فهرس الكتاب

شرح الزرقاني - بَابُ مَا يُكْرَهُ لِلنِّسَاءِ لُبْسُهُ مِنَ الثِّيَابِ

رقم الحديث 1656 وحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، وَبَلَغَهُ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، أَنَّهُمَا كَانَا يَقُولَانِ مِثْلَ قَوْلِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ فِي الْمَرْأَةِ: أَنَّهَا تُعَاقِلُ الرَّجُلَ إِلَى ثُلُثِ دِيَةِ الرَّجُلِ، فَإِذَا بَلَغَتْ ثُلُثَ دِيَةِ الرَّجُلِ كَانَتْ إِلَى النِّصْفِ مِنْ دِيَةِ الرَّجُلِ، قَالَ مَالِكٌ: وَتَفْسِيرُ ذَلِكَ أَنَّهَا تُعَاقِلُهُ فِي الْمُوضِحَةِ وَالْمُنَقِّلَةِ، وَمَا دُونَ الْمَأْمُومَةِ وَالْجَائِفَةِ، وَأَشْبَاهِهِمَا مِمَّا يَكُونُ فِيهِ ثُلُثُ الدِّيَةِ فَصَاعِدًا، فَإِذَا بَلَغَتْ ذَلِكَ كَانَ عَقْلُهَا فِي ذَلِكَ النِّصْفَ مِنْ عَقْلِ الرَّجُلِ.


( عقل المرأة)

( مالك عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب أنه كان يقول تعاقل المرأة الرجل) أي تساوي ديته ديتها ( إلى ثلث الدية إصبعها كإصبعه) فيه عشر من الإبل ( وسنها كسنه) فيها خمس إبل ( وموضحتها كموضحته) خمس إبل ( ومنقلتها كمنقلته) التي في الرأس ( مالك عن ابن شهاب) سماعًا وبلغه عن عروة بن الزبير أنهما كانا يقولان مثل قول سعيد بن المسيب ( في المرأة أنها تعاقل الرجل إلى ثلث دية الرجل فإذا بلغت ثلث دية الرجل كانت) أي صارت وردت ( إلى النصف من دية الرجل) ويأتي أن ربيعة استشكله فأجابه بأنه السنة ابن عبد البر وقال جمهور أهل المدينة والفقهاء السبعة وعمر بن عبد العزيز والليث وعطاء وقتادة وزيد بن ثابت وروي عن عمرو بن العاصي مرفوعًا عقل المرأة مثل عقل الرجل حتى تبلغ الثلث من ديتها وإسناده ضعيف إلا أنه اعتضد بقول ابن المسيب هي السنة ( قال مالك وتفسير ذلك أنها تعاقله في الموضحة والمنقلة وما دون المأمومة والجائفة وأشباههما مما يكون فيه ثلث الدية فصاعدًا فإذا بلغت ذلك كان عقلها في ذلك النصف من عقل الرجل) على الأصل في أنها على النصف منه خرج مساواتها للرجل إلى الثلث بالسنة فبقي ما عداه على الأصل ( مالك أنه سمع ابن شهاب يقول مضت السنة أن الرجل إذا أصاب امرأته بجرح) متعلق بأصاب ( أن عليه عقل ذلك) الجرح ( ولا يقاد منه) أي يقتص ( قال مالك وإنما ذلك في الخطأ) مثل ( أن يضرب الرجل امرأته فيصيبها) بالنصب ( من ضربه ما) أي شيء ( لم يتعمد كما) لو كان ( يضربها بسوط) للتأديب ( فيفقأ عينها ونحو ذلك) أما إن تعمد فالقود لقوله تعالى { { والجروح قصاص } } ( قال مالك في المرأة يكون لها زوج وولد من غير عصبتها ولا قومها فليس على زوجها إذا كان من قبيلة أخرى من عقل جنايتها الخطأ شيء ولا على ولدها إذا كانوا من غير قومها ولا على إخوتها من أمها إذا كانوا من غير عصبتها ولا قومها فهؤلاء أحق بميراثها) بنص القرآن على تفصيله ( والعصبة عليهم العقل) أي دية جنايتها ( منذ زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم) وإلى الآن اتباعًا له ( وكذلك موالي المرأة) الذين أعتقتهم ( ميراثهم لولد المرأة وإن كانوا من غير قبيلتها وعقل جناية الموالي) خطأ ( على قبيلتها) فلا تلازم بين الإرث والعقل.



