فهرس الكتاب

شرح الزرقاني - بَابُ مَا يَجِبُ فِيهِ الْقَطْعُ

رقم الحديث 1533 حَدَّثَنِي مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَطَعَ فِي مِجَنٍّ ثَمَنُهُ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ.


( ما يجب فيه القطع)

( مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر) رضي الله عنهما ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قطع) يد سارق فحذف المفعول أي أمر بقطعه ( في) سببية ( مجن) بكسر الميم وفتح الجيم وشد النون مفعل من الاجتنان وهو الاستتار والاختفاء مما يحاذره المستتر وكسرت ميمه لأنه آلة قال عمر بن أبي ربيعة

وكان مجني دون من كنت أتقي
ثلاث شخوص كاعبان ومعصر

وحذف الهاء من ثلاثة مع أنه عدد شخوص حملاً على المعنى لأنه أراد بشخوص المرأة فأنث العدد لذلك يريد أنه استتر بثلاث نسوة عن أعين الرقباء واستظهر في محل التخلص منهم بهن والكاعب التي نهد ثديها والمعصر الداخلة في عصر شبابها ( ثمنه) مبتدأ خبره ( ثلاثة دراهم) فضة هكذا رواه الأكثر عن نافع ثمنه ورواه الليث عنه بلفظ قيمته وهو المراد بالثمن هنا وأصل الثمن ما يقابل به الشيء في عقد البيع فأطلق على القيمة ثمنًا مجازًا أو لتساويهما في ذلك الوقت أو في ظن الراوي أو باعتبار الغلبة قال ابن عبد البر هذا الحديث أصح حديث روي في ذلك وأخرجه البخاري عن إسماعيل ومسلم عن يحيى كلاهما عن مالك به وتابعه جويرية بن أسماء وموسى بن عتبة وعبيد الله بن عمر عند البخاري ومحمد بن إسحاق عند الإسماعيلي كلهم بلفظ ثمنه والليث بن سعد عند مسلم بلفظ قيمته كلهم عن نافع به ( مالك عن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي حسين) بن الحارث بن عامر بن نوفل ( المكي) النوفلي ثقة عالم بالمناسك من رجال الجميع تابعي صغير قال أبو عمر لم تختلف رواة الموطأ في إرساله ويتصل معناه من حديث عبد الله بن عمرو وغيره ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا قطع في ثمر) بفتح المثلثة والميم ( معلق) بالنخل والشجر قيل ( أن) يجذ ويحرز ( ولا في حريسة جبل) قال ابن الأثير أي ليس فيما يحرس بالجبل إذا سرق قطع لأنه ليس بحرز وحريسة فعيلة بمعنى مفعولة أي أن لها من يحرسها ويحفظها ومنهم من يجعل الحريسة السرقة نفسها أي ليس فيما يسرق من الماشية بالجبل قطع ( فإذا آواه المراح) بضم الميم وحاء مهملة موضع مبيت الغنم ( أو الجرين) بفتح الجيم وكسر الراء الموضع يجفف فيه الثمار والجمع جرن كبريد وبرد ففيه لف ونشر غير مرتب ( فالقطع فيما بلغ ثمن المجن) ثلاثة دراهم بين صلى الله عليه وسلم الحالة التي يجب فيها القطع وهي حالة كون المال في حرزه فلا قطع على من سرق من غير حرز إجماعًا إلا ما شذ به الحسن والظاهرية قال ابن العربي اتفقت الأمة على أن شرط القطع أن يكون المسروق محرزًا بحرز مثله ممنوعًا من الوصول إليه بمانع خلافًا لقول الظاهرية لا قطع في كل فاكهة رطبة ولو بحرزها وقاسوا على ذلك الأطعمة الرطبة التي لا تدخر قال وليس مقصود الحديث ما ذهبوا إليه بدليل قوله فإذا آواه إلخ فبين أن العلة كونه في غير حرز له ( مالك عن عبد الله بن أبي بكر) بن محمد بن عمرو بن حزم ( عن أبيه) أبي بكر ولا يعرف له اسم سواه ( عن عمرة بنت عبد الرحمن) بن سعد بن زرارة الأنصارية المدنية ( أن سارقًا سرق في زمان) أي خلافة ( عثمان بن عفان أترنجة) واحدة ترنج في لغة ضعيفة واللغة الصحيحة أترج بضم الهمزة وشد الجيم الواحدة أترجة وهي التي تكلم بها الفصحاء وارتضاه النحويون قاله الأزهري ( فأمر بها عثمان أن تقوم) لينظر هل تبلغ النصاب ( فقومت بثلاثة دراهم من صرف اثني عشر درهمًا بدينار فقطع عثمان يده) أي أمر بقطعها قال في المدونة وكانت تلك الأترجة تؤكل وروى عنه أشهب ولو كانت من ذهب لما قومها عثمان أي لأن الذهب لا يقوم وإنما يعتبر وزنه لأنه أصل الأثمان وقيم المتلفات ( مالك عن يحيى بن سعيد) الأنصاري ( عن عمرة) بفتح فسكون ( بنت عبد الرحمن) المدنية الأنصارية ( عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها قالت ما طال علي) أي الزمان ( وما) وفي نسخة ولا ( نسيت) حكم ما يقطع فيه السارق وهو ( القطع في ربع دينار فصاعدًا) من الذهب وهذا الحديث وإن كان ظاهره الوقف لكنه مشعر بالرفع وقد أخرجه الشيخان من طرق عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال تقطع يد السارق في ربع دينار فصاعدًا ( مالك عن عبد الله بن أبي بكر بن حزم) بمهملة وزاي نسبة لجده ( عن عمرة بنت عبد الرحمن أنها قالت خرجت عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم إلى مكة) في نسك ( ومعها مولاتان لها ومعها غلام) لم أقف على اسم أحد من الثلاثة ( لبني عبد الله بن أبي بكر الصديق) رضي الله عنهما ( فبعثت مع المولاتين ببرد مرجل) بالجيم والحاء أي عليه تصاوير الرجال أو الرحال كما أفاده أبو عبيد الهروي ومنع تصوير الحيوان إنما هو إذا تم تصويره وكان له ظل دائم وهذا مجرد وشي في البرد لا ظل له وليس بتام ( قد خيط عليه خرقة خضراء قالت فأخذ الغلام البرد ففتق عنه) نقض خياطته ( فاستخرجه وجعل مكانه لبدًا) بكسر فسكون ما يتلبد من شعر أو صوف ( أو فروة) بالهاء ويقال أيضًا بحذفها ما يلبس من جلد الغنم ونحوها شك الراوي ( وخاط عليه فلما قدمتا) بالألف على لغية ( المولاتان المدينة دفعتا ذلك إلى أهله فلما فتقوا عنه وجدوا فيه اللبدو ولم يجدوا البرد فكلموا المرأتين) أي المولاتين ( فكلمتا عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أو كتبتا إليها) شك الراوي ( واتهمتا) أي المرأتان ( العبد فسئل العبد عن ذلك فاعترف) بأنه سرقه ( فأمرت به عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم فقطعت يده وقالت عائشة القطع في ربع دينار فصاعدًا) من الذهب ( قال مالك أحب ما يجب فيه القطع) للسارق ( إلي) أي عندي ( ثلاثة دراهم) من الفضة ( وإن ارتفع) زاد ( الصرف أو اتضع) نقص ( وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قطع في) سرقة ( مجن) حجفة أو ترس كما في حديث عائشة عند الشيخين ( ثمنه ثلاثة دراهم) أي قيمته ( وأن عثمان بن عفان قطع في أترنجة) الفاكهة المأكولة ( قومت بثلاثة دراهم) فضة وكان الأترج في ذلك الزمان غاليًا ( وهذا أحب ما سمعت إلي في ذلك) يقتضي أنه سمع غيره وقد اختلف في قدر ما يقطع فيه السارق فقيل فيما كثر وقل تافهًا أو غيره وقيل إلا في التافه وقيل أربعون درهمًا أو أربعة دنانير وقيل درهمان وقيل ما زاد عليهما ولم يبلغ ثلاثة وقيل ثلاثة دراهم ويقوم ما عداها بها وقيل إن كان المسروق ذهبًا فربع دينار وإن كان غيره وبلغت قيمته ثلاثة دراهم قطع وإلا فلا ولو كان نصف دينار وهو قول مالك المعروف عند أصحابه ورواية عن أحمد والمشهور عنه إذا كان المسروق غير الذهب والفضة فالقطع إذا بلغت قيمته أحدهما وقيل ربع دينار أو ما بلغت قيمته من فضة أو عرض وهو مذهب الشافعي وقيل عشرة دراهم أو ما بلغ قيمتها من ذهب أو عرض وهو مذهب الحنفية وقيل غير ذلك.



