فهرس الكتاب

شرح الزرقاني - بَابُ مَا جَاءَ فِي الِانْتِعَالِ

رقم الحديث 1664 وحَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ فِي كُلِّ زَوْجٍ مِنَ الْإِنْسَانِ الدِّيَةَ كَامِلَةً، وَأَنَّ فِي اللِّسَانِ الدِّيَةَ كَامِلَةً، وَأَنَّ فِي الْأُذُنَيْنِ إِذَا ذَهَبَ سَمْعُهُمَا الدِّيَةَ كَامِلَةً اصْطُلِمَتَا، أَوْ لَمْ تُصْطَلَمَا، وَفِي ذَكَرِ الرَّجُلِ الدِّيَةُ كَامِلَةً، وَفِي الْأُنْثَيَيْنِ الدِّيَةُ كَامِلَةً.


( ما فيه الدية كاملة)

( مالك عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب أنه كان يقول في الشفتين الدية كاملة) وجاء ذلك مرفوعًا عند النسائي وغيره في كتاب عمرو بن حزم من طريق الزهري كما مر ( فإذا قطعت السفلى ففيها ثلثا الدية) لأن النفع بها أقوى لكن لم يأخذ بهذا مالك والشافعي ومن وافقهما فقالوا فيها نصف الدية ( مالك أنه سأل ابن شهاب عن الرجل الأعور يفقأ عين الصحيح فقال ابن شهاب إن أحب الصحيح أن يستقيد) يقتص ( منه فله القود وإن أحب فله الدية ألف دينار) إن كان من أهل الذهب ( أو اثنا عشر ألف درهم) إن كان من أهل الفضة ( مالك إن بلغه أن في كل زوج من الإنسان) كاليدين والرجلين والبيضتين والشفتين والعينين ( الدية كاملة وأن في اللسان الدية كاملة) وذلك في كتاب عمرو بن حزم عند النسائي ( وأن في الأذنين إذا ذهب سمعهما الدية كاملة) سواء ( اصطلمتا) أي قطعتا من أصلهما ( أو لم يصطلما) لم يقطعا ( وفي ذكر الرجل الدية كاملة) لنص حديث عمرو ( وفي الاثنيين الدية كاملة) بنصه أيضًا ( مالك أنه بلغه أن في ثديي المرأة الدية كاملة) إذا استأصلهما بالقطع وأما حلمتاهما وهي رأسهما فلا تجب الدية فيهما إلا بشرط إبطال اللبن ( مالك وأخف ذلك عندي الحاجبان وثديا الرجل) فليس فيهما الدية بل الحكومة ( والأمر عندنا أن الرجل إذا أصيب من أطرافه أكثر من ديته فذلك له إذا أصيبت يداه ورجلاه وعيناه فله ثلاث ديات) وإن أصيب مع ذلك شفتاه فأربع وهكذا ( قال مالك في عين الأعور الصحيحة إذا فقئت خطأ إن فيها الدية كاملة) لقول ابن شهاب هي السنة وقضى به عمر وعثمان وعلي وابن عباس وقاله سليمان بن يسار وسعيد بن المسيب وعروة بن الزبير.



رقم الحديث 1664 وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: لَا يَمْشِيَنَّ أَحَدُكُمْ فِي نَعْلٍ وَاحِدَةٍ لِيُنْعِلْهُمَا جَمِيعًا أَوْ لِيُحْفِهِمَا جَمِيعًا.


( ما جاء في الانتعال)

