فهرس الكتاب

دليل الفالحـــين - باب مَا يُدعى به للمريض

رقم الحديث 901 ( عن عائشة رضي الله عنه أن النبي كان إذا اشتكى) من باب الافتعال من الشكاية والتاء للمبالغة ( الإنسان الشيء منه) من عضو ألم به ( أو كانت قرحة) بفتح القاف من القرح وهو الجرح، فقوله ( أو جرح) الظاهر أنه شك من الراوي هل قالت قرحة أو جرح ( قال النبي بأصبعه) فيه إطلاق القول على الفعل ( هكذا) وبين كيفية المشار إليه بقوله ( ووضع سفيان) بتثليث السين من أتباع التابعين ( ابن عيينة) بضم المهملة وكسرها ( الراوي) أي لهذا الحديث ( سبابته) بتشديد الموحدة الأولى وتخفيف الثانية بعدها فوقية وهي السبحة أي الأصبع التي تلي الإبهام، سميت بذلك لأنها تستعمل حال التسبيح، وسبابة لأنها بها يشار إلى الإنسان حال سبه ( بالأرض) متعلق بوضع ( ثم رفعها) إن كانت ثم على موضوعها من المهملة ففيه إيماء إلى طلب إطالة بقاء الأصبع بالأرض والله أعلم بسر ذلك وإلا فهي فيه بمعنى الفاء ( وقال) عطف على قال الأول ( باسم الله) يكتب بالألف بعد الباء وحذفها في مثله من خطأ الكتاب نبه عليه المصنف في «شرح مسلم» ، لكن حكى الخطابي المالكي في إعراب الألفية عن السمين جواز الوجهين، والظرف فيه متعلق بمحذوف دل عليه المقام: أي أداوي باسم الله، وقوله ( تربة) بضم الفوقية وسكون الراء وفتح الموحدة ( أرضنا) أي ترابها مبتدأ، وقال التوربشتي: خبر مبتدأ محذوف: أي هذه تربة أرضنا، والباء في قوله ( بريقة بعضنا) باء المصاحبة: أي ممزوجة معها وخبر المبتدأ جملة ( يشفي) بالبناء للمجهول ويتعلق به قوله ( به) ونائب فاعله قوله ( سقيمنا) والرابط هو الضمير المجرور وذكر لأن التربة بمعنى التراب، وقوله ( بإذن ربنا) أي بأمره محل الحال من الخبر.
والمعنى أنه يحصل الشفاء بإذن الله تعالى بهذا المذكور، قالالتوربشتي: أمثال هذه الكلمات عسر الوقوف على معانيها وقصرت الأفهام عن تقرير التناسب بين ألفاظها ومبانيها لأنها لم توضع للعمل والاستنباط منها بل وضعت للتلفظ بها تيمناً وتشفيعاً، وربما وقع شيء من معانيها في القلوب السليمة الواقعة لاستماع كلام النبوة بمرصاد الأدب والحرمة، وقد علمنا من غير هذه الرواية أنه كان يبل أنملة إبهامه اليمنى بريقه ويضعها على الأرض ليلتزف بها التراب ثم يرفعها ويشير بها إلى السقيم، وذلك معنى قول عائشة بأصبعه.
قلت: لكن صرحت في هذه الرواية بأنها السببابة والله أعلم.
قال: والذي يسبق إلى الفهم من صنعه ذلك ومن قوله تربة أرضنا إشارة إلى فطرة أول مفطور من البشر، وريقة بعضنا إشارة إلى النطفة التي خلق الله منها الإنسان كأنه يتضرع بلسان الحال ويتعرض لفحوى المقال إنك اخترعت الأصل من طين، ثم ابتدعت نسله من سلالة من ماء مهين فهين عليك أن تشفي من كانت هذه نشأته وتمن بالعافية على من استوى في ملكك موته وحياته.
فإن قيل إن صحت المناسبة بين التربة وفطرة الإنسان فما وجه المناسبة بين الريقة والنطفة؟ قلت: هما من فضلات الإنسان فعبر بإحداهما عن الأخرى وكانت عادته الكناية في مثل ذلك ونظيره ما جاء في حديث بشير بن الخصاصية «أنه بصق على كفه ثم وضع عليه أصبعه ثم قال: يقول الله عز وجل: ابن آدم أتعجزني وقد خلقتك من مثل هذا؟ وأراد بها النطفة» ( متفق عليه) .


