فهرس الكتاب

شرح الزرقاني - بَابُ إِعَادَةِ الصَّلَاةِ مَعَ الْإِمَامِ

رقم الحديث 303 حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ بَنِي الدِّيلِ يُقَالُ لَهُ: بُسْرُ بْنُ مِحْجَنٍ، عَنْ أَبِيهِ مِحْجَنٍ، أَنَّهُ كَانَ فِي مَجْلِسٍ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأُذِّنَ بِالصَّلَاةِ.
فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَصَلَّى، ثُمَّ رَجَعَ، وَمِحْجَنٌ فِي مَجْلِسِهِ لَمْ يُصَلِّ مَعَهُ.
فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا مَنَعَكَ أَنْ تُصَلِّيَ مَعَ النَّاسِ؟ أَلَسْتَ بِرَجُلٍ مُسْلِمٍ؟ فَقَالَ: بَلَى.
يَا رَسُولَ اللَّهِ.
وَلَكِنِّي قَدْ صَلَّيْتُ فِي أَهْلِي، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِذَا جِئْتَ فَصَلِّ مَعَ النَّاسِ، وَإِنْ كُنْتَ قَدْ صَلَّيْتَ.


إِعَادَةِ الصَّلَاةِ مَعَ الْإِمَامِ

( مَالِكٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ) العدوي مولاهم المدني ( عَنْ رَجُلٍ مِنْ بَنِي الدِّيلِ) بكسر الدال وسكون الياء عند الكسائي وأبي عبيد ومحمد بن حبيب وغيرهم، وقال الأصمعي وسيبويه والأخفش وأبو حاتم وغيرهم: الدئل بضم الدال وكسر الهمزة وهو ابن بكر بن عبد مناف بن كنانة ( يُقَالُ لَهُ بُسْرُ) بضم الموحدة وسكون المهملة في رواية الجمهور عن مالك وأكثر الرواة عن زيد بن أسلم وللثوري عن زيد بكسر الموحدة ومعجمة.
قال أبو نعيم: والصواب ما قال مالك ( بْنُ مِحْجَنٍ) بكسر الميم وسكون المهملة وفتح الجيم ونون تابعي صدوق ( عَنْ أَبِيهِ مِحْجَنٍ) بن أبي محجن الديلي صحابي قليل الحديث.
قال أبو عمر: معدود في أهل المدينة روى عنه ابنه بسر، ويقال إنه كان في سرية زيد بن حارثة إلى حسمى في جمادى الأولى سنة ست وبذلك جزم ابن الحذاء في رجال الموطأ.

( أَنَّهُ كَانَ فِي مَجْلِسٍ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأُذِّنَ بِالصَّلَاةِ فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَصَلَّى ثُمَّ رَجَعَ وَمِحْجَنٌ فِي مَجْلِسِهِ لَمْ يُصَلِّ مَعَهُ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا مَنَعَكَ أَنْ تُصَلِّيَ مَعَ النَّاسِ) الذين صلوا معي ( أَلَسْتَ بِرَجُلٍ مُسْلِمٍ؟) قال الباجي: يحتمل الاستفهام، ويحتمل التوبيخ وهو الأظهر ولا يقتضي أن من لم يصل مع الناس ليس بمسلم إذ هذا لا يقوله أحد، وإنما هذا كما تقول للقرشي ما لك لا تكون كريمًا ألست بقرشي لا تريد نفيه من قريش إنما توبخه على ترك أخلاقهم ( فَقَالَ: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ وَلَكِنِّي قَدْ صَلَّيْتُ فِي أَهْلِي) ولعله كان سمع لا صلاتين في يوم ولم يعلم بالإعادة لفضل الجماعة ( فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِذَا جِئْتَ فَصَلِّ مَعَ النَّاسِ وَإِنْ كُنْتَ قَدْ صَلَّيْتَ) فيه أن من قال صليت يوكل إلى قوله لقبوله صلى الله عليه وسلم منه قوله صليت قاله ابن عبد البر.

وهذا الحديث أخرجه البخاري في الأدب المفرد، والنسائي وابن خزيمة والحاكم كلهم من رواية مالك عن زيد به.
وأخرج الطبراني عن عبد الله بن سرجس مرفوعًا: إذا صلى أحدكم في بيته ثم دخل المسجد والقوم يصلون فليصل معهم وتكون له نافلة.

( مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ فَقَالَ: إِنِّي أُصَلِّي فِي بَيْتِي ثُمَّ أُدْرِكُ الصَّلَاةَ مَعَ الْإِمَامِ أَفَأُصَلِّي مَعَهُ؟ فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ: نَعَمْ) صل معه ( فَقَالَ الرَّجُلُ: أَيَّتَهُمَا أَجْعَلُ صَلَاتِي؟ فَقَالَ لَهُ ابْنُ عُمَرَ: أَوَ ذَلِكَ إِلَيْكَ إِنَّمَا ذَلِكَ إِلَى اللَّهِ يَجْعَلُ أَيَّتَهُمَا شَاءَ) قال ابن حبيب: معناه أن الله يعلم التي يتقبلها فأما على وجه الاعتداد بها فهي الأولى، ومقتضاه أن يصلي الصلاتين بنية الفرض ولو صلى إحداهما بنية النفل لم يشك في أن الأخرى فرض قاله الباجي.

وقال ابن الماجشون وغيره: معنى ذلك إلى الله في القبول لأنه قد يقبل النافلة دون الفريضة ويقبل الفريضة دون النافلة على حسب النية والإخلاص.

قال ابن عبد البر: وعلى هذا لا يتدافع قول من قال الفريضة هي الأولى مع قوله ذلك إلى الله.

قال: وروى ابن أبي ذئب عن نافع أن ابن عمر قال: إن صلاته هي الأولى، وظاهره مخالف لرواية مالك فيحتمل أن يكون شك في رواية مالك، ثم بان له أن الأولى صلاته فرجع من شكه إلى يقين علمه ومحال أن يرجع إلى شك.

( مَالِكٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ فَقَالَ: إِنِّي أُصَلِّي فِي بَيْتِي ثُمَّ آتِي) بمدّ الهمزة ( الْمَسْجِدَ فَأَجِدُ الْإِمَامَ يُصَلِّي أَفَأُصَلِّي مَعَهُ؟ فَقَالَ سَعِيدٌ: نَعَمْ.
فَقَالَ الرَّجُلُ: فَأَيُّهُمَا صَلَاتِي؟ فَقَالَ سَعِيدٌ: أَوَ أَنْتَ تَجْعَلُهُمَا إِنَّمَا ذَلِكَ إِلَى اللَّهِ)
فأجاب سعيد سائله بمثل جواب ابن عمر لسائله.
وقد روي ذلك عن مالك، وروي عنه أيضًا أن الأولى فرض والثانية نفل.

قال الباجي: وهما مبنيان على صحة رفض الصلاة بعد تمامها.
فإن قلنا لا ترتفض فالأولى فرضه وإن قلنا ترتفض جاز أن يقال بالقول الأوّل.

وقال ابن عبد البر: أجمع مالك وأصحابه أن من صلى وحده لا يؤم في تلك الصلاة، وهذا يوضح أن الأولى فرضه وعليه جماعة أهل العلم، واختارت طائفة من أصحاب مالك أن تكون الثانية فرضه، وتأوّلوا قوله صلى الله عليه وسلم: وتكون له نافلة.
أي فضيلة كقوله تعالى: { { نَافِلَةً لَّكَ } } أي زائدة في فرائضه، وإنما لم يؤم فيها لأنه لم يدر أيهما صلاته حقيقة فاحتيط أن لا يؤم أحدًا.

( مَالِكٍ عَنْ عَفِيفٍ) بن عمرو بفتح العين ( السَّهْمِيِّ) مقبول في الرواية ( عَنْ رَجُلٍ مِنْ بَنِي أَسَدٍ أَنَّهُ سَأَلَ أَبَا أَيُّوبَ) خالد بن زيد بن كليب ( الْأَنْصَارِيَّ) البدري من كبار الصحابة مات غازيًا بالروم سنة خمسين وقيل بعدها ( فَقَالَ: إِنِّي أُصَلِّي فِي بَيْتِي ثُمَّ آتِي الْمَسْجِدَ فَأَجِدُ الْإِمَامَ يُصَلِّي أَفَأُصَلِّي مَعَهُ؟ فَقَالَ أَبُو أَيُّوبَ: نَعَمْ فَصَلِّ مَعَهُ فَإِنَّ مَنْ صَنَعَ ذَلِكَ فَإِنَّ لَهُ سَهْمَ جَمْعٍ) قال ابن وهب أي يضعف له الأجر فيكون له سهمان منه، وقال غيره: جمع هنا أي جيش قال تعالى: { { سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ } } وقال { { فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ } } قال ابن عبد البر: أي له أجر الغازي في سبيل الله والأوّل أشبه وأصوب، وأوصى المنذر بن الزبير لفلان كذا ولفلان كذا ولفلان سهم جمع.
قال مصعب الزبيري: فسألت عبد الله بن المنذر بن الزبير ما معنى سهم جمع؟ قال: نصيب رجلين وهذا هو المعروف عن فصحاء العرب.