( مالك عن أبي الزناد) عبد الله بن ذكوان ( عن الأعرج) عبد الرحمن بن هرمز ( عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا يمشين) بنون التأكيد الثقيلة وللقعنبي لا يمشي ( أحدكم في نعل واحدة) لما في ذلك من المثلة ومفارقة الوقار ومشابهة زي الشيطان كالأكل بالشمال قاله الباجي زاد غيره ولمشقة المشي حينئذ وخوف العثار ( لينعلهما) بفتح أوله وضمه من نعل وأنعل واقتصر النووي على الضم ورده الزين العراقي بأن أهل اللغة قالوا نعل بفتح العين وحكي كسرها وتعقب بأنهم قالوا أيضًا نعل رجله ألبسها نعلاً ( جميعًا أو ليحفهما) بالحاء المهملة من الإحفاء أي ليجردهما ( جميعًا) قال ابن عبد البر والضميران للقدمين وإن لم يتقدم لهما ذكر ولو أراد النعلين لقال لينتعلهما أو ليحتف منهما انتهى وقس على ذلك كل لباس شفع كالخفين وإخراج اليد من الكم والتردي على أحد المنكبين ونحو ذلك وهذا الحديث رواه البخاري وأبو داود عن القعنبي ومسلم عن يحيى كلهم عن مالك به ( مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا انتعل أحدكم) أي لبس نعله ( فليبدأ) استحبابًا ( باليمين) أي بالجانب اليمين وفي رواية باليمنى أي بالنعل اليمنى لأن النعل مؤنثة ( وإذا نزع) وفي رواية انتزع ( فليبدأ بالشمال) أي ينزعها لأن اللبس كرامة للبدن إذ هو وقاية من الآفات واليمنى أحق بالإكرام فبدئ بها في اللبس وأخرت في النزع ليكون الإكرام لها أدوم وصيانتها وحفظها أكثر قال الباجي التيامن مشروع في ابتداء الأعمال والتياسر مشروع في تركها ( ولتكن اليمنى أولهما تنعل وآخرهما تنزع) ببنائه كتنعل للمفعول وأولهما وآخرهما نصب خبر تكن أو على الحال والخبر تنعل وتنزع بفوقيتين وتحتانيتين مذكرين باعتبار النعل والخلع وزعم ابن وضاح أن قوله ولتكن إلخ مدرج قال الحافظ أي والأصل أنه مرفوع لأن الإدراج ليس بالتشهي وليس هذا تأكيدًا للاستغناء عنه بالأول كما زعم بل له فائدة هي أن الأمر بتقديم اليمنى أولاً لا يقتضي تأخر نزعها لاحتمال نزعهما معًا قال ابن عبد البر فمن بدأ بالانتعال باليسرى أساء بمخالفة السنة ولكن لا يحرم عليه لبس نعله وقال غيره ينبغي أن ينزع النعل من اليسرى ثم يبدأ باليمنى قال الحافظ ويمكن أن مراد ابن عبد البر ما إذا لبسهما معًا فبدأ باليسرى فلا يشرع له نزعهما ثم لبسهما على الترتيب المشروع لفوات محله قال بعضهم وفيه تأمل لأن من فعل ذلك فعليه نزعهما ويستأنف لبسهما على ما أمر به فكأنه ألغى ما وقع منه أولاً ونقل عياض وغيره الإجماع على أن الأمر فيه للاستحباب وهذا الحديث رواه البخاري وأبو داود والقعنبي عن مالك به ( مالك عن عمه أبي سهيل) بضم السين واسمه نافع ( ابن مالك عن أبيه) مالك بن أبي عامر الأصبحي ( عن كعب الأحبار) أي ملجأ العلماء الحميري ( أن رجلاً) لم يسم ( نزع نعليه فقال) كعب لم خلعت نعليك لعلك تأولت هذه الآية { { اخلع نعليك إنك بالواد المقدس } } المطهر أو المبارك الذي من الله به عليك فطأه لتصيب قدميك بركته { { طوى } } بدل أو عطف بيان بالتنوين وتركه مصروف باعتبار المكان وغير مصروف للتأنيث باعتبار البقعة مع العلمية ( ثم قال كعب للرجل أتدري ما كانت نعلا موسى قال مالك لا أدري ما أجابه الرجل فقال كعب كانتا من جلد حمار ميت) فهذا سبب أمره بخلعهما فأخذ اليهود منه لزوم خلع النعلين في الصلاة ليس بصحيح ثم يحتمل أنها كانت مدبوغة فترك ذكر الدباغ للعلم به ولجري العادة بدباغها قبل لبسها ويحتمل أن شرع موسى استعمالها بلا دباغ وهذا من الإسرائيليات لأن كعبًا من أحبارها وقد روي مرفوعًا كان على موسى يوم كلمه ربه كساء صوف وجبة صوف وكمة صوف وسراويل صوف وكانت نعلاه من جلد حمار ميت أخرجه الترمذي من طريق حميد الأعرج عن عبد الله بن الحارث عن ابن مسعود رفعه وصححه الحاكم قال المنذري ظنًا منه أن حميدًا الأعرج هو ابن قيس المكي وإنما هو ابن علي وقيل ابن عمار أحد المتروكين وقال الترمذي سألت عنه البخاري فقال حميد هذا منكر الحديث قال الحاكم هذا أصل كبير في التصوف قال ابن العربي إنما جعل ثيابه كلها صوفًا لأنه كان بمحل لم يتيسر له فيه سواه فعمل باليسر وترك التكلف والعسر وكان من الاتفاق الحسن أن آتاه الله تلك الفضيلة وهو على تلك اللبسة التي لم يتكلفها وقال الزين العراقي يحتمل كونه مقصودًا للتواضع وترك التنعم أو لعدم وجود ما هو أرفع ويحتمل أنه اتفاقي لا عن قصد بل كان يلبس كل ما وجد كما كان نبينا صلى الله عليه وسلم يفعل وكمة بضم الكاف وكسرها وشد الميم قلنسوة صغيرة أو مدورة.



