هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
1058 وَحَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ نَافِعٍ الْعَبْدِيُّ ، حَدَّثَنَا بَهْزُ بْنُ أَسَدٍ الْعَمِّيُّ ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ، عَنْ ثَابِتٍ ، أَنَّهُمْ سَأَلُوا أَنَسًا عَنْ خَاتَمِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ : أَخَّرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْعِشَاءَ ذَاتَ لَيْلَةٍ إِلَى شَطْرِ اللَّيْلِ ، أَوْ كَادَ يَذْهَبُ شَطْرُ اللَّيْلِ ، ثُمَّ جَاءَ ، فَقَالَ : إِنَّ النَّاسَ قَدْ صَلَّوْا ، وَنَامُوا ، وَإِنَّكُمْ لَمْ تَزَالُوا فِي صَلَاةٍ مَا انْتَظَرْتُمُ الصَّلَاةَ ، قَالَ أَنَسٌ : كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى وَبِيصِ خَاتَمِهِ مِنْ فِضَّةٍ ، وَرَفَعَ إِصْبَعَهُ الْيُسْرَى بِالْخِنْصِرِ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
1058 وحدثني أبو بكر بن نافع العبدي ، حدثنا بهز بن أسد العمي ، حدثنا حماد بن سلمة ، عن ثابت ، أنهم سألوا أنسا عن خاتم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : أخر رسول الله صلى الله عليه وسلم العشاء ذات ليلة إلى شطر الليل ، أو كاد يذهب شطر الليل ، ثم جاء ، فقال : إن الناس قد صلوا ، وناموا ، وإنكم لم تزالوا في صلاة ما انتظرتم الصلاة ، قال أنس : كأني أنظر إلى وبيص خاتمه من فضة ، ورفع إصبعه اليسرى بالخنصر
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

Thabit reported:

They (the believers) asked Anas about the ring of the Messenger of Allah (ﷺ) and he said: One night the Messenger of Allah (ﷺ) delayed (observing) the 'Isya' prayer up to the midnight or midnight was about to be over. He then came and said: (Other) people have offered prayers and slept, but you are constantly in prayer as long as you wait for prayer. Anas said: I perceive as if I am seeing the lustre of his silver ring, and lifted his, small left finger (in order to show how the Prophet had lifted it).

شرح الحديث من فـــتح المــــنعم

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

عن ثابت رضي الله عنه أنهم سألوا أنسًا عن خاتم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أخر رسول الله صلى الله عليه وسلم العشاء ذات ليلة إلى شطر الليل.
أو كاد يذهب شطر الليل.
ثم جاء فقال إن الناس قد صلوا وناموا.
وإنكم لم تزالوا في صلاة ما انتظرتم الصلاة.
قال أنس: كأني أنظر إلى وبيص خاتمه من فضة.
ورفع إصبعه اليسرى بالخنصر.


المعنى العام

اعتاد العرب النوم مبكرًا في أوائل الليل، وجاء الإسلام فأقر هذه العادة وحرص على النوم بعد صلاة العشاء ونهى عن السهر والسمر بعد العشاء، ذلك لأن الليل مظنة الانحراف، والسمر فيه عادة أهل اللهو واللعب، وكل سهر فيه قد يكون على حساب النشاط والجهد والإنتاج في النهار، بل قد يكون على حساب صلاة الفجر في وقته، فلما أمن الإسلام على أهله من الانحراف، ولما أشربت قلوب الصحابة حب قيام الليل والتطوع بالصلاة فيه بدأ التشجيع على السهر في الطاعة، وبدأ الحض على تأخير صلاة العشاء عن أول وقتها، وبدأ هذا الأمر عمليًا عن طريق توجيه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكان يقدم صلاة العشاء أحيانًا.
ويؤخرها عن أول وقتها أحيانًا أخرى، كان إذا رآهم اجتمعوا صلى بهم ولم ينتظرها، لأن فيهم المريض والسقيم وذا الحاجة، والأم ينام صبيانها، والأب تنتظره زوجه وأولاده، وإذا رآهم أبطئوا ولم يتجمعوا [لاسترخاء بعضهم اعتمادًا على موافقة رسول الله صلى الله عليه وسلم على التأخير وحبه له] أخر صلى الله عليه وسلم صلاة العشاء حتى يتجمعوا، وشجع على التأخير بنفسه في ليلة من الليالي، إذ تجمع الصحابة وانتظروا خروجه صلى الله عليه وسلم للصلاة وقد مضى من وقتها ساعة وأكثر فلم يخرج، حتى ذهب ثلث الليل أو يقرب من الثلث، حتى نام النساء والصبيان الموجودون بالمسجد، وحتى نام بعض الرجال وتيقظوا وناموا وتيقظوا، وحتى قام عمر قريبًا من باب بيته صلى الله عليه وسلم ونادى الصلاة.
نام النساء والصبيان، وخرج صلى الله عليه وسلم وعليه آثار الغسل وشعره يقطر ماء، فقال لأصحابه: هذا الوقت المفضل لصلاة العشاء، ولولا المشقة على بعضكم لصليت بكم كل ليلة في هذا الموعد، لأنكم طالما تنتظرون الصلاة فأنتم في صلاة، وأنتم بانتظاركم صلاة العشاء إلى ثلث الليل تكونون الأمة الوحيدة التي تعبد ربها في هذا الوقت من الليل، فتكونون الأمة الوحيدة المستحقة للأجر الكبير والدرجات العلى، ففرح الصحابة بهذه البشرى وانتظروا وأخروا العشاء حين يؤخرونها راضين مسرورين.

