فهرس الكتاب

دليل الفالحـــين - باب استحباب المصافحةِ عندَ اللقاء وبشاشةِ الوجهِ وتقبيل يد الرجل الصالح وتقبيل ولده شفقة ومعانقة القادم من سفر وكراهية الانحناء.

رقم الحديث -143 قال السيوطي: هي مفاعلة من الصفحة والمراد بها الإفضاء بصفحة اليد إلى صفحة اليد قال الكرماني: وهو مما يؤكد المحبة ( وبشاشة الوجه) قال في «النهاية» : بشاشة اللقاء الفرح بالمرئى والانبساط إليه والأنس به ( عند اللقاء) ظرف تنازعه كل من المصدرين المذكورين قبله ( وتقبيل يد الرجل الصالح) إعظاماً له لصلاحه لا لأمر دنيوي قام به ( وتقبيل ولده) ولو كبيراً ( شفقة) مفعول له والشفقة هي الحنو والعطف ( ومعانقة القادم من سفر) أي ما لم يكن أمرد جميلاً غير محرم له ( وكراهة الانحناء) أي ثنى الرجل قامته عند اللقاء.


رقم الحديث 885 ( وعن أبي الخطاب قتادة) هو ابن دعامة السدوسي أبو الخطاب البصري ( قال: قلت لأنس: أكانت المصافحة في أصحاب النبي) الظرف مستقر: أي كانت موجودة فيما بينهم أي وذلك معيار كونها مشروعة لأن الاجتماع السكوتي حجة ( قال نعم.
رواه البخاري)
في الاستئذان.


رقم الحديث 886 ( وعن أنس رضي الله عنه قال: لما جاء أهل اليمن) لعلهم أصحاب أبي موسى الأشعري ( قال رسول الله: قد) للتخفيف ( جاء أهل اليمن وهم أول من جاء بالمصافحة.
رواه أبو داود بإسناد صحيح)
وأخرجه البخاري في «الأدب المفرد» أيضا لكن قال: أول من أظهر المصافحة، ورواه ابن وهب في «جامعه» .


رقم الحديث 887 ( وعن البراء رضي الله عنه قال: قال رسول الله: ما) يحتمل كونها حجازية دخلت من المزيدة تأكيداً على اسمها ويحتمل كونها تميمية، وعلى كل فالجملة الفعلية خبر ( من مسلمين يلتقيان فيتصافحان) أي عقب الملاقاة من غير توان كما تومىء إليه الفاء ( إلا غفر) بالبناء لما لم يسم فاعله ونائب فاعله قوله ( لهما) والذي يكفر بالأعمال الصالحة صغائر الذنوب المتعلقة بحق الله سبحانه ( قبل أن يتفرقا) ففيه تأكيد أمر المصافحة والحث عليها، نعم يستثنى من عموم الأمر بالمصافحة المرأة الأجنبية والأمرد الحسن ( رواه أبو داود) في الأدب، ورواه أيضاً أحمد والترمذي وصححه وابن ماجه والضياء كذا في «الجامع الصغير» ، زاد في «الجامع الكبير» قال الترمذي: حسن غريب، وفي «الجامع الكبير» من حديث أنس مرفوعاً «ما من مسلمين التقيا فأخذ أحدهما بيد صاحبه إلا كان حقاً على الله عز وجل أن يحضر دعاءهما ولا يفرق أيديهما حتى يغفر لهما» الحديث، وقال: أخرجه أحمد وأبو داود.


رقم الحديث 888 ( وعن أنس رضي الله عنه قال: قال رجل) لم أفق على من سماه ( يا رسول الله الرجل منا يلقي أخاه) أي من المؤمنين ( أو صديقه) أي من الأقرباء والمعارف ( أينحني له؟ قال لا) ومن البدع المحرمة الانحناء عند اللقاء بهيئة الركوع، قال ابن الصلاح: يحرم السجود بين يدي المخلوق على وجه التعظيم وإن قصد بسجوده الله تعالى، وما ذكره الله تعالى من قوله في أخوة يوسف وخروا له سجداً فذلك شرع من قبلنا وهو ليس بشرع لنا إلا إن جاء تقريره في شرعنا فيعمل بذلك التقرير ( قال) أي الرجل ( أفيلتزمه ويقبله) أي أيترك ما ذكر من الانحناء فيلتزمه بالمعانقة ويقبله في بدنه ( قال لا) أي لا يشرع ذلك، نعم تشرع المعانقة عند ملاقاة غائب من سفر ما لم يكن امرأة أجنبية أو أمرد جميلاً ( قال) أي الرجل ( فيأخذ بيده) حذفت همزة الاستفهام لدلالة وجودها في قرينة عليها: أي أيترك ما ذكر من الانحناء والالتزام والتقبيل فيأخذ بيده، ومفعول يأخذ محذوف: أي يده بيده ( ويصافحه) أي يقضي بصفحة يده إلى صفحة يد صاحبه ( قال نعم رواه الترمذي وقال حديث حسن) .


