هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
100 حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ ، قَالَ : حَدَّثَنِي مَالِكٌ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ العَاصِ قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : إِنَّ اللَّهَ لاَ يَقْبِضُ العِلْمَ انْتِزَاعًا يَنْتَزِعُهُ مِنَ العِبَادِ ، وَلَكِنْ يَقْبِضُ العِلْمَ بِقَبْضِ العُلَمَاءِ ، حَتَّى إِذَا لَمْ يُبْقِ عَالِمًا اتَّخَذَ النَّاسُ رُءُوسًا جُهَّالًا ، فَسُئِلُوا فَأَفْتَوْا بِغَيْرِ عِلْمٍ ، فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا قَالَ الفِرَبْرِيُّ : حَدَّثَنَا عَبَّاسٌ ، قَالَ : حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ ، عَنْ هِشَامٍ نَحْوَهُ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
100 حدثنا إسماعيل بن أبي أويس ، قال : حدثني مالك ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إن الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من العباد ، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء ، حتى إذا لم يبق عالما اتخذ الناس رءوسا جهالا ، فسئلوا فأفتوا بغير علم ، فضلوا وأضلوا قال الفربري : حدثنا عباس ، قال : حدثنا قتيبة ، حدثنا جرير ، عن هشام نحوه
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ العَاصِ قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : إِنَّ اللَّهَ لاَ يَقْبِضُ العِلْمَ انْتِزَاعًا يَنْتَزِعُهُ مِنَ العِبَادِ ، وَلَكِنْ يَقْبِضُ العِلْمَ بِقَبْضِ العُلَمَاءِ ، حَتَّى إِذَا لَمْ يُبْقِ عَالِمًا اتَّخَذَ النَّاسُ رُءُوسًا جُهَّالًا ، فَسُئِلُوا فَأَفْتَوْا بِغَيْرِ عِلْمٍ ، فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا.

Narrated `Abdullah bin `Amr bin Al-`As:

I heard Allah's Messenger (ﷺ) saying, Allah does not take away the knowledge, by taking it away from (the hearts of) the people, but takes it away by the death of the religious learned men till when none of the (religious learned men) remains, people will take as their leaders ignorant persons who when consulted will give their verdict without knowledge. So they will go astray and will lead the people astray.

0100 Abd-ul-Lâh ben Amru ben al-As dit : j’ai entendu le Messager de Dieu dire : « Dieu ne fait pas disparaitre la Science en l’arrachant directement aux hommes, mais il la fera disparaitre en recueillant les âmes des Savants. D’ailleurs, lorsqu’aucun d’eux ne sera plus, les gens choisiront des chefs ignorants. Ces derniers interrogés, ils avanceront des réponses ne se basant sur aucun savoir, et ainsi ils égareront et s’égareront…«  Un hadith similaire a été rapporté par al-Firabry, et ce directement d’al-abbâs, directement de Qutayba, directement de Jarir, de Hichâm  

":"ہم سے اسماعیل بن ابی اویس نے بیان کیا ، ان سے مالک نے ہشام بن عروہ سے ، انھوں نے اپنے باپ سے نقل کیا ، انھوں نے عبداللہ بن عمرو بن العاص رضی اللہ عنہما سے نقل کیا کہ میں نے رسول اللہ صلی اللہ علیہ وسلم سے سناآپ صلی اللہ علیہ وسلم فرماتے تھے کہ اللہ علم کو اس طرح نہیں اٹھا لے گا کہ اس کو بندوں سے چھین لے ۔ بلکہ وہ ( پختہ کار ) علماء کو موت دے کر علم کو اٹھائے گا ۔ حتیٰ کہ جب کوئی عالم باقی نہیں رہے گا تو لوگ جاہلوں کو سردار بنا لیں گے ، ان سے سوالات کیے جائیں گے اور وہ بغیر علم کے جواب دیں گے ۔ اس لیے خود بھی گمراہ ہوں گے اور لوگوں کو بھی گمراہ کریں گے ۔ فربری نے کہا ہم سے عباس نے بیان کیا ، کہا ہم سے قتیبہ نے ، کہا ہم سے جریر نے ، انھوں نے ہشام سے مانند اس حدیث کے ۔

0100 Abd-ul-Lâh ben Amru ben al-As dit : j’ai entendu le Messager de Dieu dire : « Dieu ne fait pas disparaitre la Science en l’arrachant directement aux hommes, mais il la fera disparaitre en recueillant les âmes des Savants. D’ailleurs, lorsqu’aucun d’eux ne sera plus, les gens choisiront des chefs ignorants. Ces derniers interrogés, ils avanceront des réponses ne se basant sur aucun savoir, et ainsi ils égareront et s’égareront…«  Un hadith similaire a été rapporté par al-Firabry, et ce directement d’al-abbâs, directement de Qutayba, directement de Jarir, de Hichâm  

شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [100] .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَنِي مَالِكٌ قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ لَمْ يَرْوِهِ فِي الْمُوَطَّأِ إِلَّا مَعْنُ بْنُ عِيسَى وَرَوَاهُ أَصْحَابُ مَالِكٍ كَابْنِ وَهْبٍ وَغَيْرِهِ عَنْ مَالك خَارج الْمُوَطَّأ وَأفَاد بن عَبْدِ الْبَرِّ أَنَّ سُلَيْمَانَ بْنَ يَزِيدَ رَوَاهُ أَيْضًا فِي الْمُوَطَّأِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَدِ اشْتُهِرَ هَذَا الْحَدِيثُ مِنْ رِوَايَةِ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ فَوَقَعَ لَنَا مِنْ رِوَايَةٍ أَكْثَرَ مِنْ سَبْعِينَ نَفْسًا عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الْحَرَمَيْنِ وَالْعِرَاقَيْنِ وَالشَّامِ وَخُرَاسَانَ وَمِصْرَ وَغَيْرِهَا وَوَافَقَهُ عَلَى رِوَايَتِهِ عَنْ أَبِيهِ عُرْوَةُ أَبُو الْأَسْوَدِ الْمَدَنِيُّ وَحَدِيثُهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَالزُّهْرِيُّ وَحَدِيثُهُ فِي النَّسَائِيِّ وَيَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ وَحَدِيثُهُ فِي صَحِيحِ أَبِي عَوَانَةَ وَوَافَقَ أَبَاهُ عَلَى رِوَايَتِهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو عمر بْنِ الْحَكَمِ بْنِ ثَوَبَانَ وَحَدِيثُهُ فِي مُسْلِمٍ .

     قَوْلُهُ  لَا يَقْبِضُ الْعِلْمُ انْتِزَاعًا أَيْ مَحْوًا مِنَ الصُّدُورِ وَكَانَ تَحْدِيثُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَلِكَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ كَمَا رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ لَمَّا كَانَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خُذُوا الْعِلْمَ قَبْلَ أَنْ يُقْبَضَ أَوْ يُرْفَعَ فَقَالَ أَعْرَابِيٌّ كَيْفَ يُرْفَعُ فَقَالَ أَلَا إِنَّ ذَهَابَ الْعِلْمِ ذَهَابُ حَمَلَتُهُ ثَلَاثً مَرَّات قَالَ بن الْمُنِيرِ مَحْوُ الْعِلْمِ مِنَ الصُّدُورِ جَائِزٌ فِي الْقُدْرَةِ إِلَّا أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ دَلَّ عَلَى عَدَمِ وُقُوعِهِ .

     قَوْلُهُ  حَتَّى إِذَا لَمْ يَبْقَ عَالِمٌ هُوَ بِفَتْحِ الْيَاءِ وَالْقَافِ وَلِلْأَصِيلِيِّ بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَكَسْرِ الْقَافِ وَعَالِمًا مَنْصُوبٌ أَيْ لَمْ يُبْقِ اللَّهُ عَالِمًا وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ حَتَّى إِذا لم يتْرك عَالما قَوْله رؤوسا قَالَ النَّوَوِيُّ ضَبَطْنَاهُ بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَالتَّنْوِينِ جَمْعُ رَأْسٍ.

.

قُلْتُ وَفِي رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ أَيْضًا بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَفِي آخِرِهِ هَمْزَةٌ أُخْرَى مَفْتُوحَةٌ جَمْعُ رَئِيسٍ .

     قَوْلُهُ  بِغَيْرِ عِلْمٍ وَفِي رِوَايَةِ أَبِي الْأَسْوَدَ فِي الِاعْتِصَامِ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ فَيُفْتُونَ بِرَأْيِهِمْ وَرَوَاهَا مُسْلِمٌ كَالْأُولَى .

     قَوْلُهُ  قَالَ الْفَرَبْرِيُّ هَذَا مِنْ زِيَادَاتِ الرَّاوِي عَنِ الْبُخَارِيِّ فِي بَعْضِ الْأَسَانِيدِ وَهِيَ قَلِيلَةٌ .