( أَوْ مِثْلَ سَهْمِ جَمْعٍ) شك من الراوي.
وقال الباجي: يحتمل عندي أن ثوابه مثل سهم الجماعة من الأجر ويحتمل مثل سهم من يبيت بمزدلفة في الحج لأن جمعًا اسم مزدلفة حكاه سحنون عن مطرف، ولم يعجبه، ويحتمل أن له سهم الجمع بين الصلاتين صلاة الفذ وصلاة الجماعة ويكون في ذلك إخبار له بأنه لا يضيع له أجر الصلاتين.
وقال الداودي: يروى فإن له سهمًا جمعًا بالتنوين أي يضاعف له الأجر مرتين.
قال الباجي: والصحيح من الرواية والمعنى ما قدّمنا اهـ.

وهذا الحديث موقوف له حكم الرفع إذ لا يقال بالرأي، وقد صرح برفعه بكير أنه سمع عفيف بن عمرو يقول: حدّثني رجل من بني أسد أنه سأل أبا أيوب الأنصاري قال: يصلي أحدنا في منزله الصلاة ثم يأتي المسجد فتقام الصلاة فأصلي معهم فأجد في نفسي من ذلك شيئًا؟ فقال أبو أيوب: سألنا عن ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال: فذلك له سهم جمع رواه أبو داود.

( مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يَقُولُ: مَنْ صَلَّى الْمَغْرِبَ أَوِ الصُّبْحَ ثُمَّ أَدْرَكَهُمَا مَعَ الْإِمَامِ فَلَا يَعُدْ لَهُمَا) للنهي عن الصلاة بعد الصبح ولأنّ النافلة لا تكون وترًا، وإلى هذا ذهب الأوزاعي والحسن والثوري، ولا يرد النهي عن الصلاة بعد العصر لأن ابن عمر كان يحمله على أنه بعد الاصفرار، وذهب أبو موسى والنعمان بن مقرّن وطائفة إلى ما ( قَالَ مَالِكٌ وَلَا أَرَى بَأْسًا أَنْ يُصَلِّيَ مَعَ الْإِمَامِ مَنْ كَانَ قَدْ صَلَّى فِي بَيْتِهِ) أو خلوة أو مدرسة أو حانوت، فالمراد صلى منفردًا جميع الصلوات ( إِلَّا صَلَاةَ الْمَغْرِبِ) لا يعيدها ( فَإِنَّهُ إِذَا أَعَادَهَا كَانَتْ شَفْعًا) فينافي ما مرّ أنها وتر صلاة النهار، وزاد أصحابه العشاء بعد الوتر.
وعلل محمد بن الحسن عدم إعادة المغرب بأن الإعادة نافلة ولا تكون النافلة وترًا.

قال أبو عمر: هذه العلة أحسن من تعليل مالك.
وقال الشافعي والمغيرة: تعاد الصلوات كلها لعموم حديث محجن إذ لم يخص صلاة من غيرها، ولحديث أبي داود وغيره عن يزيد بن الأسود شهدت مع النبي صلى الله عليه وسلم حجته فصليت معه الصبح فلما قضى صلاته إذا برجلين لم يصليا معه قال: ما منعكما أن تصليا معنا قالا: صلينا في رحالنا.
قال: فلا تفعلا إذا صليتما في رحالكما ثم أتيتما مسجدًا فصليا معهم فإنها لكما نافلة.
وقال أبو حنيفة: لا يعيد الصبح ولا العصر ولا المغرب.
قال محمد بن الحسن: لأن النافلة بعد الصبح والعصر لا تجوز ولا تكون النافلة وترًا.
وأجابوا عن حديث أبي داود بمعارضته بخبر النهي والمانع مقدّم وبحمله على ما قبل النهي جمعًا بين الأدلة.



رقم الحديث 304 وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ فَقَالَ: إِنِّي أُصَلِّي فِي بَيْتِي، ثُمَّ أُدْرِكُ الصَّلَاةَ مَعَ الْإِمَامِ، أَفَأُصَلِّي مَعَهُ؟ فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ: نَعَمْ.
فَقَالَ الرَّجُلُ: أَيَّتَهُمَا أَجْعَلُ صَلَاتِي؟ فَقَالَ لَهُ ابْنُ عُمَرَ: أَوَ ذَلِكَ إِلَيْكَ.
إِنَّمَا ذَلِكَ إِلَى اللَّهِ يَجْعَلُ أَيَّتَهُمَا شَاءَ.


إِعَادَةِ الصَّلَاةِ مَعَ الْإِمَامِ

( مَالِكٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ) العدوي مولاهم المدني ( عَنْ رَجُلٍ مِنْ بَنِي الدِّيلِ) بكسر الدال وسكون الياء عند الكسائي وأبي عبيد ومحمد بن حبيب وغيرهم، وقال الأصمعي وسيبويه والأخفش وأبو حاتم وغيرهم: الدئل بضم الدال وكسر الهمزة وهو ابن بكر بن عبد مناف بن كنانة ( يُقَالُ لَهُ بُسْرُ) بضم الموحدة وسكون المهملة في رواية الجمهور عن مالك وأكثر الرواة عن زيد بن أسلم وللثوري عن زيد بكسر الموحدة ومعجمة.
قال أبو نعيم: والصواب ما قال مالك ( بْنُ مِحْجَنٍ) بكسر الميم وسكون المهملة وفتح الجيم ونون تابعي صدوق ( عَنْ أَبِيهِ مِحْجَنٍ) بن أبي محجن الديلي صحابي قليل الحديث.
قال أبو عمر: معدود في أهل المدينة روى عنه ابنه بسر، ويقال إنه كان في سرية زيد بن حارثة إلى حسمى في جمادى الأولى سنة ست وبذلك جزم ابن الحذاء في رجال الموطأ.

( أَنَّهُ كَانَ فِي مَجْلِسٍ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأُذِّنَ بِالصَّلَاةِ فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَصَلَّى ثُمَّ رَجَعَ وَمِحْجَنٌ فِي مَجْلِسِهِ لَمْ يُصَلِّ مَعَهُ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا مَنَعَكَ أَنْ تُصَلِّيَ مَعَ النَّاسِ) الذين صلوا معي ( أَلَسْتَ بِرَجُلٍ مُسْلِمٍ؟) قال الباجي: يحتمل الاستفهام، ويحتمل التوبيخ وهو الأظهر ولا يقتضي أن من لم يصل مع الناس ليس بمسلم إذ هذا لا يقوله أحد، وإنما هذا كما تقول للقرشي ما لك لا تكون كريمًا ألست بقرشي لا تريد نفيه من قريش إنما توبخه على ترك أخلاقهم ( فَقَالَ: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ وَلَكِنِّي قَدْ صَلَّيْتُ فِي أَهْلِي) ولعله كان سمع لا صلاتين في يوم ولم يعلم بالإعادة لفضل الجماعة ( فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِذَا جِئْتَ فَصَلِّ مَعَ النَّاسِ وَإِنْ كُنْتَ قَدْ صَلَّيْتَ) فيه أن من قال صليت يوكل إلى قوله لقبوله صلى الله عليه وسلم منه قوله صليت قاله ابن عبد البر.

وهذا الحديث أخرجه البخاري في الأدب المفرد، والنسائي وابن خزيمة والحاكم كلهم من رواية مالك عن زيد به.
وأخرج الطبراني عن عبد الله بن سرجس مرفوعًا: إذا صلى أحدكم في بيته ثم دخل المسجد والقوم يصلون فليصل معهم وتكون له نافلة.

( مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ فَقَالَ: إِنِّي أُصَلِّي فِي بَيْتِي ثُمَّ أُدْرِكُ الصَّلَاةَ مَعَ الْإِمَامِ أَفَأُصَلِّي مَعَهُ؟ فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ: نَعَمْ) صل معه ( فَقَالَ الرَّجُلُ: أَيَّتَهُمَا أَجْعَلُ صَلَاتِي؟ فَقَالَ لَهُ ابْنُ عُمَرَ: أَوَ ذَلِكَ إِلَيْكَ إِنَّمَا ذَلِكَ إِلَى اللَّهِ يَجْعَلُ أَيَّتَهُمَا شَاءَ) قال ابن حبيب: معناه أن الله يعلم التي يتقبلها فأما على وجه الاعتداد بها فهي الأولى، ومقتضاه أن يصلي الصلاتين بنية الفرض ولو صلى إحداهما بنية النفل لم يشك في أن الأخرى فرض قاله الباجي.

