فهرس الكتاب

دليل الفالحـــين - باب استحباب تقديم اليمين في كل ما هو من باب التكريم

رقم الحديث -99 لكرامتها ( كالوضوء) فيقدم السليم اليمني من يديه ورجليه وغيره من نحو أقطع الأيمن مطلقاً من جبينه وخديه وطرفي رأسه وأذنيه ويديه ورجليه ( والغسل) فيقدم الجانب الأيمن المقبل منه والمدبر على الجانب الأيسر كذلك، بخلاف غسل الميت فيغسل منه الجانب المقبل ثم الأيسر كذلك، ثم يحرفه على جنبه الأيسر ويغسل الجانب المدبر، ثم يحرفه على جنبه الأيمن فيغسل الجانب الأيسر منه.
وفارق الحيّ الميت فيما ذكر بعسر غسل جانبي اليمين معاً بالنسبة للميت وسهولته في الحي ( والتيمم) وهو كالوضوء فيما سبق من التفصيل ( ولبس الثوب) فيدخل كمه الأيمن قبل الأيسر ( والنعل والخف والسراويل) فيدخل الرجل اليمنى قبل اليسرى، والسراويل قبل لفظ جمع لا واحد له، وقيل إنه جمع سراولة ( ودخول المسجد) فينزع الرجل اليسرى من النعل أوّلاً ويجعلها على ظهرها ثم اليمنى فيقدمها إلى المسجد ثم اليسرى ( والسواك) فيبدأ بجانب الفم الأيمن ويكون إمساك السواك باليد اليمنى ( والاكتحال) فيبدأ باليمنى ثلاثاً ثم باليسرى كذلك كما نص عليه ابن حجر الهيثمي في «الإمداد» ( وتقليم الأظفار وقص الشارب) الشعر النابت على الشفة العليا، سمى بذلك لأنه يلقي الماء حين الشرب ( وحلق الرأس) ظاهر عمومه ولو في غير نسك كما اعتاده الناس من حلقه مطلقاً فيسن البدء باليمين ( والسلام من الصلاة والأكل) فيأكل باليمين، وقيل إنه بها واجب لحديث راعي البرّ ( والشرب) وهو إدخال المائع إلى الجوف فيأخذ بيده اليمنى إن كان الشرب بها، أو يأخذ نحو الشربة بها ( ولمصافحة واستلام الحجر الأسود) افتعال، قيل من السلام بمعنى التحتية، وقيل من السلام بالكسر بمعنى الحجارة لما فيه من لمسها ( والخروج من الخلاء) أي المحل الذي أراد لقضاء الحاجة من خلاء أو قضاء ( والأخذ والعطاء) أي الإعطاء فيستحب كون كل من المناولة إعطاء وأخذاً باليمنى وظاهر عمومه ولو كان لاكراهة فيه ولا إهانة ( وغير ذلك) أي ما ذكر ( مما هو في معناه) من باب التكريم ( ويستحب تقديم اليسرى في ضد ذلك) أي المذكور مما هو من باب الإهانة لاستقذارها ( كالامتخاط والبصاق) بضم الباء وهو البزاق مصدر بزق من باب قعد والصاد إبدال منه كما في «المصباح» ( على اليسار) متعلق بمحذوف حال منها: أي كائنين من جهته، نعم إن كان بالروضة الشريفة النبوية، أو كان على يساره أحد فليفعل ذلك بين يديه ( ودخول الخلاء) أي المحل المراد لقضاء الحاجة ( والخروج من المسجد) فيخرج اليسرى منه ويضعها على ظهر النعل ثم اليمنى ويلبسها أولاً ثم يلبس اليسرى ( وخلع الخفّ والنعل والسراويل والثوب) وذلك لأن بقاء العضو في الثوب كرامة واليمنى أحق بها، وضده إهانة واليسرى أليق بها ( والاستنجاء) بالحجر أو الماء ( وفعل المستقذرات) كإزالة الأوساخ من نحو بدنه فلين باليسرى ( وأشباه ذلك) المذكور وسكت عما لا تكرمة فيه ولا إهانة كدخول المنزل.
وقد اختلف فيه فقيل إنه باليمنى نظراً لعدم وجود الإهانة المقتضية اليسرى.
وقيل باليسرى لفقدان التكريم المقتضي بها والراجح الأول.
( قال تعالى) : ( { فأما من أوتى كتابه بيمينه} ) وهم جمع المؤمنين ولو عاصياً كما ذكره جمع، وألف فيه السيد السمهودي مؤلفاً أودعه فتاويه، ولكن قال الحافظ ابن عطية في «تفسيره» : الظاهر أن ذلك يكون للعاصي بعد خروجه من النار، وفيه ندب تناول الكتاب لغيره من سائر المكرمات باليمين ( { فيقول هاؤم اقرءوا كتابيه} ) قال أبو حيان في «تفسيره النهر» : قال الكسائي: مكسور يقال هاء للرجل، والاثنين رجلين أو امرأتين هاؤما وللرجال هاؤم، وللمرأة هاء بهمزة بغير ياء، وللنساء هاؤن، ومعنى هاؤم خذوا، وهاؤم وإن كان مدلولها تعالوا فهي متعدية إليه بواسطة إلى وكتابيه يطلبه هاؤم واقرءوا، والبصريون يعملون اقرءوا والكوفيون يعملون هاؤم.
وفي الآية دليل على جواز التنازع بين الفعل والإسم اهـ.
وقوله ( الآيات) يجوز قراءته بالرفع والنصب وبالخفض كما تقدم توجيهه، وباقي الآيات لا تعلق لها بموضوع الباب وإنما فيها ثناء على الآخذين الكتب باليمين.
( وقال تعالى) : ( { فأصحاب الميمنة} ) هم الذين عن يمين العرش أو كانوا عن يمين آدم عند إخراج ذريته من ظهوره أو الذين يؤتون كتبهم بأيمانهم أو أصحاب المنزلة السنية أو أصحاب اليمين ( { ما أصحاب الميمنة} ) أي ما أسعدهم وأعظم ما يجازون به ( وأصحاب المشأمة) يقابل الميمنة بالمعاني ( ما أصحاب المشأمة) أي ما أشقاهم وأشد عذابهم.