     قَوْلُهُ  نَحْوَهُ أَيْ بِمَعْنَى حَدِيثِ مَالِكٍ وَلَفْظُ رِوَايَةِ قُتَيْبَةَ هَذِهِ أَخْرَجَهَا مُسْلِمٌ عَنْهُ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ الْحَثُّ عَلَى حِفْظِ الْعِلْمِ وَالتَّحْذِيرُ مِنْ تَرْئِيسِ الْجَهَلَةِ وَفِيهِ أَنَّ الْفَتْوَى هِيَ الرِّيَاسَةُ الْحَقِيقِيَّةُ وَذَمُّ مَنْ يُقْدِمُ عَلَيْهَا بِغَيْرِ عِلْمٍ وَاسْتَدَلَّ بِهِ الْجُمْهُورُ عَلَى الْقَوْلِ بِخُلُوِّ الزَّمَانِ عَنْ مُجْتَهِدٍ وَلِلَّهِ الْأَمْرُ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ وَسَيَكُونُ لَنَا فِي الْمَسْأَلَةِ عَوْدٌ فِي كِتَابِ الِاعْتِصَامِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى( قَولُهُ بَابُ هَلْ يُجْعَلُ) أَيِ الْإِمَامُ وَلِلْأَصِيلِيِّ وَكَرِيمَةَ يُجْعَلُ بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَعِنْدَهُمَا يَوْمٌ بِالرَّفْعِ لِأَجْلِ ذَلِكَ .

     قَوْلُهُ  عَلَى حِدَةٍ بِكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ وَفَتْحِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ الْمُخَفَّفَةِ أَيْ نَاحِيَةٍ وَحْدَهُنَّ وَالْهَاءُ عِوَضٌ عَنِ الْوَاوِ الْمَحْذُوفَةِ كَمَا قَالُوا فِي عِدَةٍ مِنَ الْوَعْدِ

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [100] حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: «إِنَّ اللَّهَ لاَ يَقْبِضُ الْعِلْمَ انْتِزَاعًا يَنْتَزِعُهُ مِنَ الْعِبَادِ، وَلَكِنْ يَقْبِضُ الْعِلْمَ بِقَبْضِ الْعُلَمَاءِ حَتَّى إِذَا لَمْ يُبْقِ عَالِمًا اتَّخَذَ النَّاسُ رُءُوسًا جُهَّالاً فَسُئِلُوا فَأَفْتَوْا بِغَيْرِ عِلْمٍ فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا».
قَالَ الْفِرَبْرِيُّ حَدَّثَنَا عَبَّاسٌ قَالَ: حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ قال: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ هِشَامٍ نَحْوَهُ.
[الحديث طرفه في: 7307] .
وبالسند إلى المؤلف قال: ( حدّثنا إسماعيل بن أبي أويس) بضم الهمزة والسين المهملة ( قال: حدّثني) بالإفراد ( مالك) هو ابن أنس الإمام ( عن هشام بن عروة عن أبيه) عروة ( عن عبد الله بن عمرو بن العاصي) رضي الله عنهما أنه ( قال: سمعت رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أي كلامه حال كونه ( يقول) أي في حجة الوداع كما عند أحمد والطبراني من حديث أبي أمامة: ( إن الله لا يقبض العلم) من بين الناس ( انتزاعًا) بالنصب مفعول مطلق ( ينتزعه) وفي رواية ينزعه ( من العباد) بأن يرفعه إلى السماء أو يمحوه من صدورهم، ( ولكن يقبض العلم بقبض) أرواح ( العلماء) وموت حملته، وإنما عبّر بالمظهر في قوله يقبض العلم موضع المضمر لزيادة تعظيم المظهر كما في قوله تعالى: { اللَّهُ الصَّمَدُ} بعد قوله: { اللَّهُ أَحَدٌ} ( حتى إذا لم يبق) بضم المثناة التحتية وكسر القاف من الإبقاء وفيه ضمير يرجع إلى الله تعالى أي حتى إذا لم يبق الله تعالى ( عالمًا) بالنصب على المفعولية كذا في رواية الأصيلي ولغيره يبق بفتح حرف المضارعة من البقاء الثلاثي وعالم بالرفع على الفاعلية، ولمسلم حتى إذا لم يترك عالمًا ( اتخذ الناس) بالرفع على الفاعلية ( رؤوسًا) بضم الراء والهمزة والتنوين جمع رأس، ولأبي ذر أيضًا كما في الفتح رؤساء بفتح الهمزة وفي آخره همزة أخرى مفتوحة جمع رئيس ( جهالاً) بالضم والتشديد والنصب صفة لسابقه ( فسئلوا) بضم السين أي فسألهم السائل ( فأفتوا) له ( بغير علم فضلوا) من الضلال أي من أنفسهم ( وأضلوا) من الإضلال أي أضلّوا السائلين.
فإن قلت: الواقع بعد حتى هنا جملة شرطية فكيف وقعت غاية، أجيب: بأنالتقدير ولكن يقبض العلم بقبض العلماء إلى أن يتخذ الناس رؤساء جهالاً وقت انقراض أهل العلم، فالغاية في الحقيقة هي ما ينسبك من الجواب مرتبًا على فعل الشرط انتهى.
واستدل به الجمهور على جواز خلو الزمان عن مجتهد خلافًا للحنابلة.
( قال الفربري) أبو عبد الله محمد بن يوسف بن مطر ( حدّثنا عباس) بالموحدة والمهملة آخره وفي رواية بإسقاط قال الفربري.
( قال: حدّثنا قيبة) بن سعيد أحد مشايخ المؤلف ( قال: حدّثنا جرير) بفتح الجيم ابن عبد الحميد الضبي ( عن هشام) هو ابن عروة بن الزبير بن العوام ( نحوه) أي نحو حديث مالك السابق، وهذه من زيادات الراوي عن البخاري في بعض الأسانيد، ولفظ رواية قتيبة هذه أخرجها مسلم عنه وسقط من قوله قال الفربري الخ لابن عساكر وأبي الوقت والأصيلي.
35 - باب مَنْ سَمِعَ شَيْئًا فَرَاجَعَ حَتَّى يَعْرِفَه هذا ( باب من سمع شيئًا) زاد في رواية أبي ذر فلم يفهمه ( فراجع) أي راجع الذي سمعه منه وللأصيلي فراجع فيه وفي رواية فراجعه ( حتى يعرفه) .

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [100] حدّثنا إِسْماعِيلُ بنُ أبي أُوَيْسٍ قَالَ: حدّثني مالِكٌ عنْ هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ عنْ أبِيهِ عنْ عَبْدِ اللَّهِ بنِ عَمْرِو بن العاصِي قَالَ: سمِعْتُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُولُ: ( إنَّ الله لَا يَقْبِضُ العِلْمَ انْتِزاعاً يَنْتَزِعُهُ مِنَ العِبادِ، ولَكِنْ يَقْبِضُ العِلْمَ بقَبْضِ العُلماءِ، حَتَّى إِذا لَمْ يُبْقِ عالِماً اتَّخَذَ النَّاسُ رُؤُوساً جُهَّالاً، فَسُئِلُوا فافْتَوْا بغَيْرِ عِلْمٍ، فَضَلُّوا وأضَلُّوا) .
( الحَدِيث 100 طرفه فِي: 7307) .
مُطَابقَة الحَدِيث للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: ( وَلَكِن يقبض الْعلم) .
بَيَان رِجَاله: وهم خَمْسَة ذكرُوا كلهم، وَمَالك هُوَ الإِمَام الْمَشْهُور، أخرج هَذَا الحَدِيث فِي ( الْمُوَطَّأ) ..
     وَقَالَ  الدَّارَقُطْنِيّ: لم يروه فِي ( الْمُوَطَّأ) إلاَّ معن بن عِيسَى،.

     وَقَالَ  أَبُو عمر: رَوَاهُ أَيْضا فِيهِ سُلَيْمَان بن برد، وَرَوَاهُ أَصْحَاب مَالك كَابْن وهب وَغَيره خَارج ( الْمُوَطَّأ) ، وَقد اشْتهر هَذَا الحَدِيث من رِوَايَة هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عُرْوَة بن الزبير بن الْعَوام، وَوَافَقَهُ على رِوَايَته عَن أَبِيه عُرْوَة أَبُو الْأسود الْمدنِي وَحَدِيثه فِي ( الصَّحِيحَيْنِ) ، وَالزهْرِيّ وَحَدِيثه فِي النَّسَائِيّ، وَيحيى بن أبي كثير وَحَدِيثه فِي ( صَحِيح أبي عوَانَة) ، وَوَافَقَ أَبَاهُ على رِوَايَته عَن عبد اللَّه بن عمر، وَعمر بن الحكم بن ثَوْبَان وَحَدِيثه فِي مُسلم.
بَيَان تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره: أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الِاعْتِصَام عَن سعيد ابْن تليد عَن ابْن وهب عَن عبد الرَّحْمَن بن شُرَيْح وَغَيره جَمِيعًا عَن أبي الْأسود مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن يَتِيم عُرْوَة عَن عُرْوَة نَحوه.
وَأخرجه مُسلم فِي الْقدر عَن قُتَيْبَة عَن جرير وَعَن أبي الرّبيع الزهْرَانِي عَن حَمَّاد بن زيد، وَعَن يحيى بن يحيى عَن عباد بن عباد وَأبي مُعَاوِيَة، وَعَن أبي بكر بن أبي شيبَة وَزُهَيْر بن حَرْب كِلَاهُمَا عَن وَكِيع، وَعَن أبي كريب عَن عبد اللَّه بن إِدْرِيس وَأبي أُسَامَة وَعبد الله بن نمير وَعَبدَة بن سُلَيْمَان، وَعَن ابْن أبي عمر عَن سُفْيَان بن عُيَيْنَة، وَعَن مُحَمَّد بن حَاتِم عَن يحيى بن سعيد وَعَن أبي بكر

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( قَولُهُ بَابُ كَيْفَ يُقْبَضُ الْعِلْمُ)
أَيْ كَيْفِيَّةُ قَبْضِ الْعِلْمِ .