رقم الحديث 889 ( وعن صفوان) بفتح المهملة وسكون الفاء ( انب عسال بفتح المهملة الأولى وتشددي الثانية قال في أسد الغابة: هو من بني الريض بن زاهر بن عامر بن عوثبان بن مراد رضي الله عنه) سكن الكوفة وغزى مع النبي اثنتي عشرة غزوة، روى عنه ابن مسعود وزر بن حبيش في آخرين اهـ.
وتقدمت ترجمته في باب التوبة ( قال: قال يهودي) لم أقف على من سماه ( لصاحبه) أي ليهودي آخر ( ذهب بنا إلى هذا النبي) أي ليتبينوا بعض معجزاته الدالة على نبوته ورسالته ( فأتيا رسول الله) بقصد السؤال له ولذا قال ( فسألاه عن تسع آيات بينات) قال الطيبي: كان عند اليهود عشر كلمات تسع منها مشتركة بينهم وبين المسلمين وواحدة مختصة بهم، فسألوا عن التسع المشتركة وأضمروا ما كان مختصاً بهم، فأجابهم النبي عما سألوه وعما أضمروه ليكون أدلّ على معجزاته ( فذكره) أي الحديث ولفظه عند الترمذي «فقال لهم لا تشركوا بالله شيئاً، ولا تسرقوا، ولا تزنوا، ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق، ولا تمشوا ببرىء إلى ذي سلطان ليقتله، ولا تسحروا، ولا تأكلوا الربا، ولا تقذفوا محصنة، ولا تولوا الفرار يوم الزحف، وعليكم خاصة أيها اليهود ألا تعدوا في السبت» ( إلى قوله) متعلق بمحذوف: أي وانتهى في ذكره إلى قوله ( فقبلوا) أي اليهود والحاضرون مع السائلين ( يده ورجله) كذا في نسخ «الرياض» بأفراد كل من «يده ورجليه» ووقفت عليه في أصل مصحح من الترمذي بتثنيتهما والله أعلم ( رواه الترمذي) في الاستئذان والتفسير من «جامعه» ( وغيره) فرواه النسائي في السير والمحاربة في «سننه» ، ورواه ابن ماجه في الأدب ( بأسانيد صحيحة) فرواه الترمذي فيالاستئذان عن أبي كريب عن ابن إدريس وأبي أسامة، وفي التفسير عن محمود بن غيلان عن أبي داود ويزيد بن هرون وأبي الوليد خمستهم عن شعبة عن عمرو بن مرة عن عبد الله بن سلمة عن صفوان، وقال الترمذي: حسن صحيح.
ورواه النسائي عن كريب وأبي قمامة كلاهما عن ابن إدريس به، وأعاده في المحاربة عن أبي كريب، ورواه ابن ماجه في الأدب عن أبي بكر بن أبي شيبة عن ابن إدريس وغندر وأبي أسامة ثلاثتهم عن شعبة، وبه يعلم أن مراد المصنف من تعدد الأسانيد باعتبار مبتداه لا باعتبار منتهاه والله أعلم.


رقم الحديث 890 ( وعن ابن عمر رضي الله عنهما قصة) بالنصب على الحكاية، أن في أبي داود عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال «إن ابن عمر حدثه وذكر قصة» وتلك القصة رواها أبو داود في أواخر كتاب الجهاد فقال عن أبي ليلى أن ابن عمر حدثه «أنه كان في سرية من سرايا رسول الله، قال: فحاص الناس حيصة فكنت ممن حاص، فلما برزنا قلنا: كيف نصنع وقد فررنا من الزحف وبؤنا بالغضب؟ فقلنا لدخل المدينة فننسل منها لذهب فلا يرانا أحد، قال: قال فدخلنا فقلنا لو عرضنا أنفسنا على رسول الله فإذا كانت لنا توبة أقمنا وإن كان غير ذلك ذهبنا، قال: فجلسنا لرسول الله قبل صلاة الفجر، فلما خرج قمنا إليه فقلنا: نحن الفارّون، فأقبل إلينا فقال: بل أنتم الكارّون» وباقيه ما ذكره المصنف بقوله ( قال) أي ابن عمر ( فيها فدنونا من النبي فقلبنا يده) فقال: إنا فئة المسلمين ( رواه أبو داود) مختصراً في كتاب الأدب كما ذكره المصنف ومطولاً في الجهاد، ورواه الترمذي في الجهاد بمعناه وقال: حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث يزيد، ورواه ابن ماجه في الادب بلفظ قبلنا يد النبي.


