فهرس الكتاب

دليل الفالحـــين - باب النهي عن البخل والشُّحِّ

رقم الحديث -62 قال في «المصباح» : بخل بخلاً: أي بفتح أوليه، بخلاً: أي بضم فسكون من باب تعب وقرب والاسم البخل، وزان فلس.
والبخل في الشرع: منع الواجب، وعند العرب: منع السائل مما يفضل عنده، وفيه أيضاً الشحّ والبخل، وفي «شرح مسلم» للمصنف قال جماعة: الشحّ أشد البخل وأبلغ في المنع منه، فقيل: هو البخل مع حرص، وقيل: البخل في أفراد الحرص الأمور، والشح عام وقيل: البخل بالأموال خاصة والشحّ بالمال والمعروف.
وقيل: الشحّ الحرص على ما ليس عنده، والبخل بما عنده اهـ.
وأصله في «النهاية» وزاد شح يشح شحاً فهو شحيح، والاسم الشح، وترجمة المصنف تمشي على هذا، فإن الإصل في العطف التغاير، وعلى ما في «المصباح» يكون من عطف الرديف اكتفاء بتغاير اللفظ كهو في قوله تعالى: { إنما أشكو بثي وحزني إلى الله} ( يوسف: 86) .
( قال الله تعالى) : ( { وأما من بخل} ) أي بالإنفاق في الخيرات ( { واستغنى} ) أي بالدنيا عن العقبى ( وكذب بالحسنى فسنيسره) في الدنيا ( للعسرى) للخلة المودية إلى الشدة في الآخرة وهي الأعمال السيئة، ولهذا قالوا من ثواب الحسنة الحسنة بعدها، ومن جزاء السيئة السيئة بعدها ( { وما يغني عنه ماله إذا تردى} ) أي هلك وسقط وتردى في جهنم.
( وقال تعالى) : ( { ومن يوق شحّ نفسه} ) أي ومن سلم من الحرص الشديد الذي يحمله على ارتكاب المحارم بمنع أداء ما وجب عليه أداؤه، وفي تفسير ابن عطية: شحّ النفس فقر لا يذهبه غنى المال، بل يزيده وينصب به.
وقال ابن زيد وابن جبير وجماعة: من لم يأخذ شيئاً نهاه الله عنه ولم يمنع الزكاة المفروضة فقد برىء من شحّ النفس.
وقال ابن مسعود: شحّ النفس أكل مال الناس بالباطل، أما منع الإنسان ماله فبخل وهو قبيح ولكن ليس بشحّ ( { فأولئك هم المفلحون} ) الفائزون ببغيتهم ( وأما الأحاديث) أي النبوية ( فتقدمت جملة منها في الباب السابق) كقوله: «وإن تمسكه شرّ لك» وقوله: «وأعط كل ممسك تلفاً، ولا توكي فيوكي الله عليك» وباقي أحاديث ذلك الباب تدل بمفهومها على ما عقد له هذا الباب لأن الثناء على الكرم والأمر به ذم بضده ونهي عنه.


رقم الحديث 563 ( وعن جابر رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: اتقوا الظلم) أي اتخذوا لكم وقاية منه بالقسط.
والظلم التصرف في حق الغير بغير طريق شرعي، وقيل: وضع الشيء في غير موضعه ( فإن الظلم) أي في الدنيا ( ظلمات) بضم اللام وبإسكانها تخفيفاً وبالفتح ( يوم القيامة) يحتمل كما تقدم أنه على حقيقته وظاهره أنه يصير ظلمة في الآخرة، ويحتمل كونها كناية عن شدائد ذلك اليوم وما يلقاه من الأهوال ( واتقوا الشحّ) بالضم على الأفصح من لغات ثلاث في أوله ( فإن الشحّ) أتى بالظاهر فيه وفيما قبله تقبيحاً له وتنفيراً منه، ونعتاً بقبحه بالنداء عليه بالاسم الدال على ذلك ( أهلك من كان قبلكم) أي من بني إسرائيل ( حملهم على أن سفكوا) بفتح الفاء: أي أراقوا ( دماءهم) أي قتل بعضهم بعضاً فهو كقوله تعالى: { وإذ أخذنا ميثاقكم لا تسفكون دماءكم} ( البقرة: 84) قال المفسرون: أي لا يقتل بعضكم بعضاً ( واستحلوا محارمهم) أي ما حرّم عليهم من الشحوم فباعوه واحتالوا لولوج السمك إلى ما حفروه يوم السبت ليدخل في حوزهم فيبيعوه بعد، فيوقعهم في ذلك الشحّ ( رواه مسلم) وقد تقدم مع شرحه في باب تحريم الظلم.
62