فهرس الكتاب

شرح الزرقاني - بَابُ مَا جَاءَ فِي قِيَامِ رَمَضَانَ

رقم الحديث 255 حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدٍ الْقَارِيِّ، أَنَّهُ قَالَ: خَرَجْتُ مَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فِي رَمَضَانَ إِلَى الْمَسْجِدِ، فَإِذَا النَّاسُ أَوْزَاعٌ مُتَفَرِّقُونَ.
يُصَلِّي الرَّجُلُ لِنَفْسِهِ، وَيُصَلِّي الرَّجُلُ فَيُصَلِّي بِصَلَاتِهِ الرَّهْطُ.
فَقَالَ عُمَرُ: وَاللَّهِ إِنِّي لَأَرَانِي لَوْ جَمَعْتُ هَؤُلَاءِ عَلَى قَارِئٍ وَاحِدٍ لَكَانَ أَمْثَلَ، فَجَمَعَهُمْ عَلَى أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ قَالَ: ثُمَّ خَرَجْتُ مَعَهُ لَيْلَةً أُخْرَى، وَالنَّاسُ يُصَلُّونَ بِصَلَاةِ قَارِئِهِمْ، فَقَالَ عُمَرُ نِعْمَتِ الْبِدْعَةُ هَذِهِ، وَالَّتِي تَنَامُونَ عَنْهَا أَفْضَلُ مِنِ الَّتِي تَقُومُونَ يَعْنِي آخِرَ اللَّيْلِ وَكَانَ النَّاسُ يَقُومُونَ أَوَّلَهُ.


( مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدٍ) بالتنوين بلا إضافة ( الْقَارِيِّ) بشدّ الياء التحتية نسبة إلى القارة بطن من خزيمة بن مدركة ( أَنَّهُ قَالَ: خَرَجْتُ مَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ) ليلة ( فِي رَمَضَانَ إِلَى الْمَسْجِدِ) النبوي ( فَإِذَا النَّاسُ أَوْزَاعٌ) بفتح الهمزة وسكون الواو فألف فعين مهملة جماعات ( مُتَفَرِّقُونَ) نعت لفظي للتأكيد مثل نفخة واحدة لأن الأوزاع الجماعات المتفرّقة لا واحد له من لفظه.

قال ابن عبد البر: وهم العزون.
قال تعالى: { { عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ عِزِينَ } } وفي الحديث ما لي أراكم عزين.
وذكر ابن فارس والجوهري والمجد أن الأوزاع الجماعات ولم يقولوا متفرقين فعليه يكون النعت للتخصيص أراد أنهم كانوا يتنفلون في المسجد بعد صلاة العشاء متفرّقين ( يُصَلِّي الرَّجُلُ لِنَفْسِهِ وَيُصَلِّي الرَّجُلُ فَيُصَلِّي بِصَلَاتِهِ الرَّهْطُ) ما بين الثلاثة إلى العشرة، وهذا بيان لما أجمله أوّلاً بقوله أوزاع.

( فَقَالَ عُمَرُ: وَاللَّهِ إِنِّي لَأَرَانِي) من الرأي ( لَوْ جَمَعْتُ هَؤُلَاءِ عَلَى قَارِئٍ وَاحِدٍ لَكَانَ أَمْثَلَ) لأنه أنشط لكثير من المصلين ولما في الاختلاف من افتراق الكلمة.
قال الباجي وابن التين وغيرهما: استنبط عمر ذلك من تقرير النبي صلى الله عليه وسلم من صلى معه في تلك الليالي وإن كان كره ذلك لهم فإنما كرهه خشية أن يفرض عليهم، فلما مات صلى الله عليه وسلم أمن ذلك.
وقال ابن عبد البر: لم يسن عمر إلا ما رضيه صلى الله عليه وسلم ولم يمنعه من المواظبة عليه إلا خشية أن يفرض على أمّته وكان بالمؤمنين رؤوفًا رحيمًا فلما أمن ذلك عمر أقامها وأحياها في سنة أربع عشرة من الهجرة، ويدل على أنه صلى الله عليه وسلم سنّ ذلك قوله: إن الله فرض عليكم صيام رمضان وسننت لكم قيامه فمن صامه وقامه إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه.

( فَجَمَعَهُمْ عَلَى أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ) أي جعله إمامًا لهم.
قال ابن عبد البر: واختار أبيًا لقوله صلى الله عليه وسلم يؤم القوم أقرؤهم.
وقوله صلى الله عليه وسلم: أقرؤهم أبيّ وقال عمر: عليّ أقضانا وأبيّ أقرؤنا وإنا لنترك أشياء من قراءة أبيّ.

( قَالَ) عبد الرحمن القاريّ: ( ثُمَّ خَرَجْتُ مَعَهُ لَيْلَةً أُخْرَى وَالنَّاسُ يُصَلُّونَ بِصَلَاةِ قَارِئِهِمْ) أي إمامهم، قال ابن عبد البر: فيه أن عمر كان لا يصلي معهم إما لشغله بأمور الناس وإما لانفراده بنفسه في الصلاة ( فَقَالَ عُمَرُ: نِعْمَتِ الْبِدْعَةُ هَذِهِ) وصفها بنعمت لأن أصل ما فعله سنة وإنما البدعة الممنوعة خلاف السنة.
وقال ابن عمر في صلاة الضحى: نعمت البدعة.
وقال تعالى { { وَرَهْبَانِيَّةً ابتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلاَّ ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ } } وأما ابتداع الأشياء من عمل الدنيا فمباح قاله ابن عبد البر.

وقال الباجي: نعمت التاء على مذهب البصريين لأن نعم فعل لا يتصل به إلا التاء وفي نسخ نعمه بالهاء وذلك على أصول الكوفيين، وهذا تصريح منه بأنه أوّل من جمع الناس في قيام رمضان على إمام واحد لأن البدعة ما ابتدأ بفعلها المبتدع ولم يتقدّمه غيره فابتدعه عمر وتابعه الصحابة والناس إلى هلم جرا.
وهذا يبين صحة القول بالرأي والاجتهاد انتهى.
فسماها بدعة لأنه صلى الله عليه وسلم لم يسنّ الاجتماع لها ولا كانت في زمان الصدّيق وهو لغة ما أحدث على غير مثال سبق وتطلق شرعًا على مقابل السنة، وهي ما لم يكن في عهده صلى الله عليه وسلم، ثم تنقسم إلى الأحكام الخمسة.
وحديث: كل بدعة ضلالة عام مخصوص وقد رغب فيها عمر بقوله: نعمت البدعة وهي كلمة تجمع المحاسن كلها كما أن بئس تجمع المساوئ كلها، وقد قال صلى الله عليه وسلم: اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر وإذا أجمع الصحابة على ذلك مع عمر زال عنه اسم البدعة.

( وَالَّتِي تَنَامُونَ) بفوقية أي الصلاة وتحتية أي الفرقة التي ينامون ( عَنْهَا أَفْضَلُ مِنِ) الصلاة ( الَّتِي تَقُومُونَ) بفوقية وتحتية أي الفرقة التي كسابقه ( يَعْنِي آخِرَ اللَّيْلِ) وهذا تصريح منه بأن الصلاة آخر الليل أفضل من أوّله وقد أثنى الله على المستغفرين بالأسحار.
وقال أهل التأويل في قول يعقوب: { { سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي } } أخرهم إلى السحر لأنه أقرب للإجابة، ويأتي حديث: ينزل ربنا إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل.

( وَكَانَ النَّاسُ يَقُومُونَ أَوَّلَهُ) ثم جعله عمر في آخر الليل لقول ابن عباس: دعاني عمر أتغذى معه في رمضان - يعني السحور - فسمع هيعة الناس حين انصرفوا من القيام فقال عمر: أما إن الذي بقي من الليل أحب إلي مما مضى منه، ففيه دليل على أن قيامهم كان أوّل الليل ثم جعله عمر في آخره، فكان كذلك إلى زمن أبي بكر بن حزم كما يأتي أنه يستعجل الخدم بالطعام مخافة الفجر قاله أبو عمر.

وهذا الحديث رواه البخاري، حدّثنا عبد الله بن يوسف، أخبرنا مالك به.

( مَالِكٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ) الكندي المدني الأعرج ثقة ثبت مات في حدود الأربعين ومائة ( عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ) بن سعيد بن ثمامة الكندي صحابي له أحاديث وحج به في حجة الوداع وهو ابن سبع سنين، وولاه عمر سوق المدينة.
ومات سنة إحدى وتسعين وقيل قبلها، وهو آخر من مات بالمدينة من الصحابة.

( أَنَّهُ قَالَ: أَمَرَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ) أبا المنذر سيد القراء ( وَتَمِيمًا) هو ابن أوس بن خارجة ( الديري) كذا يرويه يحيى وابن بكير وغيرهما بالتحتية بعد الدال، ورواه ابن القاسم والقعنبي والأكثر الداري بألف بعد الدال وكلاهما صواب لاجتماع الوصفين فيه.
فبالياء نسبة إلى دير كان فيه تميم قبل إسلامه وقيل إلى قبيلة وهو بعيد شاذ، وبالألف نسبة إلى جدّه الأعلى الدار بن هانئ عند الجمهور، وقيل إلى دارين مكان عند البحرين.
قال في المطالع: وليس في الموطأ والصحيحين داري ولا ديري إلا تميم، ويكنى أبا رقية بقاف مصغر صحابي شهير أسلم سنة تسع وكان بالمدينة ثم سكن بيت المقدس بعد قتل عثمان مات سنة أربعين.

( أَنْ يَقُومَا لِلنَّاسِ بِإِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً) قال الباجي: لعل عمر أخذ ذلك من صلاة النبي صلى الله عليه وسلم ففي حديث عائشة أنها سئلت عن صلاته في رمضان؟ فقالت: ما كان يزيد في رمضان ولا في غيره عن إحدى عشرة ركعة.

وقال ابن عبد البر: روى غير مالك في هذا الحديث أحد وعشرون وهو الصحيح، ولا أعلم أحدًا قال فيه إحدى عشرة إلا مالكًا، ويحتمل أن يكون ذلك أوّلاً ثم خفف عنهم طول القيام ونقلهم إلى إحدى وعشرين إلا أن الأغلب عندي أن قوله إحدى عشرة وهم انتهى.
ولا وهم مع أن الجمع بالاحتمال الذي ذكره قريب وبه جمع البيهقي أيضًا.

وقوله: إن مالكًا انفرد به ليس كما قال، فقد رواه سعيد بن منصور من وجه آخر عن محمد بن يوسف فقال إحدى عشرة كما قال مالك، وروى سعيد بن منصور عن عروة أنّ عمر جمع الناس على أبيّ بن كعب فكان يصلي بالرجال وكان تميم الداري يصلي بالنساء، ورواه محمد بن نصر عن عروة فقال بدل تميم سليمان بن أبي حثمة.
قال الحافظ: ولعل ذلك كان في وقتين.

( قَالَ) السائب ( وَقَدْ كَانَ الْقَارِئُ يَقْرَأُ بِالْمِئِين) بكسر الميم وقد تفتح والكسر أنسب بالمفرد وهو مائة وكسر الهمزة وإسكان التحتية أي السور التي تلي السبع الطوال أو التي أولها ما يلي الكهف لزيادة كل منها على مائة آية أو التي فيها القصص وقيل غير ذلك ( حَتَّى كُنَّا نَعْتَمِدُ) بنون ( عَلَى الْعِصِيِّ) بكسر العين والصاد المهملتين جمع عصا كقوله تعالى: { { وَعِصِيُّهُمْ } } وفي نسخة حتى يعتمد بتحتية وإسقاط لفظ كنا أي القارئ فعلى العصا بالإفراد ( مِنْ طُولِ الْقِيَامِ) لأن الاعتماد في النافلة لطول القيام على حائط أو عصا جائز وإن قدر على القيام بخلاف الفرض ( وَمَا كُنَّا نَنْصَرِفُ إِلَّا فِي بُزُوغِ الْفَجْرِ) قال الباجي: هي أوائله وأوّل ما يبدو منه.

( مَالِكٍ عَنْ يَزِيدَ) بتحتية فزاي ( بْنِ رُومَانَ) بضم الراء المدني الثقة المتوفى سنة ثلاثين ومائة ( أَنَّهُ قَالَ: كَانَ النَّاسُ يَقُومُونَ فِي زَمَانِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فِي رَمَضَانَ بِثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ رَكْعَةً) وجمع البيهقي وغيره بين هذا وسابقه بأنهم كانوا يقومون بإحدى عشرة واحدة منها وتر ثم قاموا بعشرين وأوتروا بثلاث.

قال الباجي: فأمرهم أوّلاً بتطويل القراءة لأنه أفضل ثم ضعف الناس فأمرهم بثلاث وعشرين فخفف من طول القراءة، واستدرك بعض الفضيلة بزيادة الركعات انتهى.

