فهرس الكتاب

دليل الفالحـــين - باب تأكيد ركعتي سنَّةِ الصبح

رقم الحديث 1100 ( عن عائشة رضي الله عنها أن النبي: كان لا يدع) أي لا يترك لاهتمامه بها ( أربعاً قبل الظهر) والأفضل فعل كل ركعتين بتسليمة وهذا يقتضي تأكيد أربع قبل الظهر، والمعروف في كتب الفقه أن المؤكد منها اثنتان، وكأنه لحديث آخر ورد بذلك فيه تخفيفاً لأمرالثنتين بتركهما أحياناً وهذا بحسب ما رأته عائشة مما كان يفعله بمنزلها في نوبتها ( وركعتين قبل الغداة) أي الصبح ( رواه البخاري) .


رقم الحديث 1101 ( وعنها قالت: لم يكن النبي على شيء من النوافل أشد) خبر يكن، ويجوز خلاف ذلك، قاله في «فتح الإله» ( تعاهداً) قال في «فتح الباري» : وفي رواية معاهدة والمعنى تفقداً، يقال تعاهده وتعهده واعتهده: أي تفقده وأحدث به وهو تمييز عامله أفعل التفضيل ( منه على ركعتي الفجر متفق عليه) وأخرجه أبو داود والنسائي والترمذي في رواية لأبي داود من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله «لا تدعوا ركعتي الفجر ولو طردتكم الخيل» .


رقم الحديث 1102 ( وعنها عن النبي قال: ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها) أي من الجمادات ونحوها، وخير أفعل تفضيل إن قوبلت بما فيه خير كالذكر، وبمعنى أصل الفعل إن قوبلت بما لا خير فيه من أعراض الدنيا وزهرتها ( رواه مسلم.
وفي رواية لهما)
أي ركعتا الفجر ( أحب إليّ) ويلزم منه كونهما أحب إلى الله تعالى لأن لا يحب إلا ما أحبه مولاه ( من الدنيا جميعاً) وفي النسائي «ركعتان قبل الفجر خير من الدنيا جميعاً» .


