هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
1145 حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، حَدَّثَنَا أَبِي ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، قَالَ : أَخْبَرَنِي مَحْمُودُ بْنُ الرَّبِيعِ الأَنْصَارِيُّ : أَنَّهُ عَقَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَعَقَلَ مَجَّةً مَجَّهَا فِي وَجْهِهِ مِنْ بِئْرٍ كَانَتْ فِي دَارِهِمْ ، فَزَعَمَ مَحْمُودٌ ، أَنَّهُ سَمِعَ عِتْبَانَ بْنَ مَالِكٍ الأَنْصارِيَّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَكَانَ مِمَّنْ شَهِدَ بَدْرًا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ : كُنْتُ أُصَلِّي لِقَوْمِي بِبَنِي سَالِمٍ وَكَانَ يَحُولُ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ وَادٍ إِذَا جَاءَتِ الأَمْطَارُ ، فَيَشُقُّ عَلَيَّ اجْتِيَازُهُ قِبَلَ مَسْجِدِهِمْ ، فَجِئْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقُلْتُ لَهُ : إِنِّي أَنْكَرْتُ بَصَرِي ، وَإِنَّ الوَادِيَ الَّذِي بَيْنِي وَبَيْنَ قَوْمِي يَسِيلُ إِذَا جَاءَتِ الأَمْطَارُ ، فَيَشُقُّ عَلَيَّ اجْتِيَازُهُ ، فَوَدِدْتُ أَنَّكَ تَأْتِي فَتُصَلِّي مِنْ بَيْتِي مَكَانًا ، أَتَّخِذُهُ مُصَلًّى ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : سَأَفْعَلُ فَغَدَا عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَأَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بَعْدَ مَا اشْتَدَّ النَّهَارُ ، فَاسْتَأْذَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَأَذِنْتُ لَهُ فَلَمْ يَجْلِسْ حَتَّى قَالَ : أَيْنَ تُحِبُّ أَنْ أُصَلِّيَ مِنْ بَيْتِكَ ؟ فَأَشَرْتُ لَهُ إِلَى المَكَانِ الَّذِي أُحِبُّ أَنْ أُصَلِّيَ فِيهِ ، فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَبَّرَ ، وَصَفَفْنَا وَرَاءَهُ ، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ ، ثُمَّ سَلَّمَ وَسَلَّمْنَا حِينَ سَلَّمَ ، فَحَبَسْتُهُ عَلَى خَزِيرٍ يُصْنَعُ لَهُ ، فَسَمِعَ أَهْلُ الدَّارِ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَيْتِي ، فَثَابَ رِجَالٌ مِنْهُمْ حَتَّى كَثُرَ الرِّجَالُ فِي البَيْتِ ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنْهُمْ : مَا فَعَلَ مَالِكٌ ؟ لاَ أَرَاهُ . فَقَالَ رَجُلٌ مِنْهُمْ : ذَاكَ مُنَافِقٌ لاَ يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لاَ تَقُلْ ذَاكَ أَلاَ تَرَاهُ قَالَ : لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، يَبْتَغِي بِذَلِكَ وَجْهَ اللَّهِ ، فَقَالَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ ، أَمَّا نَحْنُ ، فَوَ اللَّهِ لاَ نَرَى وُدَّهُ وَلاَ حَدِيثَهُ إِلَّا إِلَى المُنَافِقِينَ ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ حَرَّمَ عَلَى النَّارِ مَنْ قَالَ : لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، يَبْتَغِي بِذَلِكَ وَجْهَ اللَّهِ قَالَ مَحْمُودُ بْنُ الرَّبِيعِ : فَحَدَّثْتُهَا قَوْمًا فِيهِمْ أَبُو أَيُّوبَ صَاحِبُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزْوَتِهِ الَّتِي تُوُفِّيَ فِيهَا ، وَيَزِيدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ عَلَيْهِمْ بِأَرْضِ الرُّومِ ، فَأَنْكَرَهَا عَلَيَّ أَبُو أَيُّوبَ ، قَالَ : وَاللَّهِ مَا أَظُنُّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : مَا قُلْتَ قَطُّ ، فَكَبُرَ ذَلِكَ عَلَيَّ ، فَجَعَلْتُ لِلَّهِ عَلَيَّ إِنْ سَلَّمَنِي حَتَّى أَقْفُلَ مِنْ غَزْوَتِي أَنْ أَسْأَلَ عَنْهَا عِتْبَانَ بْنَ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، إِنْ وَجَدْتُهُ حَيًّا فِي مَسْجِدِ قَوْمِهِ ، فَقَفَلْتُ ، فَأَهْلَلْتُ بِحَجَّةٍ أَوْ بِعُمْرَةٍ ، ثُمَّ سِرْتُ حَتَّى قَدِمْتُ المَدِينَةَ ، فَأَتَيْتُ بَنِي سَالِمٍ ، فَإِذَا عِتْبَانُ شَيْخٌ أَعْمَى يُصَلِّي لِقَوْمِهِ ، فَلَمَّا سَلَّمَ مِنَ الصَّلاَةِ سَلَّمْتُ عَلَيْهِ وَأَخْبَرْتُهُ مَنْ أَنَا ، ثُمَّ سَأَلْتُهُ عَنْ ذَلِكَ الحَدِيثِ ، فَحَدَّثَنِيهِ كَمَا حَدَّثَنِيهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  وكان ممن شهد بدرا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : كنت أصلي لقومي ببني سالم وكان يحول بيني وبينهم واد إذا جاءت الأمطار ، فيشق علي اجتيازه قبل مسجدهم ، فجئت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقلت له : إني أنكرت بصري ، وإن الوادي الذي بيني وبين قومي يسيل إذا جاءت الأمطار ، فيشق علي اجتيازه ، فوددت أنك تأتي فتصلي من بيتي مكانا ، أتخذه مصلى ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : سأفعل فغدا علي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأبو بكر رضي الله عنه بعد ما اشتد النهار ، فاستأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأذنت له فلم يجلس حتى قال : أين تحب أن أصلي من بيتك ؟ فأشرت له إلى المكان الذي أحب أن أصلي فيه ، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فكبر ، وصففنا وراءه ، فصلى ركعتين ، ثم سلم وسلمنا حين سلم ، فحبسته على خزير يصنع له ، فسمع أهل الدار رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيتي ، فثاب رجال منهم حتى كثر الرجال في البيت ، فقال رجل منهم : ما فعل مالك ؟ لا أراه . فقال رجل منهم : ذاك منافق لا يحب الله ورسوله ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا تقل ذاك ألا تراه قال : لا إله إلا الله ، يبتغي بذلك وجه الله ، فقال الله ورسوله أعلم ، أما نحن ، فو الله لا نرى وده ولا حديثه إلا إلى المنافقين ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فإن الله قد حرم على النار من قال : لا إله إلا الله ، يبتغي بذلك وجه الله قال محمود بن الربيع : فحدثتها قوما فيهم أبو أيوب صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوته التي توفي فيها ، ويزيد بن معاوية عليهم بأرض الروم ، فأنكرها علي أبو أيوب ، قال : والله ما أظن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : ما قلت قط ، فكبر ذلك علي ، فجعلت لله علي إن سلمني حتى أقفل من غزوتي أن أسأل عنها عتبان بن مالك رضي الله عنه ، إن وجدته حيا في مسجد قومه ، فقفلت ، فأهللت بحجة أو بعمرة ، ثم سرت حتى قدمت المدينة ، فأتيت بني سالم ، فإذا عتبان شيخ أعمى يصلي لقومه ، فلما سلم من الصلاة سلمت عليه وأخبرته من أنا ، ثم سألته عن ذلك الحديث ، فحدثنيه كما حدثنيه أول مرة
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

عن عِتْبَانَ بْنِ مَالِكٍ الأَنْصارِيَّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَكَانَ مِمَّنْ شَهِدَ بَدْرًا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ : كُنْتُ أُصَلِّي لِقَوْمِي بِبَنِي سَالِمٍ وَكَانَ يَحُولُ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ وَادٍ إِذَا جَاءَتِ الأَمْطَارُ ، فَيَشُقُّ عَلَيَّ اجْتِيَازُهُ قِبَلَ مَسْجِدِهِمْ ، فَجِئْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقُلْتُ لَهُ : إِنِّي أَنْكَرْتُ بَصَرِي ، وَإِنَّ الوَادِيَ الَّذِي بَيْنِي وَبَيْنَ قَوْمِي يَسِيلُ إِذَا جَاءَتِ الأَمْطَارُ ، فَيَشُقُّ عَلَيَّ اجْتِيَازُهُ ، فَوَدِدْتُ أَنَّكَ تَأْتِي فَتُصَلِّي مِنْ بَيْتِي مَكَانًا ، أَتَّخِذُهُ مُصَلًّى ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : سَأَفْعَلُ فَغَدَا عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَأَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بَعْدَ مَا اشْتَدَّ النَّهَارُ ، فَاسْتَأْذَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَأَذِنْتُ لَهُ فَلَمْ يَجْلِسْ حَتَّى قَالَ : أَيْنَ تُحِبُّ أَنْ أُصَلِّيَ مِنْ بَيْتِكَ ؟ فَأَشَرْتُ لَهُ إِلَى المَكَانِ الَّذِي أُحِبُّ أَنْ أُصَلِّيَ فِيهِ ، فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَبَّرَ ، وَصَفَفْنَا وَرَاءَهُ ، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ ، ثُمَّ سَلَّمَ وَسَلَّمْنَا حِينَ سَلَّمَ ، فَحَبَسْتُهُ عَلَى خَزِيرٍ يُصْنَعُ لَهُ ، فَسَمِعَ أَهْلُ الدَّارِ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَيْتِي ، فَثَابَ رِجَالٌ مِنْهُمْ حَتَّى كَثُرَ الرِّجَالُ فِي البَيْتِ ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنْهُمْ : مَا فَعَلَ مَالِكٌ ؟ لاَ أَرَاهُ . فَقَالَ رَجُلٌ مِنْهُمْ : ذَاكَ مُنَافِقٌ لاَ يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لاَ تَقُلْ ذَاكَ أَلاَ تَرَاهُ قَالَ : لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، يَبْتَغِي بِذَلِكَ وَجْهَ اللَّهِ ، فَقَالَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ ، أَمَّا نَحْنُ ، فَوَ اللَّهِ لاَ نَرَى وُدَّهُ وَلاَ حَدِيثَهُ إِلَّا إِلَى المُنَافِقِينَ ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ حَرَّمَ عَلَى النَّارِ مَنْ قَالَ : لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، يَبْتَغِي بِذَلِكَ وَجْهَ اللَّهِ قَالَ مَحْمُودُ بْنُ الرَّبِيعِ : فَحَدَّثْتُهَا قَوْمًا فِيهِمْ أَبُو أَيُّوبَ صَاحِبُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزْوَتِهِ الَّتِي تُوُفِّيَ فِيهَا ، وَيَزِيدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ عَلَيْهِمْ بِأَرْضِ الرُّومِ ، فَأَنْكَرَهَا عَلَيَّ أَبُو أَيُّوبَ ، قَالَ : وَاللَّهِ مَا أَظُنُّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : مَا قُلْتَ قَطُّ ، فَكَبُرَ ذَلِكَ عَلَيَّ ، فَجَعَلْتُ لِلَّهِ عَلَيَّ إِنْ سَلَّمَنِي حَتَّى أَقْفُلَ مِنْ غَزْوَتِي أَنْ أَسْأَلَ عَنْهَا عِتْبَانَ بْنَ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، إِنْ وَجَدْتُهُ حَيًّا فِي مَسْجِدِ قَوْمِهِ ، فَقَفَلْتُ ، فَأَهْلَلْتُ بِحَجَّةٍ أَوْ بِعُمْرَةٍ ، ثُمَّ سِرْتُ حَتَّى قَدِمْتُ المَدِينَةَ ، فَأَتَيْتُ بَنِي سَالِمٍ ، فَإِذَا عِتْبَانُ شَيْخٌ أَعْمَى يُصَلِّي لِقَوْمِهِ ، فَلَمَّا سَلَّمَ مِنَ الصَّلاَةِ سَلَّمْتُ عَلَيْهِ وَأَخْبَرْتُهُ مَنْ أَنَا ، ثُمَّ سَأَلْتُهُ عَنْ ذَلِكَ الحَدِيثِ ، فَحَدَّثَنِيهِ كَمَا حَدَّثَنِيهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ .

Narrated Mahmud bin Ar-rabi' Al-Ansari:

that he remembered Allah's Messenger (ﷺ) and he also remembered a mouthful of water which he had thrown on his face, after taking it from a well that was in their house. Mahmud said that he had heard `Itban bin Malik, who was present with Allah's Messenger (ﷺ) in the battle of Badr saying, I used to lead my people at Bani Salim in the prayer and there was a valley between me and those people. Whenever it rained it used to be difficult for me to cross it to go to their mosque. So I went to Allah's Messenger (ﷺ) and said, 'I have weak eyesight and the valley between me and my people flows during the rainy season and it becomes difficult for me to cross it; I wish you would come to my house and pray at a place so that I could take that place as a praying place.' Allah's Messenger (ﷺ) said, 'I will do so.' So Allah's Messenger (ﷺ) and Abu Bakr came to my house in the (next) morning after the sun had risen high. Allah's Messenger (ﷺ) asked my permission to let him in and I admitted him. He did not sit before saying, 'Where do you want us to offer the prayer in your house?' I pointed to the place where I wanted him to pray. So Allah's Messenger (ﷺ) stood up for the prayer and started the prayer with Takbir and we aligned in rows behind him; and he offered two rak`at, and finished them with Taslim, and we also performed Taslim with him. I detained him for a meal called Khazir which I had prepared for him.--(Khazir is a special type of dish prepared from barley flour and meat soup)-- When the neighbors got the news that Allah's Messenger (ﷺ) was in my house, they poured it till there were a great number of men in the house. One of them said, 'What is wrong with Malik, for I do not see him?' One of them replied, 'He is a hypocrite and does not love Allah and His Apostle.' On that Allah's Apostle said, 'Don't say this. Haven't you seen that he said, 'None has the right to be worshipped but Allah for Allah's sake only.' The man replied, 'Allah and His Apostle know better; but by Allah, we never saw him but helping and talking with the hypocrites.' Allah's Messenger (ﷺ) replied, 'No doubt, whoever says. None has the right to be worshipped but Allah, and by that he wants the pleasures of Allah, then Allah will save him from Hell. Mahmud added, I told the above narration to some people, one of whom was Abu Aiyub, the companion of Allah's Messenger (ﷺ) in the battle in which he (Abu Aiyub) died and Yazid bin Mu'awiya was their leader in Roman Territory. Abu Aiyub denounced the narration and said, 'I doubt that Allah's Messenger (ﷺ) ever said what you have said.' I felt that too much, and I vowed to Allah that if I remained alive in that holy battle, I would (go to Medina and) ask `Itban bin Malik if he was still living in the mosque of his people. So when he returned, I assumed Ihram for Hajj or `Umra and then I proceeded on till I reached Medina. I went to Bani Salim and `Itban bin Malik, who was by then an old blind man, was leading his people in the prayer. When he finished the prayer, I greeted him and introduced myself to him and then asked him about that narration. He told that narration again in the same manner as he had narrated it the first time.

Ibn Chihâb rapporte que Mahmûd ibn arRabi' l'a informé qu'il se souvenait du Messager d'Allah () [lorsqu'il] avait jeté en dehors de sa bouche, sur son visage, un peu d'eau prise dans le puits de leur maison.

