فهرس الكتاب

دليل الفالحـــين - باب تغليظ تحريم إباق العبد من سيده

رقم الحديث 1768 ( عن جرير رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أيما عبد أبق) بفتح الموحدة من باب ضرب، وجاء من باب تعب وقتل في لغة كذا في المصباح ( فقد برئت منه الذمة) بكسر المعجمة وتشديد الميم.
قال المصنف في التهذيب: الذمة تكون في اللغة: العهد، وتكون الأمانة، ومنه قوله - صلى الله عليه وسلم -: "يسعى بذمتهم أدناهم"، "ومن صلى الصبح فهو في ذمة الله عز وجل" "ولهم ذمة الله ورسوله" اهـ.
( رواه مسلم) في الإِيمان ورواه أبو داود في الحدود النسائي في المحاربة، وفي ألفاظه اختلاف منها ما في قول المصنف.


رقم الحديث 1769 ( وعنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا أبق العبد لم تقبل له صلاة) ولا يلزم من عدم قبولها عدم صحتها، بل هي كالصلاة في المغصوب، على ما اختاره الجماهير من صحتها فيه ولا ثواب، وعلى هذا فلا حاجة لتقييد المأزري وعياض ذلك بمن استحل الإِباق، فقد تعقبهما فيه ابن الصلاح واستظهره المصنف ( وفي رواية) لمسلم ( فقد كفر) أي: إن استحله أو من كُفَرَان نعمة السيد وعدم أداء حقه، فإن عمله من عمل الكفرة والجاهلية.
وفي رواية "فقد حل دمه" وفي رواية "فقد أخل بنفسه".
باب تحريم الشفاعة في الحدود بعد ثبوت سببها، قال الله تعالى: ( الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة) الرفع على الابتداء، والتقدير مما يتلى عليكم حكم الزانية والزاني، فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه، فارتفع ارتفاعه، وقدم المؤنث هنا على المذكر، عكس الحلف من غير استحلاف، وهو مستحب.
وإذا كان فيه تعظيم أمر المطلوب، كما في الحديث.
وفيه المنع من الشفاعة في الحدود، وهو مجمع عليه بعد بلوغه للإِمام، أما قبله فجائز عند أكثر العلماء، إذا لم يكن المشفوع فيه ذا شر وأذى للناس، فإن كان لم يشفع فيه.
أما المعاصي التي لا حد فيها، فتجوز الشفاعة فيها شرطه السابق، وإن بلغت الإِمام لأنها أهون.
وفيه مساواة الشريف وغيره في أحكام الله تعالى وحدوده، وعدم مراعاة الأهل والأقارب في مخالفة الدين ( وفي رواية) للبخاري ( فتلون) أي: تغير غيظاً ( وجه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال له أتشفع في حد من حدود الله فقال أسامة) لما رأى إنكار النبي - صلى الله عليه وسلم - وغضبه مما أتاه ( استغفر لي يا رسول الله) أي: لتمحي تلك الخطيئة.
( قال: ثم أمر بتلك المرأة فقطعت يدها) زاد البخاري عن عائشة "ثم تابت بعد وتزوجت" فكانت تأتي لعائشة فترفع حاجتها إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -.
باب النهي عن التغوط في طريق الناس وظلهم وموارد الماء ونحوها حمل الجمهور النهي على التنزيه.
قال الشيخ زكريا وينبغي تحريمه، لما فيه من إيذاء المسلمين؛ ونقل في الروضة عن أصلها عن صاحب العدة: على التحريم.
والحديث ظاهر فيه، بل نقل في أنه من الكبائر للعن فاعله، وخص المصنف التغوط بالذكر: لعظم الضرر به بالنسبة للبول لسرعة جفافه؛ فيقل الأذى.
ومحل النهي عنه في الظل إذا كان معداً لاجتماع مباح، أما لو كان معداً لاجتماع محرم كمكس أو غيبة، وقصد به تفريقهم، فلا كراهة.
ومثل الظل في الصيف محل الشمس في الشتاء، فلو عبر المصنف بمتحدث لشملهما، وكأنه أراد توهم بشير نسخ ذلك، أو حمل الأولى على كراهة التنزيه.
وجمع الحافظ في الفتح بأنه وهبه حديقة، فلما بدا له ارتجعها لأنها لم يقبضها منه أحداً غيره، ثم عاودته فمطلها، ثم اقبضها ثم رضيت عمرة أن يهب له بدل الحديقة غلاماً، فرضيت عمرة لكنها خشيت الارتجاع، فطلبت إشهاد النبي - صلى الله عليه وسلم - اهـ.
( فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - أكلّ ولدك) بالنصب بنحلت مقدراً فسره قوله ( نحلت مثل هذا) أي: أعطيت سائر ولدك كما أعطيت هذا ( فقال: لا فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأرجعه) أي: ارتجعه هو كالعبد، لكراهة الرجوع في الهبة الموهوبة، وإن محلها ما لم توقع في كراهة، وإلا فيرتجع لأن درء المفاسد مقدم على جلب، المصالح أورده الشيخان بهذا اللفظ ( وفي رواية) لمسلم ( فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أفعلت هذا) أي: الاعطاء ( بولدك كلهم) بأن أعطيت كلا كأخيه ( قال: لا قال: اتقوا واعدلوا في أولادكم) بالتسوية بينهم في العطاء والبر والإِحسان ( فرجع أبي فرد تلك الصدقة) أي: إلى ملكه بعد أن قبلها لولده، وتقدم في الرواية قبله أن الارتجاع بالأمر النبويّ ( وفي رواية) هي أيضاً لمسلم: ( فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يا بشير ألك ولد سوى هذا؟ قال: نعم) بفتح أوليه حرف جواب ( قال: أكلهم) بالنصب لمحذوف يفسره قوله ( وهبت له مثل هذا) أي: أعطيت كلاً منهم ( قال: لا قال: فلا تشهدني إذاً) أي: حينئذ ( فإني لا أشهد على جور) أي: جيف وظلم، وأصله الميل عن الاعتدال، حراماً كان أو مكروهاً وهو بنحوه ( وفي رواية) هي لمسلم أيضاً ( لا تشهدني على جور.
وفي رواية)
لمسلم أيضاً ( أشهد على هذا غيري ثم قال: أيسرك أن يكونوا لك في البر سواء قال: بلى قال: فلا) أي: لا تفاضل بينهم في العطاء ( إذاً.
متفق عليه)
باعتبار أصل الحديث، لما علمت من أن سياق الأحاديث المذكورة لمسلم ونحوها عند البخاري في أبواب الهبة.
والحديث خرجه مالك والشافعي وأصحاب السنن الأربعة وابن حبان والطبراني والطحاوي والإِسماعيلي وأبو عوانة والدارقطني والبرقاني وأبو نعيم والبيهقي والبغوي وغيرهم، ذكره القلقشندي في شرح عمدة الأحكام.
باب تحريم إحداد المرأة قال في المصباح: حدت المرأة على زوجها تحد حداداً فهي حاد بغير هاء، وأحدت إحداداً فهي محد ومحدة إذا تركت الزينة لموته.
وأنكر الأصمعي الثلاثي، واقتصر على الرباعي ( على ميت فوق ثلاثة أيام) الظرف الأول لغو والثاني في محل الحال ( إلا على زوجها أربعة أشهر وعشرة أيام) النصب على الظرفية.