رقم الحديث 1656 وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ أَبِي عَلْقَمَةَ، عَنْ أُمِّهِ، أَنَّهَا قَالَتْ: دَخَلَتْ حَفْصَةُ بِنْتُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَلَى عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَعَلَى حَفْصَةَ خِمَارٌ رَقِيقٌ، فَشَقَّتْهُ عَائِشَةُ وَكَسَتْهَا خِمَارًا كَثِيفًا.


( ما يكره للنساء لبسه من الثياب)

( مالك عن علقمة بن أبي علقمة) بلال المدني مولى عائشة الثقة العلامة ( عن أمه) مرجانة مولاة عائشة مقبولة تكنى أم علقمة ( أنها قالت دخلت حفصة بنت عبد الرحمن) بن أبي بكر الصديق ( على) عمتها ( عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم وعلى حفصة المذكورة خمار) بكسر المعجمة ثوب تغطي به المرأة رأسها ( رقيق فشقته عائشة) حتى لا تعود حفصة للبسه ( وكستها خمارًا كثيفًا) غليظًا لأنه أستر ( مالك عن مسلم بن أبي مريم) يسار المدني ( عن أبي صالح) ذكوان السمان ( عن أبي هريرة أنه قال) كذا وقفه يحيى ورواة الموطأ إلا عبد الله بن نافع فقال عن النبي صلى الله عليه وسلم ومعلوم أن هذا لا يمكن أنه من رأي أبي هريرة لأنه لا يدرك بالرأي ومحال أن يقول أبو هريرة من رأيه لا يدخلن الجنة قاله ابن عبد البر وقد رواه مسلم من طريق جرير عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( نساء) مبتدأ سائغ للوصف بقوله ( كاسيات) قال ابن عبد البر أراد اللواتي يلبسن من الثياب الشيء الخفيف الذي يصف ولا يستر فهن كاسيات بالاسم ( عاريات) في الحقيقة وقال المازري فيه ثلاث أوجه كاسيات من نعم الله عاريات من الشكر أو كاسيات لبعض أجسادهن عاريات لبعضه إظهارًا للجمال أو لابسات ثيابًا رقاقًا تصف ما تحتها ( مائلات) عن الحق ( مميلات) لأزواجهن عنه وقال المازري مائلات عن طاعة الله وما يلزمهن من حفظ فروجهن مميلات غيرهن إلى مثل فعلهن وقيل مائلات متبخترات في مشيهن مميلات أكتافهن وأعطافهن وقيل مائلات يمشطن المشطة الميلاء وهي مشطة النعايا مميلات غيرهن إلى تلك المشطة قال عياض استشهاد ابن الإنباري على المشطة الميلاء بقول امرئ القيس

