هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
1050 حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الحَنْظَلِيُّ ، قَالَ : قُلْتُ لِأَبِي أُسَامَةَ : حَدَّثَكُمْ عُبَيْدُ اللَّهِ ، عَنْ نَافِعٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا : أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : لاَ تُسَافِرِ المَرْأَةُ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ إِلَّا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
1050 حدثنا إسحاق بن إبراهيم الحنظلي ، قال : قلت لأبي أسامة : حدثكم عبيد الله ، عن نافع ، عن ابن عمر رضي الله عنهما : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : لا تسافر المرأة ثلاثة أيام إلا مع ذي محرم
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،  عن ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا : أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : لاَ تُسَافِرِ المَرْأَةُ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ إِلَّا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ .

Narrated Ibn `Umar:

The Prophet (ﷺ) said, A woman should not travel for more than three days except with a Dhi-Mahram (i.e. a male with whom she cannot marry at all, e.g. her brother, father, grandfather, etc.) or her own husband.)

Ibn 'Umar () : Le Prophète (r ) a dit: La femme ne doit voyager trois jours qu'accompagnée avec un parent mahram.»

":"ہم سے اسحاق بن راہویہ نے بیان کیا ، انہوں نے ابواسامہ سے ، میں نے پوچھا کہ کیا آپ سے عبیداللہ عمری نے نافع سے یہ حدیث بیان کی تھی کہ ان سے عبداللہ بن عمر رضی اللہ عنہما نے کہنبی کریم صلی اللہ علیہ وسلم کا یہ فرمان نقل کیا تھا کہ عورتیں تین دن کا سفر ذی رحم محرم کے بغیر نہ کریں ( ابواسامہ نے کہا ہاں ) ۔

Ibn 'Umar () : Le Prophète (r ) a dit: La femme ne doit voyager trois jours qu'accompagnée avec un parent mahram.»

شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [1086] .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ قَالَ أَبُو عَلِيِّ الْجَيَّانِيُّ حَيْثُ قَالَ البُخَارِيّ حَدثنَا إِسْحَاق فَهُوَ إِمَّا بن رَاهَوَيْه وَإِمَّا بن نصر السَّعْدِيّ وَإِمَّا بن مَنْصُورٍ الْكَوْسَجُ لِأَنَّ الثَّلَاثَةَ أَخْرَجَ عَنْهُمْ عَنْ أَبِي أُسَامَةَ.

.

قُلْتُ لَكِنْ إِسْحَاقُ هُنَا هُوَ بن رَاهْوَيْهِ لِأَنَّهُ سَاقَ هَذَا الْحَدِيثَ فِي مُسْنَدِهِ بِهَذِهِ الْأَلْفَاظِ سَنَدًا وَمَتْنًا وَمِنْ عَادَتِهِ الْإِتْيَانُ بِهَذِهِ الْعِبَارَةِ دُونَ الْأَخِيرَيْنِ .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَكُمْ عُبَيْدُ الله هُوَ بن عُمَرَ الْعُمَرِيُّ وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ التَّحَمُّلِ قَوْلُ الشَّيْخِ نَعَمْ فِي جَوَابِ مَنْ قَالَ لَهُ حَدَّثَكُمْ فُلَانٌ بِكَذَا وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ فِي مُسْنَدِ إِسْحَاقَ فِي آخِرِهِ فَأَقَرَّ بِهِ أَبُو أُسَامَةَ.

     وَقَالَ  نَعَمْ .

     قَوْلُهُ  لَا تُسَافِرِ الْمَرْأَةُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ الضَّحَّاكِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ نَافِعٍ مَسِيرَةَ ثَلَاثِ لَيَالٍ وَالْجَمْعُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْمُرَادَ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ بِلَيَالِيِهَا أَوْ ثَلَاثُ لَيَالٍ بِأَيَّامِهَا .

     قَوْلُهُ  إِلَّا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ فِي رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ وَالْأَصِيلِيِّ إِلَّا مَعَهَا ذُو مَحْرَمٍ وَالْمَحْرَمُ بِفَتْحِ الْمِيمِ الْحَرَامُ وَالْمُرَادُ بِهِ مَنْ لَا يَحِلُّ لَهُ نِكَاحُهَا وَوَقَعَ فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ وَأَبِي دَاوُدَ إِلَّا وَمَعَهَا أَبُوهَا أَوْ أَخُوهَا أَوْ زَوْجُهَا أَوِ ابْنُهَا أَوْ ذُو مَحْرَمٍ مِنْهَا أَخْرَجَاهُ مِنْ طَرِيقِ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْهُ قَوْله تَابعه أَحْمد هُوَ بن مُحَمَّدٍ الْمَرْوَزِيُّ أَحَدُ شُيُوخِ الْبُخَارِيِّ وَوَهِمَ مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ لِأَنَّهُ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ وَنَقَلَ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي الْعِلَلِ عَنْ يَحْيَى الْقَطَّانِ قَالَ مَا أَنْكَرْتُ عَلَى عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ إِلَّا هَذَا الْحَدِيثَ وَرَوَاهُ أَخُوهُ عَبْدُ اللَّهِ مَوْقُوفًا.

.

قُلْتُ وَعَبْدُ اللَّهِ ضَعِيفٌ وَقَدْ تَابَعَ عُبَيْدَ اللَّهِ الضَّحَّاكَ كَمَا تَقَدَّمَ فَاعْتَمَدَهُ الْبُخَارِيُّ لِذَلِكَ

