فهرس الكتاب

شرح الزرقاني - بَابُ الِالْتِفَاتِ وَالتَّصْفِيقِ عِنْدَ الْحَاجَةِ فِي الصَّلَاةِ

رقم الحديث 400 حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ سَلَمَةَ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَهَبَ إِلَى بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ لِيُصْلِحَ بَيْنَهُمْ.
وَحَانَتِ الصَّلَاةُ.
فَجَاءَ الْمُؤَذِّنُ إِلَى أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، فَقَالَ: أَتُصَلِّي لِلنَّاسِ فَأُقِيمَ؟ قَالَ: نَعَمْ.
فَصَلَّى أَبُو بَكْرٍ فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَالنَّاسُ فِي الصَّلَاةِ.
فَتَخَلَّصَ حَتَّى وَقَفَ فِي الصَّفِّ.
فَصَفَّقَ النَّاسُ.
وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ لَا يَلْتَفِتُ فِي صَلَاتِهِ.
فَلَمَّا أَكْثَرَ النَّاسُ مِنَ التَّصْفِيقِ، الْتَفَتَ أَبُو بَكْرٍ، فَرَأَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَشَارَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنِ امْكُثْ مَكَانَكَ.
فَرَفَعَ أَبُو بَكْرٍ يَدَيْهِ، فَحَمِدَ اللَّهَ عَلَى مَا أَمَرَهُ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ ذَلِكَ، ثُمَّ اسْتَأْخَرَ حَتَّى اسْتَوَى فِي الصَّفِّ.
وَتَقَدَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَصَلَّى، ثُمَّ انْصَرَفَ.
فَقَالَ: يَا أَبَا بَكْرٍ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَثْبُتَ إِذْ أَمَرْتُكَ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: مَا كَانَ لِابْنِ أَبِي قُحَافَةَ، أَنْ يُصَلِّيَ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا لِي رَأَيْتُكُمْ أَكْثَرْتُمْ مِنَ التَّصْفِيحِ؟ مَنْ نَابَهُ شَيْءٌ فِي صَلَاتِهِ فَلْيُسَبِّحْ.
فَإِنَّهُ إِذَا سَبَّحَ الْتُفِتَ إِلَيْهِ وَإِنَّمَا التَّصْفِيحُ لِلنِّسَاءِ.


الِالْتِفَاتِ وَالتَّصْفِيقِ عِنْدَ الْحَاجَةِ فِي الصَّلَاةِ

( مالك عن أبي حازم) بمهملة وزاي سلمة ( بن دينار عن سهل بن سعد الساعدي) الخزرجي الصحابي ابن الصحابي ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذهب إلى بني عمرو بن عوف) بن مالك بن الأوس أحد قبيلتي الأنصار وهما الأوس والخزرج وبنو عمرو بطن كبير من الأوس فيه عدّة أحياء كانت منازلهم بقبا ( ليصلح بينهم) لأن رجلين منهم تشاجرا كما في رواية المسعودي عن أبي حازم، وللنسائي من طريق سفيان عن أبي حازم عن سهل قال: وقع بين حيين من الأنصار كلام، وللبخاري من رواية محمد بن جعفر عن أبي حازم عن سهل أن أهل قبا اقتتلوا حتى تراموا بالحجارة فأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك فقال: اذهبوا بنا نصلح بينهم وله من رواية أبي غسان عن أبي حازم فخرج في أناس من أصحابه، وسمى الطبراني منهم من طريق موسى بن محمد عن أبي حازم أبي بن كعب وسهل بن بيضاء، وله من رواية عمر بن علي عن أبي حازم أن الخبر جاء بذلك، وقد أذن بلال بصلاة الظهر.
وللبخاري من طريق حماد بن زيد عن أبي حازم أنه ذهب إليهم بعد أن صلى الظهر.

قال الباجي: فيه جواز إصلاح الإمام والحاكم بين الناس وأن يذهبا بأنفسهما فيما احتاجا إلى مشاهدته من القضايا.
وقال غيره: فيه فضل الإصلاح بين الناس وجمع كلمة القبيلة وحسم مادّة القطيعة وتوجه الإمام بنفسه إلى بعض رعيته لذلك وتقديم مثل ذلك على مصلحة الإمام بنفسه، واستنبط منه توجه الحاكم لسماع دعوى بعض الخصوم إذا رجح ذلك على استحضارهم.

( وحانت الصلاة) أي صلاة العصر كما في البخاري من رواية حماد عن أبي حازم ( فجاء المؤذن) بلال ( إلى أبي بكر الصديق) ولأحمد وأبي داود وابن حبان من طريق حماد فقال صلى الله عليه وسلم لبلال: إن حضرت العصر ولم آتك فمر أبا بكر فليصل بالناس فلما حضرت العصر أذن بلال ثم أقام ثم أمر أبا بكر فتقدّم، ونحوه للطبراني من رواية موسى بن محمد عن أبي حازم ولا يخالف قوله ( فقال: أتصلي للناس) لأنه استفهمه هل يبادر أوّل الوقت أو ينتظر قليلاً ليأتي النبي صلى الله عليه وسلم، ورجح عبد أبي بكر المبادرة لأنها فضيلة متحققة فلا تترك لفضيلة متوهمة ذكره الحافظ ( فأقيم؟) بالنصب جواب الاستفهام ويجوز الرفع خبر محذوف هو فأنا أقيم ( قال: نعم) زاد البخاري من رواية عبد العزيز بن أبي حازم عن أبيه إن شئت وإنما فوض له ذلك لاحتمال أنّ عنده زيادة علم من النبي صلى الله عليه وسلم ( فصلى أبو بكر) أي دخل في الصلاة، وللبخاري من رواية عبد العزيز: وتقدّم أبو بكر فكبّر، وللطبراني من رواية المسعودي عن أبي حازم فاستفتح أبو بكر الصلاة ( فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم والناس في الصلاة) جملة حالية.

قال الحافظ: وبهذا يجاب عن الفرق بين المقامين حيث امتنع أبو بكر هنا أن يستمرّ إمامًا واستمرّ في مرض موته صلى الله عليه وسلم حين صلى خلفه الركعة الثانية من الصبح كما صرح به موسى بن عقبة في المغازي، فكأنه لما أن مضى معظم الصلاة حسن الاستمرار ولما لم يمض منها إلا اليسير لم يستمرّ، وكذا وقع لعبد الرحمن بن عوف حيث صلى النبي صلى الله عليه وسلم خلفه الركعة الثانية من الصبح فاستمرّ في صلاته إمامًا لهذا المعنى.