وروى ابن أبي شيبة عن ابن عباس: كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي في رمضان في غير جماعة بعشرين ركعة والوتر، لكن ضعفه ابن عبد البر والبيهقي برواية أبي شيبة جدّ ابن أبي شيبة.

قال الباجي: وكان الأمر على ذلك إلى يوم الحرة فثقل عليهم القيام فنقصوا من القراءة وزادوا الركعات فجعلت ستًا وثلاثين غير الشفع والوتر.

وذكر ابن حبيب: أنها كانت أوّلاً إحدى عشرة كانوا يطيلون القراءة فثقل عليهم فخففوا القراءة وزادوا في عدد الركعات فكانوا يصلون عشرين ركعة غير الشفع والوتر بقراءة متوسطة ثم خففوا القراءة وجعلوا الركعات ستًا وثلاثين غير الشفع والوتر ومضى الأمر على ذلك.

وروى محمد بن نصر عن داود بن قيس قال: أدركت الناس في إمارة أبان بن عثمان وعمر بن عبد العزيز - يعني بالمدينة - يقومون بست وثلاثين ركعة ويوترون بثلاث.
وقال مالك: هو الأمر القديم عندنا.

( مَالِكٍ عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ) بمهملتين مصغر ( أَنَّهُ سَمِعَ الْأَعْرَجَ) عبد الرحمن بن هرمز ( يَقُولُ: مَا أَدْرَكْتُ النَّاسَ) قال الباجي: أي الصحابة.
وقال ابن عبد البر: أدرك الأعرج جماعة من الصحابة وكبار التابعين ( إِلَّا وَهُمْ يَلْعَنُونَ الْكَفَرَةَ فِي رَمَضَانَ) في قنوت الوتر اقتداء بدعائه صلى الله عليه وسلم في القنوت على رعل وذكوان وبني لحيان الذين قتلوا أصحابه ببئر معونة، وفيه إباحة لعن الكفرة كان لهم ذمّة أم لا غضبًا لله.
وروى المدنيون وابن وهب عن مالك أنّ الإمام كان يقنت في النصف الآخر من رمضان يلعن الكفرة ويؤمن من خلفه، وروى ابن نافع عن مالك أن القنوت في الوتر واسع إن شاء فعل وإن شاء ترك.
وروى ابن القاسم عنه ليس عليه العمل، ومعناه عندي ليس بسنة لكنه مباح ذكره ابن عبد البر، لكن روى المصريون أن مالكًا قال: لا يقنت في الوتر أي لا في رمضان ولا في غيره وهو المذهب، وقد قال ابن القاسم: كان مالك بعد ذلك ينكره إنكارًا شديدًا ولا أرى أن يعمل به.

( قَالَ: وَكَانَ الْقَارِئُ يَقْرَأُ سُورَةَ الْبَقَرَةِ فِي ثَمَانِ رَكَعَاتٍ) لحديث أفضل الصلاة طول القيام ( فَإِذَا قَامَ بِهَا فِي اثْنَتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً رَأَى النَّاسُ أَنَّهُ قَدْ خَفَّفَ) .
وجملة القول أنه لا حدّ في مبلغ القراءة، وقد قال صلى الله عليه وسلم: من أمّ بالناس فليخفف وقال لمعاذ لما بعثه إلى اليمن: وأطل القراءة على قدر ما يطيقون لا يملون أمر الله ولا يكرهونه هذا في الفرائض فكيف في النوافل قاله أبو عمر.

( مَالِكٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ) بن محمد بن عمرو بن حزم الأنصاري المدني ( قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي) أبا بكر اسمه وكنيته واحد وقيل يكنى أبا محمد الأنصاري النجاري الثقة المدني قاضيها ( يَقُولُ: كُنَّا نَنْصَرِفُ فِي رَمَضَانَ) زاد في نسخة من القيام ( فَنَسْتَعْجِلُ الْخَدَمَ) جمع خادم ( بِالطَّعَامِ) للسحور ( مَخَافَةَ الْفَجْرِ) لأن عمر كان جعل القيام في آخر الليل فاستمر إلى زمن أبي بكر هذا بعد أن كان أوّل الليل كما مرّ.

( مَالِكٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ ذَكْوَانَ) بذال معجمة ( أَبَا عَمْرٍو) المدني الثقة روى له البخاري وأبو داود والنسائي ( وَكَانَ عَبْدًا لِعَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَعْتَقَتْهُ عَنْ دُبُرٍ مِنْهَا كَانَ يَقُومُ يَقْرَأُ لَهَا فِي رَمَضَانَ) أي يصلي لها إمامًا قال أبو عمر: لا خلاف في جواز إمامة العبد البالغ فيما عدا الجمعة أي لأنها لا تجب عليه.

وروى ابن أبي شيبة وغيره عن ابن أبي مليكة عن عائشة: أنها أعتقت غلامًا لها عن دبر فكان يؤمّها في رمضان في المصحف.
وروى الشافعي وعبد الرزاق عن ابن أبي مليكة أنه كان يأتي عائشة هو وأبوه وعبيد بن عمير والمسور بن مخرمة وناس كثير فيؤمّهم أبو عمرو مولى عائشة وهو يومئذٍ غلام لم يعتق.



رقم الحديث 256 وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ، عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ، أَنَّهُ قَالَ: أَمَرَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ وَتَمِيمًا الدَّارِيَّ أَنْ يَقُومَا لِلنَّاسِ بِإِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً قَالَ: وَقَدْ كَانَ الْقَارِئُ يَقْرَأُ بِالْمِئِينَ، حَتَّى كُنَّا نَعْتَمِدُ عَلَى الْعِصِيِّ مِنْ طُولِ الْقِيَامِ، وَمَا كُنَّا نَنْصَرِفُ إِلَّا فِي بُزُوغِ الْفَجْرِ.


( مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدٍ) بالتنوين بلا إضافة ( الْقَارِيِّ) بشدّ الياء التحتية نسبة إلى القارة بطن من خزيمة بن مدركة ( أَنَّهُ قَالَ: خَرَجْتُ مَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ) ليلة ( فِي رَمَضَانَ إِلَى الْمَسْجِدِ) النبوي ( فَإِذَا النَّاسُ أَوْزَاعٌ) بفتح الهمزة وسكون الواو فألف فعين مهملة جماعات ( مُتَفَرِّقُونَ) نعت لفظي للتأكيد مثل نفخة واحدة لأن الأوزاع الجماعات المتفرّقة لا واحد له من لفظه.

قال ابن عبد البر: وهم العزون.
قال تعالى: { { عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ عِزِينَ } } وفي الحديث ما لي أراكم عزين.
وذكر ابن فارس والجوهري والمجد أن الأوزاع الجماعات ولم يقولوا متفرقين فعليه يكون النعت للتخصيص أراد أنهم كانوا يتنفلون في المسجد بعد صلاة العشاء متفرّقين ( يُصَلِّي الرَّجُلُ لِنَفْسِهِ وَيُصَلِّي الرَّجُلُ فَيُصَلِّي بِصَلَاتِهِ الرَّهْطُ) ما بين الثلاثة إلى العشرة، وهذا بيان لما أجمله أوّلاً بقوله أوزاع.

( فَقَالَ عُمَرُ: وَاللَّهِ إِنِّي لَأَرَانِي) من الرأي ( لَوْ جَمَعْتُ هَؤُلَاءِ عَلَى قَارِئٍ وَاحِدٍ لَكَانَ أَمْثَلَ) لأنه أنشط لكثير من المصلين ولما في الاختلاف من افتراق الكلمة.
قال الباجي وابن التين وغيرهما: استنبط عمر ذلك من تقرير النبي صلى الله عليه وسلم من صلى معه في تلك الليالي وإن كان كره ذلك لهم فإنما كرهه خشية أن يفرض عليهم، فلما مات صلى الله عليه وسلم أمن ذلك.
وقال ابن عبد البر: لم يسن عمر إلا ما رضيه صلى الله عليه وسلم ولم يمنعه من المواظبة عليه إلا خشية أن يفرض على أمّته وكان بالمؤمنين رؤوفًا رحيمًا فلما أمن ذلك عمر أقامها وأحياها في سنة أربع عشرة من الهجرة، ويدل على أنه صلى الله عليه وسلم سنّ ذلك قوله: إن الله فرض عليكم صيام رمضان وسننت لكم قيامه فمن صامه وقامه إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه.

( فَجَمَعَهُمْ عَلَى أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ) أي جعله إمامًا لهم.
قال ابن عبد البر: واختار أبيًا لقوله صلى الله عليه وسلم يؤم القوم أقرؤهم.
وقوله صلى الله عليه وسلم: أقرؤهم أبيّ وقال عمر: عليّ أقضانا وأبيّ أقرؤنا وإنا لنترك أشياء من قراءة أبيّ.

( قَالَ) عبد الرحمن القاريّ: ( ثُمَّ خَرَجْتُ مَعَهُ لَيْلَةً أُخْرَى وَالنَّاسُ يُصَلُّونَ بِصَلَاةِ قَارِئِهِمْ) أي إمامهم، قال ابن عبد البر: فيه أن عمر كان لا يصلي معهم إما لشغله بأمور الناس وإما لانفراده بنفسه في الصلاة ( فَقَالَ عُمَرُ: نِعْمَتِ الْبِدْعَةُ هَذِهِ) وصفها بنعمت لأن أصل ما فعله سنة وإنما البدعة الممنوعة خلاف السنة.
وقال ابن عمر في صلاة الضحى: نعمت البدعة.
وقال تعالى { { وَرَهْبَانِيَّةً ابتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلاَّ ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ } } وأما ابتداع الأشياء من عمل الدنيا فمباح قاله ابن عبد البر.

وقال الباجي: نعمت التاء على مذهب البصريين لأن نعم فعل لا يتصل به إلا التاء وفي نسخ نعمه بالهاء وذلك على أصول الكوفيين، وهذا تصريح منه بأنه أوّل من جمع الناس في قيام رمضان على إمام واحد لأن البدعة ما ابتدأ بفعلها المبتدع ولم يتقدّمه غيره فابتدعه عمر وتابعه الصحابة والناس إلى هلم جرا.
وهذا يبين صحة القول بالرأي والاجتهاد انتهى.
فسماها بدعة لأنه صلى الله عليه وسلم لم يسنّ الاجتماع لها ولا كانت في زمان الصدّيق وهو لغة ما أحدث على غير مثال سبق وتطلق شرعًا على مقابل السنة، وهي ما لم يكن في عهده صلى الله عليه وسلم، ثم تنقسم إلى الأحكام الخمسة.
وحديث: كل بدعة ضلالة عام مخصوص وقد رغب فيها عمر بقوله: نعمت البدعة وهي كلمة تجمع المحاسن كلها كما أن بئس تجمع المساوئ كلها، وقد قال صلى الله عليه وسلم: اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر وإذا أجمع الصحابة على ذلك مع عمر زال عنه اسم البدعة.

( وَالَّتِي تَنَامُونَ) بفوقية أي الصلاة وتحتية أي الفرقة التي ينامون ( عَنْهَا أَفْضَلُ مِنِ) الصلاة ( الَّتِي تَقُومُونَ) بفوقية وتحتية أي الفرقة التي كسابقه ( يَعْنِي آخِرَ اللَّيْلِ) وهذا تصريح منه بأن الصلاة آخر الليل أفضل من أوّله وقد أثنى الله على المستغفرين بالأسحار.
وقال أهل التأويل في قول يعقوب: { { سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي } } أخرهم إلى السحر لأنه أقرب للإجابة، ويأتي حديث: ينزل ربنا إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل.

( وَكَانَ النَّاسُ يَقُومُونَ أَوَّلَهُ) ثم جعله عمر في آخر الليل لقول ابن عباس: دعاني عمر أتغذى معه في رمضان - يعني السحور - فسمع هيعة الناس حين انصرفوا من القيام فقال عمر: أما إن الذي بقي من الليل أحب إلي مما مضى منه، ففيه دليل على أن قيامهم كان أوّل الليل ثم جعله عمر في آخره، فكان كذلك إلى زمن أبي بكر بن حزم كما يأتي أنه يستعجل الخدم بالطعام مخافة الفجر قاله أبو عمر.

وهذا الحديث رواه البخاري، حدّثنا عبد الله بن يوسف، أخبرنا مالك به.

( مَالِكٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ) الكندي المدني الأعرج ثقة ثبت مات في حدود الأربعين ومائة ( عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ) بن سعيد بن ثمامة الكندي صحابي له أحاديث وحج به في حجة الوداع وهو ابن سبع سنين، وولاه عمر سوق المدينة.
ومات سنة إحدى وتسعين وقيل قبلها، وهو آخر من مات بالمدينة من الصحابة.