المباحث العربية

( أعتم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ليلة من الليالي بصلاة العشاء) ذكر ابن سيده: العتمة ثلث الليل الأول بعد غيبوبة الشفق، وقيل: العتمة الإبطاء، يقال أعتم الشيء إذا أخره، والأول أظهر.
يقال: أعتم دخل في وقت العتمة، والمعنى هنا أخر صلاة العشاء حتى اشتدت عتمة الليل، وهي ظلمته، وليلة ظرف زمان أي أعتم في ليلة من الليالي.

( وهي التي تدعى العتمة) تدعى كذلك من العرب والأعراب.

( نام النساء والصبيان) أي الذين ينتظرون منهم الصلاة بالمسجد، وليس المراد من بالبيوت، وإنما خصهم بذلك لأنهم مظنة قلة الصبر عن النوم ومحل الشفقة والرحمة، بخلاف الرجال.

( وذلك قبل أن يفشو الإسلام في الناس) أي قبل أن يظهر وينتشر في غير المدينة، وإنما انتشر في غير المدينة بعد فتح مكة.

( وما كان لكم أن تنزروا رسول اللَّه) تنزروا بالتاء المفتوحة، ثم النون الساكنة، ثم زاي مضمومة، ثم راء، أي تلحوا عليه، ونقل القاضي عن بعض الرواة أنه ضبطه تبرزوا بضم التاء بعدها باء ساكنة فراء مكسورة فزاي من الإبراز، أي تخرجوا.
قال النووي: والرواية الأولى هي الصحيحة المشهورة التي عليها الجمهور.

( حتى ذهب عامة الليل) قال النووي: أي كثير منه، وليس المراد أكثره ولا بد من هذا التأويل لقوله صلى الله عليه وسلم: إنه لوقتها ولا يجوز أن يكون المراد بهذا القول ما بعد نصف الليل، لأنه لم يقل أحد من العلماء: إن تأخيرها إلى ما بعد نصف الليل أفضل.
اهـ.
وهو كلام حسن، لكنه يحتاج إلى توجيه عبارة عامة الليل ويمكن أن يقال: إن أل في الليل للعهد، أي الليل الصالح للوقت المختار للعشاء.

( وحتى نام أهل المسجد) يجوز أن يراد بأهل المسجد النساء والصبيان على الرواية الأولى، أو ما هو أعم منهما على الرواية الرابعة.

( إنه لوقتها) الضمير المنصوب للوقت الذي خرج فيه، والمراد من الوقت الوقت المفضل، أي إن هذا الوقت هو الوقت المختار لصلاة العشاء لولا أن أشق على أمتي.

( لولا أن يشق على أمتي) أي لولا أن يشق الوقت وانتظاره على أمتي.

( ما ينتظرها أهل دين غيركم) أي ما ينتظر الصلاة في هذه الساعة غيركم، إما لأنه لا يصلي حينئذ إلا بالمدينة، وإما لأن سائر الأقوام ليس في أديانهم صلاة في هذا الوقت.

( لولا أن يثقل على أمتي لصليت بهم هذه الساعة) أي لداومت على الصلاة بهم في مثل هذه الساعة من كل ليلة.

