فهرس الكتاب

شرح الزرقاني - بَابُ الْعَمَلِ فِي عَقْلِ الْأَسْنَانِ

رقم الحديث 1586 وَحَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ، عَنْ أَبِي غَطَفَانَ بْنِ طَرِيفٍ الْمُرِّيِّ، أَنَّهُ أَخْبَرَهُ، أَنَّ مَرْوَانَ بْنَ الْحَكَمِ بَعَثَهُ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ يَسْأَلُهُ: مَاذَا فِي الضِّرْسِ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ: فِيهِ خَمْسٌ مِنَ الْإِبِلِ.
قَالَ فَرَدَّنِي مَرْوَانُ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ فَقَالَ: أَتَجْعَلُ مُقَدَّمَ الْفَمِ مِثْلَ الْأَضْرَاسِ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ: لَوْ لَمْ تَعْتَبِرْ ذَلِكَ إِلَّا بِالْأَصَابِعِ عَقْلُهَا سَوَاءٌ.


( العمل في عقل الأسنان)

( مالك عن داود بن الحصين) بمهملتين مصغر ( عن أبي غطفان) بفتح المعجمة والطاء المهملة والفاء قيل اسمه سعد ( ابن طريف) بفتح المهملة وكسر الراء ( المري) بضم الميم وشد الراء بلا نقطة ( أنه أخبره أن مروان بن الحكم بعثه إلى عبد الله بن عباس يسأله ماذا في الضرس) الذي يقلع خطأ من الدية ( فقال عبد الله بن عباس فيه خمس من الإبل) لقوله صلى الله عليه وسلم وفي السن خمس ( قال) أبو غطفان ( فردني مروان إلى عبد الله بن عباس فقال أتجعل مقدم الفم) أي أسنانه ( مثل الأضراس) مع تفاوت المنفعة بهما ( فقال عبد الله بن عباس لو لم تعتبر ذلك) في القياس ( إلا بالأصابع عقلها سواء) لكفاك فحذف جواب لو وإنما قال له ذلك مجاراة لما أومأ إليه من أن جعل الأسنان مثل الأضراس خلاف القياس وإلا فابن عباس روى عن النبي صلى الله عليه وسلم الأصابع والأسنان سواء الثنية والضرس سواء أخرجه الإسماعيلي وفي البخاري عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال هذه وهذه سواء يعني الخنصر والإبهام ولأبي داود والترمذي عنه مرفوعًا أصابع اليدين والرجلين سواء ولابن ماجه عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده الأصابع سواء كلهن فيه عشر عشر من الإبل ( مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أنه كان يسوي بين الأسنان في العقل ولا يفضل بعضها على بعض) اتباعًا للحديث والعمل كما ( قال مالك والأمر عندنا أن مقدم الفم والأضراس والأنياب) جمع ناب مذكر وهو الذي يلي الرباعيات ( عقلها سواء و) دليل ( ذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في السن خمس من الإبل والضرس سن من الأسنان لا يفضل بعضها على بعض) وعلى هذا جمهور العلماء وأئمة الفتوى قال الخطابي وهذا أصل في كل جناية لا تضبط كميتها فإذا فات ضبطها من جهة المعنى اعتبرت من حيث الاسم فتساوي ديتها وإن اختلف كمالها ومنفعتها ومبلغ فعلها فإن للإبهام من القوة ما ليس للخنصر ومع ذلك فديتهما سواء ولو اختلفت المساحة وكذلك الأسنان نفع بعضها أقوى من بعض وديتها سواء نظرًا للاسم فقط اهـ.