":"ہم سے اسحاق بن راہویہ نے بیان کیا ، کہا کہ ہم سے یعقوب بن ابراہیم نے بیان کیا ، کہا کہ ہم سے ہمارے باپ ابراہیم بن سعد نے بیان کیا ، ان سے ابن شہاب نے کہا کہ مجھے محمود بن ربیع انصاری رضی اللہ عنہ نے خبر دی کہانہیں نبی کریم صلی اللہ علیہ وسلم یاد ہیں اور آپ صلی اللہ علیہ وسلم کی وہ کلی بھی یاد ہے جو آپ صلی اللہ علیہ وسلم نے ان کے گھر کے کنویں سے پانی لے کر ان کے منہ میں کی تھی ۔ محمود نے کہا کہ میں نے عتبان بن مالک انصاری رضی اللہ عنہ سے سناجو بدر کی لڑائی میں رسول اللہ صلی اللہ علیہ وسلم کے ساتھ شریک تھے ، وہ کہتے تھے کہ میں اپنی قوم بنی سالم کو نماز پڑھایا کرتا تھا میرے ( گھر ) اور قوم کی مسجد کے بیچ میں ایک نالہ تھا ، اور جب بارش ہوتی تو اسے پار کر کے مسجد تک پہنچنا میرے لیے مشکل ہو جاتا تھا ۔ چنانچہ میں رسول اللہ صلی اللہ علیہ وسلم کی خدمت میں حاضر ہوا اور آپ صلی اللہ علیہ وسلم سے میں نے کہا کہ میری آنکھیں خراب ہو گئی ہیں اور ایک نالہ ہے جو میرے اور میری قوم کے درمیان پڑتا ہے ، وہ بارش کے دنوں میں بہنے لگ جاتا ہے اور میرے لیے اس کا پار کرنا مشکل ہو جاتا ہے ۔ میری یہ خواہش ہے کہ آپ صلی اللہ علیہ وسلم تشریف لا کر میرے گھر کسی جگہ نماز پڑھ دیں تاکہ میں اسے اپنے لیے نماز پڑھنے کی جگہ مقرر کر لوں ۔ رسول اللہ صلی اللہ علیہ وسلم نے فرمایا کہ میں تمہاری یہ خواہش جلد ہی پوری کر وں گا ۔ پھر دوسرے ہی دن آپ صلی اللہ علیہ وسلم حضرت ابوبکر رضی اللہ عنہ کو ساتھ لے کر صبح تشریف لے آئے اور آپ صلی اللہ علیہ وسلم نے اجازت چاہی اور میں نے اجازت دے دی ۔ آپ صلی اللہ علیہ وسلم تشریف لا کر بیٹھے بھی نہیں بلکہ پوچھا کہ تم اپنے گھر میں کس جگہ میرے لیے نماز پڑھنا پسند کرو گے ۔ میں جس جگہ کو نماز پڑھنے کے لیے پسند کر چکا تھا اس کی طرف میں نے اشارہ کر دیا ۔ رسول اللہ صلی اللہ علیہ وسلم نے وہاں کھڑے ہو کر تکبیر تحریمہ کہی اور ہم سب نے آپ صلی اللہ علیہ وسلم کے پیچھے صف باندھ لی ۔ آپ صلی اللہ علیہ وسلم نے ہمیں دو رکعت نماز پڑھائی پھر سلام پھیرا ۔ ہم نے بھی آپ کے ساتھ سلام پھیرا ۔ میں نے حلیم کھانے کے لیے آپ صلی اللہ علیہ وسلم کو روک لیا جو تیار ہو رہا تھا ۔ محلہ والوں نے جو سنا کہ رسول اللہ صلی اللہ علیہ وسلم میرے گھر تشریف فرما ہیں تو لوگ جلدی جلدی جمع ہونے شروع ہو گئے اور گھر میں ایک خاصا مجمع ہو گیا ۔ ان میں سے ایک شخص بولا ۔ مالک کو کیا ہو گیا ہے ! یہاں دکھائی نہیں دیتا ۔ اس پر دوسرا بولا وہ تو منافق ہے ۔ اسے خدا اور رسول سے محبت نہیں ہے ۔ رسول اللہ صلی اللہ علیہ وسلم نے اس پر فرمایا ۔ ایسا مت کہو ، دیکھتے نہیں کہ وہ «لا إله إلا الله‏» پڑھتا ہے اور اس سے اس کا مقصد اللہ تعالیٰ کی خوشنودی ہے ۔ تب وہ کہنے لگا کہ ( اصل حال ) تو اللہ اور رسول کو معلوم ہے ۔ لیکن واللہ ! ہم تو ان کی بات چیت اور میل جول ظاہر میں منافقوں ہی سے دیکھتے ہیں ۔ رسول اللہ صلی اللہ علیہ وسلم نے فرمایا لیکن اللہ تعالیٰ نے ہر اس آدمی پر دوزخ حرام کر دی ہے جس نے «لا إله إلا الله‏» خدا کی رضا اور خوشنودی کے لیے کہہ لیا ۔ محمود بن ربیع نے بیان کیا کہ میں نے یہ حدیث ایک ایسی جگہ میں بیان کی جس میں آنحضرت صلی اللہ علیہ وسلم کے مشہور صحابی حضرت ابوایوب انصاری رضی اللہ عنہ بھی موجود تھے ۔ یہ روم کے اس جہاد کا ذکر ہے جس میں آپ کی موت واقع ہوئی تھی ۔ فوج کے سردار یزید بن معاویہ تھے ۔ ابوایوب رضی اللہ عنہ نے اس حدیث سے انکار کیا اور فرمایا کہ خدا کی قسم ! میں نہیں سمجھتا کہ رسول اللہ صلی اللہ علیہ وسلم نے ایسی بات کبھی بھی کہی ہو ۔ آپ کی یہ گفتگو مجھ کو بہت ناگوار گزری اور میں نے اللہ تعالیٰ کی منت مانی کہ اگر میں اس جہاد سے سلامتی کے ساتھ لوٹا تو واپسی پر اس حدیث کے بارے میں عتبان بن مالک رضی اللہ عنہ سے ضرور پوچھوں گا ۔ اگر میں نے انہیں ان کی قوم کی مسجد میں زندہ پایا ۔ آخر میں جہاد سے واپس ہوا ۔ پہلے تو میں نے حج اور عمرہ کا احرام باندھا پھر جب مدینہ واپسی ہوئی تو میں قبیلہ بنو سالم میں آیا ۔ حضرت عتبان رضی اللہ عنہ جو بوڑھے اور نابینا ہو گئے تھے ، اپنی قوم کونماز پڑھاتے ہوئے ملے ۔ سلام پھیرنے کے بعد میں نے حاضر ہو کر آپ کو سلام کیا اور بتلایا کہ میں فلاں ہوں ۔ پھر میں نے اس حدیث کے متعلق دریافت کیا تو آپ نے مجھ سے اس مرتبہ بھی اس طرح یہ حدیث بیان کی جس طرح پہلے بیان کی تھی ۔

Ibn Chihâb rapporte que Mahmûd ibn arRabi' l'a informé qu'il se souvenait du Messager d'Allah () [lorsqu'il] avait jeté en dehors de sa bouche, sur son visage, un peu d'eau prise dans le puits de leur maison.

شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [1185] .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَنَا إِسْحَاق قيل هُوَ بن رَاهْوَيْهِ فَإِنَّ هَذَا الْحَدِيثَ وَقَعَ فِي مُسْنَدِهِ بِهَذَا الْإِسْنَادِ لَكِنْ فِي لَفْظِهِ مُخَالَفَةٌ يَسِيرَةٌ فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ إِسْحَاقُ شَيْخُ الْبُخَارِيِّ فِيهِ هُوَ بن مَنْصُورٍ .

     قَوْلُهُ  أَخْبَرَنَا يَعْقُوبُ التَّعْبِيرُ بِالْإِخْبَارِ قَرِينَةٌ فِي كَون إِسْحَاق هُوَ بن رَاهْوَيْهِ لِأَنَّهُ لَا يُعَبِّرُ عَنْ شُيُوخِهِ إِلَّا بِذَلِكَ لَكِنْ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ كَرِيمَةَ وَأَبِي الْوَقْتِ وَغَيْرِهِمَا بِلَفْظِ التَّحْدِيثِ وَيَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْمَذْكُور هُوَ بْنُ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ الزُّهْرِيُّ .

     قَوْلُهُ  وَعَقَلَ مَجَّةً تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي كِتَابِ الْعِلْمِ .

     قَوْلُهُ  كَانَ فِي دَارِهِمْ أَيِ الدَّلْوُ وَفِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ كَانَتْ أَيِ الْبِئْرُ .

     قَوْلُهُ  فَزَعَمَ مَحْمُودٌ أَيْ أَخْبَرَ وَهُوَ مِنْ إِطْلَاقِ الزَّعْمِ عَلَى الْقَوْلِ .

     قَوْلُهُ  فَيَشُقُّ عَلَيَّ فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ فَشَقَّ بِصِيغَةِ الْمَاضِي .

     قَوْلُهُ  أَيْنَ تُحِبُّ أَنْ نُصَلِّيَ بِصِيغَةِ الْجَمْعِ كَذَا لِلْأَكْثَرِ وَفِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ بِالْإِفْرَادِ قَوْله مَا فعل مَالك هُوَ بن الدَّخْشَنِ .

     قَوْلُهُ  لَا أَرَاهُ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ مِنَ الرُّؤْيَةِ .

     قَوْلُهُ  قَالَ مَحْمُودُ بْنُ الرَّبِيعِ أَيْ بِالْإِسْنَادِ الْمَاضِي فَحَدَّثْتُهَا قَوْمًا أَيْ رِجَالًا فِيهِمْ أَبُو أَيُّوبَ هُوَ خَالِدُ بْنُ زَيْدٍ الْأَنْصَارِيُّ الَّذِي نَزَلَ عَلَيْهِفِيهِ زَعْفَرَانٌ .

     قَوْلُهُ  ( لَهُ غَطِيطٌ) هُوَ كَصَوْتِ النَّائِمِ الَّذِي يُرَدِّدُهُ مَعَ نَفَسِهِ .

     قَوْلُهُ  ( كَغَطِيطِ الْبَكْرِ) هُوَ بِفَتْحِ الْبَاءِ وَهُوَ الْفَتِيُّ مِنَ الْإِبِلِ .

     قَوْلُهُ  ( فَلَمَّا سُرِّيَ عَنْهُ) هُوَ بِضَمِّ السِّينِ وَكَسْرِ الرَّاءِ الْمُشَدَّدَةِ أَيْ أُزِيلَ مَا بِهِ وَكُشِفَ عَنْهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلسَّائِلِ عَنِ الْعُمْرَةِ ( اغْسِلْ عَنْكَ أَثَرَ الصُّفْرَةِ) فِيهِ تَحْرِيمُ الطِّيبِ عَلَى الْمُحْرِمِ ابْتِدَاءً وَدَوَامًا لِأَنَّهُ إِذَا حَرُمَ دَوَامًا فَالِابْتِدَاءُ أَوْلَى بِالتَّحْرِيمِ وَفِيهِ إِنَّ الْعُمْرَةَ يَحْرُمُ فِيهَا مِنَ الطِّيبِ وَاللِّبَاسِ وَغَيْرِهِمَا مِنَ الْمُحَرَّمَاتِ السَّبْعَةِ السَّابِقَةِ مَا يَحْرُمُ فِي الْحَجِّ وَفِيهِ أَنَّ مَنْ أَصَابَهُ طِيبٌ نَاسِيًا أَوْ جَاهِلًا ثُمَّ عَلِمَ وَجَبَتْ عَلَيْهِ الْمُبَادَرَةُ إِلَى إِزَالَتِهِ وَفِيهِ أَنَّ مَنْ أَصَابَهُ فِي إِحْرَامِهِ طِيبٌ نَاسِيًا أَوْ جَاهِلًا لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ وَهَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَبِهِ قَالَ عَطَاءٌ وَالثَّوْرِيُّ وَإِسْحَاقُ وَدَاوُدُ.

     وَقَالَ  مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالْمُزَنِيُّ وَأَحْمَدُ فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُ عَلَيْهِ الْفِدْيَةُ لَكِنَّ الصَّحِيحَ مِنْ مَذْهَبِ مَالِكٍ أَنَّهُ إِنَّمَا تَجِبُ الْفِدْيَةُ عَلَى الْمُتَطَيِّبِ نَاسِيًا أَوْ جَاهِلًا إِذَا طَالَ لُبْثُهُ عَلَيْهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( وَاخْلَعْ عَنْكَ جُبَّتَكَ) دَلِيلٌ لِمَالِكٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ وَالْجُمْهُورِ أَنَّ الْمُحْرِمَ إِذَا صَارَ عَلَيْهِ مَخِيطٌ يَنْزِعُهُ وَلَا يَلْزَمُهُ شَقُّهُ.

     وَقَالَ  الشَّعْبِيُّ وَالنَّخَعِيُّ لَا يَجُوزُ نَزْعُهُ لِئَلَّا يَصِيرَ مُغَطِّيًا رَأْسَهُ بَلْ يَلْزَمُهُ شَقُّهُ وَهَذَا مَذْهَبٌ ضَعِيفٌ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( وَاصْنَعْ فِي عُمْرَتِكَ مَا أَنْتَ صَانِعٌ فِي حَجِّكَ) مَعْنَاهُ مِنَ اجْتِنَابِ الْمُحَرَّمَاتِ وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَأَرَادَ مَعَ ذَلِكَ الطَّوَافَ وَالسَّعْيَ وَالْحَلْقَ بِصِفَاتِهَا وَهَيْئَاتِهَا وَإِظْهَارَ التَّلْبِيَةَ وَغَيْرَ ذَلِكَ مِمَّا يَشْتَرِكُ فِيهِ الْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ وَيَخُصُّ مِنْ عُمُومِهِ مَا لَا يَدْخُلُ فِي الْعُمْرَةِ مِنْ أَفْعَالِ الْحَجِّ كَالْوُقُوفِ وَالرَّمْيِ وَالْمَبِيتِ بِمِنًى وَمُزْدَلِفَةَ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَهَذَا الْحَدِيثُ ظَاهِرٌ فِي أَنَّ هَذَا السَّائِلَ كَانَ عَالِمًا بِصِفَةِ الْحَجِّ دُونَ الْعُمْرَةِ فَلِهَذَا قَالَ لَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاصْنَعْ فِي عُمْرَتِكَ مَا أَنْتَ صَانِعٌ فِي حَجِّكَ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ لِلْقَاعِدَةِ الْمَشْهُورَةِ أَنَّ الْقَاضِي وَالْمُفْتِي إِذَا لَمْ يَعْلَمْ حُكْمَ الْمَسْأَلَةِ أَمْسَكَ عَنْ جَوَابِهَا حَتَّى يَعْلَمَهُ أَوْ يَظُنَّهُ بِشَرْطِهِ وَفِيهِ أَنَّ مِنَ الْأَحْكَامِ الَّتِي لَيْسَتْ فِي الْقُرْآنِ مَا هُوَ بِوَحْيٍ لَا يُتْلَى وَقَدْ يَسْتَدِلُّ بِهِ مَنْ يَقُولُ مِنْ أَهْلِ الْأُصُولِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَكُنْ لَهُ الِاجْتِهَادُ وَإِنَّمَا كَانَ يَحْكُمُ بِوَحْيٍ وَلَا دَلَالَةَ فِيهِ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَظْهَرْ لَهُ بِالِاجْتِهَادِ حُكْمُ ذَلِكَ أَوْ أَنَّ الْوَحْيَ بَدَرَهُ قَبْلَ تَمَامِ الِاجْتِهَادِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

     قَوْلُهُ  ( وَكَانَ يَعْلَى يَقُولُ وَدِدْتُ أَنِّي أَرَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ نَزَلَ عَلَيْهِ الْوَحْيُ فَقَالَ أَيَسُرُّكَ أَنْ تَنْظُرَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) هَكَذَا هُوَ فِي جَمِيعِ النُّسَخِ فَقَالَ أَيَسُرُّكَ وَلَمْ يُبَيِّنِ الْقَائِلُ مَنْ هُوَ وَلَا سَبَقَ لَهُ ذِكْرٌ وَهَذَا الْقَائِلُ هُوَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَمَا بَيَّنَهُ فِي الرِّوَايَةِ الَّتِي بَعْدَ هَذِهِ قوله ( وعليه مقطعات) هي بفتح الطاء المشددة وهي الثياب المخيطة وأوضحه بقوله يعنى جبة .

