فهرس الكتاب

شرح الزرقاني - بَابُ جَوَازِ وَصِيَّةِ الصَّغِيرِ وَالضَّعِيفِ وَالْمُصَابِ وَالسَّفِيهِ

رقم الحديث 1465 وَحَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ حَزْمٍ أَنَّ غُلَامًا مِنْ غَسَّانَ، حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ بِالْمَدِينَةِ، وَوَارِثُهُ بِالشَّامِ، فَذُكِرَ ذَلِكَ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَقِيلَ لَهُ: إِنَّ فُلَانًا يَمُوتُ أَفَيُوصِي؟ قَالَ: فَلْيُوصِ قَالَ يحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَكَانَ الْغُلَامُ ابْنَ عَشْرِ سِنِينَ أَوِ اثْنَتَيْ عَشَرَةَ سَنَةً، قَالَ: فَأَوْصَى بِبِئْرِ جُشَمٍ فَبَاعَهَا أَهْلُهَا بِثَلَاثِينَ أَلْفَ دِرْهَمٍ قَالَ يَحْيَى: سَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ: الْأَمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا.
أَنَّ الضَّعِيفَ فِي عَقْلِهِ، وَالسَّفِيهَ، وَالْمُصَابَ الَّذِي يُفِيقُ أَحْيَانًا.
تَجُوزُ وَصَايَاهُمْ.
إِذَا كَانَ مَعَهُمْ مِنْ عُقُولِهِمْ، مَا يَعْرِفُونَ مَا يُوصُونَ بِهِ.
فَأَمَّا مَنْ لَيْسَ مَعَهُ مِنْ عَقْلِهِ مَا يَعْرِفُ بِذَلِكَ مَا يُوصِي بِهِ، وَكَانَ مَغْلُوبًا عَلَى عَقْلِهِ، فَلَا وَصِيَّةَ لَهُ.


جواز وصية الصغير والضعيف والمصاب والسفيه

( مالك عن عبد الله بن أبي بكر) محمد بن عمرو ( ابن حزم) بمهملة وزاي ( عن أبيه) أبي بكر اسمه وكنيته واحد ( أن عمرو) بفتح العين ( ابن سليم) بضم السين ( الزرقي) بضم الزاي نسبة إلى بني زريق بطن من الأنصار من كبار التابعين ويقال له رؤية وأبوه صحابي ( أخبره أنه قيل لعمر بن الخطاب إن هاهنا) بالمدينة ( غلاما يفاعا) بفتح التحتية والفاء بزنة كلام مرتفعا ( لم يحتلم من غسان) بفتح الغين المعجمة وشد السين المهملة قبيلة من الأزد ( ووارثه بالشام وهو ذو مال وليس له ههنا إلا ابنة عم له) فهل يوصي لها ( فقال عمر بن الخطاب فليوص لها قال) عمرو ( فأوصى لها بمال يقال له بئر جشم) بضم الجيم وفتح الشين المعجمة ( قال عمرو بن سليم فبيع ذلك المال بثلاثين ألف درهم وابنة عمه) أي الغلام ( التي أوصى لها هي أم عمرو بن سليم الزرقي) راوي الخبر المذكور ( مالك عن يحيى بن سعيد) الأنصاري ( عن أبي بكر بن حزم أن غلاما من غسان حضرته الوفاة بالمدينة ووارثه بالشام فذكر) بضم الذال ( ذلك لعمر بن الخطاب فقيل له إن فلانا يموت أفيوصي قال فليوص قال يحيى بن سعيد قال أبو بكر وكان الغلام ابن عشر سنين أو ثنتي عشرة سنة قال فأوصى ببئر جشم) لابنة عمه أم عمرو كما في الطريق الأولى ( فباعها أهلها) أي التي أوصى إليها بها ( بثلاثين ألف درهم) فضة وذكر الإمام هذه الطريق الثانية لما فيها من بيان سن الغلام ولم يذكر أبو بكر فيها من أخبره بذلك وهو عمرو بن سليم فقد حدث به على الوجهين وفيه صحة وصية الصبي المميز وبه قال مالك وقيده بما إذا عقل ولم يخلط وأحمد وقيده بابن سبع وعنه بعشر والشافعي في قول رجحه جماعة ومال إليه السبكي وأيده بأن الوارث لا حق له في الثلث فلا وجه لمنع وصية الصبي المميز ومنعها الحنفية والشافعي في الأظهر عنه وذكر البيهقي عنه أنه علق القول به على صحة أثر عمر وهو صحيح فإن رجاله ثقات وله شاهد ( مالك الأمر عندنا أن الضعيف في عقله والسفيه) المبذر للمال ( والمصاب) المجنون ( الذي يفيق أحيانا تجوز وصاياهم إذا كان معهم من عقولهم ما) أي تمييز ( يعرفون ما يوصون به فأما من ليس معه من عقله ما يعرف بذلك ما يوصي به وكان مغلوبا على عقله فلا وصية له) صحيحة وحاصله أن المدار على التمييز.