هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
114 حَدَّثَنَا صَدَقَةُ ، أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ ، عَنْ مَعْمَرٍ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ هِنْدٍ ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ ، وَعَمْرٍو ، وَيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ هِنْدٍ ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ ، قَالَتْ : اسْتَيْقَظَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ لَيْلَةٍ فَقَالَ : سُبْحَانَ اللَّهِ ، مَاذَا أُنْزِلَ اللَّيْلَةَ مِنَ الفِتَنِ ، وَمَاذَا فُتِحَ مِنَ الخَزَائِنِ ، أَيْقِظُوا صَوَاحِبَاتِ الحُجَرِ ، فَرُبَّ كَاسِيَةٍ فِي الدُّنْيَا عَارِيَةٍ فِي الآخِرَةِ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
114 حدثنا صدقة ، أخبرنا ابن عيينة ، عن معمر ، عن الزهري ، عن هند ، عن أم سلمة ، وعمرو ، ويحيى بن سعيد ، عن الزهري ، عن هند ، عن أم سلمة ، قالت : استيقظ النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة فقال : سبحان الله ، ماذا أنزل الليلة من الفتن ، وماذا فتح من الخزائن ، أيقظوا صواحبات الحجر ، فرب كاسية في الدنيا عارية في الآخرة
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

عن أُمِّ سَلَمَةَ ، قَالَتْ : اسْتَيْقَظَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ لَيْلَةٍ فَقَالَ : سُبْحَانَ اللَّهِ ، مَاذَا أُنْزِلَ اللَّيْلَةَ مِنَ الفِتَنِ

، وَمَاذَا فُتِحَ مِنَ الخَزَائِنِ ، أَيْقِظُوا صَوَاحِبَاتِ الحُجَرِ ، فَرُبَّ كَاسِيَةٍ فِي الدُّنْيَا عَارِيَةٍ فِي الآخِرَةِ .

Narrated Um Salama:

One night Allah's Messenger (ﷺ) got up and said, Subhan Allah! How many afflictions have been descended tonight and how many treasures have been disclosed! Go and wake the sleeping lady occupants of these dwellings (his wives) up (for prayers). A well-dressed (soul) in this world may be naked in the Hereafter.

0115 Um Salama dit : Une nuit le Prophète se réveilla en disant : « Gloire à Dieu ! Que de fitan (subversions ou tentations) a-t-on fait descendre du ciel cette nuit ! que de trésors ont été ouverts ! Réveillez celles qui sont dans ces appartements (c’est à dire, les épouses du Prophète); car que de femmes bien vêtus dans ce bas-monde seront nues dans l’au-delà !«   

":"صدقہ نے ہم سے بیان کیا ، انہیں ابن عیینہ نے معمر کے واسطے سے خبر دی ، وہ زہری سے روایت کرتے ہیں ، زہری ہند سے ، وہ ام سلمہ رضی اللہ عنہا سے ، ( دوسری سند میں ) عمرو اور یحییٰ بن سعید زہری سے ، وہ ایک عورت سے ، وہ ام سلمہ رضی اللہ عنہا سے روایت کرتی ہیں کہایک رات نبی کریم صلی اللہ علیہ وسلم نے بیدار ہوتے ہی فرمایا کہ سبحان اللہ ! آج کی رات کس قدر فتنے اتارے گئے ہیں اور کتنے ہی خزانے بھی کھولے گئے ہیں ۔ ان حجرہ والیوں کو جگاؤ ۔ کیونکہ بہت سی عورتیں ( جو ) دنیا میں ( باریک ) کپڑا پہننے والی ہیں وہ آخرت میں ننگی ہوں گی ۔

0115 Um Salama dit : Une nuit le Prophète se réveilla en disant : « Gloire à Dieu ! Que de fitan (subversions ou tentations) a-t-on fait descendre du ciel cette nuit ! que de trésors ont été ouverts ! Réveillez celles qui sont dans ces appartements (c’est à dire, les épouses du Prophète); car que de femmes bien vêtus dans ce bas-monde seront nues dans l’au-delà !«   

شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [115] .

     قَوْلُهُ  صَدَقَة هُوَ بن الْفَضْلِ الْمَرْوَزِيُّ .

     قَوْلُهُ  عَنْ هِنْدٍ هِيَ بِنْتُ الْحَارِثِ الْفِرَاسِيَّةُ بِكَسْرِ الْفَاءِ وَالسِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَفِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ بَدَلُهَا عَنِ امْرَأَةٍ .

     قَوْلُهُ  وَعَمْرٌو كَذَا فِي رِوَايَتِنَا بِالرَّفْعِ وَيَجُوزُ الْكَسْرُ وَالْمَعْنَى أَن بن عُيَيْنَةَ حَدَّثَهُمْ عَنْ مَعْمَرٍ ثُمَّ قَالَ وَعَمْرٌو هُوَ بن دِينَارٍ فَعَلَى رِوَايَةِ الْكَسْرِ يَكُونُ مَعْطُوفًا عَلَى مَعْمَرٍ وَعَلَى رِوَايَةِ الرَّفْعِ يَكُونُ اسْتِئْنَافًا كَأَنَّ بن عُيَيْنَةَ حَدَّثَ بِحَذْفِ صِيغَةِ الْأَدَاءِ وَقَدْ جَرَتْ عَادَتُهُ بِذَلِكَ وَقَدْ رَوَى الْحُمَيْدِيُّ هَذَا الْحَدِيثَ فِي مُسْنده عَن بن عُيَيْنَةَ قَالَ حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ وَحَدَّثَنَا عَمْرٌو وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ فَصَرَّحَ بِالتَّحْدِيثِ عَنِ الثَّلَاثَةِ .

     قَوْلُهُ  وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ هُوَ الْأَنْصَارِيُّ وَأَخْطَأَ مَنْ قَالَ إِنَّهُ هُوَ الْقَطَّانُ لِأَنَّهُ لَمْ يَسْمَعْ مِنَ الزُّهْرِيِّ وَلَا لَقِيَهُ وَوَقَعَ فِي غَيْرِ رِوَايَةٍ عَنْ أَبِي ذَرٍّ عَنِ امْرَأَةٍ بَدَلَ قَوْلِهِ عَنْ هِنْدٍ فِي الْإِسْنَادِ الثَّانِي وَالْحَاصِلُ أَنَّ الزُّهْرِيَّ كَانَ رُبَّمَا أَبْهَمَهَا وَرُبَّمَا سَمَّاهَا وَقَدْ رَوَاهُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيِّ عَنِ الزُّهْرِيِّ وَلَمْ يَذْكُرْ هِنْدًا وَلَا أُمَّ سَلَمَةَ .

     قَوْلُهُ  سُبْحَانَ اللَّهِ مَاذَا مَا اسْتِفْهَامِيَّةٌ مُتَضَمِّنَةٌ لِمَعْنَى التَّعَجُّبِ وَالتَّعْظِيمِ وَعَبَّرَ عَنِ الرَّحْمَةِ بِالْخَزَائِنِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى خَزَائِنُ رَحْمَةِ رَبِّكَ وَعَنِ الْعَذَابِ بِالْفِتَنِ لِأَنَّهَا أَسْبَابُهُ قَالَ الْكِرْمَانِيُّ وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ مَا نَكِرَةً مَوْصُوفَةً .

     قَوْلُهُ  أُنْزِلَ بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَلِلْكُشْمِيهَنِيِّ أَنْزَلَ اللَّهُ بِإِظْهَارِ الْفَاعِلِ وَالْمُرَادُ بِالْإِنْزَالِ إِعْلَامُ الْمَلَائِكَةِ بِالْأَمْرِ الْمَقْدُورِ أَوْ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُوحِيَ إِلَيْهِ فِي نَوْمِهِ ذَاكَ بِمَا سَيَقَعُ بَعْدَهُ مِنَ الْفِتَنِ فَعَبَّرَ عَنْهُ بِالْإِنْزَالِ .