رقم الحديث 1586 قَالَ مَالِكٌ الْأَمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا: أَنَّ كُلَّ عَتَاقَةٍ أَعْتَقَهَا رَجُلٌ.
فِي وَصِيَّةٍ أَوْصَى بِهَا فِي صِحَّةٍ أَوْ مَرَضٍ: أَنَّهُ يَرُدُّهَا مَتَى شَاءَ.
وَيُغَيِّرُهَا مَتَى شَاءَ، مَا لَمْ يَكُنْ تَدْبِيرًا.
فَإِذَا دَبَّرَ، فَلَا سَبِيلَ لَهُ إِلَى رَدِّ مَا دَبَّرَ قَالَ مَالِكٌ: وَكُلُّ وَلَدٍ وَلَدَتْهُ أَمَةٌ، أَوْصَى بِعِتْقِهَا وَلَمْ تُدَبَّرْ.
فَإِنَّ وَلَدَهَا لَا يَعْتِقُونَ مَعَهَا إِذَا عَتَقَتْ.
وَذَلِكَ أَنَّ سَيِّدَهَا يُغَيِّرُ وَصِيَّتَهُ إِنْ شَاءَ.
وَيَرُدُّهَا مَتَى شَاءَ.
وَلَمْ يَثْبُتْ لَهَا عَتَاقَةٌ.
وَإِنَّمَا هِيَ بِمَنْزِلَةِ رَجُلٍ قَالَ لِجَارِيَتِهِ: إِنْ بَقِيَتْ عِنْدِي فُلَانَةُ حَتَّى أَمُوتَ، فَهِيَ حُرَّةٌ قَالَ مَالِكٌ: فَإِنْ أَدْرَكَتْ ذَلِكَ، كَانَ لَهَا ذَلِكَ.
وَإِنْ شَاءَ، قَبْلَ ذَلِكَ، بَاعَهَا وَوَلَدَهَا لِأَنَّهُ لَمْ يُدْخِلْ وَلَدَهَا فِي شَيْءٍ مِمَّا جَعَلَ لَهَا.
قَالَ: وَالْوَصِيَّةُ فِي الْعَتَاقَةِ مُخَالِفَةٌ لِلتَّدْبِيرِ، فَرَقَ بَيْنَ ذَلِكَ مَا مَضَى مِنَ السُّنَّةِ.
قَالَ: وَلَوْ كَانَتِ الْوَصِيَّةُ بِمَنْزِلَةِ التَّدْبِيرِ.
كَانَ كُلُّ مُوصٍ لَا يَقْدِرُ عَلَى تَغْيِيرِ وَصِيَّتِهِ.
وَمَا ذُكِرَ فِيهَا مِنَ الْعَتَاقَةِ.
وَكَانَ قَدْ حَبَسَ عَلَيْهِ مِنْ مَالِهِ مَا لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَنْتَفِعَ بِهِ قَالَ مَالِكٌ فِي رَجُلٍ دَبَّرَ رَقِيقًا لَهُ جَمِيعًا.
فِي صِحَّتِهِ وَلَيْسَ لَهُ مَالٌ غَيْرُهُمْ: إِنْ كَانَ دَبَّرَ بَعْضَهُمْ قَبْلَ بَعْضٍ بُدِئَ بِالْأَوَّلِ فَالْأَوَّلِ، حَتَّى يَبْلُغَ الثُّلُثَ.
وَإِنْ كَانَ دَبَّرَهُمْ جَمِيعًا فِي مَرَضِهِ.
فَقَالَ: فُلَانٌ حُرٌّ.
وَفُلَانٌ حُرٌّ.
وَفُلَانٌ حُرٌّ.
فِي كَلَامٍ وَاحِدٍ.
إِنْ حَدَثَ بِي فِي مَرَضِي هَذَا حَدَثُ مَوْتٍ، أَوْ دَبَّرَهُمْ جَمِيعًا فِي كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ، تَحَاصَّوْا فِي الثُّلُثِ.
وَلَمْ يُبَدَّأْ أَحَدٌ مِنْهُمْ قَبْلَ صَاحِبِهِ.
وَإِنَّمَا هِيَ وَصِيَّةٌ.
وَإِنَّمَا لَهُمُ الثُّلُثُ.
يُقْسَمُ بَيْنَهُمْ بِالْحِصَصِ.
ثُمَّ يَعْتِقُ مِنْهُمُ الثُّلُثُ بَالِغًا مَا بَلَغَ.
قَالَ: وَلَا يُبَدَّأُ أَحَدٌ مِنْهُمْ إِذَا كَانَ ذَلِكَ كُلُّهُ فِي مَرَضِهِ قَالَ مَالِكٌ فِي رَجُلٍ دَبَّرَ غُلَامًا لَهُ.
فَهَلَكَ السَّيِّدُ وَلَا مَالَ لَهُ إِلَّا الْعَبْدُ الْمُدَبَّرُ.
وَلِلْعَبْدِ مَالٌ قَالَ: يُعْتَقُ ثُلُثُ الْمُدَبَّرِ.
وَيُوقَفُ مَالُهُ بِيَدَيْهِ قَالَ مَالِكٌ فِي مُدَبَّرٍ كَاتَبَهُ سَيِّدُهُ فَمَاتَ السَّيِّدُ وَلَمْ يَتْرُكْ مَالًا غَيْرَهُ قَالَ مَالِكٌ: يُعْتَقُ مِنْهُ ثُلُثُهُ.
وَيُوضَعُ عَنْهُ ثُلُثُ كِتَابَتِهِ.
وَيَكُونُ عَلَيْهِ ثُلُثَاهَا قَالَ مَالِكٌ فِي رَجُلٍ أَعْتَقَ نِصْفَ عَبْدٍ لَهُ وَهُوَ مَرِيضٌ.
فَبَتَّ عِتْقَ نِصْفِهِ.
أَوْ بَتَّ عِتْقَهُ كُلَّهُ.
وَقَدْ كَانَ دَبَّرَ عَبْدًا لَهُ آخَرَ قَبْلَ ذَلِكَ.
قَالَ: يُبَدَّأُ بِالْمُدَبَّرِ قَبْلَ الَّذِي أَعْتَقَهُ وَهُوَ مَرِيضٌ.
وَذَلِكَ أَنَّهُ لَيْسَ لِلرَّجُلِ أَنْ يَرُدَّ مَا دَبَّرَ.
وَلَا أَنْ يَتَعَقَّبَهُ بِأَمْرٍ يَرُدُّهُ بِهِ.
فَإِذَا عَتَقَ الْمُدَبَّرُ فَلْيَكُنْ مَا بَقِيَ مِنَ الثُّلُثِ فِي الَّذِي أَعْتَقَ شَطْرَهُ.
حَتَّى يَسْتَتِمَّ عِتْقُهُ كُلُّهُ، فِي ثُلُثِ مَالِ الْمَيِّتِ.
فَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ ذَلِكَ فَضْلَ الثُّلُثِ، عَتَقَ مِنْهُ مَا بَلَغَ فَضْلَ الثُّلُثِ، بَعْدَ عِتْقِ الْمُدَبَّرِ الْأَوَّلِ.