( أَنَّهُ قَالَ: أَمَرَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ) أبا المنذر سيد القراء ( وَتَمِيمًا) هو ابن أوس بن خارجة ( الديري) كذا يرويه يحيى وابن بكير وغيرهما بالتحتية بعد الدال، ورواه ابن القاسم والقعنبي والأكثر الداري بألف بعد الدال وكلاهما صواب لاجتماع الوصفين فيه.
فبالياء نسبة إلى دير كان فيه تميم قبل إسلامه وقيل إلى قبيلة وهو بعيد شاذ، وبالألف نسبة إلى جدّه الأعلى الدار بن هانئ عند الجمهور، وقيل إلى دارين مكان عند البحرين.
قال في المطالع: وليس في الموطأ والصحيحين داري ولا ديري إلا تميم، ويكنى أبا رقية بقاف مصغر صحابي شهير أسلم سنة تسع وكان بالمدينة ثم سكن بيت المقدس بعد قتل عثمان مات سنة أربعين.

( أَنْ يَقُومَا لِلنَّاسِ بِإِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً) قال الباجي: لعل عمر أخذ ذلك من صلاة النبي صلى الله عليه وسلم ففي حديث عائشة أنها سئلت عن صلاته في رمضان؟ فقالت: ما كان يزيد في رمضان ولا في غيره عن إحدى عشرة ركعة.

وقال ابن عبد البر: روى غير مالك في هذا الحديث أحد وعشرون وهو الصحيح، ولا أعلم أحدًا قال فيه إحدى عشرة إلا مالكًا، ويحتمل أن يكون ذلك أوّلاً ثم خفف عنهم طول القيام ونقلهم إلى إحدى وعشرين إلا أن الأغلب عندي أن قوله إحدى عشرة وهم انتهى.
ولا وهم مع أن الجمع بالاحتمال الذي ذكره قريب وبه جمع البيهقي أيضًا.

وقوله: إن مالكًا انفرد به ليس كما قال، فقد رواه سعيد بن منصور من وجه آخر عن محمد بن يوسف فقال إحدى عشرة كما قال مالك، وروى سعيد بن منصور عن عروة أنّ عمر جمع الناس على أبيّ بن كعب فكان يصلي بالرجال وكان تميم الداري يصلي بالنساء، ورواه محمد بن نصر عن عروة فقال بدل تميم سليمان بن أبي حثمة.
قال الحافظ: ولعل ذلك كان في وقتين.

( قَالَ) السائب ( وَقَدْ كَانَ الْقَارِئُ يَقْرَأُ بِالْمِئِين) بكسر الميم وقد تفتح والكسر أنسب بالمفرد وهو مائة وكسر الهمزة وإسكان التحتية أي السور التي تلي السبع الطوال أو التي أولها ما يلي الكهف لزيادة كل منها على مائة آية أو التي فيها القصص وقيل غير ذلك ( حَتَّى كُنَّا نَعْتَمِدُ) بنون ( عَلَى الْعِصِيِّ) بكسر العين والصاد المهملتين جمع عصا كقوله تعالى: { { وَعِصِيُّهُمْ } } وفي نسخة حتى يعتمد بتحتية وإسقاط لفظ كنا أي القارئ فعلى العصا بالإفراد ( مِنْ طُولِ الْقِيَامِ) لأن الاعتماد في النافلة لطول القيام على حائط أو عصا جائز وإن قدر على القيام بخلاف الفرض ( وَمَا كُنَّا نَنْصَرِفُ إِلَّا فِي بُزُوغِ الْفَجْرِ) قال الباجي: هي أوائله وأوّل ما يبدو منه.

( مَالِكٍ عَنْ يَزِيدَ) بتحتية فزاي ( بْنِ رُومَانَ) بضم الراء المدني الثقة المتوفى سنة ثلاثين ومائة ( أَنَّهُ قَالَ: كَانَ النَّاسُ يَقُومُونَ فِي زَمَانِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فِي رَمَضَانَ بِثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ رَكْعَةً) وجمع البيهقي وغيره بين هذا وسابقه بأنهم كانوا يقومون بإحدى عشرة واحدة منها وتر ثم قاموا بعشرين وأوتروا بثلاث.

قال الباجي: فأمرهم أوّلاً بتطويل القراءة لأنه أفضل ثم ضعف الناس فأمرهم بثلاث وعشرين فخفف من طول القراءة، واستدرك بعض الفضيلة بزيادة الركعات انتهى.

وروى ابن أبي شيبة عن ابن عباس: كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي في رمضان في غير جماعة بعشرين ركعة والوتر، لكن ضعفه ابن عبد البر والبيهقي برواية أبي شيبة جدّ ابن أبي شيبة.

قال الباجي: وكان الأمر على ذلك إلى يوم الحرة فثقل عليهم القيام فنقصوا من القراءة وزادوا الركعات فجعلت ستًا وثلاثين غير الشفع والوتر.

وذكر ابن حبيب: أنها كانت أوّلاً إحدى عشرة كانوا يطيلون القراءة فثقل عليهم فخففوا القراءة وزادوا في عدد الركعات فكانوا يصلون عشرين ركعة غير الشفع والوتر بقراءة متوسطة ثم خففوا القراءة وجعلوا الركعات ستًا وثلاثين غير الشفع والوتر ومضى الأمر على ذلك.

وروى محمد بن نصر عن داود بن قيس قال: أدركت الناس في إمارة أبان بن عثمان وعمر بن عبد العزيز - يعني بالمدينة - يقومون بست وثلاثين ركعة ويوترون بثلاث.
وقال مالك: هو الأمر القديم عندنا.

( مَالِكٍ عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ) بمهملتين مصغر ( أَنَّهُ سَمِعَ الْأَعْرَجَ) عبد الرحمن بن هرمز ( يَقُولُ: مَا أَدْرَكْتُ النَّاسَ) قال الباجي: أي الصحابة.
وقال ابن عبد البر: أدرك الأعرج جماعة من الصحابة وكبار التابعين ( إِلَّا وَهُمْ يَلْعَنُونَ الْكَفَرَةَ فِي رَمَضَانَ) في قنوت الوتر اقتداء بدعائه صلى الله عليه وسلم في القنوت على رعل وذكوان وبني لحيان الذين قتلوا أصحابه ببئر معونة، وفيه إباحة لعن الكفرة كان لهم ذمّة أم لا غضبًا لله.
وروى المدنيون وابن وهب عن مالك أنّ الإمام كان يقنت في النصف الآخر من رمضان يلعن الكفرة ويؤمن من خلفه، وروى ابن نافع عن مالك أن القنوت في الوتر واسع إن شاء فعل وإن شاء ترك.
وروى ابن القاسم عنه ليس عليه العمل، ومعناه عندي ليس بسنة لكنه مباح ذكره ابن عبد البر، لكن روى المصريون أن مالكًا قال: لا يقنت في الوتر أي لا في رمضان ولا في غيره وهو المذهب، وقد قال ابن القاسم: كان مالك بعد ذلك ينكره إنكارًا شديدًا ولا أرى أن يعمل به.

( قَالَ: وَكَانَ الْقَارِئُ يَقْرَأُ سُورَةَ الْبَقَرَةِ فِي ثَمَانِ رَكَعَاتٍ) لحديث أفضل الصلاة طول القيام ( فَإِذَا قَامَ بِهَا فِي اثْنَتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً رَأَى النَّاسُ أَنَّهُ قَدْ خَفَّفَ) .
وجملة القول أنه لا حدّ في مبلغ القراءة، وقد قال صلى الله عليه وسلم: من أمّ بالناس فليخفف وقال لمعاذ لما بعثه إلى اليمن: وأطل القراءة على قدر ما يطيقون لا يملون أمر الله ولا يكرهونه هذا في الفرائض فكيف في النوافل قاله أبو عمر.

( مَالِكٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ) بن محمد بن عمرو بن حزم الأنصاري المدني ( قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي) أبا بكر اسمه وكنيته واحد وقيل يكنى أبا محمد الأنصاري النجاري الثقة المدني قاضيها ( يَقُولُ: كُنَّا نَنْصَرِفُ فِي رَمَضَانَ) زاد في نسخة من القيام ( فَنَسْتَعْجِلُ الْخَدَمَ) جمع خادم ( بِالطَّعَامِ) للسحور ( مَخَافَةَ الْفَجْرِ) لأن عمر كان جعل القيام في آخر الليل فاستمر إلى زمن أبي بكر هذا بعد أن كان أوّل الليل كما مرّ.

( مَالِكٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ ذَكْوَانَ) بذال معجمة ( أَبَا عَمْرٍو) المدني الثقة روى له البخاري وأبو داود والنسائي ( وَكَانَ عَبْدًا لِعَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَعْتَقَتْهُ عَنْ دُبُرٍ مِنْهَا كَانَ يَقُومُ يَقْرَأُ لَهَا فِي رَمَضَانَ) أي يصلي لها إمامًا قال أبو عمر: لا خلاف في جواز إمامة العبد البالغ فيما عدا الجمعة أي لأنها لا تجب عليه.

وروى ابن أبي شيبة وغيره عن ابن أبي مليكة عن عائشة: أنها أعتقت غلامًا لها عن دبر فكان يؤمّها في رمضان في المصحف.
وروى الشافعي وعبد الرزاق عن ابن أبي مليكة أنه كان يأتي عائشة هو وأبوه وعبيد بن عمير والمسور بن مخرمة وناس كثير فيؤمّهم أبو عمرو مولى عائشة وهو يومئذٍ غلام لم يعتق.



رقم الحديث 257 وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ رُومَانَ أَنَّهُ قَالَ: كَانَ النَّاسُ يَقُومُونَ فِي زَمَانِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فِي رَمَضَانَ بِثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ رَكْعَةً.


( مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدٍ) بالتنوين بلا إضافة ( الْقَارِيِّ) بشدّ الياء التحتية نسبة إلى القارة بطن من خزيمة بن مدركة ( أَنَّهُ قَالَ: خَرَجْتُ مَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ) ليلة ( فِي رَمَضَانَ إِلَى الْمَسْجِدِ) النبوي ( فَإِذَا النَّاسُ أَوْزَاعٌ) بفتح الهمزة وسكون الواو فألف فعين مهملة جماعات ( مُتَفَرِّقُونَ) نعت لفظي للتأكيد مثل نفخة واحدة لأن الأوزاع الجماعات المتفرّقة لا واحد له من لفظه.

قال ابن عبد البر: وهم العزون.
قال تعالى: { { عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ عِزِينَ } } وفي الحديث ما لي أراكم عزين.
وذكر ابن فارس والجوهري والمجد أن الأوزاع الجماعات ولم يقولوا متفرقين فعليه يكون النعت للتخصيص أراد أنهم كانوا يتنفلون في المسجد بعد صلاة العشاء متفرّقين ( يُصَلِّي الرَّجُلُ لِنَفْسِهِ وَيُصَلِّي الرَّجُلُ فَيُصَلِّي بِصَلَاتِهِ الرَّهْطُ) ما بين الثلاثة إلى العشرة، وهذا بيان لما أجمله أوّلاً بقوله أوزاع.

( فَقَالَ عُمَرُ: وَاللَّهِ إِنِّي لَأَرَانِي) من الرأي ( لَوْ جَمَعْتُ هَؤُلَاءِ عَلَى قَارِئٍ وَاحِدٍ لَكَانَ أَمْثَلَ) لأنه أنشط لكثير من المصلين ولما في الاختلاف من افتراق الكلمة.
قال الباجي وابن التين وغيرهما: استنبط عمر ذلك من تقرير النبي صلى الله عليه وسلم من صلى معه في تلك الليالي وإن كان كره ذلك لهم فإنما كرهه خشية أن يفرض عليهم، فلما مات صلى الله عليه وسلم أمن ذلك.
وقال ابن عبد البر: لم يسن عمر إلا ما رضيه صلى الله عليه وسلم ولم يمنعه من المواظبة عليه إلا خشية أن يفرض على أمّته وكان بالمؤمنين رؤوفًا رحيمًا فلما أمن ذلك عمر أقامها وأحياها في سنة أربع عشرة من الهجرة، ويدل على أنه صلى الله عليه وسلم سنّ ذلك قوله: إن الله فرض عليكم صيام رمضان وسننت لكم قيامه فمن صامه وقامه إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه.

( فَجَمَعَهُمْ عَلَى أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ) أي جعله إمامًا لهم.
قال ابن عبد البر: واختار أبيًا لقوله صلى الله عليه وسلم يؤم القوم أقرؤهم.
وقوله صلى الله عليه وسلم: أقرؤهم أبيّ وقال عمر: عليّ أقضانا وأبيّ أقرؤنا وإنا لنترك أشياء من قراءة أبيّ.