( فتخلص حتى وقف في الصف) الأوّل فأل للعهد قاله الباجي.
وللبخاري من رواية عبد العزيز: فجاء النبي صلى الله عليه وسلم يمشي في الصفوف يشقها شقًا حتى قام في الصف الأوّل، ولمسلم فخرق الصفوف حتى قام عند الصف المقدم وفيه جواز شق الصفوف والمشي بين المصلين لقصد الوصول إلى الصف الأوّل، لكنه مقصور على من يليق ذلك به كالإمام أو من كان بصدد أن يحتاج الإمام إلى استخلافه أو من أراد سد فرجة في الصف الأوّل أو ما يليه مع ترك من يليه سدّها ولا يعدّ ذلك من الأذى.

قال المهلب: ولا تعارض بين هذا وبين النهي عن التخطي لأنّ النبي صلى الله عليه وسلم ليس كغيره في أمر الصلاة ولا غيرها لأن له أن يتقدّم بسبب ما ينزل عليه من الأحكام، وأطال في تقرير ذلك، وتعقب بأن هذا ليس في الخصائص وقد أشار هو إلى المعتمد في ذلك فقال: ليس في ذلك شيء من الأذى والجفاء الذي يقع في التخطي وليس كمن شق الصفوف والناس جلوس لما فيه من تخطي رقابهم.

وقال الباجي: هذا أصل في من رأى فرجة في الصف المقدّم أن يشق الصفوف إليها روى ابن القاسم عن مالك لا بأس أن يخرق صفًا إلى فرجة يراها في صف آخر.

وقال أبو عمر في تخلل الصفوف ودفع الناس والتخلص بينهم للرجل الذي يليق به الصلاة في الصف الأوّل حتى يصل إليه، ومن شأنه أن يكون فيه أهل الفضل والعلم بحدود الصلاة لقوله صلى الله عليه وسلم: ليليني منكم أولو الأحلام والنهى يريد ليحفظوا عنه ما يكون منه في صلاته، وكذا ينبغي أن يكون من فيه يصلح للاستخلاف إن ناب الإمام شيء ممن يعرف إصلاحها.

( فصفق الناس) وفي رواية عبد العزيز فأخذ الناس في التصفيح قال سهل: أتدرون ما التصفيح؟ هو التصفيق، وهذا يدل على ترادفهما عنده فلا يلتفت إلى ما يخالف ذلك ( وكان أبو بكر لا يلتفت في صلاته) لعلمه بالنهي عن ذلك وقد صح أنه اختلاس يختلسه الشيطان من صلاة العبد ( فلما أكثر الناس من التصفيق) قال الباجي: يريد صفق منهم العدد الكثير لا أن كل واحد منهم أكثر التصفيق، وفي رواية حماد بن زيد فلما رأى التصفيح لا يمسك عنه ( التفت أبو بكر) فيه أنه لا يبطل الصلاة ولا خلاف فيه ويكره لغير سبب قاله الباجي.
قال أبو عمر: لأنه لو أفسدها لأمره صلى الله عليه وسلم بالإعادة فحكم ما أقرّ عليه حكم ما أباحه قولاً وعملاً.

( فرأى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأشار إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم) فيه أن الإشارة باليد والعين وغيرهما جائزة في الصلاة، وقد روى عبد الرزاق عن أنس وابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يشير في الصلاة ( أن امكث مكانك) وفي رواية عبد العزيز فأشار إليه يأمره أن يصلي، وفي رواية عمر بن علي فدفع في صدره ليتقدّم فأبى ( فرفع أبو بكر يديه فحمد الله على ما أمره به رسول الله صلى الله عليه وسلم من ذلك) أي الوجاهة في الدين، وظاهره أنه تلفظ بالحمد، لكن في رواية الحميدي عن سفيان فرفع أبو بكر رأسه إلى السماء شكرًا لله ورجع القهقرى، وادّعى ابن الجوزي أنه أشار بالشكر والحمد بيده ولم يتكلم وليس في رواية الحميدي ما يمنع أنه تلفظ ويقويه رواية أحمد من طريق عبد العزيز الماجشون عن أبي حازم يا أبا بكر لم رفعت يديك وما منعك أن تثبت حين أشرت إليك؟ قال: رفعت يدي لأني حمدت الله على ما رأيت منك، وفيه رفع الأيدي في الصلاة عند الدعاء والثناء والحمد لمن تجدّدت له نعمة في الصلاة والالتفات للحاجة وأن مخاطبة المصلي بالإشارة أولى من العبارة.

( ثم استأخر) أبو بكر أي تأخر من غير استدبار للقبلة ولا انحراف عنها ( حتى استوى في الصف) الذي يليه ففيه أن العمل القليل في الصلاة جائز ( وتقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى) بالناس ففيه جواز صلاة واحدة بإمامين أحدهما بعد الآخر، وأن الإمام الراتب إذا غاب يستخلف غيره فإذا حضر بعد أن دخل نائبه في الصلاة خيّر بين أن يأتم به أو يؤم هو ويصير النائب مأمومًا من غير أن يقطع الصلاة ولا تبطل بذلك صلاة أحد من المأمومين.

وادّعى ابن عبد البر أن ذلك من خصائصه صلى الله عليه وسلم، وادّعى الإجماع على عدم جواز ذلك لغيره، ونوقض بأن الخلاف ثابت، والصحيح المشهور عند الشافعية الجواز.
وعن ابن القاسم في الإمام يحدث فيستخلف ثم يرجع فيخرج المستخلف ويتم الأوّل أن الصلاة صحيحة كذا في فتح الباري، وهو تحامل فإن ابن عبد البر لم يدع ذلك ولم يطلق الإجماع إنما قال: هذا موضع خصوص عند جمهور العلماء لا أعلم بينهم خلافًا أن المأمومين في صلاة واحدة من غير عذر حدث يقطع صلاة الإمام ويوجب استخلافه لا يجوز.

وفي إجماعهم على هذا دليل على خصوص هذا الموضع لفضله صلى الله عليه وسلم، ولأنه لا نظير له في ذلك، ولأن الله أمر أن لا يتقدّموا بين يدي الله ولا رسوله وهذا على عمومه في الصلاة والفتوى والأمور كلها.
ألا ترى إلى قول أبي بكر: ما كان لابن أبي قحافة... إلخ.
وفضيلة الصلاة خلفه صلى الله عليه وسلم لا يجهلها مسلم ولا يلحقها أحد، وأما سائر الناس فلا ضرورة بهم إلى ذلك لأن الأوّل والثاني سواء ما لم يكن عذر وموضع الخصوص من هذا الحديث استئخار الإمام لغيره من غير حدث يقطع الصلاة، ثم ذكر ما نقل عن ابن القاسم من رواية عيسى عنه فأنت تراه قيد الخصوصية بقوله عند جمهور العلماء فهو نقل لا دعوى فقوله وفي إجماعهم يعني إجماع الجمهور لا مطلقًا كما فهم المعترض وممن سبقه إلى عدّ ذلك خصوصية يحيى بن عمر رادًا به على قول ابن القاسم.
وقال الباجي: إنه الأظهر.

