فهرس الكتاب

شرح الزرقاني - بَابُ النَّهْيِ عَنِ الشَّرَابِ فِي آنِيَةِ الْفِضَّةِ ، وَالنَّفْخِ فِي الشَّرَابِ

رقم الحديث 1680 حَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: الَّذِي يَشْرَبُ فِي آنِيَةِ الْفِضَّةِ، إِنَّمَا يُجَرْجِرُ فِي بَطْنِهِ نَارَ جَهَنَّمَ.


( النهي عن الشراب في آنية الفضة والنفخ في الشراب)

( مالك عن نافع) مولى ابن عمر ( عن زيد بن عبد الله بن عمر بن الخطاب) التابعي الثقة ولد في خلافة جده ( عن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق) الثقة مات بعد السبعين ( عن أم سلمة) هند بنت أبي أمية ( زوج النبي صلى الله عليه وسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الذي يشرب في آنية الفضة) ولمسلم من طريق عثمان بن مرة عن عبد الله بن عبد الرحمن عن خالته أم سلمة مرفوعًا من شرب من إناء ذهب أو فضة وله أيضًا من رواية علي بن مسهر عن عبيد الله بن عمر عن نافع أن الذي يأكل أو يشرب في آنية الذهب والفضة لكن تفرد ابن مسهر بقوله يأكل ( إنما يجرجر في بطنه) بضم التحتية وفتح الجيم الأولى وكسر الثانية بينهما راء ساكنة وآخره راء أيضًا صوت تردد البعير في حنجرته إذا هاج وصب الماء في الحلق أي يجرعه جرعًا متداركًا قال النووي اتفقوا على كسر الجيم الثانية وتعقب بأن الموفق بن حمزة حكى فتحها وكذا ابن الفركاح وابن مالك في الشواهد ورد بأنه لا يعرف أن أحدًا من الحفاظ رواه مبنيًا للمفعول ويبعد اتفاق الحفاظ قديمًا وحديثًا على ترك رواية ثابتة وأيضًا فإسناده إلى الفاعل هو الأصل وإلى المفعول فرع فلا يصار إليه بلا فائدة ( نار جهنم) بالنصب مفعول يجرجر على أن الجرجرة بمعنى الصب أو التجرع فالفاعل ضمير الشارب وسماه مجرجرًا للنار تسمية للشيء باسم ما يؤول إليه وبالرفع على أنه فاعل على أن النار هي التي تصوت في البطن والأول أشهر وقال الطيبي أما الرفع فمجاز لأن جهنم على الحقيقة لا تجرجر في جوفه والجرجرة صوت البعير عند الحنجرة لكنه جعل صوت تجرع الإنسان للماء في هذه الأواني المخصوصة لوقوع النهي عنه واستحقاق العقاب على استعمالها بجرجرة نار جهنم في بطنه من طريق المجاز وقد يجعل يجرجر بمعنى يصب ويكون نار جهنم منصوبًا على أن ما كافة أو مرفوعًا على أنه خبر إن واسمها ما الموصولة ولا تجعل حينئذ كافة وفيه حرمة استعمال الذهب والفضة في الأكل والشرب والطهارة والأكل بملعقة من أحدهما والتجمر بمجمرة منهما والبول في إناء وحرمة الزينة به واتخاذه لا فرق بين رجل وامرأة في ذلك وإنما فرق بينهما في التحلي لما يقصد في المرأة من الزينة للزوج وأخرجه البخاري عن إسماعيل ومسلم عن يحيى كلاهما عن مالك به وتابعه الليث وأيوب وعبيد الله وموسى بن عقبة وعبد الرحمن السراج كلهم عن نافع به في مسلم ( مالك عن أيوب بن حبيب) الزهري المدني ( مولى سعد بن أبي وقاص) ثقة روى عنه أيضًا فليح وعباد بن إسحاق مات سنة إحدى وثلاثين ومائة له مرفوعًا في الموطأ هذا الحديث الواحد ( عن أبي المثنى الجهني) المدني تابعي مقبول قال ابن عبد البر لم أقف على اسمه ( قال كنت عند مروان بن الحكم) الأموي ( فدخل عليه أبو سعيد) سعد بن مالك بن سنان ( الخدري فقال مروان بن الحكم أسمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن النفخ في الشراب) قال الباجي لئلا يقع من ريقه فيه شيء فيقذره وقد بعث صلى الله عليه وسلم ليتمم مكارم الأخلاق وقال غيره لأنه قد يتغير الماء من النفخ لكونه متغير الفم بمأكول أو كثرة كلام أو بعد عهده بالسواك والمضمضة أو لأنه يصعد ببخار المعدة فتعافه النفوس ( فقال له أبو سعيد نعم) نهى عن ذلك ففيه أن نعم تقوم مقام الأخبار وزاده في الجواب لأنه من معنى السؤال بقوله ( فقال له رجل يا رسول الله إني لا أروى من نفس) بفتحتين ( واحد فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم فأبن) أمر من الإبانة أي أبعد ( القدح) الإناء الذي تشرب منه ( عن فيك) عند الشرب ندبًا ولا تشرب كالبعير فإنه يتنفس عند الشرب فيه ( ثم تنفس) فإنه أحفظ للحرمة وأنفى للتهمة وأبعد عن تغير الماء وأصون عن سقوط الريق فيه وأبعد عن التشبه بالبهائم في كرعها فالتشبه بها مكروه شرعًا وطبعًا بقي هنا شيء ينبغي التفطن له وهو أن الأمر بإبانة القدح إنما يخاطب به من لم يرو من نفس واحد بغير عب وإلا فلا إبانة قاله في المفهم وفي التمهيد عن مالك فيه إباحة الشرب من نفس واحد لأنه لم ينه الرجل عنه بل قال له ما معناه إن كنت لا تروى من واحد فأبن القدح انتهى وقيل يكره مطلقًا لأنه شرب الشيطان ولأنه من فعل البهائم وللترمذي عن ابن عباس رفعه لا تشربوا واحدة كشرب البعير ولكن اشربوا مثنى وثلاث وسموا إذا أنتم شربتم وأحمدوا إذا أنتم رفعتم قال الترمذي فيه أنه لا بأس بالشرب في نفسين وإن كان الأولى كونه ثلاثًا وفي مسلم عن أبي هريرة كان صلى الله عليه وسلم يتنفس في الشراب ثلاثًا وفي الترمذي عن ابن عباس كان صلى الله عليه وسلم إذا شرب تنفس مرتين وإسناده ضعيف لكن له شواهد ففعله في بعض الأحيان لجواز النقص عن ثلاث ويحتمل أنه أراد مرتي التنفس الواقعتين أثناء الشرب وأسقط الثالثة لأنها بعد الشرب فهي من ضرورة الواقع وأما حديث زيد بن أرقم كان شربه صلى الله عليه وسلم بنفس واحد رواه أبو الشيخ وحديث أبي قتادة مرفوعًا إذا شرب أحدكم فليشرب بنفس واحد رواه الحاكم وصححه فمحمولان على ترك التنفس في الإناء ( قال) الرجل ( فإني أرى القذاة) عود أو شيء يتأذى به الشارب يقع ( فيه) أي القدح ( قال) صلى الله عليه وسلم ( فأهرقها) صبها منه وهذا الحديث رواه الترمذي وقال حسن صحيح من طريق عيسى بن يونس عن مالك به.