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [1086] حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِيُّ قَالَ: قُلْتُ لأَبِي أُسَامَةَ: حَدَّثَكُمْ عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ -رضي الله عنهما- أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «لاَ تُسَافِرِ الْمَرْأَةُ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ إِلاَّ مَعَ ذِي مَحْرَمٍ».
[الحديث طرفه في: 1087] .
وبالسند قال: ( حدّثنا إسحاق بن إبراهيم) المعروف بابن راهويه ( الحنظلي) بفتح الحاء المهملة والظاء المعجمة، أو: هو ابن نصر السعدي، أو: ابن منصور الكوسج، والأول هو الراجح.
وسقط: إبراهيم الحنظلي لأبي ذر، والأصيلي ( قال: قلت لأبي أسامة) حماد بن أسامة الليثي ( حدثكم عبيد الله) بن عمر بن عاصم العمري، واستدلّ به على أنه: إذا قيل للشيخ حدثكم فلان بكذا مع القرينة صح التحمل، لكن في مسند إسحاق، في آخره، فأقر به أبو أسامة وقال: نعم، ( عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال) : ( لا تسافر المرأة) بكسر الراء لالتقاء الساكنين، سفرًا مباحًا أو لحج فرض ( ثلاثة أيام) بلياليها، ولمسلم: ثلاث ليال، أي: بأيامها، وللكشميهني: فوق ثلاثة أيام، وللأصيلي: لا تسافر المرأة ثلاثًا ( إلا مع ذي محرم) بفتح الميم وسكون الحاء، الذي لا يحل له نكاحها.
وتمسك به الحنفية في أن سفر القصر ثلاثة أيام، لأن المرأة يجوز لها الخروج في أقل منها لقصر المسافة، وخفة الأمر.
وإنما الرخصة في طويل فيه مشقة وتعب.
وأجيب: بأنه لو كانت العلة ذلك لجاز للمرأة السفر فيما دون ذلك بلا محرم، لكنه لم يجز والنهي للمرأة من السير وحدها متعلق بالزمان، فلو قطعت مسيرة ساعة واحدة مثلاً في يوم تام تعلق بها النهي، بخلاف المسافر، فإنه لو قطع مسيرة نصف يوم مثلاً في يومين لم يقصر، فافترقا.
ورواة هذا الحديث ما بين: مروزي وكوفي ومدني، وفيه: التحديث والنعنة، وأخرجه مسلم.
1087 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ -رضي الله عنهما- عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «لاَ تُسَافِرِ الْمَرْأَةُ ثَلاَثًا إِلاَّ مَعَ ذِي مَحْرَمٍ».
تَابَعَهُ أَحْمَدُ عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
وبالسند قال: ( حدّثنا مسدد) هو: ابن مسرهد بن مغربل الأسدي البصري ( قال: حدّثنا يحيى) بن سعيد القطان ( عن عبيد الله) العمري ( عن نافع) ، ولأبي ذر، والأصيلي: أخبرني، بالإفراد نافع ( عن ابن عمر، رضي الله عنهما، عن النبي، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، قال) : ( لا تسافر المرأة) مجزوم بلا الناهية والكسرة لالتقاء الساكنين ( ثلاثًا إلا مع ذي محرم) جعلها كالأولى تابعة، وللأصيلي: إلا معها ذو محرم، فجعلها متبوعة.
ولا فرق بينهما في المعنى، ولأبي ذر: إلا ومعها ذو محرم، بالواو قبل معها.
وليس في اليونينية واو، ولمسلم، وأبي داود، من حديث أبي سعيد: "إلا ومعها أبوها أو أخوها أو زوجها أو ابنها أو ذو محرم منها".
( تابعه) أي تابع عبيد الله ( ¬1) ( أحمد) بن محمد المروزي، أحد شيوخ المؤلّف، وليس أحمد بن حنبل حيث رواه ( عن ابن المبارك) عبد الله ( عن عبيد الله) العمري ( عن نافع عن ابن عمر، عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) .
1088 - حَدَّثَنَا آدَمُ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدٌ الْمَقْبُرِيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنهما- قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- «لاَ يَحِلُّ لاِمْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ أَنْ تُسَافِرَ مَسِيرَةَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ لَيْسَ مَعَهَا حُرْمَةٌ».
تَابَعَهُ يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ وَسُهَيْلٌ وَمَالِكٌ عَنِ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه.
وبه قال: ( حدّثنا آدم) بن أبي إياس ( قال: حدّثنا ابن أبي ذئب) هو: محمد بن عبد الرحمن بن المغيرة بن الحرث بن أبي ذئب، واسم أبي ذئب: هشام العامري المدني ( قال: حدّثنا) وللأصيلي: أخبرنا ( سعيد) هو: ابن أبي سعيد ( المقبري) بضم الموحدة، نسبة إلى مقبرة بالمدينة كان مجاوزًا بها ( عن أبيه) أبي سعيد كيسان ( عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال النبي) وللأصيلي: عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: ( لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر) خرج مخرج الغالب.
وليس المراد إخراج سوى المؤمنة، لأن الحكم يعم كل امرأة مسلمة أو كافرة، كتابية كانت أو حربية، أو هو وصف لتأكيد التحريم لأنه تعريض أنها إذا سافرت بغير محرم فإنها مخالفة ¬_________ ( ¬1) بياض في الأصل.
شرط الإيمان بالله واليوم الآخر، لأن التعريض إلى وصفها بذلك إشارة إلى التزام الوقوف عند ما نهيت عنه، وأن الإيمان بالله واليوم الآخر يقضي لها بذلك.
( أن تسافر) أي: لا يحل لامرأة مسافرتها ( مسيرة يوم وليلة) حال كونها ( ليس معها حرمة) بضم الحاء وسكون الراء، أي: رجل ذو حرمة منها.
بنسب أو غير نسب.
ومسيرة: مصدر ميمي بمعنى: السير، كالمعيشة، بمعنى: العيش، وليست التاء فيه للمرة.
واستشكل قوله في رواية الكشميهني في الحديث الأول: فوق ثلاثة أيام، حيث دل على عدم جواز سفرها وحدها فوق ثلاثة.
والحديث الثاني: على عدم جواز ثلاثة، والثالث: على عدم جواز يومين، فمفهوم الأول ينافي الثاني، والثاني ينافي الثالث.
وأجيب: بأن مفهوم العدد لا اعتبار به، قاله الكرماني.
لكن قوله: والثالث، على عدم جواز يومين، فيه نظر، إلا أن يقدر في الحديث يوم بليلته، وليلة بيومها.
قال: واختلاف الأحاديث لاختلاف جواب السائلين.
( تابعه) أي: ابن أبي ذئب في لفظ متن روايته السابقة ( يحيى بن أبي كثير) بالمثلثة، مما وصله أحمد ( وسهيل) هو: ابن أبي صالح، مما وصله أبو داود، وابن حبان ( ومالك) الإمام، مما وصله مسلم وغيره، ( عن المقبري، عن أبي هريرة رضي الله عنه) .
قال ابن حجر: واختلف على سهيل، وعلى مالك، وكأن الرواية التي جزم بها المصنف أرجح عنده عنهم.
ورجح الدارقطني أنه: عن سعيد عن أبي هريرة ليس فيه عن أبيه، كما رواه معظم رواة الموطأ، لكن الزيادة من الثقة مقبولة، ولا سيما إذا كان حافظًا.
وقد وافق ابن أبي ذئب على قوله: عن أبيه الليث بن سعد، عند أبي داود، والليث وابن أبي ذئب من أثبت الناس في سعيد.
وأما رواية سهيل، فذكر ابن عبد البر: أنه اضطرب في إسنادها ومتنها.
5 - باب يَقْصُرُ إِذَا خَرَجَ مِنْ مَوْضِعِهِ وَخَرَجَ عَلِيٌّ - عَلَيْهِ السَّلاَمُ - فَقَصَرَ وَهْوَ يَرَى الْبُيُوتَ، فَلَمَّا رَجَعَ قِيلَ لَهُ: هَذِهِ الْكُوفَةُ، قَالَ: لاَ، حَتَّى نَدْخُلَهَا.
هذا ( باب) بالتنوين ( يقصر) الرباعية ( إذا خرج من موضعه) قاصدًا سفرًا طويلاً.
( وخرج عليّ) من الكوفة، ولأبي ذر، والأصيلي: علي بن أبي طالب ( رضي الله عنه، فقصر) الصلاة الرباعية ( وهو يرى البيوت) أي: والحال أنه يرى بيوت الكوفة ( فلما رجع) من سفره هذا ( قيل له: هذه الكوفة) فهل تتم الصلاة أو تقصر، وسقط لفظ: له، في رواية أبي ذر ( قال: لا) نتمها ( حتى ندخلها) لأنا في حكم المسافرين حتى ندخلها.
وهذا التعليق وصله الحاكم من رواية الثوري عن ورقاء بن أياس بكسر الواو وبعد الراء قاف ثم مدة، عن علي بن ربيعة قال: خرجنا مع عليّ، فذكره، فموضع الترجمة من هذا الأثر ظاهر.
واختلف متى يحصل ابتداء السفر حتى يباح القصر.
فعند الشافعية يحصل ابتداؤه من بلد له سور بمفارقة سور البلد المختص به، وإن كان داخله مواضع خربة ومزارع، لأن جميع ما هو داخله معدود من البلدة، فإن كان وراءه دور متلاصقة صحح النووي عدم اشتراط مجاوزتها لأنها لا تعد من البلد، فإن لم يكن له سور فمبدؤه مجاوزة العمران حتى لا يبقى بيت متصل ولا منفصل، لا الخراب الذي لا عمارة وراءه، ولا البساتين والمزارع المتصلة بالبلد، والقرية كبلد فيشترط مجاوزة العمران فيها لا الخراب والبساتين والمزارع، وإن كانت محوطة.
وأول سفر ساكن الخيام، كالأعراب، مجاوزة الحلة.
وقال الحنفية: إذا فارق بيوت المصر، وفي المبسوط: إذا خلف عمران المصر.
وقال المالكية: يشترط في ابتداء القصر أن يجاوز البلدي البلد، والبساتين المسكونة التي في حكمها على المشهور، وهو ظاهر المدونة.
وعن مالك: إن كانت قرية جمعة فحتى يجاوز ثلاثة أميال، وأن يجاوز ساكن البادية حلته، وهي البيوت التي ينصبها من شعر أو غيره، وأما الساكن بقرية لا بناء بها ولا بساتين فبمجرد الانفصال عنها.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( .

     قَوْلُهُ  بَابٌ فِي كَمْ يَقْصُرُ الصَّلَاةَ)

يُرِيدُ بَيَانَ الْمَسَافَةِ الَّتِي إِذَا أَرَادَ الْمُسَافِرُ الْوُصُولَ إِلَيْهَا سَاغَ لَهُ الْقَصْرُ وَلَا يَسُوغُ لَهُ فِي أَقَلَّ مِنْهَا وَهِيَ مِنَ الْمَوَاضِعِ الَّتِي انْتَشَر فِيهَا الْخلاف جدا فَحكى بن الْمُنْذِرِ وَغَيْرُهُ فِيهَا نَحْوًا مِنْ عِشْرِينَ قَوْلًا فَأَقَلُّ مَا قِيلَ فِي ذَلِكَ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ وَأَكْثَرُهُ مَا دَامَ غَائِبًا عَنْ بَلَدِهِ وَقَدْ أَوْرَدَ الْمُصَنِّفُ التَّرْجَمَةَ بِلَفْظِ الِاسْتِفْهَامِ وَأَوْرَدَ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ اخْتِيَارَهُ أَنَّ أَقَلَّ مَسَافَةِ الْقَصْرِ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ .

     قَوْلُهُ  وَسَمَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا وَلَيْلَةً سَفَرًا فِي رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ السَّفَرُ يَوْمًا وَلَيْلَةً وَفِي كُلٍّ مِنْهُمَا تَجَوُّزٌ وَالْمَعْنَى سَمَّى مُدَّةَ الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ سَفَرًا وَكَأَنَّهُ يُشِيرُ إِلَى حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ الْمَذْكُورِ عِنْدَهُ فِي الْبَابِ وَقَدْ تُعُقِّبَ بِأَنَّ فِي بَعْضِ طُرُقِهِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ كَمَا أوردهُ هُوَ من حَدِيث بن عُمَرَ وَفِي بَعْضِهَا يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ وَفِي بَعْضِهَا يَوْمٌ وَفِي بَعْضِهَا لَيْلَةٌ وَفِي بَعْضِهَا بَرِيدٌ فَإِنْ حُمِلَ الْيَوْمُ الْمُطْلَقُ أَوِ اللَّيْلَةُ الْمُطْلَقَةُ عَلَى الْكَامِلِ أَيْ يَوْمٌ بِلَيْلَتِهِ أَوْ لَيْلَةٌ بِيَوْمِهَا قَلَّ الِاخْتِلَافُ وَانْدَرَجَ فِي الثَّلَاثِ فَيَكُونُ أَقَلُّ الْمَسَافَةِ يَوْمًا وَلَيْلَةً لَكِنْ يُعَكِّرُ عَلَيْهِ رِوَايَةُ بَرِيدٍ وَيُجَابُ عَنْهُ بِمَا سَيَأْتِي قَرِيبًا قَوْله وَكَانَ بن عمر وبن عَبَّاس الخ وَصله بن الْمُنْذِرِ مِنْ رِوَايَةِ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَن عَطاء بن أبي رَبَاح أَن بن عمر وبن عَبَّاسٍ كَانَا يُصَلِّيَانِ رَكْعَتَيْنِ وَيُفْطِرَانِ فِي أَرْبَعَةِ بُرُدٍ فَمَا فَوْقَ ذَلِكَ وَرَوَى السَّرَّاجُ مِنْ طَرِيق عَمْرو بن دِينَار عَن بن عُمَرَ نَحْوَهُ وَرَوَى الشَّافِعِيُّ عَنْ مَالِكٍ عَنِ بن شهَاب عَن سَالم أَن بن عُمَرَ رَكِبَ إِلَى ذَاتِ النُّصُبِ فَقَصَرَ الصَّلَاةَ قَالَ مَالِكٌ وَبَيْنَهَا وَبَيْنَ الْمَدِينَةِ أَرْبَعَةُ بُرُدٍ وَرَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَالِكٍ هَذَا فَقَالَ بَيْنَ الْمَدِينَةِ وَذَاتِ النُّصُبِ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ مِيلًا وَفِي الْمُوَطَّأ عَن بن شِهَابٍ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ كَانَ يَقْصُرُ فِي مَسِيرَةِ الْيَوْمِ التَّامِّ وَمِنْ طَرِيقِ عَطاء أَن بن عَبَّاسٍ سُئِلَ أَنَقْصُرُ الصَّلَاةَ إِلَى عَرَفَةَ قَالَ لَا وَلَكِنْ إِلَى عُسْفَانَ أَوْ إِلَى جِدَّةَ أَو الطَّائِف وَقد روى عَن بن عَبَّاس مَرْفُوعا أخرجه الدَّارَقُطْنِيّ وبن أَبِي شَيْبَةَ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الْوَهَّابِ بْنِ مُجَاهِد عَن أَبِيه وَعَطَاء عَن بن عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يَا أَهْلَ مَكَّةَ لَا تَقْصُرُوا الصَّلَاةَ فِي أَدْنَى مِنْ أَرْبَعَةِ بُرُدٍ مِنْ مَكَّةَ إِلَى عُسْفَانَ وَهَذَا إِسْنَادٌ ضَعِيفٌ مِنْ أَجْلِ عَبْدِ الْوَهَّابِ وَرَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ بن جريج عَن عَطاء عَن بن عَبَّاسٍ قَالَ لَا تَقْصُرُوا الصَّلَاةَ إِلَّا فِي الْيَوْمِ وَلَا تُقْصَرُ فِيمَا دُونَ الْيَوْمِ وَلِابْنِ أَبِي شَيْبَةَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ صَحِيحٍ عَنْهُ قَالَ تُقْصَرُ الصَّلَاةُ فِي مَسِيرَةِ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ بَيْنَ هَذِهِ الرِّوَايَاتِ بِأَنَّ مَسَافَةَ أَرْبَعَةِ بُرُدٍ يُمْكِنُ سَيْرُهَا فِي يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ وَأما حَدِيث بن عُمَرَ الدَّالُّ عَلَى اعْتِبَارِ الثَّلَاثِ فَإِمَّا أَنْ يُجْمَعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ اخْتِيَارِهِ بِأَنَّ الْمَسَافَةَ وَاحِدَةٌ وَلَكِنَّ السَّيْرَ يَخْتَلِفُ أَوْ أَنَّ الْحَدِيثَ الْمَرْفُوعَ مَا سِيقَ لِأَجْلِ بَيَانِ مَسَافَةِ الْقَصْرِ بَلْ لِنَهْيِ الْمَرْأَةِ عَنِ الْخُرُوجِ وَحْدَهَا وَلِذَلِكَ اخْتَلَفَتِ الْأَلْفَاظُ فِي ذَلِكَ وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ أَنَّ الْحُكْمَ فِي نَهْيِ الْمَرْأَةِ عَنِ السَّفَرِ وَحْدَهَا مُتَعَلِّقٌ بِالزَّمَانِ فَلَوْ قَطَعَتْ مَسِيرَةَ سَاعَةٍ وَاحِدَةٍ مَثَلًا فِي يَوْمٍ تَامٍّ لَتَعَلَّقَ بِهَا النَّهْيُ بِخِلَافِ الْمُسَافِرِ فَإِنَّهُ لَوْ قَطَعَ مَسِيرَةَ نِصْفِ يَوْمٍ مَثَلًا فِي يَوْمَيْنِ لَمْ يَقْصُرْ فَافْتَرَقَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَقَلُّ مَا وَرَدَ فِي ذَلِكَ لَفْظُ بَرِيدٌ إِنْ كَانَتْ مَحْفُوظَةً وَسَنَذْكُرُهَا فِي آخِرِ هَذَا الْبَابِ وَعَلَى هَذَا فَفِي تمسك الْحَنَفِيَّة بِحَدِيث بن عُمَرَ عَلَى أَنَّ أَقَلَّ مَسَافَةِ الْقَصْرِ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ إِشْكَالٌ وَلَا سِيَّمَا عَلَى قَاعِدَتِهِمْ بِأَنَّ الِاعْتِبَارَ بِمَا رَأَى الصَّحَابِيُّ لَا بِمَا رَوَى فَلَوْ كَانَ الْحَدِيثُ عِنْدَهُ لِبَيَانِ أَقَلِّ مَسَافَةِ الْقَصْرِ لَمَا خَالَفَهُ وَقَصَرَ فِي مَسِيرَةِ الْيَوْمِ التَّام وَقد اخْتلف عَن بن عُمَرَ فِي تَحْدِيدِ ذَلِكَ اخْتِلَافًا غَيْرَ مَا ذكر فروى عبد الرَّزَّاق عَن بن جريج أَخْبرنِي نَافِع أَن بن عُمَرَ كَانَ أَدْنَى مَا يَقْصُرُ الصَّلَاةَ فِيهِ مَالٌ لَهُ بِخَيْبَرَ وَبَيْنَ الْمَدِينَةِ وَخَيْبَرَ سِتَّةٌ وَتِسْعُونَ مِيلًا وَرَوَى وَكِيعٌ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَن بن عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ يَقْصُرُ مِنَ الْمَدِينَةِ إِلَى السُّوَيْدَاءِ وَبَيْنَهُمَا اثْنَانِ وَسَبْعُونَ مِيلًا وَرَوَى عَبْدُ الرَّزَّاق عَن مَالك عَن بن شِهَابٍ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ سَافَرَ إِلَى رِيمٍ فَقَصَرَ الصَّلَاةَ قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَهِيَ عَلَى ثَلَاثِينَ مِيلًا مِنَ الْمَدِينَةِ وَرَوَى بن أَبِي شَيْبَةَ عَنْ وَكِيعٍ عَنْ مِسْعَرٍ عَنْ محَارب سَمِعت بن عُمَرَ يَقُولُ إِنِّي لَأُسَافِرُ السَّاعَةَ مِنَ النَّهَارِ فَأَقْصُرُ.

     وَقَالَ  الثَّوْرِيُّ سَمِعْتُ جَبَلَةَ بْنَ سُحَيْمٍ سَمِعت بن عُمَرَ يَقُولُ لَوْ خَرَجْتُ مِيلًا قَصَرْتُ الصَّلَاةَ إِسْنَاد كل مِنْهُمَا صَحِيح وَهَذِه أَقْوَال مُتَغَايِرَة جِدًّا فَاللَّهُ أَعْلَمُ .