     قَوْلُهُ  ( مُتَضَمِّخٌ) هُوَ بِالضَّادِ وَالْخَاءِ الْمُعْجَمَتَيْنِ أَيْ مُتَلَوِّثٌ بِهِ مُكْثِرٌ مِنْهُ.

     قَوْلُهُ  ( مُحْمَرُّ الْوَجْهِ يَغِطُّ) هُوَ بِكَسْرِ الْغَيْنِ وسبب ذلك شدة الوحى وهو له قَالَ اللَّهُ تَعَالَى إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثقيلا .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( أَمَّا الطِّيبُ الَّذِي بِكَ فَاغْسِلْهُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ) إِنَّمَا أَمَرَ بِالثَّلَاثِ مُبَالَغَةً فِي إِزَالَةِ لَوْنِهِ وَرِيحِهِ وَالْوَاجِبُ الْإِزَالَةُ فَإِنْ حَصَلَتْ بِمَرَّةٍ كَفَتْ وَلَمْ تَجِبِ الزِّيَادَةُ وَلَعَلَّ الطِّيبَ الَّذِي كَانَ عَلَى هَذَا الرَّجُلِ كَثِيرٌ وَيُؤَيِّدُهُ .

     قَوْلُهُ  مُتَضَمِّخٌ قَالَ الْقَاضِي وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ قَالَ لَهُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ اغْسِلْهُ فَكَرَّرَ الْقَوْلَ ثَلَاثًا وَالصَّوَابُ مَا سَبَقَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

     قَوْلُهُ  ( عُقْبَةُ بْنُ مُكْرَمٍ) هُوَ بِفَتْحِ الرَّاءِ .

     قَوْلُهُ  فِي بَعْضِ هَذِهِ الرِّوَايَةِ ( صَفْوَانَبن يعلى بن أمية) وفي بعضها بن مُنْيَةَ وَهُمَا صَحِيحَانِ فَأُمَيَّةُ أَبُو يَعْلَى وَمُنْيَةُ أُمُّ يَعْلَى وَقِيلَ جَدَّتُهُ وَالْمَشْهُورُ الْأَوَّلُ فَنُسِبَ تَارَةً إِلَى أَبِيهِ وَتَارَةً إِلَى أُمِّهِ وَهِيَ مُنْيَةُ بِضَمِّ الْمِيمِ بَعْدَهَا نُونٌ سَاكِنَةٌ .

     قَوْلُهُ  ( حَدَّثَنَا رَبَاحُ) هُوَ بِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ .

     قَوْلُهُ  ( فَسَكَتَ عَنْهُ فَلَمْ يَرْجِعْ إِلَيْهِ) أَيْ لَمْ يَرُدَّ جَوَابَهُ .

     قَوْلُهُ  ( خَمَّرَهُ عُمَرُ بِالثَّوْبِ) أَيْ غَطَّاهُ.

.
وَأَمَّا إِدْخَالُ يَعْلَى رَأْسَهُ وَرُؤْيَتُهُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي تِلْكَ الْحَالِ وَإِذْنُ عُمَرَ لَهُ فِي ذَلِكَ فَكُلُّهُ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُمْ عَلِمُوا مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ لَا يَكْرَهُ الِاطِّلَاعَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ وَتِلْكَ الْحَالِ لِأَنَّ فِيهِ تَقْوِيَةُ الْإِيمَانِ بِمُشَاهَدَةِ حَالَةِ الْوَحْيِ الْكَرِيمِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ( بَابُ مَوَاقِيتِ الْحَجِّ) ذَكَرَ مُسْلِمٌ فِي الْبَابِ ثلاثة أحاديث حديث بن عَبَّاسٍ أَكْمَلُهَا لِأَنَّهُ صَرَّحَ فِيهِ بِنَقْلِهِ الْمَوَاقِيتَ الْأَرْبَعَةَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلِهَذَا ذَكَرَهُ مُسْلِمٌ فِي أَوَّلِ الْبَابِ ثم حديث بن عُمَرَ لِأَنَّهُ لَمْ يَحْفَظْ مِيقَاتَ أَهْلِ الْيَمَنِ بَلْ بَلَغَهُ بَلَاغًا ثُمَّ حَدِيثُ جَابِرٍ لِأَنَّ أَبَا الزُّبَيْرِ قَالَ أَحْسَبُ جَابِرًا رَفَعَهُ وَهَذَا لَا يَقْتَضِي ثُبُوتَهُ مَرْفُوعًا فَوَقَّتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ ذَا الْحُلَيْفَةِ بِضَمِّ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَبِالْفَاءِ وَهِيَ أَبْعَدُ الْمَوَاقِيتِ مِنْ مَكَّةَ بَيْنَهُمَا نَحْوُ عَشْرِ مَرَاحِلَ أَوْ تِسْعٍ وَهِيَ قَرِيبَةٌ مِنَ الْمَدِينَةِ عَلَى نَحْوِ سِتَّةِ أَمْيَالٍ مِنْهَا وَلِأَهْلِ الشَّامِ الْجُحْفَةَ وَهِيَ مِيقَاتٌ لَهُمْ وَلِأَهْلِ مِصْرَ وَهِيَ بِجِيمٍ مَضْمُومَةٍ ثُمَّ حَاءٍ مُهْمَلَةٍ سَاكِنَةٍ قِيلَ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّ السَّيْلَ أَجْحَفَهَا فِي وَقْتٍ وَيُقَالُ لَهَا مَهْيَعَةُ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَإِسْكَانِ الْهَاءِ وَفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ تَحْتَ كَمَا ذَكَرَهُ فِي بَعْضِ رِوَايَاتِ مُسْلِمٍ وَحَكَى الْقَاضِي عِيَاضٌ عَنْ بَعْضِهِمْ كَسْرَ الْهَاءِ وَالصَّحِيحُ الْمَشْهُورُ إِسْكَانُهَا وَهِيَ عَلَى نَحْوِ ثَلَاثِ مَرَاحِلَ مِنْ مَكَّةَ عَلَى طَرِيقِ الْمَدِينَةِ وَلِأَهْلِ الْيَمَنِ يَلَمْلَمَ بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ تَحْتَ وَاللَّامَيْنِ وَيُقَالُ أَيْضًا أَلَمْلَمَ بِهَمْزَةٍ بَدَلَ الْيَاءِ لُغَتَانِ مَشْهُورَتَانِ وَهُوَ جَبَلٌ مِنْ جِبَالِ تِهَامَةَ عَلَى مَرْحَلَتَيْنِ مِنْ مَكَّةَ وَلِأَهْلِ نَجْدٍ قَرْنَ الْمَنَازِلِ بِفَتْحِ الْقَافِ وَإِسْكَانِ الرَّاءِ بِلَا خِلَافٍ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَاللُّغَةِ وَالتَّارِيخِ وَالْأَسْمَاءِ وَغَيْرِهِمْ وَغَلِطَ الْجَوْهَرِيُّ فِي صِحَاحِهِ فِيهِ غَلَطَيْنِ فَاحِشَيْنِ فَقَالَ بِفَتْحِ الرَّاءِ وَزَعَمَ أَنَّ أُوَيْسًا الْقَرَنِيَّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مَنْسُوبٌ إِلَيْهِ وَالصَّوَابُ إِسْكَانُ الرَّاءِ وَأَنَّ أُوَيْسًا مَنْسُوبٌ إِلَى قَبِيلَةٍ مَعْرُوفَةٍ يُقَالُ لَهُمْ بَنُو قَرَنٍ وَهِيَ بَطْنٌ مِنْ مُرَادٍ الْقَبِيلَةُ الْمَعْرُوفَةُ يُنْسَبُ إِلَيْهَا الْمُرَادِيُّ وَقَرْنُ الْمَنَازِلِ عَلَى نَحْوِ مَرْحَلَتَيْنِ مِنْ مَكَّةَ قَالُوا وَهُوَ أَقْرَبُ الْمَوَاقِيتِ إِلَى مَكَّةَ.

.
وَأَمَّا ذَاتُ عِرْقٍ بِكَسْرِ الْعَيْنِ فَهِيَ مِيقَاتُ أَهْلِ الْعِرَاقِ وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ هَلْ صَارَتْ مِيقَاتَهُمْ بِتَوْقِيتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمْ بِاجْتِهَادِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَفِي الْمَسْأَلَةِ وَجْهَانِ لِأَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ أَصَحُّهُمَا وَهُوَ نَصُّ الشَّافِعِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي الْأُمِّ بِتَوْقِيتِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَذَلِكَ صَرِيحٌ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ وَدَلِيلُ مَنْ قَالَ بِتَوْقِيتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدِيثُ جَابِرٍ لَكِنَّهُ غَيْرُ ثَابِتٍ لِعَدَمِ جَزْمِهِ بِرَفْعِهِ.

.
وَأَمَّا قَوْلُ الدَّارَقُطْنِيِّ إِنَّهُ حَدِيثٌ ضَعِيفٌ لِأَنَّ الْعِرَاقَ لَمْ تَكُنْفُتِحَتْ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَلَامُهُ فِي تَضْعِيفِهِ صَحِيحٌ وَدَلِيلُهُ مَا ذَكَرْتُهُ.

.
وَأَمَّا اسْتِدْلَالُهُ لِضَعْفِهِ بِعَدَمِ فَتْحِ الْعِرَاقِ فَفَاسِدٌ لِأَنَّهُ لَا يَمْتَنِعُ أَنْ يُخْبِرَ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهِ لِعِلْمِهِ بِأَنَّهُ سَيُفْتَحُ وَيَكُونُ ذَلِكَ مِنْ مُعْجِزَاتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْإِخْبَارِ بِالْمَغِيبَاتِ الْمُسْتَقْبَلَاتِ كَمَا أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَّتَ لِأَهْلِ الشَّامِ الْجُحْفَةَ فِي جَمِيعِ الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الشَّامَ لَمْ يَكُنْ فُتِحَ حِينَئِذٍ وَقَدْ ثَبَتَتِ الْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ أَخْبَرَ بِفَتْحِ الشَّامِ وَالْيَمَنِ وَالْعِرَاقِ وَأَنَّهُمْ يَأْتُونَ إِلَيْهِمْ يَبُسُّونَ وَالْمَدِينَةُ خَيْرٌ لَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ وَأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرَ بِأَنَّهُ زُوِيَتْ لَهُ مَشَارِقُ الارض ومغاربها وقال سيبلغ ملك أمتي مازوى لِي مِنْهَا وَأَنَّهُمْ سَيَفْتَحُونَ مِصْرَ وَهِيَ أَرْضٌ يُذْكَرُ فِيهَا الْقِيرَاطُ وَأَنَّ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ يَنْزِلُ عَلَى الْمَنَارَةِ الْبَيْضَاءِ شَرْقِيِّ دِمَشْقَ وَكُلُّ هَذِهِ الْأَحَادِيثُ فِي الصَّحِيحِ وَفِي الصَّحِيحِ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ مَا يَطُولُ ذِكْرُهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ هَذِهِ الْمَوَاقِيتَ مَشْرُوعَةٌ ثُمَّ قَالَ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَالْجُمْهُورُ هِيَ وَاجِبَةٌ لَوْ تَرَكَهَا وَأَحْرَمَ بَعْدَ مُجَاوَزَتِهَا أَثِمَ وَلَزِمَهُ دَمٌ وَصَحَّ حَجُّهُ.

     وَقَالَ  عَطَاءٌ وَالنَّخَعِيُّ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ.

     وَقَالَ  سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ لَا يَصِحُّ حَجُّهُ وَفَائِدَةُ الْمَوَاقِيتِ أَنَّ مَنْ أَرَادَ حَجًّا أَوْ عُمْرَةً حَرُمَ عَلَيْهِ مُجَاوَزَتُهَا بِغَيْرِ إِحْرَامٍ وَلَزِمَهُ الدَّمُ كَمَا ذَكَرْنَا قَالَ أَصْحَابُنَا فَإِنْ عَادَ إِلَى الْمِيقَاتِ قَبْلَ التَّلَبُّسِ بِنُسُكٍ سَقَطَ عَنْهُ الدَّمُ وَفِي الْمُرَادِ بِهَذَا النُّسُكِ خِلَافٌ مُنْتَشِرٌ.

.
وَأَمَّا مَنْ لا يريد حجا ولاعمرة فَلَا يَلْزَمُهُ الْإِحْرَامُ لِدُخُولِ مَكَّةَ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ مَذْهَبِنَا سَوَاءٌ دَخَلَ لِحَاجَةٍ تَتَكَرَّرُ كَحَطَّابٍ وحشاش وصياد ونحوهم أولا تَتَكَرَّرُ كَتِجَارَةٍ وَزِيَارَةٍ وَنَحْوِهِمَا وَلِلشَّافِعِيِّ قَوْلٌ ضَعِيفٌ أَنَّهُ يَجِبُ الْإِحْرَامُ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ إِنْ دَخَلَ مَكَّةَ أَوْ غَيْرَهَا مِنَ الْحَرَمِ لِمَا يَتَكَرَّرُ بِشَرْطٍ سَبَقَ بَيَانُهُ فِي أَوَّلِ كِتَابِ الْحَجِّ.

.
وَأَمَّا مَنْ مَرَّ بِالْمِيقَاتِ غَيْرَ مُرِيدٍ دُخُولَ الْحَرَمِ بَلْ لِحَاجَةٍ دُونَهُ ثُمَّ بَدَا لَهُ أَنْ يُحْرِمَ فَيُحْرِمُ مِنْ مَوْضِعِهِ الَّذِي بَدَا لَهُ فِيهِ فَإِنْ جَاوَزَهُ بِلَا إِحْرَامٍ ثُمَّ أَحْرَمَ أَثِمَ وَلَزِمَهُ الدَّمُ وَإِنْ أَحْرَمَ مِنَ الْمَوْضِعِ الَّذِي بَدَا لَهُ أَجْزَأَهُ وَلَا دَمَ عَلَيْهِ وَلَا يُكَلَّفُ الرُّجُوعُ إِلَى الْمِيقَاتِ هَذَا مَذْهَبُنَا وَمَذْهَبُ الْجُمْهُورِ.

     وَقَالَ  أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ يَلْزَمُهُ الرُّجُوعُ إِلَى الْمِيقَاتِفِيهِ زَعْفَرَانٌ .

     قَوْلُهُ  ( لَهُ غَطِيطٌ) هُوَ كَصَوْتِ النَّائِمِ الَّذِي يُرَدِّدُهُ مَعَ نَفَسِهِ .

