فهرس الكتاب

دليل الفالحـــين - باب ما يقوله ويفعله من ارتكب منهياً عنه

رقم الحديث 1807 ( عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال من حلف فقال في حلفه باللات والعزى فليقل) كفارة لذكرها في معرض التعظيم الموهم له ( لا إله إلا الله ومن قال لصاحبه تعالى أقامرك) في القاموس قامره مقامرة وقماراً فقمره كنصره وتقمر راهنه فغلبه ( فليتصدق) ليكون ثوابها كفارة لسيئته القولية ( متفق عليه) قال في الجامع الكبير: ورواه الشافعي وأحمد وعبد بن حميد وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة وابن حبان.
أنت مؤمن وهو كافر، فقال الحافظ في الفتح: إنها ضعيفة فإن في سندها المسعودي وقد اختلط، والمحفوظ أنه عبد العزى بن قطن وأنه هلك في الجاهلية ( فمن أدركه منكم فليقرأ عليه فواتح سورة الكهف) أي: فإنها تدفع فتنته عن قارئها، كما ورد كذلك وقيل عشر آيات من آخر سورة الكهف.
جاء ذلك في رواية أخرى قال القرطبي: والحزم والاحتياط أن يقرأ عشراً من أولها وعشراً من آخرها.
وعند أبي داود من حديث النواس "فليقرأ عليه فواتح سورة الكهف فإنها جوار لكم من فتنته" اهـ.
( أنه خارج خله بين الشام والعراق) قال المصنف: هو في نسخ بلادنا بفتح المعجمة واللام وتنوين الهاء.
وقال القاضي عياض: المشهور فيه فتح المعجمة وتشديد اللام ونصب الهاء غير منونة.
قيل معناه سميت ذلك وتأمله ورواه بعضهم محله بضم اللام وبهاء الضمير أي: نزوله وحلوله.
قال وكذا ذكره الحميدي في الجمع بين الصحيحين ببلادنا.
وهو الذي رجحه صاحب نهاية الغريب وفسره بالطريق بينهما، وكان على المصنف حيث اقتصر على هذا المعنى فيما يأتي أن يضبطه ( فعاث يميناً وعاث شمالاً) قال المصنف: روي بفتح المثلثة فيهما فعل ماض، وحكى القاضي أنه روى عاث: بصيغة اسم الفاعل قال التوربشتي: إنما قال يميناً وشمالاً إشارة إلى أنه لا يكتفي بإفساد ما يطؤه من البلاد، بل يبعث سراياه يميناً وشمالاً فلا يأمن من شره مؤمن، ولا يخلو من فتنته موطن ( يا عباد الله فاثبتوا) أي: على الإِيمان ولا تزيغوا عنه ( قلنا يا رسول الله وما لبثه في الأرض) استئناف للسؤال عن قدر لبثه في الدنيا ( قال أربعون يوماً) هو ما بين طلوع الشمس وغروبها ( يوم كسنة ويوم كشهر ويوم كجمعة) قال العلماء: هذا الحديث على ظاهره، وهذه الأيام الثلاث طويلة على هذا القدر المذكور في الحديث، يدل عليه قوله ( وسائر) أي: باقي ( أيامه كأيامكم) المعتادة في القدر ( قلنا: يا رسول الله فذلك اليوم الذي كسنة أيكفينا فيه صلاة يوم) سألوا عن الذي هو كسنة، وظاهر جريان ذلك فيما هو كشهر وما هو كجمعة، وسكتوا عن ذلك لظهور أن لا فرق بينهما في ذلك ( قال لا) أي: لا يكفيكم ذلك ( أقدروا له) بضم الهمزة ( قدره) أي: إنه إذا مضى بعد طلوع الفجر قدر ما يكون بينه وبين الظهر كل يوم، فصلوا الظهر، ثم إذا مضى بعده قدر ما يكون بينها وبين العصر، فصلوا العصر.
