فهرس الكتاب

دليل الفالحـــين - باب كراهة الحديث بعد العشاء الآخرة

رقم الحديث 1746 ( وعن أبي برزة) بفتح الموحدة وسكون الراء وبالزاي فالهاء نضلة بنون ثم ضاد معجمة بوزن ضربة ابن عبد الله، وقيل ابن نيار، وقيل: كان اسمه نضلة بن نيار، فسماه رسول الله وبرزة ( رضي الله عنه) أسلم قديماً، وقد شهد فتح مكة.
روي له عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ستة وأربعون حديثاً اتفقا على اثنين منها، وانفرد البخاري باثنين ومسلم بأربعة، نزل البصرة وتوفي بها، وقيل: بل بخراسان في خلافة معاوية أو يزيد سنة ستين، وقيل: أربع وستين، ولا يكنى بأبي برزة من الصحابة غيره ( أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يكره النوم قبل العشاء) لئلا يعرضها للفوات ( والحديث بعدها) أي: بعد دخول وقتها وفعلها فيه، ومثله قدر ذلك إن جمع تقديماً لا قبل ذلك، لأنه ربما فوتته صلاة الليل وأول وقت الصبح أو جميعه، وليختم عمله بأفضل الأعمال.
وقضية الأول.
في كراهيته قبلها أيضاً، لكن فرق الأسنوي بأن إباحة الكلام قبلها، ينتهي بالأمر بإيقاعها في وقت الاختيار، وأما بعدها فلا ضابط له، فكان خوف الفوات فيه أكثر ( متفق عليه) .


رقم الحديث 1747 ( وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي - صلى الله عليه وسلم - العشاء في آخر حياته) أي: في أواخرها، فقد جاء أنه كان قبل وفاته - صلى الله عليه وسلم - بشهر ( فلما سلم قال: أرأيتكم) بفتح التاء أي: أخبروني استفهام وتعجب، والكاف لتأكيد الفاعل، لا محل له من الإعراب، وهو من وضع، السبب موضع المسبب، فإنه وضع الاستفهام عن العلم، موضع الاستخبار، ولا يخبر عن الشيء إلا العالم به ( ليلتكم هذه فإن على رأس مائة سنة) أي: منها ( لا يبقي ممن هو على ظهر الأرض اليوم) أي: في زمن التكلم بذلك، وفي رواية ( أحد) أي من الموجودين من الإِنس حينئذ.
وأخذ بعضهم منه موت الخضر وإلياس.
وأجاب من قال بتعميرهما، أنهما لم يكونا حينئذ على وجهها ولعلهما في البحر.
وقال: المراد لا يبقى ممن يرونه أو يعرفونه، فهو عام أريد به الخصوص، قيل احترز بالأرض عن الملائكة، وقالوا خرج عيسى من ذلك، وهو حي لأنه في السماء، وإبليس لأنه في الهواء والماء.
قال الحافظ: والحق أن أل في الأرض للعموم وأنها تتناول جميع بني آدم، وكان كما أخبر - صلى الله عليه وسلم - فإن آخر من ضبط ممن كان موجوداً أبو الطفيل عامر بن وائلة، وقد أجمع العلماء على أنه آخر الصحابة موتاً.
وغاية ما قيل فيه: أنه مات سنة مائة وعشرة.
وذلك رأس مائة سنة من مقالته - صلى الله عليه وسلم - اهـ.
( متفق عليه) فيه دليل على جواز الحديث بعدها إذا كان في الخير كتعلم العلم.
وصح أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يحدثهم عامة ليلهم عن بني اسرائيل.


رقم الحديث 1748 ( وعن أنس رضي الله عنه أنهم) أي: الصحابة ( انتظروا النبي - صلى الله عليه وسلم - فجاءهم قريباً من شطر الليل) أي: نصفه ( فصلى بهم يعنى العشاء) جملة مستأنفة لبيان تلك الصلاة المنتظرة ( قال: ثم خطبنا) هو موضع الترجمة، لأنه خطبهم.
بعد أن صلى بهم العشاء؛ ففيه جواز التكلم، بل ندبه، بالخير بعد صلاة العشاء ( فقال ألا) بتخفيف اللام أداة استفتاح ( إن الناس قد صلوا ثم رقدوا وإنكم لن تزالوا في صلاة ما) مصدرية ظرفية ( انتظرتم الصلاة) أي: مدة انتظاركم إياها، وجملة وإنكم معطوفة على جملة إن الناس، أي إنهم يحصل لهم الأجر في الجملة إذ منتظرها يأكل ويشرب ويتكلم، ومن في الصلاة يمتنع عليه كل من ذلك، أشار إليه الحافظ في الفتح ( رواه البخاري) قبل باب الأذان.
( يخشى أحدكم) أي يخاف خوفاً مقترناً بتعظيم الله تعالى ( إذا رفع رأسه قبل الإمام) مع العلم والتعمد ( أن يجعل الله) أي: يصير ( رأسه رأس حمار) قيل هو كناية عن تصييره بليداً لا يفهم كالحمار والأولى اجراؤه على ظاهره لأنه ممكن لا يخالفه عقل ولا يرده نقل وقد نقل الشيخ ابن حجر الهيتمي في معجمه وقوع ذلك لبعضهم والعياذ بالله تعالى ( أو يجعل الله صورته صورة حمار) حقيقة بناء على الحقيقة وهو الأرجح أو المراد يجعل صفته صفة الحمار في البلادة وفيه على الوجهين شؤم أثر المعصية ( متفق عليه) رواه الأربعة قال الحافظ ظاهر الحديث يقتضي تحريم الرفع قبل الإِمام لكونه توعد عليه بالمسخ وهو أشد العقوبات وبه جزم المصنف في مجموعه وهنا ومع الإِثم فالصحيح صحة الصلاة واجزاؤها.
وعن ابن عمر أنها تبطل وبه قال أحمد في رواية وأهل الظاهر على أن النهي يقتضي الفساد.
باب كراهة وضع اليد على الخاصرة في الصلاة قيل حكمة الكراهة أن ذلك فعل اليهود وقيل راحة الكفار في النار وقيل فعل الشيطان.
وقيل لأن إبليس أهبط من الجنة كذلك وقيل لأنه فعل المتكبرين.