     قَوْلُهُ  ( كَغَطِيطِ الْبَكْرِ) هُوَ بِفَتْحِ الْبَاءِ وَهُوَ الْفَتِيُّ مِنَ الْإِبِلِ .

     قَوْلُهُ  ( فَلَمَّا سُرِّيَ عَنْهُ) هُوَ بِضَمِّ السِّينِ وَكَسْرِ الرَّاءِ الْمُشَدَّدَةِ أَيْ أُزِيلَ مَا بِهِ وَكُشِفَ عَنْهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلسَّائِلِ عَنِ الْعُمْرَةِ ( اغْسِلْ عَنْكَ أَثَرَ الصُّفْرَةِ) فِيهِ تَحْرِيمُ الطِّيبِ عَلَى الْمُحْرِمِ ابْتِدَاءً وَدَوَامًا لِأَنَّهُ إِذَا حَرُمَ دَوَامًا فَالِابْتِدَاءُ أَوْلَى بِالتَّحْرِيمِ وَفِيهِ إِنَّ الْعُمْرَةَ يَحْرُمُ فِيهَا مِنَ الطِّيبِ وَاللِّبَاسِ وَغَيْرِهِمَا مِنَ الْمُحَرَّمَاتِ السَّبْعَةِ السَّابِقَةِ مَا يَحْرُمُ فِي الْحَجِّ وَفِيهِ أَنَّ مَنْ أَصَابَهُ طِيبٌ نَاسِيًا أَوْ جَاهِلًا ثُمَّ عَلِمَ وَجَبَتْ عَلَيْهِ الْمُبَادَرَةُ إِلَى إِزَالَتِهِ وَفِيهِ أَنَّ مَنْ أَصَابَهُ فِي إِحْرَامِهِ طِيبٌ نَاسِيًا أَوْ جَاهِلًا لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ وَهَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَبِهِ قَالَ عَطَاءٌ وَالثَّوْرِيُّ وَإِسْحَاقُ وَدَاوُدُ.

     وَقَالَ  مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالْمُزَنِيُّ وَأَحْمَدُ فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُ عَلَيْهِ الْفِدْيَةُ لَكِنَّ الصَّحِيحَ مِنْ مَذْهَبِ مَالِكٍ أَنَّهُ إِنَّمَا تَجِبُ الْفِدْيَةُ عَلَى الْمُتَطَيِّبِ نَاسِيًا أَوْ جَاهِلًا إِذَا طَالَ لُبْثُهُ عَلَيْهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( وَاخْلَعْ عَنْكَ جُبَّتَكَ) دَلِيلٌ لِمَالِكٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ وَالْجُمْهُورِ أَنَّ الْمُحْرِمَ إِذَا صَارَ عَلَيْهِ مَخِيطٌ يَنْزِعُهُ وَلَا يَلْزَمُهُ شَقُّهُ.

     وَقَالَ  الشَّعْبِيُّ وَالنَّخَعِيُّ لَا يَجُوزُ نَزْعُهُ لِئَلَّا يَصِيرَ مُغَطِّيًا رَأْسَهُ بَلْ يَلْزَمُهُ شَقُّهُ وَهَذَا مَذْهَبٌ ضَعِيفٌ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( وَاصْنَعْ فِي عُمْرَتِكَ مَا أَنْتَ صَانِعٌ فِي حَجِّكَ) مَعْنَاهُ مِنَ اجْتِنَابِ الْمُحَرَّمَاتِ وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَأَرَادَ مَعَ ذَلِكَ الطَّوَافَ وَالسَّعْيَ وَالْحَلْقَ بِصِفَاتِهَا وَهَيْئَاتِهَا وَإِظْهَارَ التَّلْبِيَةَ وَغَيْرَ ذَلِكَ مِمَّا يَشْتَرِكُ فِيهِ الْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ وَيَخُصُّ مِنْ عُمُومِهِ مَا لَا يَدْخُلُ فِي الْعُمْرَةِ مِنْ أَفْعَالِ الْحَجِّ كَالْوُقُوفِ وَالرَّمْيِ وَالْمَبِيتِ بِمِنًى وَمُزْدَلِفَةَ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَهَذَا الْحَدِيثُ ظَاهِرٌ فِي أَنَّ هَذَا السَّائِلَ كَانَ عَالِمًا بِصِفَةِ الْحَجِّ دُونَ الْعُمْرَةِ فَلِهَذَا قَالَ لَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاصْنَعْ فِي عُمْرَتِكَ مَا أَنْتَ صَانِعٌ فِي حَجِّكَ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ لِلْقَاعِدَةِ الْمَشْهُورَةِ أَنَّ الْقَاضِي وَالْمُفْتِي إِذَا لَمْ يَعْلَمْ حُكْمَ الْمَسْأَلَةِ أَمْسَكَ عَنْ جَوَابِهَا حَتَّى يَعْلَمَهُ أَوْ يَظُنَّهُ بِشَرْطِهِ وَفِيهِ أَنَّ مِنَ الْأَحْكَامِ الَّتِي لَيْسَتْ فِي الْقُرْآنِ مَا هُوَ بِوَحْيٍ لَا يُتْلَى وَقَدْ يَسْتَدِلُّ بِهِ مَنْ يَقُولُ مِنْ أَهْلِ الْأُصُولِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَكُنْ لَهُ الِاجْتِهَادُ وَإِنَّمَا كَانَ يَحْكُمُ بِوَحْيٍ وَلَا دَلَالَةَ فِيهِ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَظْهَرْ لَهُ بِالِاجْتِهَادِ حُكْمُ ذَلِكَ أَوْ أَنَّ الْوَحْيَ بَدَرَهُ قَبْلَ تَمَامِ الِاجْتِهَادِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

     قَوْلُهُ  ( وَكَانَ يَعْلَى يَقُولُ وَدِدْتُ أَنِّي أَرَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ نَزَلَ عَلَيْهِ الْوَحْيُ فَقَالَ أَيَسُرُّكَ أَنْ تَنْظُرَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) هَكَذَا هُوَ فِي جَمِيعِ النُّسَخِ فَقَالَ أَيَسُرُّكَ وَلَمْ يُبَيِّنِ الْقَائِلُ مَنْ هُوَ وَلَا سَبَقَ لَهُ ذِكْرٌ وَهَذَا الْقَائِلُ هُوَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَمَا بَيَّنَهُ فِي الرِّوَايَةِ الَّتِي بَعْدَ هَذِهِ قوله ( وعليه مقطعات) هي بفتح الطاء المشددة وهي الثياب المخيطة وأوضحه بقوله يعنى جبة .

     قَوْلُهُ  ( مُتَضَمِّخٌ) هُوَ بِالضَّادِ وَالْخَاءِ الْمُعْجَمَتَيْنِ أَيْ مُتَلَوِّثٌ بِهِ مُكْثِرٌ مِنْهُ.

     قَوْلُهُ  ( مُحْمَرُّ الْوَجْهِ يَغِطُّ) هُوَ بِكَسْرِ الْغَيْنِ وسبب ذلك شدة الوحى وهو له قَالَ اللَّهُ تَعَالَى إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثقيلا .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( أَمَّا الطِّيبُ الَّذِي بِكَ فَاغْسِلْهُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ) إِنَّمَا أَمَرَ بِالثَّلَاثِ مُبَالَغَةً فِي إِزَالَةِ لَوْنِهِ وَرِيحِهِ وَالْوَاجِبُ الْإِزَالَةُ فَإِنْ حَصَلَتْ بِمَرَّةٍ كَفَتْ وَلَمْ تَجِبِ الزِّيَادَةُ وَلَعَلَّ الطِّيبَ الَّذِي كَانَ عَلَى هَذَا الرَّجُلِ كَثِيرٌ وَيُؤَيِّدُهُ .

     قَوْلُهُ  مُتَضَمِّخٌ قَالَ الْقَاضِي وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ قَالَ لَهُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ اغْسِلْهُ فَكَرَّرَ الْقَوْلَ ثَلَاثًا وَالصَّوَابُ مَا سَبَقَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

     قَوْلُهُ  ( عُقْبَةُ بْنُ مُكْرَمٍ) هُوَ بِفَتْحِ الرَّاءِ .

     قَوْلُهُ  فِي بَعْضِ هَذِهِ الرِّوَايَةِ ( صَفْوَانَبن يعلى بن أمية) وفي بعضها بن مُنْيَةَ وَهُمَا صَحِيحَانِ فَأُمَيَّةُ أَبُو يَعْلَى وَمُنْيَةُ أُمُّ يَعْلَى وَقِيلَ جَدَّتُهُ وَالْمَشْهُورُ الْأَوَّلُ فَنُسِبَ تَارَةً إِلَى أَبِيهِ وَتَارَةً إِلَى أُمِّهِ وَهِيَ مُنْيَةُ بِضَمِّ الْمِيمِ بَعْدَهَا نُونٌ سَاكِنَةٌ .

     قَوْلُهُ  ( حَدَّثَنَا رَبَاحُ) هُوَ بِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ .

     قَوْلُهُ  ( فَسَكَتَ عَنْهُ فَلَمْ يَرْجِعْ إِلَيْهِ) أَيْ لَمْ يَرُدَّ جَوَابَهُ .

     قَوْلُهُ  ( خَمَّرَهُ عُمَرُ بِالثَّوْبِ) أَيْ غَطَّاهُ.

.
وَأَمَّا إِدْخَالُ يَعْلَى رَأْسَهُ وَرُؤْيَتُهُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي تِلْكَ الْحَالِ وَإِذْنُ عُمَرَ لَهُ فِي ذَلِكَ فَكُلُّهُ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُمْ عَلِمُوا مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ لَا يَكْرَهُ الِاطِّلَاعَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ وَتِلْكَ الْحَالِ لِأَنَّ فِيهِ تَقْوِيَةُ الْإِيمَانِ بِمُشَاهَدَةِ حَالَةِ الْوَحْيِ الْكَرِيمِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ( بَابُ مَوَاقِيتِ الْحَجِّ) ذَكَرَ مُسْلِمٌ فِي الْبَابِ ثلاثة أحاديث حديث بن عَبَّاسٍ أَكْمَلُهَا لِأَنَّهُ صَرَّحَ فِيهِ بِنَقْلِهِ الْمَوَاقِيتَ الْأَرْبَعَةَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلِهَذَا ذَكَرَهُ مُسْلِمٌ فِي أَوَّلِ الْبَابِ ثم حديث بن عُمَرَ لِأَنَّهُ لَمْ يَحْفَظْ مِيقَاتَ أَهْلِ الْيَمَنِ بَلْ بَلَغَهُ بَلَاغًا ثُمَّ حَدِيثُ جَابِرٍ لِأَنَّ أَبَا الزُّبَيْرِ قَالَ أَحْسَبُ جَابِرًا رَفَعَهُ وَهَذَا لَا يَقْتَضِي ثُبُوتَهُ مَرْفُوعًا فَوَقَّتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ ذَا الْحُلَيْفَةِ بِضَمِّ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَبِالْفَاءِ وَهِيَ أَبْعَدُ الْمَوَاقِيتِ مِنْ مَكَّةَ بَيْنَهُمَا نَحْوُ عَشْرِ مَرَاحِلَ أَوْ تِسْعٍ وَهِيَ قَرِيبَةٌ مِنَ الْمَدِينَةِ عَلَى نَحْوِ سِتَّةِ أَمْيَالٍ مِنْهَا وَلِأَهْلِ الشَّامِ الْجُحْفَةَ وَهِيَ مِيقَاتٌ لَهُمْ وَلِأَهْلِ مِصْرَ وَهِيَ بِجِيمٍ مَضْمُومَةٍ ثُمَّ حَاءٍ مُهْمَلَةٍ سَاكِنَةٍ قِيلَ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّ السَّيْلَ أَجْحَفَهَا فِي وَقْتٍ وَيُقَالُ لَهَا مَهْيَعَةُ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَإِسْكَانِ الْهَاءِ وَفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ تَحْتَ كَمَا ذَكَرَهُ فِي بَعْضِ رِوَايَاتِ مُسْلِمٍ وَحَكَى الْقَاضِي عِيَاضٌ عَنْ بَعْضِهِمْ كَسْرَ الْهَاءِ وَالصَّحِيحُ الْمَشْهُورُ إِسْكَانُهَا وَهِيَ عَلَى نَحْوِ ثَلَاثِ مَرَاحِلَ مِنْ مَكَّةَ عَلَى طَرِيقِ الْمَدِينَةِ وَلِأَهْلِ الْيَمَنِ يَلَمْلَمَ بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ تَحْتَ وَاللَّامَيْنِ وَيُقَالُ أَيْضًا أَلَمْلَمَ بِهَمْزَةٍ بَدَلَ الْيَاءِ لُغَتَانِ مَشْهُورَتَانِ وَهُوَ جَبَلٌ مِنْ جِبَالِ تِهَامَةَ عَلَى مَرْحَلَتَيْنِ مِنْ مَكَّةَ وَلِأَهْلِ نَجْدٍ قَرْنَ الْمَنَازِلِ بِفَتْحِ الْقَافِ وَإِسْكَانِ الرَّاءِ بِلَا خِلَافٍ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَاللُّغَةِ وَالتَّارِيخِ وَالْأَسْمَاءِ وَغَيْرِهِمْ وَغَلِطَ الْجَوْهَرِيُّ فِي صِحَاحِهِ فِيهِ غَلَطَيْنِ فَاحِشَيْنِ فَقَالَ بِفَتْحِ الرَّاءِ وَزَعَمَ أَنَّ أُوَيْسًا الْقَرَنِيَّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مَنْسُوبٌ إِلَيْهِ وَالصَّوَابُ إِسْكَانُ الرَّاءِ وَأَنَّ أُوَيْسًا مَنْسُوبٌ إِلَى قَبِيلَةٍ مَعْرُوفَةٍ يُقَالُ لَهُمْ بَنُو قَرَنٍ وَهِيَ بَطْنٌ مِنْ مُرَادٍ الْقَبِيلَةُ الْمَعْرُوفَةُ يُنْسَبُ إِلَيْهَا الْمُرَادِيُّ وَقَرْنُ الْمَنَازِلِ عَلَى نَحْوِ مَرْحَلَتَيْنِ مِنْ مَكَّةَ قَالُوا وَهُوَ أَقْرَبُ الْمَوَاقِيتِ إِلَى مَكَّةَ.

.
وَأَمَّا ذَاتُ عِرْقٍ بِكَسْرِ الْعَيْنِ فَهِيَ مِيقَاتُ أَهْلِ الْعِرَاقِ وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ هَلْ صَارَتْ مِيقَاتَهُمْ بِتَوْقِيتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمْ بِاجْتِهَادِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَفِي الْمَسْأَلَةِ وَجْهَانِ لِأَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ أَصَحُّهُمَا وَهُوَ نَصُّ الشَّافِعِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي الْأُمِّ بِتَوْقِيتِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَذَلِكَ صَرِيحٌ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ وَدَلِيلُ مَنْ قَالَ بِتَوْقِيتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدِيثُ جَابِرٍ لَكِنَّهُ غَيْرُ ثَابِتٍ لِعَدَمِ جَزْمِهِ بِرَفْعِهِ.

.
وَأَمَّا قَوْلُ الدَّارَقُطْنِيِّ إِنَّهُ حَدِيثٌ ضَعِيفٌ لِأَنَّ الْعِرَاقَ لَمْ تَكُنْفُتِحَتْ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَلَامُهُ فِي تَضْعِيفِهِ صَحِيحٌ وَدَلِيلُهُ مَا ذَكَرْتُهُ.