رقم الحديث 1534 قَالَ يَحْيَى: سَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ: أَحْسَنُ مَا سَمِعْتُ فِي وَصِيَّةِ الْحَامِلِ وَفِي قَضَايَاهَا فِي مَالِهَا وَمَا يَجُوزُ لَهَا.
أَنَّ الْحَامِلَ كَالْمَرِيضِ.
فَإِذَا كَانَ الْمَرَضُ الْخَفِيفُ، غَيْرُ الْمَخُوفِ عَلَى صَاحِبِهِ، فَإِنَّ صَاحِبَهُ يَصْنَعُ فِي مَالِهِ مَا يَشَاءُ.
وَإِذَا كَانَ الْمَرَضُ الْمَخُوفُ عَلَيْهِ، لَمْ يَجُزْ لِصَاحِبِهِ شَيْءٌ إِلَّا فِي ثُلُثِهِ قَالَ: وَكَذَلِكَ الْمَرْأَةُ الْحَامِلُ أَوَّلُ.
حَمْلِهَا بِشْرٌ وَسُرُورٌ.
وَلَيْسَ بِمَرَضٍ وَلَا خَوْفٍ.
لِأَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى قَالَ فِي كِتَابِهِ: { { فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ } } وَقَالَ: { { حَمَلَتْ حَمْلًا خَفِيفًا فَمَرَّتْ بِهِ فَلَمَّا أَثْقَلَتْ دَعَوَا اللَّهَ رَبَّهُمَا لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالِحًا لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ } } فَالْمَرْأَةُ الْحَامِلُ إِذَا أَثْقَلَتْ لَمْ يَجُزْ لَهَا قَضَاءٌ إِلَّا فِي ثُلُثِهَا فَأَوَّلُ الْإِتْمَامِ سِتَّةُ أَشْهُرٍ.
قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فِي كِتَابِهِ: { { وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ } } وَقَالَ: { { وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا } } فَإِذَا مَضَتْ لِلْحَامِلِ سِتَّةُ أَشْهُرٍ مِنْ يَوْمَ حَمَلَتْ لَمْ يَجُزْ لَهَا قَضَاءٌ فِي مَالِهَا إِلَّا فِي الثُّلُثِ.
قَالَ: وَسَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ فِي الرَّجُلِ يَحْضُرُ الْقِتَالَ: إِنَّهُ إِذَا زَحَفَ فِي الصَّفِّ لِلْقِتَالِ، لَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يَقْضِيَ فِي مَالِهِ شَيْئًا.
إِلَّا فِي الثُّلُثِ.
وَإِنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْحَامِلِ وَالْمَرِيضِ الْمَخُوفِ عَلَيْهِ مَا كَانَ بِتِلْكَ الْحَالِ.



أمر الحامل والمريض والذي يحضر القتال في أموالهم

( مالك أحسن ما سمعت في وصية الحامل وفي قضاياها في مالها وما يجوز لها أن الحامل كالمريض فإذا كان) وجد ( المرض الخفيف غير المخوف) منه الموت ( على صاحبه فإن صاحبه يصنع في ماله ما يشاء) كالصحيح ( وإذا كان المرض المخوف عليه) الموت منه ( لم يجز لصاحبه) شيء ( إلا في ثلثه) لأن تصرفات المريض إنما هي فيه ( قال وكذلك الحامل أول حملها بشر) بكسر فسكون فرح وسرور وليس بمرض ولا خوف لأن الله تعالى قال في كتابه { { فبشرناها } } أي امرأة إبراهيم عليه السلام { { بإسحاق } } تحمل به بعد الكبر وهي ابنة تسع وتسعين سنة ولذا قالت { { يا ويلتي أألد وأنا عجوز } } { { ومن وراء } } بعد { { إسحاق يعقوب } } ابن إسحاق تعيش إلى أن تراه فجعل أول الحمل بشارة وفرحا فليس بمرض ( وقال) { { فلما تغشاها } } { { حملت حملا خفيفا } } هو النطفة { { فمرت به } } ذهبت وجاءت لخفته { { فلما أثقلت } } بكبر الولد في بطنها وإشفاقا أن يكون بهيمة { { دعوا } } أي آدم وحواء { { الله ربهما لئن آتيتنا } } ولدا ( صالحا) سويا { { لنكونن من الشاكرين } } لك عليه فسمى أول الحمل خفيفا وآخره ثقيلا ( قال والمرأة الحامل إذا أثقلت لم يجز لها قضاء إلا في ثلثها فأول الإتمام ستة أشهر) وهي مبدأ الثقل الذي يصيرها كالمريض قال الله تبارك وتعالى في كتابه { { والوالدات يرضعن } } أي ليرضعن { { أولادهن حولين } } عامين { { كاملين } } صفة مؤكدة وقال { { وحمله وفصاله } } من الرضاع { { ثلاثون شهرا } } ستة فأقل مدة الحمل والباقي أكثر مدة الرضاع ( فإذا مضت للحامل ستة أشهر من يوم حملت لم يجز لها قضاء) حكم ( في مالها إلا في الثلث) إلى أن تضع ( والرجل يحضر القتال إذا زحف في الصف للقتال لم يجز له أن يقضي في ماله شيئا إلا في الثلث وإنه بمنزلة الحامل) لستة أشهر ( والمريض المخوف عليه) الموت ( ما كان بتلك الحال) أي مدة كونه بها.