رقم الحديث 902 ( وعنها أن النبي كان يعود بعض أهله) أي عند مرضه ( يمسح) أي ذلك المعاذ ( بيده اليمنى) وبركتها عليه فيستحب فعل ذلك لمن يتبرك به ( ويقول: اللهم ربّ الناس) ربّ منصوب على أنه منادى ثان، ولا يجوز نصبه عند البصريين على أن يكون صفة لقوله اللهم: أي يا مربيهم بالنعم والمخرج لهم إلى الوجود من العدم ( أذهب) بهمزةالقطع ( الباس) هو في أصله مهموزاً وسهل بقلب الهمزة ألفا لمناسبة ما قبله: أي الشدة في الحرب والعذاب ( اشف) بوصل الهمزة ( أنت الشافي لاشفاء) بفتح الهمزة ( إلا شفاؤك) بالرفع بدل من خبر لا المحذوف أو من ضميره أو من محل لا مع اسمها، وجملة لا شفاء إلا شفاؤك معترضة بين الفعل ومفعوله المطلق كالتعليل لسؤال ذلك ( شفاء) مفعول اشف، ويجوز رفعه على أنه خبر مبتدأ محذوف: أي هو أو هذا وعليه فالجملة قبله مستأنفة ( لا يغادر) بالغين المعجمة والدال المهملة والراء: أي لا يترك ( سقماً) بفتحتين وبضم فسكون: أي مرضاً، وفائدة التقييد به أنه قد يحصل الشفاء من ذلك المرض فيخلفه مرض آخر متولد منه مثلاً فكأنه يدعو بالشفاء المطلق لا بمطلق الشفاء ( متفق عليه) ورواه النسائي أيضاً.


رقم الحديث 903 ( وعن أنس رضي الله عنه أنه قال لثابت) بالمثلثة وبعد الألف موحدة فمثناة فوقية بوزن فاعل وهو البناني بضم الموحدة ونونين بينهما ألف التابعي الجليل، وقوله ( رحمه الله) جملة خبرية لفظاً دعائية معنى مستأنفة أتى بها دعاء لثابت ( ألا) بفتح الهمزة واللام الخفيفة أداة استفتاح ( أرقيك) بفتح الهمزة ( برقية) بضم الراء وسكون القاف اسم للمرة من الرقي وجمعها رقي كمدية ومدى كذا في «المصباح» .
وفي «فتح الباري» الرقى بضم الراء وبالقاف مقصور جمع رقية بسكون القاف، يقال رقي بالفتح في الماضي يرقى بالكسر في المستقبل، واسترقى فلان طلب الرقية والجمع بغير همز وهو بمعنى التعويذ بالذال المعجمة ( رسول الله) أي بما كان يرقى به.
قال القرطبي: فيه دليل على جواز الرقية من كل الآلام وأنه كان أمراً فاشياً معلوماً بينهم.
وفي «فتح الباري» أجمع العلماء على جواز الرقى عند اجتماع ثلاثة شروط أن يكون بكلام الله تعالى أو بأسمائه أو بصفاته وباللسان العربي أو بما يعرف معناه من غيره وأن يعتقد أن الرقية لا تؤثر بذاتها بل بتقدير الله تعالى.
واختلفوا في كون الأخير شرطاً والراجح أنه لا بد من اعتبار الشروط الثلاثة.
وقال الربيع: سألت الشافعي عن الرقي فقال: لا بأس أن يرقي بكتاب الله أو بما يعرف من ذكر الله.
قلت: أيرقي أهل الكتاب المسلمين؟ قال نعم إذا رقوا بما يعرف من كتاب الله وبذكر الّله، ثم أورد نحوه عن مالك.
وسئل ابن عبد السلام عن الحروف المقطعة فمنع منها مالا يعرف لئلا يكون كفراً هـ ملخصاً ( قال: بلى قال: اللهم ربّ الناس مذهب الباس) بقلب الهمزة ألفاً لمناسبة ما قبله، ومذهب يجوز أن يكون منادى أيضاً كما قبله، ويجوز أن يكون نعتاً لرب، أما على أن رب صفة مشبهة فإضافته كإضافة مذهب لفظية، وعلى كونه مصدراً فيجعل مذهب بمعنى الدوام والثبوت فتكون إضافته معنوية، ويجوز كونه بدلاً مطابقاً مما قبله ( اشف) وقوله ( أنت الشافي لا شافي إلا أنت) معترضة كما تقدم فيما قبله ( شفاء لا يغادر سقماً، رواه البخاري) في آخر كتاب المرضى، ورواه أبو داود والترمذي والنسائي في «اليوم والليلة» .