( ثم انصرف) من الصلاة ( فقال: يا أبا بكر ما منعك أن تثبت) على إمامتك ( إذ) حين ( أمرتك) بالإشارة ففيه أنها تقوم مقام النطق لمعاتبته على مخالفة إشارته، وفيه أنه لو صلى بهم جاز لأن محل النهي عن التقدّم بين يديه إلا بأمره كما قاله ابن عبد البر، وفيه إكرام الكبير بمخاطبته بالكنية ( فقال أبو بكر: ما كان) ينبغي ( لابن أبي قحافة) بضم القاف وخفة الحاء المهملة عثمان بن عامر أسلم في الفتح، وتوفي سنة أربع عشرة في خلافة عمر وعبّر بذلك دون أن يقول ما كان لي أو لأبي بكر تحقيرًا لنفسه واستصغارًا لمرتبته ( أن يصلي بين يدي رسول الله) وفي رواية حماد وابن الماجشون أن يؤمّ النبي ( صلى الله عليه وسلم) ففيه أنّ من أكرم بكرامة يخير بين القبول والترك إذا فهم أن الأمر ليس على اللزوم، وكان القرينة التي بينت لأبي بكر ذلك أنه صلى الله عليه وسلم شق الصفوف حتى انتهى إليه، ففهم أن مراده أن يؤمّ الناس وأن أمره إياه بالاستمرار في الإمامة للإكرام والتنويه بقدره فسلك هو طريق الأدب، ولذا لم يردّ صلى الله عليه وسلم اعتذاره وفيه جواز إمامة المفضول للفاضل وسؤال الرئيس عن سبب مخالفة أمره.

( فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما لي رأيتكم أكثرتم من التصفيح) بالحاء المهملة أي التصفيق كما قاله سهل راوي الحديث فهما بمعنى واحد، وبه جزم الخطابي وأبو علي القالي والجوهري وغيرهم، وادّعى ابن حزم نفي الخلاف في ذلك، وتعقب بما حكاه عياض في الإكمال أنه بالحاء ضرب ظاهر إحدى اليدين على الأخرى وبالقاف باطنها على باطن الأخرى، وقيل بالحاء الضرب بأصبعين للإنذار والتنبيه وبالقاف لجميعها للهو واللعب، وأغرب الداودي فزعم أنّ الصحابة ضربوا بأكفهم على أفخاذهم.
قال عياض: كأنه أخذه من حديث معاوية بن الحكم عند مسلم ففيه فجعلوا يضربون بأيديهم على أفخاذهم.

( من نابه) أي أصابه ( شيء في صلاته فليسبح) أي فليقل سبحان الله كما للبخاري عن يعقوب بن عبد الرحمن عن أبي حازم وفيه جواز التسبيح في الصلاة لأنه من ذكر الله ولو كان مراد المسبح إعلام غيره بما وقع له خلافًا لمن قال بالبطلان، واستنبط منه ابن عبد البر جواز الفتح على الإمام لأن التسبيح إذا جاز جازت التلاوة من باب أولى.

( فإنه إذا سبح التفت إليه) بضم الفوقية مبني للمجهول، وفي رواية يعقوب المذكورة فإنه لا يسمعه أحد حين يقول سبحان الله إلا التفت ( وإنما التصفيح للنساء) أي هو من شأنهنّ في غير الصلاة قاله على جهة الذمّ له، فلا ينبغي في الصلاة فعله لرجل ولا امرأة بل التسبيح للرجال والنساء جميعًا لعموم قوله: من نابه شيء ولم يخص رجالاً من نساء هكذا تأوّله مالك وأصحابه ومن وافقهم على كراهة التصفيق للنساء، وتعقبه ابن عبد البر بزيادة أبي داود وغيره عن حماد بن زيد عن أبي حازم عن سهل في آخر الحديث: إذا نابكم شيء في الصلاة فليسبح الرجال وليصفق النساء قال: فهذا قاطع في موضع الخلاف يرفع الإشكال لأنه فرق بين حكم الرجال والنساء.

وقال القرطبي: القول بمشروعية التصفيق للنساء هو الصحيح خبرًا ونظرًا لأنها مأمورة بخفض صوتها في الصلاة مطلقًا لما يخشى من الافتتان ومنع الرجال من التصفيق لأنه من شأن النساء.

وهذا الحديث أخرجه البخاري عن عبد الله بن يوسف ومسلم عن يحيى بن يحيى كلاهما عن مالك به.

( مالك عن نافع أن ابن عمر لم يكن يلتفت في صلاته) لأنه كان شديد الاتباع للمصطفى.
وقد أخرج ابن عبد البر عن نافع قال: سئل ابن عمر أكان النبي صلى الله عليه وسلم يلتفت في الصلاة؟ قال: لا ولا في غير الصلاة، وهو مكروه بإجماع والجمهور على أنها للتنزيه.
وقال أهل الظاهر: يحرم إلا لضرورة.
وفي البخاري عن عائشة سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الالتفات في الصلاة؟ فقال: هو اختلاس يختلسه الشيطان من صلاة العبد.
وروى أحمد وابن خزيمة وأبو داود والنسائي عن أبي ذر رفعه: لا يزال الله مقبلاً على العبد في صلاته ما لم يلتفت فإذا صرف وجهه عنه انصرف.
وجمهور الفقهاء أنه إذا قل لا يفسد الصلاة.

( مالك عن أبي جعفر القارئ) بالهمز تقدم الخلاف في اسمه وهو أحد القرّاء المشهورين ( أنه قال: كنت أصلي وعبد الله بن عمر ورائي ولا أشعر به فالتفت) زاد في رواية مصعب فوضع يده في قفاي ( فغمزني) فبين أنه غمزه في قفاه إشارة إلى نهيه عنه، وسبب كراهة الالتفات يحتمل لنقص الخشوع أو لترك استقبال القبلة ببعض البدن، والمراد به ما لم يستدبر القبلة بصدره أو بعنقه عند قوم.



رقم الحديث 401 وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ لَمْ يَكُنْ يَلْتَفِتُ فِي صَلَاتِهِ.


الِالْتِفَاتِ وَالتَّصْفِيقِ عِنْدَ الْحَاجَةِ فِي الصَّلَاةِ

( مالك عن أبي حازم) بمهملة وزاي سلمة ( بن دينار عن سهل بن سعد الساعدي) الخزرجي الصحابي ابن الصحابي ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذهب إلى بني عمرو بن عوف) بن مالك بن الأوس أحد قبيلتي الأنصار وهما الأوس والخزرج وبنو عمرو بطن كبير من الأوس فيه عدّة أحياء كانت منازلهم بقبا ( ليصلح بينهم) لأن رجلين منهم تشاجرا كما في رواية المسعودي عن أبي حازم، وللنسائي من طريق سفيان عن أبي حازم عن سهل قال: وقع بين حيين من الأنصار كلام، وللبخاري من رواية محمد بن جعفر عن أبي حازم عن سهل أن أهل قبا اقتتلوا حتى تراموا بالحجارة فأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك فقال: اذهبوا بنا نصلح بينهم وله من رواية أبي غسان عن أبي حازم فخرج في أناس من أصحابه، وسمى الطبراني منهم من طريق موسى بن محمد عن أبي حازم أبي بن كعب وسهل بن بيضاء، وله من رواية عمر بن علي عن أبي حازم أن الخبر جاء بذلك، وقد أذن بلال بصلاة الظهر.
وللبخاري من طريق حماد بن زيد عن أبي حازم أنه ذهب إليهم بعد أن صلى الظهر.