.
وَأَمَّا اسْتِدْلَالُهُ لِضَعْفِهِ بِعَدَمِ فَتْحِ الْعِرَاقِ فَفَاسِدٌ لِأَنَّهُ لَا يَمْتَنِعُ أَنْ يُخْبِرَ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهِ لِعِلْمِهِ بِأَنَّهُ سَيُفْتَحُ وَيَكُونُ ذَلِكَ مِنْ مُعْجِزَاتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْإِخْبَارِ بِالْمَغِيبَاتِ الْمُسْتَقْبَلَاتِ كَمَا أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَّتَ لِأَهْلِ الشَّامِ الْجُحْفَةَ فِي جَمِيعِ الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الشَّامَ لَمْ يَكُنْ فُتِحَ حِينَئِذٍ وَقَدْ ثَبَتَتِ الْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ أَخْبَرَ بِفَتْحِ الشَّامِ وَالْيَمَنِ وَالْعِرَاقِ وَأَنَّهُمْ يَأْتُونَ إِلَيْهِمْ يَبُسُّونَ وَالْمَدِينَةُ خَيْرٌ لَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ وَأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرَ بِأَنَّهُ زُوِيَتْ لَهُ مَشَارِقُ الارض ومغاربها وقال سيبلغ ملك أمتي مازوى لِي مِنْهَا وَأَنَّهُمْ سَيَفْتَحُونَ مِصْرَ وَهِيَ أَرْضٌ يُذْكَرُ فِيهَا الْقِيرَاطُ وَأَنَّ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ يَنْزِلُ عَلَى الْمَنَارَةِ الْبَيْضَاءِ شَرْقِيِّ دِمَشْقَ وَكُلُّ هَذِهِ الْأَحَادِيثُ فِي الصَّحِيحِ وَفِي الصَّحِيحِ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ مَا يَطُولُ ذِكْرُهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ هَذِهِ الْمَوَاقِيتَ مَشْرُوعَةٌ ثُمَّ قَالَ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَالْجُمْهُورُ هِيَ وَاجِبَةٌ لَوْ تَرَكَهَا وَأَحْرَمَ بَعْدَ مُجَاوَزَتِهَا أَثِمَ وَلَزِمَهُ دَمٌ وَصَحَّ حَجُّهُ.

     وَقَالَ  عَطَاءٌ وَالنَّخَعِيُّ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ.

     وَقَالَ  سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ لَا يَصِحُّ حَجُّهُ وَفَائِدَةُ الْمَوَاقِيتِ أَنَّ مَنْ أَرَادَ حَجًّا أَوْ عُمْرَةً حَرُمَ عَلَيْهِ مُجَاوَزَتُهَا بِغَيْرِ إِحْرَامٍ وَلَزِمَهُ الدَّمُ كَمَا ذَكَرْنَا قَالَ أَصْحَابُنَا فَإِنْ عَادَ إِلَى الْمِيقَاتِ قَبْلَ التَّلَبُّسِ بِنُسُكٍ سَقَطَ عَنْهُ الدَّمُ وَفِي الْمُرَادِ بِهَذَا النُّسُكِ خِلَافٌ مُنْتَشِرٌ.

.
وَأَمَّا مَنْ لا يريد حجا ولاعمرة فَلَا يَلْزَمُهُ الْإِحْرَامُ لِدُخُولِ مَكَّةَ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ مَذْهَبِنَا سَوَاءٌ دَخَلَ لِحَاجَةٍ تَتَكَرَّرُ كَحَطَّابٍ وحشاش وصياد ونحوهم أولا تَتَكَرَّرُ كَتِجَارَةٍ وَزِيَارَةٍ وَنَحْوِهِمَا وَلِلشَّافِعِيِّ قَوْلٌ ضَعِيفٌ أَنَّهُ يَجِبُ الْإِحْرَامُ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ إِنْ دَخَلَ مَكَّةَ أَوْ غَيْرَهَا مِنَ الْحَرَمِ لِمَا يَتَكَرَّرُ بِشَرْطٍ سَبَقَ بَيَانُهُ فِي أَوَّلِ كِتَابِ الْحَجِّ.

.
وَأَمَّا مَنْ مَرَّ بِالْمِيقَاتِ غَيْرَ مُرِيدٍ دُخُولَ الْحَرَمِ بَلْ لِحَاجَةٍ دُونَهُ ثُمَّ بَدَا لَهُ أَنْ يُحْرِمَ فَيُحْرِمُ مِنْ مَوْضِعِهِ الَّذِي بَدَا لَهُ فِيهِ فَإِنْ جَاوَزَهُ بِلَا إِحْرَامٍ ثُمَّ أَحْرَمَ أَثِمَ وَلَزِمَهُ الدَّمُ وَإِنْ أَحْرَمَ مِنَ الْمَوْضِعِ الَّذِي بَدَا لَهُ أَجْزَأَهُ وَلَا دَمَ عَلَيْهِ وَلَا يُكَلَّفُ الرُّجُوعُ إِلَى الْمِيقَاتِ هَذَا مَذْهَبُنَا وَمَذْهَبُ الْجُمْهُورِ.

     وَقَالَ  أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ يَلْزَمُهُ الرُّجُوعُ إِلَى الْمِيقَاتِفِيهِ زَعْفَرَانٌ .

     قَوْلُهُ  ( لَهُ غَطِيطٌ) هُوَ كَصَوْتِ النَّائِمِ الَّذِي يُرَدِّدُهُ مَعَ نَفَسِهِ .

     قَوْلُهُ  ( كَغَطِيطِ الْبَكْرِ) هُوَ بِفَتْحِ الْبَاءِ وَهُوَ الْفَتِيُّ مِنَ الْإِبِلِ .

     قَوْلُهُ  ( فَلَمَّا سُرِّيَ عَنْهُ) هُوَ بِضَمِّ السِّينِ وَكَسْرِ الرَّاءِ الْمُشَدَّدَةِ أَيْ أُزِيلَ مَا بِهِ وَكُشِفَ عَنْهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلسَّائِلِ عَنِ الْعُمْرَةِ ( اغْسِلْ عَنْكَ أَثَرَ الصُّفْرَةِ) فِيهِ تَحْرِيمُ الطِّيبِ عَلَى الْمُحْرِمِ ابْتِدَاءً وَدَوَامًا لِأَنَّهُ إِذَا حَرُمَ دَوَامًا فَالِابْتِدَاءُ أَوْلَى بِالتَّحْرِيمِ وَفِيهِ إِنَّ الْعُمْرَةَ يَحْرُمُ فِيهَا مِنَ الطِّيبِ وَاللِّبَاسِ وَغَيْرِهِمَا مِنَ الْمُحَرَّمَاتِ السَّبْعَةِ السَّابِقَةِ مَا يَحْرُمُ فِي الْحَجِّ وَفِيهِ أَنَّ مَنْ أَصَابَهُ طِيبٌ نَاسِيًا أَوْ جَاهِلًا ثُمَّ عَلِمَ وَجَبَتْ عَلَيْهِ الْمُبَادَرَةُ إِلَى إِزَالَتِهِ وَفِيهِ أَنَّ مَنْ أَصَابَهُ فِي إِحْرَامِهِ طِيبٌ نَاسِيًا أَوْ جَاهِلًا لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ وَهَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَبِهِ قَالَ عَطَاءٌ وَالثَّوْرِيُّ وَإِسْحَاقُ وَدَاوُدُ.

     وَقَالَ  مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالْمُزَنِيُّ وَأَحْمَدُ فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُ عَلَيْهِ الْفِدْيَةُ لَكِنَّ الصَّحِيحَ مِنْ مَذْهَبِ مَالِكٍ أَنَّهُ إِنَّمَا تَجِبُ الْفِدْيَةُ عَلَى الْمُتَطَيِّبِ نَاسِيًا أَوْ جَاهِلًا إِذَا طَالَ لُبْثُهُ عَلَيْهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( وَاخْلَعْ عَنْكَ جُبَّتَكَ) دَلِيلٌ لِمَالِكٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ وَالْجُمْهُورِ أَنَّ الْمُحْرِمَ إِذَا صَارَ عَلَيْهِ مَخِيطٌ يَنْزِعُهُ وَلَا يَلْزَمُهُ شَقُّهُ.

     وَقَالَ  الشَّعْبِيُّ وَالنَّخَعِيُّ لَا يَجُوزُ نَزْعُهُ لِئَلَّا يَصِيرَ مُغَطِّيًا رَأْسَهُ بَلْ يَلْزَمُهُ شَقُّهُ وَهَذَا مَذْهَبٌ ضَعِيفٌ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( وَاصْنَعْ فِي عُمْرَتِكَ مَا أَنْتَ صَانِعٌ فِي حَجِّكَ) مَعْنَاهُ مِنَ اجْتِنَابِ الْمُحَرَّمَاتِ وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَأَرَادَ مَعَ ذَلِكَ الطَّوَافَ وَالسَّعْيَ وَالْحَلْقَ بِصِفَاتِهَا وَهَيْئَاتِهَا وَإِظْهَارَ التَّلْبِيَةَ وَغَيْرَ ذَلِكَ مِمَّا يَشْتَرِكُ فِيهِ الْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ وَيَخُصُّ مِنْ عُمُومِهِ مَا لَا يَدْخُلُ فِي الْعُمْرَةِ مِنْ أَفْعَالِ الْحَجِّ كَالْوُقُوفِ وَالرَّمْيِ وَالْمَبِيتِ بِمِنًى وَمُزْدَلِفَةَ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَهَذَا الْحَدِيثُ ظَاهِرٌ فِي أَنَّ هَذَا السَّائِلَ كَانَ عَالِمًا بِصِفَةِ الْحَجِّ دُونَ الْعُمْرَةِ فَلِهَذَا قَالَ لَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاصْنَعْ فِي عُمْرَتِكَ مَا أَنْتَ صَانِعٌ فِي حَجِّكَ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ لِلْقَاعِدَةِ الْمَشْهُورَةِ أَنَّ الْقَاضِي وَالْمُفْتِي إِذَا لَمْ يَعْلَمْ حُكْمَ الْمَسْأَلَةِ أَمْسَكَ عَنْ جَوَابِهَا حَتَّى يَعْلَمَهُ أَوْ يَظُنَّهُ بِشَرْطِهِ وَفِيهِ أَنَّ مِنَ الْأَحْكَامِ الَّتِي لَيْسَتْ فِي الْقُرْآنِ مَا هُوَ بِوَحْيٍ لَا يُتْلَى وَقَدْ يَسْتَدِلُّ بِهِ مَنْ يَقُولُ مِنْ أَهْلِ الْأُصُولِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَكُنْ لَهُ الِاجْتِهَادُ وَإِنَّمَا كَانَ يَحْكُمُ بِوَحْيٍ وَلَا دَلَالَةَ فِيهِ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَظْهَرْ لَهُ بِالِاجْتِهَادِ حُكْمُ ذَلِكَ أَوْ أَنَّ الْوَحْيَ بَدَرَهُ قَبْلَ تَمَامِ الِاجْتِهَادِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

     قَوْلُهُ  ( وَكَانَ يَعْلَى يَقُولُ وَدِدْتُ أَنِّي أَرَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ نَزَلَ عَلَيْهِ الْوَحْيُ فَقَالَ أَيَسُرُّكَ أَنْ تَنْظُرَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) هَكَذَا هُوَ فِي جَمِيعِ النُّسَخِ فَقَالَ أَيَسُرُّكَ وَلَمْ يُبَيِّنِ الْقَائِلُ مَنْ هُوَ وَلَا سَبَقَ لَهُ ذِكْرٌ وَهَذَا الْقَائِلُ هُوَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَمَا بَيَّنَهُ فِي الرِّوَايَةِ الَّتِي بَعْدَ هَذِهِ قوله ( وعليه مقطعات) هي بفتح الطاء المشددة وهي الثياب المخيطة وأوضحه بقوله يعنى جبة .

     قَوْلُهُ  ( مُتَضَمِّخٌ) هُوَ بِالضَّادِ وَالْخَاءِ الْمُعْجَمَتَيْنِ أَيْ مُتَلَوِّثٌ بِهِ مُكْثِرٌ مِنْهُ.

     قَوْلُهُ  ( مُحْمَرُّ الْوَجْهِ يَغِطُّ) هُوَ بِكَسْرِ الْغَيْنِ وسبب ذلك شدة الوحى وهو له قَالَ اللَّهُ تَعَالَى إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثقيلا .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( أَمَّا الطِّيبُ الَّذِي بِكَ فَاغْسِلْهُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ) إِنَّمَا أَمَرَ بِالثَّلَاثِ مُبَالَغَةً فِي إِزَالَةِ لَوْنِهِ وَرِيحِهِ وَالْوَاجِبُ الْإِزَالَةُ فَإِنْ حَصَلَتْ بِمَرَّةٍ كَفَتْ وَلَمْ تَجِبِ الزِّيَادَةُ وَلَعَلَّ الطِّيبَ الَّذِي كَانَ عَلَى هَذَا الرَّجُلِ كَثِيرٌ وَيُؤَيِّدُهُ .

     قَوْلُهُ  مُتَضَمِّخٌ قَالَ الْقَاضِي وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ قَالَ لَهُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ اغْسِلْهُ فَكَرَّرَ الْقَوْلَ ثَلَاثًا وَالصَّوَابُ مَا سَبَقَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

     قَوْلُهُ  ( عُقْبَةُ بْنُ مُكْرَمٍ) هُوَ بِفَتْحِ الرَّاءِ .

     قَوْلُهُ  فِي بَعْضِ هَذِهِ الرِّوَايَةِ ( صَفْوَانَبن يعلى بن أمية) وفي بعضها بن مُنْيَةَ وَهُمَا صَحِيحَانِ فَأُمَيَّةُ أَبُو يَعْلَى وَمُنْيَةُ أُمُّ يَعْلَى وَقِيلَ جَدَّتُهُ وَالْمَشْهُورُ الْأَوَّلُ فَنُسِبَ تَارَةً إِلَى أَبِيهِ وَتَارَةً إِلَى أُمِّهِ وَهِيَ مُنْيَةُ بِضَمِّ الْمِيمِ بَعْدَهَا نُونٌ سَاكِنَةٌ .

     قَوْلُهُ  ( حَدَّثَنَا رَبَاحُ) هُوَ بِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ .

     قَوْلُهُ  ( فَسَكَتَ عَنْهُ فَلَمْ يَرْجِعْ إِلَيْهِ) أَيْ لَمْ يَرُدَّ جَوَابَهُ .

     قَوْلُهُ  ( خَمَّرَهُ عُمَرُ بِالثَّوْبِ) أَيْ غَطَّاهُ.