رقم الحديث 904 ( وعن سعد بن وقاص) بفتح الواو وتشديد القاف آخره مهملة كنية مالك بن أهيب ابن عبد مناف بن زهرة بن كلاب القرشي الزهري تقدمت ترجمته ( رضي الله عنه) في الكتاب في باب الإخلاص ( قال: عادني رسول الله فقال اللهم اشف سعداً ثلاث مرات) ظرف لقال: أي كرره ثلاثاً لمزيد الاهتمام والاعتناء، وقد تقدم أن النبي كان إذا تكلم بالكلمة أعادها ثلاثاً وفي الحديث «إن الله يحبّ الملحين في الدعاء» رواه الحكيم الترمذي وابن عديّ والبيهقي في «الشعب» من حديث عائشة مرفوعاً ( رواه مسلم) .
j

رقم الحديث 905 ( ومن أبي عبد الله عثمان بن أبي العاص) بحذف التحتية في الأصول على حذف ياء المنقوص المعرف حال الوقف عليه، وبه قرىء قوله تعالى: { المتعال} ويجوزإثباتها وتقدم زيادة بيان فيه في ترجمة عبد الله بن عمرو بن العاص، وعثمان هذا ( رضي الله عنه) ثقفى طائفي صحابي شهير استعمله النبي على الطائف ومات في خلافة معاوية بالبصرة خرج عنه مسلم والأربعة كذا في «تقريب الحافظ» ، وزاد المصنف في «التهذيب» أن الصديق وعمر أقراه على الطائف وأنه أسلم في وقد ثقيف، قال: روى له عن رسول الله تسعة أحاديث، أخرج له مسلم ثلاثة منها، واستعمله عمر على عمان والبحرين ثم نزل البصرة قال ابن قتيبة: أقطعه عثمان بن عفان اثني عشر ألف جريب.
قال في «المصباح» بعد كلام قدمه فحصل من هذا أن الجريب عشرة آلاف ذراع، وعن عبد الله الكاتب ثلاثة آلاف وستمائة ذراع، وجريب الطعام أربعة أقفزة قاله الأزهري ( أنه شكا إلى رسول الله مرضاً يجده) من الوجدان أي يحسه في جسده ( فقال له رسول الله: ضع يدك) أي أجعلها موضوعة ( على الذي يألم) بفتح التحتية واللام وسكون الهمزة بينهما: أي يوجع ( من جسدك) بيان للذي ( وقل) أي مع وضعها أو عقبه مصاحباً كما يومىء إليه السياق وهو يدفع ما تصدق به الواو من قوله ذلك قبل الوضع: أي بحضور قلب مع الربّ ونسيان ما سواه ( باسم الله) أي استشفى باسمه ( ثلاثاً) ظرف لقل ( وقل) عطف على قل الأول ( سبع) ظرف لقل الثانية ( مرات) أي تارات ( أعوذ) أعتصم وأتحصن ( بعزّة الله) أي بغلبته ( وقدرته) أي صفته الأزلية القادر بها على كل ممكن ( من شر ما أجد) أي من الألم ( وأحاذر) أي أحذر والمغالبة للمبالغة والإتيان بالذكر المذكور ليسرى أثره في الأعضاء السبعة.
قال الطيبي، تعوذ من مكروه ووجع هو فيه ومما يتوقع حصوله في المستقبل من حزن وخوف فإن الحذر الاحتراز عن الخوف ( رواه مسلم) والأربعة أيضاً.