     قَوْلُهُ  وَهِيَ أَيِ الْأَرْبَعَةُ بُرُدٍ سِتَّةَ عَشَرَ فَرْسَخًا ذَكَرَ الْفَرَّاءُ أَنَّ الْفَرْسَخَ فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَمْيَالٍ وَالْمِيلُ مِنَ الْأَرْضِ مُنْتَهَى مَدِّ الْبَصَرِ لِأَنَّ الْبَصَرَ يَمِيلُ عَنْهُ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ حَتَّى يَفْنَى إِدْرَاكُهُ وَبِذَلِكَ جَزَمَ الْجَوْهَرِيُّ وَقِيلَ حَدُّهُ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى الشَّخْصِ فِي أَرْضٍ مُسَطَّحَةٍ فَلَا يُدْرَى أَهُوَ رَجُلٌ أَوِ امْرَأَةٌ أَوْ هُوَ ذَاهِبٌ أَوْ آتٍ قَالَ النَّوَوِيُّ الْمِيلُ سِتَّةُ آلَافِ ذِرَاعٍ وَالذِّرَاعُ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ إِصْبَعًا مُعْتَرِضَةً مُعْتَدِلَةً وَالْإِصْبَعُ سِتُّ شَعِيرَاتٍ مُعْتَرِضَةٍ مُعْتَدِلَةٍ اه وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ هُوَ الْأَشْهَرُ وَمِنْهُمْ مَنْ عَبَّرَ عَنْ ذَلِكَ بِاثْنَيْ عَشَرَ أَلْفَ قَدَمٍ بِقَدَمِ الْإِنْسَانِ وَقِيلَ هُوَ أَرْبَعَةُ آلافِ ذِرَاعٍ وَقِيلَ بَلْ ثَلَاثَةُ آلَافِ ذِرَاعٍ نَقَلَهُ صَاحِبُ الْبَيَان وَقيل وَخَمْسمِائة صَححهُ بن عَبْدِ الْبَرِّ وَقِيلَ هُوَ أَلْفَا ذِرَاعٍ وَمِنْهُمْ مَنْ عَبَّرَ عَنْ ذَلِكَ بِأَلْفِ خُطْوَةٍ لِلْجَمَلِ ثُمَّ إِنَّ الذِّرَاعَ الَّذِي ذَكَرَ النَّوَوِيُّ تَحْدِيدَهُ قَدْ حَرَّرَهُ غَيْرُهُ بِذِرَاعِ الْحَدِيدِ الْمُسْتَعْمَلِ الْآنَ فِي مِصْرَ وَالْحِجَازِ فِي هَذِهِ الْأَعْصَارِ فَوَجَدَهُ يَنْقُصُ عَنْ ذِرَاعِ الْحَدِيدِ بِقَدْرِ الثُّمُنِ فَعَلَى هَذَا فَالْمِيلُ بِذِرَاعِ الْحَدِيدِ عَلَى الْقَوْلِ الْمَشْهُورِ خَمْسَةُ آلَافِ ذِرَاعٍ وَمِائَتَانِ وَخَمْسُونَ ذِرَاعًا وَهَذِهِ فَائِدَةٌ نَفِيسَةٌ قَلَّ مَنْ نَبَّهَ عَلَيْهَا وَحَكَى النَّوَوِيُّ أَنَّ أَهْلَ الظَّاهِرِ ذَهَبُوا إِلَى أَنَّ أَقَلَّ مَسَافَةِ الْقَصْرِ ثَلَاثَةُ أَمْيَالٍ وَكَأَنَّهُمُ احْتَجُّوا فِي ذَلِكَ بِمَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُدَ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا خَرَجَ مَسِيرَةَ ثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ أَوْ فَرَاسِخٍ قَصَرَ الصَّلَاةَ وَهُوَ أَصَحُّ حَدِيثٍ وَرَدَ فِي بَيَانِ ذَلِكَ وَأَصْرَحُهُ وَقَدْ حَمَلَهُ مَنْ خَالَفَهُ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْمسَافَة الَّتِي يبتدأ مِنْهَا الْقَصْرُ لَا غَايَةُ السَّفَرِ وَلَا يَخْفَى بَعْدَ هَذَا الْحمل مَعَ أَنَّ الْبَيْهَقِيَّ ذَكَرَ فِي رِوَايَتِهِ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ أَنَّ يَحْيَى بْنَ يَزِيدَ رَاوِيهِ عَنْ أَنَسٍ قَالَ سَأَلْتُ أَنَسًا عَنْ قَصْرِ الصَّلَاةِ وَكُنْتُ أَخْرُجُ إِلَى الْكُوفَةِ يَعْنِي مِنَ الْبَصْرَةِ فَأُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ حَتَّى أَرْجِعَ فَقَالَ أَنَسٌ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ فَظَهَرَ أَنَّهُ سَأَلَهُ عَنْ جَوَازِ الْقَصْرِ فِي السَّفَرِ لَا عَنِ الْمَوْضِعِ الَّذِي يُبْتَدَأُ الْقَصْرُ مِنْهُ ثُمَّ إِنَّ الصَّحِيحَ فِي ذَلِكَ أَنَّهُ لَا يَتَقَيَّدُ بِمَسَافَةٍ بَلْ بِمُجَاوَزَةِ الْبَلَدِ الَّذِي يَخْرُجُ مِنْهَا وَرَدَّهُ الْقُرْطُبِيُّ بِأَنَّهُ مَشْكُوكٌ فِيهِ فَلَا يُحْتَجُّ بِهِ فِي التَّحْدِيدِ بِثَلَاثَةِ فَرَاسِخَ فَإِنَّ الثَّلَاثَةَ أَمْيَالٍ مُدْرَجَةٌ فِيهَا فَيُؤْخَذ بِالْأَكْثَرِ احْتِيَاطًا وَقد روى بن أَبِي شَيْبَةَ عَنْ حَاتِمِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَرْمَلَةَ قَالَ.

.

قُلْتُ لِسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَأَقْصُرُ الصَّلَاةَ وَأُفْطِرُ فِي بَرِيدٍ مِنَ الْمَدِينَةِ قَالَ نَعَمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ تَنْبِيهٌ اخْتُلِفَ فِي مَعْنَى الْفَرْسَخِ فَقِيلَ السُّكُونُ ذَكَرَهُ بن سِيدَهْ وَقِيلَ السَّعَةُ وَقِيلَ الْمَكَانُ الَّذِي لَا فُرْجَةَ فِيهِ وَقِيلَ الشَّيْءُ الطَّوِيلُ

[ قــ :1050 ... غــ :1086] .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ قَالَ أَبُو عَلِيِّ الْجَيَّانِيُّ حَيْثُ قَالَ البُخَارِيّ حَدثنَا إِسْحَاق فَهُوَ إِمَّا بن رَاهَوَيْه وَإِمَّا بن نصر السَّعْدِيّ وَإِمَّا بن مَنْصُورٍ الْكَوْسَجُ لِأَنَّ الثَّلَاثَةَ أَخْرَجَ عَنْهُمْ عَنْ أَبِي أُسَامَةَ.

.

قُلْتُ لَكِنْ إِسْحَاقُ هُنَا هُوَ بن رَاهْوَيْهِ لِأَنَّهُ سَاقَ هَذَا الْحَدِيثَ فِي مُسْنَدِهِ بِهَذِهِ الْأَلْفَاظِ سَنَدًا وَمَتْنًا وَمِنْ عَادَتِهِ الْإِتْيَانُ بِهَذِهِ الْعِبَارَةِ دُونَ الْأَخِيرَيْنِ .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَكُمْ عُبَيْدُ الله هُوَ بن عُمَرَ الْعُمَرِيُّ وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ التَّحَمُّلِ قَوْلُ الشَّيْخِ نَعَمْ فِي جَوَابِ مَنْ قَالَ لَهُ حَدَّثَكُمْ فُلَانٌ بِكَذَا وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ فِي مُسْنَدِ إِسْحَاقَ فِي آخِرِهِ فَأَقَرَّ بِهِ أَبُو أُسَامَةَ.

     وَقَالَ  نَعَمْ .

     قَوْلُهُ  لَا تُسَافِرِ الْمَرْأَةُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ الضَّحَّاكِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ نَافِعٍ مَسِيرَةَ ثَلَاثِ لَيَالٍ وَالْجَمْعُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْمُرَادَ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ بِلَيَالِيِهَا أَوْ ثَلَاثُ لَيَالٍ بِأَيَّامِهَا .

     قَوْلُهُ  إِلَّا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ فِي رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ وَالْأَصِيلِيِّ إِلَّا مَعَهَا ذُو مَحْرَمٍ وَالْمَحْرَمُ بِفَتْحِ الْمِيمِ الْحَرَامُ وَالْمُرَادُ بِهِ مَنْ لَا يَحِلُّ لَهُ نِكَاحُهَا وَوَقَعَ فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ وَأَبِي دَاوُدَ إِلَّا وَمَعَهَا أَبُوهَا أَوْ أَخُوهَا أَوْ زَوْجُهَا أَوِ ابْنُهَا أَوْ ذُو مَحْرَمٍ مِنْهَا أَخْرَجَاهُ مِنْ طَرِيقِ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْهُ قَوْله تَابعه أَحْمد هُوَ بن مُحَمَّدٍ الْمَرْوَزِيُّ أَحَدُ شُيُوخِ الْبُخَارِيِّ وَوَهِمَ مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ لِأَنَّهُ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ وَنَقَلَ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي الْعِلَلِ عَنْ يَحْيَى الْقَطَّانِ قَالَ مَا أَنْكَرْتُ عَلَى عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ إِلَّا هَذَا الْحَدِيثَ وَرَوَاهُ أَخُوهُ عَبْدُ اللَّهِ مَوْقُوفًا.

.

قُلْتُ وَعَبْدُ اللَّهِ ضَعِيفٌ وَقَدْ تَابَعَ عُبَيْدَ اللَّهِ الضَّحَّاكَ كَمَا تَقَدَّمَ فَاعْتَمَدَهُ الْبُخَارِيُّ لِذَلِكَ

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  باب فِي كَمْ يَقْصُرُ الصَّلاَةَ؟
وَسَمَّى النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمًا وَلَيْلَةً سَفَرًا
وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ وَابْنُ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهم- يَقْصُرَانِ وَيُفْطِرَانِ فِي أَرْبَعَةِ بُرُدٍ، وَهْيَ سِتَّةَ عَشَرَ فَرْسَخًا.

هذا ( باب) بالتنوين ( في كم يقصر) المصلي ( الصلاة؟) بفتح المثناة التحتية وسكون القاف وضم الصاد، ولأبوي ذر، والوقت: تقصر الصلاة، بضم المثناة الفوقية وفتح القاف والصاد المشددة، وللأصيلي: تقصر الصلاة، بضم الفوقية وسكون القاف وفتح الصاد مخففة، مبنيًّا للمفعول فيهما.

والصلاة رفع نائب عنه فيهما أيضًا.

( وسمى النبي، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) في حديث هذا الباب ( يومًا وليلة سفرًا) وللأربعة، وعزاها في الفتح لأبي ذر فقط: السفر يومًا وليلة، أي: وسمى مدة اليوم والليلة سفرًا.

( وكان ابن عمر) بن الخطاب ( وابن عباس رضي الله عنهم) ، مما وصله البيهقي بسند صحيح، ( يقصران) بضم الصاد ( ويفطران) بضم أوله وكسر الطاء ( في أربعة برد) بضم الموحدة والراء وقد تسكن ذهابًا غير الإياب، ومثله إنما يفعل عن توقيف.

فلو قصد مكانًا على مرحلة بنية أن لا يقيم فيه، فلا قصر له ذهابًا ولا إيابًا، وإن نالته مشقة مرحلتين متواليتين، لما روى الشافعي بسند صحيح عن ابن عباس، أنه سئل: أتقصر الصلاة إلى عرفة؟ فقال: لا ولكن إلى عسفان، وإلى جدة، وإلى الطائف.
فقدرها بالذهاب وحده.