     قَوْلُهُ  وَمَاذَا فُتِحَ مِنَ الْخَزَائِنِ قَالَ الدَّاوُدِيُّ الثَّانِي هُوَ الْأَوَّلُ وَالشَّيْءُ قَدْ يُعْطَفُ عَلَى نَفْسِهِ تَأْكِيدًا لِأَنَّ مَا يُفْتَحُ مِنَ الْخَزَائِنِ يَكُونُ سَبَبًا لِلْفِتْنَةِ وَكَأَنَّهُ فَهِمَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْخَزَائِنِ خَزَائِنُ فَارِسَ وَالرُّومِ وَغَيْرِهِمَا مِمَّا فُتِحَ عَلَى الصَّحَابَةِ لَكِنَّ الْمُغَايَرَةَ بَيْنَ الْخَزَائِنِ وَالْفِتَنِ أَوْضَحُ لِأَنَّهُمَا غَيْرُ مُتَلَازِمَيْنِ وَكَمْ مِنْ نَائِلٍ مِنْ تِلْكَ الخزائن سَالم من الْفِتَن قَوْله صَوَاحِب الْحُجَرِ بِضَمِّ الْحَاءِ وَفَتْحِ الْجِيمِ جَمْعُ حُجْرَةٍ وَهِيَ مَنَازِلُ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِنَّمَا خَصَّهُنَّ بِالْإِيقَاظِ لِأَنَّهُنَّ الْحَاضِرَاتُ حِينَئِذٍ أَوْ مِنْ بَابِ ابْدَأْ بِنَفْسِكِ ثُمَّ بِمَنْ تعول قَوْله فَرب كاسية اسْتدلَّ بِهِ بن مَالِكٍ عَلَى أَنَّ رُبَّ فِي الْغَالِبِ لِلتَّكْثِيرِ لِأَنَّ هَذَا الْوَصْفَ لِلنِّسَاءِ وَهُنَّ أَكْثَرُ أَهْلِالنَّارِ انْتَهَى وَهَذَا يَدُلُّ لِوُرُودِهَا فِي التَّكْثِيرِ لَا لِأَكْثَرِيَّتِهَا فِيهِ .

     قَوْلُهُ  عَارِيَةٌ بِتَخْفِيفِ الْيَاءِ وَهِيَ مَجْرُورَةٌ فِي أَكْثَرِ الرِّوَايَاتِ عَلَى النَّعْتِ قَالَ السُّهَيْلِيُّ إِنَّهُ الْأَحْسَنُ عِنْدَ سِيبَوَيْهِ لِأَنَّ رُبَّ عِنْدَهُ حَرْفُ جَرٍّ يَلْزَمُ صَدْرَ الْكَلَامِ قَالَ وَيَجُوزُ الرَّفْعُ عَلَى إِضْمَارِ مُبْتَدَأٍ وَالْجُمْلَةُ فِي مَوْضِعِ النَّعْتِ أَيْ هِيَ عَارِيَةٌ وَالْفِعْلُ الَّذِي تَتَعَلَّقُ بِهِ رُبَّ مَحْذُوفٌ انْتَهَى وَأَشَارَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَلِكَ إِلَى مُوجِبِ استيقاظ أَزْوَاجِهِ أَيْ يَنْبَغِي لَهُنَّ أَنْ لَا يَتَغَافَلْنَ عَنِ الْعِبَادَةِ وَيَعْتَمِدْنَ عَلَى كَوْنِهِنَّ أَزْوَاجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِي الْحَدِيثِ جَوَازُ قَوْلِ سُبْحَانَ اللَّهِ عِنْدَ التَّعَجُّبِ وَنَدْبِيَّةُ ذِكْرِ اللَّهِ بَعْدَ الِاسْتِيقَاظِ وَإِيقَاظُ الرَّجُلِ أَهْلَهُ بِاللَّيْلِ لِلْعِبَادَةِ لَا سِيَّمَا عِنْدَ آيَةٍ تَحْدُثُ وَسَيَأْتِي بَقِيَّةُ الْكَلَامِ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ فِي كِتَابِ الْفِتَنِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَفِي هَذَا الْإِسْنَاد رِوَايَة الاقران فِي موضِعين أَحدهمَا بن عُيَيْنَةَ عَنْ مَعْمَرٍ وَالثَّانِي عَمْرٌو وَيَحْيَى عَنِ الزُّهْرِيِّ وَفِيهِ رِوَايَةُ ثَلَاثَةٍ مِنَ التَّابِعِينَ بَعْضُهُمْ عَنْ بَعْضٍ فِي نَسَقٍ وَهِنْدٌ قَدْ قِيلَ إِنَّهَا صَحَابِيَّةٌ فَإِنْ صَحَّ فَهُوَ مِنْ رِوَايَةِ تَابِعِيٍّ عَنْ مِثْلِهِ عَنْ صَحَابِيَّةٍ عَنْ مِثْلِهَا وَأُمُّ سَلَمَةَ هِيَ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ وَكَانَتْ تِلْكَ اللَّيْلَةُ لَيْلَتَهَا وَفِي الْحَدِيثِ اسْتِحْبَابُ الْإِسْرَاعِ إِلَى الصَّلَاةِ عِنْدَ خَشْيَةِ الشَّرِّ كَمَا قَالَ تَعَالَى وَاسْتَعِينُوا بِالصبرِ وَالصَّلَاة وَكَانَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا حز بِهِ أَمْرٌ فَزِعَ إِلَى الصَّلَاةِ وَأَمَرَ مَنْ رَأَى فِي مَنَامِهِ مَا يَكْرَهُ أَنْ يُصَلِّيَ وَسَيَأْتِي ذَلِكَ فِي مَوَاضِعِهِ وَفِيهِ التَّسْبِيحُ عِنْدَ رُؤْيَةِ الْأَشْيَاءِ الْمَهُولَةِ وَفِيهِ تَحْذِيرُ الْعَالِمِ مَنْ يَأْخُذُ عَنْهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ يَتَوَقَّعُ حُصُولُهُ وَالْإِرْشَادُ إِلَى مَا يَدْفَعُ ذَلِكَ الْمَحْذُورَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ ( قَولُهُ بَابُ السَّمَرِ) هُوَ بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَالْمِيمِ وَقِيلَ الصَّوَابُ إِسْكَانُ الْمِيمِ لِأَنَّهُ اسْمُ لِلْفِعْلِ وَمَعْنَاهُ الْحَدِيثُ بِاللَّيْلِ قَبْلَ النَّوْمِ وَبِهَذَا يَظْهَرُ الْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ التَّرْجَمَةِ وَالَّتِي قَبْلَهَا .

     قَوْلُهُ  فِي الْعِلْمِ كَذَا فِي رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ بِإِضَافَةِ الْبَابِ إِلَى السَّمَرِ وَفِي رِوَايَةِ غَيْرِهِ بَابٌ السَّمَرُ فِي الْعِلْمِ بِتَنْوِينِ بَابٍ