قال الباجي: فيه جواز إصلاح الإمام والحاكم بين الناس وأن يذهبا بأنفسهما فيما احتاجا إلى مشاهدته من القضايا.
وقال غيره: فيه فضل الإصلاح بين الناس وجمع كلمة القبيلة وحسم مادّة القطيعة وتوجه الإمام بنفسه إلى بعض رعيته لذلك وتقديم مثل ذلك على مصلحة الإمام بنفسه، واستنبط منه توجه الحاكم لسماع دعوى بعض الخصوم إذا رجح ذلك على استحضارهم.

( وحانت الصلاة) أي صلاة العصر كما في البخاري من رواية حماد عن أبي حازم ( فجاء المؤذن) بلال ( إلى أبي بكر الصديق) ولأحمد وأبي داود وابن حبان من طريق حماد فقال صلى الله عليه وسلم لبلال: إن حضرت العصر ولم آتك فمر أبا بكر فليصل بالناس فلما حضرت العصر أذن بلال ثم أقام ثم أمر أبا بكر فتقدّم، ونحوه للطبراني من رواية موسى بن محمد عن أبي حازم ولا يخالف قوله ( فقال: أتصلي للناس) لأنه استفهمه هل يبادر أوّل الوقت أو ينتظر قليلاً ليأتي النبي صلى الله عليه وسلم، ورجح عبد أبي بكر المبادرة لأنها فضيلة متحققة فلا تترك لفضيلة متوهمة ذكره الحافظ ( فأقيم؟) بالنصب جواب الاستفهام ويجوز الرفع خبر محذوف هو فأنا أقيم ( قال: نعم) زاد البخاري من رواية عبد العزيز بن أبي حازم عن أبيه إن شئت وإنما فوض له ذلك لاحتمال أنّ عنده زيادة علم من النبي صلى الله عليه وسلم ( فصلى أبو بكر) أي دخل في الصلاة، وللبخاري من رواية عبد العزيز: وتقدّم أبو بكر فكبّر، وللطبراني من رواية المسعودي عن أبي حازم فاستفتح أبو بكر الصلاة ( فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم والناس في الصلاة) جملة حالية.

قال الحافظ: وبهذا يجاب عن الفرق بين المقامين حيث امتنع أبو بكر هنا أن يستمرّ إمامًا واستمرّ في مرض موته صلى الله عليه وسلم حين صلى خلفه الركعة الثانية من الصبح كما صرح به موسى بن عقبة في المغازي، فكأنه لما أن مضى معظم الصلاة حسن الاستمرار ولما لم يمض منها إلا اليسير لم يستمرّ، وكذا وقع لعبد الرحمن بن عوف حيث صلى النبي صلى الله عليه وسلم خلفه الركعة الثانية من الصبح فاستمرّ في صلاته إمامًا لهذا المعنى.

( فتخلص حتى وقف في الصف) الأوّل فأل للعهد قاله الباجي.
وللبخاري من رواية عبد العزيز: فجاء النبي صلى الله عليه وسلم يمشي في الصفوف يشقها شقًا حتى قام في الصف الأوّل، ولمسلم فخرق الصفوف حتى قام عند الصف المقدم وفيه جواز شق الصفوف والمشي بين المصلين لقصد الوصول إلى الصف الأوّل، لكنه مقصور على من يليق ذلك به كالإمام أو من كان بصدد أن يحتاج الإمام إلى استخلافه أو من أراد سد فرجة في الصف الأوّل أو ما يليه مع ترك من يليه سدّها ولا يعدّ ذلك من الأذى.

قال المهلب: ولا تعارض بين هذا وبين النهي عن التخطي لأنّ النبي صلى الله عليه وسلم ليس كغيره في أمر الصلاة ولا غيرها لأن له أن يتقدّم بسبب ما ينزل عليه من الأحكام، وأطال في تقرير ذلك، وتعقب بأن هذا ليس في الخصائص وقد أشار هو إلى المعتمد في ذلك فقال: ليس في ذلك شيء من الأذى والجفاء الذي يقع في التخطي وليس كمن شق الصفوف والناس جلوس لما فيه من تخطي رقابهم.

وقال الباجي: هذا أصل في من رأى فرجة في الصف المقدّم أن يشق الصفوف إليها روى ابن القاسم عن مالك لا بأس أن يخرق صفًا إلى فرجة يراها في صف آخر.

وقال أبو عمر في تخلل الصفوف ودفع الناس والتخلص بينهم للرجل الذي يليق به الصلاة في الصف الأوّل حتى يصل إليه، ومن شأنه أن يكون فيه أهل الفضل والعلم بحدود الصلاة لقوله صلى الله عليه وسلم: ليليني منكم أولو الأحلام والنهى يريد ليحفظوا عنه ما يكون منه في صلاته، وكذا ينبغي أن يكون من فيه يصلح للاستخلاف إن ناب الإمام شيء ممن يعرف إصلاحها.

( فصفق الناس) وفي رواية عبد العزيز فأخذ الناس في التصفيح قال سهل: أتدرون ما التصفيح؟ هو التصفيق، وهذا يدل على ترادفهما عنده فلا يلتفت إلى ما يخالف ذلك ( وكان أبو بكر لا يلتفت في صلاته) لعلمه بالنهي عن ذلك وقد صح أنه اختلاس يختلسه الشيطان من صلاة العبد ( فلما أكثر الناس من التصفيق) قال الباجي: يريد صفق منهم العدد الكثير لا أن كل واحد منهم أكثر التصفيق، وفي رواية حماد بن زيد فلما رأى التصفيح لا يمسك عنه ( التفت أبو بكر) فيه أنه لا يبطل الصلاة ولا خلاف فيه ويكره لغير سبب قاله الباجي.
قال أبو عمر: لأنه لو أفسدها لأمره صلى الله عليه وسلم بالإعادة فحكم ما أقرّ عليه حكم ما أباحه قولاً وعملاً.