( شغل عنها ليلة) أي شغل عن صلاة العشاء، فمرجع الضمير معلوم للمخاطبين بمقتضى الحال، أو في الكلام حذف من الراوي للعلم به، وقوله: شغل عنها ظاهر في أن تأخير النبي صلى الله عليه وسلم إلى هذه الغاية لم يكن قصدًا، وقوله: ليلة ظاهر في أن ذلك لم يكن من شأنه.

( حتى رقدنا في المسجد ثم استيقظنا) هو محمول على أن الذي رقد بعضهم لا كلهم، ونسب الرقاد إلى الكل مجازًا، من تنزيل الأكثر منزلة الجميع.

( أنهم سألوا أنسًا عن خاتم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم) صيغة السؤال - كما ورد في بعض الروايات - هل اتخذ النبي صلى الله عليه وسلم خاتمًا؟ الخاتم بكسر التاء وفتحها.

( كأني أنظر إلى وبيص خاتمه من فضة) وبيص الخاتم بريقه ولمعانه والجار والمجرور من فضة متعلق بمحذوف حال من خاتمه.

( ورفع إصبعه اليسرى بالخنصر) المعنى رفع الإصبع الخنصر من يده اليسرى.
قال النووي: هكذا هو في الأصول بالخنصر وفيه محذوف تقديره مشيرًا بالخنصر، أي إن الخاتم كان في خنصر اليد اليسرى، وهذا الذي رفع إصبعه هو أنس رضي الله عنه، وفي الإصبع عشر لغات، كسر الهمزة وفتحها وضمها، مع كسر الباء وفتحها وضمها، والعاشر أصبوع، وأفصحهن كسر الهمزة مع فتح الباء، اهـ.

( نظرنا... حتى كان قريب من نصف الليل) قال النووي: هكذا هو في بعض الأصول قريب وفي بعضها قريبًا وكلاهما صحيح، وتقدير المنصوب حتى كان الزمان قريبًا، وقوله: نظرنا أي انتظرنا، يقال: نظرته وانتظرته بمعنى.

( كنت أنا وأصحابي... نزولاً) جمع نازل، كشهود جمع شاهد أي كنا نازلين.

( في بقيع بطحان) البقيع بفتح الباء، وهو من الأرض المكان المتسع، ولا يقال بقيع إلا وفيه شجر، وبطحان بضم الباء وسكون الطاء.
هكذا يرويه المحدثون أجمعون، وحكى أهل اللغة فيه فتح الباء وكسر الطاء، وهو علم على واد بالمدينة، ممنوع من الصرف للعلمية وزيادة الألف والنون.

( حتى ابهار الليل) بإسكان الباء وتشديد الراء، قال أبو سعيد الضرير: أي طلعت نجومه واشتبكت، والباهر الممتلئ نورًا، وعن سيبويه: ابهار الليل كثرت ظلمته، وابهار القمر كثر ضوؤه، وقال الأصمعي: ابهار انتصف، مأخوذة من بهرة الشيء وهو وسطه، ويؤيده ما جاء في بعض الروايات حتى إذا كان قريبًا من نصف الليل.

( على رسلكم) بكسر الراء وفتحها، لغتان، والكسر أفصح وأشهر، أي ابقوا واستمروا على هيئتكم، أي تأنوا وانتظروا.

( أعلمكم وأبشروا) أعلمكم بضم الهمزة وسكون العين وكسر اللام مخففة، والجملة كالتعليل للأمر بالانتظار، وأبشروا فعل أمر، يقال: بشرت الرجل بتخفيف فتحة الشين، وبتشديدها وأبشرته، ثلاث لغات، أي ليؤثر الخبر على بشرتكم سرورًا.

( أن من نعمة اللَّه عليكم أنه ليس من الناس أحد يصلي هذه الساعة غيركم) ليس واسمها وخبرها خبر أنه بفتح الهمزة، وأنه وخبرها مسبوك بمصدر اسم أن الأولى بفتح الهمزة أيضًا، ومن نعمة الله، خبرها، والتقدير: أن عدم صلاة أحد غيركم في هذه الساعة من نعمة الله عليكم.
وأن واسمها وخبرها معمول لأعلمكم وأبشروا على التنازع.
أي أعلمكم بهذا وأبشروا به.

( قلت لعطاء) قال الحافظ ابن حجر: هو ابن أبي رباح، ووهم من زعم أنه ابن يسار.

( إمامًا وخلوًا) بكسر الخاء، أي منفردًا؟.

( قام عمر... فقال: الصلاة) قال الحافظ ابن حجر: الصلاة بالنصب بفعل مضمر، تقديره مثلاً: صل الصلاة، وساغ هذا الحذف لدلالة السياق عليه.