رقم الحديث 1665 وَحَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مالِكٍ، أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ فِي ثَدْيَيِ الْمَرْأَةِ الدِّيَةَ كَامِلَةً.
قَالَ مَالِكٌ: وَأَخَفُّ ذَلِكَ عِنْدِي الْحَاجِبَانِ، وَثَدْيَا الرَّجُلِ.
قَالَ مَالِكٌ: الْأَمْرُ عِنْدَنَا أَنَّ الرَّجُلَ إِذَا أُصِيبَ مِنْ أَطْرَافِهِ أَكْثَرُ مِنْ دِيَتِهِ، فَذَلِكَ لَهُ إِذَا أُصِيبَتْ يَدَاهُ وَرِجْلَاهُ وَعَيْنَاهُ، فَلَهُ ثَلَاثُ دِيَاتٍ.
قَالَ مَالِكٌ: فِي عَيْنِ الْأَعْوَرِ الصَّحِيحَةِ إِذَا فُقِئَتْ خَطَأً إِنَّ فِيهَا الدِّيَةَ كَامِلَةً.


( ما فيه الدية كاملة)

( مالك عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب أنه كان يقول في الشفتين الدية كاملة) وجاء ذلك مرفوعًا عند النسائي وغيره في كتاب عمرو بن حزم من طريق الزهري كما مر ( فإذا قطعت السفلى ففيها ثلثا الدية) لأن النفع بها أقوى لكن لم يأخذ بهذا مالك والشافعي ومن وافقهما فقالوا فيها نصف الدية ( مالك أنه سأل ابن شهاب عن الرجل الأعور يفقأ عين الصحيح فقال ابن شهاب إن أحب الصحيح أن يستقيد) يقتص ( منه فله القود وإن أحب فله الدية ألف دينار) إن كان من أهل الذهب ( أو اثنا عشر ألف درهم) إن كان من أهل الفضة ( مالك إن بلغه أن في كل زوج من الإنسان) كاليدين والرجلين والبيضتين والشفتين والعينين ( الدية كاملة وأن في اللسان الدية كاملة) وذلك في كتاب عمرو بن حزم عند النسائي ( وأن في الأذنين إذا ذهب سمعهما الدية كاملة) سواء ( اصطلمتا) أي قطعتا من أصلهما ( أو لم يصطلما) لم يقطعا ( وفي ذكر الرجل الدية كاملة) لنص حديث عمرو ( وفي الاثنيين الدية كاملة) بنصه أيضًا ( مالك أنه بلغه أن في ثديي المرأة الدية كاملة) إذا استأصلهما بالقطع وأما حلمتاهما وهي رأسهما فلا تجب الدية فيهما إلا بشرط إبطال اللبن ( مالك وأخف ذلك عندي الحاجبان وثديا الرجل) فليس فيهما الدية بل الحكومة ( والأمر عندنا أن الرجل إذا أصيب من أطرافه أكثر من ديته فذلك له إذا أصيبت يداه ورجلاه وعيناه فله ثلاث ديات) وإن أصيب مع ذلك شفتاه فأربع وهكذا ( قال مالك في عين الأعور الصحيحة إذا فقئت خطأ إن فيها الدية كاملة) لقول ابن شهاب هي السنة وقضى به عمر وعثمان وعلي وابن عباس وقاله سليمان بن يسار وسعيد بن المسيب وعروة بن الزبير.



رقم الحديث 1665 وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: إِذَا انْتَعَلَ أَحَدُكُمْ فَلْيَبْدَأْ بِالْيَمِينِ، وَإِذَا نَزَعَ فَلْيَبْدَأْ بِالشِّمَالِ، وَلْتَكُنِ الْيُمْنَى أَوَّلَهُمَا تُنْعَلُ، وَآخِرَهُمَا تُنْزَعُ.