( قَالَ) عبد الرحمن القاريّ: ( ثُمَّ خَرَجْتُ مَعَهُ لَيْلَةً أُخْرَى وَالنَّاسُ يُصَلُّونَ بِصَلَاةِ قَارِئِهِمْ) أي إمامهم، قال ابن عبد البر: فيه أن عمر كان لا يصلي معهم إما لشغله بأمور الناس وإما لانفراده بنفسه في الصلاة ( فَقَالَ عُمَرُ: نِعْمَتِ الْبِدْعَةُ هَذِهِ) وصفها بنعمت لأن أصل ما فعله سنة وإنما البدعة الممنوعة خلاف السنة.
وقال ابن عمر في صلاة الضحى: نعمت البدعة.
وقال تعالى { { وَرَهْبَانِيَّةً ابتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلاَّ ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ } } وأما ابتداع الأشياء من عمل الدنيا فمباح قاله ابن عبد البر.

وقال الباجي: نعمت التاء على مذهب البصريين لأن نعم فعل لا يتصل به إلا التاء وفي نسخ نعمه بالهاء وذلك على أصول الكوفيين، وهذا تصريح منه بأنه أوّل من جمع الناس في قيام رمضان على إمام واحد لأن البدعة ما ابتدأ بفعلها المبتدع ولم يتقدّمه غيره فابتدعه عمر وتابعه الصحابة والناس إلى هلم جرا.
وهذا يبين صحة القول بالرأي والاجتهاد انتهى.
فسماها بدعة لأنه صلى الله عليه وسلم لم يسنّ الاجتماع لها ولا كانت في زمان الصدّيق وهو لغة ما أحدث على غير مثال سبق وتطلق شرعًا على مقابل السنة، وهي ما لم يكن في عهده صلى الله عليه وسلم، ثم تنقسم إلى الأحكام الخمسة.
وحديث: كل بدعة ضلالة عام مخصوص وقد رغب فيها عمر بقوله: نعمت البدعة وهي كلمة تجمع المحاسن كلها كما أن بئس تجمع المساوئ كلها، وقد قال صلى الله عليه وسلم: اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر وإذا أجمع الصحابة على ذلك مع عمر زال عنه اسم البدعة.

( وَالَّتِي تَنَامُونَ) بفوقية أي الصلاة وتحتية أي الفرقة التي ينامون ( عَنْهَا أَفْضَلُ مِنِ) الصلاة ( الَّتِي تَقُومُونَ) بفوقية وتحتية أي الفرقة التي كسابقه ( يَعْنِي آخِرَ اللَّيْلِ) وهذا تصريح منه بأن الصلاة آخر الليل أفضل من أوّله وقد أثنى الله على المستغفرين بالأسحار.
وقال أهل التأويل في قول يعقوب: { { سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي } } أخرهم إلى السحر لأنه أقرب للإجابة، ويأتي حديث: ينزل ربنا إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل.

( وَكَانَ النَّاسُ يَقُومُونَ أَوَّلَهُ) ثم جعله عمر في آخر الليل لقول ابن عباس: دعاني عمر أتغذى معه في رمضان - يعني السحور - فسمع هيعة الناس حين انصرفوا من القيام فقال عمر: أما إن الذي بقي من الليل أحب إلي مما مضى منه، ففيه دليل على أن قيامهم كان أوّل الليل ثم جعله عمر في آخره، فكان كذلك إلى زمن أبي بكر بن حزم كما يأتي أنه يستعجل الخدم بالطعام مخافة الفجر قاله أبو عمر.

وهذا الحديث رواه البخاري، حدّثنا عبد الله بن يوسف، أخبرنا مالك به.

( مَالِكٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ) الكندي المدني الأعرج ثقة ثبت مات في حدود الأربعين ومائة ( عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ) بن سعيد بن ثمامة الكندي صحابي له أحاديث وحج به في حجة الوداع وهو ابن سبع سنين، وولاه عمر سوق المدينة.
ومات سنة إحدى وتسعين وقيل قبلها، وهو آخر من مات بالمدينة من الصحابة.

( أَنَّهُ قَالَ: أَمَرَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ) أبا المنذر سيد القراء ( وَتَمِيمًا) هو ابن أوس بن خارجة ( الديري) كذا يرويه يحيى وابن بكير وغيرهما بالتحتية بعد الدال، ورواه ابن القاسم والقعنبي والأكثر الداري بألف بعد الدال وكلاهما صواب لاجتماع الوصفين فيه.
فبالياء نسبة إلى دير كان فيه تميم قبل إسلامه وقيل إلى قبيلة وهو بعيد شاذ، وبالألف نسبة إلى جدّه الأعلى الدار بن هانئ عند الجمهور، وقيل إلى دارين مكان عند البحرين.
قال في المطالع: وليس في الموطأ والصحيحين داري ولا ديري إلا تميم، ويكنى أبا رقية بقاف مصغر صحابي شهير أسلم سنة تسع وكان بالمدينة ثم سكن بيت المقدس بعد قتل عثمان مات سنة أربعين.

( أَنْ يَقُومَا لِلنَّاسِ بِإِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً) قال الباجي: لعل عمر أخذ ذلك من صلاة النبي صلى الله عليه وسلم ففي حديث عائشة أنها سئلت عن صلاته في رمضان؟ فقالت: ما كان يزيد في رمضان ولا في غيره عن إحدى عشرة ركعة.

وقال ابن عبد البر: روى غير مالك في هذا الحديث أحد وعشرون وهو الصحيح، ولا أعلم أحدًا قال فيه إحدى عشرة إلا مالكًا، ويحتمل أن يكون ذلك أوّلاً ثم خفف عنهم طول القيام ونقلهم إلى إحدى وعشرين إلا أن الأغلب عندي أن قوله إحدى عشرة وهم انتهى.
ولا وهم مع أن الجمع بالاحتمال الذي ذكره قريب وبه جمع البيهقي أيضًا.

وقوله: إن مالكًا انفرد به ليس كما قال، فقد رواه سعيد بن منصور من وجه آخر عن محمد بن يوسف فقال إحدى عشرة كما قال مالك، وروى سعيد بن منصور عن عروة أنّ عمر جمع الناس على أبيّ بن كعب فكان يصلي بالرجال وكان تميم الداري يصلي بالنساء، ورواه محمد بن نصر عن عروة فقال بدل تميم سليمان بن أبي حثمة.
قال الحافظ: ولعل ذلك كان في وقتين.

( قَالَ) السائب ( وَقَدْ كَانَ الْقَارِئُ يَقْرَأُ بِالْمِئِين) بكسر الميم وقد تفتح والكسر أنسب بالمفرد وهو مائة وكسر الهمزة وإسكان التحتية أي السور التي تلي السبع الطوال أو التي أولها ما يلي الكهف لزيادة كل منها على مائة آية أو التي فيها القصص وقيل غير ذلك ( حَتَّى كُنَّا نَعْتَمِدُ) بنون ( عَلَى الْعِصِيِّ) بكسر العين والصاد المهملتين جمع عصا كقوله تعالى: { { وَعِصِيُّهُمْ } } وفي نسخة حتى يعتمد بتحتية وإسقاط لفظ كنا أي القارئ فعلى العصا بالإفراد ( مِنْ طُولِ الْقِيَامِ) لأن الاعتماد في النافلة لطول القيام على حائط أو عصا جائز وإن قدر على القيام بخلاف الفرض ( وَمَا كُنَّا نَنْصَرِفُ إِلَّا فِي بُزُوغِ الْفَجْرِ) قال الباجي: هي أوائله وأوّل ما يبدو منه.

( مَالِكٍ عَنْ يَزِيدَ) بتحتية فزاي ( بْنِ رُومَانَ) بضم الراء المدني الثقة المتوفى سنة ثلاثين ومائة ( أَنَّهُ قَالَ: كَانَ النَّاسُ يَقُومُونَ فِي زَمَانِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فِي رَمَضَانَ بِثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ رَكْعَةً) وجمع البيهقي وغيره بين هذا وسابقه بأنهم كانوا يقومون بإحدى عشرة واحدة منها وتر ثم قاموا بعشرين وأوتروا بثلاث.

قال الباجي: فأمرهم أوّلاً بتطويل القراءة لأنه أفضل ثم ضعف الناس فأمرهم بثلاث وعشرين فخفف من طول القراءة، واستدرك بعض الفضيلة بزيادة الركعات انتهى.

وروى ابن أبي شيبة عن ابن عباس: كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي في رمضان في غير جماعة بعشرين ركعة والوتر، لكن ضعفه ابن عبد البر والبيهقي برواية أبي شيبة جدّ ابن أبي شيبة.

قال الباجي: وكان الأمر على ذلك إلى يوم الحرة فثقل عليهم القيام فنقصوا من القراءة وزادوا الركعات فجعلت ستًا وثلاثين غير الشفع والوتر.

وذكر ابن حبيب: أنها كانت أوّلاً إحدى عشرة كانوا يطيلون القراءة فثقل عليهم فخففوا القراءة وزادوا في عدد الركعات فكانوا يصلون عشرين ركعة غير الشفع والوتر بقراءة متوسطة ثم خففوا القراءة وجعلوا الركعات ستًا وثلاثين غير الشفع والوتر ومضى الأمر على ذلك.

وروى محمد بن نصر عن داود بن قيس قال: أدركت الناس في إمارة أبان بن عثمان وعمر بن عبد العزيز - يعني بالمدينة - يقومون بست وثلاثين ركعة ويوترون بثلاث.
وقال مالك: هو الأمر القديم عندنا.

( مَالِكٍ عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ) بمهملتين مصغر ( أَنَّهُ سَمِعَ الْأَعْرَجَ) عبد الرحمن بن هرمز ( يَقُولُ: مَا أَدْرَكْتُ النَّاسَ) قال الباجي: أي الصحابة.
وقال ابن عبد البر: أدرك الأعرج جماعة من الصحابة وكبار التابعين ( إِلَّا وَهُمْ يَلْعَنُونَ الْكَفَرَةَ فِي رَمَضَانَ) في قنوت الوتر اقتداء بدعائه صلى الله عليه وسلم في القنوت على رعل وذكوان وبني لحيان الذين قتلوا أصحابه ببئر معونة، وفيه إباحة لعن الكفرة كان لهم ذمّة أم لا غضبًا لله.
وروى المدنيون وابن وهب عن مالك أنّ الإمام كان يقنت في النصف الآخر من رمضان يلعن الكفرة ويؤمن من خلفه، وروى ابن نافع عن مالك أن القنوت في الوتر واسع إن شاء فعل وإن شاء ترك.
وروى ابن القاسم عنه ليس عليه العمل، ومعناه عندي ليس بسنة لكنه مباح ذكره ابن عبد البر، لكن روى المصريون أن مالكًا قال: لا يقنت في الوتر أي لا في رمضان ولا في غيره وهو المذهب، وقد قال ابن القاسم: كان مالك بعد ذلك ينكره إنكارًا شديدًا ولا أرى أن يعمل به.

( قَالَ: وَكَانَ الْقَارِئُ يَقْرَأُ سُورَةَ الْبَقَرَةِ فِي ثَمَانِ رَكَعَاتٍ) لحديث أفضل الصلاة طول القيام ( فَإِذَا قَامَ بِهَا فِي اثْنَتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً رَأَى النَّاسُ أَنَّهُ قَدْ خَفَّفَ) .
وجملة القول أنه لا حدّ في مبلغ القراءة، وقد قال صلى الله عليه وسلم: من أمّ بالناس فليخفف وقال لمعاذ لما بعثه إلى اليمن: وأطل القراءة على قدر ما يطيقون لا يملون أمر الله ولا يكرهونه هذا في الفرائض فكيف في النوافل قاله أبو عمر.

( مَالِكٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ) بن محمد بن عمرو بن حزم الأنصاري المدني ( قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي) أبا بكر اسمه وكنيته واحد وقيل يكنى أبا محمد الأنصاري النجاري الثقة المدني قاضيها ( يَقُولُ: كُنَّا نَنْصَرِفُ فِي رَمَضَانَ) زاد في نسخة من القيام ( فَنَسْتَعْجِلُ الْخَدَمَ) جمع خادم ( بِالطَّعَامِ) للسحور ( مَخَافَةَ الْفَجْرِ) لأن عمر كان جعل القيام في آخر الليل فاستمر إلى زمن أبي بكر هذا بعد أن كان أوّل الليل كما مرّ.

( مَالِكٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ ذَكْوَانَ) بذال معجمة ( أَبَا عَمْرٍو) المدني الثقة روى له البخاري وأبو داود والنسائي ( وَكَانَ عَبْدًا لِعَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَعْتَقَتْهُ عَنْ دُبُرٍ مِنْهَا كَانَ يَقُومُ يَقْرَأُ لَهَا فِي رَمَضَانَ) أي يصلي لها إمامًا قال أبو عمر: لا خلاف في جواز إمامة العبد البالغ فيما عدا الجمعة أي لأنها لا تجب عليه.

