فهرس الكتاب

دليل الفالحـــين - باب النهي عن تعذيب العَبْد والدابة والمرأة والولد بغير سبب شرعي أَوْ زائد عَلَى قدر الأدب.

رقم الحديث 1603 ( وعن أبي علي سويد) بضم المهملة وفتح الواو وسكون التحتية بعدها مهملة ( ابن مقرن) بصيغة الفاعل من القرين بالقاف والراء والنون ابن عائذ بن منجا بن هجير بن نضر بن حشية بن كعب بن نور بن هدمة بن الأطم بن عثمان بن عمر بن اد المزني، يقال لولد عثمان بن عمرو وأخيه، أوس مزينة نسبوا إلى أمهم مزينة، بنت كلب بن وبرة يكنى أبا عدي، وقيل أبو عمرو سكن الكوفة.
روى له عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثلاثة أحاديث، أخرج عنه مسلم حديثاً واحداً، ولم يذكر ابن الأثير عام وفاته ولا محلها ( رضي الله عنه قال لقد رأيتني) ْبضم التاء، ومن خصائص أفعال القلوب، جواز اتحاد فاعلها ومفعولها، أي: علمتني ( سابع سبعة) ويصح كون رأى: بصرية، وسابع منصوب على أنه حال ( من بني مقرن) وهم سبع إخوة كلهم صحابة مهاجرون، لم يشاركهم أحد في مجموع ذلك، كما قاله ابن عبد البر، وغيره النعمان ومعقل وعقيل وسويد وسنان وعبد الرحمن.
قال ابن الصلاح: وسابع لم يسم لنا، قال الحافظ زين الدين العراقي، في شرح ألفية الحديث: قد سماه ابن فتحون في ذيل الاستيعاب، عبد الله بن مقرن.
وذكر أنه كان على سيرة أبي بكر، في قتال أهل الردة، وأن الطبري ذكر ذلك، وحكى ابن فتحون، أن بني مقرن عشرة فالله أعلم.
وذكر الطبري في الصحابة أيضاً: ضرار بن مقرن، خلف أخاه لما قتل بنهاوند اهـ.
( ما لنا خادم إلا واحدة) جملة في محل المفعول الثاني لرأى، إن كانت علمية.
وسابع حال من المفعول الأول.
وإن كانت بصرية فهي محل الحال من الياء، فتكون مع ما قبلها حالاً مترادفة.
( لطمها أصغرنا) لم يعينه المحدثون فيما رأيته، أي: ضربها ببطن كفه ( فأمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن نعتقها) ليكون اعتاقها كفارة لضربها؛ ففيه غلظ تعذيب المملوك، والاعتداء عليه ( رواه مسلم.
وفي رواية)
له ( سابع إخوة لي) بدل قوله سابع: سبعة.


رقم الحديث 1604 ( وعن أبي مسعود البدري رضي الله عنه قال: كنت أضرب غلاماً لي بالسوط فسمعت صوتاً من خلفي اعلم أبا مسعود) أتى به للتنبيه على ما بعده ( فلم أفهم الصوت) أي: ما اشتمل عليه من الكلام ومن في قوله ( من الغضب) تعليلية، كهي في قوله تعالى ( مما خطيئاتهم أغرقوا) ( فلما دنا) أي: قرب ( مني إذا) فجائية ( هو رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإذا هو يقول: إعلم) بصيغة الأمر ( أبا مسعود) بحذف حرف النداء، اختصاراً ( أن الله تعالى أقدر عليك منك على هذا الغلام) أي: فاحذر انتقامه، ولا يحملك قدرتك على ذلك المملوك، أن تتعدى فيما منع الله منه، من ضربه عدواناً.
( فقلت لا أضرب مملوكاً بعده) أي: بعد هذا القول الذي سمعته ( أبدأ وفي رواية) هي لمسلم كما ستأتي ( فسقط السوط من يدي من هيبته) من تعليلية ( وفي رواية فقلت يا رسول الله هو حر لوجه الله تعالى) أي: لذاته طلباً لمرضاته ( فقال أما) بتخفيف الميم ( إنه لو لم تفعل) فيه إطلاق الفعل على الفاعل ( للفحتك النار) بتخفيف الفاء، وبالحاء المهملة، أي: أحرقتك ( أو) شك من الراوي ( لمستك النار) ويلزم من مسها الإِحراق ( رواه مسلم بهذه الروايات) .


