشي ترد ذلك الماء فنهى صاحب الماء أن يمنع فضله لأنه إذا منعت منه منعت من رعي ذلك الكلأ والكلأ لا يمنع لما فيه من الإضرار بالناس قاله عياض قال القرطبي واللام للعاقبة مثلها في قوله تعالى { { فالتقطه آل فرعون } } الآية والحديث حجة لنا في القول بسد الذرائع لأنه إنما نهى عن منع فضل الماء لما يؤدي إليه من منع الكلأ اهـ وسبقه إليه الباجي وقد ورد التصريح في بعض طرق الحديث بالنهي عن منع الكلأ فصحح ابن حبان من رواية أبي سعيد مولى بني غفار عن أبي هريرة مرفوعا لا تمنعوا فضل الماء ولا تمنعوا الكلأ فيهزل المال وتجوع العيال وهو محمول على غير المملوك وهو الكلأ النابت في الموات فمنعه مجرد ظلم إذ الناس فيه سواء أما الكلأ النابت في أرضه المملوكة له بالإحياء ففيه خلاف صحح ابن العربي وغيره الجواز وهو رواية ابن القاسم عن مالك في العتبية ومطرف عنه في الواضحة وأنكرها أشهب فلم يجز بيع الكلأ بمال وإن كان في أرضه ومرجه وحماه قال مالك في المجموعة والواضحة معنى الحديث في آبار الماشية التي في الفلوات وفي كتاب ابن سحنون عن ابن القاسم وأشهب ذلك في الأرض ينزلها للرعي لا للعمارة فهو والناس في الرعي سواء ولكن يبدؤن بمالهم الباجي بئر الماشية ما حفرها الرجل في غير ملكه في البراري والقفار لشرب ماشيته ويبيح فضلها للناس فاتفق مالك وأصحابه أنه لا يمنع فضلها قال مالك في المدونة لا يباع بئر الماشية ما حفر منها في جاهلية ولا إسلام وإن حفرت في قرب ابن القاسم يريد قرب المنازل إذا حفرها للصدقة فما فضل منها فالناس فيه سواء أما من حفرها لبيع مائها أو سقي ماشيته لا للصدقة فلا بأس ببيعها اهـ والنهي للتحريم عند مالك والشافعي والليث والأوزاعي وقال غيرهم هو من باب المعروف والحديث رواه البخاري في الشرب عن عبد الله بن يوسف وفي ترك الحيل عن إسماعيل ومسلم في البيع عن يحيى ثلاثتهم عن مالك به ( مالك عن أبي الرجال) بالجيم ( محمد بن عبد الرحمن) بن حارثة الأنصاري ( عن أمه عمرة بنت عبد الرحمن) بن سعد بن زرارة الأنصارية ( أنها أخبرته) مرسلا ووصله أبو قرة موسى بن طارق وسعيد بن عبد الرحمن الجمحي كلاهما عن مالك عن أبي الرجال عن أمه عن عائشة ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا يمنع) بالبناء للمفعول ( نقع بئر) بفتح النون وإسكان القاف ومهملة زاد بعض الرواة عن مالك يعني فضل مائها قال الهروي قيل له نقع لأنه ينقع به أي يروى به يقال نقع بالري وشرب حتى نقع قال الباجي ويروى وهو ماء قال مالك في المجموعة وغيرها معناه فضل ماء قال أبو الرجال النقع والرهو هو الماء الواقف الذي لا يسقى عليه أو يسقى وفيه فضل وقال ابن حبيب عن مطرف عن مالك معناه البئر بين الشريكين يسقي هذا يوما وهذا يوما ويستغني أحدهما يومه أو بعضه عن السقي فيريد صاحبه السقي به فليس له منعه مما لا ينفعه حبسه ولا يضره تركه فإن احتاج من لا شرك له إلى فضل مائها فلا إلا أن تنهار بئره فيدخل في الحديث ويسقي بفضل ماء جاره إن زرع أو غرس على أصل ماء فانهار وخيف على زرعه أو غرسه وشرع في إصلاح ما انهار وفضل عن حاجة صاحب الماء.