وروى ابن أبي شيبة وغيره عن ابن أبي مليكة عن عائشة: أنها أعتقت غلامًا لها عن دبر فكان يؤمّها في رمضان في المصحف.
وروى الشافعي وعبد الرزاق عن ابن أبي مليكة أنه كان يأتي عائشة هو وأبوه وعبيد بن عمير والمسور بن مخرمة وناس كثير فيؤمّهم أبو عمرو مولى عائشة وهو يومئذٍ غلام لم يعتق.



رقم الحديث 258 وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ، أَنَّهُ سَمِعَ الْأَعْرَجَ يَقُولُ: مَا أَدْرَكْتُ النَّاسَ إِلَّا وَهُمْ يَلْعَنُونَ الْكَفَرَةَ فِي رَمَضَانَ قَالَ: وَكَانَ الْقَارِئُ يَقْرَأُ سُورَةَ الْبَقَرَةِ فِي ثَمَانِ رَكَعَاتٍ فَإِذَا قَامَ بِهَا فِي اثْنَتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً رَأَى النَّاسُ أَنَّهُ قَدْ خَفَّفَ.


( مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدٍ) بالتنوين بلا إضافة ( الْقَارِيِّ) بشدّ الياء التحتية نسبة إلى القارة بطن من خزيمة بن مدركة ( أَنَّهُ قَالَ: خَرَجْتُ مَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ) ليلة ( فِي رَمَضَانَ إِلَى الْمَسْجِدِ) النبوي ( فَإِذَا النَّاسُ أَوْزَاعٌ) بفتح الهمزة وسكون الواو فألف فعين مهملة جماعات ( مُتَفَرِّقُونَ) نعت لفظي للتأكيد مثل نفخة واحدة لأن الأوزاع الجماعات المتفرّقة لا واحد له من لفظه.

قال ابن عبد البر: وهم العزون.
قال تعالى: { { عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ عِزِينَ } } وفي الحديث ما لي أراكم عزين.
وذكر ابن فارس والجوهري والمجد أن الأوزاع الجماعات ولم يقولوا متفرقين فعليه يكون النعت للتخصيص أراد أنهم كانوا يتنفلون في المسجد بعد صلاة العشاء متفرّقين ( يُصَلِّي الرَّجُلُ لِنَفْسِهِ وَيُصَلِّي الرَّجُلُ فَيُصَلِّي بِصَلَاتِهِ الرَّهْطُ) ما بين الثلاثة إلى العشرة، وهذا بيان لما أجمله أوّلاً بقوله أوزاع.

( فَقَالَ عُمَرُ: وَاللَّهِ إِنِّي لَأَرَانِي) من الرأي ( لَوْ جَمَعْتُ هَؤُلَاءِ عَلَى قَارِئٍ وَاحِدٍ لَكَانَ أَمْثَلَ) لأنه أنشط لكثير من المصلين ولما في الاختلاف من افتراق الكلمة.
قال الباجي وابن التين وغيرهما: استنبط عمر ذلك من تقرير النبي صلى الله عليه وسلم من صلى معه في تلك الليالي وإن كان كره ذلك لهم فإنما كرهه خشية أن يفرض عليهم، فلما مات صلى الله عليه وسلم أمن ذلك.
وقال ابن عبد البر: لم يسن عمر إلا ما رضيه صلى الله عليه وسلم ولم يمنعه من المواظبة عليه إلا خشية أن يفرض على أمّته وكان بالمؤمنين رؤوفًا رحيمًا فلما أمن ذلك عمر أقامها وأحياها في سنة أربع عشرة من الهجرة، ويدل على أنه صلى الله عليه وسلم سنّ ذلك قوله: إن الله فرض عليكم صيام رمضان وسننت لكم قيامه فمن صامه وقامه إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه.

( فَجَمَعَهُمْ عَلَى أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ) أي جعله إمامًا لهم.
قال ابن عبد البر: واختار أبيًا لقوله صلى الله عليه وسلم يؤم القوم أقرؤهم.
وقوله صلى الله عليه وسلم: أقرؤهم أبيّ وقال عمر: عليّ أقضانا وأبيّ أقرؤنا وإنا لنترك أشياء من قراءة أبيّ.

( قَالَ) عبد الرحمن القاريّ: ( ثُمَّ خَرَجْتُ مَعَهُ لَيْلَةً أُخْرَى وَالنَّاسُ يُصَلُّونَ بِصَلَاةِ قَارِئِهِمْ) أي إمامهم، قال ابن عبد البر: فيه أن عمر كان لا يصلي معهم إما لشغله بأمور الناس وإما لانفراده بنفسه في الصلاة ( فَقَالَ عُمَرُ: نِعْمَتِ الْبِدْعَةُ هَذِهِ) وصفها بنعمت لأن أصل ما فعله سنة وإنما البدعة الممنوعة خلاف السنة.
وقال ابن عمر في صلاة الضحى: نعمت البدعة.
وقال تعالى { { وَرَهْبَانِيَّةً ابتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلاَّ ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ } } وأما ابتداع الأشياء من عمل الدنيا فمباح قاله ابن عبد البر.

وقال الباجي: نعمت التاء على مذهب البصريين لأن نعم فعل لا يتصل به إلا التاء وفي نسخ نعمه بالهاء وذلك على أصول الكوفيين، وهذا تصريح منه بأنه أوّل من جمع الناس في قيام رمضان على إمام واحد لأن البدعة ما ابتدأ بفعلها المبتدع ولم يتقدّمه غيره فابتدعه عمر وتابعه الصحابة والناس إلى هلم جرا.
وهذا يبين صحة القول بالرأي والاجتهاد انتهى.
فسماها بدعة لأنه صلى الله عليه وسلم لم يسنّ الاجتماع لها ولا كانت في زمان الصدّيق وهو لغة ما أحدث على غير مثال سبق وتطلق شرعًا على مقابل السنة، وهي ما لم يكن في عهده صلى الله عليه وسلم، ثم تنقسم إلى الأحكام الخمسة.
وحديث: كل بدعة ضلالة عام مخصوص وقد رغب فيها عمر بقوله: نعمت البدعة وهي كلمة تجمع المحاسن كلها كما أن بئس تجمع المساوئ كلها، وقد قال صلى الله عليه وسلم: اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر وإذا أجمع الصحابة على ذلك مع عمر زال عنه اسم البدعة.

( وَالَّتِي تَنَامُونَ) بفوقية أي الصلاة وتحتية أي الفرقة التي ينامون ( عَنْهَا أَفْضَلُ مِنِ) الصلاة ( الَّتِي تَقُومُونَ) بفوقية وتحتية أي الفرقة التي كسابقه ( يَعْنِي آخِرَ اللَّيْلِ) وهذا تصريح منه بأن الصلاة آخر الليل أفضل من أوّله وقد أثنى الله على المستغفرين بالأسحار.
وقال أهل التأويل في قول يعقوب: { { سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي } } أخرهم إلى السحر لأنه أقرب للإجابة، ويأتي حديث: ينزل ربنا إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل.

( وَكَانَ النَّاسُ يَقُومُونَ أَوَّلَهُ) ثم جعله عمر في آخر الليل لقول ابن عباس: دعاني عمر أتغذى معه في رمضان - يعني السحور - فسمع هيعة الناس حين انصرفوا من القيام فقال عمر: أما إن الذي بقي من الليل أحب إلي مما مضى منه، ففيه دليل على أن قيامهم كان أوّل الليل ثم جعله عمر في آخره، فكان كذلك إلى زمن أبي بكر بن حزم كما يأتي أنه يستعجل الخدم بالطعام مخافة الفجر قاله أبو عمر.

وهذا الحديث رواه البخاري، حدّثنا عبد الله بن يوسف، أخبرنا مالك به.

( مَالِكٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ) الكندي المدني الأعرج ثقة ثبت مات في حدود الأربعين ومائة ( عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ) بن سعيد بن ثمامة الكندي صحابي له أحاديث وحج به في حجة الوداع وهو ابن سبع سنين، وولاه عمر سوق المدينة.
ومات سنة إحدى وتسعين وقيل قبلها، وهو آخر من مات بالمدينة من الصحابة.

( أَنَّهُ قَالَ: أَمَرَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ) أبا المنذر سيد القراء ( وَتَمِيمًا) هو ابن أوس بن خارجة ( الديري) كذا يرويه يحيى وابن بكير وغيرهما بالتحتية بعد الدال، ورواه ابن القاسم والقعنبي والأكثر الداري بألف بعد الدال وكلاهما صواب لاجتماع الوصفين فيه.
فبالياء نسبة إلى دير كان فيه تميم قبل إسلامه وقيل إلى قبيلة وهو بعيد شاذ، وبالألف نسبة إلى جدّه الأعلى الدار بن هانئ عند الجمهور، وقيل إلى دارين مكان عند البحرين.
قال في المطالع: وليس في الموطأ والصحيحين داري ولا ديري إلا تميم، ويكنى أبا رقية بقاف مصغر صحابي شهير أسلم سنة تسع وكان بالمدينة ثم سكن بيت المقدس بعد قتل عثمان مات سنة أربعين.

( أَنْ يَقُومَا لِلنَّاسِ بِإِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً) قال الباجي: لعل عمر أخذ ذلك من صلاة النبي صلى الله عليه وسلم ففي حديث عائشة أنها سئلت عن صلاته في رمضان؟ فقالت: ما كان يزيد في رمضان ولا في غيره عن إحدى عشرة ركعة.

وقال ابن عبد البر: روى غير مالك في هذا الحديث أحد وعشرون وهو الصحيح، ولا أعلم أحدًا قال فيه إحدى عشرة إلا مالكًا، ويحتمل أن يكون ذلك أوّلاً ثم خفف عنهم طول القيام ونقلهم إلى إحدى وعشرين إلا أن الأغلب عندي أن قوله إحدى عشرة وهم انتهى.
ولا وهم مع أن الجمع بالاحتمال الذي ذكره قريب وبه جمع البيهقي أيضًا.

وقوله: إن مالكًا انفرد به ليس كما قال، فقد رواه سعيد بن منصور من وجه آخر عن محمد بن يوسف فقال إحدى عشرة كما قال مالك، وروى سعيد بن منصور عن عروة أنّ عمر جمع الناس على أبيّ بن كعب فكان يصلي بالرجال وكان تميم الداري يصلي بالنساء، ورواه محمد بن نصر عن عروة فقال بدل تميم سليمان بن أبي حثمة.
قال الحافظ: ولعل ذلك كان في وقتين.

( قَالَ) السائب ( وَقَدْ كَانَ الْقَارِئُ يَقْرَأُ بِالْمِئِين) بكسر الميم وقد تفتح والكسر أنسب بالمفرد وهو مائة وكسر الهمزة وإسكان التحتية أي السور التي تلي السبع الطوال أو التي أولها ما يلي الكهف لزيادة كل منها على مائة آية أو التي فيها القصص وقيل غير ذلك ( حَتَّى كُنَّا نَعْتَمِدُ) بنون ( عَلَى الْعِصِيِّ) بكسر العين والصاد المهملتين جمع عصا كقوله تعالى: { { وَعِصِيُّهُمْ } } وفي نسخة حتى يعتمد بتحتية وإسقاط لفظ كنا أي القارئ فعلى العصا بالإفراد ( مِنْ طُولِ الْقِيَامِ) لأن الاعتماد في النافلة لطول القيام على حائط أو عصا جائز وإن قدر على القيام بخلاف الفرض ( وَمَا كُنَّا نَنْصَرِفُ إِلَّا فِي بُزُوغِ الْفَجْرِ) قال الباجي: هي أوائله وأوّل ما يبدو منه.

( مَالِكٍ عَنْ يَزِيدَ) بتحتية فزاي ( بْنِ رُومَانَ) بضم الراء المدني الثقة المتوفى سنة ثلاثين ومائة ( أَنَّهُ قَالَ: كَانَ النَّاسُ يَقُومُونَ فِي زَمَانِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فِي رَمَضَانَ بِثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ رَكْعَةً) وجمع البيهقي وغيره بين هذا وسابقه بأنهم كانوا يقومون بإحدى عشرة واحدة منها وتر ثم قاموا بعشرين وأوتروا بثلاث.

قال الباجي: فأمرهم أوّلاً بتطويل القراءة لأنه أفضل ثم ضعف الناس فأمرهم بثلاث وعشرين فخفف من طول القراءة، واستدرك بعض الفضيلة بزيادة الركعات انتهى.

وروى ابن أبي شيبة عن ابن عباس: كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي في رمضان في غير جماعة بعشرين ركعة والوتر، لكن ضعفه ابن عبد البر والبيهقي برواية أبي شيبة جدّ ابن أبي شيبة.