رقم الحديث 1534 وَحَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي حُسَيْنٍ الْمَكِّيِّ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: لَا قَطْعَ فِي ثَمَرٍ مُعَلَّقٍ.
وَلَا فِي حَرِيسَةِ جَبَلٍ فَإِذَا آوَاهُ الْمُرَاحُ أَوِ الْجَرِينُ فَالْقَطْعُ فِيمَا يَبْلُغُ ثَمَنَ الْمِجَنِّ.


( ما يجب فيه القطع)

( مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر) رضي الله عنهما ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قطع) يد سارق فحذف المفعول أي أمر بقطعه ( في) سببية ( مجن) بكسر الميم وفتح الجيم وشد النون مفعل من الاجتنان وهو الاستتار والاختفاء مما يحاذره المستتر وكسرت ميمه لأنه آلة قال عمر بن أبي ربيعة

وكان مجني دون من كنت أتقي
ثلاث شخوص كاعبان ومعصر

وحذف الهاء من ثلاثة مع أنه عدد شخوص حملاً على المعنى لأنه أراد بشخوص المرأة فأنث العدد لذلك يريد أنه استتر بثلاث نسوة عن أعين الرقباء واستظهر في محل التخلص منهم بهن والكاعب التي نهد ثديها والمعصر الداخلة في عصر شبابها ( ثمنه) مبتدأ خبره ( ثلاثة دراهم) فضة هكذا رواه الأكثر عن نافع ثمنه ورواه الليث عنه بلفظ قيمته وهو المراد بالثمن هنا وأصل الثمن ما يقابل به الشيء في عقد البيع فأطلق على القيمة ثمنًا مجازًا أو لتساويهما في ذلك الوقت أو في ظن الراوي أو باعتبار الغلبة قال ابن عبد البر هذا الحديث أصح حديث روي في ذلك وأخرجه البخاري عن إسماعيل ومسلم عن يحيى كلاهما عن مالك به وتابعه جويرية بن أسماء وموسى بن عتبة وعبيد الله بن عمر عند البخاري ومحمد بن إسحاق عند الإسماعيلي كلهم بلفظ ثمنه والليث بن سعد عند مسلم بلفظ قيمته كلهم عن نافع به ( مالك عن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي حسين) بن الحارث بن عامر بن نوفل ( المكي) النوفلي ثقة عالم بالمناسك من رجال الجميع تابعي صغير قال أبو عمر لم تختلف رواة الموطأ في إرساله ويتصل معناه من حديث عبد الله بن عمرو وغيره ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا قطع في ثمر) بفتح المثلثة والميم ( معلق) بالنخل والشجر قيل ( أن) يجذ ويحرز ( ولا في حريسة جبل) قال ابن الأثير أي ليس فيما يحرس بالجبل إذا سرق قطع لأنه ليس بحرز وحريسة فعيلة بمعنى مفعولة أي أن لها من يحرسها ويحفظها ومنهم من يجعل الحريسة السرقة نفسها أي ليس فيما يسرق من الماشية بالجبل قطع ( فإذا آواه المراح) بضم الميم وحاء مهملة موضع مبيت الغنم ( أو الجرين) بفتح الجيم وكسر الراء الموضع يجفف فيه الثمار والجمع جرن كبريد وبرد ففيه لف ونشر غير مرتب ( فالقطع فيما بلغ ثمن المجن) ثلاثة دراهم بين صلى الله عليه وسلم الحالة التي يجب فيها القطع وهي حالة كون المال في حرزه فلا قطع على من سرق من غير حرز إجماعًا إلا ما شذ به الحسن والظاهرية قال ابن العربي اتفقت الأمة على أن شرط القطع أن يكون المسروق محرزًا بحرز مثله ممنوعًا من الوصول إليه بمانع خلافًا لقول الظاهرية لا قطع في كل فاكهة رطبة ولو بحرزها وقاسوا على ذلك الأطعمة الرطبة التي لا تدخر قال وليس مقصود الحديث ما ذهبوا إليه بدليل قوله فإذا آواه إلخ فبين أن العلة كونه في غير حرز له ( مالك عن عبد الله بن أبي بكر) بن محمد بن عمرو بن حزم ( عن أبيه) أبي بكر ولا يعرف له اسم سواه ( عن عمرة بنت عبد الرحمن) بن سعد بن زرارة الأنصارية المدنية ( أن سارقًا سرق في زمان) أي خلافة ( عثمان بن عفان أترنجة) واحدة ترنج في لغة ضعيفة واللغة الصحيحة أترج بضم الهمزة وشد الجيم الواحدة أترجة وهي التي تكلم بها الفصحاء وارتضاه النحويون قاله الأزهري ( فأمر بها عثمان أن تقوم) لينظر هل تبلغ النصاب ( فقومت بثلاثة دراهم من صرف اثني عشر درهمًا بدينار فقطع عثمان يده) أي أمر بقطعها قال في المدونة وكانت تلك الأترجة تؤكل وروى عنه أشهب ولو كانت من ذهب لما قومها عثمان أي لأن الذهب لا يقوم وإنما يعتبر وزنه لأنه أصل الأثمان وقيم المتلفات ( مالك عن يحيى بن سعيد) الأنصاري ( عن عمرة) بفتح فسكون ( بنت عبد الرحمن) المدنية الأنصارية ( عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها قالت ما طال علي) أي الزمان ( وما) وفي نسخة ولا ( نسيت) حكم ما يقطع فيه السارق وهو ( القطع في ربع دينار فصاعدًا) من الذهب وهذا الحديث وإن كان ظاهره الوقف لكنه مشعر بالرفع وقد أخرجه الشيخان من طرق عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال تقطع يد السارق في ربع دينار فصاعدًا ( مالك عن عبد الله بن أبي بكر بن حزم) بمهملة وزاي نسبة لجده ( عن عمرة بنت عبد الرحمن أنها قالت خرجت عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم إلى مكة) في نسك ( ومعها مولاتان لها ومعها غلام) لم أقف على اسم أحد من الثلاثة ( لبني عبد الله بن أبي بكر الصديق) رضي الله عنهما ( فبعثت مع المولاتين ببرد مرجل) بالجيم والحاء أي عليه تصاوير الرجال أو الرحال كما أفاده أبو عبيد الهروي ومنع تصوير الحيوان إنما هو إذا تم تصويره وكان له ظل دائم وهذا مجرد وشي في البرد لا ظل له وليس بتام ( قد خيط عليه خرقة خضراء قالت فأخذ الغلام البرد ففتق عنه) نقض خياطته ( فاستخرجه وجعل مكانه لبدًا) بكسر فسكون ما يتلبد من شعر أو صوف ( أو فروة) بالهاء ويقال أيضًا بحذفها ما يلبس من جلد الغنم ونحوها شك الراوي ( وخاط عليه فلما قدمتا) بالألف على لغية ( المولاتان المدينة دفعتا ذلك إلى أهله فلما فتقوا عنه وجدوا فيه اللبدو ولم يجدوا البرد فكلموا المرأتين) أي المولاتين ( فكلمتا عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أو كتبتا إليها) شك الراوي ( واتهمتا) أي المرأتان ( العبد فسئل العبد عن ذلك فاعترف) بأنه سرقه ( فأمرت به عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم فقطعت يده وقالت عائشة القطع في ربع دينار فصاعدًا) من الذهب ( قال مالك أحب ما يجب فيه القطع) للسارق ( إلي) أي عندي ( ثلاثة دراهم) من الفضة ( وإن ارتفع) زاد ( الصرف أو اتضع) نقص ( وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قطع في) سرقة ( مجن) حجفة أو ترس كما في حديث عائشة عند الشيخين ( ثمنه ثلاثة دراهم) أي قيمته ( وأن عثمان بن عفان قطع في أترنجة) الفاكهة المأكولة ( قومت بثلاثة دراهم) فضة وكان الأترج في ذلك الزمان غاليًا ( وهذا أحب ما سمعت إلي في ذلك) يقتضي أنه سمع غيره وقد اختلف في قدر ما يقطع فيه السارق فقيل فيما كثر وقل تافهًا أو غيره وقيل إلا في التافه وقيل أربعون درهمًا أو أربعة دنانير وقيل درهمان وقيل ما زاد عليهما ولم يبلغ ثلاثة وقيل ثلاثة دراهم ويقوم ما عداها بها وقيل إن كان المسروق ذهبًا فربع دينار وإن كان غيره وبلغت قيمته ثلاثة دراهم قطع وإلا فلا ولو كان نصف دينار وهو قول مالك المعروف عند أصحابه ورواية عن أحمد والمشهور عنه إذا كان المسروق غير الذهب والفضة فالقطع إذا بلغت قيمته أحدهما وقيل ربع دينار أو ما بلغت قيمته من فضة أو عرض وهو مذهب الشافعي وقيل عشرة دراهم أو ما بلغ قيمتها من ذهب أو عرض وهو مذهب الحنفية وقيل غير ذلك.