     قَوْلُهُ  إِلَى أَبِي بَكْرِ بْنِ حزم هُوَ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ الْأَنْصَارِيٌّ نُسِبَ إِلَى جَدِّ أَبِيهِ وَلِجَدِّهِ عَمْرٌو صُحْبَةٌ وَلِأَبِيهِ مُحَمَّدٌ رُؤْيَةٌ وَأَبُو بَكْرٍ تَابِعِيٌّ فَقِيهٌ اسْتَعْمَلَهُ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَلَى إِمْرَةِ الْمَدِينَةِ وَقَضَائِهَا وَلِهَذَا كَتَبَ إِلَيْهِ وَلَا يُعْرَفُ لَهُ اسْمٌ سِوَى أَبِي بَكْرٍ وَقِيلَ كُنْيَتُهُ أَبُو عَبْدِ الْمَلِكِ وَاسْمُهُ أَبُو بَكْرٍ وَقِيلَ اسْمُهُ كُنْيَتُهُ .

     قَوْلُهُ  انْظُرْ مَا كَانَ أَيِ اجْمَعِ الَّذِي تَجِدُ وَوَقَعَ هُنَا لِلْكُشْمِيهَنِيِّ عِنْدَكَ أَيْ فِي بَلَدِكِ .

     قَوْلُهُ  فَاكْتُبْهُ يُسْتَفَادُ مِنْهُ ابْتِدَاءُ تَدْوِينِ الْحَدِيثِ النَّبَوِيِّ وَكَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ يَعْتَمِدُونَ عَلَى الْحِفْظِ فَلَمَّا خَافَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَكَانَ عَلَى رَأْسِ الْمِائَةِ الْأُولَى مِنْ ذَهَابِ الْعِلْمِ بِمَوْتِ الْعُلَمَاءِ رَأَى أَنَّ فِي تَدْوِينِهِ ضَبْطًا لَهُ وَإِبْقَاءً وَقَدْ رَوَى أَبُو نُعَيْمٍ فِي تَارِيخِ أَصْبَهَانَ هَذِهِ الْقِصَّةَ بِلَفْظِ كَتَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ إِلَى الْآفَاقِ انْظُرُوا حَدِيثَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاجْمَعُوهُ .

     قَوْلُهُ  وَلَا يُقْبَلُ هُوَ بِضَمِّ الْيَاءِ التَّحْتَانِيَّةِ وَسُكُونِ اللَّامِ وَبِسُكُونِهَا وَكَسْرِهَا مَعًا فِي وَلْيُفْشُوا وَلْيَجْلِسُوا .

     قَوْلُهُ  حَتَّى يُعَلَّمَ هُوَ بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَتَشْدِيدِ اللَّامِ وَلِلْكُشْمِيهَنِيِّ يُعْلَمُ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَتَخْفِيفِ اللَّامِ .

     قَوْلُهُ  يَهْلِكُ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَكَسْرِ اللَّامِ .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَنَا الْعَلَاءُ لَمْ يَقَعْ وَصْلُ هَذَا التَّعْلِيقِ عِنْدَ الْكُشْمِيهَنِيِّ وَلَا كَرِيمَة وَلَا بن عَسَاكِرَ إِلَى قَوْلِهِ ذَهَابُ الْعُلَمَاءِ وَهُوَ مُحْتَمِلٌ لِأَنْ يَكُونَ مَا بَعْدَهُ لَيْسَ مِنْ كَلَامِ عُمَرَ أَوْ مِنْ كَلَامِهِ وَلَمْ يَدْخُلْ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ وَبِهِ صَرَّحَ أَبُو نُعَيْمٍ فِي الْمُسْتَخْرَجِ وَلَمْ أَجِدْهُ فِي مَوَاضِعَ كَثِيرَةٍ إِلَّا كَذَلِكَ وَعَلَى هَذَا فَبَقِيَّتُهُ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَوْرَدَهُ تِلْوَ كَلَامِ عُمَرَ ثُمَّ بَيَّنَ أَنَّ ذَلِكَ غَايَةُ مَا انْتَهَى إِلَيْهِ كَلَامُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى

[ قــ :100 ... غــ :100] .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَنِي مَالِكٌ قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ لَمْ يَرْوِهِ فِي الْمُوَطَّأِ إِلَّا مَعْنُ بْنُ عِيسَى وَرَوَاهُ أَصْحَابُ مَالِكٍ كَابْنِ وَهْبٍ وَغَيْرِهِ عَنْ مَالك خَارج الْمُوَطَّأ وَأفَاد بن عَبْدِ الْبَرِّ أَنَّ سُلَيْمَانَ بْنَ يَزِيدَ رَوَاهُ أَيْضًا فِي الْمُوَطَّأِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَدِ اشْتُهِرَ هَذَا الْحَدِيثُ مِنْ رِوَايَةِ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ فَوَقَعَ لَنَا مِنْ رِوَايَةٍ أَكْثَرَ مِنْ سَبْعِينَ نَفْسًا عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الْحَرَمَيْنِ وَالْعِرَاقَيْنِ وَالشَّامِ وَخُرَاسَانَ وَمِصْرَ وَغَيْرِهَا وَوَافَقَهُ عَلَى رِوَايَتِهِ عَنْ أَبِيهِ عُرْوَةُ أَبُو الْأَسْوَدِ الْمَدَنِيُّ وَحَدِيثُهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَالزُّهْرِيُّ وَحَدِيثُهُ فِي النَّسَائِيِّ وَيَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ وَحَدِيثُهُ فِي صَحِيحِ أَبِي عَوَانَةَ وَوَافَقَ أَبَاهُ عَلَى رِوَايَتِهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو عمر بْنِ الْحَكَمِ بْنِ ثَوَبَانَ وَحَدِيثُهُ فِي مُسْلِمٍ .

     قَوْلُهُ  لَا يَقْبِضُ الْعِلْمُ انْتِزَاعًا أَيْ مَحْوًا مِنَ الصُّدُورِ وَكَانَ تَحْدِيثُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَلِكَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ كَمَا رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ لَمَّا كَانَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خُذُوا الْعِلْمَ قَبْلَ أَنْ يُقْبَضَ أَوْ يُرْفَعَ فَقَالَ أَعْرَابِيٌّ كَيْفَ يُرْفَعُ فَقَالَ أَلَا إِنَّ ذَهَابَ الْعِلْمِ ذَهَابُ حَمَلَتُهُ ثَلَاثً مَرَّات قَالَ بن الْمُنِيرِ مَحْوُ الْعِلْمِ مِنَ الصُّدُورِ جَائِزٌ فِي الْقُدْرَةِ إِلَّا أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ دَلَّ عَلَى عَدَمِ وُقُوعِهِ .

     قَوْلُهُ  حَتَّى إِذَا لَمْ يَبْقَ عَالِمٌ هُوَ بِفَتْحِ الْيَاءِ وَالْقَافِ وَلِلْأَصِيلِيِّ بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَكَسْرِ الْقَافِ وَعَالِمًا مَنْصُوبٌ أَيْ لَمْ يُبْقِ اللَّهُ عَالِمًا وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ حَتَّى إِذا لم يتْرك عَالما قَوْله رؤوسا قَالَ النَّوَوِيُّ ضَبَطْنَاهُ بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَالتَّنْوِينِ جَمْعُ رَأْسٍ.

.

قُلْتُ وَفِي رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ أَيْضًا بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَفِي آخِرِهِ هَمْزَةٌ أُخْرَى مَفْتُوحَةٌ جَمْعُ رَئِيسٍ .

     قَوْلُهُ  بِغَيْرِ عِلْمٍ وَفِي رِوَايَةِ أَبِي الْأَسْوَدَ فِي الِاعْتِصَامِ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ فَيُفْتُونَ بِرَأْيِهِمْ وَرَوَاهَا مُسْلِمٌ كَالْأُولَى .

     قَوْلُهُ  قَالَ الْفَرَبْرِيُّ هَذَا مِنْ زِيَادَاتِ الرَّاوِي عَنِ الْبُخَارِيِّ فِي بَعْضِ الْأَسَانِيدِ وَهِيَ قَلِيلَةٌ .