غدائره مستشزرات إلى العلا

يدل على أن المشطة ضفائر الغدائر وشدها فوق الرأس فتأتي كأسنمة البخت وهذا يدل على أن التشبيه بأسنمة البخت إنما هو بارتفاع الغدائر فوق رؤوسهن وجمع العقائص هناك وتكثيرها بما تضفر به حتى تميل إلى ناحية من جانب الرأس كما يميل السنام قال ابن دريد ناقة ميلاء إذا مال سنامها إلى أحد شقيها وقد يكون معنى مائلات منحطات للرجال مميلات لهم بما يبدين من زينتهن والصواب الموافق للغة ما جاءت به الرواية مائلات خلافًا لقول الكناني صوابه ماثلات بمثلثة أي قائمات انتهى ملخصًا ( لا يدخلن الجنة) مع السابقين أو بغير عذاب قال أبو عمر هذا عندي محمول على المشيئة وأن هذا جزاؤهن فإن عفا الله عنهن فهو أهل العفو والمغفرة { { لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء } } وزاد في رواية مسلم رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة ( ولا يجدن ريحها وريحها يوجد من مسيرة خمسمائة سنة) وفي مسلم من الطريق المذكورة مسيرة كذا وكذا فتفسر برواية الموطأ هذه وأول الحديث في مسلم صنفان من أهل النار لم أرهما قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها ونساء إلخ ( مالك عن يحيى بن سعيد) الأنصاري ( عن ابن شهاب) محمد بن مسلم الزهري شيخ الإمام روى عنه هنا بواسطة وهو مرسل وصله البخاري من طريق معمر عن الزهري عند هند بنت الحارث عن أم سلمة ومن طريق ابن عيينة عن عمرو بن دينار عن يحيى بن سعيد عن الزهري عن امرأة عن أم سلمة ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام) أي انتبه من نومه ( من الليل) وفي البخاري استيقظ صلى الله عليه وسلم ذات ليلة ( فنظر في أفق) بضم الهمزة والفاء أي ناحية ( السماء فقال) زاد البخاري سبحان الله ( ماذا) استفهام متضمن لمعنى التعجب والتعظيم ويحتمل أن يكون ما نكرة موصوفة ( فتح الليلة من الخزائن) قال ابن عبد البر يريد من أرزاق العباد مما فتحه الله على هذه الأمة من ديار الكفر والاتساع في المال وقال الباجي يحتمل أن يريد أنه فتح من خزائنها تلك الليلة ما قدر الله أن لا ينزل إلى الأرض شيئًا منها إلا بعد فتح تلك الخزائن ويحتمل أنه فتح خزائن الفتن فوقع بعض ما كان فيها بمعنى أنه قد وجد إلى موضع لم يصل إليه قبل ذلك ( وماذا وقع من الفتن) يحتمل أنه ما يفتن من زهرة الدنيا ويحتمل الفتن التي حدثت من سفك الدماء وفساد أحوال المسلمين انتهى وقال الداودي الثاني هو الأول والشيء قد يعطف على نفسه تأكيدًا لأن ما يفتح من الخزائن يكون سببًا للفتن قال الحافظ وكأنه فهم أن المراد بالخزائن خزائن فارس والروم وغيرهما مما فتح على الصحابة لكن المغايرة بين الخزائن والفتن واضح لأنهما غير ملازمين فكم من نائل من تلك الخزائن سالم من الفتن وقال الكرماني عبر عن الرحمة بالخزائن لقوله تعالى { { خزائن رحمة ربي } } وعن العذاب بالفتن لأنها أسبابه انتهى قال شيخنا علامة الدنيا ما المانع من بقاء الخزائن على ظاهرها حيث أريد بها خزائن فارس والروم وغيرهما والآية لا تنافيه وبتقدير جعل الآية كناية عن الرحمة لخصوصية اقتضت ذلك كما يعلم من التفسير لا تنافيه أيضًا وكذا بقاء الفتن على ظاهرها حيث أريد بها ما وقع بعده من الفتن قال اللهم إلا أن يقال لما كان المقام مقام ترغيب في الصبر على قلة المال لفقرائهم حملت الخزائن على الرحمة بمعنى الأرزاق الحاصلة فيها مقاوم تخويف حملت الفتن على العذاب وبعده لا يخفى ( كم من) نفس ( كاسية) لابسة ( في الدنيا) أثوابًا رقيقة لا تمنع إدراك البشرة أو نفيسة ( عارية) بخفة الياء والجر والرفع أي وهي عارية ( يوم القيامة) أي في الحشر إذا كسي أهل الصلاح فلا يرد أن الناس كلهم يحشرون حفاة عراة قال ابن عبد البر ويحتمل عارية من الحسنات ( أيقظوا) بفتح الهمزة أي نبهوا ( صواحب الحجر) بضم الحاء وفتح الجيم جمع حجرة وهي منازل أزواجه وخصهن بالإيقاظ لأنهن الحاضرات حينئذ أو من باب ابدأ بنفسك ثم بمن تعول وأراد أن يوقظن للصلاة في تلك الليلة رجاء بركتها ولئلا يكن من الغافلين فيها ويعتمدن على كونهن أزواجه صلى الله عليه وسلم وفيه إيقاظ الرجل أهله بالليل للعبادة لا سيما عند أمر يحدث والإسراع إلى الصلاة عند خشية الشر كما قال تعالى { { واستعينوا بالصبر والصلاة } } وكان صلى الله عليه وسلم إذا حزبه أمر فزع إلى الصلاة وأمر من رأى في منامه ما يكره أن يصلي.