رقم الحديث 1535 قَالَ يَحْيَى: سَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ: فِي هَذِهِ الْآيَةِ إِنَّهَا مَنْسُوخَةٌ.
قَوْلُ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: { { إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ } } نَسَخَهَا مَا نَزَلَ مِنْ قِسْمَةِ الْفَرَائِضِ فِي كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ.
قَالَ: وسَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ: السُّنَّةُ الثَّابِتَةُ عِنْدَنَا الَّتِي لَا اخْتِلَافَ فِيهَا.
أَنَّهُ لَا تَجُوزُ وَصِيَّةٌ لِوَارِثٍ.
إِلَّا أَنْ يُجِيزَ لَهُ ذَلِكَ وَرَثَةُ الْمَيِّتِ وَأَنَّهُ إِنْ أَجَازَ لَهُ بَعْضُهُمْ.
وَأَبَى بَعْضٌ.
جَازَ لَهُ حَقُّ مَنْ أَجَازَ مِنْهُمْ.
وَمَنْ أَبَى، أَخَذَ حَقَّهُ مِنْ ذَلِكَ.
قَالَ: وسَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ فِي الْمَرِيضِ الَّذِي يُوصِي فَيَسْتَأْذِنُ وَرَثَتَهُ فِي وَصِيَّتِهِ وَهُوَ مَرِيضٌ: لَيْسَ لَهُ مِنْ مَالِهِ إِلَّا ثُلُثُهُ.
فَيَأْذَنُونَ لَهُ أَنْ يُوصِيَ لِبَعْضِ وَرَثَتِهِ بِأَكْثَرَ مِنْ ثُلُثِهِ.
إِنَّهُ لَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَرْجِعُوا فِي ذَلِكَ.
وَلَوْ جَازَ ذَلِكَ لَهُمْ، صَنَعَ كُلُّ وَارِثٍ ذَلِكَ فَإِذَا هَلَكَ الْمُوصِي، أَخَذُوا ذَلِكَ لِأَنْفُسِهِمْ وَمَنَعُوهُ الْوَصِيَّةَ فِي ثُلُثِهِ، وَمَا أُذِنَ لَهُ بِهِ فِي مَالِهِ.
قَالَ: فَأَمَّا أَنْ يَسْتَأْذِنَ وَرَثَتَهُ فِي وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا لِوَارِثٍ فِي صِحَّتِهِ، فَيَأْذَنُونَ لَهُ.
فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَلْزَمُهُمْ.
وَلِوَرَثَتِهِ أَنْ يَرُدُّوا ذَلِكَ إِنْ شَاءُوا.
وَذَلِكَ أَنَّ الرَّجُلَ إِذَا كَانَ صَحِيحًا كَانَ أَحَقَّ بِجَمِيعِ مَالِهِ.
يَصْنَعُ فِيهِ مَا شَاءَ إِنْ شَاءَ أَنْ يَخْرُجَ مِنْ جَمِيعِهِ، خَرَجَ فَيَتَصَدَّقُ بِهِ.
أَوْ يُعْطِيهِ مَنْ شَاءَ وَإِنَّمَا يَكُونُ اسْتِئْذَانُهُ وَرَثَتَهُ جَائِزًا عَلَى الْوَرَثَةِ.
إِذَا أَذِنُوا لَهُ حِينَ يُحْجَبُ عَنْهُ مَالُهُ، وَلَا يَجُوزُ لَهُ شَيْءٌ إِلَّا فِي ثُلُثِهِ.
وَحِينَ هُمْ أَحَقُّ بِثُلُثَيْ مَالِهِ مِنْهُ.
فَذَلِكَ حِينَ يَجُوزُ عَلَيْهِمْ أَمْرُهُمْ وَمَا أَذِنُوا لَهُ بِهِ.
فَإِنْ سَأَلَ بَعْضُ وَرَثَتِهِ أَنْ يَهَبَ لَهُ مِيرَاثَهُ حِينَ تَحْضُرُهُ الْوَفَاةُ فَيَفْعَلُ.
ثُمَّ لَا يَقْضِي فِيهِ الْهَالِكُ شَيْئًا.
فَإِنَّهُ رَدٌّ عَلَى مَنْ وَهَبَهُ إِلَّا أَنْ يَقُولَ لَهُ الْمَيِّتُ: فُلَانٌ، لِبَعْضِ وَرَثَتِهِ ضَعِيفٌ، وَقَدْ أَحْبَبْتُ أَنْ تَهَبَ لَهُ مِيرَاثَكَ فَأَعْطَاهُ إِيَّاهُ فَإِنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ إِذَا سَمَّاهُ الْمَيِّتُ لَهُ قَالَ: وَإِنْ وَهَبَ لَهُ مِيرَاثَهُ.
ثُمَّ أَنْفَذَ الْهَالِكُ بَعْضَهُ وَبَقِيَ بَعْضٌ فَهُوَ رَدٌّ عَلَى الَّذِي وَهَبَ يَرْجِعُ إِلَيْهِ مَا بَقِيَ بَعْدَ وَفَاةِ الَّذِي أُعْطِيَهُ.
قَالَ: وَسَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ: فِيمَنْ أَوْصَى بِوَصِيَّةٍ فَذَكَرَ أَنَّهُ قَدْ كَانَ أَعْطَى بَعْضَ وَرَثَتِهِ شَيْئًا لَمْ يَقْبِضْهُ فَأَبَى الْوَرَثَةُ أَنْ يُجِيزُوا ذَلِكَ فَإِنَّ ذَلِكَ يَرْجِعُ إِلَى الْوَرَثَةِ مِيرَاثًا عَلَى كِتَابِ اللَّهِ لِأَنَّ الْمَيِّتَ لَمْ يُرِدْ أَنْ يَقَعَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فِي ثُلُثِهِ وَلَا يُحَاصُّ أَهْلُ الْوَصَايَا فِي ثُلُثِهِ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ.