( يقطر رأسه ماء) ماء تمييز محول عن الفاعل، أي يقطر ماء رأسه والجملة حال من نبي الله أو من الضمير في كأني أنظر إليه الآن.
وفي رواية كأنه كان اغتسل قبل أن يخرج.

( كما أنبأه ابن عباس) أي كما أخبر ابن عباس.

( فبدد لي عطاء بين أصابعه شيئًا من تبديد) أي فرق أصابعه بعض التفريق.

( ثم وضع أطراف أصابعه على قرن الرأس) قرن الرأس بسكون الراء جانبها.

( ثم صبها) قال النووي: هكذا هو في أصول روايتنا.
قال القاضي: وضبطه بعضهم قلبها وفي البخاري ضمها والأول هو الصواب قال عياض: لأنه يصف عصر الماء من الشعر باليد.
اهـ.
وهذا المعنى يتأتى في رواية ضم الأصابع وبينها الشعر.

( لا يقصر ولا يبطش بشيء إلا كذلك) لا يقصر من التقصير، أي لا يبطئ، وفي بعض نسخ البخاري لا يعصر بالعين، أي لا يعصر عصرًا خفيفًا ولا يبطش أي ولا يسرع ولا يعصر عصرًا شديدًا.
أي برفق ولين غير متعجل وغير متراخ.

( كم - ذكر لك - أخرها النبي صلى الله عليه وسلم ليلتئذ) ؟ جملة ذكر لك مؤخرة من تقديم لأن الاستفهام له الصدارة، وتمييز كم محذوف.
أي ( ذكر لك) كم ساعة أخرها النبي صلى الله عليه وسلم؟ والتنوين في ليلتئذ عوض عن المضاف إليه، أي ليلة إذ أخرها النبي صلى الله عليه وسلم.

( لا يغلبنكم الأعراب على اسم صلاتكم) قال الطيبي: يقال غلبه على كذا إذا غصبه وأخذه منه قهرًا، والمعنى لا تتعرضوا لما هو من عاداتهم من تسمية العشاء بالعتمة، فيغصب منكم الأعراب اسم العشاء التي سماها اللَّه تعالى بها فالنهي على الظاهر للأعراب، وعلى الحقيقة لهم.
اهـ والأعراب أهل البادية.

( وهم يعتمون بالإبل) أي يؤخرون حلب الإبل إلى شدة الظلام، فمن أجل ذلك يسمون العشاء العتمة.

( فإنها في كتاب اللَّه العشاء) في قوله تعالى: { { ومن بعد صلاة العشاء ثلاث عورات لكم } } [النور: 58] .

فقه الحديث

في تفضيل تعجيل صلاة العشاء أو تأخيرها ثلاثة آراء:

الأول: أن تعجيلها أفضل مطلقًا، وهو قول الشافعي في القديم، ودليله عموم قوله صلى الله عليه وسلم في أفضل الأعمال: الصلاة لوقتها أي الصلاة لأول وقتها، وفي رواية أحب الأعمال إلى اللَّه عز وجل الصلاة لأول وقتها ولأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يؤخرها، وإنما أخرها ليلة واحدة أو ليلتين، ولو كان التأخير أفضل لواظب عليه صلى الله عليه وسلم ولو كان فيه مشقة، لأنه صلى الله عليه وسلم لا يواظب إلا على الأفضل، ثم إن ظاهر أحاديث التأخير أنه كان لشغل شغله صلى الله عليه وسلم.

الثاني: أن المستحب تأخير صلاة العشاء إلى ما قبل الثلث، وقيل: إلى الثلث وبه قال مالك وأحمد، وأكثر الصحابة والتابعين، وهو قول الشافعي في الجديد ودليلهم أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد نبه على تفضيل التأخير بالألفاظ الواردة في أحاديث الباب، وصرح بأن ترك التأخير إنما هو للمشقة، قال النووي: ومعناه - واللَّه أعلم - أنه خشي أن يواظبوا عليه فيفرض عليهم، فلهذا تركه كما ترك صلاة التراويح، وعلق تركها بخشية افتراضها والعجز بها، وأجمع العلماء على استحبابها لزوال العلة التي خيف منها، وهذا المعنى موجود في العشاء.
اهـ وقد علل الخطابي استحباب التأخير بأنه يؤدي إلى طول مدة انتظار الصلاة، ومنتظر الصلاة في صلاة.
اهـ.
وهذه العلة مردودة، إذ لو صحت لاستحب تأخير كل صلاة عن أول وقتها.