( فرأى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأشار إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم) فيه أن الإشارة باليد والعين وغيرهما جائزة في الصلاة، وقد روى عبد الرزاق عن أنس وابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يشير في الصلاة ( أن امكث مكانك) وفي رواية عبد العزيز فأشار إليه يأمره أن يصلي، وفي رواية عمر بن علي فدفع في صدره ليتقدّم فأبى ( فرفع أبو بكر يديه فحمد الله على ما أمره به رسول الله صلى الله عليه وسلم من ذلك) أي الوجاهة في الدين، وظاهره أنه تلفظ بالحمد، لكن في رواية الحميدي عن سفيان فرفع أبو بكر رأسه إلى السماء شكرًا لله ورجع القهقرى، وادّعى ابن الجوزي أنه أشار بالشكر والحمد بيده ولم يتكلم وليس في رواية الحميدي ما يمنع أنه تلفظ ويقويه رواية أحمد من طريق عبد العزيز الماجشون عن أبي حازم يا أبا بكر لم رفعت يديك وما منعك أن تثبت حين أشرت إليك؟ قال: رفعت يدي لأني حمدت الله على ما رأيت منك، وفيه رفع الأيدي في الصلاة عند الدعاء والثناء والحمد لمن تجدّدت له نعمة في الصلاة والالتفات للحاجة وأن مخاطبة المصلي بالإشارة أولى من العبارة.

( ثم استأخر) أبو بكر أي تأخر من غير استدبار للقبلة ولا انحراف عنها ( حتى استوى في الصف) الذي يليه ففيه أن العمل القليل في الصلاة جائز ( وتقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى) بالناس ففيه جواز صلاة واحدة بإمامين أحدهما بعد الآخر، وأن الإمام الراتب إذا غاب يستخلف غيره فإذا حضر بعد أن دخل نائبه في الصلاة خيّر بين أن يأتم به أو يؤم هو ويصير النائب مأمومًا من غير أن يقطع الصلاة ولا تبطل بذلك صلاة أحد من المأمومين.

وادّعى ابن عبد البر أن ذلك من خصائصه صلى الله عليه وسلم، وادّعى الإجماع على عدم جواز ذلك لغيره، ونوقض بأن الخلاف ثابت، والصحيح المشهور عند الشافعية الجواز.
وعن ابن القاسم في الإمام يحدث فيستخلف ثم يرجع فيخرج المستخلف ويتم الأوّل أن الصلاة صحيحة كذا في فتح الباري، وهو تحامل فإن ابن عبد البر لم يدع ذلك ولم يطلق الإجماع إنما قال: هذا موضع خصوص عند جمهور العلماء لا أعلم بينهم خلافًا أن المأمومين في صلاة واحدة من غير عذر حدث يقطع صلاة الإمام ويوجب استخلافه لا يجوز.

وفي إجماعهم على هذا دليل على خصوص هذا الموضع لفضله صلى الله عليه وسلم، ولأنه لا نظير له في ذلك، ولأن الله أمر أن لا يتقدّموا بين يدي الله ولا رسوله وهذا على عمومه في الصلاة والفتوى والأمور كلها.
ألا ترى إلى قول أبي بكر: ما كان لابن أبي قحافة... إلخ.
وفضيلة الصلاة خلفه صلى الله عليه وسلم لا يجهلها مسلم ولا يلحقها أحد، وأما سائر الناس فلا ضرورة بهم إلى ذلك لأن الأوّل والثاني سواء ما لم يكن عذر وموضع الخصوص من هذا الحديث استئخار الإمام لغيره من غير حدث يقطع الصلاة، ثم ذكر ما نقل عن ابن القاسم من رواية عيسى عنه فأنت تراه قيد الخصوصية بقوله عند جمهور العلماء فهو نقل لا دعوى فقوله وفي إجماعهم يعني إجماع الجمهور لا مطلقًا كما فهم المعترض وممن سبقه إلى عدّ ذلك خصوصية يحيى بن عمر رادًا به على قول ابن القاسم.
وقال الباجي: إنه الأظهر.

( ثم انصرف) من الصلاة ( فقال: يا أبا بكر ما منعك أن تثبت) على إمامتك ( إذ) حين ( أمرتك) بالإشارة ففيه أنها تقوم مقام النطق لمعاتبته على مخالفة إشارته، وفيه أنه لو صلى بهم جاز لأن محل النهي عن التقدّم بين يديه إلا بأمره كما قاله ابن عبد البر، وفيه إكرام الكبير بمخاطبته بالكنية ( فقال أبو بكر: ما كان) ينبغي ( لابن أبي قحافة) بضم القاف وخفة الحاء المهملة عثمان بن عامر أسلم في الفتح، وتوفي سنة أربع عشرة في خلافة عمر وعبّر بذلك دون أن يقول ما كان لي أو لأبي بكر تحقيرًا لنفسه واستصغارًا لمرتبته ( أن يصلي بين يدي رسول الله) وفي رواية حماد وابن الماجشون أن يؤمّ النبي ( صلى الله عليه وسلم) ففيه أنّ من أكرم بكرامة يخير بين القبول والترك إذا فهم أن الأمر ليس على اللزوم، وكان القرينة التي بينت لأبي بكر ذلك أنه صلى الله عليه وسلم شق الصفوف حتى انتهى إليه، ففهم أن مراده أن يؤمّ الناس وأن أمره إياه بالاستمرار في الإمامة للإكرام والتنويه بقدره فسلك هو طريق الأدب، ولذا لم يردّ صلى الله عليه وسلم اعتذاره وفيه جواز إمامة المفضول للفاضل وسؤال الرئيس عن سبب مخالفة أمره.

( فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما لي رأيتكم أكثرتم من التصفيح) بالحاء المهملة أي التصفيق كما قاله سهل راوي الحديث فهما بمعنى واحد، وبه جزم الخطابي وأبو علي القالي والجوهري وغيرهم، وادّعى ابن حزم نفي الخلاف في ذلك، وتعقب بما حكاه عياض في الإكمال أنه بالحاء ضرب ظاهر إحدى اليدين على الأخرى وبالقاف باطنها على باطن الأخرى، وقيل بالحاء الضرب بأصبعين للإنذار والتنبيه وبالقاف لجميعها للهو واللعب، وأغرب الداودي فزعم أنّ الصحابة ضربوا بأكفهم على أفخاذهم.
قال عياض: كأنه أخذه من حديث معاوية بن الحكم عند مسلم ففيه فجعلوا يضربون بأيديهم على أفخاذهم.

( من نابه) أي أصابه ( شيء في صلاته فليسبح) أي فليقل سبحان الله كما للبخاري عن يعقوب بن عبد الرحمن عن أبي حازم وفيه جواز التسبيح في الصلاة لأنه من ذكر الله ولو كان مراد المسبح إعلام غيره بما وقع له خلافًا لمن قال بالبطلان، واستنبط منه ابن عبد البر جواز الفتح على الإمام لأن التسبيح إذا جاز جازت التلاوة من باب أولى.