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [115] حَدَّثَنَا صَدَقَةُ أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ هِنْدٍ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ.
وَعَمْرٌو وَيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ هِنْدٍ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتِ: اسْتَيْقَظَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ذَاتَ لَيْلَةٍ فَقَالَ: «سُبْحَانَ اللَّهِ مَاذَا أُنْزِلَ اللَّيْلَةَ مِنَ الْفِتَنِ، وَمَاذَا فُتِحَ مِنَ الْخَزَائِنِ.
أَيْقِظُوا صَوَاحِبَاتِ الْحُجَرِ، فَرُبَّ كَاسِيَةٍ فِي الدُّنْيَا عَارِيَةٍ فِي الآخِرَةِ».
[الحديث أطرافه في: 1126، 3599، 5844، 6218، 7069] .
وبالسند إلى المؤلف قال: ( حدّثنا صدقة) بن الفضيل المروزي، المتوفى سنة ثلاث أو ست وعشرين ومائتين وانفرد المؤلف به عن الستة ( قال: أخبرنا ابن عيبنة) سفيان ( عن معمر) بفتح الميمين وسكون العين بينهما ابن راشد ( عن الزهري) محمد بن مسلم ( عن هند) بنت الحرث الفراسية بكسر الفاء وبالسين المهملة، وللكشميهني عن امرأة بدلها ( عن أم سلمة) هند وقيل: رملة أم المؤمنين بنت سهل بن المغيرة بن عبد الله بن عمرو بن مخزوم ورثت عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- علمًا كثيرًا، لها في البخاري أربعة أحاديث، وتوفيت سنة تسع وخمسين رضي الله عنها.
( وعمرو) بالرفع على الاستئناف والمعنى أن ابن عيينة حدّث عن معمر عن الزهري، ثم قال: وعمرو وكأنه حدّثبحذف صيغة الأداء كما هي عادته، ويجوز الجرّ في عمرو عطفًا على معمر وهو الذي في الفرع مصححًا عليه.
قال القاضي عياض: والقائل وعمرو هو ابن عيينة، وعمرو هذا هو ابن دينار، ( ويحيى بن سعيد) هو الأنصاري لا القطان إذ هو لم يلق الزهري حتى يكون سمع منه ( عن) ابن شهاب ( الزهري عن هند) وفي رواية الأربعة عن امرأة بدل قوله في هذا الإسناد الثاني عن هند، وفي هامش فرع اليونينية، ووقع عند الحموي والمستملي في الطريق الثاني عن هند عن أم سلمة كما في الحديث قبله، ولغيرهما عن امرأة قال: وفي نسخة صحيحة مرقوم على قوله عن امرأة علامة أبي الهيثم، والأصيلي وابن عساكر وابن السمعاني في أصل سماعه عن أبي الوقت في خانقاه السميساطي اهـ.
والحاصل أن الزهري ربما أبهمها وربما سماها ( عن أم سلمة) رضي الله عنها أنها ( قالت) : ( استيقظ) أي تيقظ فالسين ليست هنا للطلب أي انتبه ( النبي) وفي رواية أبي ذر رسول الله ( -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ذات ليلة) أي في ليلة ولفظ ذات زيدت للتأكيد، وقال جار الله: هو من إضافة المسمى إلى اسمه وكان عليه الصلاة والسلام في بيت أُم سلمة لأنها كانت ليلتها ( فقال: سبحان الله ماذا) استفهام متضمن معنى التعجب لأن سبحان تستعمل له ( أنزل) بضم الهمزة وللكشميهني أنزل الله ( الليلة) بالنصب ظرفًا للإنزال ( من الفتن وماذا فتح من الخزائن) عبر عن العذاب بالفتن لأنها أسبابه وعن الرحمة بالخزائن لقوله تعالى: { خَزَائِنُ رَحْمَةِ رَبِّكَ} [ص: 9] واستعمل المجاز في الإنزال، والمراد به إعلام الملائكة بالأمر المقدور، وكأنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رأى في المنام أنه سيقع بعده فتن وتفتح لهم الخزائن؛ أو أوحى الله تعالى إليه ذلك قبل النوم فعبّر عنه بالإنزال وهو من المعجزات، فقد فتحت خزائن فارس والروم وغيرهما كما أخبر عليه الصلاة والسلام ( أيقظوا) بفتح الهمزة أي نبهوا ( صواحب) وفي رواية صواحبات ( الحجر) بضم الحاء وفتح الجيم جمع حجرة وهي منازل أزواجه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وخصّهنّ لأنهنّ الحاضرات حينئذ ( فربّ كاسية في الدنيا) أثوابًا رقيقة لا تمنع إدراك البشرة أو نفيسة ( عارية) بتخفيف الياء أي معاقبة ( في الآخرة) بفضيحة التعرّي أو عارية من الحسنات في الآخرة، فندبهنّ بذلك إلى الصدقة وترك السرف.
ويجوز في عارية الجر على النعت لأن ربّ عند سيبويه حرف جر يلزم صدر الكلام والرفع بتقدير هي، والفعل الذي يتعلق به محذوف.
واختار الكسائي أن تكون ربّ اسمًا مبتدأ والمرفوع خبرها وهي هنا للتكثير وفعلها الذي تتعلق به ينبغي أن يكون محذوفًا غالبًا، والتقدير: رب كاسية عارية عرفتها، والحديث يأتي في الفتن إن شاء الله تعالى.
41 - باب السَّمَرِ بِالْعِلْمِ ( باب السمر) بفتح السين والميم وهو الحديث في الليل ( في العلم) وللأربعة بالعلم، وفي اليونينية في العلم وضبب عليه، ومكتوب على الهامش بالعلم مصحح عليه، ولغير أبي ذر باب بالتنوين مقطوعًا عن الإضافة أي هذا باب في بيان السمر بالعلم.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [115] حدّثنا صَدَقَةُ قَالَ: أخبرنَا ابنُ عُيَيْنَةَ عنْ مَعْمَرٍ عَنْ هِنْدٍ عنْ أمِّ سَلَمَة وعَمْرٍ وويَحْيَى بنِ سَعِيدٍ عَن الزُّهْرِيِّ عنْ هِنْدٍ عنْ أمِّ سَلَمَةَ قَالَت: اسْتَيْقَظَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ذاتَ لَيْلَةٍ فَقَالَ: ( سُبْحانَ اللَّهِ { ماذَا أنْزِلَ اللَّيْلَةَ مِنَ الفِتن} وماذَا فُتِحَ مِنَ الخَزَائِن { أَيْقَظُوا صَوَاحِبَ الحُجَرِ، فَرُبَّ كاسِيَةٍ فِي الدُّنْيَا عارِيَةٍ فِي الآخِرَةِ) .. الْبَاب لَهُ ترجمتان: الْعلم والعظة، أَو الْيَقَظَة بِاللَّيْلِ، فمطابقتة الحَدِيث للتَّرْجَمَة الأولى فِي قَوْله: ( مَا أنزل اللَّيْلَة من الْفِتَن} وماذا فتح من الخزائن!) .
وَقَوله: ( فَرب كاسية فِي الدُّنْيَا عَارِية فِي الْآخِرَة) .
ومطابقته للتَّرْجَمَة الثَّانِيَة فِي قَوْله: ( أيقظوا صَوَاحِب الْحجر) .
بَيَان رِجَاله: وهم ثَمَانِيَة: الأول: صَدَقَة بن فضل الْمروزِي، أَبُو الْفضل، انْفَرد بِالْإِخْرَاجِ عَنهُ البُخَارِيّ عَن السِّتَّة، وَكَانَ حَافِظًا إِمَامًا، مَاتَ سنة ثَلَاث، وَقيل: سِتّ وَعشْرين وَمِائَتَيْنِ.
الثَّانِي: سُفْيَان بن عُيَيْنَة.
الثَّالِث: معمر بن رَاشد.
الرَّابِع: مُحَمَّد بن مُسلم الزُّهْرِيّ.
الْخَامِس: عمر بن دِينَار.
السَّادِس: يحيى بن سعيد الْأنْصَارِيّ.
وَأَخْطَأ من قَالَ: إِنَّه يحيى بن سعيد الْقطَّان.
لِأَنَّهُ لم يسمع من الزُّهْرِيّ وَلَا لقِيه.
السَّابِع: هِنْد بنت الْحَارِث الفراسية، وَيُقَال: القرشية، وَعند الدَّاودِيّ: الْقَادِسِيَّة، وَلَا وَجه لَهُ.
كَانَت زَوْجَة لمعبد بن الْمِقْدَاد، وَفِي ( التَّهْذِيب) أسقط معبدًا وَهُوَ وهم، روى لَهَا الْجَمَاعَة إلاَّ مُسلما.
الثَّامِن: أم سَلمَة، هِنْد.
وَقيل: رَملَة، زوج النَّبِي، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، بنت أبي أُميَّة حُذَيْفَة.
وَيُقَال: سهل بن الْمُغيرَةالمشرفة بهَا وَهِي عَارِية عَنْهَا فِي الْآخِرَة لَا تنفعها إِذا لم تضمها مَعَ الْعَمَل.
قَالَ تَعَالَى: { فَلَا أَنْسَاب بَينهم يَوْمئِذٍ وَلَا يتساءلون} ( الْمُؤْمِنُونَ: 101) قَوْله: ( كاسية) على وزن: فاعلة، من: كسا، وَلَكِن بِمَعْنى مَكْسُورَة، كَمَا فِي قَول الحطيئة.
واقعد فَإنَّك أَنْت الطاعم الكاسي قَالَ الْفراء: يَعْنِي المكسو.
كَقَوْلِك: مَاء دافق، وعيشة راضية.
لِأَنَّهُ يُقَال: كسي الْعُرْيَان، وَلَا يُقَال: كسا.
قَوْله: ( عَارِية) بتَخْفِيف الْيَاء.
قَالَ القَاضِي: أَكثر الرِّوَايَات بخفض عَارِية على الْوَصْف..
     وَقَالَ  السُّهيْلي: الْأَحْسَن عِنْد سِيبَوَيْهٍ الْخَفْض على النَّعْت لِأَن: رب، عِنْده حرف جر يلْزم صدر الْكَلَام، وَيجوز الرّفْع كَمَا تَقول: رب رجل عَاقل على إِضْمَار مُبْتَدأ، وَالْجُمْلَة فِي مَوضِع النَّعْت أَي: هِيَ عَارِية، وَالْفِعْل الَّذِي يتَعَلَّق بِهِ: رب، مَحْذُوف.
وَاخْتَارَ الْكسَائي أَن يكون رب أسما مُبْتَدأ، وَالْمَرْفُوع خَبَرهَا.
وَمِمَّا يُسْتَفَاد من هَذَا الحَدِيث أَن للرجل أَن يوقظ أَهله بِاللَّيْلِ للصَّلَاة وَلذكر الله تَعَالَى، لَا سِيمَا عِنْد آيَة تحدث أَو رُؤْيا مخوفة، وَجَوَاز قَول: سُبْحَانَ الله، عِنْد التَّعَجُّب واستحباب ذكر الله بعد الاستيقاظ وَغير ذَلِك.
41 - ( بابُ السَّمَر فِي العِلْمِ) أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان السمر فِي الْعلم، هَذِه رِوَايَة أبي ذَر بِإِضَافَة الْبَاب إِلَى السمر، وَفِي رِوَايَة غَيره بَاب السمر فِي الْعلم بتنوين الْبَاب، وَقطع الْإِضَافَة، وارتفاعه على أَنه خبر مُبْتَدأ مَحْذُوف، كَمَا ذكرنَا.
والسمر، مُبْتَدأ: وَفِي الْعلم، فِي مَحل الصّفة، وَالْخَبَر مَحْذُوف تَقْدِيره: هَذَا بَاب فِيهِ السمر بِالْعلمِ أَي: بَيَان السمر بِالْعلمِ، و: السمر، بِفَتْح الْمِيم، هُوَ الحَدِيث بِاللَّيْلِ، وَيُقَال: السمر بِإِسْكَان الْمِيم،.