وقال ابن الماجشون وغيره: معنى ذلك إلى الله في القبول لأنه قد يقبل النافلة دون الفريضة ويقبل الفريضة دون النافلة على حسب النية والإخلاص.

قال ابن عبد البر: وعلى هذا لا يتدافع قول من قال الفريضة هي الأولى مع قوله ذلك إلى الله.

قال: وروى ابن أبي ذئب عن نافع أن ابن عمر قال: إن صلاته هي الأولى، وظاهره مخالف لرواية مالك فيحتمل أن يكون شك في رواية مالك، ثم بان له أن الأولى صلاته فرجع من شكه إلى يقين علمه ومحال أن يرجع إلى شك.

( مَالِكٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ فَقَالَ: إِنِّي أُصَلِّي فِي بَيْتِي ثُمَّ آتِي) بمدّ الهمزة ( الْمَسْجِدَ فَأَجِدُ الْإِمَامَ يُصَلِّي أَفَأُصَلِّي مَعَهُ؟ فَقَالَ سَعِيدٌ: نَعَمْ.
فَقَالَ الرَّجُلُ: فَأَيُّهُمَا صَلَاتِي؟ فَقَالَ سَعِيدٌ: أَوَ أَنْتَ تَجْعَلُهُمَا إِنَّمَا ذَلِكَ إِلَى اللَّهِ)
فأجاب سعيد سائله بمثل جواب ابن عمر لسائله.
وقد روي ذلك عن مالك، وروي عنه أيضًا أن الأولى فرض والثانية نفل.

قال الباجي: وهما مبنيان على صحة رفض الصلاة بعد تمامها.
فإن قلنا لا ترتفض فالأولى فرضه وإن قلنا ترتفض جاز أن يقال بالقول الأوّل.

وقال ابن عبد البر: أجمع مالك وأصحابه أن من صلى وحده لا يؤم في تلك الصلاة، وهذا يوضح أن الأولى فرضه وعليه جماعة أهل العلم، واختارت طائفة من أصحاب مالك أن تكون الثانية فرضه، وتأوّلوا قوله صلى الله عليه وسلم: وتكون له نافلة.
أي فضيلة كقوله تعالى: { { نَافِلَةً لَّكَ } } أي زائدة في فرائضه، وإنما لم يؤم فيها لأنه لم يدر أيهما صلاته حقيقة فاحتيط أن لا يؤم أحدًا.

( مَالِكٍ عَنْ عَفِيفٍ) بن عمرو بفتح العين ( السَّهْمِيِّ) مقبول في الرواية ( عَنْ رَجُلٍ مِنْ بَنِي أَسَدٍ أَنَّهُ سَأَلَ أَبَا أَيُّوبَ) خالد بن زيد بن كليب ( الْأَنْصَارِيَّ) البدري من كبار الصحابة مات غازيًا بالروم سنة خمسين وقيل بعدها ( فَقَالَ: إِنِّي أُصَلِّي فِي بَيْتِي ثُمَّ آتِي الْمَسْجِدَ فَأَجِدُ الْإِمَامَ يُصَلِّي أَفَأُصَلِّي مَعَهُ؟ فَقَالَ أَبُو أَيُّوبَ: نَعَمْ فَصَلِّ مَعَهُ فَإِنَّ مَنْ صَنَعَ ذَلِكَ فَإِنَّ لَهُ سَهْمَ جَمْعٍ) قال ابن وهب أي يضعف له الأجر فيكون له سهمان منه، وقال غيره: جمع هنا أي جيش قال تعالى: { { سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ } } وقال { { فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ } } قال ابن عبد البر: أي له أجر الغازي في سبيل الله والأوّل أشبه وأصوب، وأوصى المنذر بن الزبير لفلان كذا ولفلان كذا ولفلان سهم جمع.
قال مصعب الزبيري: فسألت عبد الله بن المنذر بن الزبير ما معنى سهم جمع؟ قال: نصيب رجلين وهذا هو المعروف عن فصحاء العرب.

( أَوْ مِثْلَ سَهْمِ جَمْعٍ) شك من الراوي.
وقال الباجي: يحتمل عندي أن ثوابه مثل سهم الجماعة من الأجر ويحتمل مثل سهم من يبيت بمزدلفة في الحج لأن جمعًا اسم مزدلفة حكاه سحنون عن مطرف، ولم يعجبه، ويحتمل أن له سهم الجمع بين الصلاتين صلاة الفذ وصلاة الجماعة ويكون في ذلك إخبار له بأنه لا يضيع له أجر الصلاتين.
وقال الداودي: يروى فإن له سهمًا جمعًا بالتنوين أي يضاعف له الأجر مرتين.
قال الباجي: والصحيح من الرواية والمعنى ما قدّمنا اهـ.

وهذا الحديث موقوف له حكم الرفع إذ لا يقال بالرأي، وقد صرح برفعه بكير أنه سمع عفيف بن عمرو يقول: حدّثني رجل من بني أسد أنه سأل أبا أيوب الأنصاري قال: يصلي أحدنا في منزله الصلاة ثم يأتي المسجد فتقام الصلاة فأصلي معهم فأجد في نفسي من ذلك شيئًا؟ فقال أبو أيوب: سألنا عن ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال: فذلك له سهم جمع رواه أبو داود.

( مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يَقُولُ: مَنْ صَلَّى الْمَغْرِبَ أَوِ الصُّبْحَ ثُمَّ أَدْرَكَهُمَا مَعَ الْإِمَامِ فَلَا يَعُدْ لَهُمَا) للنهي عن الصلاة بعد الصبح ولأنّ النافلة لا تكون وترًا، وإلى هذا ذهب الأوزاعي والحسن والثوري، ولا يرد النهي عن الصلاة بعد العصر لأن ابن عمر كان يحمله على أنه بعد الاصفرار، وذهب أبو موسى والنعمان بن مقرّن وطائفة إلى ما ( قَالَ مَالِكٌ وَلَا أَرَى بَأْسًا أَنْ يُصَلِّيَ مَعَ الْإِمَامِ مَنْ كَانَ قَدْ صَلَّى فِي بَيْتِهِ) أو خلوة أو مدرسة أو حانوت، فالمراد صلى منفردًا جميع الصلوات ( إِلَّا صَلَاةَ الْمَغْرِبِ) لا يعيدها ( فَإِنَّهُ إِذَا أَعَادَهَا كَانَتْ شَفْعًا) فينافي ما مرّ أنها وتر صلاة النهار، وزاد أصحابه العشاء بعد الوتر.
وعلل محمد بن الحسن عدم إعادة المغرب بأن الإعادة نافلة ولا تكون النافلة وترًا.

قال أبو عمر: هذه العلة أحسن من تعليل مالك.
وقال الشافعي والمغيرة: تعاد الصلوات كلها لعموم حديث محجن إذ لم يخص صلاة من غيرها، ولحديث أبي داود وغيره عن يزيد بن الأسود شهدت مع النبي صلى الله عليه وسلم حجته فصليت معه الصبح فلما قضى صلاته إذا برجلين لم يصليا معه قال: ما منعكما أن تصليا معنا قالا: صلينا في رحالنا.
قال: فلا تفعلا إذا صليتما في رحالكما ثم أتيتما مسجدًا فصليا معهم فإنها لكما نافلة.
وقال أبو حنيفة: لا يعيد الصبح ولا العصر ولا المغرب.
قال محمد بن الحسن: لأن النافلة بعد الصبح والعصر لا تجوز ولا تكون النافلة وترًا.
وأجابوا عن حديث أبي داود بمعارضته بخبر النهي والمانع مقدّم وبحمله على ما قبل النهي جمعًا بين الأدلة.



رقم الحديث 305 وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ فَقَالَ: إِنِّي أُصَلِّي فِي بَيْتِي، ثُمَّ آتِي الْمَسْجِدَ فَأَجِدُ الْإِمَامَ يُصَلِّي، أَفَأُصَلِّي مَعَهُ؟ فَقَالَ سَعِيدٌ: نَعَمْ، فَقَالَ الرَّجُلُ: فَأَيُّهُمَا صَلَاتِي؟ فَقَالَ سَعِيدٌ: أَوَ أَنْتَ تَجْعَلُهُمَا.
إِنَّمَا ذَلِكَ إِلَى اللَّهِ.