وهكذا ما بينها وبين المغرب وما بين المغرب والعشاء وما بينهما وبين الصبح والظهر والعصر، حتى ينقضي ذلك اليوم وقد وقع فيه صلوات سنة، كلها فرض مؤداة في وقتها.
واليومان الذي كشهر وكجمعه على قياس هذا.
قال القاضي عياض: هذا حكم مخصوص، شرعه لنا صاحب الشرع، ولولا هذا الحديث ووكلنا إلى اجتهادنا لاقتصرنا فيه على الصلوات عند الأوقات المعروفة في غيره من الأيام.
قال العاقولي: أقول هذا مما جره التعمق في السؤال، إذ لو لم يسألوا وسكتوا، لكان حكمه حكم سائر الأيام ولكن سألوا، فجرى مثل ما جرى لبني إسرائيل وسؤالهم عن البقرة حتى بلغ بهم الحرج ما علمت، وما نقلناه من إجراء الحديث على ظاهره أولى مما مشى عليه التوربشتي من تأويله، وأن اليوم لا يزاد فيه أصلاً وأنه كنى يكون يوم كسنة الخ عن شدة أهواله وفتنه، وبتقدير الصلوات عن الاجتهاد عند مصادفة تلك الأهوال إلى كشفها.
وقد ردّ ابن الجوزي ذلك التأويل، وكذا القرطبي في المفهم بما فيه طول ( قلنا يا رسول الله وما إسراعه في الأرض.
قال: كالغيث استدبرته الريح فيأتي على القوم فيدعوهم)
أي: إلى أنه ربهم وإلى الإِيمان بذلك ( فيؤمنون به ويستجيبون له) أي: ويجيبونه ( فيأمر السماء) أي: بالمطر ( فتمطر) أي: حالاً ( والأرض) بالنصب أي: يأمرها بالنبات ( فتنبت فتروح) أي: ترجع ( عليهم سارحتهم) بالسين والراء والحاء المهملات: هي المال السائم ( أطول) بالنصب حال ( ما) مصدرية ( كانت ذري) بضم الذال المعجمة جمع ذروة بضم وكسر أي: ترجع إليهم من المرعى أطول، ألوانها عظيمة السنام، مرتفعة من السمن والشبع، ( وأشبعه ضروعاً) بالشين المعجمة والموحدة والمهملة أي: إملاءه وإسناد الشبع إليها من الإِسناد إلى السبب.
وضبطه العاقولي بالمهملة والموحدة والغين المعجمة قال: أي: أطوله لكثرة اللبن ( وأمده خواصر) أي: لكثرة امتلائها من الشبع ( ثم يأتي القوم) أي: غير أولئك كما يدل عليه السياق وكون اللفظ الثاني إذا أعيد معرفة، غير الأول أغلبي لا كلي ( فيدعوهم فيردون عليه قوله) ويثبتون على التوحد ( فينصرف عنهم) أي: راجعاً ( فيصبحون) أي: يصيرون ( ممحلين) بالمهملة.
قال التوربشتي: يقال أمحل أعجميان ألفهما كألف هاروت وما أشبهه، وعليه فالهمز قياس إنما هو على لغة من همز الألف، كقائم ووزنها فاعول اهـ.
وقاق الحافظ في الفتح هما اسمان أعجميان عند الأكثرين.
وقيل عربيان.
واختلف في اشتقاقهما.
فقيل من أجيج النار أي: التهابها.
وقيل من الإِياجة أي الاختلاط وشدة الحر.
وقيل من الأج أي: سرعة العدو.