.
وَأَمَّا إِدْخَالُ يَعْلَى رَأْسَهُ وَرُؤْيَتُهُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي تِلْكَ الْحَالِ وَإِذْنُ عُمَرَ لَهُ فِي ذَلِكَ فَكُلُّهُ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُمْ عَلِمُوا مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ لَا يَكْرَهُ الِاطِّلَاعَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ وَتِلْكَ الْحَالِ لِأَنَّ فِيهِ تَقْوِيَةُ الْإِيمَانِ بِمُشَاهَدَةِ حَالَةِ الْوَحْيِ الْكَرِيمِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ( بَابُ مَوَاقِيتِ الْحَجِّ) ذَكَرَ مُسْلِمٌ فِي الْبَابِ ثلاثة أحاديث حديث بن عَبَّاسٍ أَكْمَلُهَا لِأَنَّهُ صَرَّحَ فِيهِ بِنَقْلِهِ الْمَوَاقِيتَ الْأَرْبَعَةَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلِهَذَا ذَكَرَهُ مُسْلِمٌ فِي أَوَّلِ الْبَابِ ثم حديث بن عُمَرَ لِأَنَّهُ لَمْ يَحْفَظْ مِيقَاتَ أَهْلِ الْيَمَنِ بَلْ بَلَغَهُ بَلَاغًا ثُمَّ حَدِيثُ جَابِرٍ لِأَنَّ أَبَا الزُّبَيْرِ قَالَ أَحْسَبُ جَابِرًا رَفَعَهُ وَهَذَا لَا يَقْتَضِي ثُبُوتَهُ مَرْفُوعًا فَوَقَّتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ ذَا الْحُلَيْفَةِ بِضَمِّ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَبِالْفَاءِ وَهِيَ أَبْعَدُ الْمَوَاقِيتِ مِنْ مَكَّةَ بَيْنَهُمَا نَحْوُ عَشْرِ مَرَاحِلَ أَوْ تِسْعٍ وَهِيَ قَرِيبَةٌ مِنَ الْمَدِينَةِ عَلَى نَحْوِ سِتَّةِ أَمْيَالٍ مِنْهَا وَلِأَهْلِ الشَّامِ الْجُحْفَةَ وَهِيَ مِيقَاتٌ لَهُمْ وَلِأَهْلِ مِصْرَ وَهِيَ بِجِيمٍ مَضْمُومَةٍ ثُمَّ حَاءٍ مُهْمَلَةٍ سَاكِنَةٍ قِيلَ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّ السَّيْلَ أَجْحَفَهَا فِي وَقْتٍ وَيُقَالُ لَهَا مَهْيَعَةُ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَإِسْكَانِ الْهَاءِ وَفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ تَحْتَ كَمَا ذَكَرَهُ فِي بَعْضِ رِوَايَاتِ مُسْلِمٍ وَحَكَى الْقَاضِي عِيَاضٌ عَنْ بَعْضِهِمْ كَسْرَ الْهَاءِ وَالصَّحِيحُ الْمَشْهُورُ إِسْكَانُهَا وَهِيَ عَلَى نَحْوِ ثَلَاثِ مَرَاحِلَ مِنْ مَكَّةَ عَلَى طَرِيقِ الْمَدِينَةِ وَلِأَهْلِ الْيَمَنِ يَلَمْلَمَ بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ تَحْتَ وَاللَّامَيْنِ وَيُقَالُ أَيْضًا أَلَمْلَمَ بِهَمْزَةٍ بَدَلَ الْيَاءِ لُغَتَانِ مَشْهُورَتَانِ وَهُوَ جَبَلٌ مِنْ جِبَالِ تِهَامَةَ عَلَى مَرْحَلَتَيْنِ مِنْ مَكَّةَ وَلِأَهْلِ نَجْدٍ قَرْنَ الْمَنَازِلِ بِفَتْحِ الْقَافِ وَإِسْكَانِ الرَّاءِ بِلَا خِلَافٍ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَاللُّغَةِ وَالتَّارِيخِ وَالْأَسْمَاءِ وَغَيْرِهِمْ وَغَلِطَ الْجَوْهَرِيُّ فِي صِحَاحِهِ فِيهِ غَلَطَيْنِ فَاحِشَيْنِ فَقَالَ بِفَتْحِ الرَّاءِ وَزَعَمَ أَنَّ أُوَيْسًا الْقَرَنِيَّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مَنْسُوبٌ إِلَيْهِ وَالصَّوَابُ إِسْكَانُ الرَّاءِ وَأَنَّ أُوَيْسًا مَنْسُوبٌ إِلَى قَبِيلَةٍ مَعْرُوفَةٍ يُقَالُ لَهُمْ بَنُو قَرَنٍ وَهِيَ بَطْنٌ مِنْ مُرَادٍ الْقَبِيلَةُ الْمَعْرُوفَةُ يُنْسَبُ إِلَيْهَا الْمُرَادِيُّ وَقَرْنُ الْمَنَازِلِ عَلَى نَحْوِ مَرْحَلَتَيْنِ مِنْ مَكَّةَ قَالُوا وَهُوَ أَقْرَبُ الْمَوَاقِيتِ إِلَى مَكَّةَ.

.
وَأَمَّا ذَاتُ عِرْقٍ بِكَسْرِ الْعَيْنِ فَهِيَ مِيقَاتُ أَهْلِ الْعِرَاقِ وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ هَلْ صَارَتْ مِيقَاتَهُمْ بِتَوْقِيتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمْ بِاجْتِهَادِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَفِي الْمَسْأَلَةِ وَجْهَانِ لِأَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ أَصَحُّهُمَا وَهُوَ نَصُّ الشَّافِعِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي الْأُمِّ بِتَوْقِيتِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَذَلِكَ صَرِيحٌ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ وَدَلِيلُ مَنْ قَالَ بِتَوْقِيتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدِيثُ جَابِرٍ لَكِنَّهُ غَيْرُ ثَابِتٍ لِعَدَمِ جَزْمِهِ بِرَفْعِهِ.

.
وَأَمَّا قَوْلُ الدَّارَقُطْنِيِّ إِنَّهُ حَدِيثٌ ضَعِيفٌ لِأَنَّ الْعِرَاقَ لَمْ تَكُنْفُتِحَتْ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَلَامُهُ فِي تَضْعِيفِهِ صَحِيحٌ وَدَلِيلُهُ مَا ذَكَرْتُهُ.

.
وَأَمَّا اسْتِدْلَالُهُ لِضَعْفِهِ بِعَدَمِ فَتْحِ الْعِرَاقِ فَفَاسِدٌ لِأَنَّهُ لَا يَمْتَنِعُ أَنْ يُخْبِرَ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهِ لِعِلْمِهِ بِأَنَّهُ سَيُفْتَحُ وَيَكُونُ ذَلِكَ مِنْ مُعْجِزَاتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْإِخْبَارِ بِالْمَغِيبَاتِ الْمُسْتَقْبَلَاتِ كَمَا أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَّتَ لِأَهْلِ الشَّامِ الْجُحْفَةَ فِي جَمِيعِ الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الشَّامَ لَمْ يَكُنْ فُتِحَ حِينَئِذٍ وَقَدْ ثَبَتَتِ الْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ أَخْبَرَ بِفَتْحِ الشَّامِ وَالْيَمَنِ وَالْعِرَاقِ وَأَنَّهُمْ يَأْتُونَ إِلَيْهِمْ يَبُسُّونَ وَالْمَدِينَةُ خَيْرٌ لَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ وَأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرَ بِأَنَّهُ زُوِيَتْ لَهُ مَشَارِقُ الارض ومغاربها وقال سيبلغ ملك أمتي مازوى لِي مِنْهَا وَأَنَّهُمْ سَيَفْتَحُونَ مِصْرَ وَهِيَ أَرْضٌ يُذْكَرُ فِيهَا الْقِيرَاطُ وَأَنَّ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ يَنْزِلُ عَلَى الْمَنَارَةِ الْبَيْضَاءِ شَرْقِيِّ دِمَشْقَ وَكُلُّ هَذِهِ الْأَحَادِيثُ فِي الصَّحِيحِ وَفِي الصَّحِيحِ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ مَا يَطُولُ ذِكْرُهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ هَذِهِ الْمَوَاقِيتَ مَشْرُوعَةٌ ثُمَّ قَالَ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَالْجُمْهُورُ هِيَ وَاجِبَةٌ لَوْ تَرَكَهَا وَأَحْرَمَ بَعْدَ مُجَاوَزَتِهَا أَثِمَ وَلَزِمَهُ دَمٌ وَصَحَّ حَجُّهُ.

     وَقَالَ  عَطَاءٌ وَالنَّخَعِيُّ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ.

     وَقَالَ  سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ لَا يَصِحُّ حَجُّهُ وَفَائِدَةُ الْمَوَاقِيتِ أَنَّ مَنْ أَرَادَ حَجًّا أَوْ عُمْرَةً حَرُمَ عَلَيْهِ مُجَاوَزَتُهَا بِغَيْرِ إِحْرَامٍ وَلَزِمَهُ الدَّمُ كَمَا ذَكَرْنَا قَالَ أَصْحَابُنَا فَإِنْ عَادَ إِلَى الْمِيقَاتِ قَبْلَ التَّلَبُّسِ بِنُسُكٍ سَقَطَ عَنْهُ الدَّمُ وَفِي الْمُرَادِ بِهَذَا النُّسُكِ خِلَافٌ مُنْتَشِرٌ.

.
وَأَمَّا مَنْ لا يريد حجا ولاعمرة فَلَا يَلْزَمُهُ الْإِحْرَامُ لِدُخُولِ مَكَّةَ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ مَذْهَبِنَا سَوَاءٌ دَخَلَ لِحَاجَةٍ تَتَكَرَّرُ كَحَطَّابٍ وحشاش وصياد ونحوهم أولا تَتَكَرَّرُ كَتِجَارَةٍ وَزِيَارَةٍ وَنَحْوِهِمَا وَلِلشَّافِعِيِّ قَوْلٌ ضَعِيفٌ أَنَّهُ يَجِبُ الْإِحْرَامُ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ إِنْ دَخَلَ مَكَّةَ أَوْ غَيْرَهَا مِنَ الْحَرَمِ لِمَا يَتَكَرَّرُ بِشَرْطٍ سَبَقَ بَيَانُهُ فِي أَوَّلِ كِتَابِ الْحَجِّ.

.
وَأَمَّا مَنْ مَرَّ بِالْمِيقَاتِ غَيْرَ مُرِيدٍ دُخُولَ الْحَرَمِ بَلْ لِحَاجَةٍ دُونَهُ ثُمَّ بَدَا لَهُ أَنْ يُحْرِمَ فَيُحْرِمُ مِنْ مَوْضِعِهِ الَّذِي بَدَا لَهُ فِيهِ فَإِنْ جَاوَزَهُ بِلَا إِحْرَامٍ ثُمَّ أَحْرَمَ أَثِمَ وَلَزِمَهُ الدَّمُ وَإِنْ أَحْرَمَ مِنَ الْمَوْضِعِ الَّذِي بَدَا لَهُ أَجْزَأَهُ وَلَا دَمَ عَلَيْهِ وَلَا يُكَلَّفُ الرُّجُوعُ إِلَى الْمِيقَاتِ هَذَا مَذْهَبُنَا وَمَذْهَبُ الْجُمْهُورِ.

     وَقَالَ  أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ يَلْزَمُهُ الرُّجُوعُ إِلَى الْمِيقَاتِفِيهِ زَعْفَرَانٌ .

     قَوْلُهُ  ( لَهُ غَطِيطٌ) هُوَ كَصَوْتِ النَّائِمِ الَّذِي يُرَدِّدُهُ مَعَ نَفَسِهِ .

     قَوْلُهُ  ( كَغَطِيطِ الْبَكْرِ) هُوَ بِفَتْحِ الْبَاءِ وَهُوَ الْفَتِيُّ مِنَ الْإِبِلِ .

     قَوْلُهُ  ( فَلَمَّا سُرِّيَ عَنْهُ) هُوَ بِضَمِّ السِّينِ وَكَسْرِ الرَّاءِ الْمُشَدَّدَةِ أَيْ أُزِيلَ مَا بِهِ وَكُشِفَ عَنْهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلسَّائِلِ عَنِ الْعُمْرَةِ ( اغْسِلْ عَنْكَ أَثَرَ الصُّفْرَةِ) فِيهِ تَحْرِيمُ الطِّيبِ عَلَى الْمُحْرِمِ ابْتِدَاءً وَدَوَامًا لِأَنَّهُ إِذَا حَرُمَ دَوَامًا فَالِابْتِدَاءُ أَوْلَى بِالتَّحْرِيمِ وَفِيهِ إِنَّ الْعُمْرَةَ يَحْرُمُ فِيهَا مِنَ الطِّيبِ وَاللِّبَاسِ وَغَيْرِهِمَا مِنَ الْمُحَرَّمَاتِ السَّبْعَةِ السَّابِقَةِ مَا يَحْرُمُ فِي الْحَجِّ وَفِيهِ أَنَّ مَنْ أَصَابَهُ طِيبٌ نَاسِيًا أَوْ جَاهِلًا ثُمَّ عَلِمَ وَجَبَتْ عَلَيْهِ الْمُبَادَرَةُ إِلَى إِزَالَتِهِ وَفِيهِ أَنَّ مَنْ أَصَابَهُ فِي إِحْرَامِهِ طِيبٌ نَاسِيًا أَوْ جَاهِلًا لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ وَهَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَبِهِ قَالَ عَطَاءٌ وَالثَّوْرِيُّ وَإِسْحَاقُ وَدَاوُدُ.

     وَقَالَ  مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالْمُزَنِيُّ وَأَحْمَدُ فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُ عَلَيْهِ الْفِدْيَةُ لَكِنَّ الصَّحِيحَ مِنْ مَذْهَبِ مَالِكٍ أَنَّهُ إِنَّمَا تَجِبُ الْفِدْيَةُ عَلَى الْمُتَطَيِّبِ نَاسِيًا أَوْ جَاهِلًا إِذَا طَالَ لُبْثُهُ عَلَيْهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( وَاخْلَعْ عَنْكَ جُبَّتَكَ) دَلِيلٌ لِمَالِكٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ وَالْجُمْهُورِ أَنَّ الْمُحْرِمَ إِذَا صَارَ عَلَيْهِ مَخِيطٌ يَنْزِعُهُ وَلَا يَلْزَمُهُ شَقُّهُ.

     وَقَالَ  الشَّعْبِيُّ وَالنَّخَعِيُّ لَا يَجُوزُ نَزْعُهُ لِئَلَّا يَصِيرَ مُغَطِّيًا رَأْسَهُ بَلْ يَلْزَمُهُ شَقُّهُ وَهَذَا مَذْهَبٌ ضَعِيفٌ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( وَاصْنَعْ فِي عُمْرَتِكَ مَا أَنْتَ صَانِعٌ فِي حَجِّكَ) مَعْنَاهُ مِنَ اجْتِنَابِ الْمُحَرَّمَاتِ وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَأَرَادَ مَعَ ذَلِكَ الطَّوَافَ وَالسَّعْيَ وَالْحَلْقَ بِصِفَاتِهَا وَهَيْئَاتِهَا وَإِظْهَارَ التَّلْبِيَةَ وَغَيْرَ ذَلِكَ مِمَّا يَشْتَرِكُ فِيهِ الْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ وَيَخُصُّ مِنْ عُمُومِهِ مَا لَا يَدْخُلُ فِي الْعُمْرَةِ مِنْ أَفْعَالِ الْحَجِّ كَالْوُقُوفِ وَالرَّمْيِ وَالْمَبِيتِ بِمِنًى وَمُزْدَلِفَةَ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَهَذَا الْحَدِيثُ ظَاهِرٌ فِي أَنَّ هَذَا السَّائِلَ كَانَ عَالِمًا بِصِفَةِ الْحَجِّ دُونَ الْعُمْرَةِ فَلِهَذَا قَالَ لَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاصْنَعْ فِي عُمْرَتِكَ مَا أَنْتَ صَانِعٌ فِي حَجِّكَ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ لِلْقَاعِدَةِ الْمَشْهُورَةِ أَنَّ الْقَاضِي وَالْمُفْتِي إِذَا لَمْ يَعْلَمْ حُكْمَ الْمَسْأَلَةِ أَمْسَكَ عَنْ جَوَابِهَا حَتَّى يَعْلَمَهُ أَوْ يَظُنَّهُ بِشَرْطِهِ وَفِيهِ أَنَّ مِنَ الْأَحْكَامِ الَّتِي لَيْسَتْ فِي الْقُرْآنِ مَا هُوَ بِوَحْيٍ لَا يُتْلَى وَقَدْ يَسْتَدِلُّ بِهِ مَنْ يَقُولُ مِنْ أَهْلِ الْأُصُولِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَكُنْ لَهُ الِاجْتِهَادُ وَإِنَّمَا كَانَ يَحْكُمُ بِوَحْيٍ وَلَا دَلَالَةَ فِيهِ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَظْهَرْ لَهُ بِالِاجْتِهَادِ حُكْمُ ذَلِكَ أَوْ أَنَّ الْوَحْيَ بَدَرَهُ قَبْلَ تَمَامِ الِاجْتِهَادِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

     قَوْلُهُ  ( وَكَانَ يَعْلَى يَقُولُ وَدِدْتُ أَنِّي أَرَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ نَزَلَ عَلَيْهِ الْوَحْيُ فَقَالَ أَيَسُرُّكَ أَنْ تَنْظُرَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) هَكَذَا هُوَ فِي جَمِيعِ النُّسَخِ فَقَالَ أَيَسُرُّكَ وَلَمْ يُبَيِّنِ الْقَائِلُ مَنْ هُوَ وَلَا سَبَقَ لَهُ ذِكْرٌ وَهَذَا الْقَائِلُ هُوَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَمَا بَيَّنَهُ فِي الرِّوَايَةِ الَّتِي بَعْدَ هَذِهِ قوله ( وعليه مقطعات) هي بفتح الطاء المشددة وهي الثياب المخيطة وأوضحه بقوله يعنى جبة .