     وَقَالَ  عِيَاض: الأول هُوَ الرِّوَايَة.
قَالَ ابْن سراج: الإسكان أولى، وَضَبطه بَعضهم بِهِ، وَأَصله لون الْقَمَر، لأَنهم كَانُوا يتحدثون إِلَيْهِ، وَمِنْه الأسمر لشبهه بذلك اللَّوْن..
     وَقَالَ  غَيره: السمر، بِالْفَتْح: الحَدِيث بِاللَّيْلِ، وَأَصله لَا ُأكَلِّمهُ السمر وَالْقَمَر، أَي: اللَّيْل وَالنَّهَار.
وَفِي ( الْعباب) السمر المسامرة أَي: الحَدِيث بِاللَّيْلِ، وَقد سمر يسمر وَهُوَ سامر والسامر أَيْضا السمار وهم الْقَوْم يسمرون، كَمَا يُقَال للحجاج: حَاج كَمَا قَالَ الله تَعَالَى: { سامراً تهجرون} ( الْمُؤْمِنُونَ: 67) أَي: سمارا يتحدثون، والسمر اللَّيْل والسمير الَّذِي يسامرك، وابنا سمير: اللَّيْل وَالنَّهَار لِأَنَّهُ يسمر فيهمَا، وَيُقَال: أَفعلهُ مَا سمر ابْنا سمير أَي: أبدا.
وَيُقَال: السمر الدَّهْر، وابناه اللَّيْل وَالنَّهَار.
وَلَا أَفعلهُ سمير اللَّيَالِي، وسجين اللَّيَالِي، أَي مَا دَامَ النَّاس يسمرون فِي لَيْلَة قَمْرَاء.
وَجه الْمُنَاسبَة بَين الْبَابَيْنِ من حَيْثُ إِن الْمَذْكُور فِي الْبَاب الأول الْعلم والعظة بِاللَّيْلِ، وَقد كَانَ التحدث بعد الْعشَاء مَنْهِيّا، وَهُوَ السمر.
وَالْمَذْكُور فِي هَذَا الْبَاب هُوَ السمر بِالْعلمِ، وَنبهَ بهما على أَن السمر الْمنْهِي عَنهُ إِنَّمَا هُوَ فِيمَا لَا يكون من الْخَيْر، وَأما السمر بِالْخَيرِ فَلَيْسَ بمنهي بل مَرْغُوب.
فَافْهَم.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( قَولُهُ بَابُ الْعِلْمِ)
أَيْ تَعْلِيمِ الْعِلْمِ بِاللَّيْلِ وَالْعِظَةُ تَقَدَّمَ أَنَّهَا الْوَعْظُ وَأَرَادَ الْمُصَنِّفُ التَّنْبِيهَ عَلَى أَنَّ النَّهْيَ عَنِ الْحَدِيثِ بَعْدَ الْعِشَاءِ مَخْصُوصٌ بِمَا لَا يَكُونُ فِي الْخَيْرِ

[ قــ :114 ... غــ :115] .

     قَوْلُهُ  صَدَقَة هُوَ بن الْفَضْلِ الْمَرْوَزِيُّ .

     قَوْلُهُ  عَنْ هِنْدٍ هِيَ بِنْتُ الْحَارِثِ الْفِرَاسِيَّةُ بِكَسْرِ الْفَاءِ وَالسِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَفِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ بَدَلُهَا عَنِ امْرَأَةٍ .

     قَوْلُهُ  وَعَمْرٌو كَذَا فِي رِوَايَتِنَا بِالرَّفْعِ وَيَجُوزُ الْكَسْرُ وَالْمَعْنَى أَن بن عُيَيْنَةَ حَدَّثَهُمْ عَنْ مَعْمَرٍ ثُمَّ قَالَ وَعَمْرٌو هُوَ بن دِينَارٍ فَعَلَى رِوَايَةِ الْكَسْرِ يَكُونُ مَعْطُوفًا عَلَى مَعْمَرٍ وَعَلَى رِوَايَةِ الرَّفْعِ يَكُونُ اسْتِئْنَافًا كَأَنَّ بن عُيَيْنَةَ حَدَّثَ بِحَذْفِ صِيغَةِ الْأَدَاءِ وَقَدْ جَرَتْ عَادَتُهُ بِذَلِكَ وَقَدْ رَوَى الْحُمَيْدِيُّ هَذَا الْحَدِيثَ فِي مُسْنده عَن بن عُيَيْنَةَ قَالَ حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ وَحَدَّثَنَا عَمْرٌو وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ فَصَرَّحَ بِالتَّحْدِيثِ عَنِ الثَّلَاثَةِ .

     قَوْلُهُ  وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ هُوَ الْأَنْصَارِيُّ وَأَخْطَأَ مَنْ قَالَ إِنَّهُ هُوَ الْقَطَّانُ لِأَنَّهُ لَمْ يَسْمَعْ مِنَ الزُّهْرِيِّ وَلَا لَقِيَهُ وَوَقَعَ فِي غَيْرِ رِوَايَةٍ عَنْ أَبِي ذَرٍّ عَنِ امْرَأَةٍ بَدَلَ قَوْلِهِ عَنْ هِنْدٍ فِي الْإِسْنَادِ الثَّانِي وَالْحَاصِلُ أَنَّ الزُّهْرِيَّ كَانَ رُبَّمَا أَبْهَمَهَا وَرُبَّمَا سَمَّاهَا وَقَدْ رَوَاهُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيِّ عَنِ الزُّهْرِيِّ وَلَمْ يَذْكُرْ هِنْدًا وَلَا أُمَّ سَلَمَةَ .

     قَوْلُهُ  سُبْحَانَ اللَّهِ مَاذَا مَا اسْتِفْهَامِيَّةٌ مُتَضَمِّنَةٌ لِمَعْنَى التَّعَجُّبِ وَالتَّعْظِيمِ وَعَبَّرَ عَنِ الرَّحْمَةِ بِالْخَزَائِنِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى خَزَائِنُ رَحْمَةِ رَبِّكَ وَعَنِ الْعَذَابِ بِالْفِتَنِ لِأَنَّهَا أَسْبَابُهُ قَالَ الْكِرْمَانِيُّ وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ مَا نَكِرَةً مَوْصُوفَةً .

     قَوْلُهُ  أُنْزِلَ بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَلِلْكُشْمِيهَنِيِّ أَنْزَلَ اللَّهُ بِإِظْهَارِ الْفَاعِلِ وَالْمُرَادُ بِالْإِنْزَالِ إِعْلَامُ الْمَلَائِكَةِ بِالْأَمْرِ الْمَقْدُورِ أَوْ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُوحِيَ إِلَيْهِ فِي نَوْمِهِ ذَاكَ بِمَا سَيَقَعُ بَعْدَهُ مِنَ الْفِتَنِ فَعَبَّرَ عَنْهُ بِالْإِنْزَالِ .

     قَوْلُهُ  وَمَاذَا فُتِحَ مِنَ الْخَزَائِنِ قَالَ الدَّاوُدِيُّ الثَّانِي هُوَ الْأَوَّلُ وَالشَّيْءُ قَدْ يُعْطَفُ عَلَى نَفْسِهِ تَأْكِيدًا لِأَنَّ مَا يُفْتَحُ مِنَ الْخَزَائِنِ يَكُونُ سَبَبًا لِلْفِتْنَةِ وَكَأَنَّهُ فَهِمَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْخَزَائِنِ خَزَائِنُ فَارِسَ وَالرُّومِ وَغَيْرِهِمَا مِمَّا فُتِحَ عَلَى الصَّحَابَةِ لَكِنَّ الْمُغَايَرَةَ بَيْنَ الْخَزَائِنِ وَالْفِتَنِ أَوْضَحُ لِأَنَّهُمَا غَيْرُ مُتَلَازِمَيْنِ وَكَمْ مِنْ نَائِلٍ مِنْ تِلْكَ الخزائن سَالم من الْفِتَن قَوْله صَوَاحِب الْحُجَرِ بِضَمِّ الْحَاءِ وَفَتْحِ الْجِيمِ جَمْعُ حُجْرَةٍ وَهِيَ مَنَازِلُ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِنَّمَا خَصَّهُنَّ بِالْإِيقَاظِ لِأَنَّهُنَّ الْحَاضِرَاتُ حِينَئِذٍ أَوْ مِنْ بَابِ ابْدَأْ بِنَفْسِكِ ثُمَّ بِمَنْ تعول قَوْله فَرب كاسية اسْتدلَّ بِهِ بن مَالِكٍ عَلَى أَنَّ رُبَّ فِي الْغَالِبِ لِلتَّكْثِيرِ لِأَنَّ هَذَا الْوَصْفَ لِلنِّسَاءِ وَهُنَّ أَكْثَرُ أَهْلِ النَّارِ انْتَهَى وَهَذَا يَدُلُّ لِوُرُودِهَا فِي التَّكْثِيرِ لَا لِأَكْثَرِيَّتِهَا فِيهِ .