     قَوْلُهُ  نَحْوَهُ أَيْ بِمَعْنَى حَدِيثِ مَالِكٍ وَلَفْظُ رِوَايَةِ قُتَيْبَةَ هَذِهِ أَخْرَجَهَا مُسْلِمٌ عَنْهُ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ الْحَثُّ عَلَى حِفْظِ الْعِلْمِ وَالتَّحْذِيرُ مِنْ تَرْئِيسِ الْجَهَلَةِ وَفِيهِ أَنَّ الْفَتْوَى هِيَ الرِّيَاسَةُ الْحَقِيقِيَّةُ وَذَمُّ مَنْ يُقْدِمُ عَلَيْهَا بِغَيْرِ عِلْمٍ وَاسْتَدَلَّ بِهِ الْجُمْهُورُ عَلَى الْقَوْلِ بِخُلُوِّ الزَّمَانِ عَنْ مُجْتَهِدٍ وَلِلَّهِ الْأَمْرُ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ وَسَيَكُونُ لَنَا فِي الْمَسْأَلَةِ عَوْدٌ فِي كِتَابِ الِاعْتِصَامِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
[ قــ :100 ... غــ :100 ]

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  باب كَيْفَ يُقْبَضُ الْعِلْمُ
وَكَتَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ إِلَى أَبِي بَكْرِ بْنِ حَزْمٍ: انْظُرْ مَا كَانَ مِنْ حَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَاكْتُبْهُ، فَإِنِّي خِفْتُ دُرُوسَ الْعِلْمِ وَذَهَابَ الْعُلَمَاءِ، وَلاَ يُقْبَلْ إِلاَّ حَدِيثَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وَلْيُفْشُوا الْعِلْمَ.
وَلْيَجْلِسُوا حَتَّى يُعَلَّمَ مَنْ لاَ يَعْلَمُ، فَإِنَّ الْعِلْمَ لاَ يَهْلِكُ حَتَّى يَكُونَ سِرًّا.
حَدَّثَنَا الْعَلاَءُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ بِذَلِكَ.
يَعْنِي حَدِيثَ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ إِلَى قَوْلِهِ "ذَهَابَ الْعُلَمَاءِ".

هذا ( باب) بالتنوين وفي فرع اليونينية بغير تنوين مضافًا لقوله: ( كيف يقبض العلم) أي كيفية رفع العلم، وسقط لفظ باب للأصيلي: ( وكتب) وفي رواية ابن عساكر قال: أي البخاري وكتب ( عمر بن عبد العزيز) أحد الخلفاء الراشدين المهديين ( إلى) نائبه في الإمرة والقضاء على المدينة ( أبي بكر) بن محمد بن عمرو ( بن حزم) بفتح المهملة وسكون الزاي الأنصاري المدني، المتوفى سنة اثنتين ومائة في خلافة هشام بن عبد الملك وهو ابن أربع وثمانين سنة، ونسبه المؤلف إلى جد أبيه لشهرته به ولجده عمرو صحبة ولأبيه محمد رؤية ( انظر ما كان) أي الجمع الذي تجده، وفي رواية الكشميهني انظر ما كان عندك أي في بلدك، فكان على الرواية الأولى تامة وعلى الثانية ناقصة وعندك الخبر ( من حديث رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فأكتبه فإني خفت دروس العلم) بضم الدال ( وذهاب العلماء) فإن في كتبه ضبطًا له وإبقاء، وقد كان الاعتماد إذ ذاك إنما هو على الحفظ فخاف عمر بن عبد العزيز في رأس المائة الأولى من ذهاب العلم بموت العلماء فأمر بذلك، ( ولا يقبل) بضم المثناة التحتية وسكون اللام، وفي بعض النسخ بالرفع على أن لا نافية وفي فرع اليونينية كهي تقبل بفتح المثناة الفوقية على الخطاب مع الجزم ( إلا حديث النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
وليفشوا العلم وليجلسوا)
بضم المثناة التحتية في الأوّل من الإفشاء وفتحها في الثاني من الجلوس لا من الإجلاس مع سكون اللام وكسرها معًا فيهما.
وفي رواية عن ابن عساكر: ولتفشوا ولتجلسوا بالمثناة الفوقية فيهما ( حتى يعلم) بضم المثناة التحتية وتشديد اللام المفتوحة وللكشميهني يعلم بفتحها وتخفيف اللام مع تسكين العين من العلم ( من لا يعلم فإن العلم لا يهلك) بفتح أوّله وكسر ثالثه كضرب يضرب وقد تفتح ( حتى يكون سرًّا) أي خفية كاتخاذه في الدار المحجورة التي لا يتأتى فيها نشر العلم بخلاف المساجد والجوامع والمدارس ونحوها، وقد وقع هذا التعليق موصولاً عقبه في غير رواية الكشميهني وكريمة وابن عساكر ولفظه: حدّثنا.
وفي رواية الأصيلي قال أبو عبد الله أي البخاري: ( حدّثنا العلاء بن عبد الجبار) أبو الحسن البصري العطار الأنصاري الثقة، المتوفى سنة اثنتي عشرة ومائتين ( قال: حدّثنا عبد العزيز بن مسلم) القسملي، المتوفى

سنة سبع وستين ومائة ( عن عبد الله بن دينار) القرشي المدني مولى ابن عمر رضي الله عنهما ( بذلك يعني حديث عمر بن عبد العزيز إلى قوله ذهاب العلماء) قال الحافظ ابن حجر: محتمل لأن يكون ما بعده ليس من كلام عمر أو من كلامه ولم يدخل في هذه الرواية والأوّل أظهر، وبه صرّح أبو نعيم في المستخرج ولم أجده في مواضع كثيرة إلا كذلك، وعلى هذا فبقيته من كلام المصنف أورده تلو كلام عمر، ثم بيّن أن ذلك غاية ما انتهى إليه كلام عمر انتهى.


[ قــ :100 ... غــ : 100 ]
- حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: «إِنَّ اللَّهَ لاَ يَقْبِضُ الْعِلْمَ انْتِزَاعًا يَنْتَزِعُهُ مِنَ الْعِبَادِ، وَلَكِنْ يَقْبِضُ الْعِلْمَ بِقَبْضِ الْعُلَمَاءِ حَتَّى إِذَا لَمْ يُبْقِ عَالِمًا اتَّخَذَ النَّاسُ رُءُوسًا جُهَّالاً فَسُئِلُوا فَأَفْتَوْا بِغَيْرِ عِلْمٍ فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا».

قَالَ الْفِرَبْرِيُّ حَدَّثَنَا عَبَّاسٌ قَالَ: حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ قال: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ هِشَامٍ نَحْوَهُ.
[الحديث 100 - طرفه في: 7307] .

وبالسند إلى المؤلف قال: ( حدّثنا إسماعيل بن أبي أويس) بضم الهمزة والسين المهملة ( قال: حدّثني) بالإفراد ( مالك) هو ابن أنس الإمام ( عن هشام بن عروة عن أبيه) عروة ( عن عبد الله بن عمرو بن العاصي) رضي الله عنهما أنه ( قال: سمعت رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أي كلامه حال كونه ( يقول) أي في حجة الوداع كما عند أحمد والطبراني من حديث أبي أمامة:

( إن الله لا يقبض العلم) من بين الناس ( انتزاعًا) بالنصب مفعول مطلق ( ينتزعه) وفي رواية ينزعه ( من العباد) بأن يرفعه إلى السماء أو يمحوه من صدورهم، ( ولكن يقبض العلم بقبض) أرواح ( العلماء) وموت حملته، وإنما عبّر بالمظهر في قوله يقبض العلم موضع المضمر لزيادة تعظيم المظهر كما في قوله تعالى: { اللَّهُ الصَّمَدُ} بعد قوله: { اللَّهُ أَحَدٌ} ( حتى إذا لم يبق) بضم المثناة التحتية وكسر القاف من الإبقاء وفيه ضمير يرجع إلى الله تعالى أي حتى إذا لم يبق الله تعالى ( عالمًا) بالنصب على المفعولية كذا في رواية الأصيلي ولغيره يبق بفتح حرف المضارعة من البقاء الثلاثي وعالم بالرفع على الفاعلية، ولمسلم حتى إذا لم يترك عالمًا ( اتخذ الناس) بالرفع على الفاعلية ( رؤوسًا) بضم الراء والهمزة والتنوين جمع رأس، ولأبي ذر أيضًا كما في الفتح رؤساء بفتح الهمزة وفي آخره همزة أخرى مفتوحة جمع رئيس ( جهالاً) بالضم والتشديد والنصب صفة لسابقه ( فسئلوا) بضم السين أي فسألهم السائل ( فأفتوا) له ( بغير علم فضلوا) من الضلال أي من أنفسهم ( وأضلوا) من الإضلال أي أضلّوا السائلين.

فإن قلت: الواقع بعد حتى هنا جملة شرطية فكيف وقعت غاية، أجيب: بأن التقدير ولكن يقبض العلم بقبض العلماء إلى أن يتخذ الناس رؤساء جهالاً وقت انقراض أهل العلم، فالغاية في
الحقيقة هي ما ينسبك من الجواب مرتبًا على فعل الشرط انتهى.
واستدل به الجمهور على جواز خلو الزمان عن مجتهد خلافًا للحنابلة.