رقم الحديث 1657 وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ مُسْلِمِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّهُ قَالَ: نِسَاءٌ كَاسِيَاتٌ عَارِيَاتٌ، مَائِلَاتٌ مُمِيلَاتٌ لَا يَدْخُلْنَ الْجَنَّةَ، وَلَا يَجِدْنَ رِيحَهَا، وَرِيحُهَا يُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ خَمْسِمِائَةِ سَنَةٍ.


( ما يكره للنساء لبسه من الثياب)

( مالك عن علقمة بن أبي علقمة) بلال المدني مولى عائشة الثقة العلامة ( عن أمه) مرجانة مولاة عائشة مقبولة تكنى أم علقمة ( أنها قالت دخلت حفصة بنت عبد الرحمن) بن أبي بكر الصديق ( على) عمتها ( عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم وعلى حفصة المذكورة خمار) بكسر المعجمة ثوب تغطي به المرأة رأسها ( رقيق فشقته عائشة) حتى لا تعود حفصة للبسه ( وكستها خمارًا كثيفًا) غليظًا لأنه أستر ( مالك عن مسلم بن أبي مريم) يسار المدني ( عن أبي صالح) ذكوان السمان ( عن أبي هريرة أنه قال) كذا وقفه يحيى ورواة الموطأ إلا عبد الله بن نافع فقال عن النبي صلى الله عليه وسلم ومعلوم أن هذا لا يمكن أنه من رأي أبي هريرة لأنه لا يدرك بالرأي ومحال أن يقول أبو هريرة من رأيه لا يدخلن الجنة قاله ابن عبد البر وقد رواه مسلم من طريق جرير عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( نساء) مبتدأ سائغ للوصف بقوله ( كاسيات) قال ابن عبد البر أراد اللواتي يلبسن من الثياب الشيء الخفيف الذي يصف ولا يستر فهن كاسيات بالاسم ( عاريات) في الحقيقة وقال المازري فيه ثلاث أوجه كاسيات من نعم الله عاريات من الشكر أو كاسيات لبعض أجسادهن عاريات لبعضه إظهارًا للجمال أو لابسات ثيابًا رقاقًا تصف ما تحتها ( مائلات) عن الحق ( مميلات) لأزواجهن عنه وقال المازري مائلات عن طاعة الله وما يلزمهن من حفظ فروجهن مميلات غيرهن إلى مثل فعلهن وقيل مائلات متبخترات في مشيهن مميلات أكتافهن وأعطافهن وقيل مائلات يمشطن المشطة الميلاء وهي مشطة النعايا مميلات غيرهن إلى تلك المشطة قال عياض استشهاد ابن الإنباري على المشطة الميلاء بقول امرئ القيس