رقم الحديث 721 ( وعن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله يعجبه التيمن) أي استعمال اليمين ( في شأنه) أي في حاله المهتم به شرعاً ( كله) وأبدل من شأنه يإعادة العامل قوله ( في طهوره) بدل بعض من كل، وهو بضم الطاء المهملة: استعمال الماء للتطهر وبفتحها الماء المتطهر به فيكون على تقدير مضاف وتقدم بيان التيمن المطلوب فيه ( وترجله) بتشديد الجيم: أي تسريحه شعر رأسه ( وتنعله) أي إدخاله رجليه في النعل، وقيس بما في الخبر كل ما كان من باب التكريم فاستحبّ كونه باليمين، وأخذ من مفهومه ومن منطوق حديثها استحباب كون اليسرى لما كان من باب الإهانة ( متفق عليه) .


رقم الحديث 722 ( وعنها قالت: كان يد رسول الله) كذا في الأصول بحدف تاء التأنيث لأن تأنيث اليد مجازى ( اليمنى لطهوره) بالضم، ويجوز الفتح على تقدير مضاف ( وطعامه) أي تناوله( وكانت) أثبتت التاء تفنناً في التعبير لفصاحتها ( يده اليسرى لخلائه) أي لما فيه من استنجاء وتناول أحجار وإزالة أقذار ( وما كان من أذى) بالتنوين كتنحية نحو بصاق ومخاط ومنه تنحية نحو قمل ( حديث صحيح رواه أبو داود) في «سننه» ( بإسناد صحيح) .


رقم الحديث 723 ( وعن أم عطية) بفتح المهملة الأولى وكسر الثانية اسمها نسيبة بالتصغير، ويقال بالتكبير بنت كعب، وقيل بنت الحارث مدنية ثم سكنت البصرة، وكانت تغسل الميتات في عهد رسول الله ويشاركها في النسب أم عمارة نسيبة بنت كعب الأنصارية، وليس لأم عمارة حديث في الصحيحن.
وروي لأم عطية عن النبيّ أربعون حديثاً أخرج منها في الصحيحين تسعة أحاديث، اتفقا على سبعة، وانفرد البخاري بحديث، ومسلم بآخر، وخرّج عنها الأربعة، وروى عنها محمد وحفصة ابنا سيرين وعبد الملك بن عمير.
ووقع في صحيح البخاري ما يوهم أن نسيبة غير أم عطية، وقد بين البخاري عقب ذلك الحديث أنها هي ( رضي الله عنها أن النبيّ قال لهن في غسل ابنته زينب) وقيل أم كلثوم ( رضي الله عنها ابدأن) بصيغة أمر خطاب جماعة النسوة والخطاب لأم عطية ومن معها من الغاسلات والمعينات عليه بنحو الصبّ والأمر للندب ( بميامنها) جمع ميمنة، ففيه استحباب التيامن في غسل الميت كاستحبابه في غسل الحيّ وسبق كيفية ذلك فيهما ( ومواضع الوضوء منها) لشرف أعضاء الوضوء على باقي البدن ( متفق عليه) وهو قطعة من حديث طويل.


