فهرس الكتاب

دليل الفالحـــين - باب النهي عن ترك النار في البيت عند النوم ونحوه سواء كانت في سراج أو غيره

رقم الحديث 1652 ( عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: لا تتركوا النار في بيوتكم حين تنامون) وذلك لئلا يشعل البيت على صاحبه؛ وصرف النهي عن التحريم عدم تحقق الضرر ( متفق عليه) .


رقم الحديث 1653 ( وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: احترق بيت بالمدينة) النبوية ( على أهله من الليل) أي: في بعضه ( فلما حدث) بالفعل المبني للمجهول ( رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بشأنهم) أي: بأمرهم ( قال: إن هذه النار عدو لكم) قال ابن العربي: معنى كونها عدواً لنا، أنها تنافى أموالنا وأبداننا، منافاة العدو، وإن كانت لنا بها منفعة، لكن لا يحصل لنا منها إلا بواسطة، فاطلق أنها عدو لنا، لوجود معنى العداوة فيها ( فإذا نمتم) أي: أردتم النوم ( فأطفئوها) بقطع الهمزة قال القرطبي: هو أمر إرشاديّ.
قال: وقد يكون للندب.
وجزم المصنف بأنه للإرشاد، لكونه لمصلحة دنيوية؛ وتعقب بأنه قد يفضي إلى مصلحة دينية، وهي حفظ النفس المحرم قتلها، والمال المحرم تبذيره، ( متفق عليه) .


رقم الحديث 1654 ( وعن جابر رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال) على سبيل الإِرشاد، كما قال المصنف والقرطبي ( غطوا الإِناء) وذلك صوناً له من الحشرات، وسائر المؤذيات ( وأوكئوا) بكسر الكاف بعدها همز أي: اربطوا ( السقاء) الوكاء ما يربط به من خيط أو نحوه، والسقاء بالمد ظرف من الجلد يكون للماء، والمعنى سدوا فم السقاء بخيط أو نحوه ( أغلقوا الأبواب واطفئوا السراج) وعلل هذه الأوامر بقوله: ( فإن الشيطان لا يحل سقاء) أي: وكاء ( ولا يفتح باباً ولا يكشف إناء) أي: إذا ذكر اسم الله تعالى حال غلقه، وعند تغطية الإناء.
قال ابن دقيق العيد: ويحتمل أنه لا يفتح باباً مغلقاً يسمي الله عليه حال غلقه أولا.
ويحتمل أن يكون المانع من ذلك أمر خارج عن جسمه.
قال: والحديث يدل على منع الشيطان الخارج من الدخول، أما الشيطان الذي كان داخلاً، فلا دلالة للخبر على خروجه.
قال: فيكون ذلك لتخفيف المفسدة لا رفعها، ويحتمل أن تكون التسمية عند الإِغلاق، تقتضي طرد من في البيت من الشياطين، وعليه فينبغي التسمية من ابتداء الغلق إلى آخره اهـ.
( فإن لم يجد أحدكم) ما يغطي به الإِناء ( إلا أن يعرض) بضم الراء كما في الأصول المصححة، وهو قد جاء من باب قتل ومن باب ضرب ( على إنائه عوداً) أي: يضعه عليه بالعرض ( ويذكر اسم الله عليه) وفي نسخة أو بدل الواو، فإن تثبتت فهي بمعنى الواو كما في قوله تعالى ( وأرسلناه إلى مائة ألف أو يزيدون) ويحتمل كونها للتنويع ( فليفعل) أي: بالمقدور عليه ندباً، وعلل الأمر باطفاء السراج بقوله ( فإن الفويسقة تضرم) بضم الفوقية وبالضاد المعجمة أي: تشعل ( على أهل البيت بيتهم) أي: تكون سبباً لذلك، بأن تجر الفثيلة إلى المتاع، فتضرمه ناراً ( رواه مسلم) ورواه أحمد من حديث أبي أمامة بلفظ: "أجيفوا أبوابكم، وأكفئوا آنيتكم، وأوكئوا أسقيتكم، وأطفئوا سرجكم، فإنهم لم يؤذن لهم بالتسور عليكم" كذا في الجامع الصغير ( الفويسقة) بالتصغير ( الفأرة) بالهمز وتسهل، وأطلق عليها كالمؤذيات الخمس، استعارة من الفسق وامتهاناً لهن، لكثرة خبثهن؛ حتى يقتلن في الحل والحرم وفي الصلاة، ولا تبطل بذلك ( وتضرم تحرق) وإسناد الإِضرام إليها مجاز عقلي من الإِسناد للسبب كما علم مما تقدم.
باب النهي عن التكلف وهو فعل وقول الواو فيه بمعنى أو ( ما لا مصلحة فيه) أفرد الضمير نظراً للفظ ما ( بمشقة) ظرف مستقر، حال أو صفة لفعل وما بعده أما فعل الأمر ذي المصلحة الشرعية بمشقة على النفس، لا ضرر لها في البدن أو العقل فمحمود ( قال الله تعالى) لنبيه ( قل ما أسالكم عليه) أي: التبليغ ( من أجر) بل اسأل أجري عليه من الله تعالى ( وما أنا من المتكلفين) نفى عن نفسه التكلف، إيماء إلى أن تركه محمود وفعله مذموم.