( فإنه إذا سبح التفت إليه) بضم الفوقية مبني للمجهول، وفي رواية يعقوب المذكورة فإنه لا يسمعه أحد حين يقول سبحان الله إلا التفت ( وإنما التصفيح للنساء) أي هو من شأنهنّ في غير الصلاة قاله على جهة الذمّ له، فلا ينبغي في الصلاة فعله لرجل ولا امرأة بل التسبيح للرجال والنساء جميعًا لعموم قوله: من نابه شيء ولم يخص رجالاً من نساء هكذا تأوّله مالك وأصحابه ومن وافقهم على كراهة التصفيق للنساء، وتعقبه ابن عبد البر بزيادة أبي داود وغيره عن حماد بن زيد عن أبي حازم عن سهل في آخر الحديث: إذا نابكم شيء في الصلاة فليسبح الرجال وليصفق النساء قال: فهذا قاطع في موضع الخلاف يرفع الإشكال لأنه فرق بين حكم الرجال والنساء.

وقال القرطبي: القول بمشروعية التصفيق للنساء هو الصحيح خبرًا ونظرًا لأنها مأمورة بخفض صوتها في الصلاة مطلقًا لما يخشى من الافتتان ومنع الرجال من التصفيق لأنه من شأن النساء.

وهذا الحديث أخرجه البخاري عن عبد الله بن يوسف ومسلم عن يحيى بن يحيى كلاهما عن مالك به.

( مالك عن نافع أن ابن عمر لم يكن يلتفت في صلاته) لأنه كان شديد الاتباع للمصطفى.
وقد أخرج ابن عبد البر عن نافع قال: سئل ابن عمر أكان النبي صلى الله عليه وسلم يلتفت في الصلاة؟ قال: لا ولا في غير الصلاة، وهو مكروه بإجماع والجمهور على أنها للتنزيه.
وقال أهل الظاهر: يحرم إلا لضرورة.
وفي البخاري عن عائشة سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الالتفات في الصلاة؟ فقال: هو اختلاس يختلسه الشيطان من صلاة العبد.
وروى أحمد وابن خزيمة وأبو داود والنسائي عن أبي ذر رفعه: لا يزال الله مقبلاً على العبد في صلاته ما لم يلتفت فإذا صرف وجهه عنه انصرف.
وجمهور الفقهاء أنه إذا قل لا يفسد الصلاة.

( مالك عن أبي جعفر القارئ) بالهمز تقدم الخلاف في اسمه وهو أحد القرّاء المشهورين ( أنه قال: كنت أصلي وعبد الله بن عمر ورائي ولا أشعر به فالتفت) زاد في رواية مصعب فوضع يده في قفاي ( فغمزني) فبين أنه غمزه في قفاه إشارة إلى نهيه عنه، وسبب كراهة الالتفات يحتمل لنقص الخشوع أو لترك استقبال القبلة ببعض البدن، والمراد به ما لم يستدبر القبلة بصدره أو بعنقه عند قوم.



رقم الحديث 402 وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الْقَارِئِ، أَنَّهُ قَالَ: كُنْتُ أُصَلِّي وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَرَائِي.
وَلَا أَشْعُرُ بِهِ، فَالْتَفَتُّ فَغَمَزَنِي.


الِالْتِفَاتِ وَالتَّصْفِيقِ عِنْدَ الْحَاجَةِ فِي الصَّلَاةِ

( مالك عن أبي حازم) بمهملة وزاي سلمة ( بن دينار عن سهل بن سعد الساعدي) الخزرجي الصحابي ابن الصحابي ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذهب إلى بني عمرو بن عوف) بن مالك بن الأوس أحد قبيلتي الأنصار وهما الأوس والخزرج وبنو عمرو بطن كبير من الأوس فيه عدّة أحياء كانت منازلهم بقبا ( ليصلح بينهم) لأن رجلين منهم تشاجرا كما في رواية المسعودي عن أبي حازم، وللنسائي من طريق سفيان عن أبي حازم عن سهل قال: وقع بين حيين من الأنصار كلام، وللبخاري من رواية محمد بن جعفر عن أبي حازم عن سهل أن أهل قبا اقتتلوا حتى تراموا بالحجارة فأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك فقال: اذهبوا بنا نصلح بينهم وله من رواية أبي غسان عن أبي حازم فخرج في أناس من أصحابه، وسمى الطبراني منهم من طريق موسى بن محمد عن أبي حازم أبي بن كعب وسهل بن بيضاء، وله من رواية عمر بن علي عن أبي حازم أن الخبر جاء بذلك، وقد أذن بلال بصلاة الظهر.
وللبخاري من طريق حماد بن زيد عن أبي حازم أنه ذهب إليهم بعد أن صلى الظهر.

قال الباجي: فيه جواز إصلاح الإمام والحاكم بين الناس وأن يذهبا بأنفسهما فيما احتاجا إلى مشاهدته من القضايا.
وقال غيره: فيه فضل الإصلاح بين الناس وجمع كلمة القبيلة وحسم مادّة القطيعة وتوجه الإمام بنفسه إلى بعض رعيته لذلك وتقديم مثل ذلك على مصلحة الإمام بنفسه، واستنبط منه توجه الحاكم لسماع دعوى بعض الخصوم إذا رجح ذلك على استحضارهم.

( وحانت الصلاة) أي صلاة العصر كما في البخاري من رواية حماد عن أبي حازم ( فجاء المؤذن) بلال ( إلى أبي بكر الصديق) ولأحمد وأبي داود وابن حبان من طريق حماد فقال صلى الله عليه وسلم لبلال: إن حضرت العصر ولم آتك فمر أبا بكر فليصل بالناس فلما حضرت العصر أذن بلال ثم أقام ثم أمر أبا بكر فتقدّم، ونحوه للطبراني من رواية موسى بن محمد عن أبي حازم ولا يخالف قوله ( فقال: أتصلي للناس) لأنه استفهمه هل يبادر أوّل الوقت أو ينتظر قليلاً ليأتي النبي صلى الله عليه وسلم، ورجح عبد أبي بكر المبادرة لأنها فضيلة متحققة فلا تترك لفضيلة متوهمة ذكره الحافظ ( فأقيم؟) بالنصب جواب الاستفهام ويجوز الرفع خبر محذوف هو فأنا أقيم ( قال: نعم) زاد البخاري من رواية عبد العزيز بن أبي حازم عن أبيه إن شئت وإنما فوض له ذلك لاحتمال أنّ عنده زيادة علم من النبي صلى الله عليه وسلم ( فصلى أبو بكر) أي دخل في الصلاة، وللبخاري من رواية عبد العزيز: وتقدّم أبو بكر فكبّر، وللطبراني من رواية المسعودي عن أبي حازم فاستفتح أبو بكر الصلاة ( فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم والناس في الصلاة) جملة حالية.