وقيل: من الأجاج أي: الماء الشديد الملوحة وجميع ما ذكر من الاشتقاق مناسب لحالهم ( من كل حدب) بفتح أوليه المهملتين وبالموحدة النشر ( ينسلون) أي: مسرعين ( فيمر أولهم على بحيرة طبرية) بضم الموحدة وفتح المهملة وسكون التحتية مصغر بحرة وطبرية بفتح المهملة والموحدة اسم مكان بفارس ( فيشربون ما فيها ويمر آخرهم فيقولون لقد كان بهذه مرة) أي: في وقت ( ماء) واسم كان أخر لنكارته وقدم عليه خبره الظرفي المسوغ للابتداء به ( ويحصر) بضم التحتية وفتح المهملة الثانية من المحاصرة ( نبي الله عيسى وأصحابه) أي: يمنعون من يأجوج ومأجوج من النزول إلى الأرض حتى ( يكون رأس الثور لأحدهم) أي: عنده، وإنما ذكر رأس الثور ليقاس به البقية في ارتفاع القيمة وذهب بعضهم إلى أنه أراد برأس الثور نفسه أي: تبلغ قيمة الثور إلى ما فوق المائة لاحتياجهم إليه في الزراعة.
قال التوربشتي ولم يصب لأن رأس الثور قل ما يراد به عند الإِطلاق نفسه، بل يقال: رأس ثور أو رأس من الثور، ثم إن في الحديث أنهم محصورون، وما للمحصور والزراعة لا سيما على الطور اهـ.
( خيراً من مائة دينار لأحدكم اليوم) وذلك لقوة حاجتهم للطعام واضطرارهم إليه ( فيرغب نبي الله عيسى - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه إلى الله تعالى) أي: ابتهلوا وتضرعوا إليه وسألوه دفع أذى يأجوج ومأجوج وفي إهلاكهم ( فيرسل الله تعالى عليهم) أي: على يأجوح ومأجوج ( النغف) بضم النون وفتح الغين المعجمة وبالفاء دود يكون في أنوف الإِبل والغنم الواحدة نغفة ( في رقابهم فيصبحون فرسى) بفتح الفاء وسكون الراء وبالسين المهملة ( كموت نفس واحدة) أي: يموتون دفعة واحدة، قال التوربشتي: نبه بالكلمتين النغف وفرسى، على أنه تعالى يهلكهم في أدنى ساعة بأهون شيء وهو النغف.
فيفرسهم فرس السبع فريسته، بعد أن طارت نفرة البغي في رءُوسهم، فزعموا أنهم قاتلوا من في السماء ( ثم يهبط نبي الله عيسى - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه إلى الأرض) لذهاب المانع من النزول إليها قبل ( فلا يجدون في الأرض موضع شبر) مفعول به ليجد ( إلا ملأه زهمهم) بفتح الزاي والهاء ( ونتنهم) بالنون والفوقية أي: سهم رائحتهم الكريهة ( فيرغب نبي الله عيسى - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه إلى الله تعالى) أي: في دفع ذلك ( فيرسل الله طيراً كأعناق البخت) بضم الموحدة وسكون المعجمة وبالفوقية ( فتحملهم فتطرحهم حيث يشاء الله تعالى) من بر أو بحر ( ثم يرسل الله عز وجل مطراً) أي: عظيماً كما يدل عليه وصفه بقوله ( لا يكن) بكسر الكاف وتشديد النون ( منه بيت مدر) بفتح الميم والدال وهو الطين الصلب ( ولا وبر) بفتح الواو الموحدة أي: الخبأ ( فيغسل الأرض حتى يتركها كالزلقة) من النقاء واللين ( ثم يقال للأرض انبتي ثمرتك ودري بركتك) أي: البركة التي كانت فيك أولاً ( فيومئذ تأكل العصابة) بكسر المهملة الأولى ( من الرمانة) لكمال كبرها ( ويستظلون بقحفها) بكسر القاف وهو مقعر قشرها، شبهها بقحف الرأس وهو الذي فوق الدماغ، وقيل ما انفلق من جمجمته وانفصل قال السخاوي: في ختم سنن أبي داود ( ويبارك في الرسل) بكسر فسكون ( حتى أن اللقحة) بكسر اللام على الاسم وفتحها القريبة العهد بالولادة وجمعها لقح كبركة وبرك.