وقد روي عنه مرفوعًا بلفظ: "يا أهل مكة! لا تقصروا الصلاة في أدنى من أربعة برد، من مكة إلى عسفان".
رواه الدارقطني، وابن أبي شيبة.
لكن في إسناده ضعف من أجل عبد الوهاب بن مجاهد.

قال البخاري: ( وهي) أي الأربعة برد ( ستة عشر فرسخًا) يقينًا أو ظنًا، ولو باجتهاد، إذ كل بريد أربعة فراسخ، وكل فرسخ ثلاثة أميال، فهي: ثمانية وأربعون ميلاً هاشمية، نسبة لبني هاشم، لتقديرهم لها وقت خلافتهم بعد تقدير بني أمية لا هاشم نفسه، كما وقع للرافعي.

والميل من الأرض منتهى مد البصر، لأن البصر يميل عنه على وجه الأرض حتى يفنى إدراكه، وبذلك جزم الجوهري.

وقيل: أن ينظر إلى شخص في أرض مصطحبة، فلا يدري أهو رجل أو امرأة، أو هو ذاهب أو آت، وهو أربعة آلاف خطوة، والخطوة: ثلاثة أقدام، فهو اثنا عشر ألف قدم، وبالذراع ستة آلاف، والذراع أربعة وعشرون إصبعًا معترضات، والإصبع: ست شعيرات معتدلات معترضات، والشعيرة: ست شعرات من شعر البرذون.


وقد حرر بعضهم الذراع المذكور بذراع الحديد المستعمل الآن بمصر والحجاز، في هذه الأعصار فوجده ينقص عن ذراع الحديد بقدر الثمن، فعلى هذا، فالميل، بذراع الحديد على القول المشهور: خمسة آلاف ذراع ومايتان وخمسون ذراعًا.
انتهى.

فمسافة القصر بالبرد أربعة، وبالفراسخ ستة عشر، وبالأميال ثمانية وأربعون ميلاً، وبالأقدام خمسمائة ألف وستة وسبعون ألفًا، وبالأذرع مائتا ألف وثمانية وثمانون ألفًا وبالأصابع ستة آلاف وتسعمائة ألف واثنا عشر ألفًا وبالشعيرات أْحد وأربعون ألف ألف حبة وأربعماية ألف واثنان وسبعون ألفًا، وبالشعرات مائتا ألف ألف وثمانية وأربعون ألف ألف وثمانمائة ألف واثنان وثلاثون ألفًا، وبالزمن من يوم وليلة مع المعتاد من النزول والاستراحة والأكل والصلاة ونحوها.

وعن ابن عباس قال تقصر الصلاة في مسيرة يوم وليلة، رواه ابن أبي شيبة بإسناد صحيح، وذلك: مرحلتان بسير الأثقال ودبيب الأقدام، وضبطها بذلك تحديد لثبوت تقديرها بالأميال عن الصحابة، كما مر.

ولأن القصر والجمع على خلاف الأصل، فيحتاط فيه بتحقيق تقدير المسافة، بخلاف تقدير القلتين ونحوهما، والبر كالبحر، فلو قطع المسافة فيه في ساعة قصر انتهى.

ولأبي ذر عن الحموي والمستملي، وهو ستة عشر بالتذكير، بدل: وهي، وسقط ذلك كله إلى قوله فرسخًا لابن عساكر.


[ قــ :1050 ... غــ : 1086 ]
- حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِيُّ قَالَ:.

.

قُلْتُ لأَبِي أُسَامَةَ: حَدَّثَكُمْ عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ -رضي الله عنهما- أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «لاَ تُسَافِرِ الْمَرْأَةُ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ إِلاَّ مَعَ ذِي مَحْرَمٍ».
[الحديث 1086 - طرفه في: 1087] .

وبالسند قال: ( حدّثنا إسحاق بن إبراهيم) المعروف بابن راهويه ( الحنظلي) بفتح الحاء المهملة والظاء المعجمة، أو: هو ابن نصر السعدي، أو: ابن منصور الكوسج، والأول هو الراجح.

وسقط: إبراهيم الحنظلي لأبي ذر، والأصيلي ( قال: قلت لأبي أسامة) حماد بن أسامة الليثي ( حدثكم عبيد الله) بن عمر بن عاصم العمري، واستدلّ به على أنه: إذا قيل للشيخ حدثكم فلان بكذا مع القرينة صح التحمل، لكن في مسند إسحاق، في آخره، فأقر به أبو أسامة وقال: نعم، ( عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال) :
( لا تسافر المرأة) بكسر الراء لالتقاء الساكنين، سفرًا مباحًا أو لحج فرض ( ثلاثة أيام) بلياليها، ولمسلم: ثلاث ليال، أي: بأيامها، وللكشميهني: فوق ثلاثة أيام، وللأصيلي: لا تسافر المرأة ثلاثًا ( إلا مع ذي محرم) بفتح الميم وسكون الحاء، الذي لا يحل له نكاحها.

وتمسك به الحنفية في أن سفر القصر ثلاثة أيام، لأن المرأة يجوز لها الخروج في أقل منها لقصر

المسافة، وخفة الأمر.
وإنما الرخصة في طويل فيه مشقة وتعب.

وأجيب: بأنه لو كانت العلة ذلك لجاز للمرأة السفر فيما دون ذلك بلا محرم، لكنه لم يجز والنهي للمرأة من السير وحدها متعلق بالزمان، فلو قطعت مسيرة ساعة واحدة مثلاً في يوم تام تعلق بها النهي، بخلاف المسافر، فإنه لو قطع مسيرة نصف يوم مثلاً في يومين لم يقصر، فافترقا.

ورواة هذا الحديث ما بين: مروزي وكوفي ومدني، وفيه: التحديث والنعنة، وأخرجه مسلم.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  (بابٌُ فِي كَمْ يَقْصُرُ الصَّلاةَ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان كم مُدَّة يقصر الْإِنْسَان الصَّلَاة فِيهَا إِذا قصد الْوُصُول إِلَيْهَا بِحَيْثُ لَا يجوز لَهُ الْقصر إِذا كَانَ قَصده أقل من تِلْكَ الْمدَّة؟ وَلَفْظَة: كم، استفهامية، ومميزها هُوَ الَّذِي قدرناه.
قَوْله: (يقصر الصَّلَاة) يجوز فِي: يقصر، أَن يكون على بِنَاء الْفَاعِل، وَأَن يكون على بِنَاء الْمَفْعُول، فعلى الأول لفظ الصَّلَاة مَنْصُوب، وعَلى الثَّانِي مَرْفُوع.

وسَمَّى النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم السَّفَرَ يَوْما ولَيْلَةً أَشَارَ بِهَذَا إِلَى أَن اخْتِيَاره أَن أقل الْمسَافَة الَّتِي يجوز فِيهَا الْقصر يَوْم وَلَيْلَة، حَاصله أَن من خرج من منزله وَقصد موضعا إِن كَانَ بَينه وَبَين مقْصده ذَلِك مسيرَة يَوْم وَلَيْلَة يجوز لَهُ أَن يقصر صلَاته الرّبَاعِيّة، وَإِن كَانَ أقل من ذَلِك لَا يجوز، وَهَذِه الْعبارَة رِوَايَة أبي ذَر، وَفِي رِوَايَة غَيره: وسمى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْمًا وَلَيْلَة سفرا، وَإِطْلَاق السّفر على يَوْم وَلَيْلَة تجوز، وَكَذَا إِطْلَاق يَوْم وَلَيْلَة على السّفر، وَهَذَا أنسب.
يُقَال: سميت فلَانا زيدا، وَقد ذكر فِي هَذَا الْبابُُ ثَلَاثَة أَحَادِيث: إثنان مِنْهَا عَن ابْن عمر وَالْآخر عَن أبي هُرَيْرَة، وَفِي حَدِيث أبي هُرَيْرَة: أقل مُدَّة السّفر الَّتِي لَا يحل للْمَرْأَة أَن تُسَافِر فِيهَا بِدُونِ زوج أَو محرم يَوْم وَلَيْلَة كَمَا يَأْتِي ذكره.
وَأَشَارَ إِلَى هَذَا بقوله: (وسمى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم السّفر يَوْمًا وَلَيْلَة) ..
     وَقَالَ  بَعضهم: وَتعقب بِأَن فِي بعض طرقه: ثَلَاثَة أَيَّام، كَمَا فِي حَدِيث ابْن عمر، وَفِي بَعْضهَا: يَوْم وَلَيْلَة، وَفِي بَعْضهَا: يَوْم، وَفِي بَعْضهَا: لَيْلَة، وَفِي بَعْضهَا: بريد.
قلت: لَيْسَ فِيهِ تعقب لِأَن المحكي فِي هَذَا الْبابُُ نَحْو من عشْرين قولا، وَقد ذكرنَا فِي هَذَا الْبابُُ الصَّلَاة بمنى، وَأَشَارَ بِهَذَا إِلَى أَن أقل الْمسَافَة الَّتِي اخْتَارَهَا من هَذِه الْأَقْوَال، يَوْم وَلَيْلَة، وَلَا يُقَال الْمَذْكُور فِي بَعْضهَا يَوْم فَقَط بِدُونِ لَيْلَة، لأَنا نقُول: إِذا ذكر الْيَوْم مُطلقًا يُرَاد بِهِ الْكَامِل، وَهُوَ الْيَوْم بليلته، وَكَذَا إِذا أطلقت اللَّيْلَة بِدُونِ ذكر الْيَوْم.