قال الحافظ: وبهذا يجاب عن الفرق بين المقامين حيث امتنع أبو بكر هنا أن يستمرّ إمامًا واستمرّ في مرض موته صلى الله عليه وسلم حين صلى خلفه الركعة الثانية من الصبح كما صرح به موسى بن عقبة في المغازي، فكأنه لما أن مضى معظم الصلاة حسن الاستمرار ولما لم يمض منها إلا اليسير لم يستمرّ، وكذا وقع لعبد الرحمن بن عوف حيث صلى النبي صلى الله عليه وسلم خلفه الركعة الثانية من الصبح فاستمرّ في صلاته إمامًا لهذا المعنى.

( فتخلص حتى وقف في الصف) الأوّل فأل للعهد قاله الباجي.
وللبخاري من رواية عبد العزيز: فجاء النبي صلى الله عليه وسلم يمشي في الصفوف يشقها شقًا حتى قام في الصف الأوّل، ولمسلم فخرق الصفوف حتى قام عند الصف المقدم وفيه جواز شق الصفوف والمشي بين المصلين لقصد الوصول إلى الصف الأوّل، لكنه مقصور على من يليق ذلك به كالإمام أو من كان بصدد أن يحتاج الإمام إلى استخلافه أو من أراد سد فرجة في الصف الأوّل أو ما يليه مع ترك من يليه سدّها ولا يعدّ ذلك من الأذى.

قال المهلب: ولا تعارض بين هذا وبين النهي عن التخطي لأنّ النبي صلى الله عليه وسلم ليس كغيره في أمر الصلاة ولا غيرها لأن له أن يتقدّم بسبب ما ينزل عليه من الأحكام، وأطال في تقرير ذلك، وتعقب بأن هذا ليس في الخصائص وقد أشار هو إلى المعتمد في ذلك فقال: ليس في ذلك شيء من الأذى والجفاء الذي يقع في التخطي وليس كمن شق الصفوف والناس جلوس لما فيه من تخطي رقابهم.

وقال الباجي: هذا أصل في من رأى فرجة في الصف المقدّم أن يشق الصفوف إليها روى ابن القاسم عن مالك لا بأس أن يخرق صفًا إلى فرجة يراها في صف آخر.

وقال أبو عمر في تخلل الصفوف ودفع الناس والتخلص بينهم للرجل الذي يليق به الصلاة في الصف الأوّل حتى يصل إليه، ومن شأنه أن يكون فيه أهل الفضل والعلم بحدود الصلاة لقوله صلى الله عليه وسلم: ليليني منكم أولو الأحلام والنهى يريد ليحفظوا عنه ما يكون منه في صلاته، وكذا ينبغي أن يكون من فيه يصلح للاستخلاف إن ناب الإمام شيء ممن يعرف إصلاحها.

( فصفق الناس) وفي رواية عبد العزيز فأخذ الناس في التصفيح قال سهل: أتدرون ما التصفيح؟ هو التصفيق، وهذا يدل على ترادفهما عنده فلا يلتفت إلى ما يخالف ذلك ( وكان أبو بكر لا يلتفت في صلاته) لعلمه بالنهي عن ذلك وقد صح أنه اختلاس يختلسه الشيطان من صلاة العبد ( فلما أكثر الناس من التصفيق) قال الباجي: يريد صفق منهم العدد الكثير لا أن كل واحد منهم أكثر التصفيق، وفي رواية حماد بن زيد فلما رأى التصفيح لا يمسك عنه ( التفت أبو بكر) فيه أنه لا يبطل الصلاة ولا خلاف فيه ويكره لغير سبب قاله الباجي.
قال أبو عمر: لأنه لو أفسدها لأمره صلى الله عليه وسلم بالإعادة فحكم ما أقرّ عليه حكم ما أباحه قولاً وعملاً.

( فرأى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأشار إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم) فيه أن الإشارة باليد والعين وغيرهما جائزة في الصلاة، وقد روى عبد الرزاق عن أنس وابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يشير في الصلاة ( أن امكث مكانك) وفي رواية عبد العزيز فأشار إليه يأمره أن يصلي، وفي رواية عمر بن علي فدفع في صدره ليتقدّم فأبى ( فرفع أبو بكر يديه فحمد الله على ما أمره به رسول الله صلى الله عليه وسلم من ذلك) أي الوجاهة في الدين، وظاهره أنه تلفظ بالحمد، لكن في رواية الحميدي عن سفيان فرفع أبو بكر رأسه إلى السماء شكرًا لله ورجع القهقرى، وادّعى ابن الجوزي أنه أشار بالشكر والحمد بيده ولم يتكلم وليس في رواية الحميدي ما يمنع أنه تلفظ ويقويه رواية أحمد من طريق عبد العزيز الماجشون عن أبي حازم يا أبا بكر لم رفعت يديك وما منعك أن تثبت حين أشرت إليك؟ قال: رفعت يدي لأني حمدت الله على ما رأيت منك، وفيه رفع الأيدي في الصلاة عند الدعاء والثناء والحمد لمن تجدّدت له نعمة في الصلاة والالتفات للحاجة وأن مخاطبة المصلي بالإشارة أولى من العبارة.

( ثم استأخر) أبو بكر أي تأخر من غير استدبار للقبلة ولا انحراف عنها ( حتى استوى في الصف) الذي يليه ففيه أن العمل القليل في الصلاة جائز ( وتقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى) بالناس ففيه جواز صلاة واحدة بإمامين أحدهما بعد الآخر، وأن الإمام الراتب إذا غاب يستخلف غيره فإذا حضر بعد أن دخل نائبه في الصلاة خيّر بين أن يأتم به أو يؤم هو ويصير النائب مأمومًا من غير أن يقطع الصلاة ولا تبطل بذلك صلاة أحد من المأمومين.

وادّعى ابن عبد البر أن ذلك من خصائصه صلى الله عليه وسلم، وادّعى الإجماع على عدم جواز ذلك لغيره، ونوقض بأن الخلاف ثابت، والصحيح المشهور عند الشافعية الجواز.
وعن ابن القاسم في الإمام يحدث فيستخلف ثم يرجع فيخرج المستخلف ويتم الأوّل أن الصلاة صحيحة كذا في فتح الباري، وهو تحامل فإن ابن عبد البر لم يدع ذلك ولم يطلق الإجماع إنما قال: هذا موضع خصوص عند جمهور العلماء لا أعلم بينهم خلافًا أن المأمومين في صلاة واحدة من غير عذر حدث يقطع صلاة الإمام ويوجب استخلافه لا يجوز.