قال الباجي: وكان الأمر على ذلك إلى يوم الحرة فثقل عليهم القيام فنقصوا من القراءة وزادوا الركعات فجعلت ستًا وثلاثين غير الشفع والوتر.

وذكر ابن حبيب: أنها كانت أوّلاً إحدى عشرة كانوا يطيلون القراءة فثقل عليهم فخففوا القراءة وزادوا في عدد الركعات فكانوا يصلون عشرين ركعة غير الشفع والوتر بقراءة متوسطة ثم خففوا القراءة وجعلوا الركعات ستًا وثلاثين غير الشفع والوتر ومضى الأمر على ذلك.

وروى محمد بن نصر عن داود بن قيس قال: أدركت الناس في إمارة أبان بن عثمان وعمر بن عبد العزيز - يعني بالمدينة - يقومون بست وثلاثين ركعة ويوترون بثلاث.
وقال مالك: هو الأمر القديم عندنا.

( مَالِكٍ عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ) بمهملتين مصغر ( أَنَّهُ سَمِعَ الْأَعْرَجَ) عبد الرحمن بن هرمز ( يَقُولُ: مَا أَدْرَكْتُ النَّاسَ) قال الباجي: أي الصحابة.
وقال ابن عبد البر: أدرك الأعرج جماعة من الصحابة وكبار التابعين ( إِلَّا وَهُمْ يَلْعَنُونَ الْكَفَرَةَ فِي رَمَضَانَ) في قنوت الوتر اقتداء بدعائه صلى الله عليه وسلم في القنوت على رعل وذكوان وبني لحيان الذين قتلوا أصحابه ببئر معونة، وفيه إباحة لعن الكفرة كان لهم ذمّة أم لا غضبًا لله.
وروى المدنيون وابن وهب عن مالك أنّ الإمام كان يقنت في النصف الآخر من رمضان يلعن الكفرة ويؤمن من خلفه، وروى ابن نافع عن مالك أن القنوت في الوتر واسع إن شاء فعل وإن شاء ترك.
وروى ابن القاسم عنه ليس عليه العمل، ومعناه عندي ليس بسنة لكنه مباح ذكره ابن عبد البر، لكن روى المصريون أن مالكًا قال: لا يقنت في الوتر أي لا في رمضان ولا في غيره وهو المذهب، وقد قال ابن القاسم: كان مالك بعد ذلك ينكره إنكارًا شديدًا ولا أرى أن يعمل به.

( قَالَ: وَكَانَ الْقَارِئُ يَقْرَأُ سُورَةَ الْبَقَرَةِ فِي ثَمَانِ رَكَعَاتٍ) لحديث أفضل الصلاة طول القيام ( فَإِذَا قَامَ بِهَا فِي اثْنَتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً رَأَى النَّاسُ أَنَّهُ قَدْ خَفَّفَ) .
وجملة القول أنه لا حدّ في مبلغ القراءة، وقد قال صلى الله عليه وسلم: من أمّ بالناس فليخفف وقال لمعاذ لما بعثه إلى اليمن: وأطل القراءة على قدر ما يطيقون لا يملون أمر الله ولا يكرهونه هذا في الفرائض فكيف في النوافل قاله أبو عمر.

( مَالِكٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ) بن محمد بن عمرو بن حزم الأنصاري المدني ( قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي) أبا بكر اسمه وكنيته واحد وقيل يكنى أبا محمد الأنصاري النجاري الثقة المدني قاضيها ( يَقُولُ: كُنَّا نَنْصَرِفُ فِي رَمَضَانَ) زاد في نسخة من القيام ( فَنَسْتَعْجِلُ الْخَدَمَ) جمع خادم ( بِالطَّعَامِ) للسحور ( مَخَافَةَ الْفَجْرِ) لأن عمر كان جعل القيام في آخر الليل فاستمر إلى زمن أبي بكر هذا بعد أن كان أوّل الليل كما مرّ.

( مَالِكٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ ذَكْوَانَ) بذال معجمة ( أَبَا عَمْرٍو) المدني الثقة روى له البخاري وأبو داود والنسائي ( وَكَانَ عَبْدًا لِعَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَعْتَقَتْهُ عَنْ دُبُرٍ مِنْهَا كَانَ يَقُومُ يَقْرَأُ لَهَا فِي رَمَضَانَ) أي يصلي لها إمامًا قال أبو عمر: لا خلاف في جواز إمامة العبد البالغ فيما عدا الجمعة أي لأنها لا تجب عليه.

وروى ابن أبي شيبة وغيره عن ابن أبي مليكة عن عائشة: أنها أعتقت غلامًا لها عن دبر فكان يؤمّها في رمضان في المصحف.
وروى الشافعي وعبد الرزاق عن ابن أبي مليكة أنه كان يأتي عائشة هو وأبوه وعبيد بن عمير والمسور بن مخرمة وناس كثير فيؤمّهم أبو عمرو مولى عائشة وهو يومئذٍ غلام لم يعتق.



رقم الحديث 259 وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: كُنَّا نَنْصَرِفُ فِي رَمَضَانَ، فَنَسْتَعْجِلُ الْخَدَمَ بِالطَّعَامِ مَخَافَةَ الْفَجْرِ.


( مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدٍ) بالتنوين بلا إضافة ( الْقَارِيِّ) بشدّ الياء التحتية نسبة إلى القارة بطن من خزيمة بن مدركة ( أَنَّهُ قَالَ: خَرَجْتُ مَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ) ليلة ( فِي رَمَضَانَ إِلَى الْمَسْجِدِ) النبوي ( فَإِذَا النَّاسُ أَوْزَاعٌ) بفتح الهمزة وسكون الواو فألف فعين مهملة جماعات ( مُتَفَرِّقُونَ) نعت لفظي للتأكيد مثل نفخة واحدة لأن الأوزاع الجماعات المتفرّقة لا واحد له من لفظه.

قال ابن عبد البر: وهم العزون.
قال تعالى: { { عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ عِزِينَ } } وفي الحديث ما لي أراكم عزين.
وذكر ابن فارس والجوهري والمجد أن الأوزاع الجماعات ولم يقولوا متفرقين فعليه يكون النعت للتخصيص أراد أنهم كانوا يتنفلون في المسجد بعد صلاة العشاء متفرّقين ( يُصَلِّي الرَّجُلُ لِنَفْسِهِ وَيُصَلِّي الرَّجُلُ فَيُصَلِّي بِصَلَاتِهِ الرَّهْطُ) ما بين الثلاثة إلى العشرة، وهذا بيان لما أجمله أوّلاً بقوله أوزاع.

( فَقَالَ عُمَرُ: وَاللَّهِ إِنِّي لَأَرَانِي) من الرأي ( لَوْ جَمَعْتُ هَؤُلَاءِ عَلَى قَارِئٍ وَاحِدٍ لَكَانَ أَمْثَلَ) لأنه أنشط لكثير من المصلين ولما في الاختلاف من افتراق الكلمة.
قال الباجي وابن التين وغيرهما: استنبط عمر ذلك من تقرير النبي صلى الله عليه وسلم من صلى معه في تلك الليالي وإن كان كره ذلك لهم فإنما كرهه خشية أن يفرض عليهم، فلما مات صلى الله عليه وسلم أمن ذلك.
وقال ابن عبد البر: لم يسن عمر إلا ما رضيه صلى الله عليه وسلم ولم يمنعه من المواظبة عليه إلا خشية أن يفرض على أمّته وكان بالمؤمنين رؤوفًا رحيمًا فلما أمن ذلك عمر أقامها وأحياها في سنة أربع عشرة من الهجرة، ويدل على أنه صلى الله عليه وسلم سنّ ذلك قوله: إن الله فرض عليكم صيام رمضان وسننت لكم قيامه فمن صامه وقامه إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه.

( فَجَمَعَهُمْ عَلَى أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ) أي جعله إمامًا لهم.
قال ابن عبد البر: واختار أبيًا لقوله صلى الله عليه وسلم يؤم القوم أقرؤهم.
وقوله صلى الله عليه وسلم: أقرؤهم أبيّ وقال عمر: عليّ أقضانا وأبيّ أقرؤنا وإنا لنترك أشياء من قراءة أبيّ.

( قَالَ) عبد الرحمن القاريّ: ( ثُمَّ خَرَجْتُ مَعَهُ لَيْلَةً أُخْرَى وَالنَّاسُ يُصَلُّونَ بِصَلَاةِ قَارِئِهِمْ) أي إمامهم، قال ابن عبد البر: فيه أن عمر كان لا يصلي معهم إما لشغله بأمور الناس وإما لانفراده بنفسه في الصلاة ( فَقَالَ عُمَرُ: نِعْمَتِ الْبِدْعَةُ هَذِهِ) وصفها بنعمت لأن أصل ما فعله سنة وإنما البدعة الممنوعة خلاف السنة.
وقال ابن عمر في صلاة الضحى: نعمت البدعة.
وقال تعالى { { وَرَهْبَانِيَّةً ابتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلاَّ ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ } } وأما ابتداع الأشياء من عمل الدنيا فمباح قاله ابن عبد البر.

وقال الباجي: نعمت التاء على مذهب البصريين لأن نعم فعل لا يتصل به إلا التاء وفي نسخ نعمه بالهاء وذلك على أصول الكوفيين، وهذا تصريح منه بأنه أوّل من جمع الناس في قيام رمضان على إمام واحد لأن البدعة ما ابتدأ بفعلها المبتدع ولم يتقدّمه غيره فابتدعه عمر وتابعه الصحابة والناس إلى هلم جرا.
وهذا يبين صحة القول بالرأي والاجتهاد انتهى.
فسماها بدعة لأنه صلى الله عليه وسلم لم يسنّ الاجتماع لها ولا كانت في زمان الصدّيق وهو لغة ما أحدث على غير مثال سبق وتطلق شرعًا على مقابل السنة، وهي ما لم يكن في عهده صلى الله عليه وسلم، ثم تنقسم إلى الأحكام الخمسة.
وحديث: كل بدعة ضلالة عام مخصوص وقد رغب فيها عمر بقوله: نعمت البدعة وهي كلمة تجمع المحاسن كلها كما أن بئس تجمع المساوئ كلها، وقد قال صلى الله عليه وسلم: اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر وإذا أجمع الصحابة على ذلك مع عمر زال عنه اسم البدعة.

( وَالَّتِي تَنَامُونَ) بفوقية أي الصلاة وتحتية أي الفرقة التي ينامون ( عَنْهَا أَفْضَلُ مِنِ) الصلاة ( الَّتِي تَقُومُونَ) بفوقية وتحتية أي الفرقة التي كسابقه ( يَعْنِي آخِرَ اللَّيْلِ) وهذا تصريح منه بأن الصلاة آخر الليل أفضل من أوّله وقد أثنى الله على المستغفرين بالأسحار.
وقال أهل التأويل في قول يعقوب: { { سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي } } أخرهم إلى السحر لأنه أقرب للإجابة، ويأتي حديث: ينزل ربنا إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل.

( وَكَانَ النَّاسُ يَقُومُونَ أَوَّلَهُ) ثم جعله عمر في آخر الليل لقول ابن عباس: دعاني عمر أتغذى معه في رمضان - يعني السحور - فسمع هيعة الناس حين انصرفوا من القيام فقال عمر: أما إن الذي بقي من الليل أحب إلي مما مضى منه، ففيه دليل على أن قيامهم كان أوّل الليل ثم جعله عمر في آخره، فكان كذلك إلى زمن أبي بكر بن حزم كما يأتي أنه يستعجل الخدم بالطعام مخافة الفجر قاله أبو عمر.

وهذا الحديث رواه البخاري، حدّثنا عبد الله بن يوسف، أخبرنا مالك به.

( مَالِكٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ) الكندي المدني الأعرج ثقة ثبت مات في حدود الأربعين ومائة ( عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ) بن سعيد بن ثمامة الكندي صحابي له أحاديث وحج به في حجة الوداع وهو ابن سبع سنين، وولاه عمر سوق المدينة.
ومات سنة إحدى وتسعين وقيل قبلها، وهو آخر من مات بالمدينة من الصحابة.

( أَنَّهُ قَالَ: أَمَرَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ) أبا المنذر سيد القراء ( وَتَمِيمًا) هو ابن أوس بن خارجة ( الديري) كذا يرويه يحيى وابن بكير وغيرهما بالتحتية بعد الدال، ورواه ابن القاسم والقعنبي والأكثر الداري بألف بعد الدال وكلاهما صواب لاجتماع الوصفين فيه.
فبالياء نسبة إلى دير كان فيه تميم قبل إسلامه وقيل إلى قبيلة وهو بعيد شاذ، وبالألف نسبة إلى جدّه الأعلى الدار بن هانئ عند الجمهور، وقيل إلى دارين مكان عند البحرين.
قال في المطالع: وليس في الموطأ والصحيحين داري ولا ديري إلا تميم، ويكنى أبا رقية بقاف مصغر صحابي شهير أسلم سنة تسع وكان بالمدينة ثم سكن بيت المقدس بعد قتل عثمان مات سنة أربعين.