غدائره مستشزرات إلى العلا

يدل على أن المشطة ضفائر الغدائر وشدها فوق الرأس فتأتي كأسنمة البخت وهذا يدل على أن التشبيه بأسنمة البخت إنما هو بارتفاع الغدائر فوق رؤوسهن وجمع العقائص هناك وتكثيرها بما تضفر به حتى تميل إلى ناحية من جانب الرأس كما يميل السنام قال ابن دريد ناقة ميلاء إذا مال سنامها إلى أحد شقيها وقد يكون معنى مائلات منحطات للرجال مميلات لهم بما يبدين من زينتهن والصواب الموافق للغة ما جاءت به الرواية مائلات خلافًا لقول الكناني صوابه ماثلات بمثلثة أي قائمات انتهى ملخصًا ( لا يدخلن الجنة) مع السابقين أو بغير عذاب قال أبو عمر هذا عندي محمول على المشيئة وأن هذا جزاؤهن فإن عفا الله عنهن فهو أهل العفو والمغفرة { { لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء } } وزاد في رواية مسلم رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة ( ولا يجدن ريحها وريحها يوجد من مسيرة خمسمائة سنة) وفي مسلم من الطريق المذكورة مسيرة كذا وكذا فتفسر برواية الموطأ هذه وأول الحديث في مسلم صنفان من أهل النار لم أرهما قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها ونساء إلخ ( مالك عن يحيى بن سعيد) الأنصاري ( عن ابن شهاب) محمد بن مسلم الزهري شيخ الإمام روى عنه هنا بواسطة وهو مرسل وصله البخاري من طريق معمر عن الزهري عند هند بنت الحارث عن أم سلمة ومن طريق ابن عيينة عن عمرو بن دينار عن يحيى بن سعيد عن الزهري عن امرأة عن أم سلمة ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام) أي انتبه من نومه ( من الليل) وفي البخاري استيقظ صلى الله عليه وسلم ذات ليلة ( فنظر في أفق) بضم الهمزة والفاء أي ناحية ( السماء فقال) زاد البخاري سبحان الله ( ماذا) استفهام متضمن لمعنى التعجب والتعظيم ويحتمل أن يكون ما نكرة موصوفة ( فتح الليلة من الخزائن) قال ابن عبد البر يريد من أرزاق العباد مما فتحه الله على هذه الأمة من ديار الكفر والاتساع في المال وقال الباجي يحتمل أن يريد أنه فتح من خزائنها تلك الليلة ما قدر الله أن لا ينزل إلى الأرض شيئًا منها إلا بعد فتح تلك الخزائن ويحتمل أنه فتح خزائن الفتن فوقع بعض ما كان فيها بمعنى أنه قد وجد إلى موضع لم يصل إليه قبل ذلك ( وماذا وقع من الفتن) يحتمل أنه ما يفتن من زهرة الدنيا ويحتمل الفتن التي حدثت من سفك الدماء وفساد أحوال المسلمين انتهى وقال الداودي الثاني هو الأول والشيء قد يعطف على نفسه تأكيدًا لأن ما يفتح من الخزائن يكون سببًا للفتن قال الحافظ وكأنه فهم أن المراد بالخزائن خزائن فارس والروم وغيرهما مما فتح على الصحابة لكن المغايرة بين الخزائن والفتن واضح لأنهما غير ملازمين فكم من نائل من تلك الخزائن سالم من الفتن وقال الكرماني عبر عن الرحمة بالخزائن لقوله تعالى { { خزائن رحمة ربي } } وعن العذاب بالفتن لأنها أسبابه انتهى قال شيخنا علامة الدنيا ما المانع من بقاء الخزائن على ظاهرها حيث أريد بها خزائن فارس والروم وغيرهما والآية لا تنافيه وبتقدير جعل الآية كناية عن الرحمة لخصوصية اقتضت ذلك كما يعلم من التفسير لا تنافيه أيضًا وكذا بقاء الفتن على ظاهرها حيث أريد بها ما وقع بعده من الفتن قال اللهم إلا أن يقال لما كان المقام مقام ترغيب في الصبر على قلة المال لفقرائهم حملت الخزائن على الرحمة بمعنى الأرزاق الحاصلة فيها مقاوم تخويف حملت الفتن على العذاب وبعده لا يخفى ( كم من) نفس ( كاسية) لابسة ( في الدنيا) أثوابًا رقيقة لا تمنع إدراك البشرة أو نفيسة ( عارية) بخفة الياء والجر والرفع أي وهي عارية ( يوم القيامة) أي في الحشر إذا كسي أهل الصلاح فلا يرد أن الناس كلهم يحشرون حفاة عراة قال ابن عبد البر ويحتمل عارية من الحسنات ( أيقظوا) بفتح الهمزة أي نبهوا ( صواحب الحجر) بضم الحاء وفتح الجيم جمع حجرة وهي منازل أزواجه وخصهن بالإيقاظ لأنهن الحاضرات حينئذ أو من باب ابدأ بنفسك ثم بمن تعول وأراد أن يوقظن للصلاة في تلك الليلة رجاء بركتها ولئلا يكن من الغافلين فيها ويعتمدن على كونهن أزواجه صلى الله عليه وسلم وفيه إيقاظ الرجل أهله بالليل للعبادة لا سيما عند أمر يحدث والإسراع إلى الصلاة عند خشية الشر كما قال تعالى { { واستعينوا بالصبر والصلاة } } وكان صلى الله عليه وسلم إذا حزبه أمر فزع إلى الصلاة وأمر من رأى في منامه ما يكره أن يصلي.



