فهرس الكتاب

دليل الفالحـــين - باب بيان أنَّ السنة إِذَا قيل للمستأذن: من أنت؟ أن يقول: فلان فيسمي نفسه بما يعرف به من اسم أَوْ كنية وكراهة قوله"أنا"ونحوها

رقم الحديث -141 أي إذا سأله من في داخل المنزل ( من أنت أن يقول فلان) كناية عن علم من يجهل قبل من ذوي العقول وقيل أعم.
قال في «القاموس» : فلان وفلانة مضمومتين كناية عن أسمائنا وبأل عن غيرنا انتهى: يعني إذا أردت الكناية عن البشر تقول الفلان، وفيه نظر أشار إليه في «التهذيب» وصوب أنه يطلق بغير أن على غير البشر أيضاً، وظاهر شرح التسهيل أن فلاناً يكون كناية عن علم كل مذكر ذي علم أنسيا كان أو جنباً، وعن علم كل ملك لقوله أولاً عند شرحه قول المصنف ومسميات الأعلام أولو العلم وما يحتاج إلى تعيينه الخ قوله أولو العلم يشمل الملائكة وأشخاص الإنس والجن القبائل، وثانياً بعد الأول بقليل في شرح قوله وكنوا بفلان وفلانة نحو زيد وهند: أي من أعلام أولي العلم ففلان كناية عن علم مذكر من ذوي العقل وفلانة كناية عن علم يؤنث من ذوات العقل ( فيسمي نفسه بما يعرف به من اسم أوكنية) أو لقب أو نسبة أو وصف كالأمير أو القاضي قاصداً به التعريف لا التشريف ( وكراهة قوله أنا ونحوها) كنحن أو إنسان أو شخص لعدم حصول غرض السائل بذلك.


رقم الحديث 874 ( عن أنس رضي الله عنه في حديثه المشهور عنه في الإسراء) بالنبي وهو مروي عنه من طريق بينها السيوطي في «الخصائص الكبرى» وتلميذه الشامي في تخريج أحاديث الإسراء والمعراج ( قال) أي أنس ( قال رسول الله ثم) أي بعد تمام الصلاة بالأنبياء في المسجد الأقصى ( صعد) بفتح العين المهملة وكسرها كما في «المصباح» لغة قليلة ( بي جبريل إلى السماء الدنيا فاستفتح) أي طلب من الملك الموكل بها واسمه إسماعيل الفتح، وذلك لأنه وجد باب السماء مغلقاً، وإنما لم يفتح له قيل مجيئه ليظهر غاية الظهور أن فتحها إنما هو لكرامة المصطفى ولا يتوهم أن ذلك عادة فيها ( فقيل) حذف الفاعل لعدم العلم بعين السائل أكبير الحفظة أم خدمته ( من هذا؟ قال جبريل) فسمى نفسه باسمه المعروف، قال بعضهم: لم نقف على من سمى بهذا الاسم من الملائكةغيره ( قيل ومن معك) لعل السؤال لأنهم لم يعتادوا منه الاستفتاح حال صعوده وهبوطه بالأمور الموكل فيها، فأخذوا من استفتاحه أن معه من يطلب الفتح لأجله، أو لأن السماء شفافة يرى ما وراءها، ويؤيده أنهم قالوا ومن معك؟ دون أمعك أحد ( قال محمد) ذكره باسمه الأعرف له ( ثم صعد إلى السماء الثانية والثالثة والرابعة) الأحسن ثم الثالثة ثم الرابعة، لكن لما كان ما أراد المصنف من سياق الحديث من الدلائل على تسمية المستأذن حاصلاً بأي عاطف كان استعار الواو مكان ثم ( وسائرهن) أي باقيهن، قال الأزهري: اتفق أهل اللغة أن سائر الشيء باقيه قليلاً كان أو كثيراً.
وقال الصغاني: سائر الناس باقيهم لا جميعهم كما زعم من قصر في اللغة باعه وجعله بمعنى الجميع من لحن العوام كذا في «المصباح» ، ولكن ذكر المصنف في «التهذيب» عن جميع منهم أبو منصور الجواليقي أنه يأتي بمعنى الجميع أيضاً وليس من لحن العوام ( ويقال في باب كل سماء) عند استفتاح جبريل له ( من هذا؟ فيقول جبريل) إن قلت كيف استدل بفعل الملك وليس مكلفاً بفروع شريعتنا، وإن قلنا بعموم بعثة نبيانا محمد إلى الملائكة بل هم على ذلك مكلفون بالإيمان به فقط.
قلنا: الاستدلال من حكايته وتقريره عليه ( متفق عليه) .