وفي إجماعهم على هذا دليل على خصوص هذا الموضع لفضله صلى الله عليه وسلم، ولأنه لا نظير له في ذلك، ولأن الله أمر أن لا يتقدّموا بين يدي الله ولا رسوله وهذا على عمومه في الصلاة والفتوى والأمور كلها.
ألا ترى إلى قول أبي بكر: ما كان لابن أبي قحافة... إلخ.
وفضيلة الصلاة خلفه صلى الله عليه وسلم لا يجهلها مسلم ولا يلحقها أحد، وأما سائر الناس فلا ضرورة بهم إلى ذلك لأن الأوّل والثاني سواء ما لم يكن عذر وموضع الخصوص من هذا الحديث استئخار الإمام لغيره من غير حدث يقطع الصلاة، ثم ذكر ما نقل عن ابن القاسم من رواية عيسى عنه فأنت تراه قيد الخصوصية بقوله عند جمهور العلماء فهو نقل لا دعوى فقوله وفي إجماعهم يعني إجماع الجمهور لا مطلقًا كما فهم المعترض وممن سبقه إلى عدّ ذلك خصوصية يحيى بن عمر رادًا به على قول ابن القاسم.
وقال الباجي: إنه الأظهر.

( ثم انصرف) من الصلاة ( فقال: يا أبا بكر ما منعك أن تثبت) على إمامتك ( إذ) حين ( أمرتك) بالإشارة ففيه أنها تقوم مقام النطق لمعاتبته على مخالفة إشارته، وفيه أنه لو صلى بهم جاز لأن محل النهي عن التقدّم بين يديه إلا بأمره كما قاله ابن عبد البر، وفيه إكرام الكبير بمخاطبته بالكنية ( فقال أبو بكر: ما كان) ينبغي ( لابن أبي قحافة) بضم القاف وخفة الحاء المهملة عثمان بن عامر أسلم في الفتح، وتوفي سنة أربع عشرة في خلافة عمر وعبّر بذلك دون أن يقول ما كان لي أو لأبي بكر تحقيرًا لنفسه واستصغارًا لمرتبته ( أن يصلي بين يدي رسول الله) وفي رواية حماد وابن الماجشون أن يؤمّ النبي ( صلى الله عليه وسلم) ففيه أنّ من أكرم بكرامة يخير بين القبول والترك إذا فهم أن الأمر ليس على اللزوم، وكان القرينة التي بينت لأبي بكر ذلك أنه صلى الله عليه وسلم شق الصفوف حتى انتهى إليه، ففهم أن مراده أن يؤمّ الناس وأن أمره إياه بالاستمرار في الإمامة للإكرام والتنويه بقدره فسلك هو طريق الأدب، ولذا لم يردّ صلى الله عليه وسلم اعتذاره وفيه جواز إمامة المفضول للفاضل وسؤال الرئيس عن سبب مخالفة أمره.

( فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما لي رأيتكم أكثرتم من التصفيح) بالحاء المهملة أي التصفيق كما قاله سهل راوي الحديث فهما بمعنى واحد، وبه جزم الخطابي وأبو علي القالي والجوهري وغيرهم، وادّعى ابن حزم نفي الخلاف في ذلك، وتعقب بما حكاه عياض في الإكمال أنه بالحاء ضرب ظاهر إحدى اليدين على الأخرى وبالقاف باطنها على باطن الأخرى، وقيل بالحاء الضرب بأصبعين للإنذار والتنبيه وبالقاف لجميعها للهو واللعب، وأغرب الداودي فزعم أنّ الصحابة ضربوا بأكفهم على أفخاذهم.
قال عياض: كأنه أخذه من حديث معاوية بن الحكم عند مسلم ففيه فجعلوا يضربون بأيديهم على أفخاذهم.

( من نابه) أي أصابه ( شيء في صلاته فليسبح) أي فليقل سبحان الله كما للبخاري عن يعقوب بن عبد الرحمن عن أبي حازم وفيه جواز التسبيح في الصلاة لأنه من ذكر الله ولو كان مراد المسبح إعلام غيره بما وقع له خلافًا لمن قال بالبطلان، واستنبط منه ابن عبد البر جواز الفتح على الإمام لأن التسبيح إذا جاز جازت التلاوة من باب أولى.

( فإنه إذا سبح التفت إليه) بضم الفوقية مبني للمجهول، وفي رواية يعقوب المذكورة فإنه لا يسمعه أحد حين يقول سبحان الله إلا التفت ( وإنما التصفيح للنساء) أي هو من شأنهنّ في غير الصلاة قاله على جهة الذمّ له، فلا ينبغي في الصلاة فعله لرجل ولا امرأة بل التسبيح للرجال والنساء جميعًا لعموم قوله: من نابه شيء ولم يخص رجالاً من نساء هكذا تأوّله مالك وأصحابه ومن وافقهم على كراهة التصفيق للنساء، وتعقبه ابن عبد البر بزيادة أبي داود وغيره عن حماد بن زيد عن أبي حازم عن سهل في آخر الحديث: إذا نابكم شيء في الصلاة فليسبح الرجال وليصفق النساء قال: فهذا قاطع في موضع الخلاف يرفع الإشكال لأنه فرق بين حكم الرجال والنساء.

وقال القرطبي: القول بمشروعية التصفيق للنساء هو الصحيح خبرًا ونظرًا لأنها مأمورة بخفض صوتها في الصلاة مطلقًا لما يخشى من الافتتان ومنع الرجال من التصفيق لأنه من شأن النساء.

وهذا الحديث أخرجه البخاري عن عبد الله بن يوسف ومسلم عن يحيى بن يحيى كلاهما عن مالك به.

( مالك عن نافع أن ابن عمر لم يكن يلتفت في صلاته) لأنه كان شديد الاتباع للمصطفى.
وقد أخرج ابن عبد البر عن نافع قال: سئل ابن عمر أكان النبي صلى الله عليه وسلم يلتفت في الصلاة؟ قال: لا ولا في غير الصلاة، وهو مكروه بإجماع والجمهور على أنها للتنزيه.
وقال أهل الظاهر: يحرم إلا لضرورة.
وفي البخاري عن عائشة سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الالتفات في الصلاة؟ فقال: هو اختلاس يختلسه الشيطان من صلاة العبد.
وروى أحمد وابن خزيمة وأبو داود والنسائي عن أبي ذر رفعه: لا يزال الله مقبلاً على العبد في صلاته ما لم يلتفت فإذا صرف وجهه عنه انصرف.
وجمهور الفقهاء أنه إذا قل لا يفسد الصلاة.

( مالك عن أبي جعفر القارئ) بالهمز تقدم الخلاف في اسمه وهو أحد القرّاء المشهورين ( أنه قال: كنت أصلي وعبد الله بن عمر ورائي ولا أشعر به فالتفت) زاد في رواية مصعب فوضع يده في قفاي ( فغمزني) فبين أنه غمزه في قفاه إشارة إلى نهيه عنه، وسبب كراهة الالتفات يحتمل لنقص الخشوع أو لترك استقبال القبلة ببعض البدن، والمراد به ما لم يستدبر القبلة بصدره أو بعنقه عند قوم.