( ما جاء في الانتعال)

( مالك عن أبي الزناد) عبد الله بن ذكوان ( عن الأعرج) عبد الرحمن بن هرمز ( عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا يمشين) بنون التأكيد الثقيلة وللقعنبي لا يمشي ( أحدكم في نعل واحدة) لما في ذلك من المثلة ومفارقة الوقار ومشابهة زي الشيطان كالأكل بالشمال قاله الباجي زاد غيره ولمشقة المشي حينئذ وخوف العثار ( لينعلهما) بفتح أوله وضمه من نعل وأنعل واقتصر النووي على الضم ورده الزين العراقي بأن أهل اللغة قالوا نعل بفتح العين وحكي كسرها وتعقب بأنهم قالوا أيضًا نعل رجله ألبسها نعلاً ( جميعًا أو ليحفهما) بالحاء المهملة من الإحفاء أي ليجردهما ( جميعًا) قال ابن عبد البر والضميران للقدمين وإن لم يتقدم لهما ذكر ولو أراد النعلين لقال لينتعلهما أو ليحتف منهما انتهى وقس على ذلك كل لباس شفع كالخفين وإخراج اليد من الكم والتردي على أحد المنكبين ونحو ذلك وهذا الحديث رواه البخاري وأبو داود عن القعنبي ومسلم عن يحيى كلهم عن مالك به ( مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا انتعل أحدكم) أي لبس نعله ( فليبدأ) استحبابًا ( باليمين) أي بالجانب اليمين وفي رواية باليمنى أي بالنعل اليمنى لأن النعل مؤنثة ( وإذا نزع) وفي رواية انتزع ( فليبدأ بالشمال) أي ينزعها لأن اللبس كرامة للبدن إذ هو وقاية من الآفات واليمنى أحق بالإكرام فبدئ بها في اللبس وأخرت في النزع ليكون الإكرام لها أدوم وصيانتها وحفظها أكثر قال الباجي التيامن مشروع في ابتداء الأعمال والتياسر مشروع في تركها ( ولتكن اليمنى أولهما تنعل وآخرهما تنزع) ببنائه كتنعل للمفعول وأولهما وآخرهما نصب خبر تكن أو على الحال والخبر تنعل وتنزع بفوقيتين وتحتانيتين مذكرين باعتبار النعل والخلع وزعم ابن وضاح أن قوله ولتكن إلخ مدرج قال الحافظ أي والأصل أنه مرفوع لأن الإدراج ليس بالتشهي وليس هذا تأكيدًا للاستغناء عنه بالأول كما زعم بل له فائدة هي أن الأمر بتقديم اليمنى أولاً لا يقتضي تأخر نزعها لاحتمال نزعهما معًا قال ابن عبد البر فمن بدأ بالانتعال باليسرى أساء بمخالفة السنة ولكن لا يحرم عليه لبس نعله وقال غيره ينبغي أن ينزع النعل من اليسرى ثم يبدأ باليمنى قال الحافظ ويمكن أن مراد ابن عبد البر ما إذا لبسهما معًا فبدأ باليسرى فلا يشرع له نزعهما ثم لبسهما على الترتيب المشروع لفوات محله قال بعضهم وفيه تأمل لأن من فعل ذلك فعليه نزعهما ويستأنف لبسهما على ما أمر به فكأنه ألغى ما وقع منه أولاً ونقل عياض وغيره الإجماع على أن الأمر فيه للاستحباب وهذا الحديث رواه البخاري وأبو داود والقعنبي عن مالك به ( مالك عن عمه أبي سهيل) بضم السين واسمه نافع ( ابن مالك عن أبيه) مالك بن أبي عامر الأصبحي ( عن كعب الأحبار) أي ملجأ العلماء الحميري ( أن رجلاً) لم يسم ( نزع نعليه فقال) كعب لم خلعت نعليك لعلك تأولت هذه الآية { { اخلع نعليك إنك بالواد المقدس } } المطهر أو المبارك الذي من الله به عليك فطأه لتصيب قدميك بركته { { طوى } } بدل أو عطف بيان بالتنوين وتركه مصروف باعتبار المكان وغير مصروف للتأنيث باعتبار البقعة مع العلمية ( ثم قال كعب للرجل أتدري ما كانت نعلا موسى قال مالك لا أدري ما أجابه الرجل فقال كعب كانتا من جلد حمار ميت) فهذا سبب أمره بخلعهما فأخذ اليهود منه لزوم خلع النعلين في الصلاة ليس بصحيح ثم يحتمل أنها كانت مدبوغة فترك ذكر الدباغ للعلم به ولجري العادة بدباغها قبل لبسها ويحتمل أن شرع موسى استعمالها بلا دباغ وهذا من الإسرائيليات لأن كعبًا من أحبارها وقد روي مرفوعًا كان على موسى يوم كلمه ربه كساء صوف وجبة صوف وكمة صوف وسراويل صوف وكانت نعلاه من جلد حمار ميت أخرجه الترمذي من طريق حميد الأعرج عن عبد الله بن الحارث عن ابن مسعود رفعه وصححه الحاكم قال المنذري ظنًا منه أن حميدًا الأعرج هو ابن قيس المكي وإنما هو ابن علي وقيل ابن عمار أحد المتروكين وقال الترمذي سألت عنه البخاري فقال حميد هذا منكر الحديث قال الحاكم هذا أصل كبير في التصوف قال ابن العربي إنما جعل ثيابه كلها صوفًا لأنه كان بمحل لم يتيسر له فيه سواه فعمل باليسر وترك التكلف والعسر وكان من الاتفاق الحسن أن آتاه الله تلك الفضيلة وهو على تلك اللبسة التي لم يتكلفها وقال الزين العراقي يحتمل كونه مقصودًا للتواضع وترك التنعم أو لعدم وجود ما هو أرفع ويحتمل أنه اتفاقي لا عن قصد بل كان يلبس كل ما وجد كما كان نبينا صلى الله عليه وسلم يفعل وكمة بضم الكاف وكسرها وشد الميم قلنسوة صغيرة أو مدورة.