     قَوْلُهُ  ( مُتَضَمِّخٌ) هُوَ بِالضَّادِ وَالْخَاءِ الْمُعْجَمَتَيْنِ أَيْ مُتَلَوِّثٌ بِهِ مُكْثِرٌ مِنْهُ.

     قَوْلُهُ  ( مُحْمَرُّ الْوَجْهِ يَغِطُّ) هُوَ بِكَسْرِ الْغَيْنِ وسبب ذلك شدة الوحى وهو له قَالَ اللَّهُ تَعَالَى إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثقيلا .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( أَمَّا الطِّيبُ الَّذِي بِكَ فَاغْسِلْهُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ) إِنَّمَا أَمَرَ بِالثَّلَاثِ مُبَالَغَةً فِي إِزَالَةِ لَوْنِهِ وَرِيحِهِ وَالْوَاجِبُ الْإِزَالَةُ فَإِنْ حَصَلَتْ بِمَرَّةٍ كَفَتْ وَلَمْ تَجِبِ الزِّيَادَةُ وَلَعَلَّ الطِّيبَ الَّذِي كَانَ عَلَى هَذَا الرَّجُلِ كَثِيرٌ وَيُؤَيِّدُهُ .

     قَوْلُهُ  مُتَضَمِّخٌ قَالَ الْقَاضِي وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ قَالَ لَهُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ اغْسِلْهُ فَكَرَّرَ الْقَوْلَ ثَلَاثًا وَالصَّوَابُ مَا سَبَقَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

     قَوْلُهُ  ( عُقْبَةُ بْنُ مُكْرَمٍ) هُوَ بِفَتْحِ الرَّاءِ .

     قَوْلُهُ  فِي بَعْضِ هَذِهِ الرِّوَايَةِ ( صَفْوَانَبن يعلى بن أمية) وفي بعضها بن مُنْيَةَ وَهُمَا صَحِيحَانِ فَأُمَيَّةُ أَبُو يَعْلَى وَمُنْيَةُ أُمُّ يَعْلَى وَقِيلَ جَدَّتُهُ وَالْمَشْهُورُ الْأَوَّلُ فَنُسِبَ تَارَةً إِلَى أَبِيهِ وَتَارَةً إِلَى أُمِّهِ وَهِيَ مُنْيَةُ بِضَمِّ الْمِيمِ بَعْدَهَا نُونٌ سَاكِنَةٌ .

     قَوْلُهُ  ( حَدَّثَنَا رَبَاحُ) هُوَ بِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ .

     قَوْلُهُ  ( فَسَكَتَ عَنْهُ فَلَمْ يَرْجِعْ إِلَيْهِ) أَيْ لَمْ يَرُدَّ جَوَابَهُ .

     قَوْلُهُ  ( خَمَّرَهُ عُمَرُ بِالثَّوْبِ) أَيْ غَطَّاهُ.

.
وَأَمَّا إِدْخَالُ يَعْلَى رَأْسَهُ وَرُؤْيَتُهُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي تِلْكَ الْحَالِ وَإِذْنُ عُمَرَ لَهُ فِي ذَلِكَ فَكُلُّهُ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُمْ عَلِمُوا مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ لَا يَكْرَهُ الِاطِّلَاعَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ وَتِلْكَ الْحَالِ لِأَنَّ فِيهِ تَقْوِيَةُ الْإِيمَانِ بِمُشَاهَدَةِ حَالَةِ الْوَحْيِ الْكَرِيمِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ( بَابُ مَوَاقِيتِ الْحَجِّ) ذَكَرَ مُسْلِمٌ فِي الْبَابِ ثلاثة أحاديث حديث بن عَبَّاسٍ أَكْمَلُهَا لِأَنَّهُ صَرَّحَ فِيهِ بِنَقْلِهِ الْمَوَاقِيتَ الْأَرْبَعَةَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلِهَذَا ذَكَرَهُ مُسْلِمٌ فِي أَوَّلِ الْبَابِ ثم حديث بن عُمَرَ لِأَنَّهُ لَمْ يَحْفَظْ مِيقَاتَ أَهْلِ الْيَمَنِ بَلْ بَلَغَهُ بَلَاغًا ثُمَّ حَدِيثُ جَابِرٍ لِأَنَّ أَبَا الزُّبَيْرِ قَالَ أَحْسَبُ جَابِرًا رَفَعَهُ وَهَذَا لَا يَقْتَضِي ثُبُوتَهُ مَرْفُوعًا فَوَقَّتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ ذَا الْحُلَيْفَةِ بِضَمِّ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَبِالْفَاءِ وَهِيَ أَبْعَدُ الْمَوَاقِيتِ مِنْ مَكَّةَ بَيْنَهُمَا نَحْوُ عَشْرِ مَرَاحِلَ أَوْ تِسْعٍ وَهِيَ قَرِيبَةٌ مِنَ الْمَدِينَةِ عَلَى نَحْوِ سِتَّةِ أَمْيَالٍ مِنْهَا وَلِأَهْلِ الشَّامِ الْجُحْفَةَ وَهِيَ مِيقَاتٌ لَهُمْ وَلِأَهْلِ مِصْرَ وَهِيَ بِجِيمٍ مَضْمُومَةٍ ثُمَّ حَاءٍ مُهْمَلَةٍ سَاكِنَةٍ قِيلَ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّ السَّيْلَ أَجْحَفَهَا فِي وَقْتٍ وَيُقَالُ لَهَا مَهْيَعَةُ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَإِسْكَانِ الْهَاءِ وَفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ تَحْتَ كَمَا ذَكَرَهُ فِي بَعْضِ رِوَايَاتِ مُسْلِمٍ وَحَكَى الْقَاضِي عِيَاضٌ عَنْ بَعْضِهِمْ كَسْرَ الْهَاءِ وَالصَّحِيحُ الْمَشْهُورُ إِسْكَانُهَا وَهِيَ عَلَى نَحْوِ ثَلَاثِ مَرَاحِلَ مِنْ مَكَّةَ عَلَى طَرِيقِ الْمَدِينَةِ وَلِأَهْلِ الْيَمَنِ يَلَمْلَمَ بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ تَحْتَ وَاللَّامَيْنِ وَيُقَالُ أَيْضًا أَلَمْلَمَ بِهَمْزَةٍ بَدَلَ الْيَاءِ لُغَتَانِ مَشْهُورَتَانِ وَهُوَ جَبَلٌ مِنْ جِبَالِ تِهَامَةَ عَلَى مَرْحَلَتَيْنِ مِنْ مَكَّةَ وَلِأَهْلِ نَجْدٍ قَرْنَ الْمَنَازِلِ بِفَتْحِ الْقَافِ وَإِسْكَانِ الرَّاءِ بِلَا خِلَافٍ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَاللُّغَةِ وَالتَّارِيخِ وَالْأَسْمَاءِ وَغَيْرِهِمْ وَغَلِطَ الْجَوْهَرِيُّ فِي صِحَاحِهِ فِيهِ غَلَطَيْنِ فَاحِشَيْنِ فَقَالَ بِفَتْحِ الرَّاءِ وَزَعَمَ أَنَّ أُوَيْسًا الْقَرَنِيَّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مَنْسُوبٌ إِلَيْهِ وَالصَّوَابُ إِسْكَانُ الرَّاءِ وَأَنَّ أُوَيْسًا مَنْسُوبٌ إِلَى قَبِيلَةٍ مَعْرُوفَةٍ يُقَالُ لَهُمْ بَنُو قَرَنٍ وَهِيَ بَطْنٌ مِنْ مُرَادٍ الْقَبِيلَةُ الْمَعْرُوفَةُ يُنْسَبُ إِلَيْهَا الْمُرَادِيُّ وَقَرْنُ الْمَنَازِلِ عَلَى نَحْوِ مَرْحَلَتَيْنِ مِنْ مَكَّةَ قَالُوا وَهُوَ أَقْرَبُ الْمَوَاقِيتِ إِلَى مَكَّةَ.

.
وَأَمَّا ذَاتُ عِرْقٍ بِكَسْرِ الْعَيْنِ فَهِيَ مِيقَاتُ أَهْلِ الْعِرَاقِ وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ هَلْ صَارَتْ مِيقَاتَهُمْ بِتَوْقِيتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمْ بِاجْتِهَادِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَفِي الْمَسْأَلَةِ وَجْهَانِ لِأَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ أَصَحُّهُمَا وَهُوَ نَصُّ الشَّافِعِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي الْأُمِّ بِتَوْقِيتِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَذَلِكَ صَرِيحٌ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ وَدَلِيلُ مَنْ قَالَ بِتَوْقِيتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدِيثُ جَابِرٍ لَكِنَّهُ غَيْرُ ثَابِتٍ لِعَدَمِ جَزْمِهِ بِرَفْعِهِ.

.
وَأَمَّا قَوْلُ الدَّارَقُطْنِيِّ إِنَّهُ حَدِيثٌ ضَعِيفٌ لِأَنَّ الْعِرَاقَ لَمْ تَكُنْفُتِحَتْ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَلَامُهُ فِي تَضْعِيفِهِ صَحِيحٌ وَدَلِيلُهُ مَا ذَكَرْتُهُ.

.
وَأَمَّا اسْتِدْلَالُهُ لِضَعْفِهِ بِعَدَمِ فَتْحِ الْعِرَاقِ فَفَاسِدٌ لِأَنَّهُ لَا يَمْتَنِعُ أَنْ يُخْبِرَ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهِ لِعِلْمِهِ بِأَنَّهُ سَيُفْتَحُ وَيَكُونُ ذَلِكَ مِنْ مُعْجِزَاتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْإِخْبَارِ بِالْمَغِيبَاتِ الْمُسْتَقْبَلَاتِ كَمَا أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَّتَ لِأَهْلِ الشَّامِ الْجُحْفَةَ فِي جَمِيعِ الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الشَّامَ لَمْ يَكُنْ فُتِحَ حِينَئِذٍ وَقَدْ ثَبَتَتِ الْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ أَخْبَرَ بِفَتْحِ الشَّامِ وَالْيَمَنِ وَالْعِرَاقِ وَأَنَّهُمْ يَأْتُونَ إِلَيْهِمْ يَبُسُّونَ وَالْمَدِينَةُ خَيْرٌ لَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ وَأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرَ بِأَنَّهُ زُوِيَتْ لَهُ مَشَارِقُ الارض ومغاربها وقال سيبلغ ملك أمتي مازوى لِي مِنْهَا وَأَنَّهُمْ سَيَفْتَحُونَ مِصْرَ وَهِيَ أَرْضٌ يُذْكَرُ فِيهَا الْقِيرَاطُ وَأَنَّ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ يَنْزِلُ عَلَى الْمَنَارَةِ الْبَيْضَاءِ شَرْقِيِّ دِمَشْقَ وَكُلُّ هَذِهِ الْأَحَادِيثُ فِي الصَّحِيحِ وَفِي الصَّحِيحِ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ مَا يَطُولُ ذِكْرُهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ هَذِهِ الْمَوَاقِيتَ مَشْرُوعَةٌ ثُمَّ قَالَ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَالْجُمْهُورُ هِيَ وَاجِبَةٌ لَوْ تَرَكَهَا وَأَحْرَمَ بَعْدَ مُجَاوَزَتِهَا أَثِمَ وَلَزِمَهُ دَمٌ وَصَحَّ حَجُّهُ.

     وَقَالَ  عَطَاءٌ وَالنَّخَعِيُّ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ.

     وَقَالَ  سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ لَا يَصِحُّ حَجُّهُ وَفَائِدَةُ الْمَوَاقِيتِ أَنَّ مَنْ أَرَادَ حَجًّا أَوْ عُمْرَةً حَرُمَ عَلَيْهِ مُجَاوَزَتُهَا بِغَيْرِ إِحْرَامٍ وَلَزِمَهُ الدَّمُ كَمَا ذَكَرْنَا قَالَ أَصْحَابُنَا فَإِنْ عَادَ إِلَى الْمِيقَاتِ قَبْلَ التَّلَبُّسِ بِنُسُكٍ سَقَطَ عَنْهُ الدَّمُ وَفِي الْمُرَادِ بِهَذَا النُّسُكِ خِلَافٌ مُنْتَشِرٌ.

.
وَأَمَّا مَنْ لا يريد حجا ولاعمرة فَلَا يَلْزَمُهُ الْإِحْرَامُ لِدُخُولِ مَكَّةَ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ مَذْهَبِنَا سَوَاءٌ دَخَلَ لِحَاجَةٍ تَتَكَرَّرُ كَحَطَّابٍ وحشاش وصياد ونحوهم أولا تَتَكَرَّرُ كَتِجَارَةٍ وَزِيَارَةٍ وَنَحْوِهِمَا وَلِلشَّافِعِيِّ قَوْلٌ ضَعِيفٌ أَنَّهُ يَجِبُ الْإِحْرَامُ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ إِنْ دَخَلَ مَكَّةَ أَوْ غَيْرَهَا مِنَ الْحَرَمِ لِمَا يَتَكَرَّرُ بِشَرْطٍ سَبَقَ بَيَانُهُ فِي أَوَّلِ كِتَابِ الْحَجِّ.

.
وَأَمَّا مَنْ مَرَّ بِالْمِيقَاتِ غَيْرَ مُرِيدٍ دُخُولَ الْحَرَمِ بَلْ لِحَاجَةٍ دُونَهُ ثُمَّ بَدَا لَهُ أَنْ يُحْرِمَ فَيُحْرِمُ مِنْ مَوْضِعِهِ الَّذِي بَدَا لَهُ فِيهِ فَإِنْ جَاوَزَهُ بِلَا إِحْرَامٍ ثُمَّ أَحْرَمَ أَثِمَ وَلَزِمَهُ الدَّمُ وَإِنْ أَحْرَمَ مِنَ الْمَوْضِعِ الَّذِي بَدَا لَهُ أَجْزَأَهُ وَلَا دَمَ عَلَيْهِ وَلَا يُكَلَّفُ الرُّجُوعُ إِلَى الْمِيقَاتِ هَذَا مَذْهَبُنَا وَمَذْهَبُ الْجُمْهُورِ.