     قَوْلُهُ  عَارِيَةٌ بِتَخْفِيفِ الْيَاءِ وَهِيَ مَجْرُورَةٌ فِي أَكْثَرِ الرِّوَايَاتِ عَلَى النَّعْتِ قَالَ السُّهَيْلِيُّ إِنَّهُ الْأَحْسَنُ عِنْدَ سِيبَوَيْهِ لِأَنَّ رُبَّ عِنْدَهُ حَرْفُ جَرٍّ يَلْزَمُ صَدْرَ الْكَلَامِ قَالَ وَيَجُوزُ الرَّفْعُ عَلَى إِضْمَارِ مُبْتَدَأٍ وَالْجُمْلَةُ فِي مَوْضِعِ النَّعْتِ أَيْ هِيَ عَارِيَةٌ وَالْفِعْلُ الَّذِي تَتَعَلَّقُ بِهِ رُبَّ مَحْذُوفٌ انْتَهَى وَأَشَارَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَلِكَ إِلَى مُوجِبِ استيقاظ أَزْوَاجِهِ أَيْ يَنْبَغِي لَهُنَّ أَنْ لَا يَتَغَافَلْنَ عَنِ الْعِبَادَةِ وَيَعْتَمِدْنَ عَلَى كَوْنِهِنَّ أَزْوَاجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِي الْحَدِيثِ جَوَازُ قَوْلِ سُبْحَانَ اللَّهِ عِنْدَ التَّعَجُّبِ وَنَدْبِيَّةُ ذِكْرِ اللَّهِ بَعْدَ الِاسْتِيقَاظِ وَإِيقَاظُ الرَّجُلِ أَهْلَهُ بِاللَّيْلِ لِلْعِبَادَةِ لَا سِيَّمَا عِنْدَ آيَةٍ تَحْدُثُ وَسَيَأْتِي بَقِيَّةُ الْكَلَامِ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ فِي كِتَابِ الْفِتَنِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَفِي هَذَا الْإِسْنَاد رِوَايَة الاقران فِي موضِعين أَحدهمَا بن عُيَيْنَةَ عَنْ مَعْمَرٍ وَالثَّانِي عَمْرٌو وَيَحْيَى عَنِ الزُّهْرِيِّ وَفِيهِ رِوَايَةُ ثَلَاثَةٍ مِنَ التَّابِعِينَ بَعْضُهُمْ عَنْ بَعْضٍ فِي نَسَقٍ وَهِنْدٌ قَدْ قِيلَ إِنَّهَا صَحَابِيَّةٌ فَإِنْ صَحَّ فَهُوَ مِنْ رِوَايَةِ تَابِعِيٍّ عَنْ مِثْلِهِ عَنْ صَحَابِيَّةٍ عَنْ مِثْلِهَا وَأُمُّ سَلَمَةَ هِيَ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ وَكَانَتْ تِلْكَ اللَّيْلَةُ لَيْلَتَهَا وَفِي الْحَدِيثِ اسْتِحْبَابُ الْإِسْرَاعِ إِلَى الصَّلَاةِ عِنْدَ خَشْيَةِ الشَّرِّ كَمَا قَالَ تَعَالَى وَاسْتَعِينُوا بِالصبرِ وَالصَّلَاة وَكَانَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا حز بِهِ أَمْرٌ فَزِعَ إِلَى الصَّلَاةِ وَأَمَرَ مَنْ رَأَى فِي مَنَامِهِ مَا يَكْرَهُ أَنْ يُصَلِّيَ وَسَيَأْتِي ذَلِكَ فِي مَوَاضِعِهِ وَفِيهِ التَّسْبِيحُ عِنْدَ رُؤْيَةِ الْأَشْيَاءِ الْمَهُولَةِ وَفِيهِ تَحْذِيرُ الْعَالِمِ مَنْ يَأْخُذُ عَنْهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ يَتَوَقَّعُ حُصُولُهُ وَالْإِرْشَادُ إِلَى مَا يَدْفَعُ ذَلِكَ الْمَحْذُورَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  باب الْعِلْمِ وَالْعِظَةِ بِاللَّيْلِ
( باب) تعليم ( العلم والعظة) بكسر العين أي الوعظ، وفي بعض النسخ واليقظة ( بالليل) .


[ قــ :114 ... غــ : 115 ]
- حَدَّثَنَا صَدَقَةُ أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ هِنْدٍ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ.
وَعَمْرٌو وَيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ هِنْدٍ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتِ: اسْتَيْقَظَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ذَاتَ لَيْلَةٍ فَقَالَ: «سُبْحَانَ اللَّهِ مَاذَا أُنْزِلَ اللَّيْلَةَ مِنَ الْفِتَنِ، وَمَاذَا فُتِحَ مِنَ الْخَزَائِنِ.
أَيْقِظُوا صَوَاحِبَاتِ الْحُجَرِ، فَرُبَّ كَاسِيَةٍ فِي الدُّنْيَا عَارِيَةٍ فِي الآخِرَةِ».
[الحديث 115 - أطرافه في: 1126، 3599، 5844، 6218، 7069] .


وبالسند إلى المؤلف قال: ( حدّثنا صدقة) بن الفضيل المروزي، المتوفى سنة ثلاث أو ست وعشرين ومائتين وانفرد المؤلف به عن الستة ( قال: أخبرنا ابن عيبنة) سفيان ( عن معمر) بفتح الميمين وسكون العين بينهما ابن راشد ( عن الزهري) محمد بن مسلم ( عن هند) بنت الحرث الفراسية بكسر الفاء وبالسين المهملة، وللكشميهني عن امرأة بدلها ( عن أم سلمة) هند وقيل: رملة أم المؤمنين بنت سهل بن المغيرة بن عبد الله بن عمرو بن مخزوم ورثت عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- علمًا كثيرًا، لها في البخاري أربعة أحاديث، وتوفيت سنة تسع وخمسين رضي الله عنها.
( وعمرو) بالرفع على الاستئناف والمعنى أن ابن عيينة حدّث عن معمر عن الزهري، ثم قال: وعمرو وكأنه حدّث بحذف صيغة الأداء كما هي عادته، ويجوز الجرّ في عمرو عطفًا على معمر وهو الذي في الفرع مصححًا عليه.
قال القاضي عياض: والقائل وعمرو هو ابن عيينة، وعمرو هذا هو ابن دينار، ( ويحيى بن سعيد) هو الأنصاري لا القطان إذ هو لم يلق الزهري حتى يكون سمع منه ( عن) ابن شهاب ( الزهري عن هند) وفي رواية الأربعة عن امرأة بدل قوله في هذا الإسناد الثاني عن هند، وفي هامش فرع اليونينية، ووقع عند الحموي والمستملي في الطريق الثاني عن هند عن أم سلمة كما في الحديث قبله، ولغيرهما عن امرأة

قال: وفي نسخة صحيحة مرقوم على قوله عن امرأة علامة أبي الهيثم، والأصيلي وابن عساكر وابن السمعاني في أصل سماعه عن أبي الوقت في خانقاه السميساطي اهـ.
والحاصل أن الزهري ربما أبهمها وربما سماها ( عن أم سلمة) رضي الله عنها أنها ( قالت) :
( استيقظ) أي تيقظ فالسين ليست هنا للطلب أي انتبه ( النبي) وفي رواية أبي ذر رسول الله ( -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ذات ليلة) أي في ليلة ولفظ ذات زيدت للتأكيد، وقال جار الله: هو من إضافة المسمى إلى اسمه وكان عليه الصلاة والسلام في بيت أُم سلمة لأنها كانت ليلتها ( فقال: سبحان الله ماذا) استفهام متضمن معنى التعجب لأن سبحان تستعمل له ( أنزل) بضم الهمزة وللكشميهني أنزل الله ( الليلة) بالنصب ظرفًا للإنزال ( من الفتن وماذا فتح من الخزائن) عبر عن العذاب بالفتن لأنها أسبابه وعن الرحمة بالخزائن لقوله تعالى: { خَزَائِنُ رَحْمَةِ رَبِّكَ} [ص: 9] واستعمل المجاز في الإنزال، والمراد به إعلام الملائكة بالأمر المقدور، وكأنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رأى في المنام أنه سيقع بعده فتن وتفتح لهم الخزائن؛ أو أوحى الله تعالى إليه ذلك قبل النوم فعبّر عنه بالإنزال وهو من المعجزات، فقد فتحت خزائن فارس والروم وغيرهما كما أخبر عليه الصلاة والسلام ( أيقظوا) بفتح الهمزة أي نبهوا ( صواحب) وفي رواية صواحبات ( الحجر) بضم الحاء وفتح الجيم جمع حجرة وهي منازل أزواجه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وخصّهنّ لأنهنّ الحاضرات حينئذ ( فربّ كاسية في الدنيا) أثوابًا رقيقة لا تمنع إدراك البشرة أو نفيسة ( عارية) بتخفيف الياء أي معاقبة ( في الآخرة) بفضيحة التعرّي أو عارية من الحسنات في الآخرة، فندبهنّ بذلك إلى الصدقة وترك السرف.
ويجوز في عارية الجر على النعت لأن ربّ عند سيبويه حرف جر يلزم صدر الكلام والرفع بتقدير هي، والفعل الذي يتعلق به محذوف.
واختار الكسائي أن تكون ربّ اسمًا مبتدأ والمرفوع خبرها وهي هنا للتكثير وفعلها الذي تتعلق به ينبغي أن يكون محذوفًا غالبًا، والتقدير: رب كاسية عارية عرفتها، والحديث يأتي في الفتن إن شاء الله تعالى.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( بابُُ العِلْمِ والعِظَةِ باللَّيْلِ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان الْعلم، والعظة أَي: الْوَعْظ بِاللَّيْلِ، وَفِي بعض النّسخ: واليقظة، وَهَذَا أنسب للتَّرْجَمَة، وَفِي بعض النّسخ هَذَا الْبابُُ مُتَأَخّر عَن الْبابُُ الَّذِي يَلِيهِ.