رقم الحديث 1666 وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ عَنْ عَمِّهِ أَبِي سُهَيْلِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ كَعْبِ الْأَحْبَارِ، أَنَّ رَجُلًا نَزَعَ نَعْلَيْهِ، فَقَالَ: لِمَ خَلَعْتَ نَعْلَيْكَ؟ لَعَلَّكَ تَأَوَّلْتَ هَذِهِ الْآيَةَ: { { فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى } } قَالَ: ثُمَّ قَالَ كَعْبٌ لِلرَّجُلِ: أَتَدْرِي مَا كَانَتْ نَعْلَا مُوسَى؟ -قَالَ مَالِكٌ: لَا أَدْرِي مَا أَجَابَهُ الرَّجُلُ- فَقَالَ كَعْبٌ: كَانَتَا مِنْ جِلْدِ حِمَارٍ مَيِّتٍ.


( ما جاء في الانتعال)

( مالك عن أبي الزناد) عبد الله بن ذكوان ( عن الأعرج) عبد الرحمن بن هرمز ( عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا يمشين) بنون التأكيد الثقيلة وللقعنبي لا يمشي ( أحدكم في نعل واحدة) لما في ذلك من المثلة ومفارقة الوقار ومشابهة زي الشيطان كالأكل بالشمال قاله الباجي زاد غيره ولمشقة المشي حينئذ وخوف العثار ( لينعلهما) بفتح أوله وضمه من نعل وأنعل واقتصر النووي على الضم ورده الزين العراقي بأن أهل اللغة قالوا نعل بفتح العين وحكي كسرها وتعقب بأنهم قالوا أيضًا نعل رجله ألبسها نعلاً ( جميعًا أو ليحفهما) بالحاء المهملة من الإحفاء أي ليجردهما ( جميعًا) قال ابن عبد البر والضميران للقدمين وإن لم يتقدم لهما ذكر ولو أراد النعلين لقال لينتعلهما أو ليحتف منهما انتهى وقس على ذلك كل لباس شفع كالخفين وإخراج اليد من الكم والتردي على أحد المنكبين ونحو ذلك وهذا الحديث رواه البخاري وأبو داود عن القعنبي ومسلم عن يحيى كلهم عن مالك به ( مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا انتعل أحدكم) أي لبس نعله ( فليبدأ) استحبابًا ( باليمين) أي بالجانب اليمين وفي رواية باليمنى أي بالنعل اليمنى لأن النعل مؤنثة ( وإذا نزع) وفي رواية انتزع ( فليبدأ بالشمال) أي ينزعها لأن اللبس كرامة للبدن إذ هو وقاية من الآفات واليمنى أحق بالإكرام فبدئ بها في اللبس وأخرت في النزع ليكون الإكرام لها أدوم وصيانتها وحفظها أكثر قال الباجي التيامن مشروع في ابتداء الأعمال والتياسر مشروع في تركها ( ولتكن اليمنى أولهما تنعل وآخرهما تنزع) ببنائه كتنعل للمفعول وأولهما وآخرهما نصب خبر تكن أو على الحال والخبر تنعل وتنزع بفوقيتين وتحتانيتين مذكرين باعتبار النعل والخلع وزعم ابن وضاح أن قوله ولتكن إلخ مدرج قال الحافظ أي والأصل أنه مرفوع لأن الإدراج ليس بالتشهي وليس هذا تأكيدًا للاستغناء عنه بالأول