هذا، ومذهب أبي حنيفة أن التأخير أفضل إلا في ليالي الصيف.

الثالث: أنه يستحب تأخيرها إلى الثلث للمنفرد والجماعة الراضين بالتأخير فأما مع المشقة على المأمومين أو بعضهم فلا يستحب، وهو اختيار كثير من أهل الحديث من الشافعية وغيرهم.

وظاهر الأحاديث يؤيده، ويقويه حديث والعشاء أحيانًا يؤخرها وأحيانًا يعجل.
كان إذا رآهم اجتمعوا عجل، وإذا رآهم أبطئوا أخر رواه البخاري ومسلم.

فعلى هذا من وجد به قوة على تأخيرها، ولم يغلبه النوم، ولم يشق على أحد من المأمومين فالتأخير إلى الثلث في حقه أفضل.

ولا يخفى أن الكلام في التأخير لا يشمل التأخير إلى ما بعد الثلث الأول ( عند مالك والشافعي) أو إلى ما بعد النصف عند أصحاب الرأي وأهل الحديث لأن الكلام في تعجيل الصلاة أي تأخيرها إلى نهاية وقت الاختيار، أما بعد نصف الليل إلى طلوع الفجر فهو وقت جواز، خلافًا للاصطخري الذي يعد ما بعد نصف الليل قضاء.

ويؤخذ من الحديث فوق ما تقدم

1- يؤخذ من الرواية العاشرة والحادية عشرة النهي عن تسمية العشاء بالعتمة.
قال النووي: وقد جاء في الأحاديث الصحيحة تسميتها بالعتمة كحديث لو يعلمون ما في الصبح والعتمة لأتوهما ولو حبوًا رواه البخاري وغيره، والجواب عنه من وجهين:

أحدهما: أنه استعمل لبيان الجواز، وأن النهي عن العتمة للتنزيه لا للتحريم.

والثاني: يحتمل أنه خوطب بالعتمة من لا يعرف العشاء.
فخوطب بما يعرفه واستعمل لفظ العتمة لأنه أشهر عند العرب، وكانوا يطلقون العشاء على المغرب.
اهـ

وقال الحافظ ابن حجر: اختلف السلف في ذلك، فمنهم من كرهه، ومنهم من أطلق جوازه، ومنهم من جعله خلاف الأولى، وهو الراجح، وكذلك نقله ابن المنذر عن مالك والشافعي.
ثم قال: وقيل إن النهي عن تسمية العشاء عتمة نسخ الجواز، ولا بعد في أن ذلك كان جائزًا، فلما كثر إطلاقهم له نهوا عنه لئلا تغلب السنة الجاهلية على السنة الإسلامية.
اهـ فالنهي أيضًا للتنزيه لثبوت ورود التسميتين شرعًا.
والنهي موجه لتسمية الصلاة عتمة، وأما أعتم رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو من قبيل إطلاق الفعل، ولا شيء فيه.

2- يؤخذ من قوله في الرواية الثالثة: العشاء الآخرة جواز وصفها بالآخرة، وأنه لا كراهة فيه خلافًا لما حكي عن الأصمعي من كراهة هذا.

3- ويؤخذ منه أنه يستحب للإمام والعالم إذا تأخر عن أصحابه أو جرى منه ما يظن أنه يشق عليهم أن يعتذر إليهم.

4- ومن قوله: رقدنا ثم استيقظنا استدل على أن النوم لا ينقض الوضوء.
قال النووي: وهو محمول على نوم لا ينقض الوضوء وهو نوم الجالس ممكنًا مقعده من الأرض.

5- وفيه جواز لبس خاتم الفضة، قال النووي: وهو إجماع المسلمين.

6- وفيه جواز الحديث بعد صلاة العشاء إذا كان في خير، وإنما نهي عن الكلام في غير الخير.

7- وفيه جواز النوم قبل العشاء لمن غلب، والكراهة مختصة بمن تعاطى ذلك مختارًا.

8- وفيه فضل انتظار الصلاة.

9- وفي قوله عمر: الصلاة.
دليل على جواز الإعلام للإمام أن يخرج إلى الصلاة إذا كان في بيته.

10- ومن الرواية السابقة يؤخذ أن التبشير لأحد بما يسره محبوب، لأن فيه إدخال السرور في قلب المؤمن.

واللَّه أعلم