( قال الفربري) أبو عبد الله محمد بن يوسف بن مطر ( حدّثنا عباس) بالموحدة والمهملة آخره وفي رواية بإسقاط قال الفربري.
( قال: حدّثنا قيبة) بن سعيد أحد مشايخ المؤلف ( قال: حدّثنا جرير) بفتح الجيم ابن عبد الحميد الضبي ( عن هشام) هو ابن عروة بن الزبير بن العوام ( نحوه) أي نحو حديث مالك السابق، وهذه من زيادات الراوي عن البخاري في بعض الأسانيد، ولفظ رواية قتيبة هذه أخرجها مسلم عنه وسقط من قوله قال الفربري الخ لابن عساكر وأبي الوقت والأصيلي.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( بابُُ كَيْفَ يُقْبَضُ العِلْمُ)

أَي: هَذَا بابُُ، وَالْبابُُ منون، وَالْمعْنَى: هَذَا بابُُ فِي بَيَان كَيْفيَّة قبض الْعلم، و: كَيفَ، يسْتَعْمل فِي الْكَلَام على وَجْهَيْن: أَحدهمَا: أَن يكون شرطا، فَيَقْتَضِي فعلين متفقي اللَّفْظ وَالْمعْنَى غير مجزومين.
نَحْو: كَيفَ تصنع أصنع.
وَلَا يجوز: كَيفَ تجْلِس أذهب، بِاتِّفَاق، وَلَا: كَيفَ تجْلِس أَجْلِس الْجَزْم عِنْد الْبَصرِيين إلاَّ قطرباً.
وَالْآخر: وَهُوَ الْغَالِب فِيهَا أَن تكون استفهاماً: إِمَّا حَقِيقِيًّا نَحْو: كَيفَ زيد؟ أَو غَيره، نَحْو: { كَيفَ تكفرون بِاللَّه} الْآيَة ( الْبَقَرَة: 28) ، فَإِنَّهُ أخرج مخرج التَّعَجُّب، وَالْقَبْض نقيض الْبسط، وَالْمرَاد مِنْهُ الرّفْع والانطواء، كَمَا يُرَاد من الْبسط الانتشار.

وَجه الْمُنَاسبَة بَين الْبابَُُيْنِ من حَيْثُ إِن الْمَذْكُور فِي الْبابُُ السَّابِق الْحِرْص على الحَدِيث الَّذِي هُوَ من أشرف أَنْوَاع الْعُلُوم، وَالْمَذْكُور فِي هَذَا الْبابُُ ارْتِفَاع الْعُلُوم، فبينهما تقَابل فتناسقا من هَذِه الْجِهَة.
وَإِنَّمَا ذكر هَذَا الْبابُُ عقيب الْبابُُ السَّابِق تَنْبِيها على أَن يهتم بتحصيل الْعُلُوم مَعَ الْحِرْص عَلَيْهَا، لِأَنَّهَا مِمَّا تقبض وترفع فتستدرك غنائمها قبل فَوَاتهَا.
وكَتَبَ عُمَرُ بنُ عَبْدِ العَزِيزِ إِلَى أبي بَكْرِ بنِ حَزْمٍ: انْظَرْ مَا كانَ منْ حدَيثِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فأكْتُبْهُ، فأنِّي خِفْتُ دُرُوسَ العِلْمِ وذَهابَ العُلماءِ، وَلَا يُقْبلُ إِلاَّ حَدِيثُ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، ولْيُفْشُوا العِلْمَ وَلْيَجْلِسُوا حَتَّى يُعلَّمَ مَنْ لاَ يَعْلَمُ فإنَ العَلْمَ لَا يَهْلِكُ حَتَّى يَكُونَ سِرًّا.

هَذَا تَعْلِيق لم يَقع وَصله عِنْد الْكشميهني وكريمة وَابْن عَسَاكِر، وَوَقع وَصله للْبُخَارِيّ عِنْد غَيرهم، وَهُوَ بقوله فِي بعض النّسخ: حَدثنَا الْعَلَاء بن عبد الْجَبَّار ... إِلَى آخِره، على مَا يَأْتِي ذكره عَن قريب.
وَقد روى أَبُو نعيم فِي ( تَارِيخ أَصْبَهَان) هَذِه الْقِصَّة بِلَفْظ: كتب عمر بن عبد الْعَزِيز، رَضِي الله عَنهُ، إِلَى الْآفَاق: انْظُرُوا حَدِيث رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فاجمعوه.

أما عمر بن عبد الْعَزِيز فَهُوَ أحد الْخُلَفَاء الرَّاشِدين المهديين، وَقد مر فِي كتاب الْإِيمَان، وَأما أَبُو بكر بن حزم فَهُوَ: ابْن مُحَمَّد بن عَمْرو بن حزم، بِفَتْح الْحَاء الْمُهْملَة وَسُكُون الزَّاي، ابْن زيد بن لودان بن عمر بن عبد عَوْف بن مَالك بن النجار الْأنْصَارِيّ الْمدنِي.
قَالَ الْخَطِيب: يُقَال: إِن اسْمه أَبُو بكر، وكنيته أَبُو مُحَمَّد، وَمثله: أَبُو بكر بن عبد الرَّحْمَن بن الْحَارِث، أحد الْفُقَهَاء السَّبْعَة.
كنيته أَبُو عبد الرَّحْمَن.
قَالَ الْخَطِيب: لَا نَظِير لَهما.
وَقد قيل فِي أبي بكر بن مُحَمَّد: لَا كنية لَهُ غير أبي بكر اسْمه..
     وَقَالَ  أَبُو عمر بن عبد الْبر: قيل: إِن اسْم أبي بكر بن عبد الرَّحْمَن هَذَا: الْمُغيرَة، وَلَا يَصح.
قلت: أَرَادَ الْخَطِيب قَوْله: لَا نَظِير لَهما، أَي: مِمَّن اسْمه أَبُو بكر وَله كنية، وَأما من اشْتهر بكنيته وَلم يعرف لَهُ اسْم غَيره فكثير، ذكر ابْن عبد الْبر مِنْهُم جمَاعَة، وَأَبُو بكر بن حزم ولي الْقَضَاء والإمرة والموسم لِسُلَيْمَان بن عبد الْملك وَعمر بن عبد الْعَزِيز،.

     وَقَالَ  الْوَاقِدِيّ: لما ولي عمر بن عبد الْعَزِيز الْخلَافَة ولى أَبَا بكر إمرة الْمَدِينَة، فاستقضى أَبُو بكر ابْن عَمه على الْقَضَاء، وَكَانَ أَبُو بكر هُوَ الَّذِي يُصَلِّي بِالنَّاسِ ويتولى أَمرهم، وَكَانَ يخضب بِالْحِنَّاءِ والكتم، توفّي سنة عشْرين وَمِائَة فِي خلَافَة هِشَام بن عبد الْملك وَهُوَ ابْن أَربع وَثَمَانِينَ سنة، روى لَهُ الْجَمَاعَة إِلَّا التِّرْمِذِيّ، سُئِلَ يحيى بن معِين عَن حَدِيث عُثْمَان بن حَكِيم عَن أبي بكر بن مُحَمَّد بن عَمْرو بن حزم، قَالَ: عرضت على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: مُرْسل.

قَوْله: ( انْظُر مَا كَانَ من حَدِيث) أَي: اجْمَعْ الَّذِي تَجِد، وَوَقع هُنَا للكشميهني: عنْدك، مَعْنَاهُ فِي بلدك.
قَوْله: ( فاكتبه) فِيهِ إِشَارَة إِلَى أَن ابْتِدَاء تدوين الحَدِيث النَّبَوِيّ كَانَ فِي أَيَّام عمر بن عبد الْعَزِيز، رَضِي الله عَنهُ، وَكَانُوا قبل ذَلِك يعتمدون على الْحِفْظ، فَلَمَّا خَافَ عمر رَضِي الله عَنهُ، وَكَانَ على رَأس الْمِائَة الأولى من ذهَاب الْعلم بِمَوْت الْعلمَاء، رأى أَن فِي تدوينه ضبطاً لَهُ وإبقاء.
قَوْله: ( فَإِنِّي) الْفَاء فِيهِ للتَّعْلِيل.
قَوْله: ( دروس الْعلم) بِضَم الدَّال، من: درس يدرس، من بابُُ: نصر ينصر، دروساً أَي: عفى ودرست الْكتاب أدرسه وأدرسه من بابُُ نصر ينصر وَضرب يضْرب درساً ودراسة ودرس الْحِنْطَة درساً ودراساً أَي: داسها.
قَوْله: ( وَلَا يقبل) بِضَم الْيَاء أَعنِي حرف المضارعة.
قَوْله: ( وليفشوا) بِصِيغَة الْأَمر من الإفشاء، وَهُوَ الإشاعة.
وَيجوز فِيهِ تسكين اللَّام كَمَا فِي بعض الرِّوَايَات.
وَقَوله: ( الْعلم) بِالنّصب مَفْعُوله.
قَوْله: ( وليجلسوا) بِصِيغَة الْأَمر أَيْضا من الْجُلُوس لَا من الإجلاس، وَيجوز فِي لامه التسكين أَيْضا.
قَوْله: ( حَتَّى يعلم) على صِيغَة الْمَجْهُول من التَّعْلِيم، أَعنِي بتَشْديد اللَّام، وَفِي رِوَايَة الْكشميهني: حَتَّى يعلم: بِفَتْح حرف المضارعة وَاللَّام من الْعلم.
قَوْله: ( من لَا يعلم) بِصِيغَة الْمَعْلُوم من الْعلم.
وَكلمَة: من مَوْصُولَة فِي مَحل الرّفْع لِأَنَّهُ فَاعل يعلم الَّذِي هُوَ على صِيغَة الْمَعْلُوم، وَأما إِذا قرىء على صِيغَة الْمَجْهُول من التَّعْلِيم فَتكون مَفْعُولا نَاب عَن الْفَاعِل.
فَافْهَم.
قَوْله: ( لَا يهْلك) بِفَتْح حرف المضارعة وَكسر اللَّام، أَي: لَا يضيع.
وَفتح اللَّام لُغَة.
وَقَرَأَ الْحسن الْبَصْرِيّ وَأَبُو حَيْوَة وَابْن أبي إِسْحَاق: { وَيهْلك الْحَرْث والنسل} ( الْبَقَرَة: 25) بِفَتْح الْيَاء، وَاللَّام وَرفع الثَّاء.
قَوْله: ( حَتَّى يكون سرا) أَي: خُفْيَة، وَأَرَادَ بِهِ كتمان الْعلم.