كما زعم بل له فائدة هي أن الأمر بتقديم اليمنى أولاً لا يقتضي تأخر نزعها لاحتمال نزعهما معًا قال ابن عبد البر فمن بدأ بالانتعال باليسرى أساء بمخالفة السنة ولكن لا يحرم عليه لبس نعله وقال غيره ينبغي أن ينزع النعل من اليسرى ثم يبدأ باليمنى قال الحافظ ويمكن أن مراد ابن عبد البر ما إذا لبسهما معًا فبدأ باليسرى فلا يشرع له نزعهما ثم لبسهما على الترتيب المشروع لفوات محله قال بعضهم وفيه تأمل لأن من فعل ذلك فعليه نزعهما ويستأنف لبسهما على ما أمر به فكأنه ألغى ما وقع منه أولاً ونقل عياض وغيره الإجماع على أن الأمر فيه للاستحباب وهذا الحديث رواه البخاري وأبو داود والقعنبي عن مالك به ( مالك عن عمه أبي سهيل) بضم السين واسمه نافع ( ابن مالك عن أبيه) مالك بن أبي عامر الأصبحي ( عن كعب الأحبار) أي ملجأ العلماء الحميري ( أن رجلاً) لم يسم ( نزع نعليه فقال) كعب لم خلعت نعليك لعلك تأولت هذه الآية { { اخلع نعليك إنك بالواد المقدس } } المطهر أو المبارك الذي من الله به عليك فطأه لتصيب قدميك بركته { { طوى } } بدل أو عطف بيان بالتنوين وتركه مصروف باعتبار المكان وغير مصروف للتأنيث باعتبار البقعة مع العلمية ( ثم قال كعب للرجل أتدري ما كانت نعلا موسى قال مالك لا أدري ما أجابه الرجل فقال كعب كانتا من جلد حمار ميت) فهذا سبب أمره بخلعهما فأخذ اليهود منه لزوم خلع النعلين في الصلاة ليس بصحيح ثم يحتمل أنها كانت مدبوغة فترك ذكر الدباغ للعلم به ولجري العادة بدباغها قبل لبسها ويحتمل أن شرع موسى استعمالها بلا دباغ وهذا من الإسرائيليات لأن كعبًا من أحبارها وقد روي مرفوعًا كان على موسى يوم كلمه ربه كساء صوف وجبة صوف وكمة صوف وسراويل صوف وكانت نعلاه من جلد حمار ميت أخرجه الترمذي من طريق حميد الأعرج عن عبد الله بن الحارث عن ابن مسعود رفعه وصححه الحاكم قال المنذري ظنًا منه أن حميدًا الأعرج هو ابن قيس المكي وإنما هو ابن علي وقيل ابن عمار أحد المتروكين وقال الترمذي سألت عنه البخاري فقال حميد هذا منكر الحديث قال الحاكم هذا أصل كبير في التصوف قال ابن العربي إنما جعل ثيابه كلها صوفًا لأنه كان بمحل لم يتيسر له فيه سواه فعمل باليسر وترك التكلف والعسر وكان من الاتفاق الحسن أن آتاه الله تلك الفضيلة وهو على تلك اللبسة التي لم يتكلفها وقال الزين العراقي يحتمل كونه مقصودًا للتواضع وترك التنعم أو لعدم وجود ما هو أرفع ويحتمل أنه اتفاقي لا عن قصد بل كان يلبس كل ما وجد كما كان نبينا صلى الله عليه وسلم يفعل وكمة بضم الكاف وكسرها وشد الميم قلنسوة صغيرة أو مدورة.