رقم الحديث 1658 وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَامَ مِنَ اللَّيْلِ فَنَظَرَ فِي أُفُقِ السَّمَاءِ فَقَالَ: مَاذَا فُتِحَ اللَّيْلَةَ مِنَ الْخَزَائِنِ؟ وَمَاذَا وَقَعَ مِنَ الْفِتَنِ؟ كَمْ مِنْ كَاسِيَةٍ فِي الدُّنْيَا عَارِيَةٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟ أَيْقِظُوا صَوَاحِبَ الْحُجَرِ.


( ما يكره للنساء لبسه من الثياب)

( مالك عن علقمة بن أبي علقمة) بلال المدني مولى عائشة الثقة العلامة ( عن أمه) مرجانة مولاة عائشة مقبولة تكنى أم علقمة ( أنها قالت دخلت حفصة بنت عبد الرحمن) بن أبي بكر الصديق ( على) عمتها ( عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم وعلى حفصة المذكورة خمار) بكسر المعجمة ثوب تغطي به المرأة رأسها ( رقيق فشقته عائشة) حتى لا تعود حفصة للبسه ( وكستها خمارًا كثيفًا) غليظًا لأنه أستر ( مالك عن مسلم بن أبي مريم) يسار المدني ( عن أبي صالح) ذكوان السمان ( عن أبي هريرة أنه قال) كذا وقفه يحيى ورواة الموطأ إلا عبد الله بن نافع فقال عن النبي صلى الله عليه وسلم ومعلوم أن هذا لا يمكن أنه من رأي أبي هريرة لأنه لا يدرك بالرأي ومحال أن يقول أبو هريرة من رأيه لا يدخلن الجنة قاله ابن عبد البر وقد رواه مسلم من طريق جرير عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( نساء) مبتدأ سائغ للوصف بقوله ( كاسيات) قال ابن عبد البر أراد اللواتي يلبسن من الثياب الشيء الخفيف الذي يصف ولا يستر فهن كاسيات بالاسم ( عاريات) في الحقيقة وقال المازري فيه ثلاث أوجه كاسيات من نعم الله عاريات من الشكر أو كاسيات لبعض أجسادهن عاريات لبعضه إظهارًا للجمال أو لابسات ثيابًا رقاقًا تصف ما تحتها ( مائلات) عن الحق ( مميلات) لأزواجهن عنه وقال المازري مائلات عن طاعة الله وما يلزمهن من حفظ فروجهن مميلات غيرهن إلى مثل فعلهن وقيل مائلات متبخترات في مشيهن مميلات أكتافهن وأعطافهن وقيل مائلات يمشطن المشطة الميلاء وهي مشطة النعايا مميلات غيرهن إلى تلك المشطة قال عياض استشهاد ابن الإنباري على المشطة الميلاء بقول امرئ القيس