وكانَ ابنُ عُمَرَ وابنُ عَبَّاسٍ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم يَقْصُرَانِ ويُفْطِرانِ فِي أرْبَعَةِ بُرُدٍ وَهْيَ سِتَّةَ عشَرَ فَرْسَخا

هَذَا التَّعْلِيق أسْندهُ الْبَيْهَقِيّ، فَقَالَ: أخبرنَا ابْن حَامِد الْحَافِظ أخبرنَا زَاهِر بن أَحْمد حَدثنَا أَبُو بكر النَّيْسَابُورِي حَدثنَا يُوسُف بن سعيد بن مُسلم حَدثنَا حجاج حَدثنِي لَيْث حَدثنَا يزِيد بن أبي حبيب (عَن عَطاء بن أبي رَبَاح: أَن ابْن عمر وَابْن عَبَّاس كَانَا يصليان رَكْعَتَيْنِ ويفطران فِي أَرْبَعَة برد، فَمَا فَوق ذَلِك) .
قَالَ أَبُو عمر: هَذَا عَن ابْن عَبَّاس مَعْرُوف من نقل الثِّقَات مُتَّصِل الْإِسْنَاد عَنهُ من وُجُوه.
مِنْهَا مَا رَوَاهُ عبد الرَّزَّاق عَن ابْن جريج عَن عَطاء عَنهُ،.

     وَقَالَ  ابْن أبي شيبَة أخبرنَا ابْن عُيَيْنَة عَن عمر وَأَخْبرنِي عَطاء عَنهُ، وَحدثنَا وَكِيع حَدثنَا هِشَام بن الْغَاز عَن ربيعَة الجرشِي عَن عَطاء عَنهُ، وَقد اخْتلف عَن ابْن عمر فِي تَحْدِيد ذَلِك اخْتِلَافا كثيرا، فروى عبد الرَّزَّاق عَن ابْن جريج عَن نَافِع أَن ابْن عمر كَانَ أدنى مَا يقصر الصَّلَاة فِيهِ مَال لَهُ بِخَيْبَر، وَبَين الْمَدِينَة وخيبر سِتَّة وَتسْعُونَ ميلًا، وروى وَكِيع من وَجه آخر عَن ابْن عمر أَنه قَالَ: يقصر من الْمَدِينَة إِلَى السويداء، وَبَينهمَا إثنان وَسَبْعُونَ ميلًا، وروى عبد الرَّزَّاق عَن مَالك عَن ابْن شهَاب عَن سَالم عَن أَبِيه: أَنه سَافر إِلَى ريم فقصر الصَّلَاة.
قَالَ عبد الرَّزَّاق: وَهِي على ثَلَاثِينَ ميلًا من الْمَدِينَة، وروى ابْن أبي شيبَة عَن وَكِيع عَن مسعر عَن محَارب: سَمِعت ابْن عمر يَقُول: إِنِّي لأسافر السَّاعَة من النَّهَار فأقصر..
     وَقَالَ  الثَّوْريّ: سَمِعت جبلة بن سحيم، سَمِعت ابْن عمر يَقُول: لَو خرجت ميلًا لقصرت الصَّلَاة، وَإسْنَاد كل من هَذِه الْآثَار صَحِيح، وَقد اخْتلف فِي ذَلِك على ابْن عمر، وَأَصَح مَا رُوِيَ عَنهُ مَا رَوَاهُ ابْنه سَالم وَنَافِع أَنه: كَانَ لَا يقصر إلاّ فِي الْيَوْم التَّام أَرْبَعَة برد، وَفِي (الْمُوَطَّأ) عَن ابْن شهَاب عَن مَالك عَن سَالم عَن أَبِيه: أَنه كَانَ يقصر فِي مسيرَة الْيَوْم التَّام،.

     وَقَالَ  بَعضهم: على هَذَا فِي تمسك الْحَنَفِيَّة بِحَدِيث ابْن عمر، على أَن: أقل مَسَافَة الْقصر ثَلَاثَة أَيَّام إِشْكَال، لَا سِيمَا على قاعدتهم بِأَن الِاعْتِبَار بِمَا رأى الصَّحَابِيّ لَا بِمَا روى.
قلت: لَيْسَ فِيهِ إِشْكَال، لِأَن هَذَا لَا يشبه أَن يكون رَأيا، إِنَّمَا يشبه أَن يكون توقيفا على أَن أَصْحَابنَا أَيْضا اخْتلفُوا فِي هَذَا الْبابُُ إختلافا كثيرا، فَالَّذِي ذكره صَاحب (الْهِدَايَة) : السّفر الَّذِي تَتَغَيَّر بِهِ الْأَحْكَام أَن يقْصد الْإِنْسَان مسيرَة ثَلَاثَة أَيَّام ولياليها بسير الْإِبِل ومشي الْأَقْدَام، وَقدر أَبُو يُوسُف بيومين وَأكْثر الثَّالِث، وَهُوَ رِوَايَة الْحسن عَن أبي حنيفَة، وَرِوَايَة ابْن سَمَّاعَة عَن مُحَمَّد،.

     وَقَالَ  المرغيناني وَعَامة الْمَشَايِخ: قدروها بالفراسخ، فَقيل: أحد وَعِشْرُونَ فرسخا، وَقيل: ثَمَانِيَة عشر فرسخا.
قَالَ المرغيناني: وَعَلِيهِ الْفَتْوَى.
وَقيل خَمْسَة عشر فرسخا.
وَمَا ذكره صَاحب (الْهِدَايَة) هُوَ مَذْهَب عُثْمَان وَابْن مَسْعُود وسُويد بن غَفلَة وَفِي (التَّمْهِيد) : وَحُذَيْفَة بن الْيَمَان وَأَبُو قلَابَة وَشريك بن عبد الله وَابْن جُبَير وَابْن سِيرِين وَالشعْبِيّ وَالنَّخَعِيّ وَالثَّوْري وَالْحسن بن حَيّ، وَقد استقصينا الْكَلَام فِيهِ فِي: بابُُ الصَّلَاة بمنى.
قَوْله: (وَهُوَ سِتَّة عشر فرسخا) من كَلَام البُخَارِيّ أَي: الْبرد سِتَّة عشر فرسخا، وَالْبرد، بِضَم الْبَاء الْمُوَحدَة: جمع بريد،.

     وَقَالَ  ابْن سَيّده: الْبَرِيد فرسخان.
وَقيل: مَا بَين كل منزلين بريد،.

     وَقَالَ  صَاحب (الْجَامِع) : الْبَرِيد أَمْيَال مَعْرُوفَة، يُقَال: هُوَ أَرْبَعَة فراسخ.
والفراسخ ثَلَاثَة أَمْيَال.
وَفِي (الواعي) : الْبَرِيد سكَّة من السكَك، كل اثْنَي عشر ميلًا بريد، وَكَذَا ذكره فِي (الصِّحَاح) وَغَيره.
وَفِي (الجمهرة) : الْبَرِيد مَعْرُوف عَرَبِيّ، والفرسخ، قَالَ ابْن سَيّده: هُوَ ثَلَاثَة أَمْيَال أَو سِتَّة، سمي بذلك لِأَن صَاحبه إِذا مَشى وَقعد واستراح، كَأَنَّهُ سكن، والفرسخ: السّكُون.
وَفِي (الْجَامِع) : قيل: إِنَّمَا سمي فرسخا من السعَة.
وَقيل: الْمَكَان إِذا لم يكن فِيهِ فُرْجَة فَهُوَ فَرسَخ.
وَقيل: الفرسخ الطَّوِيل.
وَفِي (مجمع الغرائب) : فراسخ اللَّيْل وَالنَّهَار ساعاتهما وأوقاتهما.
وَفِي (الصِّحَاح) : هُوَ فَارسي مُعرب، والميل من الأَرْض مَعْرُوف، وَهُوَ قدر مد الْبَصَر، وَقيل: لَيْسَ لَهُ حد مَعْلُوم، وَقيل: هُوَ ثَلَاثَة آلَاف ذِرَاع، وَعَن يَعْقُوب: مُنْتَهى مد الْبَصَر، وَيُقَال: الْميل عشر غلوات، والغلوة طلق الْفرس، وَهُوَ مِائَتَا ذِرَاع وَفِي (الْمغرب) للمطرزي الغلوة ثَلَاثمِائَة ذِرَاع إِلَى أَرْبَعمِائَة.
وَقيل: هُوَ قدر رمية سهم..
     وَقَالَ  ابْن عبد الْبر: أصح مَا فِي الْميل أَنه ثَلَاثَة آلَاف ذِرَاع وَخَمْسمِائة.
وَقيل: أَرْبَعَة آلَاف ذِرَاع، وَقيل: ألف خطْوَة بخطوة الْجمل.
وَقيل: هُوَ أَن ينظر إِلَى الشَّخْص فَلَا يعلم أهوَ آتٍ أَو ذَاهِب أَو رجل هُوَ أَو امْرَأَة..
     وَقَالَ  عِيَاض: وَقيل: إثنا عشر ألف قدم، وَعَن الْحَرْبِيّ قَالَ أَبُو نصر: هُوَ قِطْعَة من الأَرْض مَا بَين العلمين.



[ قــ :1050 ... غــ :1086 ]
- حدَّثنا إسْحَاقُ بنُ إبْرَاهِيمَ الحَنْظَلِيُّ قَالَ.

.