واللقوح ذات اللبن وجمعها لقاح ( من الابن) بكسر الألف والموحدة وبسكونها ( لتكفي الفئام من الناس واللقحة) الكائنة أو كائنة ( من البقر لتكفي القبيلة من الناس) هو فوق الفخذ عند علماء النسب ( واللقحة من الغنم لتكفي الفخذ) قال ابن فارس: هي بإسكان الخاء لا غير أما التي بمعنى العضو، فبفتح فكسر أو سكون أو بكسر فسكون أو فكسر اتباعاً، وهي لغات أربع جارية فيما كان على وزن علم، وعينه حرف حلق.
والفخذ تقدم أنهم الجماعة من الأقارب.
وهم دون البطن، والبطن دون القبيلة كما يأتي في كلامه ( من الناس فبينما هم كذلك إذ بعث الله ريحاً طيبة فتأخذهم تحت آباطهم فتقبض) بكسر الموحدة ( روح كل مؤمن وكل مسلم) قال المصنف: كذا في جميع نسخ مسلم، وكل بالواو وإسناد القبض إلى الريح مجاز من الإِسناد إلى السبب ( ويبقى شرار الناس يتهارجون) بالراء والجيم فيها ( تهارج الحمر) بضمتين أي: تجامع الرجال النساء علانية بحضرة الناس، كما تفعل الحمير، ولا يكترثون لذلك.
والهرج الجماع بكسر الراء يقال: هرج زوجته إذا جامعها، تهرجاً بتثليث حركة الراء ذكره المصنف ( فعليهم) وحدهم دون المؤمنين ( تقوم الساعة) أي: القيامة ( رواه مسلم) ورواه الأربعة قال التوربشتي: فإن قيل: أوليس في هذه الأشياء الخارقة للعادة التي وردت في هذا الحديث وغيره من أحاديث َالدجال وظهورها على يديه مضلة للعقول، ومدعاة إلى اتباع الباطل وإخلال بما أعطى الله أنبياءه من المعجزات؟ فالجواب: أن الملعون إنما ترك ذلك لأن في نفس القصة ما يدع المتصبر عن الالتفات إليها فضلاً عن قبولها، ثم أنه لا يدعي النبوة بل يدعي الربوبية وهذا مما لا مساغ له في العقول ولا موقع له في القلوب لقيام دلائل الحدوث في نفس المدعي، مع أنه لم يترك دعواه حتى ألزم النقص الذي لا ينفك، ولا يخفى على ناظر مكانه، وهو العور الذي به.
وإلى هذا المعنى أشار بقوله: ولكن أقولكم فيه قولاً لم يقله نبي لقومه أنه أعور الحديث.
وقال أيضاً فإن قيل: أوليس قد ثبت في أحاديث الدجال أنه يخرج بعد خروج المهدي وأن عيسى يقتله كما في آخر الحديث، وذلك دليل أنه لا يخرج وهو - صلى الله عليه وسلم - بين أظهرهم، بل ولا تراه القرون الأولى من هذه الأمة، فما الحكم في قوله إن يخرج وأنا فيكم؟ فالجواب: إنما سلك هذه المسالك من التورية لإِبقاء الخوف على المكلفين من فتنته، واللجأ إلى الله تعالى من شره، لينالوا الفضل من الله ويتحققوا بالشح على دينهم؟ اهـ.
( وقوله خلة بين الشام والعراق أي: طريقاً بينهما) تقدم ضبط خلة، والخلاف فيه وما ذكره المصنف ( وقوله عاث بالمهملة والمثلثة) تقدم أنه بصيغة الماضي، وحكي بصيغة اسم

رقم الحديث -366 باب ما يقوله ويفعله من ارتكب منهياً عنه محرماً كان أو مكروهاً ( قال الله تعالى: وإما) مركب من أن الشرطية، وأما المزيدة للتأكيد ( ينزغنك من الشيطان نزغ) أي: أفسدك من الشيطان فساد ( فاستعذ) أي تحصن من شره ( بالله وقال تعالى: إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف) لمة ووسوسة، من طاف به الخيال .