إِعَادَةِ الصَّلَاةِ مَعَ الْإِمَامِ

( مَالِكٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ) العدوي مولاهم المدني ( عَنْ رَجُلٍ مِنْ بَنِي الدِّيلِ) بكسر الدال وسكون الياء عند الكسائي وأبي عبيد ومحمد بن حبيب وغيرهم، وقال الأصمعي وسيبويه والأخفش وأبو حاتم وغيرهم: الدئل بضم الدال وكسر الهمزة وهو ابن بكر بن عبد مناف بن كنانة ( يُقَالُ لَهُ بُسْرُ) بضم الموحدة وسكون المهملة في رواية الجمهور عن مالك وأكثر الرواة عن زيد بن أسلم وللثوري عن زيد بكسر الموحدة ومعجمة.
قال أبو نعيم: والصواب ما قال مالك ( بْنُ مِحْجَنٍ) بكسر الميم وسكون المهملة وفتح الجيم ونون تابعي صدوق ( عَنْ أَبِيهِ مِحْجَنٍ) بن أبي محجن الديلي صحابي قليل الحديث.
قال أبو عمر: معدود في أهل المدينة روى عنه ابنه بسر، ويقال إنه كان في سرية زيد بن حارثة إلى حسمى في جمادى الأولى سنة ست وبذلك جزم ابن الحذاء في رجال الموطأ.

( أَنَّهُ كَانَ فِي مَجْلِسٍ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأُذِّنَ بِالصَّلَاةِ فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَصَلَّى ثُمَّ رَجَعَ وَمِحْجَنٌ فِي مَجْلِسِهِ لَمْ يُصَلِّ مَعَهُ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا مَنَعَكَ أَنْ تُصَلِّيَ مَعَ النَّاسِ) الذين صلوا معي ( أَلَسْتَ بِرَجُلٍ مُسْلِمٍ؟) قال الباجي: يحتمل الاستفهام، ويحتمل التوبيخ وهو الأظهر ولا يقتضي أن من لم يصل مع الناس ليس بمسلم إذ هذا لا يقوله أحد، وإنما هذا كما تقول للقرشي ما لك لا تكون كريمًا ألست بقرشي لا تريد نفيه من قريش إنما توبخه على ترك أخلاقهم ( فَقَالَ: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ وَلَكِنِّي قَدْ صَلَّيْتُ فِي أَهْلِي) ولعله كان سمع لا صلاتين في يوم ولم يعلم بالإعادة لفضل الجماعة ( فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِذَا جِئْتَ فَصَلِّ مَعَ النَّاسِ وَإِنْ كُنْتَ قَدْ صَلَّيْتَ) فيه أن من قال صليت يوكل إلى قوله لقبوله صلى الله عليه وسلم منه قوله صليت قاله ابن عبد البر.

وهذا الحديث أخرجه البخاري في الأدب المفرد، والنسائي وابن خزيمة والحاكم كلهم من رواية مالك عن زيد به.
وأخرج الطبراني عن عبد الله بن سرجس مرفوعًا: إذا صلى أحدكم في بيته ثم دخل المسجد والقوم يصلون فليصل معهم وتكون له نافلة.

( مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ فَقَالَ: إِنِّي أُصَلِّي فِي بَيْتِي ثُمَّ أُدْرِكُ الصَّلَاةَ مَعَ الْإِمَامِ أَفَأُصَلِّي مَعَهُ؟ فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ: نَعَمْ) صل معه ( فَقَالَ الرَّجُلُ: أَيَّتَهُمَا أَجْعَلُ صَلَاتِي؟ فَقَالَ لَهُ ابْنُ عُمَرَ: أَوَ ذَلِكَ إِلَيْكَ إِنَّمَا ذَلِكَ إِلَى اللَّهِ يَجْعَلُ أَيَّتَهُمَا شَاءَ) قال ابن حبيب: معناه أن الله يعلم التي يتقبلها فأما على وجه الاعتداد بها فهي الأولى، ومقتضاه أن يصلي الصلاتين بنية الفرض ولو صلى إحداهما بنية النفل لم يشك في أن الأخرى فرض قاله الباجي.

وقال ابن الماجشون وغيره: معنى ذلك إلى الله في القبول لأنه قد يقبل النافلة دون الفريضة ويقبل الفريضة دون النافلة على حسب النية والإخلاص.

قال ابن عبد البر: وعلى هذا لا يتدافع قول من قال الفريضة هي الأولى مع قوله ذلك إلى الله.

قال: وروى ابن أبي ذئب عن نافع أن ابن عمر قال: إن صلاته هي الأولى، وظاهره مخالف لرواية مالك فيحتمل أن يكون شك في رواية مالك، ثم بان له أن الأولى صلاته فرجع من شكه إلى يقين علمه ومحال أن يرجع إلى شك.

( مَالِكٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ فَقَالَ: إِنِّي أُصَلِّي فِي بَيْتِي ثُمَّ آتِي) بمدّ الهمزة ( الْمَسْجِدَ فَأَجِدُ الْإِمَامَ يُصَلِّي أَفَأُصَلِّي مَعَهُ؟ فَقَالَ سَعِيدٌ: نَعَمْ.
فَقَالَ الرَّجُلُ: فَأَيُّهُمَا صَلَاتِي؟ فَقَالَ سَعِيدٌ: أَوَ أَنْتَ تَجْعَلُهُمَا إِنَّمَا ذَلِكَ إِلَى اللَّهِ)
فأجاب سعيد سائله بمثل جواب ابن عمر لسائله.
وقد روي ذلك عن مالك، وروي عنه أيضًا أن الأولى فرض والثانية نفل.

قال الباجي: وهما مبنيان على صحة رفض الصلاة بعد تمامها.
فإن قلنا لا ترتفض فالأولى فرضه وإن قلنا ترتفض جاز أن يقال بالقول الأوّل.

وقال ابن عبد البر: أجمع مالك وأصحابه أن من صلى وحده لا يؤم في تلك الصلاة، وهذا يوضح أن الأولى فرضه وعليه جماعة أهل العلم، واختارت طائفة من أصحاب مالك أن تكون الثانية فرضه، وتأوّلوا قوله صلى الله عليه وسلم: وتكون له نافلة.
أي فضيلة كقوله تعالى: { { نَافِلَةً لَّكَ } } أي زائدة في فرائضه، وإنما لم يؤم فيها لأنه لم يدر أيهما صلاته حقيقة فاحتيط أن لا يؤم أحدًا.

( مَالِكٍ عَنْ عَفِيفٍ) بن عمرو بفتح العين ( السَّهْمِيِّ) مقبول في الرواية ( عَنْ رَجُلٍ مِنْ بَنِي أَسَدٍ أَنَّهُ سَأَلَ أَبَا أَيُّوبَ) خالد بن زيد بن كليب ( الْأَنْصَارِيَّ) البدري من كبار الصحابة مات غازيًا بالروم سنة خمسين وقيل بعدها ( فَقَالَ: إِنِّي أُصَلِّي فِي بَيْتِي ثُمَّ آتِي الْمَسْجِدَ فَأَجِدُ الْإِمَامَ يُصَلِّي أَفَأُصَلِّي مَعَهُ؟ فَقَالَ أَبُو أَيُّوبَ: نَعَمْ فَصَلِّ مَعَهُ فَإِنَّ مَنْ صَنَعَ ذَلِكَ فَإِنَّ لَهُ سَهْمَ جَمْعٍ) قال ابن وهب أي يضعف له الأجر فيكون له سهمان منه، وقال غيره: جمع هنا أي جيش قال تعالى: { { سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ } } وقال { { فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ } } قال ابن عبد البر: أي له أجر الغازي في سبيل الله والأوّل أشبه وأصوب، وأوصى المنذر بن الزبير لفلان كذا ولفلان كذا ولفلان سهم جمع.
قال مصعب الزبيري: فسألت عبد الله بن المنذر بن الزبير ما معنى سهم جمع؟ قال: نصيب رجلين وهذا هو المعروف عن فصحاء العرب.

( أَوْ مِثْلَ سَهْمِ جَمْعٍ) شك من الراوي.
وقال الباجي: يحتمل عندي أن ثوابه مثل سهم الجماعة من الأجر ويحتمل مثل سهم من يبيت بمزدلفة في الحج لأن جمعًا اسم مزدلفة حكاه سحنون عن مطرف، ولم يعجبه، ويحتمل أن له سهم الجمع بين الصلاتين صلاة الفذ وصلاة الجماعة ويكون في ذلك إخبار له بأنه لا يضيع له أجر الصلاتين.
وقال الداودي: يروى فإن له سهمًا جمعًا بالتنوين أي يضاعف له الأجر مرتين.
قال الباجي: والصحيح من الرواية والمعنى ما قدّمنا اهـ.