رقم الحديث 1681 وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أَيُّوبَ بْنِ حَبِيبٍ، مَوْلَى سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، عَنْ أَبِي الْمُثَنَّى الْجُهَنِيِّ، أَنَّهُ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ، فَقَالَ لَهُ مَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ: أَسَمِعْتَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ نَهَى عَنِ النَّفْخِ فِي الشَّرَابِ؟ فَقَالَ لَهُ أَبُو سَعِيدٍ: نَعَمْ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي لَا أَرْوَى مِنْ نَفَسٍ وَاحِدٍ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فَأَبِنِ الْقَدَحَ عَنْ فِيكَ، ثُمَّ تَنَفَّسْ، قَالَ: فَإِنِّي أَرَى الْقَذَاةَ فِيهِ، قَالَ: فَأَهْرِقْهَا.


( النهي عن الشراب في آنية الفضة والنفخ في الشراب)

( مالك عن نافع) مولى ابن عمر ( عن زيد بن عبد الله بن عمر بن الخطاب) التابعي الثقة ولد في خلافة جده ( عن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق) الثقة مات بعد السبعين ( عن أم سلمة) هند بنت أبي أمية ( زوج النبي صلى الله عليه وسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الذي يشرب في آنية الفضة) ولمسلم من طريق عثمان بن مرة عن عبد الله بن عبد الرحمن عن خالته أم سلمة مرفوعًا من شرب من إناء ذهب أو فضة وله أيضًا من رواية علي بن مسهر عن عبيد الله بن عمر عن نافع أن الذي يأكل أو يشرب في آنية الذهب والفضة لكن تفرد ابن مسهر بقوله يأكل ( إنما يجرجر في بطنه) بضم التحتية وفتح الجيم الأولى وكسر الثانية بينهما راء ساكنة وآخره راء أيضًا صوت تردد البعير في حنجرته إذا هاج وصب الماء في الحلق أي يجرعه جرعًا متداركًا قال النووي اتفقوا على كسر الجيم الثانية وتعقب بأن الموفق بن حمزة حكى فتحها وكذا ابن الفركاح وابن مالك في الشواهد ورد بأنه لا يعرف أن أحدًا من الحفاظ رواه مبنيًا للمفعول ويبعد اتفاق الحفاظ قديمًا وحديثًا على ترك رواية ثابتة وأيضًا فإسناده إلى الفاعل هو الأصل وإلى المفعول فرع فلا يصار إليه بلا فائدة ( نار جهنم) بالنصب مفعول يجرجر على أن الجرجرة بمعنى الصب أو التجرع فالفاعل ضمير الشارب وسماه مجرجرًا للنار تسمية للشيء باسم ما يؤول إليه وبالرفع على أنه فاعل على أن النار هي التي تصوت في البطن والأول أشهر وقال الطيبي أما الرفع فمجاز لأن جهنم على الحقيقة لا تجرجر في جوفه والجرجرة صوت البعير عند الحنجرة لكنه جعل صوت تجرع الإنسان للماء في هذه الأواني المخصوصة لوقوع النهي عنه واستحقاق العقاب على استعمالها بجرجرة نار جهنم في بطنه من طريق المجاز وقد يجعل يجرجر بمعنى يصب ويكون نار جهنم منصوبًا على أن ما كافة أو مرفوعًا على أنه خبر إن واسمها ما الموصولة ولا تجعل حينئذ كافة وفيه حرمة استعمال الذهب والفضة في الأكل والشرب والطهارة والأكل بملعقة من أحدهما والتجمر بمجمرة منهما والبول في إناء وحرمة الزينة به واتخاذه لا فرق بين رجل وامرأة في ذلك وإنما فرق