قُلْتُ ل أِبِي أُسَامَةَ حدَّثَكُمْ عُبَيْدُ الله عنْ نَافِعٍ عنِ ابنِ عُمَرَ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا أنَّ النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لاَ تُسَافِرِ المَرْأَةُ ثَلاَثَةَ أيَّامٍ إلاَّ مَعَ ذِي مَحْرَمٍ.

(الحَدِيث 6801 طرفه فِي: 7801) .

مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِنَّه يبين الْإِبْهَام الَّذِي فِي التَّرْجَمَة ففسره أَولا بقوله: (وسمى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم السّفر يَوْمًا وَلَيْلَة) .
وَثَانِيا بقوله: (وَكَانَ ابْن عمر.
.
) إِلَى آخِره، وثالثا بِهَذَا الحَدِيث الَّذِي رَوَاهُ عَن ابْن عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا، لِأَن إِبْهَام التَّرْجَمَة وإطلاقه يتَنَاوَل الْكل.

ذكر رِجَاله: وهم خَمْسَة: الأول: إِسْحَاق، قَالَ أَبُو عَليّ الجياني: حَيْثُ قَالَ البُخَارِيّ: حَدثنَا إِسْحَاق، فَهُوَ ابْن رَاهَوَيْه.
وَإِمَّا ابْن نصر السَّعْدِيّ.
وَإِمَّا ابْن مَنْصُور الكوسج لِأَن الثَّلَاثَة أخرج عَنْهُم البُخَارِيّ عَن أبي أُسَامَة.
قَالَ الْكرْمَانِي: إِسْحَاق هُوَ الْحَنْظَلِي.
قلت: هُوَ إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم بن مخلد بن إِبْرَاهِيم، يعرف بِابْن رَاهَوَيْه الْحَنْظَلِي الْمروزِي، وَالصَّوَاب مَعَه، لِأَنَّهُ سَاق هَذَا الحَدِيث فِي مُسْنده بِهَذِهِ الْعبارَة.
الثَّانِي: أَبُو أُسَامَة حَمَّاد بن أُسَامَة اللَّيْثِيّ، وَقد مر غير مرّة.
الثَّالِث: عبيد الله بن عمر الْعمريّ، وَقد مر عَن قريب.
الرَّابِع: نَافِع مولى ابْن عمر.
الْخَامِس: عبد الله ابْن عمر.

ذكر لطائف إِسْنَاده: فِيهِ: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي مَوضِع، وبصيغة الْإِفْرَاد فِي مَوضِع، وَفِيه: قَالَ وَقلت.
وَفِيه: أَن شَيْخه مروزي وَأَبُو أُسَامَة كُوفِي وَعبيد الله وَنَافِع مدنيان.
وَفِيه: دَلِيل لمن قَالَ: إِنَّه لَا يشْتَرط فِي صِحَة النَّاقِل قَول الشَّيْخ: نعم، فِي جَوَاب من قَالَ لَهُ: حَدثكُمْ فلَان، بِكَذَا، قَالَ بَعضهم: فِيهِ نظر، لِأَن مُسْند إِسْحَاق فِي آخِره وَأقر بِهِ أَبُو أُسَامَة.

     وَقَالَ : نعم.
قلت: فِيهِ نظر، لِأَن هَذَا الْمُسْتَدلّ إِنَّمَا اسْتدلَّ بِظَاهِر عبارَة البُخَارِيّ الَّتِي تساعده فِيهِ على مَا لَا يخفى.
وَفِيه: أَن شَيْخه مَذْكُور بِغَيْر نِسْبَة، وَيحْتَمل وَجه ذَلِك أَنه روى هَذَا الحَدِيث من هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَة الْمُسَمّى كل مِنْهُم بِإسْحَاق وَلم ينْسبهُ ليتناول الثَّلَاثَة، لِأَنَّهُ أخرج عَن الثَّلَاثَة عَن أبي أُسَامَة.

والْحَدِيث أخرجه مُسلم أَيْضا عَن أبي بكر بن أبي شيبَة وَأخرجه مُسلم أَيْضا من طَرِيق الضَّحَّاك بن عُثْمَان عَن نَافِع مسيرَة ثَلَاث لَيَال، والتوفيق بَين الرِّوَايَتَيْنِ أَن المُرَاد: ثَلَاثَة أَيَّام بلياليها وَثَلَاث لَيَال بأيامها.

ذكر مَا يستنبط مِنْهُ: احْتج بِهِ أَبُو حنيفَة وَأَصْحَابه وفقهاء أَصْحَاب الحَدِيث على أَن الْمحرم شَرط فِي وجوب الْحَج على الْمَرْأَة إِذا كَانَت بَينهَا وَبَين مَكَّة مسيرَة ثَلَاثَة أَيَّام ولياليها، وَبِه قَالَ النَّخعِيّ وَالْحسن الْبَصْرِيّ وَالثَّوْري وَالْأَعْمَش.
فَإِن قلت: الْحَج لم يدْخل فِي السّفر الَّذِي نهى عَنهُ النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَأَنه مَحْمُول على الْأَسْفَار غير الْوَاجِبَة، وَالْحج فرض، فَلَا يدْخل فِي هَذَا النَّهْي؟ قلت: النَّهْي عَام فِي كل سفر، وَيُؤَيِّدهُ مَا رَوَاهُ البُخَارِيّ وَمُسلم.
فَقَالَ مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة وَزُهَيْر بن حَرْب، كِلَاهُمَا عَن سُفْيَان، قَالَ أَبُو بكر: حَدثنَا سُفْيَان بن عُيَيْنَة، قَالَ: حَدثنَا عَمْرو بن دنار (عَن أبي معبد قَالَ: سَمِعت ابْن عَبَّاس يَقُول: سَمِعت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يخْطب: لَا يخلون رجل بِامْرَأَة إلاّ وَمَعَهَا ذُو محرم، وَلَا تُسَافِر الْمَرْأَة إلاّ مَعَ ذِي محرم، فَقَامَ رجل فَقَالَ: يَا رَسُول الله إِن امْرَأَتي حَاجَة، وَإِنِّي اكتتبت فِي غَزْوَة كَذَا وَكَذَا، قَالَ: انْطلق فحج مَعَ امْرَأَتك) .
وَلَفظ البُخَارِيّ يَجِيء فِي مَوْضِعه، إِن شَاءَ الله تَعَالَى.
وَأخرجه ابْن مَاجَه والطَّحَاوِي أَيْضا، وَلَفظ الطَّحَاوِيّ: (أردْت أَن أحج بامرأتي، فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (أحجج مَعَ امْرَأَتك) .
فَدلَّ ذَلِك على أَنَّهَا لَا يَنْبَغِي لَهَا أَن تحج إلاّ بِهِ، وَلَوْلَا ذَلِك لقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: وَمَا حَاجَتهَا إِلَيْك لِأَنَّهَا تخرج مَعَ الْمُسلمين، وَأَنت فَامْضِ لوجهك فِيمَا اكتتبت، فَفِي ترك النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يَأْمُرهُ بذلك وَأمره أَن يحجّ مَعهَا دَلِيل على أَنَّهَا لَا يصلح لَهَا الْحَج إلاّ بِهِ.
وروى ابْن حزم حَدِيث ابْن عَبَّاس هَذَا فِي (الْمحلى) بِسَنَدِهِ، كَمَا مر، غير أَن فِي لَفظه: (إِنِّي نذرت أَن أخرج فِي جَيش كَذَا) ، عوض قَوْله: (إِنِّي اكتتبت فِي غَزْوَة كَذَا) .
ثمَّ قَالَ: وَلم يقل صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا تخرج إِلَى الْحَج إلاّ مَعَك، وَلَا نهاها عَن الْحَج، بل ألزمهُ ترك نَذره فِي الْجِهَاد وألزمه الْحَج مَعهَا، فالفرض فِي ذَلِك عَلَيْهِ لَا عَلَيْهَا.
قلت: إِنَّمَا قَالَ ذَلِك توجيها لمذهبه فِي أَن الْمَرْأَة تحج من غير زوج ومحرم، فَإِن كَانَ لَهَا زوج فَفرض عَلَيْهِ أَن يحجّ مَعهَا وَلَيْسَ كَمَا فهمه، بل الحَدِيث فِي نفس الْأَمر حجَّة عَلَيْهِ، لِأَنَّهُ لما قَالَ لَهُ: (فَاخْرُج مَعهَا) ، وَأمر بِالْخرُوجِ مَعهَا فَدلَّ على عدم جَوَاز سفرها إلاّ بِهِ أَو بِمحرم، وَإِنَّمَا ألزمهُ بترك نَذره لتَعلق جَوَاز سفرها بِهِ.
فَإِن قلت: ظَاهر الحَدِيث يدل على أَن الزَّوْج أَو الْمحرم إِذا امْتنع عَن الْخُرُوج مَعهَا فِي الْحَج أَنه يجْبر على ذَلِك، وَمَعَ هَذَا فَأنْتم تَقولُونَ: إِذا امْتنع الزَّوْج أَو الْمحرم لَا يجْبر عَلَيْهِ.
قلت: فَلْيَكُن كَذَلِك فَلَا يضرنا هَذَا، وَإِنَّمَا قصدنا إِثْبَات شَرْطِيَّة الزَّوْج أَو الْمحرم مَعَ الْمَرْأَة إِذا أَرَادَت الْحَج، على أَن هَذَا الْأَمر لَيْسَ بِأَمْر إِلْزَام، وَإِنَّمَا نبه بذلك على أَن الْمَرْأَة لَا تُسَافِر إلاّ بزوجها، وَمذهب الشَّافِعِي وَمَالك أَن الْمَرْأَة تُسَافِر لِلْحَجِّ الْفَرْض بِلَا زوج وَلَا محرم، وَإِن كَانَ بَينهَا وَبَين مَكَّة سفرا وَلم يكن وخصَّا النَّهْي الْوَارِد عَن ذَلِك بالأسفار غير الْوَاجِبَة، وَمذهب عَطاء وَسَعِيد بن كيسَان وَطَائِفَة من الظَّاهِرِيَّة: أَنه يجوز سفر الْمَرْأَة فِيمَا دون الْبَرِيد، فَإِذا كَانَ بريدا فَصَاعِدا فَلَيْسَ لَهَا أَن تُسَافِر إلاّ بِمحرم، وَاحْتَجُّوا فِي ذَلِك بِمَا رَوَاهُ الطَّحَاوِيّ، قَالَ: حَدثنَا أَبُو بكرَة قَالَ: حَدثنَا أَبُو عمر الضَّرِير عَن حَمَّاد بن سَلمَة، قَالَ: حَدثنَا سُهَيْل بن أبي صَالح عَن سعيد بن أبي سعيد المَقْبُري عَن أبي هُرَيْرَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (لَا تُسَافِر امْرَأَة بريدا، إلاّ مَعَ زوج أَو ذِي محرم) .
وَأخرجه الْبَيْهَقِيّ أَيْضا، وَلَفظه: (لَا تُسَافِر الْمَرْأَة بريدا إلاّ مَعَ ذِي محرم) ، وَأخرجه أَبُو دَاوُد نَحوه.