( أَنْ يَقُومَا لِلنَّاسِ بِإِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً) قال الباجي: لعل عمر أخذ ذلك من صلاة النبي صلى الله عليه وسلم ففي حديث عائشة أنها سئلت عن صلاته في رمضان؟ فقالت: ما كان يزيد في رمضان ولا في غيره عن إحدى عشرة ركعة.

وقال ابن عبد البر: روى غير مالك في هذا الحديث أحد وعشرون وهو الصحيح، ولا أعلم أحدًا قال فيه إحدى عشرة إلا مالكًا، ويحتمل أن يكون ذلك أوّلاً ثم خفف عنهم طول القيام ونقلهم إلى إحدى وعشرين إلا أن الأغلب عندي أن قوله إحدى عشرة وهم انتهى.
ولا وهم مع أن الجمع بالاحتمال الذي ذكره قريب وبه جمع البيهقي أيضًا.

وقوله: إن مالكًا انفرد به ليس كما قال، فقد رواه سعيد بن منصور من وجه آخر عن محمد بن يوسف فقال إحدى عشرة كما قال مالك، وروى سعيد بن منصور عن عروة أنّ عمر جمع الناس على أبيّ بن كعب فكان يصلي بالرجال وكان تميم الداري يصلي بالنساء، ورواه محمد بن نصر عن عروة فقال بدل تميم سليمان بن أبي حثمة.
قال الحافظ: ولعل ذلك كان في وقتين.

( قَالَ) السائب ( وَقَدْ كَانَ الْقَارِئُ يَقْرَأُ بِالْمِئِين) بكسر الميم وقد تفتح والكسر أنسب بالمفرد وهو مائة وكسر الهمزة وإسكان التحتية أي السور التي تلي السبع الطوال أو التي أولها ما يلي الكهف لزيادة كل منها على مائة آية أو التي فيها القصص وقيل غير ذلك ( حَتَّى كُنَّا نَعْتَمِدُ) بنون ( عَلَى الْعِصِيِّ) بكسر العين والصاد المهملتين جمع عصا كقوله تعالى: { { وَعِصِيُّهُمْ } } وفي نسخة حتى يعتمد بتحتية وإسقاط لفظ كنا أي القارئ فعلى العصا بالإفراد ( مِنْ طُولِ الْقِيَامِ) لأن الاعتماد في النافلة لطول القيام على حائط أو عصا جائز وإن قدر على القيام بخلاف الفرض ( وَمَا كُنَّا نَنْصَرِفُ إِلَّا فِي بُزُوغِ الْفَجْرِ) قال الباجي: هي أوائله وأوّل ما يبدو منه.

( مَالِكٍ عَنْ يَزِيدَ) بتحتية فزاي ( بْنِ رُومَانَ) بضم الراء المدني الثقة المتوفى سنة ثلاثين ومائة ( أَنَّهُ قَالَ: كَانَ النَّاسُ يَقُومُونَ فِي زَمَانِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فِي رَمَضَانَ بِثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ رَكْعَةً) وجمع البيهقي وغيره بين هذا وسابقه بأنهم كانوا يقومون بإحدى عشرة واحدة منها وتر ثم قاموا بعشرين وأوتروا بثلاث.

قال الباجي: فأمرهم أوّلاً بتطويل القراءة لأنه أفضل ثم ضعف الناس فأمرهم بثلاث وعشرين فخفف من طول القراءة، واستدرك بعض الفضيلة بزيادة الركعات انتهى.

وروى ابن أبي شيبة عن ابن عباس: كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي في رمضان في غير جماعة بعشرين ركعة والوتر، لكن ضعفه ابن عبد البر والبيهقي برواية أبي شيبة جدّ ابن أبي شيبة.

قال الباجي: وكان الأمر على ذلك إلى يوم الحرة فثقل عليهم القيام فنقصوا من القراءة وزادوا الركعات فجعلت ستًا وثلاثين غير الشفع والوتر.

وذكر ابن حبيب: أنها كانت أوّلاً إحدى عشرة كانوا يطيلون القراءة فثقل عليهم فخففوا القراءة وزادوا في عدد الركعات فكانوا يصلون عشرين ركعة غير الشفع والوتر بقراءة متوسطة ثم خففوا القراءة وجعلوا الركعات ستًا وثلاثين غير الشفع والوتر ومضى الأمر على ذلك.

وروى محمد بن نصر عن داود بن قيس قال: أدركت الناس في إمارة أبان بن عثمان وعمر بن عبد العزيز - يعني بالمدينة - يقومون بست وثلاثين ركعة ويوترون بثلاث.
وقال مالك: هو الأمر القديم عندنا.

( مَالِكٍ عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ) بمهملتين مصغر ( أَنَّهُ سَمِعَ الْأَعْرَجَ) عبد الرحمن بن هرمز ( يَقُولُ: مَا أَدْرَكْتُ النَّاسَ) قال الباجي: أي الصحابة.
وقال ابن عبد البر: أدرك الأعرج جماعة من الصحابة وكبار التابعين ( إِلَّا وَهُمْ يَلْعَنُونَ الْكَفَرَةَ فِي رَمَضَانَ) في قنوت الوتر اقتداء بدعائه صلى الله عليه وسلم في القنوت على رعل وذكوان وبني لحيان الذين قتلوا أصحابه ببئر معونة، وفيه إباحة لعن الكفرة كان لهم ذمّة أم لا غضبًا لله.
وروى المدنيون وابن وهب عن مالك أنّ الإمام كان يقنت في النصف الآخر من رمضان يلعن الكفرة ويؤمن من خلفه، وروى ابن نافع عن مالك أن القنوت في الوتر واسع إن شاء فعل وإن شاء ترك.
وروى ابن القاسم عنه ليس عليه العمل، ومعناه عندي ليس بسنة لكنه مباح ذكره ابن عبد البر، لكن روى المصريون أن مالكًا قال: لا يقنت في الوتر أي لا في رمضان ولا في غيره وهو المذهب، وقد قال ابن القاسم: كان مالك بعد ذلك ينكره إنكارًا شديدًا ولا أرى أن يعمل به.

( قَالَ: وَكَانَ الْقَارِئُ يَقْرَأُ سُورَةَ الْبَقَرَةِ فِي ثَمَانِ رَكَعَاتٍ) لحديث أفضل الصلاة طول القيام ( فَإِذَا قَامَ بِهَا فِي اثْنَتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً رَأَى النَّاسُ أَنَّهُ قَدْ خَفَّفَ) .
وجملة القول أنه لا حدّ في مبلغ القراءة، وقد قال صلى الله عليه وسلم: من أمّ بالناس فليخفف وقال لمعاذ لما بعثه إلى اليمن: وأطل القراءة على قدر ما يطيقون لا يملون أمر الله ولا يكرهونه هذا في الفرائض فكيف في النوافل قاله أبو عمر.

( مَالِكٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ) بن محمد بن عمرو بن حزم الأنصاري المدني ( قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي) أبا بكر اسمه وكنيته واحد وقيل يكنى أبا محمد الأنصاري النجاري الثقة المدني قاضيها ( يَقُولُ: كُنَّا نَنْصَرِفُ فِي رَمَضَانَ) زاد في نسخة من القيام ( فَنَسْتَعْجِلُ الْخَدَمَ) جمع خادم ( بِالطَّعَامِ) للسحور ( مَخَافَةَ الْفَجْرِ) لأن عمر كان جعل القيام في آخر الليل فاستمر إلى زمن أبي بكر هذا بعد أن كان أوّل الليل كما مرّ.

( مَالِكٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ ذَكْوَانَ) بذال معجمة ( أَبَا عَمْرٍو) المدني الثقة روى له البخاري وأبو داود والنسائي ( وَكَانَ عَبْدًا لِعَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَعْتَقَتْهُ عَنْ دُبُرٍ مِنْهَا كَانَ يَقُومُ يَقْرَأُ لَهَا فِي رَمَضَانَ) أي يصلي لها إمامًا قال أبو عمر: لا خلاف في جواز إمامة العبد البالغ فيما عدا الجمعة أي لأنها لا تجب عليه.

وروى ابن أبي شيبة وغيره عن ابن أبي مليكة عن عائشة: أنها أعتقت غلامًا لها عن دبر فكان يؤمّها في رمضان في المصحف.
وروى الشافعي وعبد الرزاق عن ابن أبي مليكة أنه كان يأتي عائشة هو وأبوه وعبيد بن عمير والمسور بن مخرمة وناس كثير فيؤمّهم أبو عمرو مولى عائشة وهو يومئذٍ غلام لم يعتق.



رقم الحديث 260 وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ ذَكْوَانَ أَبَا عَمْرٍو وَكَانَ عَبْدًا لِعَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَعْتَقَتْهُ عَنْ دُبُرٍ مِنْهَا كَانَ يَقُومُ يَقْرَأُ لَهَا فِي رَمَضَانَ.


( مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدٍ) بالتنوين بلا إضافة ( الْقَارِيِّ) بشدّ الياء التحتية نسبة إلى القارة بطن من خزيمة بن مدركة ( أَنَّهُ قَالَ: خَرَجْتُ مَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ) ليلة ( فِي رَمَضَانَ إِلَى الْمَسْجِدِ) النبوي ( فَإِذَا النَّاسُ أَوْزَاعٌ) بفتح الهمزة وسكون الواو فألف فعين مهملة جماعات ( مُتَفَرِّقُونَ) نعت لفظي للتأكيد مثل نفخة واحدة لأن الأوزاع الجماعات المتفرّقة لا واحد له من لفظه.

قال ابن عبد البر: وهم العزون.
قال تعالى: { { عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ عِزِينَ } } وفي الحديث ما لي أراكم عزين.
وذكر ابن فارس والجوهري والمجد أن الأوزاع الجماعات ولم يقولوا متفرقين فعليه يكون النعت للتخصيص أراد أنهم كانوا يتنفلون في المسجد بعد صلاة العشاء متفرّقين ( يُصَلِّي الرَّجُلُ لِنَفْسِهِ وَيُصَلِّي الرَّجُلُ فَيُصَلِّي بِصَلَاتِهِ الرَّهْطُ) ما بين الثلاثة إلى العشرة، وهذا بيان لما أجمله أوّلاً بقوله أوزاع.

( فَقَالَ عُمَرُ: وَاللَّهِ إِنِّي لَأَرَانِي) من الرأي ( لَوْ جَمَعْتُ هَؤُلَاءِ عَلَى قَارِئٍ وَاحِدٍ لَكَانَ أَمْثَلَ) لأنه أنشط لكثير من المصلين ولما في الاختلاف من افتراق الكلمة.
قال الباجي وابن التين وغيرهما: استنبط عمر ذلك من تقرير النبي صلى الله عليه وسلم من صلى معه في تلك الليالي وإن كان كره ذلك لهم فإنما كرهه خشية أن يفرض عليهم، فلما مات صلى الله عليه وسلم أمن ذلك.
وقال ابن عبد البر: لم يسن عمر إلا ما رضيه صلى الله عليه وسلم ولم يمنعه من المواظبة عليه إلا خشية أن يفرض على أمّته وكان بالمؤمنين رؤوفًا رحيمًا فلما أمن ذلك عمر أقامها وأحياها في سنة أربع عشرة من الهجرة، ويدل على أنه صلى الله عليه وسلم سنّ ذلك قوله: إن الله فرض عليكم صيام رمضان وسننت لكم قيامه فمن صامه وقامه إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه.

( فَجَمَعَهُمْ عَلَى أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ) أي جعله إمامًا لهم.
قال ابن عبد البر: واختار أبيًا لقوله صلى الله عليه وسلم يؤم القوم أقرؤهم.
وقوله صلى الله عليه وسلم: أقرؤهم أبيّ وقال عمر: عليّ أقضانا وأبيّ أقرؤنا وإنا لنترك أشياء من قراءة أبيّ.

( قَالَ) عبد الرحمن القاريّ: ( ثُمَّ خَرَجْتُ مَعَهُ لَيْلَةً أُخْرَى وَالنَّاسُ يُصَلُّونَ بِصَلَاةِ قَارِئِهِمْ) أي إمامهم، قال ابن عبد البر: فيه أن عمر كان لا يصلي معهم إما لشغله بأمور الناس وإما لانفراده بنفسه في الصلاة ( فَقَالَ عُمَرُ: نِعْمَتِ الْبِدْعَةُ هَذِهِ) وصفها بنعمت لأن أصل ما فعله سنة وإنما البدعة الممنوعة خلاف السنة.
وقال ابن عمر في صلاة الضحى: نعمت البدعة.
وقال تعالى { { وَرَهْبَانِيَّةً ابتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلاَّ ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ } } وأما ابتداع الأشياء من عمل الدنيا فمباح قاله ابن عبد البر.