غدائره مستشزرات إلى العلا

يدل على أن المشطة ضفائر الغدائر وشدها فوق الرأس فتأتي كأسنمة البخت وهذا يدل على أن التشبيه بأسنمة البخت إنما هو بارتفاع الغدائر فوق رؤوسهن وجمع العقائص هناك وتكثيرها بما تضفر به حتى تميل إلى ناحية من جانب الرأس كما يميل السنام قال ابن دريد ناقة ميلاء إذا مال سنامها إلى أحد شقيها وقد يكون معنى مائلات منحطات للرجال مميلات لهم بما يبدين من زينتهن والصواب الموافق للغة ما جاءت به الرواية مائلات خلافًا لقول الكناني صوابه ماثلات بمثلثة أي قائمات انتهى ملخصًا ( لا يدخلن الجنة) مع السابقين أو بغير عذاب قال أبو عمر هذا عندي محمول على المشيئة وأن هذا جزاؤهن فإن عفا الله عنهن فهو أهل العفو والمغفرة { { لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء } } وزاد في رواية مسلم رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة ( ولا يجدن ريحها وريحها يوجد من مسيرة خمسمائة سنة) وفي مسلم من الطريق المذكورة مسيرة كذا وكذا فتفسر برواية الموطأ هذه وأول الحديث في مسلم صنفان من أهل النار لم أرهما قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها ونساء إلخ ( مالك عن يحيى بن سعيد) الأنصاري ( عن ابن شهاب) محمد بن مسلم الزهري شيخ الإمام روى عنه هنا بواسطة وهو مرسل وصله البخاري من طريق معمر عن الزهري عند هند بنت الحارث عن أم سلمة ومن طريق ابن عيينة عن عمرو بن دينار عن يحيى بن سعيد عن الزهري عن امرأة عن أم سلمة ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام) أي انتبه من نومه ( من الليل) وفي البخاري استيقظ صلى الله عليه وسلم ذات ليلة ( فنظر في أفق) بضم الهمزة والفاء أي ناحية ( السماء فقال) زاد البخاري سبحان الله ( ماذا) استفهام متضمن لمعنى التعجب والتعظيم ويحتمل أن يكون ما نكرة موصوفة ( فتح الليلة من الخزائن) قال ابن عبد البر يريد من أرزاق العباد مما فتحه الله على هذه الأمة من ديار الكفر والاتساع في المال وقال الباجي يحتمل أن يريد أنه فتح من خزائنها تلك الليلة ما قدر الله أن لا ينزل إلى الأرض شيئًا منها إلا بعد فتح تلك الخزائن ويحتمل أنه فتح خزائن الفتن فوقع بعض ما كان فيها بمعنى أنه قد وجد إلى موضع لم يصل إليه قبل ذلك ( وماذا وقع من الفتن) يحتمل أنه ما يفتن من زهرة الدنيا ويحتمل الفتن التي حدثت من سفك الدماء وفساد أحوال المسلمين انتهى وقال الداودي الثاني هو الأول والشيء قد يعطف على نفسه تأكيدًا لأن ما يفتح من الخزائن يكون سببًا للفتن قال الحافظ وكأنه فهم أن المراد بالخزائن خزائن فارس والروم وغيرهما مما فتح على الصحابة لكن المغايرة بين الخزائن والفتن واضح لأنهما غير ملازمين فكم من نائل من تلك الخزائن سالم من الفتن وقال الكرماني عبر عن الرحمة بالخزائن لقوله تعالى { { خزائن رحمة ربي } } وعن العذاب بالفتن لأنها أسبابه انتهى قال شيخنا علامة الدنيا ما المانع من بقاء الخزائن على ظاهرها حيث أريد بها خزائن فارس والروم وغيرهما والآية لا تنافيه وبتقدير جعل الآية كناية عن الرحمة لخصوصية اقتضت ذلك كما يعلم من التفسير لا تنافيه أيضًا وكذا بقاء الفتن على ظاهرها حيث أريد بها ما وقع بعده من الفتن قال اللهم إلا أن يقال لما كان المقام مقام ترغيب في الصبر على قلة المال لفقرائهم حملت الخزائن على الرحمة بمعنى الأرزاق الحاصلة فيها مقاوم تخويف حملت الفتن على العذاب وبعده لا يخفى ( كم من) نفس ( كاسية) لابسة ( في الدنيا) أثوابًا رقيقة لا تمنع إدراك البشرة أو نفيسة ( عارية) بخفة الياء والجر والرفع أي وهي عارية ( يوم القيامة) أي في الحشر إذا كسي أهل الصلاح فلا يرد أن الناس كلهم يحشرون حفاة عراة قال ابن عبد البر ويحتمل عارية من الحسنات ( أيقظوا) بفتح الهمزة أي نبهوا ( صواحب الحجر) بضم الحاء وفتح الجيم جمع حجرة وهي منازل أزواجه وخصهن بالإيقاظ لأنهن الحاضرات حينئذ أو من باب ابدأ بنفسك ثم بمن تعول وأراد أن يوقظن للصلاة في تلك الليلة رجاء بركتها ولئلا يكن من الغافلين فيها ويعتمدن على كونهن أزواجه صلى الله عليه وسلم وفيه إيقاظ الرجل أهله بالليل للعبادة لا سيما عند أمر يحدث والإسراع إلى الصلاة عند خشية الشر كما قال تعالى { { واستعينوا بالصبر والصلاة } } وكان صلى الله عليه وسلم إذا حزبه أمر فزع إلى الصلاة وأمر من رأى في منامه ما يكره أن يصلي.