وَقَالَ ابْن بطال: فِي أَمر عمر ابْن عبد الْعَزِيز بِكِتَابَة حَدِيث النَّبِي، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، خَاصَّة وَأَن لَا يقبل غَيره، الحض على اتِّبَاع السّنَن وضبطها، إِذْ هِيَ الْحجَّة عِنْد الِاخْتِلَاف.
وَفِيه: يَنْبَغِي للْعَالم نشر الْعلم وإذاعته.

حدّثنا العَلاءُ بنُ عَبْدِ الجَبَّارِ قَالَ: حدّثنا عبدُ العزِيز بنُ مُسُلْمٍ عَن عبدِ اللَّهِ بنِ دِينارٍ بِذلك، يَعْنِي حَدِيثَ عُمَرَ بنِ عبدِ العَزِيز، إِلَى قَولِهِ: ذَهابَ العُلماءِ.

أَشَارَ بِهَذَا إِلَى أَنه روى أثر عمر بن عبد الْعَزِيز مَوْصُولا، و: لَكِن: ( إِلَى قَوْله ذهَاب الْعلمَاء) فسر ذَلِك بقوله: يَعْنِي حَدِيث عمر بن عبد الْعَزِيز إِلَى قَوْله ذهَاب الْعلمَاء.
قَالَ الْكرْمَانِي: قَوْله بذلك يَعْنِي بِجَمِيعِ مَا ذكر، يَعْنِي: إِلَى قَوْله: حَتَّى يكون سرا.
ثمَّ قَالَ: وَفِي بعض النّسخ بعده: يَعْنِي بعد قَوْله بذلك يَعْنِي حَدِيث عمر بن عبد الْعَزِيز إِلَى قَوْله: ذهَاب الْعلمَاء، ثمَّ قَالَ: وَالْمَقْصُود مِنْهُ أَن الْعَلَاء روى كَلَام عمر بن عبد الْعَزِيز إِلَى قَوْله: ذهَاب الْعلمَاء فَقَط.
قلت: أما بعد قَوْله: ذهَاب الْعلمَاء، يحْتَمل أَن يكون كَلَام عمر، وَلكنه لم يدْخل فِي هَذِه الرِّوَايَة، وَيحْتَمل أَن لَا يكون من كَلَامه، وَهُوَ الْأَظْهر، وَبِه صرح أَبُو نعيم فِي ( الْمُسْتَخْرج) فَإِذا كَانَ كَذَلِك يكون هَذَا من كَلَام البُخَارِيّ أوردهُ عقيب كَلَام عمر بن عبد العزيز بعد انتهائه: أنبأني الشَّيْخ قطب الدّين عبد الْكَرِيم إجَازَة، قَالَ: أَخْبرنِي جدي إجَازَة الْحَافِظ الثِّقَة الْعدْل قطب الدّين عبد الْكَرِيم، ثَنَا مُحَمَّد بن عبد الْمُنعم بِقِرَاءَتِي عَلَيْهِ، أَنبأَنَا عبد الْعَزِيز بن باقاء الْبَغْدَادِيّ إجَازَة، أَنبأَنَا يحيى بن ثَابت سَمَاعا، أَنبأَنَا ثَابت بن بنْدَار، أَنبأَنَا الإِمَام الْحَافِظ أَبُو بكر أَحْمد بن مُحَمَّد بن غَالب البرقاني، أَنبأَنَا الإِمَام الْحَافِظ الْإِسْمَاعِيلِيّ، ثَنَا الْعَلَاء بن عبد الْجَبَّار، ثَنَا عبد الْعَزِيز بن مُسلم عَن عبد اللَّه بن دِينَار، قَالَ: كتب عمر بن عبد الْعَزِيز إِلَى أبي بكر بن حزم ... فَذكره إِلَى قَوْله: وَذَهَاب الْعلمَاء.
فَإِن قلت: لِمَ أخر إِسْنَاد كَلَام عمر بن عبد الْعَزِيز عَن كَلَامه، وَالْعَادَة تَقْدِيم الْإِسْنَاد.
قلت: قَالَ الْكرْمَانِي: للْفرق بَين إِسْنَاد الْأَثر وَبَين إِسْنَاد الْخَبَر، وَفِيه نظر لِأَنَّهُ غير مطرد، وَيحْتَمل أَن يكون قد ظهر بِإِسْنَادِهِ بعد وضع هَذَا الْكَلَام، فَالْحَقْهُ بالأخير، على أَنا قُلْنَا: إِن هَذَا الْإِسْنَاد لَيْسَ بموجود عِنْد جمَاعَة.

وَأما الْعَلَاء بن عبد الْجَبَّار فَهُوَ أَبُو الْحسن الْبَصْرِيّ الْعَطَّار الْأنْصَارِيّ مَوْلَاهُم، سكن مَكَّة، أخرج البُخَارِيّ من رِوَايَة أبي إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم، وَأبي الْهَيْثَم فِي الْعلم عَنهُ عَن عبد الْعَزِيز هَذَا الْأَثر وَلم يخرج عَنهُ غَيره، قَالَ أَبُو حَاتِم: صَالح الحَدِيث..
     وَقَالَ  الْعجلِيّ: ثِقَة، توفّي سنة اثْنَتَيْ عشرَة وَمِائَتَيْنِ، وروى التِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه عَن رجل عَنهُ، وَلم يخرج لَهُ مُسلم شَيْئا.
وَعبد الْعَزِيز بن مُسلم الْقَسْمَلِي مَوْلَاهُم، أَخُو الْمُغيرَة بن مُسلم الْخُرَاسَانِي الْمروزِي نِسْبَة إِلَى القساملة، وَقيل لَهُم ذَلِك لأَنهم من ولد قسملة، واسْمه مُعَاوِيَة بن عَمْرو بن مَالك بن فهم بن غنم بن دوس بن عدنان، وَلَهُم محلّة بِالْبَصْرَةِ مَعْرُوفَة بالقسامل، وَقيل: نزل فيهم فنسب إِلَيْهِم، وَأخرج لَهُ البُخَارِيّ فِي التَّعْبِير والذبائح وَكتاب المرضى وَغير مَوضِع عَن مُسلم بن إِسْمَاعِيل عَنهُ عَن عبد اللَّه بن دِينَار، وحصين وَالْأَعْمَش.
وَأخرج لَهُ هَذَا الْأَثر عَن الْعَلَاء عَنهُ.
قَالَ يحيى بن معِين وَأَبُو حَاتِم: ثِقَة..
     وَقَالَ  يحيى بن إِسْحَاق: ثَنَا عبد الْعَزِيز بن مُسلم، وَكَانَ من الأبدال.
قَالَ عَمْرو بن عَليّ: مَاتَ سنة سبع وَسِتِّينَ وَمِائَة، روى لَهُ الْجَمَاعَة إلاَّ ابْن مَاجَه.
وَأما عبد اللَّه بن دِينَار الْقرشِي الْمدنِي، مولى ابْن عمر فقد مر فِي: بابُُ أُمُور الْإِيمَان.



[ قــ :100 ... غــ :100 ]
- حدّثنا إِسْماعِيلُ بنُ أبي أُوَيْسٍ قَالَ: حدّثني مالِكٌ عنْ هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ عنْ أبِيهِ عنْ عَبْدِ اللَّهِ بنِ عَمْرِو بن العاصِي قَالَ: سمِعْتُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُولُ: ( إنَّ الله لَا يَقْبِضُ العِلْمَ انْتِزاعاً يَنْتَزِعُهُ مِنَ العِبادِ، ولَكِنْ يَقْبِضُ العِلْمَ بقَبْضِ العُلماءِ، حَتَّى إِذا لَمْ يُبْقِ عالِماً اتَّخَذَ النَّاسُ رُؤُوساً جُهَّالاً، فَسُئِلُوا فافْتَوْا بغَيْرِ عِلْمٍ، فَضَلُّوا وأضَلُّوا) .

( الحَدِيث 100 طرفه فِي: 7307) .

مُطَابقَة الحَدِيث للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: ( وَلَكِن يقبض الْعلم) .