الوصية للوارث والحيازة

( سمعت مالكا يقول في هذه الآية إنها منسوخة قول) بالجر بدل والرفع أي وهي قول الله تبارك وتعالى { { كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيرا أي مالا ( الوصية) مرفوع نائب فاعل بكتب ومتعلق إذا إن كانت ظرفية ودالا على جوابها إن كانت شرطية وجواب إن فليوص } } للوالدين والأقربين بالمعروف حقا على المتقين ( نسخها ما نزل من قسمة الفرائض) لأنه يشعر بأنه لا يجمع بين الميراث والوصية ( في كتاب الله عز وجل) كما قال ابن عباس كان المال للولد وكانت الوصية للوالدين والأقربين فنسخ الله من ذلك ما أحب فجعل للذكر مثل حظ الأنثيين وجعل للأبوين لكل واحد منهما السدس وجعل للمرأة الثمن والربع وللزوج الشطر والربع ورواه البخاري وابن جرير وهو موقوف لفظا إلا أنه في تفسير وأخبار كما كان من الحكم قبل نزول القرآن فهو في حكم المرفوع بهذا التقدير وقد قال جمهور العلماء كانت الوصية للوالدين والأقربين على ما يراه الموصي من المساواة والتفضيل ثم نسخ ذلك بآية الفرائض وقيل بحديث لا وصية لوارث وقيل بالإجماع على ذلك وإن لم يتعين دليله وزعم ابن سريج أنهم كانوا مكلفين بالوصية للوالدين والأقربين بقدر الفريضة التي في علم الله قبل أن ينزلها وشدد إمام الحرمين في إنكار ذلك عليه وقال طاوس وغيره ليست منسوخة بل مخصوصة لأن الأقربين أعم من الوارث فكانت الوصية واجبة لجميعهم فخص منها من ليس بوارث لآية الفرائض والحديث وبقي حق من لا يرث من الأقربين على حاله ( مالك السنة الثابتة عندنا التي لا اختلاف فيها أنه لا تجوز وصية لوارث) لما أخرجه أبو داود والترمذي وغيرهما عن أبي أمامة سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في خطبته في حجة الوداع إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث وفي إسناده إسماعيل بن عياش وقد قوى حديثه عن الشاميين جماعة منهم أحمد والبخاري وهذا من روايته عن شرحبيل بن مسلم وهو شامي ثقة وصرح في روايته بالتحديث عند الترمذي والنسائي وجاء من حديث أنس عند ابن ماجه وعلي عند ابن أبي شيبة وعمرو بن شعيب عن أبيه عن جده وعن جابر كلاهما عند الدارقطني وقال الصواب إرساله ولا يخلو إسناد منها من مقال لكن مجموعها يقتضي أن للحديث أصلا بل جنح الشافعي في الأم إلى أن المتن متواتر فقال وجدنا أهل الفتيا ومن حفظنا عنهم من أهل العلم بالمغازي من قريش وغيرهم لا يختلفون في أن النبي صلى الله عليه وسلم قال عام الفتح لا وصية لوارث ويأثرونه عمن حفظوه عنه ممن لقوه من أهل العلم فكان نقل كافة عن كافة فهو أقوى من نقل واحد ونازعه الفخر الرازي في كون هذا الحديث متواترًا وعلى تقدير تسليمه فالمشهور من مذهبه أن القرآن لا ينسخ بالسنة لكن الحجة في هذا إجماع العلماء على مقتضاه كما صرح به الشافعي وغيره وهو قضية نص الموطأ والمراد بعدم صحتها للوارث عدم اللزوم لأن الأكثر على أنها موقوفة على إجازة الوارث كما قال مالك ( إلا أن يجيز له ذلك ورثة الميت وإنه إن أجاز له بعضهم وأبى بعض جاز له حق من أجاز منهم ومن أبى أخذ حقه) لأن المنع في الأصل لحق الورثة فإذا أجازوه لم يمتنع وقد روى الدارقطني عن عطاء عن ابن عباس مرفوعا لا تجوز وصية لوارث إلا أن تشاء الورثة ورجاله ثقات وإن أعل بأنه قيل إن عطاء هو الخراساني فقد وثقه ابن عبد البر وغيره فهذه الزيادة حجة واضحة على داود والمزني في قولهما إنها باطلة للوارث ولغيره بأزيد من الثلث لو أجازها الورثة ( وسمعت مالكا يقول في المريض الذي يوصي فيستأذن ورثته في وصيته وهو مريض ليس له من ماله إلا ثلثه) يتصرف فيه ( فيأذنون له أن يوصي لبعض ورثته) أو لغير وارث ( بأكثر من ثلثه إنه ليس لهم أن يرجعوا في ذلك) إذا مات من مرضه إلا أن يكون المجيز في عائلته ويخشى من امتناعه قطع معروفه عنه لو عاش فله الرجوع ( ولو جاز لهم ذلك) أي الرجوع ( صنع كل وارث ذلك فإذا هلك الموصي أخذوا ذلك لأنفسهم ومنعوه الوصية في ثلثه و) منعوه ( ما أذن) بالبناء للمجهول ( له به في ماله قال فأما أن يستأذن ورثته في وصية يوصي بها لوارث في صحته فيأذنون له فإن ذلك لا يلزمهم) لأنهم أسقطوا قبل الوجوب وقبل جريان سببه ( ولورثته أن يردوا ذلك إن شاؤوا وذلك أن الرجل إذا كان صحيحا كان أحق بجميع ماله يصنع فيه ما شاء إن شاء أن يخرج من جميعه خرج) وبين الخروج بقوله ( يتصدق به أو يعطيه من شاء) فلما لم يكن محجوبا عنه لم يلزمهم إذنهم إذ لو شاء لملك من أوصى له في الحال بلا استئذان ( وإنما يكون استئذانه ورثته جائزا على الورثة إذا أذنوا له حين يحجب عنه ماله) بسبب المرض القوي ( ولا يجوز له شيء إلا في ثلثه وحين هم أحق بثلثي ماله منه فذلك حين يجوز عليهم أمرهم وما أذنوا له به) لكونه بعد جريان السبب فليس من إسقاط الشيء قبل وجوبه بلا سبب ( فإن سأل) المريض ( بعض ورثته أن يهب له ميراثه حين تحضره الوفاة) أي أسبابها ( فيفعل ثم لا يقضي فيه الهالك شيئا فإنه رد) مردود ( على من وهبه إلا أن يقول له الميت فلان لبعض ورثته ضعيف قد أحببت أن تهب له ميراثك فأعطاه إياه فإن ذلك جائز إذا سماه الميت له) لأنها هبة لمعين ( وإن وهب له ميراثه ثم أنفذ الهالك بعضه وبقي بعض فهو) أي البعض الباقي ( رد على الذي وهب يرجع إليه ما بقي بعد وفاة الذي أعطيه مالك فيمن أوصى بوصية فذكر أنه كان قد أعطى بعض ورثته شيئا لم يقبضه) المعطى بالفتح ( فأبى الورثة أن يجيزوا ذلك فإن ذلك يرجع إلى الورثة ميراثا على كتاب الله تعالى لأن الميت لم يرد أن يقع شيء من ذلك في ثلثه و) لذلك ( لا يحاص أهل الوصايا في ثلثه بشيء من ذلك)



