فهرس الكتاب

دليل الفالحـــين - باب مَا يقوله مَن أيس من حياته

رقم الحديث 911 ( وعن عائشة رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله) وفي نسخة: ( وهو مستند إلى) جملة حالية من مفعول سمعت وجملة ( يقول) يصح كونها حالاً منه أيضاً أو من مجرور إلى فهي مترادفة أو متداخلة ( اللهم اغفر لي) وهذا منه خضوع لمقام الربوبية وإلا فهو معصوم من جميع الذنوب، أو تشريع للأمة وتنبيه على أن حق مثل هذا المطلب ألا يغفل عنه المستيقظ حالتئذ لأنها حالة الانتقال وساعة الارتحال ( وارحمني) ورحمة كلشيء بحسب ما يليق به، فأعظم الرحمات ما منحه نبيه مما لا يحيط به بيان، وظاهر أن الرحمة فيها مجاز مرسل تبعي، وقد صرح العصام بأنه كما توصف الاستعارة بالتبعية وهي ما كان في الحرف أو المشتق يوصف به المجاز المرسل، قال: ومنه قوله تعالى: { إذا قمتم إلى الصلاة} ( المائدة: 6) أي إذا أردتم القيام إليها ( وألحقني) بقطع الهمزة ( بالرفيق الأعلى) قيل المراد به الملائكة المقرّبون والعباد الصالحون بالمعنى الأعمّ وهو الوجه الأتم المناسب لما جاء في قول يوسف { توفني مسلماً وألحقني بالصالحين} ( يوسف: 101) وفي السلاح لابن همام: هم الأنبياء والصديقون والشهداء والصالحون المذكورون في قوله تعالى: { وحسن أولئك رفيقاً} ( النساء: 69) ويؤيده ما جاء في الحديث الصحيح مبيناً «فجعل يقول مع الذين أنعمت عليهم من النبيين والصديقين» الخ.
والحديث يفسر بعضه بعضاً اهـ.
قال القاري عن بعضهم: وهو المعتمد، ومعنى كونهم رفيقاً بقاؤهم على طاعة الله تعالى وارتفاق بعضهم ببعض، ونكتة إفراد هذه الكلمة الإشارة إلى أن أهل الجنة يدخلونها على قلب رجل واحد.
وقيل معناه: الإلحاق بالله تعالى فإن من أسمائه الحسنى الرفيق، والمراد بالأعلى الموصوف به أعلى علوّ المكانة لا المكان.
قال في الحرز وهذا هو الأنسب بالمصطفى آخر كلامه في طلب المولى كما أنه أول من قال بلى في جواب ألست بربكم في الميثاق الأعلى ( متفق عليه) ورواه الترمذي والإسماعيلي وابن حبان.


رقم الحديث 912 ( وعنها قالت: رأيت رسول الله وهو بالموت) أي متلبس بمقدماته ( وعنده قدح فيه ماء) الجملتان الأوليان حالان من مفعول رأيت والثانية حال من الأولى، وأما قوله فيه ماء فهي في محل الصفة للمبتدأ إن أعرب الظرف خبراً مقدماً وما مبتدأ مؤخراً، فإنأعرب الظرف صفة فماء فاعله ( وهو يدخل يده في القدح ثم يمسح وجهه بالماء) الذي بيده من القدح وذلك للحرارة التي يجدها من مزاولة ما كان فيه ( ثم يقول: اللهم أعني على غمرات) بفتح المعجمة والميم كسجدة وسجدات: أي شدائد ( الموت) التي هي لشدتها تكاد تغمر: أي تغطى عليه وتستره ( وسكرات) بفتح أوليه أيضاً ( الموت) كذا هو في الأصول وسكرات بالواو: أي شدائد مقدماته التي يقوي على الروح حتى يغيبها عن إدراكها وقد صح «أنه كان يعمى عليه من مرض موته» وقد ألف الشيخ محمد البكري رسالة سماها «القول الأجلّ في حكمة كرب المصطفى عند حلول الأجل» لخصناها في «شرح الأذكار» ( رواه الترمذي) وكذا رأيته في الجنائز من «جامعه» في أصلين مصححين ثم رأيته في المشكاة بلفظ «أعنى على منكرات الموت أو سكرات الموت» وقال: رواه الترمذي وابن ماجه ولعله لفظ ابن ماجه، وعزوه للترمذي باعتبار أصل الحديث، وسكت المصنف عن نقل قول الترمذي في رتبة الحديث على خلاف عادته سهواً، قال الترمذي: هذا حديث غريب.
148