بَيَان رِجَاله: وهم خَمْسَة ذكرُوا كلهم، وَمَالك هُوَ الإِمَام الْمَشْهُور، أخرج هَذَا الحَدِيث فِي ( الْمُوَطَّأ) ..
     وَقَالَ  الدَّارَقُطْنِيّ: لم يروه فِي ( الْمُوَطَّأ) إلاَّ معن بن عِيسَى،.

     وَقَالَ  أَبُو عمر: رَوَاهُ أَيْضا فِيهِ سُلَيْمَان بن برد، وَرَوَاهُ أَصْحَاب مَالك كَابْن وهب وَغَيره خَارج ( الْمُوَطَّأ) ، وَقد اشْتهر هَذَا الحَدِيث من رِوَايَة هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عُرْوَة بن الزبير بن الْعَوام، وَوَافَقَهُ على رِوَايَته عَن أَبِيه عُرْوَة أَبُو الْأسود الْمدنِي وَحَدِيثه فِي ( الصَّحِيحَيْنِ) ، وَالزهْرِيّ وَحَدِيثه فِي النَّسَائِيّ، وَيحيى بن أبي كثير وَحَدِيثه فِي ( صَحِيح أبي عوَانَة) ، وَوَافَقَ أَبَاهُ على رِوَايَته عَن عبد اللَّه بن عمر، وَعمر بن الحكم بن ثَوْبَان وَحَدِيثه فِي مُسلم.

بَيَان تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره: أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الِاعْتِصَام عَن سعيد ابْن تليد عَن ابْن وهب عَن عبد الرَّحْمَن بن شُرَيْح وَغَيره جَمِيعًا عَن أبي الْأسود مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن يَتِيم عُرْوَة عَن عُرْوَة نَحوه.
وَأخرجه مُسلم فِي الْقدر عَن قُتَيْبَة عَن جرير وَعَن أبي الرّبيع الزهْرَانِي عَن حَمَّاد بن زيد، وَعَن يحيى بن يحيى عَن عباد بن عباد وَأبي مُعَاوِيَة، وَعَن أبي بكر بن أبي شيبَة وَزُهَيْر بن حَرْب كِلَاهُمَا عَن وَكِيع، وَعَن أبي كريب عَن عبد اللَّه بن إِدْرِيس وَأبي أُسَامَة وَعبد الله بن نمير وَعَبدَة بن سُلَيْمَان، وَعَن ابْن أبي عمر عَن سُفْيَان بن عُيَيْنَة، وَعَن مُحَمَّد بن حَاتِم عَن يحيى بن سعيد وَعَن أبي بكر بن نَافِع عَن عمر ابْن عَليّ الْمقدمِي، وَعَن عبد بن حميد عَن يزِيد بن هَارُون عَن شُعْبَة، الثَّلَاثَة عشر كلهم عَن هِشَام بن عُرْوَة بِهِ، وَعَن حَرْمَلَة بن يحيى عَن ابْن وهب عَن عبد الرَّحْمَن بن شُرَيْح وَحده بِهِ.
وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِي الْعلم عَن هَارُون بن إِسْحَاق الْهَمدَانِي عَن عَبدة بن سُلَيْمَان بِهِ،.

     وَقَالَ : حسن صَحِيح.
وَقد رُوِيَ هَذَا الحَدِيث عَن الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة عَن عبد الله بن عمر، وَعَن عُرْوَة عَن عَائِشَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مثل هَذَا.
وَأخرجه النَّسَائِيّ فِيهِ عَن مُحَمَّد بن رَافع عَن عبد الرَّزَّاق عَن معمر عَن الزُّهْرِيّ عَنهُ بِهِ، وَعَن عَمْرو بن عَليّ عَن عبد الْوَهَّاب الثَّقَفِيّ عَن أَيُّوب وَيحيى بن سعيد الْأنْصَارِيّ، كِلَاهُمَا عَن هِشَام بن عُرْوَة بِهِ.
قَالَ عبد الْوَهَّاب: فَلَقِيت هشاماً فَحَدثني عَن أَبِيه عَنهُ بِهِ، وَعَن أَبِيه مثله.
وَأخرجه ابْن مَاجَه فِي السّنة عَن أبي كريب عَن عبد اللَّه بن إِدْرِيس وَعَبدَة بن سُلَيْمَان وَأبي مُعَاوِيَة وَعبد اللَّه بن نمير وَمُحَمّد بن بشر، وَعَن سُوَيْد بن سعيد عَن مَالك وَعلي بن مسْهر وَحَفْص بن ميسرَة وَشُعَيْب بن إِسْحَاق، تسعتهم عَن هِشَام بن عُرْوَة بِهِ.

بَيَان الْإِعْرَاب: قَوْله: ( يَقُول) ، جملَة وَقعت حَالا، وَإِنَّمَا ذكر بِلَفْظ الْمُضَارع حِكَايَة لحَال الْمَاضِي واستحضاراً لَهُ، وإلاَّ فَالْأَصْل أَن يُقَال: قَالَ: ليطابق: سَمِعت.
قَوْله: ( لَا يقبض الْعلم) جملَة فِي مَحل الرّفْع لِأَنَّهَا خبر إِن.
قَوْله: ( انتزاعاً) يجوز فِي نَصبه أوجه.
الأول: أَن يكون مَفْعُولا مُطلقًا عَن معنى يقبض، نَحْو: رَجَعَ الْقَهْقَرَى، وَقعد جُلُوسًا.
الثَّانِي: أَن يكون مَفْعُولا مُطلقًا مقدما على فعله، وَهُوَ: ينتزعه.
وَيكون: ينتزعه، حَالا من الضَّمِير فِي: يقبض، تَقْدِيره: إِن الله لَا يقبض الْعلم حَال كَونه ينتزعه انتزاعاً من الْعباد.
الثَّالِث: أَن يكون حَالا من الْعلم بِمَعْنى: منتزعاً، تَقْدِيره: إِن الله لَا يقبض الْعلم حَال كَونه منتزعاً.
فَإِن قلت: على هَذَا مَا يَقع ينتزعه؟ قلت: قيل: يكون ينتزعه جَوَابا عَمَّا يُقَال: مِمَّن ينتزع الْعلم؟ وَفِيه نظر، والأصوب أَن يكون فِي مَحل النصب صفة، إِمَّا لانتزاعاً، أَو لمنتزعاً من الصِّفَات المبينة.
قَوْله: ( وَلَكِن) للاستدراك.
وَقَوله: ( يقبض الْعلم) من قبيل إِقَامَة الْمظهر مَوضِع الْمُضمر لزِيَادَة تَعْظِيم الْمُضمر كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: { الله الصَّمد} ( الْإِخْلَاص: 2) بعد قَوْله: { قل هُوَ الله أحد} ( الْإِخْلَاص: 1) وَكَانَ مُقْتَضى الظَّاهِر أَن يُقَال: هُوَ الصَّمد، كَمَا أَن الْمُقْتَضى هُنَا: وَلَكِن يقبضهُ.
قَوْله: ( حَتَّى) ابتدائية دخلت على الْجُمْلَة، تدل على أَن ذَلِك وَاقع بالتدريج، كَمَا أَن إِذا تدل على أَنه وَاقع لَا محَالة، و: إِذا ظرفية، وَالْعَامِل فِيهَا: اتخذ، وَيحْتَمل أَن تكون شَرْطِيَّة.
فَإِن قلت: إِذا للاستقبال وَلم لقلب الْمُضَارع مَاضِيا، فَكيف يَجْتَمِعَانِ؟ قلت: لما تَعَارضا تساقطا فَبَقيَ على أَصله وَهُوَ الْمُضَارع، أَو تعادلا فَيُفِيد الِاسْتِمْرَار.
فَإِن قلت: إِذا كَانَت شَرْطِيَّة يلْزم من انْتِفَاء الشَّرْط انْتِفَاء الْمَشْرُوط، وَمن وجود الْمَشْرُوط وجود الشَّرْط، لكنه لَيْسَ كَذَلِك لجَوَاز حُصُول الاتخاذ مَعَ وجود الْعلم.
قلت: ذَلِك فِي الشُّرُوط الْعَقْلِيَّة، أما فِي غَيرهَا فَلَا نسلم اطراد هَذِه الْقَاعِدَة، ثمَّ ذَلِك الاستلزام إِنَّمَا هُوَ فِي مَوضِع لم يكن للشّرط بدل، فقد يكون لمشروط وَاحِد شُرُوط متعاقبة: كصحة الصَّلَاة بِدُونِ الْوضُوء عِنْد التَّيَمُّم، أَو المُرَاد بِالنَّاسِ جَمِيعهم، فَلَا يَصح أَن الْكل اتَّخذُوا رؤوساً جُهَّالًا إلاَّ عِنْد عدم بَقَاء الْعَالم مُطلقًا، وَذَلِكَ ظَاهر.
قَوْله: ( لم يبْق) بِفَتْح حرف المضارعة من الْبَقَاء.
وَقَوله: ( عَالم) بِالرَّفْع، فَاعله، وَفِي رِوَايَة الْأصيلِيّ: ( لم يبْق عَالما) بِضَم حرف المضارعة من الْإِبْقَاء، وَالضَّمِير فِيهِ يرجع إِلَى الله، ( وعالماً) : مَنْصُوب بِهِ.
وَفِي رِوَايَة مُسلم: ( حَتَّى إِذا لم يتْرك عَالما) .
قَوْله: ( اتخذ) أَصله: ائتخذ، فقلبت الْهمزَة ثمَّ ادغمت التَّاء فِي التَّاء، و: ( النَّاس) بِالرَّفْع فَاعله.
قَوْله: ( رؤوساً) بِضَم الْهمزَة وبالتنوين جمع رَأس، قَالَ النَّوَوِيّ: ضبطناه بِضَم الْهمزَة، وَفِي رِوَايَة أبي ذَر: ( رُؤَسَاء) بِفَتْح الْهمزَة وَفِي آخِره همزَة أُخْرَى مَفْتُوحَة، جمع رَئِيس، وَالْأول أشهر.
قَوْله: ( جُهَّالًا) بِضَم الْجِيم وَفتح الْهَاء الْمُشَدّدَة: جمع جَاهِل، صفة لرؤوساً.
قَوْله: ( فسئلوا) بِضَم السِّين وَالضَّمِير فِيهِ، مفعول نَاب عَن الْفَاعِل، أَي: فَسَأَلَهُمْ السائلون فافتوا لَهُم.
قَوْله: ( فضلوا) عطف على: فافتوا، وَهُوَ من الضلال، و: ( اضلوا) من الإضلال، يَعْنِي: فضلوا فِي أنفسهم وأضلوا السَّائِلين.
فَإِن قلت: الضلال مُتَقَدم على الْإِفْتَاء، فَمَا معنى الْفَاء؟ قلت: الْمَجْمُوع الْمركب من الضلال والإضلال هُوَ متعقب على الْإِفْتَاء وَإِن كَانَ الْجُزْء الأول مقدما عَلَيْهِ إِذْ الضلال الَّذِي بعد الْإِفْتَاء غير الضلال الَّذِي قبله.
فَإِن قلت: الإضلال ظَاهر، وَأما الضلال فَإِنَّمَا يلْزم أَن لَو عمل بِمَا افتى وَقد لَا يعْمل بِهِ، قلت: إِن إضلاله للْغَيْر ضلال لَهُ عمل بِمَا أفتى أَو لم يعْمل.

