فهرس الكتاب

دليل الفالحـــين - باب تغليظ اليمين الكاذبة عمدا

رقم الحديث 1714 (وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال الكبائر) الحصر إضافي، والسكوت على ما ذكره لدعاء الحال إليها وشدة أمرها وغلظه، وهي على الصحيح ما توعد عليه بالعذاب أو الغضب في الكتاب أو السنة (الإِشراك بالله) أي: الكفر بإشراك أو بغيره، وذكر الإشراك لأنه كان الغالب في عصره - صلى الله عليه وسلم -؛ إذ كانوا يعبدون الأصنام، ويشركونها مع الله في الألوهية.
(وعقوق الوالدين) أي: أن يفعل معهما أو مع أحدهما، ما يتأذى به عرفاً، تأذياً ليس بالهين (وقتل النفس) أي: عدواناً (واليمين الغموس) بفتح الغين المعجمة: اسم فاعل لأنها تغمس صاحبها في الإِثم؛ لأنه حلف كاذباً على علم منه؛ يتمادى فيها ولا يكفر) بتركه الخير المحلوف على تركه (وقوله آثم) بالمد و (بالثاء المثلثة) أفعل تفضيل (أي: أكثر إثماً) قال العاقولي: أصله أن يطلق للأج الإِثم، فأطلقه للجاج الموجب للإثم على سبيل الاتساع.
باب العفوعن لغو اليمين وأنه لا كفارة فيه وهو أي: لغو اليمين عند إمامنا الشافعي وأصحابه: (ما يجري على اللسان بغير قصد اليمين) وكذا ما تكلم به جاهلاً لمعناه، كما قال البيضاوي، وذهبت الحنفية إلى أنه الحلف على ما يظن أنه كذلك، ولم يكن (كقوله على العادة لا والله وبلى والله ونحو ذلك) من الألفاظ التي يعتاد الحلف بها، إذا صدرت من غير قصد اليمين.
(قال الله تعالى لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم) أي: إذا حنثتم أو بنكث اللغو (ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان) بما وثقتم الأيمان عليه بالقصد والنية، والمعنى ولكن يؤاخذكم بما قدمتم، إذا حنثتم، أو ينكت ما عقد (فكفارته) أي: كفارة نكثه أي: الفعلة التي تذهب إثمه وتستره (إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم) من اقصده في النوع والقدر، وهو مد لكل مسكين عندنا.
ومحله النصب صفة لمفعول محذوف، تقديره أن تطعموا عشرة مساكين، طعاماً من أوسط ما تطعمون، أو الرفع على البدل من إطعام.
وقرىء "أهاليكم" بسكون الياء، على لغة من يسكنها في الأحوال الثلاث، كالألف.
وهو جمع أهل، كالليالي في جمع ليل.
(أو كسوتهم) عطف على إطعام، أو من أوسط أن جعل بدلاً وقرىء بضم الكاف وهو كعروة.
وقرىء كأسوتهم، بمعنى أو كمثل ما تطعمون أهليكم إسرافاً أو تقتيراً تساوون بينهم وبينكم، إن لم تطعموهم الأوسط.
والكاف في محل الرفع، وتقديره أو إطعامهم كأسوتهم (أو تحرير رقبة) أي: إعتاق إنسان، ومعنى "أو" إيجاب إحدى الخصال الثلاث مطلقاً، وتخيير المكلف في التعيين (فمن لم يجد) أي: واحداً منها (فصيام ثلاثة أيام) أي: فكفارته صيامها (ذلك) أي: المذكور (كفارة أيمانكم إذا حلفتم) أي: وحنثم (واحفظوا أيمانكم) بأن تصونوها ولا تبذلوها لكل امر، أو بأن تبروا فيها ما استطعتم ولم يفت بها خير، وبأن تكفروها إذا حنثتم.