الوصية في التدبير

( مالك الأمر المجتمع عليه عندنا أن كل عتاقة أعتقها رجل في وصية أوصى بها في صحة أو مرض أنه يردها) أي له ذلك ( متى شاء ويغيرها متى شاء ما لم يكن تدبيرا فإذا دبر فلا سبيل) له ( إلى رد ما دبر) لحديث المدبر لا يباع ولا يوهب ( وكل ولد ولدته أمة أوصى بعتقها ولم تدبر فإن ولدها لا يعتقون معها إذا عتقت وذلك أن سيدها يغير وصيته إن شاء ويردها متى شاء ولم يثبت لها عتاقة) حتى يكون ولدها بمنزلتها ( وإنما هي بمنزلة رجل قال لجاريته إن بقيت عندي فلانة حتى أموت فهي حرة فإن أدركت ذلك) أي بقيت عنده حتى مات ( كان لها ذلك) التحرير ( وإن شاء قبل ذلك باعها وولدها لأنه لم يدخل ولدها في شيء مما جعل لها والوصية في العتاقة) أي بها ( مخالفة للتدبير فرق بين ذلك ما مضى من السنة) فيتبع ( ولو كانت الوصية بمنزلة التدبير كان كل موص لا يقدر على تغيير وصيته وما ذكر فيها من العتاقة) وذلك خلاف المعروف من أن له ذلك ( وكان قد حبس) منع ( عليه من ماله ما لا يستطيع أن ينتفع به) وذلك حرج شديد ( مالك في رجل دبر رقيقا له جميعا في صحته وليس له مال غيرهم إن كان دبر بعضهم قبل بعض بدئ بالأول) فالأول التالي له سمي أولا بالنظر لما بعده ( حتى يبلغ الثلث وإن كان دبرهم جميعا في مرضه فقال فلان حر وفلان حر وفلان حر) لثلاثة أرقاء ( في كلام واحد) منسوق بلا فاصل ( إن حدث بي في مرضي هذا حدث موت أو دبرهم جميعا في كلمة واحدة تحاصوا في الثلث ولم يبدأ أحد منهم قبل صاحبه وإنما هي وصية وإنما لهم الثلث يقسم بينهم بالحصص ثم يعتق منهم الثلث بالغا ما بلغ ولا يبدأ أحد منهم إذا كان كله في مرضه) لأن ذلك ترجيح بلا مرجح ( وفي رجل دبر غلاما له فهلك السيد ولا مال له إلا العبد المدبر وللعبد مال قال مالك يعتق ثلث المدبر ويوقف ماله بيديه) وذلك خير له من نزعه منه وتركه فقيرا ( وفي مدبر كاتبه سيده فمات السيد ولم يترك مالا غيره قال مالك يعتق منه ثلثه ويوضع عنه ثلث كتابته ويكون عليه ثلثاها وفي رجل أعتق نصف عبد له وهو مريض فبت عتق نصفه أو بت عتقه كله وقد كان دبر عبدا له آخر قبل ذلك) في صحته ( قال مالك يبدأ بالمدبر) في صحته ( قبل الذي أعتقه وهو مريض وذلك أنه ليس للرجل أن يرد ما دبر ولا أن يتعقبه بأمر يرده به) وإنما يجوز إخراجه للعتق أو الكتابة ( فإذا عتق المدبر فليكن ما بقي من الثلث في الذي أعتق شطره حتى يستتم عتقه كله) بالجر تأكيد للضمير ( في ثلث مال الميت فإن لم يبلغ ذلك فضل الثلث عتق منه ما بلغ فضل الثلث) زيادته ( بعد عتق المدبر الأول) .