رقم الحديث 891 ( وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قدم زيد بن حارثة المدينة ورسول الله في بيتي) جملة حالية رابطها الواو ( فأتاه) الضمير المستكن لزيد والبارز لرسول الله: أيقصد زيد النبي، ففيه استحباب قصد القادم أول قدومه من يتبرك به ( فقرع الباب) فيه الاستئذان بغير اللفظ، وقد عقد له أبو داود في «سننه» باباً فقال باب الاستئذان بالفرع ( فقام إليه النبي) أي بعد أن علمه بالوحي أو بالإلهام أو بالفراسة الصادقة وجملة ( بحر ثوبه) في محل الحال، والمراد الإشارة إلى مزيد الإسراع كما جرت به عادة المحب إذا شعر بوصول من يحب فلم يصبر إلى أن يضع نوبه موضعه من بدنه بل خرج به يجره ( فاعتنقه وقبله) فيسن فعل ذلك مع القادم إلا إن كان ممن يخشى من فعل ذلك معه الفتنة كالأجنبي من امرأة وأمرد جميل ( رواه الترمذي) في الإستئذان ( وقال: حديث حسن) .


رقم الحديث 892 ( وعن أبي ذر رضي الله عنه قال: قال لي رسول الله: لا تحقرن) بصيغة خطاب الواحد، وهو إن كان كذلك إلا أن الحكم شامل له ولجميع الأمة لقوله «حكمي على الواحد من أمتي حكمي على الجماعة» أو كما قال: ومحل ذلك ما لم يقم دليل التخصيص وإلا كإجزاء عناق المعز لأبي بردة في الأضحية وإباحة النياحة لأم عطية فلا يتعدى محله ( من المعروف شيئاً) وإن قل ( ولو أن تلقى أخاك بوجه طليق) أن ومنصوبها في محل الفاعل لفعل محذوف على الراجح: أي ولو كان: أي وجد لقاؤك أخاك بوجه طليق، والواو الداخلة على الجملة الوصلية جرى البيضاوي وغيره أنها واو الحال والجملة بعدها منصوبة على ذلك، وقيل عاطفة على مقدر، والحديث سبق مع شرحه في باب استحباب طيب الكلام وطلاقة الوجه وغيره ( رواه مسلم) .


رقم الحديث 893 ( وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قبل النبي الحسن بن علي) ففيه استحبابتقبيل الأطفال شفقة ورحمة ( فقال الأقرع بن حابس) بالمهملة وبعد الألف موحدة التميمي ( إن لي عشراً) كذا في الأصل بحذف الهاء ولعله لتأويل الولد بالنفس ( من الولد) بفتحتين قال في «المصباح» : هو كل ما ولده شيء يطلق على الذكر والأنثى والمثنى والمجموع فعل بمعنى مفعول وهو مذكر وجمعه، أولاد الولد وزان وقيل لغة فيه، وقيس تجعل المضموم جمعاً للمفتوح كأسد جمع أُسد اهـ ( ما قبلت منهم أحداً) وذلك لجفاء الأعراب وسكان البوادي وفي الحديث «من بدا فقد جفا» ( فقال النبي: من لا يرحم) بالبناء للفاعل وحذف المفعول للتعميم ( لا يرحم) بالبناء للمفعول: أي إن انتفاء ذلك دليل على قسوة القلب وفقد الرحمة منه للخلق، ومن انتفت منه رفعت عنه والجزاء من جنس العمل ( متفق عليه) وقد سبق الحديث في باب تعظيم حرمات المسلمين وبيان حقوقهم والشفقة والرحمة لهم.
- كتاب عيادة المريض أي زيارته وهو واوي يقال عدت المريض: أي زرته فأنا عائد وجمعه عواد، وقلبت الواو ياء في المصدر لانكسار ما قبلها فهو كصيام وقيام مصدر صام وقام.
وفي «الدر المنثور» للسيوطي: العيادة الزيارة واشتهر في عيادة المريض حتى صار كأنه مختص به ( وتشييع) بالمعجمة الساكنة وتحتيتين الأولى مكسورة: أي اتباع ( الميت) بالسير مع جنازته إكراماً له وتوديعاً كتشييع الضيف.
وفي «القاموس» : مات يموت ويمات ويميت فهو ميت وميت ضد حيّ أو الميت مخففة الذي مات، والميت والمائت الذي لم يمت بعد، جمعه أموات وموتى وميتون وميتون اهـ.
وقد جرى على الثاني بعض الفضلاء حيث قال: تسائلني تفسير ميت وميت فهاك صحيح القول إن كنت تعقل فمن كان ذا روح ذلك ميت وما الميت إلا من إلى القبر ينقل ( والصلاة عليه) وإطلاق الصلاة عليها استعارة مصرحة، أو من إطلاق المشترك وإلا فالصلاة بالمعنى الشرعي المعروف وهو أقوال وأفعال مبدوءة بالتكبير مختتمة بالتسليم غير منطبق عليها لفقد الأفعال فيها ( وحضور دفنه والمكث) بتثليث ميمه ذكره الفيروز أبادي في مثلته: أي اللبث ( عند قبره) قال في «القاموس» : القبر المدفن وجمعه قبور والمقبرة مثلثة الباء وكمكنسة موضعها يقال قبره ويقبره ويقبره دفنه وأقبره: جعل له قبراً ( بعد دفنه) أي ليسألوا له التثبيت في إجابة السؤال.