بَيَان الْمعَانِي: قَوْله: ( إِن الله لَا يقبض الْعلم انتزاعاً) أَي: إِن الله لَا يقبض الْعلم من بَين النَّاس على سَبِيل أَن يرفعهُ من بَينهم إِلَى السَّمَاء، أَو يمحوه من صُدُورهمْ، بل يقبضهُ بِقَبض أَرْوَاح الْعلمَاء وَمَوْت حَملته..
     وَقَالَ  ابْن بطال: مَعْنَاهُ أَن الله لَا ينْزع الْعلم من الْعباد بعد أَن يتفضل بِهِ عَلَيْهِم، وَلَا يسترجع مَا وهب لَهُم من الْعلم الْمُؤَدِّي إِلَى مَعْرفَته وَبث شَرِيعَته، وَإِنَّمَا يكون انْتِزَاعه بتضييعهم الْعلم فَلَا يُوجد من يخلف من مضى، فَأَنْذر صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِقَبض الْخَيْر كُله، وَكَانَ تحديث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بذلك فِي حجَّة الْوَدَاع، كَمَا رَوَاهُ أَحْمد وَالطَّبَرَانِيّ من حَدِيث أبي أُمَامَة، رَضِي الله عَنهُ، قَالَ: ( لما كَانَ فِي حجَّة الْوَدَاع قَالَ النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: خُذُوا الْعلم قبل أَن يقبض أَو يرفع، فَقَالَ أَعْرَابِي: كَيفَ يرفع؟ فَقَالَ: أَلا إِن ذهَاب الْعلم ذهَاب حَملته، ثَلَاث مَرَّات) .

     وَقَالَ  ابْن الْمُنِير: محو الْعلم من الصُّدُور جَائِز فِي الْقُدْرَة، إلاَّ أَن هَذَا الحَدِيث دلّ على عدم وُقُوعه.
قَوْله: ( بِغَيْر علم) ، وَفِي رِوَايَة أبي الْأسود فِي الِاعْتِصَام عِنْد البُخَارِيّ: ( فيفتون برأيهم) .
قَوْله: ( جُهَّالًا) فَإِن قلت: المُرَاد بِهَذَا الْجَهْل: الْجَهْل الْبَسِيط، وَهُوَ عدم الْعلم بالشَّيْء لَا مَعَ اعْتِقَاد الْعلم بِهِ، أم الْجَهْل الْمركب وَهُوَ عدم الْعلم بالشَّيْء مَعَ اعْتِقَاد الْعلم بِهِ؟ قلت: المُرَاد هُنَا الْقدر الْمُشْتَرك بَينهمَا المتناول لَهما.
فَإِن قلت: أَهَذا مُخْتَصّ بالمفتين، أم عَام للقضاة الْجَاهِلين؟ قلت: عَام، إِذْ الحكم بالشَّيْء مُسْتَلْزم للْفَتْوَى بِهِ.

بَيَان استنباط الْأَحْكَام: الأول: فِيهِ دلَالَة لِلْقَائِلين بِجَوَاز خلو الزَّمَان عَن الْمُجْتَهد على مَا هُوَ مَذْهَب الْجُمْهُور خلافًا للحنابلة.
الثَّانِي: فِيهِ التحذير عَن اتِّخَاذ الْجُهَّال رؤوساً.
الثَّالِث: فِيهِ الْحَث على حفظ الْعلم والاشتغال بِهِ.
الرَّابِع: فِيهِ أَن الْفَتْوَى هِيَ الرياسة الْحَقِيقِيَّة، وذم من يقدم عَلَيْهَا بِغَيْر علم.
الْخَامِس: قَالَ الدَّاودِيّ: هَذَا الحَدِيث خرج مخرج الْعُمُوم.
وَالْمرَاد بِهِ الْخُصُوص، لقَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ( لَا تزَال طَائِفَة من أمتِي ظَاهِرين على الْحق حَتَّى يَأْتِي أَمر الله) .
وَيُقَال هَذَا بعد إتْيَان أَمر الله تَعَالَى إِن لم يُفَسر إتْيَان الْأَمر بإتيان الْقِيَامَة، أَو عدم بَقَاء الْعلمَاء إِنَّمَا هُوَ فِي بعض الْمَوَاضِع كفي غير بَيت الْمُقَدّس مثلا إِن فسرناه بِهِ، فَيكون مَحْمُولا على التَّخْصِيص جمعا بَين الْأَدِلَّة.

قَالَ الفِرَبْرِيُّ: حدّثنا عبَّاسٌ قالَ: حدّثنا قُتيْبَةُ، حدّثنا جَريرٌ عنْ هِشَامٍ نحْوَهُ.

هَذَا من زيادات الرَّاوِي عَن البُخَارِيّ فِي بعض الْأَسَانِيد وَهِي قَليلَة.
والفربري، بِكَسْر الْفَاء وَفتحهَا وَفتح الرَّاء وَإِسْكَان الْبَاء الْمُوَحدَة: نِسْبَة إِلَى فربر، وَهِي قَرْيَة من قرى بُخَارى على طرف جيحون، وَهُوَ أَبُو عبد اللَّه مُحَمَّد بن يُوسُف بن مطر بن صَالح بن بشر..
     وَقَالَ  الكلاباذي: كَانَ سَماع الْفربرِي من البُخَارِيّ ( صَحِيحه) مرَّتَيْنِ: مرّة بفربر سنة ثَمَان وَأَرْبَعين وَمِائَتَيْنِ، وَمرَّة ببخارى سنة ثِنْتَيْنِ وَخمسين وَمِائَتَيْنِ.
ولد سنة إِحْدَى وَثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ، وَمَات سنة عشْرين وثلثمائة، سمع من قُتَيْبَة بن سعيد فشارك البُخَارِيّ فِي الرِّوَايَة عَنهُ، قَالَ السَّمْعَانِيّ فِي ( أَمَالِيهِ) : وَكَانَ ثِقَة ورعاً.
وعباس: هُوَ ابْن الْفضل بن زَكَرِيَّا الْهَرَوِيّ أَبُو مَنْصُور الْبَصْرِيّ ثِقَة مَشْهُور من الثَّانِيَة عشر، بل من الَّتِي بعْدهَا ولد بعد موت ابْن مَاجَه، وَمَات سنة اثْنَتَيْنِ وَسبعين وثلثمائة، من ( اسماء الرِّجَال) لِابْنِ حجر.
وقتيبة: هُوَ ابْن سعيد أحد مَشَايِخ البُخَارِيّ، وَقد تقدم.
وَجَرِير: هُوَ ابْن عبد الحميد الضَّبِّيّ، أَبُو عبد اللَّه الرَّازِيّ ثمَّ الْكُوفِي، ثِقَة، روى لَهُ الْجَمَاعَة.
وَهِشَام بن عُرْوَة بن الزبير بن الْعَوام، وَقد تقدم.

قَوْله: ( نَحوه) ، أَي نَحْو حَدِيث مَالك، وَرِوَايَة الْفربرِي هَذِه أخرجهَا مُسلم عَن قُتَيْبَة عَن جرير عَن هِشَام بِهِ.