رقم الحديث 1587 وَحَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ كَانَ يُسَوِّي بَيْنَ الْأَسْنَانِ فِي الْعَقْلِ، وَلَا يُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ قَالَ مَالِكٌ: وَالْأَمْرُ عِنْدَنَا أَنَّ مُقَدَّمَ الْفَمِ وَالْأَضْرَاسِ وَالْأَنْيَابِ عَقْلُهَا سَوَاءٌ، وَذَلِكَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: فِي السِّنِّ خَمْسٌ مِنَ الْإِبِلِ، وَالضِّرْسُ سِنٌّ مِنَ الْأَسْنَانِ، لَا يَفْضُلُ بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ.


( العمل في عقل الأسنان)

( مالك عن داود بن الحصين) بمهملتين مصغر ( عن أبي غطفان) بفتح المعجمة والطاء المهملة والفاء قيل اسمه سعد ( ابن طريف) بفتح المهملة وكسر الراء ( المري) بضم الميم وشد الراء بلا نقطة ( أنه أخبره أن مروان بن الحكم بعثه إلى عبد الله بن عباس يسأله ماذا في الضرس) الذي يقلع خطأ من الدية ( فقال عبد الله بن عباس فيه خمس من الإبل) لقوله صلى الله عليه وسلم وفي السن خمس ( قال) أبو غطفان ( فردني مروان إلى عبد الله بن عباس فقال أتجعل مقدم الفم) أي أسنانه ( مثل الأضراس) مع تفاوت المنفعة بهما ( فقال عبد الله بن عباس لو لم تعتبر ذلك) في القياس ( إلا بالأصابع عقلها سواء) لكفاك فحذف جواب لو وإنما قال له ذلك مجاراة لما أومأ إليه من أن جعل الأسنان مثل الأضراس خلاف القياس وإلا فابن عباس روى عن النبي صلى الله عليه وسلم الأصابع والأسنان سواء الثنية والضرس سواء أخرجه الإسماعيلي وفي البخاري عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال هذه وهذه سواء يعني الخنصر والإبهام ولأبي داود والترمذي عنه مرفوعًا أصابع اليدين والرجلين سواء ولابن ماجه عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده الأصابع سواء كلهن فيه عشر عشر من الإبل ( مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أنه كان يسوي بين الأسنان في العقل ولا يفضل بعضها على بعض) اتباعًا للحديث والعمل كما ( قال مالك والأمر عندنا أن مقدم الفم والأضراس والأنياب) جمع ناب مذكر وهو الذي يلي الرباعيات ( عقلها سواء و) دليل ( ذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في السن خمس من الإبل والضرس سن من الأسنان لا يفضل بعضها على بعض) وعلى هذا جمهور العلماء وأئمة الفتوى قال الخطابي وهذا أصل في كل جناية لا تضبط كميتها فإذا فات ضبطها من جهة المعنى اعتبرت من حيث الاسم فتساوي ديتها وإن اختلف كمالها ومنفعتها ومبلغ فعلها فإن للإبهام من القوة ما ليس للخنصر ومع ذلك فديتهما سواء ولو اختلفت المساحة وكذلك الأسنان نفع بعضها أقوى من بعض وديتها سواء نظرًا للاسم فقط اهـ.