وهذا الحديث موقوف له حكم الرفع إذ لا يقال بالرأي، وقد صرح برفعه بكير أنه سمع عفيف بن عمرو يقول: حدّثني رجل من بني أسد أنه سأل أبا أيوب الأنصاري قال: يصلي أحدنا في منزله الصلاة ثم يأتي المسجد فتقام الصلاة فأصلي معهم فأجد في نفسي من ذلك شيئًا؟ فقال أبو أيوب: سألنا عن ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال: فذلك له سهم جمع رواه أبو داود.

( مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يَقُولُ: مَنْ صَلَّى الْمَغْرِبَ أَوِ الصُّبْحَ ثُمَّ أَدْرَكَهُمَا مَعَ الْإِمَامِ فَلَا يَعُدْ لَهُمَا) للنهي عن الصلاة بعد الصبح ولأنّ النافلة لا تكون وترًا، وإلى هذا ذهب الأوزاعي والحسن والثوري، ولا يرد النهي عن الصلاة بعد العصر لأن ابن عمر كان يحمله على أنه بعد الاصفرار، وذهب أبو موسى والنعمان بن مقرّن وطائفة إلى ما ( قَالَ مَالِكٌ وَلَا أَرَى بَأْسًا أَنْ يُصَلِّيَ مَعَ الْإِمَامِ مَنْ كَانَ قَدْ صَلَّى فِي بَيْتِهِ) أو خلوة أو مدرسة أو حانوت، فالمراد صلى منفردًا جميع الصلوات ( إِلَّا صَلَاةَ الْمَغْرِبِ) لا يعيدها ( فَإِنَّهُ إِذَا أَعَادَهَا كَانَتْ شَفْعًا) فينافي ما مرّ أنها وتر صلاة النهار، وزاد أصحابه العشاء بعد الوتر.
وعلل محمد بن الحسن عدم إعادة المغرب بأن الإعادة نافلة ولا تكون النافلة وترًا.

قال أبو عمر: هذه العلة أحسن من تعليل مالك.
وقال الشافعي والمغيرة: تعاد الصلوات كلها لعموم حديث محجن إذ لم يخص صلاة من غيرها، ولحديث أبي داود وغيره عن يزيد بن الأسود شهدت مع النبي صلى الله عليه وسلم حجته فصليت معه الصبح فلما قضى صلاته إذا برجلين لم يصليا معه قال: ما منعكما أن تصليا معنا قالا: صلينا في رحالنا.
قال: فلا تفعلا إذا صليتما في رحالكما ثم أتيتما مسجدًا فصليا معهم فإنها لكما نافلة.
وقال أبو حنيفة: لا يعيد الصبح ولا العصر ولا المغرب.
قال محمد بن الحسن: لأن النافلة بعد الصبح والعصر لا تجوز ولا تكون النافلة وترًا.
وأجابوا عن حديث أبي داود بمعارضته بخبر النهي والمانع مقدّم وبحمله على ما قبل النهي جمعًا بين الأدلة.



رقم الحديث 306 وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَفِيفٍ السَّهْمِيِّ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ بَنِي أَسَدٍ أَنَّهُ سَأَلَ أَبَا أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيَّ فَقَالَ: إِنِّي أُصَلِّي فِي بَيْتِي، ثُمَّ آتِي الْمَسْجِدَ فَأَجِدُ الْإِمَامَ يُصَلِّي، أَفَأُصَلِّي مَعَهُ؟ فَقَالَ أَبُو أَيُّوبَ: نَعَمْ فَصَلِّ مَعَهُ فَإِنَّ مَنْ صَنَعَ ذَلِكَ فَإِنَّ لَهُ سَهْمَ جَمْعٍ، أَوْ مِثْلَ سَهْمِ جَمْعٍ.


إِعَادَةِ الصَّلَاةِ مَعَ الْإِمَامِ

( مَالِكٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ) العدوي مولاهم المدني ( عَنْ رَجُلٍ مِنْ بَنِي الدِّيلِ) بكسر الدال وسكون الياء عند الكسائي وأبي عبيد ومحمد بن حبيب وغيرهم، وقال الأصمعي وسيبويه والأخفش وأبو حاتم وغيرهم: الدئل بضم الدال وكسر الهمزة وهو ابن بكر بن عبد مناف بن كنانة ( يُقَالُ لَهُ بُسْرُ) بضم الموحدة وسكون المهملة في رواية الجمهور عن مالك وأكثر الرواة عن زيد بن أسلم وللثوري عن زيد بكسر الموحدة ومعجمة.
قال أبو نعيم: والصواب ما قال مالك ( بْنُ مِحْجَنٍ) بكسر الميم وسكون المهملة وفتح الجيم ونون تابعي صدوق ( عَنْ أَبِيهِ مِحْجَنٍ) بن أبي محجن الديلي صحابي قليل الحديث.
قال أبو عمر: معدود في أهل المدينة روى عنه ابنه بسر، ويقال إنه كان في سرية زيد بن حارثة إلى حسمى في جمادى الأولى سنة ست وبذلك جزم ابن الحذاء في رجال الموطأ.

( أَنَّهُ كَانَ فِي مَجْلِسٍ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأُذِّنَ بِالصَّلَاةِ فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَصَلَّى ثُمَّ رَجَعَ وَمِحْجَنٌ فِي مَجْلِسِهِ لَمْ يُصَلِّ مَعَهُ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا مَنَعَكَ أَنْ تُصَلِّيَ مَعَ النَّاسِ) الذين صلوا معي ( أَلَسْتَ بِرَجُلٍ مُسْلِمٍ؟) قال الباجي: يحتمل الاستفهام، ويحتمل التوبيخ وهو الأظهر ولا يقتضي أن من لم يصل مع الناس ليس بمسلم إذ هذا لا يقوله أحد، وإنما هذا كما تقول للقرشي ما لك لا تكون كريمًا ألست بقرشي لا تريد نفيه من قريش إنما توبخه على ترك أخلاقهم ( فَقَالَ: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ وَلَكِنِّي قَدْ صَلَّيْتُ فِي أَهْلِي) ولعله كان سمع لا صلاتين في يوم ولم يعلم بالإعادة لفضل الجماعة ( فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِذَا جِئْتَ فَصَلِّ مَعَ النَّاسِ وَإِنْ كُنْتَ قَدْ صَلَّيْتَ) فيه أن من قال صليت يوكل إلى قوله لقبوله صلى الله عليه وسلم منه قوله صليت قاله ابن عبد البر.

وهذا الحديث أخرجه البخاري في الأدب المفرد، والنسائي وابن خزيمة والحاكم كلهم من رواية مالك عن زيد به.
وأخرج الطبراني عن عبد الله بن سرجس مرفوعًا: إذا صلى أحدكم في بيته ثم دخل المسجد والقوم يصلون فليصل معهم وتكون له نافلة.

( مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ فَقَالَ: إِنِّي أُصَلِّي فِي بَيْتِي ثُمَّ أُدْرِكُ الصَّلَاةَ مَعَ الْإِمَامِ أَفَأُصَلِّي مَعَهُ؟ فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ: نَعَمْ) صل معه ( فَقَالَ الرَّجُلُ: أَيَّتَهُمَا أَجْعَلُ صَلَاتِي؟ فَقَالَ لَهُ ابْنُ عُمَرَ: أَوَ ذَلِكَ إِلَيْكَ إِنَّمَا ذَلِكَ إِلَى اللَّهِ يَجْعَلُ أَيَّتَهُمَا شَاءَ) قال ابن حبيب: معناه أن الله يعلم التي يتقبلها فأما على وجه الاعتداد بها فهي الأولى، ومقتضاه أن يصلي الصلاتين بنية الفرض ولو صلى إحداهما بنية النفل لم يشك في أن الأخرى فرض قاله الباجي.

وقال ابن الماجشون وغيره: معنى ذلك إلى الله في القبول لأنه قد يقبل النافلة دون الفريضة ويقبل الفريضة دون النافلة على حسب النية والإخلاص.

قال ابن عبد البر: وعلى هذا لا يتدافع قول من قال الفريضة هي الأولى مع قوله ذلك إلى الله.

قال: وروى ابن أبي ذئب عن نافع أن ابن عمر قال: إن صلاته هي الأولى، وظاهره مخالف لرواية مالك فيحتمل أن يكون شك في رواية مالك، ثم بان له أن الأولى صلاته فرجع من شكه إلى يقين علمه ومحال أن يرجع إلى شك.

( مَالِكٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ فَقَالَ: إِنِّي أُصَلِّي فِي بَيْتِي ثُمَّ آتِي) بمدّ الهمزة ( الْمَسْجِدَ فَأَجِدُ الْإِمَامَ يُصَلِّي أَفَأُصَلِّي مَعَهُ؟ فَقَالَ سَعِيدٌ: نَعَمْ.
فَقَالَ الرَّجُلُ: فَأَيُّهُمَا صَلَاتِي؟ فَقَالَ سَعِيدٌ: أَوَ أَنْتَ تَجْعَلُهُمَا إِنَّمَا ذَلِكَ إِلَى اللَّهِ)
فأجاب سعيد سائله بمثل جواب ابن عمر لسائله.
وقد روي ذلك عن مالك، وروي عنه أيضًا أن الأولى فرض والثانية نفل.

قال الباجي: وهما مبنيان على صحة رفض الصلاة بعد تمامها.
فإن قلنا لا ترتفض فالأولى فرضه وإن قلنا ترتفض جاز أن يقال بالقول الأوّل.

وقال ابن عبد البر: أجمع مالك وأصحابه أن من صلى وحده لا يؤم في تلك الصلاة، وهذا يوضح أن الأولى فرضه وعليه جماعة أهل العلم، واختارت طائفة من أصحاب مالك أن تكون الثانية فرضه، وتأوّلوا قوله صلى الله عليه وسلم: وتكون له نافلة.
أي فضيلة كقوله تعالى: { { نَافِلَةً لَّكَ } } أي زائدة في فرائضه، وإنما لم يؤم فيها لأنه لم يدر أيهما صلاته حقيقة فاحتيط أن لا يؤم أحدًا.

( مَالِكٍ عَنْ عَفِيفٍ) بن عمرو بفتح العين ( السَّهْمِيِّ) مقبول في الرواية ( عَنْ رَجُلٍ مِنْ بَنِي أَسَدٍ أَنَّهُ سَأَلَ أَبَا أَيُّوبَ) خالد بن زيد بن كليب ( الْأَنْصَارِيَّ) البدري من كبار الصحابة مات غازيًا بالروم سنة خمسين وقيل بعدها ( فَقَالَ: إِنِّي أُصَلِّي فِي بَيْتِي ثُمَّ آتِي الْمَسْجِدَ فَأَجِدُ الْإِمَامَ يُصَلِّي أَفَأُصَلِّي مَعَهُ؟ فَقَالَ أَبُو أَيُّوبَ: نَعَمْ فَصَلِّ مَعَهُ فَإِنَّ مَنْ صَنَعَ ذَلِكَ فَإِنَّ لَهُ سَهْمَ جَمْعٍ) قال ابن وهب أي يضعف له الأجر فيكون له سهمان منه، وقال غيره: جمع هنا أي جيش قال تعالى: { { سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ } } وقال { { فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ } } قال ابن عبد البر: أي له أجر الغازي في سبيل الله والأوّل أشبه وأصوب، وأوصى المنذر بن الزبير لفلان كذا ولفلان كذا ولفلان سهم جمع.
قال مصعب الزبيري: فسألت عبد الله بن المنذر بن الزبير ما معنى سهم جمع؟ قال: نصيب رجلين وهذا هو المعروف عن فصحاء العرب.

( أَوْ مِثْلَ سَهْمِ جَمْعٍ) شك من الراوي.
وقال الباجي: يحتمل عندي أن ثوابه مثل سهم الجماعة من الأجر ويحتمل مثل سهم من يبيت بمزدلفة في الحج لأن جمعًا اسم مزدلفة حكاه سحنون عن مطرف، ولم يعجبه، ويحتمل أن له سهم الجمع بين الصلاتين صلاة الفذ وصلاة الجماعة ويكون في ذلك إخبار له بأنه لا يضيع له أجر الصلاتين.
وقال الداودي: يروى فإن له سهمًا جمعًا بالتنوين أي يضاعف له الأجر مرتين.
قال الباجي: والصحيح من الرواية والمعنى ما قدّمنا اهـ.

وهذا الحديث موقوف له حكم الرفع إذ لا يقال بالرأي، وقد صرح برفعه بكير أنه سمع عفيف بن عمرو يقول: حدّثني رجل من بني أسد أنه سأل أبا أيوب الأنصاري قال: يصلي أحدنا في منزله الصلاة ثم يأتي المسجد فتقام الصلاة فأصلي معهم فأجد في نفسي من ذلك شيئًا؟ فقال أبو أيوب: سألنا عن ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال: فذلك له سهم جمع رواه أبو داود.

( مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يَقُولُ: مَنْ صَلَّى الْمَغْرِبَ أَوِ الصُّبْحَ ثُمَّ أَدْرَكَهُمَا مَعَ الْإِمَامِ فَلَا يَعُدْ لَهُمَا) للنهي عن الصلاة بعد الصبح ولأنّ النافلة لا تكون وترًا، وإلى هذا ذهب الأوزاعي والحسن والثوري، ولا يرد النهي عن الصلاة بعد العصر لأن ابن عمر كان يحمله على أنه بعد الاصفرار، وذهب أبو موسى والنعمان بن مقرّن وطائفة إلى ما ( قَالَ مَالِكٌ وَلَا أَرَى بَأْسًا أَنْ يُصَلِّيَ مَعَ الْإِمَامِ مَنْ كَانَ قَدْ صَلَّى فِي بَيْتِهِ) أو خلوة أو مدرسة أو حانوت، فالمراد صلى منفردًا جميع الصلوات ( إِلَّا صَلَاةَ الْمَغْرِبِ) لا يعيدها ( فَإِنَّهُ إِذَا أَعَادَهَا كَانَتْ شَفْعًا) فينافي ما مرّ أنها وتر صلاة النهار، وزاد أصحابه العشاء بعد الوتر.
وعلل محمد بن الحسن عدم إعادة المغرب بأن الإعادة نافلة ولا تكون النافلة وترًا.

قال أبو عمر: هذه العلة أحسن من تعليل مالك.
وقال الشافعي والمغيرة: تعاد الصلوات كلها لعموم حديث محجن إذ لم يخص صلاة من غيرها، ولحديث أبي داود وغيره عن يزيد بن الأسود شهدت مع النبي صلى الله عليه وسلم حجته فصليت معه الصبح فلما قضى صلاته إذا برجلين لم يصليا معه قال: ما منعكما أن تصليا معنا قالا: صلينا في رحالنا.
قال: فلا تفعلا إذا صليتما في رحالكما ثم أتيتما مسجدًا فصليا معهم فإنها لكما نافلة.
وقال أبو حنيفة: لا يعيد الصبح ولا العصر ولا المغرب.
قال محمد بن الحسن: لأن النافلة بعد الصبح والعصر لا تجوز ولا تكون النافلة وترًا.
وأجابوا عن حديث أبي داود بمعارضته بخبر النهي والمانع مقدّم وبحمله على ما قبل النهي جمعًا بين الأدلة.



رقم الحديث 306 وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنَّهُ قَالَ: لَمَّا قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ.
نَالَنَا وَبَاءٌ مِنْ وَعْكِهَا شَدِيدٌ فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى النَّاسِ وَهُمْ يُصَلُّونَ فِي سُبْحَتِهِمْ قُعُودًا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: صَلَاةُ الْقَاعِدِ مِثْلُ نِصْفِ صَلَاةِ الْقَائِمِ.


( مَالِكٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ) مالك الزهري المدني ثقة حجة روى له الخمسة مات سنة أربع وثلاثين ومائة ( عَنْ مَوْلًى لِعَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَوْ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ) شك الراوي ( عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ) قال ابن عبد البر: كذا اتفق الرواة كلهم عن مالك، ورواه ابن عيينة عن إسماعيل المذكور فقال عن أنس والقول عندهم قول مالك، والحديث محفوظ لابن عمرو اهـ.

ورواه ابن ماجه من طريق الأعمش عن حبيب بن أبي ثابت عن عبد الله بن باباه بموحدتين بينهما ألف المكي عن عبد الله بن عمرو، والنسائي من طريق سفيان الثوري عن حبيب عن أبي موسى الحذاء عن عبد الله بن عمرو.
وأخرج مسلم عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: حدّثت أنه صلى الله عليه وسلم قال: صلاة الرجل قاعدًا نصف صلاة القائم فأتيته فوجدته يصلي جالسًا فوضعت يدي على رأسه فقال: ما لك؟ فأخبرته.
فقال: أجل ولكني لست كأحدكم وهذا ينبني على أن المتكلم داخل في عموم خطابه وهو الصحيح، وعدّ عياض وغيره هذا في خصائصه صلى الله عليه وسلم.

( أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: صَلَاةُ أَحَدِكُمْ وَهُوَ قَاعِدٌ مِثْلُ نِصْفِ صَلَاتِهِ وَهُوَ قَائِمٌ) قال ابن عبد البر: لما في القيام من المشقة أو لما شاء الله أن يتفضل به، وقد سئل صلى الله عليه وسلم عن أفضل الصلاة فقال: طول القنوت والمراد صلاة النافلة لأن الفرض إن أطاق القيام فقعد فصلاته باطلة عند الجميع عليه إعادتها فكيف يكون له نصف فضل صلاة بل هو عاص.
وإن عجز عنه ففرضه الجلوس اتفاقًا لأن الله لا يكلف نفسًا إلا وسعها فليس القائم بأفضل منه لأن كلا أدّى فرضه على وجهه.

وقال الباجي: يريد أجر الصلاة لا تتبعض وهذا وإن كان عامًا لكن المراد بعض الصلوات لأن القيام ركن باتفاق فهو فيمن صلى الفريضة غير مستطيع للقيام أو نافلة مطلقًا.
وعن ابن الماجشون أنه في المريض يستطيع القيام لكن القعود أرفق به.
فأمّا من أقعده المرض في فريضة أو نافلة فثوابه مثل صلاة القائم والأوّل أظهر وقال إسماعيل القاضي الحديث ورد في النوافل ويحتاج إلى دليل انتهى.
وتعقبه الحافظ بأنه إن أراد أنه لا يستطيع القيام إلا بمشقة فذاك وإلا فقد أبى ذلك أكثر العلماء.

وحكى ابن التين وغيره عن أبي عبيد وابن الماجشون وإسماعيل القاضي وابن شعبان والإسماعيلي والداودي: وغيرهم أنهم حملوا الحديث على المتنفل، وكذا نقله الترمذي عن سفيان الثوري قال: وأما المعذور إذا صلى جالسًا فله مثل أجر القائم.
وفي الحديث ما يشهد له يشير إلى ما أخرجه البخاري عن أبي موسى رفعه: إذا مرض العبد - أو سافر - كتب الله له صالح ما كان يعمل وهو صحيح مقيم وشواهده كثيرة، ويؤيده قاعدة تغليب فضل الله تعالى وقبول عذر من له عذر والله أعلم.

( مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ) هو منقطع كما قال ابن عبد البر وغيره لأن الزهري ولد سنة ثمان وخمسين وابن عمرو مات بعد الستين فلم يلقه ( أَنَّهُ قَالَ: لَمَّا قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ نَالَنَا وَبَاءٌ) بالمدّ سرعة الموت وكثرته في الناس ( مِنْ وَعْكِهَا) بفتح الواو وسكون العين قال أهل اللغة الوعك لا يكون إلا من الحمى دون سائر الأمراض قاله ابن عبد البر ( شَدِيدٌ) بالرفع صفة وباء ( فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى النَّاسِ وَهُمْ يُصَلُّونَ فِي سُبْحَتِهِمْ قُعُودًا) يعني نافلتهم.
قال صلى الله عليه وسلم في الأمراء الذين يؤخرون الصلاة: صلوا الصلاة لوقتها واجعلوا صلاتكم معهم سبحة أي نافلة ففيه دليل على أن الحديث قبله في النافلة قاله ابن عبد البر.

( فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: صَلَاةُ الْقَاعِدِ مِثْلُ) أجر ( نِصْفِ صَلَاةِ الْقَائِمِ) لأن الصلاة لا تتبعض ولا نصفها دون سائرها، وقد علم أن هذا محمول عند الأكثر على النافلة ولا يلزم منه أن لا تزاد صورة ذكرها الخطابي، وهي أن يحمل الحديث على مريض مفترض يمكنه القيام بمشقة فجعل أجر القاعد على النصف ترغيبًا له في القيام مع جواز قعوده، ويشهد له ما رواه أحمد من طريق ابن جريج عن ابن شهاب عن أنس قال: قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة وهي محمة فحم الناس فدخل صلى الله عليه وسلم المسجد والناس يصلون من قعود، فقال صلى الله عليه وسلم: صلاة القاعد نصف صلاة القائم رجاله ثقات، وله متابع في النسائي من وجه آخر وهو وارد في المعذور فيحمل على من تكلف القيام مع مشقته عليه، ولم يبين في الأحاديث صفة القعود فيؤخذ من إطلاقه جوازه على أي صفة شاء المصلي، واختلف في الأفضل فعن الأئمة الثلاثة يصلي متربعًا، وقيل يجلس مفترشًا وهو موافق لقول الشافعي في مختصر المزني وصححه الرافعي ومن تبعه وقيل متوركًا وفي كل منها أحاديث.



رقم الحديث 307 وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يَقُولُ: مَنْ صَلَّى الْمَغْرِبَ أَوِ الصُّبْحَ، ثُمَّ أَدْرَكَهُمَا مَعَ الْإِمَامِ، فَلَا يَعُدْ لَهُمَا قَالَ مَالِكٌ: وَلَا أَرَى بَأْسًا أَنْ يُصَلِّيَ مَعَ الْإِمَامِ مَنْ كَانَ قَدْ صَلَّى فِي بَيْتِهِ، إِلَّا صَلَاةَ الْمَغْرِبِ فَإِنَّهُ إِذَا أَعَادَهَا، كَانَتْ شَفْعًا.


إِعَادَةِ الصَّلَاةِ مَعَ الْإِمَامِ

( مَالِكٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ) العدوي مولاهم المدني ( عَنْ رَجُلٍ مِنْ بَنِي الدِّيلِ) بكسر الدال وسكون الياء عند الكسائي وأبي عبيد ومحمد بن حبيب وغيرهم، وقال الأصمعي وسيبويه والأخفش وأبو حاتم وغيرهم: الدئل بضم الدال وكسر الهمزة وهو ابن بكر بن عبد مناف بن كنانة ( يُقَالُ لَهُ بُسْرُ) بضم الموحدة وسكون المهملة في رواية الجمهور عن مالك وأكثر الرواة عن زيد بن أسلم وللثوري عن زيد بكسر الموحدة ومعجمة.
قال أبو نعيم: والصواب ما قال مالك ( بْنُ مِحْجَنٍ) بكسر الميم وسكون المهملة وفتح الجيم ونون تابعي صدوق ( عَنْ أَبِيهِ مِحْجَنٍ) بن أبي محجن الديلي صحابي قليل الحديث.
قال أبو عمر: معدود في أهل المدينة روى عنه ابنه بسر، ويقال إنه كان في سرية زيد بن حارثة إلى حسمى في جمادى الأولى سنة ست وبذلك جزم ابن الحذاء في رجال الموطأ.

( أَنَّهُ كَانَ فِي مَجْلِسٍ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأُذِّنَ بِالصَّلَاةِ فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَصَلَّى ثُمَّ رَجَعَ وَمِحْجَنٌ فِي مَجْلِسِهِ لَمْ يُصَلِّ مَعَهُ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا مَنَعَكَ أَنْ تُصَلِّيَ مَعَ النَّاسِ) الذين صلوا معي ( أَلَسْتَ بِرَجُلٍ مُسْلِمٍ؟) قال الباجي: يحتمل الاستفهام، ويحتمل التوبيخ وهو الأظهر ولا يقتضي أن من لم يصل مع الناس ليس بمسلم إذ هذا لا يقوله أحد، وإنما هذا كما تقول للقرشي ما لك لا تكون كريمًا ألست بقرشي لا تريد نفيه من قريش إنما توبخه على ترك أخلاقهم ( فَقَالَ: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ وَلَكِنِّي قَدْ صَلَّيْتُ فِي أَهْلِي) ولعله كان سمع لا صلاتين في يوم ولم يعلم بالإعادة لفضل الجماعة ( فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِذَا جِئْتَ فَصَلِّ مَعَ النَّاسِ وَإِنْ كُنْتَ قَدْ صَلَّيْتَ) فيه أن من قال صليت يوكل إلى قوله لقبوله صلى الله عليه وسلم منه قوله صليت قاله ابن عبد البر.

وهذا الحديث أخرجه البخاري في الأدب المفرد، والنسائي وابن خزيمة والحاكم كلهم من رواية مالك عن زيد به.
وأخرج الطبراني عن عبد الله بن سرجس مرفوعًا: إذا صلى أحدكم في بيته ثم دخل المسجد والقوم يصلون فليصل معهم وتكون له نافلة.

( مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ فَقَالَ: إِنِّي أُصَلِّي فِي بَيْتِي ثُمَّ أُدْرِكُ الصَّلَاةَ مَعَ الْإِمَامِ أَفَأُصَلِّي مَعَهُ؟ فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ: نَعَمْ) صل معه ( فَقَالَ الرَّجُلُ: أَيَّتَهُمَا أَجْعَلُ صَلَاتِي؟ فَقَالَ لَهُ ابْنُ عُمَرَ: أَوَ ذَلِكَ إِلَيْكَ إِنَّمَا ذَلِكَ إِلَى اللَّهِ يَجْعَلُ أَيَّتَهُمَا شَاءَ) قال ابن حبيب: معناه أن الله يعلم التي يتقبلها فأما على وجه الاعتداد بها فهي الأولى، ومقتضاه أن يصلي الصلاتين بنية الفرض ولو صلى إحداهما بنية النفل لم يشك في أن الأخرى فرض قاله الباجي.

وقال ابن الماجشون وغيره: معنى ذلك إلى الله في القبول لأنه قد يقبل النافلة دون الفريضة ويقبل الفريضة دون النافلة على حسب النية والإخلاص.

قال ابن عبد البر: وعلى هذا لا يتدافع قول من قال الفريضة هي الأولى مع قوله ذلك إلى الله.

قال: وروى ابن أبي ذئب عن نافع أن ابن عمر قال: إن صلاته هي الأولى، وظاهره مخالف لرواية مالك فيحتمل أن يكون شك في رواية مالك، ثم بان له أن الأولى صلاته فرجع من شكه إلى يقين علمه ومحال أن يرجع إلى شك.

( مَالِكٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ فَقَالَ: إِنِّي أُصَلِّي فِي بَيْتِي ثُمَّ آتِي) بمدّ الهمزة ( الْمَسْجِدَ فَأَجِدُ الْإِمَامَ يُصَلِّي أَفَأُصَلِّي مَعَهُ؟ فَقَالَ سَعِيدٌ: نَعَمْ.
فَقَالَ الرَّجُلُ: فَأَيُّهُمَا صَلَاتِي؟ فَقَالَ سَعِيدٌ: أَوَ أَنْتَ تَجْعَلُهُمَا إِنَّمَا ذَلِكَ إِلَى اللَّهِ)
فأجاب سعيد سائله بمثل جواب ابن عمر لسائله.
وقد روي ذلك عن مالك، وروي عنه أيضًا أن الأولى فرض والثانية نفل.

قال الباجي: وهما مبنيان على صحة رفض الصلاة بعد تمامها.
فإن قلنا لا ترتفض فالأولى فرضه وإن قلنا ترتفض جاز أن يقال بالقول الأوّل.

وقال ابن عبد البر: أجمع مالك وأصحابه أن من صلى وحده لا يؤم في تلك الصلاة، وهذا يوضح أن الأولى فرضه وعليه جماعة أهل العلم، واختارت طائفة من أصحاب مالك أن تكون الثانية فرضه، وتأوّلوا قوله صلى الله عليه وسلم: وتكون له نافلة.
أي فضيلة كقوله تعالى: { { نَافِلَةً لَّكَ } } أي زائدة في فرائضه، وإنما لم يؤم فيها لأنه لم يدر أيهما صلاته حقيقة فاحتيط أن لا يؤم أحدًا.

( مَالِكٍ عَنْ عَفِيفٍ) بن عمرو بفتح العين ( السَّهْمِيِّ) مقبول في الرواية ( عَنْ رَجُلٍ مِنْ بَنِي أَسَدٍ أَنَّهُ سَأَلَ أَبَا أَيُّوبَ) خالد بن زيد بن كليب ( الْأَنْصَارِيَّ) البدري من كبار الصحابة مات غازيًا بالروم سنة خمسين وقيل بعدها ( فَقَالَ: إِنِّي أُصَلِّي فِي بَيْتِي ثُمَّ آتِي الْمَسْجِدَ فَأَجِدُ الْإِمَامَ يُصَلِّي أَفَأُصَلِّي مَعَهُ؟ فَقَالَ أَبُو أَيُّوبَ: نَعَمْ فَصَلِّ مَعَهُ فَإِنَّ مَنْ صَنَعَ ذَلِكَ فَإِنَّ لَهُ سَهْمَ جَمْعٍ) قال ابن وهب أي يضعف له الأجر فيكون له سهمان منه، وقال غيره: جمع هنا أي جيش قال تعالى: { { سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ } } وقال { { فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ } } قال ابن عبد البر: أي له أجر الغازي في سبيل الله والأوّل أشبه وأصوب، وأوصى المنذر بن الزبير لفلان كذا ولفلان كذا ولفلان سهم جمع.
قال مصعب الزبيري: فسألت عبد الله بن المنذر بن الزبير ما معنى سهم جمع؟ قال: نصيب رجلين وهذا هو المعروف عن فصحاء العرب.

( أَوْ مِثْلَ سَهْمِ جَمْعٍ) شك من الراوي.
وقال الباجي: يحتمل عندي أن ثوابه مثل سهم الجماعة من الأجر ويحتمل مثل سهم من يبيت بمزدلفة في الحج لأن جمعًا اسم مزدلفة حكاه سحنون عن مطرف، ولم يعجبه، ويحتمل أن له سهم الجمع بين الصلاتين صلاة الفذ وصلاة الجماعة ويكون في ذلك إخبار له بأنه لا يضيع له أجر الصلاتين.
وقال الداودي: يروى فإن له سهمًا جمعًا بالتنوين أي يضاعف له الأجر مرتين.
قال الباجي: والصحيح من الرواية والمعنى ما قدّمنا اهـ.

وهذا الحديث موقوف له حكم الرفع إذ لا يقال بالرأي، وقد صرح برفعه بكير أنه سمع عفيف بن عمرو يقول: حدّثني رجل من بني أسد أنه سأل أبا أيوب الأنصاري قال: يصلي أحدنا في منزله الصلاة ثم يأتي المسجد فتقام الصلاة فأصلي معهم فأجد في نفسي من ذلك شيئًا؟ فقال أبو أيوب: سألنا عن ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال: فذلك له سهم جمع رواه أبو داود.

( مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يَقُولُ: مَنْ صَلَّى الْمَغْرِبَ أَوِ الصُّبْحَ ثُمَّ أَدْرَكَهُمَا مَعَ الْإِمَامِ فَلَا يَعُدْ لَهُمَا) للنهي عن الصلاة بعد الصبح ولأنّ النافلة لا تكون وترًا، وإلى هذا ذهب الأوزاعي والحسن والثوري، ولا يرد النهي عن الصلاة بعد العصر لأن ابن عمر كان يحمله على أنه بعد الاصفرار، وذهب أبو موسى والنعمان بن مقرّن وطائفة إلى ما ( قَالَ مَالِكٌ وَلَا أَرَى بَأْسًا أَنْ يُصَلِّيَ مَعَ الْإِمَامِ مَنْ كَانَ قَدْ صَلَّى فِي بَيْتِهِ) أو خلوة أو مدرسة أو حانوت، فالمراد صلى منفردًا جميع الصلوات ( إِلَّا صَلَاةَ الْمَغْرِبِ) لا يعيدها ( فَإِنَّهُ إِذَا أَعَادَهَا كَانَتْ شَفْعًا) فينافي ما مرّ أنها وتر صلاة النهار، وزاد أصحابه العشاء بعد الوتر.
وعلل محمد بن الحسن عدم إعادة المغرب بأن الإعادة نافلة ولا تكون النافلة وترًا.

قال أبو عمر: هذه العلة أحسن من تعليل مالك.
وقال الشافعي والمغيرة: تعاد الصلوات كلها لعموم حديث محجن إذ لم يخص صلاة من غيرها، ولحديث أبي داود وغيره عن يزيد بن الأسود شهدت مع النبي صلى الله عليه وسلم حجته فصليت معه الصبح فلما قضى صلاته إذا برجلين لم يصليا معه قال: ما منعكما أن تصليا معنا قالا: صلينا في رحالنا.
قال: فلا تفعلا إذا صليتما في رحالكما ثم أتيتما مسجدًا فصليا معهم فإنها لكما نافلة.
وقال أبو حنيفة: لا يعيد الصبح ولا العصر ولا المغرب.
قال محمد بن الحسن: لأن النافلة بعد الصبح والعصر لا تجوز ولا تكون النافلة وترًا.
وأجابوا عن حديث أبي داود بمعارضته بخبر النهي والمانع مقدّم وبحمله على ما قبل النهي جمعًا بين الأدلة.