رقم الحديث 1103 ( وعن أبي عبد الله) ويقال أبو عبد الكريم ويقال أبو عبد الرحمن ويقال أبوعبيد ( بلال) بكسر الموحدة ( ابن رباح) بفتح الراء الموحدة آخره مهملة الحبشي التيمي مولى أبي بكر الصديق وأمه حمامة رضي الله عنها مولاة لبني جمح ( رضي الله عنه مؤذن رسول الله) أي أحد مؤذنيه وعدتهم ستأتي في كتاب الصوم، كان بلال قديم الإسلام والهجرة، شهد بدراً وأحداً والخندق والمشاهد كلها مع رسول الله، وكان ممن يعذب في الله فيصبر على العذاب، وكان أمية بن خلف يعذبه ويتابع عليه العذاب فقدر الله أن بلالاً قتله ببدر، وكان بلال أول من أسلم أوّل النبوّة ومن أول من أظهر إسلامه وكانوا يطوفون به ويعذبونه وكان من مولدي مكة وقيل من مولد السراة، اشتراه أبو بكر بخمس أواقي ذهب وقيل سبع وقيل تسع وأعتقه لله وآخى رسول الله بينه وبين أبي عبيدة بن الجراح، وكان بلال يؤذن لرسول الله حياته سفراً وحضراً، وهو أول من أذن في الإسلام، ولما توفي رسول الله ذهب للشام للجهاد فأقام بها إلى أن مات وقيل أذن لأبي بكر مدته وأذن لعمر مرّة حين قدم الشام فلم يُرباك أكثر من ذلك اليوم وأذن في قدومه إلى المدينة لزيارة قبره طلب ذلك منه بعض الصحابة فأخذ ولم يتم، روى عنه جماعات من الصحابة منهم الصديق وعمر وعليّ.
وكان عمر يقول: أبو بكر سيدنا وأعتق سيدنا وفضائله مشهورة، توفي بدمشق سنة عشرين وقيل إحدى وعشرين وقيل ثمانية عشر وهو ابن أربع وستين سنة وقيل غير ذلك، ودفن بباب الصغير من دمشق وقبل غير ذلك.
قال ابن السمعاني: والقول بأنه دفن بالمدينة غلط.
والصحيح أنه بباب الصغير، انتهى ملخصاً من «التهذيب» للمصنف.
روي له أربعة وأربعون حديثاً.
وقال البرقي جاء عنه خمسة أحاديث، اتفق الشيخان على حديث منها وانفرد البخاري بحديثين ومسلم بحديث ( إنه أتى رسول الله ليؤذنه) أي يعلمه ( بصلاة الغداة) أي الصبح، وعند الطبراني في «معجمه الأوسط» عن بلال «أنه كان يقول عند إعلامه: السلام عليك أيها النبيّ ورحمة الله وبركاته رحمك الله» وعنده في «معجمه الكبير» عن قتادة «أن عثمان كان إذا جاءه المؤذن يؤذنه بالصلاة قال مرحباً بالقائلين عدلاً وبالصلاة مرحباً وأهلاً» وقتادة لم يسمع من عثمان ( فشغلت) بفتح حر في الفعل المعجمين وما وبالصلاة مرحباً وأهلاً» وقتادة لم يسمع من عثمان ( فشغلت) بفتح حر في الفعل المعجمين وما بعدها والتاء للتأنيث ساكنة ( عائشة) رضي الله عنها ( بلالاً بأمر سألته عنه) فيه جواز حديث المرأة لعتيق أبيها وسؤالها إياه عما تحتاج إليه وطول الحديث معه وإن كان جاء في حاجة لزوجها وتعظيمه لحرمتها في عدم إنكاره عليها وإعلامها أنها شغلتهما جاء بسببه وأن المصلين ينتظرون حضور رسول الله ليصلي بهم ( حتى أصبح) أي دخل في الصبح ( جداً) بكسر الجيم ( فقام بلال فآذنه) بالمد: أي أعلمه ( بالصلاة وتابع) بالمثناة فالموحدة بينهما ألف: أي وإلى وكرر ( أذانه) أي إعلامه بأن أتبع بعضه بعضاً وذلك لما رأى من الإصباح ( فلم يخرج رسول الله) أي إليه ( فلما خرج) أي بعد ذلك ( صلى بالناس) واعتذر إليه بلال ( فأخبره) أن سبب تأخره بالأذان ( أن عائشة شغلته بأمر سألته عنه حتى أصبح جداً وإنه) أي النبيّ ( أبطأ عليه) أي على بلال ( بالخروج) حتى تابع أذانه ( فقال) وقوله ( يعني النبي) من المصنف تعيين لمرجع الصمير الستكنّ في الفعل ( إني كنت ركعت ركعتي الفجر) جوز ابن رسلان أن يريد بهما فرضه وأن يريد بهما سنته، ثم قال: ولعل الأخير أصوب.
قلت: وهو الذي يدل له صنيع المؤلف ( فقال يا رسول الله إنك أصبحت جداً) أي وذلك مقتض للاهتمام بأمر الفريضة وترك النافلة ( قال) أي النبي له ( لو أصبحت أكثر مما أصبحت) أي ولم أكن ركعتهما ( لركعتهما وأحسنتهما) بالإتيان بالسنن والهيئات ( وأجملتهما) بالآداب والتطوعات.
وفيه أن من ترك فعل الصلاة أول وقتها لغير عذر شرعي بل لنحو بيع أو شراء أن يأتي بها فيه زائدة عما كان يصليها أوله من القراءة والتسبيح والدعاء والطمأنينة والخشوع ما بقي الوقت ويكون فيها خجلاً مستحيياً معترفاً بالتقصير لتأخير الصلاة عن أول وقتها وحرمانه فضيلته لذنب صدر منه ويتصدق ويعتق كما كان يفعل السلف.
قال ابن رسلان: وهذا شأن ذوي القلوب اليقظة والناس اليوم عملهم بخلاف ذلك فإنهم يؤخرونها اشتغالاً بأمر دنياهم عن أول الوقت ثم يفعلونها آخره مقتصرين على الفرض دون السنة وينقصون عما كانوا يعتادون من القراءة إذا صلوها أوله ويتركون الأذكار والطمأنينة كما جاء في صلاة المنافق «ينقر فيها أربع نقرات لا يذكر الله إلا قليلاً» انتهى ملخصاً ( رواه أبو داود) في الصلاة من «سننه» ( بإسناد حسن) فرواه عن أحمد بن حنبل عن أبي المغيرة وهو عبد القدوس ابن الحجاج الحمصي الخولاني عن عبد الله بن العلاء عن أبي زياد عبيد الله بن زياد الكندي عن بلال.
7