رقم الحديث 906 ( وعن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي قال: من عاد مريضاً لم يحضر أجله) أي لم تتم مدة عمره ( فقال: عنده سبع مرات) كلاهما ظرفان للقول والأول مكاني والثاني زماني ( أسأل الله العظيم) والإتيان به لبيان أنه لا يتعاظم عليه مطلوب لعظمته ( ربّ العرش العظيم) بالجرّ على أنه صفة العرش، وفي نسخة مصححة من «الحصن» لابن الجزري بنصبه على أنه صفة لربّ ( أن يشفيك) بفتح التحتيتين وهو ثاني مفعول أسأل ( إلا عافاه الله) استثناء من «من» الشرطية العامة كأنه قال: ما عاد أحد مريضاً فقال كذا إلا عافاه الله والمغالة وللمبالغة: أي أعطاه عافية تامة ( من ذلك المرض) ويشمل الوعد ما ينشأ عنه ففيه عافية من قيل عنده ذلك من مرضه القائم به ومما يتسبب عنه، ويحتمل أن يكون قاصراً عليه دون ما ينشأ عنه والله أعلم ( رواه أبو داود والترمذي وقال: حديث حسن) وكذا رواه النسائي وابن حبان الحاكم في «مستدركه» كما أشار إليه المصنف بقوله ( وقال الحاكم: حديث صحيح على شرط البخاري) أي مرويّ برجال روى عنهم البخاري في «صحيحه» الحديث الصحيح ورواه أيضاً ابن أبي شيبة في «مصنفه» .


رقم الحديث 907 ( وعنه أن النبي دخل على أعرابيّ) منسوب إلى الأعراب بفتح فسكون وهم سكان البادية، قال الشيخ زكريا في «التحفة» : واسمه قيس بن أبي حازم بالمهملة والزاي ( يعوده وكان إذا دخل على من يعوده) قال: وفي رواية البخاري فقال له بزيادة الفاء أولهوالظرف بعده ( لا بأس) بالهمزة على أصله ويجوز تسهيله ألفاً، وقد أجاز السوسى إبداله وإبدال مثله ألفاء مطلقاً وهمزة عند الوقف ( طهور) بفتح أوله ويجوز ضمه وهو مرفوع على أنه خبر مبتدأ محذوف: أي هذا: أي مرضك مطهر لذنبك مكفر لعيبك واقتصر عليه لكونه الأكثر، وإلا فقد يكون أيضاً سبباً لرفع الدرجات في العقبى أو لعلوّ المقامات فيها في الدنيا لأن الرياضيات تنتج الحالات والكشوفات ( إن شاء الله تعالى) أي إن تعلقت المشيئة بتطهيره بذلك، وجملة «كان» حالية من فاعل دخل والجملة الشرطية في محل نصب خبر كان، وقد أورده ابن الجوزي في «الحصن» مكرراً، وعزاه لتخريج البخاري والنسائي وهو في باب العيادة من البخاري بلا تكرار فلعله للنسائي ( رواه البخاري) .


رقم الحديث 908 ( وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن جبريل أتى النبي فقال: يا محمد) في ندائه باسمه إيماء إلى أن الخطاب بقوله تعالى: { لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضاً} ( النور: 63) متوجه للمكلف من الثقلين ( اشتكيت) لعل التاء فيه للمبالغة في الشكوى.
كما يومىء إليه حديث «أشد الناس بلاء الأنبياء ( قال نعم) فيه جواز الإخبار بالمرض على طريق بيان الواقع من غير تضجر ولا تبرم ( قال باسم الله) قدمه على متعلقه وهو قوله ( أرقيك) بفتح الهمزة وكسر القاف اهتماماً واختصاصاً كما في بسم الله مجراها، وعلق به أيضاً قوله ( من كل شيء يؤذيك) أي يوصلك إلى المكروه، ثم بين إبهام شيء بقوله ( من شرّ كل نفس) خبيثة أمارة بالسوء ولا ينافي هذا قوله تعالى: { والله يعصمك من الناس} ( المائدة: 6) بفرض تأخره عنه لأن الذي عصم منه هو إزهاق الروح ونحوه لا مطلق الإيذاء، لأنه لم يزل يؤذي إلى آخر حياته زيادة في إعلاء رتبه وتشريفاً للسالكينسننه من بعده من أمته ( أو) الظاهر أنها بمعنى الواو، وإنما ذكر هين مع أن المراد ما يعمهما وغيرهما لبيان أخص أنواع الأذى وحينئذ يصح بقاء «أو» على حالها إشارة إلى أن الأخص أحد هذين ( عين كل حاسد) عدل إليه عن معيان الذي هو القياس، إذا لا يلزم من الحاسد أن يكون معياناً إشارة إلى أن الغالب أن المعيان لا تؤثر عينه إلا بعد استحسان الشيء في نفسه الخبيثة حسداً لصاحب ذلك الشيء.
وقال المصنف في «شرح مسلم» : قيل يحتمل أن المراد بالنفس نفس الآدمي.
ويحتمل أن المراد بها العين فإن النفس تطلق عليها، ويكون قوله أو عين حاسد من باب التوكيد بلفظ مختلف أوشك من الراوي في لفظه اهـ.
ويحتمل أن يكون الظرف بدلاً من قوله من شيء ما بدل بعض من كل، ويحتمل أن يكون متعلقاً بقوله يؤذيك ومن فيه حينئذ للابتداء ( الله يشفيك) بفتح التحتية كما تقدم قريباً ( باسم الله أرقيك) كرره تأكيداً تنبيهاً على أن الرقي لا تنبغي أن تكون إلا بأسماء الله وأوصافه وذكره، فببركة ذلك يرتفع ما يؤذن في رفعه من الضرر ( رواه مسلم) .