رقم الحديث 875 ( وعن أبي ذر رضي الله عنه قال: خرجت ليلة من الليالي فإذا) فجائية ( رسول الله يمشي وحده) أي منفرداً عن الغير والجملة الفعلية خبر المبتدأ.
ويجوز كونها حالاً والخبر محذوف، والجملة الإسمية في محل جرّ على أنها مضاف إليها فجعلت أمشي في ظل القمر وذلك ليخفي على النبي مكانه، لأنه فهم أن النبي حينئذ مراد بالانفراد، ورؤيته لأبي ذرّ يفوت بها ذلك فلذا أخفى سواده في سواد ظل القمر ( فالتفت فرآني فقال: من هذا) لعل سؤاله عنه خشية أن يكون من المنافقين وأعداء الدين ( فقلت أبو ذرّ) أجاب بما اشتهر به من كنيته وعدل عن اسمه لأنه بها أعرف منه به ( متفق عليه) أخرجه البخاري في الاستقراض والاستئذان وغيرهما ومسلم في الزكاة، ورواه أيضاً الترمذي في الإيمان وقال: حسن صحيح والنسائي في اليوم والليلة.


رقم الحديث 876 ( وعن أم هانىء) بنت أبي طالب ( رضي الله عنها قالت: أتيت النبي وهو يغتسل وفاطمة تستره فقال) أي بعد أن سلمت كما تقدم في باب سلام الرجل على زوجته بزيادة فسلمت ( من هذه) أي التي بدأت السلام ( فقلت: أم هانىء) أتت بكنيتها لما تقدم في الذي قبلها.
ووجه الدلالة من هذين تقرير المصطفى لهما على ما أجابا به، إذا لو كان يطلب في الإجابة خلاف ما أتيا به لبينه كما بين لمن أخطأ سنة ما يقال في الاستئذان ما يقال فيه ( متفق عليه) .


رقم الحديث 877 ( وعن جابر رضي الله عنه قال: أتيت النبي) زاد الترمذي في «جامعه» «في دين كان على أبي» ( فدققت الباب) وفي نسخة بزيادة الباء في المفعول به وهو مما يقوم مقام لفظ الاستئذان، إذ لو لم يقم مقامه لأنكر عليه تركه كما أنكر عليه ما حكاه بقوله ( فقال من ذا) أي المستأذن ( فقلت أنا، فقال أنا أنا) على وجه الإنكار كما قال ( كأنه كرهها) وعندالترمذي كأنه كره ذلك، وذلك لأن قصد من بالداخل معرفة عين المستأذن، ولا يحصل ذلك بقوله أنا لأن الأصوات متشابهة ولا تعيين في اللفظ فلذا أنكره، وأما الإتيان بلفظ أنا فلا كراهة فيه قال تعالى: { أنا الله لا إله إلا أنا} ( طه: 12) وقال «أنا سيد ولد آدم» في أحاديث آخر، وكراهة بعض لها بأن كلاً من إبليس وفرعون قال أنا فكان له ما كان، يرد بأن ما أصابهما إنما أصابهما لسوء ما وقع منهما لا لهذه الكلمة والله أعلم ( متفق عليه) .
142