وَجه الْمُنَاسبَة بَين الْبابَُُيْنِ من حَيْثُ إِن الْمَذْكُور فِي الْبابُُ الأول كِتَابَة الْعلم الدَّالَّة على الضَّبْط وَالِاجْتِهَاد، وَهَذَا الْبابُُ فِيهِ تَعْلِيم الْعلم وَالْمَوْعِظَة بِاللَّيْلِ، الدَّال كل مِنْهُمَا على قُوَّة الِاجْتِهَاد وَشدَّة التَّحْصِيل.



[ قــ :114 ... غــ :115 ]
- حدّثنا صَدَقَةُ قَالَ: أخبرنَا ابنُ عُيَيْنَةَ عنْ مَعْمَرٍ عَنْ هِنْدٍ عنْ أمِّ سَلَمَة وعَمْرٍ وويَحْيَى بنِ سَعِيدٍ عَن الزُّهْرِيِّ عنْ هِنْدٍ عنْ أمِّ سَلَمَةَ قَالَت: اسْتَيْقَظَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ذاتَ لَيْلَةٍ فَقَالَ: ( سُبْحانَ اللَّهِ { ماذَا أنْزِلَ اللَّيْلَةَ مِنَ الفِتن} وماذَا فُتِحَ مِنَ الخَزَائِن { أَيْقَظُوا صَوَاحِبَ الحُجَرِ، فَرُبَّ كاسِيَةٍ فِي الدُّنْيَا عارِيَةٍ فِي الآخِرَةِ) ..
الْبابُُ لَهُ ترجمتان: الْعلم والعظة، أَو الْيَقَظَة بِاللَّيْلِ، فمطابقتة الحَدِيث للتَّرْجَمَة الأولى فِي قَوْله: ( مَا أنزل اللَّيْلَة من الْفِتَن} وماذا فتح من الخزائن!)
.
وَقَوله: ( فَرب كاسية فِي الدُّنْيَا عَارِية فِي الْآخِرَة) .
ومطابقته للتَّرْجَمَة الثَّانِيَة فِي قَوْله: ( أيقظوا صَوَاحِب الْحجر) .

بَيَان رِجَاله: وهم ثَمَانِيَة: الأول: صَدَقَة بن فضل الْمروزِي، أَبُو الْفضل، انْفَرد بِالْإِخْرَاجِ عَنهُ البُخَارِيّ عَن السِّتَّة، وَكَانَ حَافِظًا إِمَامًا، مَاتَ سنة ثَلَاث، وَقيل: سِتّ وَعشْرين وَمِائَتَيْنِ.
الثَّانِي: سُفْيَان بن عُيَيْنَة.
الثَّالِث: معمر بن رَاشد.
الرَّابِع: مُحَمَّد بن مُسلم الزُّهْرِيّ.
الْخَامِس: عمر بن دِينَار.
السَّادِس: يحيى بن سعيد الْأنْصَارِيّ.
وَأَخْطَأ من قَالَ: إِنَّه يحيى بن سعيد الْقطَّان.
لِأَنَّهُ لم يسمع من الزُّهْرِيّ وَلَا لقِيه.
السَّابِع: هِنْد بنت الْحَارِث الفراسية، وَيُقَال: القرشية، وَعند الدَّاودِيّ: الْقَادِسِيَّة، وَلَا وَجه لَهُ.
كَانَت زَوْجَة لمعبد بن الْمِقْدَاد، وَفِي ( التَّهْذِيب) أسقط معبدًا وَهُوَ وهم، روى لَهَا الْجَمَاعَة إلاَّ مُسلما.
الثَّامِن: أم سَلمَة، هِنْد.
وَقيل: رَملَة، زوج النَّبِي، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، بنت أبي أُميَّة حُذَيْفَة.
وَيُقَال: سهل بن الْمُغيرَة بن عبد الله بن عَمْرو بن مَخْزُوم، كَانَت عِنْد أبي سَلمَة فَتوفي عَنْهَا، فَتَزَوجهَا النَّبِي، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، رُوِيَ لَهَا عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثَلَاثمِائَة وَثَمَانِية وَسَبْعُونَ حَدِيثا، اتفقَا مِنْهَا على ثَلَاثَة عشر حَدِيثا.
هَاجَرت إِلَى الْحَبَشَة وَإِلَى الْمَدِينَة..
     وَقَالَ  ابْن سعد: هَاجر بهَا أَبُو سَلمَة إِلَى الْحَبَشَة فِي الهجرتين جَمِيعًا.
فَولدت لَهُ هُنَاكَ زَيْنَب، ثمَّ ولدت بعْدهَا سَلمَة وَعمر ودرة.
تزَوجهَا رَسُول الله، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، فِي شَوَّال سنة أَربع، وَتوفيت سنة تسع وَخمسين، وَقيل: فِي خلَافَة يزِيد بن مُعَاوِيَة، وَولي يزِيد فِي رَجَب سنة سِتِّينَ وَتُوفِّي فِي ربيع سنة أَربع وَسِتِّينَ وَكَانَ لَهَا حِين توفيت أَربع وَثَمَانُونَ سنة، فصلى عَلَيْهَا أَبُو هُرَيْرَة، رَضِي الله عَنهُ، فِي الْأَصَح، وَاتَّفَقُوا أَنَّهَا دفنت بِالبَقِيعِ، روى لَهَا الْجَمَاعَة.

بَيَان لطائف إِسْنَاده: مِنْهَا: أَن فِيهِ التحديث والإخبار والعنعنة.
وَمِنْهَا: أَن فِيهِ ثَلَاثَة من التَّابِعين فِي نسق.
وَمِنْهَا: أَن فِيهِ رِوَايَة صحابية عَن صحابية على قَول من قَالَ: إِن هندا صحابية إِن صَحَّ.
وَمِنْهَا: أَن فِيهِ رِوَايَة الأقران فِي موضِعين: أَحدهمَا ابْن عُيَيْنَة عَن معمر، وَالثَّانِي: عَمْرو وَيحيى عَن الزُّهْرِيّ.

بَيَان اخْتِلَاف الرِّوَايَات: قَوْله: ( عَن هِنْد) فِي رِوَايَة الْأَكْثَرين، وَفِي رِوَايَة الْكشميهني: ( عَن امْرَأَة) .
وَقَوله: عَن امْرَأَة فِي رِوَايَة الْأَكْثَرين.
وَفِي رِوَايَة أبي ذَر: عَن هِنْد، وَالْحَاصِل أَن الزُّهْرِيّ رُبمَا كَانَ سَمَّاهَا باسمها، رُبمَا أبهمها.
قَوْله: ( وَعَمْرو) بِالْجَرِّ عطف على معمر، يَعْنِي: ابْن عُيَيْنَة، يروي عَن معمر بن رَاشد وَعَن عَمْرو بن دِينَار وَعَن يحيى بن سعيد، ثَلَاثَتهمْ يروون عَن الزُّهْرِيّ، وَقد روى الْحميدِي هَذَا الحَدِيث فِي ( مُسْنده) عَن ابْن عُيَيْنَة، قَالَ: حَدثنَا معمر عَن الزُّهْرِيّ قَالَ: حَدثنَا عَمْرو وَيحيى بن سعيد عَن الزُّهْرِيّ، فَصرحَ بِالتَّحْدِيثِ عَن الثَّلَاثَة، وَيجوز وَعَمْرو بِالرَّفْع، وَرُوِيَ بِهِ، وَوَجهه أَن يكون استئنافا.
وَقد جرت عَادَة ابْن عُيَيْنَة يحدث بِحَذْف صِيغَة الْأَدَاء.
قَوْله: ( وَيحيى) عطف على عَمْرو فِي الْوَجْهَيْنِ..
     وَقَالَ  الشَّيْخ قطب الدّين: وَقد أخرجه البُخَارِيّ فِي السَّنَد الأول مُتَّصِلا، فَذكر فِيهِ هندا، وَفِي السَّنَد الثَّانِي عَن امْرَأَة لم يسمهَا، وَقد سَمَّاهَا فِي بَقِيَّة الْأَبْوَاب، والاعتماد فِيهِ على الْمُتَّصِل..
     وَقَالَ  الْكرْمَانِي: وَيحْتَمل أَن يكون أَي الْإِسْنَاد الثَّانِي تَعْلِيقا من البُخَارِيّ عَن عَمْرو، ثمَّ قَالَ: وَالظَّاهِر الْأَصَح هُوَ الأول أَي الْإِسْنَاد الأول قلت: كِلَاهُمَا صَحِيحَانِ متصلان كَمَا ذكرنَا.