بينهما في التحلي لما يقصد في المرأة من الزينة للزوج وأخرجه البخاري عن إسماعيل ومسلم عن يحيى كلاهما عن مالك به وتابعه الليث وأيوب وعبيد الله وموسى بن عقبة وعبد الرحمن السراج كلهم عن نافع به في مسلم ( مالك عن أيوب بن حبيب) الزهري المدني ( مولى سعد بن أبي وقاص) ثقة روى عنه أيضًا فليح وعباد بن إسحاق مات سنة إحدى وثلاثين ومائة له مرفوعًا في الموطأ هذا الحديث الواحد ( عن أبي المثنى الجهني) المدني تابعي مقبول قال ابن عبد البر لم أقف على اسمه ( قال كنت عند مروان بن الحكم) الأموي ( فدخل عليه أبو سعيد) سعد بن مالك بن سنان ( الخدري فقال مروان بن الحكم أسمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن النفخ في الشراب) قال الباجي لئلا يقع من ريقه فيه شيء فيقذره وقد بعث صلى الله عليه وسلم ليتمم مكارم الأخلاق وقال غيره لأنه قد يتغير الماء من النفخ لكونه متغير الفم بمأكول أو كثرة كلام أو بعد عهده بالسواك والمضمضة أو لأنه يصعد ببخار المعدة فتعافه النفوس ( فقال له أبو سعيد نعم) نهى عن ذلك ففيه أن نعم تقوم مقام الأخبار وزاده في الجواب لأنه من معنى السؤال بقوله ( فقال له رجل يا رسول الله إني لا أروى من نفس) بفتحتين ( واحد فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم فأبن) أمر من الإبانة أي أبعد ( القدح) الإناء الذي تشرب منه ( عن فيك) عند الشرب ندبًا ولا تشرب كالبعير فإنه يتنفس عند الشرب فيه ( ثم تنفس) فإنه أحفظ للحرمة وأنفى للتهمة وأبعد عن تغير الماء وأصون عن سقوط الريق فيه وأبعد عن التشبه بالبهائم في كرعها فالتشبه بها مكروه شرعًا وطبعًا بقي هنا شيء ينبغي التفطن له وهو أن الأمر بإبانة القدح إنما يخاطب به من لم يرو من نفس واحد بغير عب وإلا فلا إبانة قاله في المفهم وفي التمهيد عن مالك فيه إباحة الشرب من نفس واحد لأنه لم ينه الرجل عنه بل قال له ما معناه إن كنت لا تروى من واحد فأبن القدح انتهى وقيل يكره مطلقًا لأنه شرب الشيطان ولأنه من فعل البهائم وللترمذي عن ابن عباس رفعه لا تشربوا واحدة كشرب البعير ولكن اشربوا مثنى وثلاث وسموا إذا أنتم شربتم وأحمدوا إذا أنتم رفعتم قال الترمذي فيه أنه لا بأس بالشرب في نفسين وإن كان الأولى كونه ثلاثًا وفي مسلم عن أبي هريرة كان صلى الله عليه وسلم يتنفس في الشراب ثلاثًا وفي الترمذي عن ابن عباس كان صلى الله عليه وسلم إذا شرب تنفس مرتين وإسناده ضعيف لكن له شواهد ففعله في بعض الأحيان لجواز النقص عن ثلاث ويحتمل أنه أراد مرتي التنفس الواقعتين أثناء الشرب وأسقط الثالثة لأنها بعد الشرب فهي من ضرورة الواقع وأما حديث زيد بن أرقم كان شربه صلى الله عليه وسلم بنفس واحد رواه أبو الشيخ وحديث أبي قتادة مرفوعًا إذا شرب أحدكم فليشرب بنفس واحد رواه الحاكم وصححه فمحمولان على ترك التنفس في الإناء ( قال) الرجل ( فإني أرى القذاة) عود أو شيء يتأذى به الشارب يقع ( فيه) أي القدح ( قال) صلى الله عليه وسلم ( فأهرقها) صبها منه وهذا الحديث رواه الترمذي وقال حسن صحيح من طريق عيسى بن يونس عن مالك به.