رقم الحديث 1605 ( وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال من ضرب غلاماً له حداً) مفعول له ( لم يأته) أو لم يفعل ما يقتضي ذلك الحد الذي حد به ( أو لطمه) أي: ضربه ببطن كفه، من غير سبب ( فإن كفارته) أي: مكفر إثم ذلك عنه ( أن يعتقه) أي: محو ذلك الإِثم عنه، بإعتاقه.
قال القاضي عياض: أجمعوا على أن الإعتاق غير واجب، وإنما هو مندوب.
لكن أجر هذا الإِعتاق، لا يبلغ أجر الإِعتاق شرعاً.
وفي الحديث الرفق بالمماليك، إذا لم يذنبوا أما إذا أذنبوا فقد رخص - صلى الله عليه وسلم - بتأديبهم بقدر إثمهم، ومتى زادوا يأخذ بقدر الزيادة ( رواه مسلم)

رقم الحديث 1606 ( وعن هشام بن حكيم بن حزام) بن خويلد بن أسد القرشي الأسدي، صحابي ابن صحابي، فلذا قال المصنف ( رضي الله عنهما) قال في التقريب: له ذكر في الصحيحين، في حديث عمر، حيث سمعه يقرأ سورة الفرقان.
مات قبل أبيه، ووهم من زعم أنه استشهد بأجنادين، خرّج عنه مسلم وأبو داود والنسائي.
وفي التهذيب أسلم يوم الفتح، توفي قبل حكيم أبيه، قاله ابن عبد البدر وغيره.
وقيل: استشهد باجنادين، قاله إبراهيم الأصبهاني وغيره، وغلطهم فيه ابن الأثير وقال: إنه وهم.
والذي قتل باجنادين، هو هشام بن العاص، سنة ثلاث عشر وقصة هشام بن حكيم، مع عياض بن غنم.
وهو حديث الباب، يدل على أنه عاش بعد اجنادين، فإنه مر على عياض وهو وال على حمص وإنما فتحت بعد اجنادين بزمان طويل، روى عنه جماعة من التابعين.
قال محمد بن سعد: وكان هشام بن حكيم رجلاً صليباً مهيباً.
وقال الزهري: كان يأمر بالمعروف في رجال معه، وكان عمر بن الخطاب يقول: إذا بلغه أنه ينكر أمراً ما، بقيت أنا وهشام فلا يكون هذا.
روي له عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أحاديث شتى، روى مسلم واحداً منها ( أنه مر بالشام على أناس من الأنباط) ويقال فيهم النبط بفتح أوليه، هم قوم من العرب، دخلوا في العجم والروم، واختلطت أنسابهم، وفسدت ألسنتهم، سموا بذلك لمعرفتهم بأنباط الماء واستخراجه، لكثرة معالجتهم الفلاحة.
قاله في التوشيح.
وقال قوم: هم فلاحو العجم وجملة ( وقد أقيموا في الشمس) حالية، وعطف عليها قوله ( وصب على رؤوسهم الزيت) والفعل فيهما مبني للمجهول ( فقال ما هذا قيل يعذبون في الخراج) أي: من أجله وبسببه ( وفي رواية حبسوا في الجزية فقال هشام أشهد لسمعت) جواب قسم مقدر، أو جواب أشهد، لتنزيله، لتحققه منزلة القسم؛ ( رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول إن الله يعذب الذين يعذبون الناس في الدنيا) أي: بغير

رقم الحديث 1608 ( وعنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - مر عليه حمار قد وسم) بصيغة المجهول ( في وجهه فقال) محرماً لذلك، ومنبهاً أنه من الكبائر ( لعن الله الذي وسمه.
رواه مسلم وفي رواية لمسلم أيضاً نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الضرب في الوجه وعن الوسم في الوجه)
قال العلماء: لأن الوجه لطيف، يجمع المحاسن، وأعضاؤه نفيسة لطيفة، وأكثر الإِدراك بها، فقد يبطلها ضرب الوجه، وقد ينقصها وقد يشوه الوجه، والشين فيه فاحش، لأنه بارز ظاهر، لا يمكن ستره، ومتى ضربه لا يسلم من الشين غالباً.
وشمل النهي، ضرب الخادم والزوجة والولد للتأديب، فليجتنب الوجه وتأثير الوسم أشد.
باب تحريم التعذيب بالنار في كل حيوان حتى القملة ونحوها بالجر عطفاً على المجرور قبله.