رقم الحديث 1535 وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّ سَارِقًا سَرَقَ فِي زَمَانِ عُثْمَانَ أُتْرُجَّةً فَأَمَرَ بِهَا عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ أَنْ تُقَوَّمَ.
فَقُوِّمَتْ بِثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ.
مِنْ صَرْفِ اثْنَيْ عَشَرَ دِرْهَمًا بِدِينَارٍ.
فَقَطَعَ عُثْمَانُ يَدَهُ.


( ما يجب فيه القطع)

( مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر) رضي الله عنهما ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قطع) يد سارق فحذف المفعول أي أمر بقطعه ( في) سببية ( مجن) بكسر الميم وفتح الجيم وشد النون مفعل من الاجتنان وهو الاستتار والاختفاء مما يحاذره المستتر وكسرت ميمه لأنه آلة قال عمر بن أبي ربيعة

وكان مجني دون من كنت أتقي
ثلاث شخوص كاعبان ومعصر

وحذف الهاء من ثلاثة مع أنه عدد شخوص حملاً على المعنى لأنه أراد بشخوص المرأة فأنث العدد لذلك يريد أنه استتر بثلاث نسوة عن أعين الرقباء واستظهر في محل التخلص منهم بهن والكاعب التي نهد ثديها والمعصر الداخلة في عصر شبابها ( ثمنه) مبتدأ خبره ( ثلاثة دراهم) فضة هكذا رواه الأكثر عن نافع ثمنه ورواه الليث عنه بلفظ قيمته وهو المراد بالثمن هنا وأصل الثمن ما يقابل به الشيء في عقد البيع فأطلق على القيمة ثمنًا مجازًا أو لتساويهما في ذلك الوقت أو في ظن الراوي أو باعتبار الغلبة قال ابن عبد البر هذا الحديث أصح حديث روي في ذلك وأخرجه البخاري عن إسماعيل ومسلم عن يحيى كلاهما عن مالك به وتابعه جويرية بن أسماء وموسى بن عتبة وعبيد الله بن عمر عند البخاري ومحمد بن إسحاق عند الإسماعيلي كلهم بلفظ ثمنه والليث بن سعد عند مسلم بلفظ قيمته كلهم عن نافع به ( مالك عن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي حسين) بن الحارث بن عامر بن نوفل ( المكي) النوفلي ثقة عالم بالمناسك من رجال الجميع تابعي صغير قال أبو عمر لم تختلف رواة الموطأ في إرساله ويتصل معناه من حديث عبد الله بن عمرو وغيره ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا قطع في ثمر) بفتح المثلثة والميم ( معلق) بالنخل والشجر قيل ( أن) يجذ ويحرز ( ولا في حريسة جبل) قال ابن الأثير أي ليس فيما يحرس بالجبل إذا سرق قطع لأنه ليس بحرز وحريسة فعيلة بمعنى مفعولة أي أن لها من يحرسها ويحفظها ومنهم من يجعل الحريسة السرقة نفسها أي ليس فيما يسرق من الماشية بالجبل قطع ( فإذا آواه المراح) بضم الميم وحاء مهملة موضع مبيت الغنم ( أو الجرين) بفتح الجيم وكسر الراء الموضع يجفف فيه الثمار والجمع جرن كبريد وبرد ففيه لف ونشر غير مرتب ( فالقطع فيما بلغ ثمن المجن) ثلاثة دراهم بين صلى الله عليه وسلم الحالة التي يجب فيها القطع وهي حالة كون المال في حرزه فلا قطع على من سرق من غير حرز إجماعًا إلا ما شذ به الحسن والظاهرية قال ابن العربي اتفقت الأمة على أن شرط القطع أن يكون المسروق محرزًا بحرز مثله ممنوعًا من الوصول إليه بمانع خلافًا لقول الظاهرية لا قطع في كل فاكهة رطبة ولو بحرزها وقاسوا على ذلك الأطعمة الرطبة التي لا تدخر قال وليس مقصود الحديث ما ذهبوا إليه بدليل قوله فإذا آواه إلخ فبين أن العلة كونه في غير حرز له ( مالك عن عبد الله بن أبي بكر) بن محمد بن عمرو بن حزم ( عن أبيه) أبي بكر ولا يعرف له اسم سواه ( عن عمرة بنت عبد الرحمن) بن سعد بن زرارة الأنصارية المدنية ( أن سارقًا سرق في زمان) أي خلافة ( عثمان بن عفان أترنجة) واحدة ترنج في لغة ضعيفة واللغة الصحيحة أترج بضم الهمزة وشد الجيم الواحدة أترجة وهي التي تكلم بها الفصحاء وارتضاه النحويون قاله الأزهري ( فأمر بها عثمان أن تقوم) لينظر هل تبلغ النصاب ( فقومت بثلاثة دراهم من صرف اثني عشر درهمًا بدينار فقطع عثمان يده) أي أمر بقطعها قال في المدونة وكانت تلك الأترجة تؤكل وروى عنه أشهب ولو