فهرس الكتاب

دليل الفالحـــين - باب فضل الإحسان على المملوك

رقم الحديث 1360 ( وعن المعرور) بإهمال العين والراء بصيغة المفعول ( بن سويد) بضم المهملة وفتح الواو وسكون التحتية بعدها مهملة الأسدي، أبو أمية الكوفي ثقة من كبار التابعين عاش مائة وعشرين سنة خرج حديثه الستة ( قال: رأيت أبا ذر) الغفاري ( رضي الله عنه وعليه حلة) بضم المهملة وتشديد اللام، ثوب مركب من ظهارة وبطانة من جنس واحد جمعها حلل كغرفة وغرف ( وعلى غلامه مثلها) أي: حلة مثل حلتها ( فسألته عن ذلك) أي: سبب مساواته ملبوس عبده لملبوسه، والعادة التفاوت بينهما، ( فذكر أنه ساب) بتشديد الموحدة أصله سابب، فأدغمت إحداهما في الأخرى ( رجلاً) هو بلال رضي الله عنه ( على عهد) أي: زمن ( رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فعيره بأمه) بقوله يا ابن السوداء ( فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: إنك امرؤ فيك جاهلية) أتى بالمؤكد في الحكم الملقى لخالي الذهن تنزيلاً له منزلة المنكر، كقول الشاعر: جاء فلان عارضاً رمحه ... إن بني عمك فيهم رماح فالمخاطب غير شاك في ذلك، لكن لما جاء عارضاً رمحه صار كالمنكر لذلك فعومل معاملته، أي: خلق من أخلاق الجاهلية، وهي ما قبل الإِسلام، سموا به لكثرة جهالاتهم وذلك الفخر بالأنساب ( هم) أي: الأرقاء ( إخوانكم) لأنهم من الأب الأول وهو آدم، ومن الأب الثاني وهو نوح عليهما الصلاة والسلام.
ويحتمل أن يراد الأخوة في الإِسلام ويكون العبد الكافر بطريق التبع، أو يختص الحكم بالمؤمن ( وخولكم) بفتح الخاء والواو.
قال في المصباح: مثل الخدم والحشم وزناً ومعنى ( جعلهم الله) أي: صيرهم، وقدم المفعول لكونه ضميراً متصلاً؛ ولأن المقام له، وقال الحافظ في الفتح: الخول والخدم سموا بذلك؛ لأنهم يتخولون الأمر أي: يصلحونه، ومنه الخولي لمن يقوم بإصلاح البستان.
اهـ ( تحت أيديكم) مجاز عن القدرة والملك ثم فرع على أصله مما ذكر قوله ( فمن كان أخوه) عثر به حملاً على الشفقة وتحريضاً على الإِحسان كما هو شأن الإِخوان ( تحت يده فليطعمه مما يأكل) أي: من جنس ما يأكل بدليل قوله في الحديث بعده: "فإن لم يجلسه معه فليناوله لقمة"، والمراد: المواساة من كل وجه، لكن أخذ بالأكمل أبو ذر فعل المواساة، وهو الأفضل فلا يستأثر عياله بطعام وإن كان جائزاً ( وليلبسه) بضم التحتية فيه وفي يطعمه ( مما يلبس) بفتح التحتية والموحدة.
والأمران محمولان عند الجمهور على الندب، والواجب ما يسد بهما حاجتهما، من الطعام واللباس المعتاد للحزم في ذلك البلد لا خصوص مطعوم وملبوس السيد، وفي الموطأ ومسلم عن أبي هريرة مرفوعاً "للمملوك طعامه وكسوته بالمعروف، ولا يكلف من العمل ما لا يطيق"، وهو يقتضي رد ذلك إلى المعروف فمن زاد عليه كان متطوعاً ( ولا تكلفوهم) تلزموهم كلفة ( ما يغلبهم) بفتح أوله، أي: عمل ما يعجزون عنه أو تلحقه به مشقة لا تحتمل لعادة أمثاله ( فإن كلفتموهم) أي: ما يغلبهم وحذف للعلم به ( فأعينوهم) ليرتفع عنهم بعض التعب ( متفق عليه) أخرجه البخاري في الإيمان، وفي العتق، وفي الأدب.
ومسلم في النذور.
ورواه أبو داود في الأدب من سننه، والترمذي في البر، والصلة من جامعه.
وقال: حسن صحيح وابن ماجه في الأدب ببعضه "إخوانكم جعلهم الله تحت أيديكم" قال الحافظ في الفتح: ويلتحق بالرقيق من في معناه من أجير وغيره.


رقم الحديث 1361 ( وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: إذا أتى أحدكم خادمه) قدم المفعول على الفاعل؛ لئلا يعود الضمير لو جاء على الأصل إلى متأخر لفظاً ورتبة من مواضعه، وهو يشمل الرقيق والأجير وغيرهما من الخادم بالنفقة من غير عقد إجارة أو على سبيل التبرع بها ( بطعامه فإن لم يجلسه معه) كما هو الأفضل لما فيه من التواضع وعدم الترافع على المسلم ( فليناوله) وفي نسخة فلينوله والأمر للندب ( لقمة أو لقمتين) في المصباح: اللقمة من الخبز ( أو) شك من الراوي ( أكلة أو أكلتين) وعلل الأمر المندوب بقوله ( فإنه ولي علاجه) قال في النهاية: أي: عمله، وقال غيره: أي: مزاولته من تحصيل آلاته ووضع القدر على النار وغير ذلك ( رواه البخاري) في كتاب الأطعمة بلفظ "فقد كفاه دخانه وعلاجه فليجلسه معه، فإن لم يجلسه معه فليناوله أكلة أو أكلتين" متفق عليه ورواه أبو داود لأنه كان يرى للعبد التصرف في ماله بغير إذن سيده اهـ ملخصاً من الفتح ( متفق عليه) .