رقم الحديث 724 ( وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله قال: إذا انتعل أحدكم) أي أراد أحدكم يا معشر الأمة الانتعال ومثله إرادة لبس الخف كما تقدم ( فليبدأ باليمين) في إدخال النعل لأنه كرامة وهي أحق بها ( وإذا نزع) أي أراد النزع لها ( فليبدأ بالشمال) لأن بقاءالرجل في النعل كرامة وتقدم أنها أحق بها ( لتكن) الرجل ( اليمنى أولهما) بالنصب ظرف لقوله ( تنعل) بالفوقية خبر تكون ( وآخرهما) بالنصب ظرف لقوله ( تنزع) ففيه عطف على معمولي عاملين مختلفين وهو جائز اتفاقاً فالخبر على الخبر والظرف على الظرف، وجملة لتكن الخ كالتأكيد لما قبلها أو إجمال له ( متفق عليه) كذا في النسخ من الرياض، والذي في «الجامع الصغير» الاقتصار على رمز مسلم دون البخاري وزاد فيه أنه أخرجه أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه اهـ.
ثم رأيت البخاري أورده كما قال المصنف في كتاب اللباس من «صحيحه» ، ولعل سقوط رمز البخاري من «الجامع الصغير» إن لم يكن من الكتبة غفل حال الكتابة عن كونه فيه، ولا عيب على الإنسان في النسيان.


رقم الحديث 725 ( وعن حفصة) أم المؤمنين واستغنى عن ذلك بقوله ( رضي الله عنها) فليس في الصحابيات من يسمى بذلك غيرها وهي بنت عمر بن الخطاب العدوية، أمها وأم أخيها عبد الله زينب بنت مظعون أخت عثمان بن مظعون، وكانت حفصة من المهاجرات وكانت كما تقدم قبل النبي عند خنيس بن حذافة السهمي، وكان حفصة من المهاجرات وكانت كما تقدم قبل النبي عند خنيس بن حذافة السهمي، وكان ممن شهد بدراً وتوفي بالمدينة، وتزوّجها النبيّ عند أكثر العلماء سنة اثنتين من الهجرة بعد عائشة وطلقها ثم راجعها بأمر جبريل له بذلك وقال له إنها صوّامة قوّامة وإنها زوجك في الجنة توفيت حين بايع الحسن معاوية سنة إحدى وأربعين، وقيل خمس وأربعين، وقيل غير ذلك اهـ ملخصاً من «أسد الغابة» .
( أن رسول الله كان يجعل يمينه لطعامه وشرابه) فيوصل بها الطعام والشراب إلى فيه ( وثيابه) فيدخل اليد اليمنى في القميص والرجل اليمنى في السروال قبل اليسرى ( ويجعل اليسرى لما سوى ذلك) أي سوى ما ذكر وما في معناه من كل ما هو من باب التكريم فيقتضي التياسر فيما لا كرامة له ولا إهانة، أو ما في معناه مما لا إهانة فيه فيخص التياسر بما فيه الإهانة، ويقرب هذا حديث عائشة السابق «وكانت اليسرى لخلائه وما كان من أذى» ( رواه أبو داود وغيره) والترمذي بإسناد صحيح رواه في «الجامع الصغير»عنها بلفظ «كان يجعل يمينه لأكله وشربه ووضوئه وثيابه وأخذه وعطائه وشماله لما سوى ذلك» وقال رواه أحمد.


رقم الحديث 726 ( وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله قال: إذا لبستم) أي أردتم اللبس ( وإذا توضأتم) أي أردتم أعماله ( فابدءوا بأيامنكم) جمع أيمن وهو خلاف الأيسر فيدخل الجانب الأيمن في نحو القميص قبل الأيسر ويقدم اليمنى من يديه ورجليه في الوضوء وغير السليم يتيامن في جميع أعمال الوضوء كما تقدم ( حديث صحيح رواه أبو داود والترمذي بإسناد صحيح) ورواه ابن حبان كما في «الجامع الصغير» .