وَذهب الشّعبِيّ وطاووس وَقوم من الظَّاهِرِيَّة إِلَى أَن الْمَرْأَة لَا يجوز لَهَا أَن تُسَافِر مُطلقًا سَوَاء كَانَ السّفر قَرِيبا أَو بَعيدا، إِلَّا وَمَعَهَا ذُو محرم لَهَا، وَاحْتَجُّوا فِي ذَلِك بِمَا رَوَاهُ الطَّحَاوِيّ.
قَالَ حَدثنَا روح بن الْفرج، قَالَ: حَدثنَا حَامِد بن يحيى، قَالَ: حَدثنَا سُفْيَان بن عُيَيْنَة، قَالَ: حَدثنَا ابْن عجلَان عَن سعيد بن أبي سعيد المَقْبُري عَن أبي هُرَيْرَة، قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (لَا تُسَافِر الْمَرْأَة إلاّ وَمَعَهَا ذُو محرم) .
قَالَ الطَّحَاوِيّ: اتّفقت الْآثَار الَّتِي فِيهَا مُدَّة الثَّلَاث كلهَا عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي تَحْرِيم السّفر ثَلَاثَة أَيَّام على الْمَرْأَة بِغَيْر محرم، وَاخْتلف فِيمَا دون الثَّلَاث، فَنَظَرْنَا فِي ذَلِك فَوَجَدنَا النَّهْي عَن السّفر بِلَا محرم مسيرَة ثَلَاثَة أَيَّام فَصَاعِدا ثَابتا بِهَذِهِ الْآثَار كلهَا، وَكَانَ توقيته ثَلَاثَة أَيَّام فِي ذَلِك إِبَاحَة السّفر دون الثَّلَاث لَهَا بِغَيْر محرم، وَلَوْلَا ذَلِك لما كَانَ لذكره الثَّلَاث معنى، ولنهى نهيا مُطلقًا.
وَلم يتَكَلَّم بِكَلَام يكون فصلا، وَلَكِن ذكر الثَّلَاث ليعلم أَن مَا دونهَا بِخِلَافِهَا، ثمَّ مَا رُوِيَ عَنهُ فِي منعهَا من السّفر دون الثَّلَاث من الْيَوْم واليومين والبريد، فَكل وَاحِد من تِلْكَ الْآثَار، وَمن الْأَثر الْمَرْوِيّ فِي الثَّلَاث مَتى كَانَ بعد الَّذِي خَالفه شَيْخه إِن كَانَ على سفر الْيَوْم بِلَا محرم بعد النَّهْي عَن سفر الثَّلَاث بِلَا محرم فَهُوَ نَاسخ، وَإِن كَانَ خبر الثَّلَاث هُوَ الْمُتَأَخر عَنهُ فَهُوَ نَاسخ، فقد ثَبت أَن أحد الْمعَانِي دون الثَّلَاث ناسخة للثلاث، أَو الثَّلَاث ناسخة لَهَا، فَلم يخل خبر الثَّلَاث من أحد وَجْهَيْن: إِمَّا أَن يكون هُوَ الْمُتَقَدّم، أَو يكون هُوَ الْمُتَأَخر، فَإِن كَانَ هُوَ الْمُتَقَدّم فقد أَبَاحَ السّفر بِأَقَلّ من ثَلَاث بِلَا محرم، ثمَّ جَاءَ بعده النَّهْي عَن سفر مَا هُوَ دون الثَّلَاث بِغَيْر محرم، فَحرم مَا حرم الحَدِيث الأول وَزَاد عَلَيْهِ حُرْمَة أُخْرَى وَهِي مَا بَينه وَبَين الثَّلَاث، فَوَجَبَ اسْتِعْمَال الثَّلَاث على مَا أوجبه الْأَثر الْمَذْكُور فِيهِ، وَإِن كَانَ هُوَ الْمُتَأَخر وَغَيره الْمُتَقَدّم فَهُوَ نَاسخ لما تقدمه، وَالَّذِي تقدمه غير وَاجِب الْعَمَل بِهِ، فَحَدِيث الثَّلَاث وَاجِب اسْتِعْمَاله على الْأَحْوَال كلهَا، وَمَا خَالفه فقد يجب اسْتِعْمَاله إِن كَانَ هُوَ الْمُتَأَخر، وَلَا يجب إِن كَانَ هُوَ الْمُتَقَدّم، فَالَّذِي قد وَجب علينا اسْتِعْمَاله وَالْأَخْذ بِهِ فِي كلا الْوَجْهَيْنِ أولى مِمَّا يجب اسْتِعْمَاله فِي حَال وَتَركه فِي حَال.
انْتهى.

وَقَالَ القَاضِي عِيَاض: وَقَوله فِي الرِّوَايَة الْوَاحِدَة عَن أبي سعيد: ثَلَاث لَيَال، وَفِي الْأُخْرَى: يَوْمَيْنِ، وَفِي الْأُخْرَى: أَكثر من ثَلَاث، وَفِي حَدِيث ابْن عمر: ثَلَاث، وَفِي حَدِيث أبي هُرَيْرَة: مسيرَة لَيْلَة، وَفِي الْأُخْرَى عَنهُ: يَوْم وَلَيْلَة، وَفِي الْأُخْرَى عَنهُ: ثَلَاث، وَهَذَا كُله لَيْسَ يتنافر وَلَا يخْتَلف، فَيكون صلى الله عَلَيْهِ وَسلم منع من ثَلَاث وَمن يَوْمَيْنِ وَمن يَوْم أَو يَوْم وَلَيْلَة، وهوأقلها، وَقد يكون قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هَذَا فِي مَوَاطِن مُخْتَلفَة ونوازل مُتَفَرِّقَة، فَحدث كل من سَمعهَا بِمَا بلغه مِنْهَا وَشَاهده، وَإِن حدث بهَا وَاحِد فَحدث بهَا مَرَّات على اخْتِلَاف مَا سَمعهَا، وبحسب اخْتِلَاف هَذِه الرِّوَايَات اخْتلف الْفُقَهَاء فِي تَقْصِير الْمُسَافِر وَأَقل السّفر.
فَإِن قلت: حَدِيث الْبابُُ الَّذِي رَوَاهُ عمر الَّذِي فِيهِ تعْيين ثَلَاثَة أَيَّام، وَأَنه مَمْنُوع إلاّ بِذِي محرم، وَقد رُوِيَ عَنهُ من قَوْله خلاف ذَلِك، قَالَ الطَّحَاوِيّ: حَدثنَا عَليّ بن عبد الرَّحْمَن، قَالَ: حَدثنَا عبد الله بن صَالح، قَالَ: حَدثنَا بكر بن مُضر عَن عَمْرو بن الْحَارِث (عَن بكير أَن نَافِعًا حَدثهُ أَنه: كَانَ يُسَافر مَعَ ابْن عمر مواليات لَهُ لَيْسَ مَعَهُنَّ ذُو محرم) .
قلت: قد يجوز أَن يكون سفرهن بِغَيْر محرم هُوَ السفرالذي لم يدْخل فِيهَا نهي عَنهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
قَوْله: (مواليات) ، بِضَم الْمِيم، أَي: نسَاء مواليات من الْمُوَالَاة، وَعقد الْمُوَالَاة أَن يسْلك رجل على يَد آخر فيواليه، فَيَقُول: أَنْت مولَايَ ترثني إِذا مت وتعقل عني إِذا جنيت، فَهَذَا عقد صَحِيح.
وَكَذَا لَو أسلم على يَد رجل ووالى غَيره.
فَإِن قلت: رُوِيَ عَن عَائِشَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا، أَنَّهَا كَانَت تُسَافِر بِغَيْر محرم، فَأخذ بِهِ جمَاعَة وجوزوا سفرها بِغَيْر محرم.
قلت: كَانَ النَّاس لعَائِشَة محرما لِأَنَّهَا أم الْمُؤمنِينَ، فَمَعَ أَيهمْ سَافَرت فقد سَافَرت بِمحرم، وَلَيْسَ النَّاس لغَيْرهَا من النِّسَاء كَذَلِك، وَهَذَا الْجَواب من أبي حنيفَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.