رقم الحديث 909 ( وعن أبي سعيد وأبي هريرة رضي الله عنهما: أنهما شهدا على رسول الله أنه قال: من قال لا إله إلا الله والله أكبر صدقه ربه) وبين كيفية تصديقه بقوله على سبيل عطف البيان والتفسير ( فقال: لا إله إلا أنا وأنا أكبر) أي فإتيانه تعالى بمثل ما قال العبد بمعناه تصديق له ( وإذا قال) أي الشخص المدلول عليه بأداة الشرط ( لا إله) أي لا معبود بحق في الوجود ( إلا الله وحده) منفرداً في ذاته وفي أوصافه ( لا شريك له) أي في ملكه ولا في فعله ( قال) أي الله مصدقاً له نظير ما قبله ( لا إله إلا أنا وحدي لا شريك لي، وإذا قال لا إله إلا الله له) دون غيره ( الملك) بضم الميم: أي التصرف والقهر وكل ملك مالك ولا عكس، وهو بمعنى قوله فيما قبله لا شريك له ( وله) دون غيره ( الحمد) إذ هو الثناء على الجميل الاختياري، وهو الفاعل لجميع ذلك الموجد له، والموجد على يده إنما هو مظهر فعله سبحانه، فعاد جميع الحمد إليه وقصر عليه كما يؤذن به تقديم ما حقه التأخير فيهما ( قال) أي الله عزّ وجل مصدقاً لعبده ( لا إله إلا أنا لي الحمد ولي الملك، وإذا قال: لا إله إلا الله ولا حول ولا قوة إلا بالله) عطف جملة الحوقلة على جملة التوحيد وذلك لتلازمهما وعدم انفكاك مضمون كل منهما عن مضمون الآخر، إذ الممكن لا بد له من موجد ومنه الحول والقوة، وليس ذلك الموجد إلا إله، فإذا لم يكن الإله إلا هو سبحانه وتعالى فيلزم أن لا حول ولا قوة لغيره ( قال) أي الله ( لا إله إلا أنا ولا حول ولا قوة إلا بي) ثم الذي وقفت عليه في الأصول ضبط «حول» و «قوة» فيهما بالفتح على إعمال «لا» فيهن وكأنه لأنه الرواية ( وكان) يعني النبي وهو عطف على قال فيكون من جملة ما حكياه ( يقول من قالهن في مرضه ثم مات) أي فيه ( لم تطعمه) بفتح الفوقية والمهملة ( والنار) وهذا كناية من عدم دخوله إليها، ثم يحتمل أن يراد لا يدخلها دخول تخليد وتأبيد، ويحتمل أن يتسبب عنه بفضل الله تعالى من حسن الخاتمة ما يدخل به قائله الجنة مع الفائزين وهو المتبادر من متن الحديث ( رواه الترمذي) في الدعوات من «جامعه» ( وقال: حديث حسن) ثم أشار إلى أن شعبة قد رواه عنهما بنحوه ووقفه عليهما.
146