رقم الحديث 727 ( وعن أنس أن رسول الله أتى منى) بالصرف وتركه باعتبار البقعة والمكان ( فأتى الجمرة) والمعهودة هي جمرة العقبة: أي من غير تراخ عند وصوله إلى منى ( فرماها، ثم أتى منزله بمنى) وهو ما بين مسجد الخيف ومحل النحر المشهور، وإلى الأول أقرب من يمين الصاعد إلى عرفة ( ثم قال للحلاق) واسمه معمر بن عبد الله العدوي، وقيل أقرب من يمين الصاعد إلى عرفة وقيل خراس بن أمية الكلبى ( خذ) أي الرأس لحلقه ( وأشار إلى جانبه) أي جانب الرأس ( الأيمن) ففيه البدء بيمين المحلوق وهو شق رأسه وعليه الجمهور، وقيل بيمين الحالق وهو شق رأس المحلوق الأيسر وعليه أبو حنيفة ( ثم الأيسر ثم جعل) أي النبي، والإسناد إليه مجازي لما يأتي في الحديث بعد أن ذلك من فعل أبي طلحة ( يعطيه) أي بعضه لما يأتي فيه أيضاً ( الناس) ليكون بركة باقية بين أظهرهم وليذكروه كلما رأوا ذلك فإنه أشار لهم في هذه الحجة مراراً إلى قرب أجله بقوله «لعلكم لا تلقوني بعد عامكم هذا» وباقتصاره على نحر ثلاث وستين ناقة من بدنه، وقد أدركت شعرة تزار، اتفق الخلق من السلف على أنها من شعره، وقد فقدت لما سرق بيت صاحبها ( متفق عليه) واللفظ لمسلم، ورواه أبو داودوالترمذي والنسائي ذكره المزي.
( وفي رواية) عند مسلم ( لما رمى جمرة العقبة ونحر نسكه) بضمتين ويجوز إسكان الثاني: أي هديه الذي ساقه معه ( وحلق) أي بعد نحره ( ناول الحلاق شقه الأيمن فحلقه، ثم دعا أبا طلحة الأنصاري) واسمه زيد بن سهل زوج أم أنس بن مالك ( وأعطاه إياه) لأنه كان له مزيد خصوصية ومحبة به وبأهله ليست لغيرهم من الأنصار ولا لكثير من المهاجرين.
ولذا خصه بدفنه لبنته أم كلثوم وزوجها عثمان حاضر، ولذا خصه الصحابة بأنه الذي حفر القبر الشريف وألحد فيه النبي وبنى فيه اللبن ( ثم) أي بعد أن ناول أبا طلحة ( ناوله) أي الحلاق ( الأيسر، فقال احلق، فحلقه فأعطاه أبا طلحة، فقال اقسمه بين الناس) لكن في رواية لمسلم أن الشعر الذي قسمه بين الناس شعر رأسه الأيمن وأن الذي أعطاه أبا طلحة شعر شق الرأس الأيسر، وقد أشار إلى ذلك الآتي في «شرح مسلم» فقال: إعطاؤه لأبي طلحة ليس مخالفاً لقوله فرّقه بين الناس لاحتمال أن يكون إعطاؤه له ليفرقه بينهم، وينبغي النظر في اختلاف الرواية في الجانب الأيسر ففي الأولى أنه فرقه كالأيمن وفي الثنية أنه أعطاه أم سليم وهي امرأة أبي طلحة والجمع بين الروايات.
والله أعلم.
- كتاب أدب الطعام المراد منه ما يقابل الشراب، وإلا فيطلق لغة على كل ما يساغ فيدخل فيه الشراب كما في «المصباح» .
( وفي رواية) عند مسلم ( لما رمى جمرة العقبة ونحر نسكه) بضمتين ويجوز إسكان الثاني: أي هديه الذي ساقه معه ( وحلق) أي بعد نحره ( ناول الحلاق شقه الأيمن فحلقه، ثم دعا أبا طلحة الأنصاري) واسمه زيد بن سهل زوج أم أنس بن مالك ( وأعطاه إياه) لأنه كان له مزيد خصوصية ومحبة به وبأهله ليست لغيرهم من الأنصار ولا لكثير من المهاجرين.
ولذا خصه بدفنه لبنته أم كلثوم وزوجها عثمان حاضر، ولذا خصه الصحابة بأنه الذي حفر القبر الشريف وألحد فيه النبي وبنى فيه اللبن ( ثم) أي بعد أن ناول أبا طلحة ( ناوله) أي الحلاق ( الأيسر، فقال احلق، فحلقه فأعطاه أبا طلحة، فقال اقسمه بين الناس) لكن في رواية لمسلم أن الشعر الذي قسمه بين الناس شعر رأسه الأيمن وأن الذي أعطاه أبا طلحة شعر شق الرأس الأيسر، وقد أشار إلى ذلك الآتي في «شرح مسلم» فقال: إعطاؤه لأبي طلحة ليس مخالفاً لقوله فرّقه بين الناس لاحتمال أن يكون إعطاؤه له ليفرقه بينهم، وينبغي النظر في اختلاف الرواية في الجانب الأيسر ففي الأولى أنه فرقه كالأيمن وفي الثنية أنه أعطاه أم سليم وهي امرأة أبي طلحة والجمع بين الروايات.
والله أعلم.
2 - كتاب أدب الطعام المراد منه ما يقابل الشراب، وإلا فيطلق لغة على كل ما يساغ فيدخل فيه الشراب كما في «المصباح» .
1