كانت من ذهب لما قومها عثمان أي لأن الذهب لا يقوم وإنما يعتبر وزنه لأنه أصل الأثمان وقيم المتلفات ( مالك عن يحيى بن سعيد) الأنصاري ( عن عمرة) بفتح فسكون ( بنت عبد الرحمن) المدنية الأنصارية ( عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها قالت ما طال علي) أي الزمان ( وما) وفي نسخة ولا ( نسيت) حكم ما يقطع فيه السارق وهو ( القطع في ربع دينار فصاعدًا) من الذهب وهذا الحديث وإن كان ظاهره الوقف لكنه مشعر بالرفع وقد أخرجه الشيخان من طرق عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال تقطع يد السارق في ربع دينار فصاعدًا ( مالك عن عبد الله بن أبي بكر بن حزم) بمهملة وزاي نسبة لجده ( عن عمرة بنت عبد الرحمن أنها قالت خرجت عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم إلى مكة) في نسك ( ومعها مولاتان لها ومعها غلام) لم أقف على اسم أحد من الثلاثة ( لبني عبد الله بن أبي بكر الصديق) رضي الله عنهما ( فبعثت مع المولاتين ببرد مرجل) بالجيم والحاء أي عليه تصاوير الرجال أو الرحال كما أفاده أبو عبيد الهروي ومنع تصوير الحيوان إنما هو إذا تم تصويره وكان له ظل دائم وهذا مجرد وشي في البرد لا ظل له وليس بتام ( قد خيط عليه خرقة خضراء قالت فأخذ الغلام البرد ففتق عنه) نقض خياطته ( فاستخرجه وجعل مكانه لبدًا) بكسر فسكون ما يتلبد من شعر أو صوف ( أو فروة) بالهاء ويقال أيضًا بحذفها ما يلبس من جلد الغنم ونحوها شك الراوي ( وخاط عليه فلما قدمتا) بالألف على لغية ( المولاتان المدينة دفعتا ذلك إلى أهله فلما فتقوا عنه وجدوا فيه اللبدو ولم يجدوا البرد فكلموا المرأتين) أي المولاتين ( فكلمتا عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أو كتبتا إليها) شك الراوي ( واتهمتا) أي المرأتان ( العبد فسئل العبد عن ذلك فاعترف) بأنه سرقه ( فأمرت به عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم فقطعت يده وقالت عائشة القطع في ربع دينار فصاعدًا) من الذهب ( قال مالك أحب ما يجب فيه القطع) للسارق ( إلي) أي عندي ( ثلاثة دراهم) من الفضة ( وإن ارتفع) زاد ( الصرف أو اتضع) نقص ( وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قطع في) سرقة ( مجن) حجفة أو ترس كما في حديث عائشة عند الشيخين ( ثمنه ثلاثة دراهم) أي قيمته ( وأن عثمان بن عفان قطع في أترنجة) الفاكهة المأكولة ( قومت بثلاثة دراهم) فضة وكان الأترج في ذلك الزمان غاليًا ( وهذا أحب ما سمعت إلي في ذلك) يقتضي أنه سمع غيره وقد اختلف في قدر ما يقطع فيه السارق فقيل فيما كثر وقل تافهًا أو غيره وقيل إلا في التافه وقيل أربعون درهمًا أو أربعة دنانير وقيل درهمان وقيل ما زاد عليهما ولم يبلغ ثلاثة وقيل ثلاثة دراهم ويقوم ما عداها بها وقيل إن كان المسروق ذهبًا فربع دينار وإن كان غيره وبلغت قيمته ثلاثة دراهم قطع وإلا فلا ولو كان نصف دينار وهو قول مالك المعروف عند أصحابه ورواية عن أحمد والمشهور عنه إذا كان المسروق غير الذهب والفضة فالقطع إذا بلغت قيمته أحدهما وقيل ربع دينار أو ما بلغت قيمته من فضة أو عرض وهو مذهب الشافعي وقيل عشرة دراهم أو ما بلغ قيمتها من ذهب أو عرض وهو مذهب الحنفية وقيل غير ذلك.



رقم الحديث 1537 وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَائِشَةَ، زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
أَنَّهَا قَالَتْ: مَا طَالَ عَلَيَّ.
وَمَا نَسِيتُ الْقَطْعُ فِي رُبُعِ دِينَارٍ فَصَاعِدًا.


( ما يجب فيه القطع)

( مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر) رضي الله عنهما ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قطع) يد سارق فحذف المفعول أي أمر بقطعه ( في) سببية ( مجن) بكسر الميم وفتح الجيم وشد النون مفعل من الاجتنان وهو الاستتار والاختفاء مما يحاذره المستتر وكسرت ميمه لأنه آلة قال عمر بن أبي ربيعة