بَيَان تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره: أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي صَلَاة اللَّيْل عَن مُحَمَّد بن مقَاتل عَن عبد الله بن الْمُبَارك عَن معمر، وَفِي اللبَاس عَن عبد الله بن مُحَمَّد عَن هِشَام بن يُوسُف عَن معمر، وَفِي عَلَامَات النُّبُوَّة فِي موضِعين من ( كتاب الْأَدَب) عَن أبي الْيَمَان عَن شُعَيْب وَفِي الْفِتَن عَن إِسْمَاعِيل عَن إخيه عَن سُلَيْمَان بن بِلَال عَن مُحَمَّد بن أبي عَتيق، كلهم عَن الزُّهْرِيّ عَن هِنْد بِهِ.
قَالَ الْحميدِي: هَذَا الحَدِيث مِمَّا انْفَرد بِهِ البُخَارِيّ عَن مُسلم.
وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِي الْفِتَن عَن سُوَيْد بن نصر عَن ابْن الْمُبَارك بِهِ،.

     وَقَالَ : صَحِيح، وَأخرجه مَالك عَن يحيى بن سعيد عَن ابْن شهَاب مُرْسلا.

بَيَان الْإِعْرَاب والمعاني: قَوْله: ( اسْتَيْقَظَ) بِمَعْنى تيقظ.
وَلَيْسَ السِّين فِيهِ للطلب، كَمَا فِي قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام: ( إِذا اسْتَيْقَظَ أحدكُم من مَنَامه) .
وَمَعْنَاهُ انتبه من النّوم، وَهُوَ فعل، وفاعله النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
قَوْله: ( ذَات لَيْلَة) أَي: فِي لَيْلَة، وَلَفْظَة: ذَات، مقحمة للتَّأْكِيد..
     وَقَالَ  الزَّمَخْشَرِيّ: هُوَ إِضَافَة الْمُسَمّى إِلَى اسْمه..
     وَقَالَ  الْجَوْهَرِي: أما قَوْلهم: ذَات مرّة، و: ذُو صباح، فَهُوَ من ظروف الزَّمَان الَّتِي لَا تتمكن تَقول: لَقيته ذَات يَوْم وَذَات لَيْلَة.
قلت: إِنَّمَا لم يتَصَرَّف: ذَات مرّة.
وَذَات يَوْم، و: ذُو صباح، و: ذُو مسَاء، لأمرين: أَحدهمَا: أَن إضافتها من قبيل إِضَافَة الْمُسَمّى إِلَى الِاسْم، لِأَن قَوْلك: لقيتك ذَات مرّة وَذَات يَوْم، قِطْعَة من الزَّمَان ذَات مرّة وَذَات يَوْم، أَي: صَاحِبَة هَذَا الِاسْم، وَكَذَا: ذُو صباح وَذُو مسَاء.
أَي: وَقت ذُو صباح أَي صَاحب هَذَا الِاسْم، فحذفت الظروف وأقيمت صفاتها مقَامهَا فأعربت بإعرابها، وَإِضَافَة الْمُسَمّى للإسم قَليلَة لِأَنَّهَا تفيده بِدُونِ الْمُضَاف مَا تفِيد مَعَه.
الثَّانِي: أَن ذَات وَذُو من ذَات مرّة وَأَخَوَاتهَا لَيْسَ لَهما تمكن من ظروف الزَّمَان لِأَنَّهُمَا ليسَا من أَسمَاء الزَّمَان.
وَزعم السُّهيْلي أَن ذَات مرّة وَذَات يَوْم لَا يتصرفان فِي لُغَة خثعم وَلَا غَيرهَا.
قَوْله: ( فَقَالَ) عطف على: اسْتَيْقَظَ.
قَوْله: ( سُبْحَانَ الله) مقول القَوْل، وَسُبْحَان، علم للتسبيح: كعثمان، علم للرجل، وانتصابه على المصدرية، وَالتَّسْبِيح فِي اللُّغَة التَّنْزِيه، وَالْمعْنَى هُنَا: أنزه الله تَنْزِيها عَمَّا لَا يَلِيق بِهِ، واستعماله هُنَا للتعجب، لِأَن الْعَرَب قد تستعمله فِي مقَام التَّعَجُّب.
قَوْله: ( مَاذَا) فِيهِ أوجه: الأول: أَن يكون مَا، استفهاما، و: ذَا، إِشَارَة، نَحْو: مَاذَا الْوُقُوف؟ ، الثَّانِي: أَن تكون مَا، استفهاما، وَذَا، مَوْصُولَة بِمَعْنى: الَّذِي.
الثَّالِث: أَن تكون: مَاذَا كلمة اسْتِفْهَام على التَّرْكِيب، كَقَوْلِك: لماذا جِئْت؟ الرَّابِع: أَن تكون: مَا، نكرَة مَوْصُوفَة بِمَعْنى شَيْء.
الْخَامِس: أَن تكون: مَا، زَائِدَة، و: ذَا للْإِشَارَة.
السَّادِس: أَن تكون: مَا، استفهاما وَذَا، زَائِدَة أجَازه جمَاعَة مِنْهُم ابْن مَالك.
قَوْله: ( أنزل) على صِيغَة الْمَجْهُول.
وَفِي رِوَايَة الْكشميهني: ( أنزل الله) ، والإنزال فِي اللُّغَة إِمَّا بِمَعْنى الإيواء كَمَا يُقَال: أنزل الْجَيْش بِالْبَلَدِ، وَنزل الْأَمِير بِالْقصرِ، وَإِمَّا بِمَعْنى تَحْرِيك الشَّيْء من علو إِلَى سفل، كَقَوْلِه تَعَالَى: { وأنزلنا من السَّمَاء مَاء} ( الْمُؤْمِنُونَ: 18، الْفرْقَان: 48، لُقْمَان: 10) وَهَذَانِ المعنيان لَا يتحققان فِي: أنزل الله، فَهُوَ مُسْتَعْمل فِي معنى مجازي بِمَعْنى: أعلم الله الْمَلَائِكَة بِالْأَمر الْمُقدر، وَكَذَلِكَ الْمَعْنى فِي أنزل الله الْقُرْآن، فَمن قَالَ: إِن الْقُرْآن معنى قَائِم بِذَات الله تَعَالَى، فإنزاله أَن يُوجد الْكَلِمَات والحروف الدَّالَّة على ذَلِك الْمَعْنى، ويثبتها فِي اللَّوْح الْمَحْفُوظ.
وَمن قَالَ: الْقُرْآن هُوَ الْأَلْفَاظ، فإنزاله مُجَرّد إثْبَاته فِي اللَّوْح الْمَحْفُوظ، لِأَن الْإِنْزَال إِنَّمَا يكون بعد الْوُجُود، وَالْمرَاد بإنزال الْكتب السماوية أَن يتلقاها الْملك من الله تلقيا روحانيا أَو يحفظها من اللَّوْح الْمَحْفُوظ وَينزل بهَا فيلقيها على الْأَنْبِيَاء، عَلَيْهِم الصَّلَاة وَالسَّلَام.
وَكَأن النَّبِي، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، أُوحِي إِلَيْهِ فِي يَوْمه ذَلِك بِمَا سيقع بعده من الْفِتَن، فَعبر عَنهُ بالإنزال.
قَوْله: ( اللَّيْلَة) بِالنّصب على الظَّرْفِيَّة.
قَوْله: ( وَمَا فتح من الخزائن) الْكَلَام فِيهِ من جِهَة الْإِعْرَاب مثل الْكَلَام فِيمَا أنزل، وَعبر عَن الرَّحْمَة بالخزائن، كَقَوْلِه: ( خَزَائِن رَحْمَة رَبِّي) ، وَعَن الْعَذَاب بالفتن لِأَنَّهَا أَسبابُُ مؤدية إِلَى الْعقَاب..
     وَقَالَ  الْمُهلب: فِيهِ دَلِيل على أَن الْفِتَن تكون فِي المَال وَفِي غَيره لقَوْله: ( مَاذَا أنزل من الْفِتَن { وماذا فتح من الخزائن} ) ..
     وَقَالَ  الدَّاودِيّ: قَوْله: ( مَاذَا أنزل اللَّيْلَة من الْفِتَن) وَهُوَ مَا فتح من الخزائن.
قَالَ: وَقد يعْطف الشَّيْء على نَفسه تَأْكِيدًا، لِأَن مَا يفتح من الخزائن يكون سَببا للفتنة، وَاحْتج الأول بقول حُذَيْفَة، رَضِي الله عَنهُ: فتْنَة الرجل فِي أَهله وَمَاله يكفرهَا الصَّلَاة وَالصَّدَََقَة.
قلت: الْمَعْنى أَنه، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، رأى فِي تِلْكَ اللَّيْلَة الْمَنَام، وَفِيه أَنه سيقع بعده فتن.
وَأَنه يفتح لأمته الخزائن.
وَعرف عِنْد الاستيقاظ حَقِيقَته إِمَّا بالتعبير أَو بِالْوَحْي إِلَيْهِ فِي الْيَقَظَة قبل النّوم أَو بعده.
وَقد وَقعت الْفِتَن كَمَا هُوَ الْمَشْهُور، وَفتحت الخزائن حَيْثُ تسلطت الصَّحَابَة، رَضِي الله عَنْهُم، على فَارس وَالروم وَغَيرهمَا، وَهَذَا من المعجزات حَيْثُ أخبر بِأَمْر قبل وُقُوعه فَوَقع مثل مَا أخبر.
قَوْله: ( أيقظوا) بِفَتْح الْهمزَة لِأَنَّهُ أَمر من الإيقاظ بِكَسْر الْهمزَة.
قَوْله: ( صَوَاحِب الْحجر) كَلَام إضافي مَفْعُوله، وَأَرَادَ بهَا زَوْجَاته، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، وَهُوَ جمع: صَاحِبَة.
وَالْحجر، بِضَم الْحَاء الْمُهْملَة وَفتح الْجِيم: جمع حجرَة، وَأَرَادَ بهَا منَازِل زَوْجَاته، وَإِنَّمَا خصهن بالإيقاظ لِأَنَّهُنَّ الحاضرات حِينَئِذٍ أخْبرت بذلك أم سَلمَة، رَضِي الله عَنْهَا.
كَانَت تِلْكَ اللَّيْلَة لَيْلَتهَا وَهُوَ الظَّاهِر..
     وَقَالَ  الْكرْمَانِي: يجوز أيقظوا، بِكَسْر الْهمزَة أَي: انتبهوا أَو الصواحب منادى لَو صحت الرِّوَايَة بِهِ.
قلت: هَذَا مَمْنُوع من وَجْهَيْن: أَحدهمَا: من جِهَة الرِّوَايَة حَيْثُ لم يَرْوُونَهُ هَكَذَا.
وَالْآخر: من جِهَة اللَّفْظ، وَهُوَ أَنه لَو كَانَ كَذَلِك كَانَ يُقَال: أيقظن، لِأَن الْخطاب للنِّسَاء.
قَوْله: ( فَرب كاسية) أصل: رب، للتقليل، وَقد تسْتَعْمل للتكثير كَمَا فِي رب هَهُنَا، وَالتَّحْقِيق فِيهِ أَنه لَيْسَ مَعْنَاهُ التقليل دَائِما خلافًا للأكثرين، وَلَا التكثير دَائِما خلافًا لِابْنِ درسْتوَيْه وَجَمَاعَة، بل ترد للتكثير كثيرا، وللتقليل قَلِيلا.
فَمن الأول: { رُبمَا يود الَّذين كفرُوا لَو كَانُوا مُسلمين} ( الْحجر: 2) ( وَرب كاسية فِي الدُّنْيَا عَارِية يَوْم الْقِيَامَة) .
وَمن الثَّانِي: قَول الشَّاعِر:
( أَلا رب مَوْلُود وَلَيْسَ لَهُ أَب)