وقال الباجي: نعمت التاء على مذهب البصريين لأن نعم فعل لا يتصل به إلا التاء وفي نسخ نعمه بالهاء وذلك على أصول الكوفيين، وهذا تصريح منه بأنه أوّل من جمع الناس في قيام رمضان على إمام واحد لأن البدعة ما ابتدأ بفعلها المبتدع ولم يتقدّمه غيره فابتدعه عمر وتابعه الصحابة والناس إلى هلم جرا.
وهذا يبين صحة القول بالرأي والاجتهاد انتهى.
فسماها بدعة لأنه صلى الله عليه وسلم لم يسنّ الاجتماع لها ولا كانت في زمان الصدّيق وهو لغة ما أحدث على غير مثال سبق وتطلق شرعًا على مقابل السنة، وهي ما لم يكن في عهده صلى الله عليه وسلم، ثم تنقسم إلى الأحكام الخمسة.
وحديث: كل بدعة ضلالة عام مخصوص وقد رغب فيها عمر بقوله: نعمت البدعة وهي كلمة تجمع المحاسن كلها كما أن بئس تجمع المساوئ كلها، وقد قال صلى الله عليه وسلم: اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر وإذا أجمع الصحابة على ذلك مع عمر زال عنه اسم البدعة.

( وَالَّتِي تَنَامُونَ) بفوقية أي الصلاة وتحتية أي الفرقة التي ينامون ( عَنْهَا أَفْضَلُ مِنِ) الصلاة ( الَّتِي تَقُومُونَ) بفوقية وتحتية أي الفرقة التي كسابقه ( يَعْنِي آخِرَ اللَّيْلِ) وهذا تصريح منه بأن الصلاة آخر الليل أفضل من أوّله وقد أثنى الله على المستغفرين بالأسحار.
وقال أهل التأويل في قول يعقوب: { { سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي } } أخرهم إلى السحر لأنه أقرب للإجابة، ويأتي حديث: ينزل ربنا إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل.

( وَكَانَ النَّاسُ يَقُومُونَ أَوَّلَهُ) ثم جعله عمر في آخر الليل لقول ابن عباس: دعاني عمر أتغذى معه في رمضان - يعني السحور - فسمع هيعة الناس حين انصرفوا من القيام فقال عمر: أما إن الذي بقي من الليل أحب إلي مما مضى منه، ففيه دليل على أن قيامهم كان أوّل الليل ثم جعله عمر في آخره، فكان كذلك إلى زمن أبي بكر بن حزم كما يأتي أنه يستعجل الخدم بالطعام مخافة الفجر قاله أبو عمر.

وهذا الحديث رواه البخاري، حدّثنا عبد الله بن يوسف، أخبرنا مالك به.

( مَالِكٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ) الكندي المدني الأعرج ثقة ثبت مات في حدود الأربعين ومائة ( عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ) بن سعيد بن ثمامة الكندي صحابي له أحاديث وحج به في حجة الوداع وهو ابن سبع سنين، وولاه عمر سوق المدينة.
ومات سنة إحدى وتسعين وقيل قبلها، وهو آخر من مات بالمدينة من الصحابة.

( أَنَّهُ قَالَ: أَمَرَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ) أبا المنذر سيد القراء ( وَتَمِيمًا) هو ابن أوس بن خارجة ( الديري) كذا يرويه يحيى وابن بكير وغيرهما بالتحتية بعد الدال، ورواه ابن القاسم والقعنبي والأكثر الداري بألف بعد الدال وكلاهما صواب لاجتماع الوصفين فيه.
فبالياء نسبة إلى دير كان فيه تميم قبل إسلامه وقيل إلى قبيلة وهو بعيد شاذ، وبالألف نسبة إلى جدّه الأعلى الدار بن هانئ عند الجمهور، وقيل إلى دارين مكان عند البحرين.
قال في المطالع: وليس في الموطأ والصحيحين داري ولا ديري إلا تميم، ويكنى أبا رقية بقاف مصغر صحابي شهير أسلم سنة تسع وكان بالمدينة ثم سكن بيت المقدس بعد قتل عثمان مات سنة أربعين.

( أَنْ يَقُومَا لِلنَّاسِ بِإِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً) قال الباجي: لعل عمر أخذ ذلك من صلاة النبي صلى الله عليه وسلم ففي حديث عائشة أنها سئلت عن صلاته في رمضان؟ فقالت: ما كان يزيد في رمضان ولا في غيره عن إحدى عشرة ركعة.

وقال ابن عبد البر: روى غير مالك في هذا الحديث أحد وعشرون وهو الصحيح، ولا أعلم أحدًا قال فيه إحدى عشرة إلا مالكًا، ويحتمل أن يكون ذلك أوّلاً ثم خفف عنهم طول القيام ونقلهم إلى إحدى وعشرين إلا أن الأغلب عندي أن قوله إحدى عشرة وهم انتهى.
ولا وهم مع أن الجمع بالاحتمال الذي ذكره قريب وبه جمع البيهقي أيضًا.

وقوله: إن مالكًا انفرد به ليس كما قال، فقد رواه سعيد بن منصور من وجه آخر عن محمد بن يوسف فقال إحدى عشرة كما قال مالك، وروى سعيد بن منصور عن عروة أنّ عمر جمع الناس على أبيّ بن كعب فكان يصلي بالرجال وكان تميم الداري يصلي بالنساء، ورواه محمد بن نصر عن عروة فقال بدل تميم سليمان بن أبي حثمة.
قال الحافظ: ولعل ذلك كان في وقتين.

( قَالَ) السائب ( وَقَدْ كَانَ الْقَارِئُ يَقْرَأُ بِالْمِئِين) بكسر الميم وقد تفتح والكسر أنسب بالمفرد وهو مائة وكسر الهمزة وإسكان التحتية أي السور التي تلي السبع الطوال أو التي أولها ما يلي الكهف لزيادة كل منها على مائة آية أو التي فيها القصص وقيل غير ذلك ( حَتَّى كُنَّا نَعْتَمِدُ) بنون ( عَلَى الْعِصِيِّ) بكسر العين والصاد المهملتين جمع عصا كقوله تعالى: { { وَعِصِيُّهُمْ } } وفي نسخة حتى يعتمد بتحتية وإسقاط لفظ كنا أي القارئ فعلى العصا بالإفراد ( مِنْ طُولِ الْقِيَامِ) لأن الاعتماد في النافلة لطول القيام على حائط أو عصا جائز وإن قدر على القيام بخلاف الفرض ( وَمَا كُنَّا نَنْصَرِفُ إِلَّا فِي بُزُوغِ الْفَجْرِ) قال الباجي: هي أوائله وأوّل ما يبدو منه.

( مَالِكٍ عَنْ يَزِيدَ) بتحتية فزاي ( بْنِ رُومَانَ) بضم الراء المدني الثقة المتوفى سنة ثلاثين ومائة ( أَنَّهُ قَالَ: كَانَ النَّاسُ يَقُومُونَ فِي زَمَانِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فِي رَمَضَانَ بِثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ رَكْعَةً) وجمع البيهقي وغيره بين هذا وسابقه بأنهم كانوا يقومون بإحدى عشرة واحدة منها وتر ثم قاموا بعشرين وأوتروا بثلاث.

قال الباجي: فأمرهم أوّلاً بتطويل القراءة لأنه أفضل ثم ضعف الناس فأمرهم بثلاث وعشرين فخفف من طول القراءة، واستدرك بعض الفضيلة بزيادة الركعات انتهى.

وروى ابن أبي شيبة عن ابن عباس: كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي في رمضان في غير جماعة بعشرين ركعة والوتر، لكن ضعفه ابن عبد البر والبيهقي برواية أبي شيبة جدّ ابن أبي شيبة.

قال الباجي: وكان الأمر على ذلك إلى يوم الحرة فثقل عليهم القيام فنقصوا من القراءة وزادوا الركعات فجعلت ستًا وثلاثين غير الشفع والوتر.

وذكر ابن حبيب: أنها كانت أوّلاً إحدى عشرة كانوا يطيلون القراءة فثقل عليهم فخففوا القراءة وزادوا في عدد الركعات فكانوا يصلون عشرين ركعة غير الشفع والوتر بقراءة متوسطة ثم خففوا القراءة وجعلوا الركعات ستًا وثلاثين غير الشفع والوتر ومضى الأمر على ذلك.

وروى محمد بن نصر عن داود بن قيس قال: أدركت الناس في إمارة أبان بن عثمان وعمر بن عبد العزيز - يعني بالمدينة - يقومون بست وثلاثين ركعة ويوترون بثلاث.
وقال مالك: هو الأمر القديم عندنا.

( مَالِكٍ عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ) بمهملتين مصغر ( أَنَّهُ سَمِعَ الْأَعْرَجَ) عبد الرحمن بن هرمز ( يَقُولُ: مَا أَدْرَكْتُ النَّاسَ) قال الباجي: أي الصحابة.
وقال ابن عبد البر: أدرك الأعرج جماعة من الصحابة وكبار التابعين ( إِلَّا وَهُمْ يَلْعَنُونَ الْكَفَرَةَ فِي رَمَضَانَ) في قنوت الوتر اقتداء بدعائه صلى الله عليه وسلم في القنوت على رعل وذكوان وبني لحيان الذين قتلوا أصحابه ببئر معونة، وفيه إباحة لعن الكفرة كان لهم ذمّة أم لا غضبًا لله.
وروى المدنيون وابن وهب عن مالك أنّ الإمام كان يقنت في النصف الآخر من رمضان يلعن الكفرة ويؤمن من خلفه، وروى ابن نافع عن مالك أن القنوت في الوتر واسع إن شاء فعل وإن شاء ترك.
وروى ابن القاسم عنه ليس عليه العمل، ومعناه عندي ليس بسنة لكنه مباح ذكره ابن عبد البر، لكن روى المصريون أن مالكًا قال: لا يقنت في الوتر أي لا في رمضان ولا في غيره وهو المذهب، وقد قال ابن القاسم: كان مالك بعد ذلك ينكره إنكارًا شديدًا ولا أرى أن يعمل به.

( قَالَ: وَكَانَ الْقَارِئُ يَقْرَأُ سُورَةَ الْبَقَرَةِ فِي ثَمَانِ رَكَعَاتٍ) لحديث أفضل الصلاة طول القيام ( فَإِذَا قَامَ بِهَا فِي اثْنَتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً رَأَى النَّاسُ أَنَّهُ قَدْ خَفَّفَ) .
وجملة القول أنه لا حدّ في مبلغ القراءة، وقد قال صلى الله عليه وسلم: من أمّ بالناس فليخفف وقال لمعاذ لما بعثه إلى اليمن: وأطل القراءة على قدر ما يطيقون لا يملون أمر الله ولا يكرهونه هذا في الفرائض فكيف في النوافل قاله أبو عمر.

( مَالِكٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ) بن محمد بن عمرو بن حزم الأنصاري المدني ( قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي) أبا بكر اسمه وكنيته واحد وقيل يكنى أبا محمد الأنصاري النجاري الثقة المدني قاضيها ( يَقُولُ: كُنَّا نَنْصَرِفُ فِي رَمَضَانَ) زاد في نسخة من القيام ( فَنَسْتَعْجِلُ الْخَدَمَ) جمع خادم ( بِالطَّعَامِ) للسحور ( مَخَافَةَ الْفَجْرِ) لأن عمر كان جعل القيام في آخر الليل فاستمر إلى زمن أبي بكر هذا بعد أن كان أوّل الليل كما مرّ.

( مَالِكٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ ذَكْوَانَ) بذال معجمة ( أَبَا عَمْرٍو) المدني الثقة روى له البخاري وأبو داود والنسائي ( وَكَانَ عَبْدًا لِعَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَعْتَقَتْهُ عَنْ دُبُرٍ مِنْهَا كَانَ يَقُومُ يَقْرَأُ لَهَا فِي رَمَضَانَ) أي يصلي لها إمامًا قال أبو عمر: لا خلاف في جواز إمامة العبد البالغ فيما عدا الجمعة أي لأنها لا تجب عليه.

وروى ابن أبي شيبة وغيره عن ابن أبي مليكة عن عائشة: أنها أعتقت غلامًا لها عن دبر فكان يؤمّها في رمضان في المصحف.
وروى الشافعي وعبد الرزاق عن ابن أبي مليكة أنه كان يأتي عائشة هو وأبوه وعبيد بن عمير والمسور بن مخرمة وناس كثير فيؤمّهم أبو عمرو مولى عائشة وهو يومئذٍ غلام لم يعتق.