وكان مجني دون من كنت أتقي
ثلاث شخوص كاعبان ومعصر

وحذف الهاء من ثلاثة مع أنه عدد شخوص حملاً على المعنى لأنه أراد بشخوص المرأة فأنث العدد لذلك يريد أنه استتر بثلاث نسوة عن أعين الرقباء واستظهر في محل التخلص منهم بهن والكاعب التي نهد ثديها والمعصر الداخلة في عصر شبابها ( ثمنه) مبتدأ خبره ( ثلاثة دراهم) فضة هكذا رواه الأكثر عن نافع ثمنه ورواه الليث عنه بلفظ قيمته وهو المراد بالثمن هنا وأصل الثمن ما يقابل به الشيء في عقد البيع فأطلق على القيمة ثمنًا مجازًا أو لتساويهما في ذلك الوقت أو في ظن الراوي أو باعتبار الغلبة قال ابن عبد البر هذا الحديث أصح حديث روي في ذلك وأخرجه البخاري عن إسماعيل ومسلم عن يحيى كلاهما عن مالك به وتابعه جويرية بن أسماء وموسى بن عتبة وعبيد الله بن عمر عند البخاري ومحمد بن إسحاق عند الإسماعيلي كلهم بلفظ ثمنه والليث بن سعد عند مسلم بلفظ قيمته كلهم عن نافع به ( مالك عن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي حسين) بن الحارث بن عامر بن نوفل ( المكي) النوفلي ثقة عالم بالمناسك من رجال الجميع تابعي صغير قال أبو عمر لم تختلف رواة الموطأ في إرساله ويتصل معناه من حديث عبد الله بن عمرو وغيره ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا قطع في ثمر) بفتح المثلثة والميم ( معلق) بالنخل والشجر قيل ( أن) يجذ ويحرز ( ولا في حريسة جبل) قال ابن الأثير أي ليس فيما يحرس بالجبل إذا سرق قطع لأنه ليس بحرز وحريسة فعيلة بمعنى مفعولة أي أن لها من يحرسها ويحفظها ومنهم من يجعل الحريسة السرقة نفسها أي ليس فيما يسرق من الماشية بالجبل قطع ( فإذا آواه المراح) بضم الميم وحاء مهملة موضع مبيت الغنم ( أو الجرين) بفتح الجيم وكسر الراء الموضع يجفف فيه الثمار والجمع جرن كبريد وبرد ففيه لف ونشر غير مرتب ( فالقطع فيما بلغ ثمن المجن) ثلاثة دراهم بين صلى الله عليه وسلم الحالة التي يجب فيها القطع وهي حالة كون المال في حرزه فلا قطع على من سرق من غير حرز إجماعًا إلا ما شذ به الحسن والظاهرية قال ابن العربي اتفقت الأمة على أن شرط القطع أن يكون المسروق محرزًا بحرز مثله ممنوعًا من الوصول إليه بمانع خلافًا لقول الظاهرية لا قطع في كل فاكهة رطبة ولو بحرزها وقاسوا على ذلك الأطعمة الرطبة التي لا تدخر قال وليس مقصود الحديث ما ذهبوا إليه بدليل قوله فإذا آواه إلخ فبين أن العلة كونه في غير حرز له ( مالك عن عبد الله بن أبي بكر) بن محمد بن عمرو بن حزم ( عن أبيه) أبي بكر ولا يعرف له اسم سواه ( عن عمرة بنت عبد الرحمن) بن سعد بن زرارة الأنصارية المدنية ( أن سارقًا سرق في زمان) أي خلافة ( عثمان بن عفان أترنجة) واحدة ترنج في لغة ضعيفة واللغة الصحيحة أترج بضم الهمزة وشد الجيم الواحدة أترجة وهي التي تكلم بها الفصحاء وارتضاه النحويون قاله الأزهري ( فأمر بها عثمان أن تقوم) لينظر هل تبلغ النصاب ( فقومت بثلاثة دراهم من صرف اثني عشر درهمًا بدينار فقطع عثمان يده) أي أمر بقطعها قال في المدونة وكانت تلك الأترجة تؤكل وروى عنه أشهب ولو كانت من ذهب لما قومها عثمان أي لأن الذهب لا يقوم وإنما يعتبر وزنه لأنه أصل الأثمان وقيم المتلفات ( مالك عن يحيى بن سعيد) الأنصاري ( عن عمرة) بفتح فسكون ( بنت عبد الرحمن) المدنية الأنصارية ( عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها قالت ما طال علي) أي الزمان ( وما) وفي نسخة ولا ( نسيت) حكم ما يقطع فيه السارق وهو ( القطع في ربع دينار فصاعدًا) من الذهب وهذا الحديث وإن كان ظاهره الوقف لكنه مشعر بالرفع وقد أخرجه الشيخان من طرق عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال تقطع يد السارق في ربع دينار فصاعدًا ( مالك عن عبد الله بن أبي بكر بن حزم) بمهملة وزاي نسبة لجده ( عن عمرة بنت عبد الرحمن أنها قالت خرجت عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم إلى مكة) في نسك ( ومعها مولاتان لها ومعها غلام) لم أقف على اسم أحد من الثلاثة ( لبني عبد الله بن أبي بكر الصديق) رضي الله عنهما ( فبعثت مع المولاتين ببرد مرجل) بالجيم والحاء أي عليه تصاوير الرجال أو الرحال كما أفاده أبو عبيد الهروي ومنع تصوير الحيوان إنما هو إذا تم تصويره وكان له ظل دائم وهذا مجرد وشي في البرد لا ظل له وليس بتام ( قد خيط عليه خرقة خضراء قالت فأخذ الغلام البرد ففتق عنه) نقض خياطته ( فاستخرجه وجعل مكانه لبدًا) بكسر فسكون ما يتلبد من شعر أو صوف ( أو فروة) بالهاء ويقال أيضًا بحذفها ما يلبس من جلد الغنم ونحوها شك الراوي ( وخاط عليه فلما قدمتا) بالألف على لغية ( المولاتان المدينة دفعتا ذلك إلى أهله فلما فتقوا عنه وجدوا فيه اللبدو ولم يجدوا البرد فكلموا المرأتين) أي المولاتين ( فكلمتا عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أو كتبتا إليها) شك الراوي ( واتهمتا) أي المرأتان ( العبد فسئل العبد عن ذلك فاعترف) بأنه سرقه ( فأمرت به عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم فقطعت يده وقالت عائشة القطع في ربع دينار فصاعدًا) من الذهب ( قال مالك أحب ما يجب فيه القطع) للسارق ( إلي) أي عندي ( ثلاثة دراهم) من الفضة ( وإن ارتفع) زاد ( الصرف أو اتضع) نقص ( وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قطع في) سرقة ( مجن) حجفة أو ترس كما في حديث عائشة عند الشيخين ( ثمنه ثلاثة دراهم) أي قيمته ( وأن عثمان بن عفان قطع في أترنجة) الفاكهة المأكولة ( قومت بثلاثة دراهم) فضة وكان الأترج في ذلك الزمان غاليًا ( وهذا أحب ما سمعت إلي في ذلك) يقتضي أنه سمع غيره وقد اختلف في قدر ما يقطع فيه السارق فقيل فيما كثر وقل تافهًا أو غيره وقيل إلا في التافه وقيل أربعون درهمًا أو أربعة دنانير وقيل درهمان وقيل ما زاد عليهما ولم يبلغ ثلاثة وقيل ثلاثة دراهم ويقوم ما عداها بها وقيل إن كان المسروق ذهبًا فربع دينار وإن كان غيره وبلغت قيمته ثلاثة دراهم قطع وإلا فلا ولو كان نصف دينار وهو قول مالك المعروف عند أصحابه ورواية عن أحمد والمشهور عنه إذا كان المسروق غير الذهب والفضة فالقطع إذا بلغت قيمته أحدهما وقيل ربع دينار أو ما بلغت قيمته من فضة أو عرض وهو مذهب الشافعي وقيل عشرة دراهم أو ما بلغ قيمتها من ذهب أو عرض وهو مذهب الحنفية وقيل غير ذلك.