وفيهَا لُغَات قد ذَكرنَاهَا مرّة، وفعلها الَّذِي تتَعَلَّق هِيَ بِهِ يَنْبَغِي أَن يكون مَاضِيا ويحذف غَالِبا.
وَالتَّقْدِير: رب كاسية عَارِية عرفتها، وَالْمرَاد: إِمَّا اللَّاتِي تلبس رَقِيق الثِّيَاب الَّتِي لَا تمنع من إِدْرَاك الْبشرَة معاقبات فِي الْآخِرَة بفضيحة التعري، وَإِمَّا اللابسات للثياب الرقيقة النفيسة عاريات من الْحَسَنَات فِي الْآخِرَة، فندبهن على الصَّدَقَة وحضهن على ترك السَّرف فِي الدُّنْيَا، يَأْخُذن مِنْهَا أقل الْكِفَايَة ويتصدقن بِمَا سوى ذَلِك، وَهَذِه الْبلوى عَامَّة فِي هَذَا الزَّمَان لَا سِيمَا فِي نسَاء مصر، فَإِن الْوَاحِدَة مِنْهُنَّ تتغالى فِي ثمن قَمِيص إِمَّا من عِنْدهَا أَو بتكليفها زَوجهَا حَتَّى تفصل قَمِيصًا بأكمام هائلة وذيل سابلة جدا، منجرة وَرَاءَهَا أَكثر من ذراعين، وكل كم من كميها يصلح أَن يكون قَمِيصًا معتدلاً، وَمَعَ هَذَا إِذا مشت يرى مِنْهَا أَكثر بدنهَا من نفس كمها، فَلَا شكّ أَنَّهُنَّ مِمَّن يدخلن فِي هَذَا الحَدِيث، وَهُوَ من جملَة معجزات النَّبِي، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، حَيْثُ أخبر بذلك قبل وُقُوعه، لما علم باطلاع الله تَعَالَى إِيَّاه أَن مثل هَذَا سيقع فِي أمته من فتح الخزائن وَكَثْرَة الْأَمْوَال المؤدية إِلَى مثل هَذِه الجريمة وَغَيرهَا، وَلَكِن لما أَمر النَّبِي، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، بإيقاظ نِسَائِهِ خص تذكيره ووعظه لَهُنَّ بِهَذَا الْوَصْف تحذيرا لَهُنَّ عَن مُبَاشرَة الْإِسْرَاف الْمنْهِي عَنهُ، وَلِأَنَّهُ من الْأُمُور المؤدية إِلَى فَسَاد عَظِيم على مَا لَا يخفى..
     وَقَالَ  الطَّيِّبِيّ: ( رب كاسية) كالبيان لموجب استيقاظ الْأَرْوَاح، أَي: لَا يَنْبَغِي لَهُنَّ أَن يتغافلن ويعتمدن على كونهن أهالي رَسُول الله، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، أَي: رب كاسية حلى الزَّوْجِيَّة المشرفة بهَا وَهِي عَارِية عَنْهَا فِي الْآخِرَة لَا تنفعها إِذا لم تضمها مَعَ الْعَمَل.
قَالَ تَعَالَى: { فَلَا أَنْسَاب بَينهم يَوْمئِذٍ وَلَا يتساءلون} ( الْمُؤْمِنُونَ: 101) قَوْله: ( كاسية) على وزن: فاعلة، من: كسا، وَلَكِن بِمَعْنى مَكْسُورَة، كَمَا فِي قَول الحطيئة.

واقعد فَإنَّك أَنْت الطاعم الكاسي
قَالَ الْفراء: يَعْنِي المكسو.
كَقَوْلِك: مَاء دافق، وعيشة راضية.
لِأَنَّهُ يُقَال: كسي الْعُرْيَان، وَلَا يُقَال: كسا.
قَوْله: ( عَارِية) بتَخْفِيف الْيَاء.
قَالَ القَاضِي: أَكثر الرِّوَايَات بخفض عَارِية على الْوَصْف..
     وَقَالَ  السُّهيْلي: الْأَحْسَن عِنْد سِيبَوَيْهٍ الْخَفْض على النَّعْت لِأَن: رب، عِنْده حرف جر يلْزم صدر الْكَلَام، وَيجوز الرّفْع كَمَا تَقول: رب رجل عَاقل على إِضْمَار مُبْتَدأ، وَالْجُمْلَة فِي مَوضِع النَّعْت أَي: هِيَ عَارِية، وَالْفِعْل الَّذِي يتَعَلَّق بِهِ: رب، مَحْذُوف.
وَاخْتَارَ الْكسَائي أَن يكون رب أسما مُبْتَدأ، وَالْمَرْفُوع خَبَرهَا.
وَمِمَّا يُسْتَفَاد من هَذَا الحَدِيث أَن للرجل أَن يوقظ أَهله بِاللَّيْلِ للصَّلَاة وَلذكر الله تَعَالَى، لَا سِيمَا عِنْد آيَة تحدث أَو رُؤْيا مخوفة، وَجَوَاز قَول: سُبْحَانَ الله، عِنْد التَّعَجُّب واستحبابُ ذكر الله بعد الاستيقاظ وَغير ذَلِك.