     وَقَالَ  أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ يَلْزَمُهُ الرُّجُوعُ إِلَى الْمِيقَاتِفِيهِ زَعْفَرَانٌ .

     قَوْلُهُ  ( لَهُ غَطِيطٌ) هُوَ كَصَوْتِ النَّائِمِ الَّذِي يُرَدِّدُهُ مَعَ نَفَسِهِ .

     قَوْلُهُ  ( كَغَطِيطِ الْبَكْرِ) هُوَ بِفَتْحِ الْبَاءِ وَهُوَ الْفَتِيُّ مِنَ الْإِبِلِ .

     قَوْلُهُ  ( فَلَمَّا سُرِّيَ عَنْهُ) هُوَ بِضَمِّ السِّينِ وَكَسْرِ الرَّاءِ الْمُشَدَّدَةِ أَيْ أُزِيلَ مَا بِهِ وَكُشِفَ عَنْهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلسَّائِلِ عَنِ الْعُمْرَةِ ( اغْسِلْ عَنْكَ أَثَرَ الصُّفْرَةِ) فِيهِ تَحْرِيمُ الطِّيبِ عَلَى الْمُحْرِمِ ابْتِدَاءً وَدَوَامًا لِأَنَّهُ إِذَا حَرُمَ دَوَامًا فَالِابْتِدَاءُ أَوْلَى بِالتَّحْرِيمِ وَفِيهِ إِنَّ الْعُمْرَةَ يَحْرُمُ فِيهَا مِنَ الطِّيبِ وَاللِّبَاسِ وَغَيْرِهِمَا مِنَ الْمُحَرَّمَاتِ السَّبْعَةِ السَّابِقَةِ مَا يَحْرُمُ فِي الْحَجِّ وَفِيهِ أَنَّ مَنْ أَصَابَهُ طِيبٌ نَاسِيًا أَوْ جَاهِلًا ثُمَّ عَلِمَ وَجَبَتْ عَلَيْهِ الْمُبَادَرَةُ إِلَى إِزَالَتِهِ وَفِيهِ أَنَّ مَنْ أَصَابَهُ فِي إِحْرَامِهِ طِيبٌ نَاسِيًا أَوْ جَاهِلًا لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ وَهَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَبِهِ قَالَ عَطَاءٌ وَالثَّوْرِيُّ وَإِسْحَاقُ وَدَاوُدُ.

     وَقَالَ  مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالْمُزَنِيُّ وَأَحْمَدُ فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُ عَلَيْهِ الْفِدْيَةُ لَكِنَّ الصَّحِيحَ مِنْ مَذْهَبِ مَالِكٍ أَنَّهُ إِنَّمَا تَجِبُ الْفِدْيَةُ عَلَى الْمُتَطَيِّبِ نَاسِيًا أَوْ جَاهِلًا إِذَا طَالَ لُبْثُهُ عَلَيْهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( وَاخْلَعْ عَنْكَ جُبَّتَكَ) دَلِيلٌ لِمَالِكٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ وَالْجُمْهُورِ أَنَّ الْمُحْرِمَ إِذَا صَارَ عَلَيْهِ مَخِيطٌ يَنْزِعُهُ وَلَا يَلْزَمُهُ شَقُّهُ.

     وَقَالَ  الشَّعْبِيُّ وَالنَّخَعِيُّ لَا يَجُوزُ نَزْعُهُ لِئَلَّا يَصِيرَ مُغَطِّيًا رَأْسَهُ بَلْ يَلْزَمُهُ شَقُّهُ وَهَذَا مَذْهَبٌ ضَعِيفٌ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( وَاصْنَعْ فِي عُمْرَتِكَ مَا أَنْتَ صَانِعٌ فِي حَجِّكَ) مَعْنَاهُ مِنَ اجْتِنَابِ الْمُحَرَّمَاتِ وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَأَرَادَ مَعَ ذَلِكَ الطَّوَافَ وَالسَّعْيَ وَالْحَلْقَ بِصِفَاتِهَا وَهَيْئَاتِهَا وَإِظْهَارَ التَّلْبِيَةَ وَغَيْرَ ذَلِكَ مِمَّا يَشْتَرِكُ فِيهِ الْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ وَيَخُصُّ مِنْ عُمُومِهِ مَا لَا يَدْخُلُ فِي الْعُمْرَةِ مِنْ أَفْعَالِ الْحَجِّ كَالْوُقُوفِ وَالرَّمْيِ وَالْمَبِيتِ بِمِنًى وَمُزْدَلِفَةَ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَهَذَا الْحَدِيثُ ظَاهِرٌ فِي أَنَّ هَذَا السَّائِلَ كَانَ عَالِمًا بِصِفَةِ الْحَجِّ دُونَ الْعُمْرَةِ فَلِهَذَا قَالَ لَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاصْنَعْ فِي عُمْرَتِكَ مَا أَنْتَ صَانِعٌ فِي حَجِّكَ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ لِلْقَاعِدَةِ الْمَشْهُورَةِ أَنَّ الْقَاضِي وَالْمُفْتِي إِذَا لَمْ يَعْلَمْ حُكْمَ الْمَسْأَلَةِ أَمْسَكَ عَنْ جَوَابِهَا حَتَّى يَعْلَمَهُ أَوْ يَظُنَّهُ بِشَرْطِهِ وَفِيهِ أَنَّ مِنَ الْأَحْكَامِ الَّتِي لَيْسَتْ فِي الْقُرْآنِ مَا هُوَ بِوَحْيٍ لَا يُتْلَى وَقَدْ يَسْتَدِلُّ بِهِ مَنْ يَقُولُ مِنْ أَهْلِ الْأُصُولِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَكُنْ لَهُ الِاجْتِهَادُ وَإِنَّمَا كَانَ يَحْكُمُ بِوَحْيٍ وَلَا دَلَالَةَ فِيهِ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَظْهَرْ لَهُ بِالِاجْتِهَادِ حُكْمُ ذَلِكَ أَوْ أَنَّ الْوَحْيَ بَدَرَهُ قَبْلَ تَمَامِ الِاجْتِهَادِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

     قَوْلُهُ  ( وَكَانَ يَعْلَى يَقُولُ وَدِدْتُ أَنِّي أَرَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ نَزَلَ عَلَيْهِ الْوَحْيُ فَقَالَ أَيَسُرُّكَ أَنْ تَنْظُرَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) هَكَذَا هُوَ فِي جَمِيعِ النُّسَخِ فَقَالَ أَيَسُرُّكَ وَلَمْ يُبَيِّنِ الْقَائِلُ مَنْ هُوَ وَلَا سَبَقَ لَهُ ذِكْرٌ وَهَذَا الْقَائِلُ هُوَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَمَا بَيَّنَهُ فِي الرِّوَايَةِ الَّتِي بَعْدَ هَذِهِ قوله ( وعليه مقطعات) هي بفتح الطاء المشددة وهي الثياب المخيطة وأوضحه بقوله يعنى جبة .

     قَوْلُهُ  ( مُتَضَمِّخٌ) هُوَ بِالضَّادِ وَالْخَاءِ الْمُعْجَمَتَيْنِ أَيْ مُتَلَوِّثٌ بِهِ مُكْثِرٌ مِنْهُ.

     قَوْلُهُ  ( مُحْمَرُّ الْوَجْهِ يَغِطُّ) هُوَ بِكَسْرِ الْغَيْنِ وسبب ذلك شدة الوحى وهو له قَالَ اللَّهُ تَعَالَى إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثقيلا .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( أَمَّا الطِّيبُ الَّذِي بِكَ فَاغْسِلْهُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ) إِنَّمَا أَمَرَ بِالثَّلَاثِ مُبَالَغَةً فِي إِزَالَةِ لَوْنِهِ وَرِيحِهِ وَالْوَاجِبُ الْإِزَالَةُ فَإِنْ حَصَلَتْ بِمَرَّةٍ كَفَتْ وَلَمْ تَجِبِ الزِّيَادَةُ وَلَعَلَّ الطِّيبَ الَّذِي كَانَ عَلَى هَذَا الرَّجُلِ كَثِيرٌ وَيُؤَيِّدُهُ .

     قَوْلُهُ  مُتَضَمِّخٌ قَالَ الْقَاضِي وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ قَالَ لَهُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ اغْسِلْهُ فَكَرَّرَ الْقَوْلَ ثَلَاثًا وَالصَّوَابُ مَا سَبَقَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

     قَوْلُهُ  ( عُقْبَةُ بْنُ مُكْرَمٍ) هُوَ بِفَتْحِ الرَّاءِ .

     قَوْلُهُ  فِي بَعْضِ هَذِهِ الرِّوَايَةِ ( صَفْوَانَبن يعلى بن أمية) وفي بعضها بن مُنْيَةَ وَهُمَا صَحِيحَانِ فَأُمَيَّةُ أَبُو يَعْلَى وَمُنْيَةُ أُمُّ يَعْلَى وَقِيلَ جَدَّتُهُ وَالْمَشْهُورُ الْأَوَّلُ فَنُسِبَ تَارَةً إِلَى أَبِيهِ وَتَارَةً إِلَى أُمِّهِ وَهِيَ مُنْيَةُ بِضَمِّ الْمِيمِ بَعْدَهَا نُونٌ سَاكِنَةٌ .

     قَوْلُهُ  ( حَدَّثَنَا رَبَاحُ) هُوَ بِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ .

     قَوْلُهُ  ( فَسَكَتَ عَنْهُ فَلَمْ يَرْجِعْ إِلَيْهِ) أَيْ لَمْ يَرُدَّ جَوَابَهُ .

     قَوْلُهُ  ( خَمَّرَهُ عُمَرُ بِالثَّوْبِ) أَيْ غَطَّاهُ.

.
وَأَمَّا إِدْخَالُ يَعْلَى رَأْسَهُ وَرُؤْيَتُهُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي تِلْكَ الْحَالِ وَإِذْنُ عُمَرَ لَهُ فِي ذَلِكَ فَكُلُّهُ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُمْ عَلِمُوا مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ لَا يَكْرَهُ الِاطِّلَاعَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ وَتِلْكَ الْحَالِ لِأَنَّ فِيهِ تَقْوِيَةُ الْإِيمَانِ بِمُشَاهَدَةِ حَالَةِ الْوَحْيِ الْكَرِيمِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ( بَابُ مَوَاقِيتِ الْحَجِّ) ذَكَرَ مُسْلِمٌ فِي الْبَابِ ثلاثة أحاديث حديث بن عَبَّاسٍ أَكْمَلُهَا لِأَنَّهُ صَرَّحَ فِيهِ بِنَقْلِهِ الْمَوَاقِيتَ الْأَرْبَعَةَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلِهَذَا ذَكَرَهُ مُسْلِمٌ فِي أَوَّلِ الْبَابِ ثم حديث بن عُمَرَ لِأَنَّهُ لَمْ يَحْفَظْ مِيقَاتَ أَهْلِ الْيَمَنِ بَلْ بَلَغَهُ بَلَاغًا ثُمَّ حَدِيثُ جَابِرٍ لِأَنَّ أَبَا الزُّبَيْرِ قَالَ أَحْسَبُ جَابِرًا رَفَعَهُ وَهَذَا لَا يَقْتَضِي ثُبُوتَهُ مَرْفُوعًا فَوَقَّتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ ذَا الْحُلَيْفَةِ بِضَمِّ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَبِالْفَاءِ وَهِيَ أَبْعَدُ الْمَوَاقِيتِ مِنْ مَكَّةَ بَيْنَهُمَا نَحْوُ عَشْرِ مَرَاحِلَ أَوْ تِسْعٍ وَهِيَ قَرِيبَةٌ مِنَ الْمَدِينَةِ عَلَى نَحْوِ سِتَّةِ أَمْيَالٍ مِنْهَا وَلِأَهْلِ الشَّامِ الْجُحْفَةَ وَهِيَ مِيقَاتٌ لَهُمْ وَلِأَهْلِ مِصْرَ وَهِيَ بِجِيمٍ مَضْمُومَةٍ ثُمَّ حَاءٍ مُهْمَلَةٍ سَاكِنَةٍ قِيلَ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّ السَّيْلَ أَجْحَفَهَا فِي وَقْتٍ وَيُقَالُ لَهَا مَهْيَعَةُ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَإِسْكَانِ الْهَاءِ وَفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ تَحْتَ كَمَا ذَكَرَهُ فِي بَعْضِ رِوَايَاتِ مُسْلِمٍ وَحَكَى الْقَاضِي عِيَاضٌ عَنْ بَعْضِهِمْ كَسْرَ الْهَاءِ وَالصَّحِيحُ الْمَشْهُورُ إِسْكَانُهَا وَهِيَ عَلَى نَحْوِ ثَلَاثِ مَرَاحِلَ مِنْ مَكَّةَ عَلَى طَرِيقِ الْمَدِينَةِ وَلِأَهْلِ الْيَمَنِ يَلَمْلَمَ بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ تَحْتَ وَاللَّامَيْنِ وَيُقَالُ أَيْضًا أَلَمْلَمَ بِهَمْزَةٍ بَدَلَ الْيَاءِ لُغَتَانِ مَشْهُورَتَانِ وَهُوَ جَبَلٌ مِنْ جِبَالِ تِهَامَةَ عَلَى مَرْحَلَتَيْنِ مِنْ مَكَّةَ وَلِأَهْلِ نَجْدٍ قَرْنَ الْمَنَازِلِ بِفَتْحِ الْقَافِ وَإِسْكَانِ الرَّاءِ بِلَا خِلَافٍ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَاللُّغَةِ وَالتَّارِيخِ وَالْأَسْمَاءِ وَغَيْرِهِمْ وَغَلِطَ الْجَوْهَرِيُّ فِي صِحَاحِهِ فِيهِ غَلَطَيْنِ فَاحِشَيْنِ فَقَالَ بِفَتْحِ الرَّاءِ وَزَعَمَ أَنَّ أُوَيْسًا الْقَرَنِيَّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مَنْسُوبٌ إِلَيْهِ وَالصَّوَابُ إِسْكَانُ الرَّاءِ وَأَنَّ أُوَيْسًا مَنْسُوبٌ إِلَى قَبِيلَةٍ مَعْرُوفَةٍ يُقَالُ لَهُمْ بَنُو قَرَنٍ وَهِيَ بَطْنٌ مِنْ مُرَادٍ الْقَبِيلَةُ الْمَعْرُوفَةُ يُنْسَبُ إِلَيْهَا الْمُرَادِيُّ وَقَرْنُ الْمَنَازِلِ عَلَى نَحْوِ مَرْحَلَتَيْنِ مِنْ مَكَّةَ قَالُوا وَهُوَ أَقْرَبُ الْمَوَاقِيتِ إِلَى مَكَّةَ.

.
وَأَمَّا ذَاتُ عِرْقٍ بِكَسْرِ الْعَيْنِ فَهِيَ مِيقَاتُ أَهْلِ الْعِرَاقِ وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ هَلْ صَارَتْ مِيقَاتَهُمْ بِتَوْقِيتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمْ بِاجْتِهَادِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَفِي الْمَسْأَلَةِ وَجْهَانِ لِأَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ أَصَحُّهُمَا وَهُوَ نَصُّ الشَّافِعِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي الْأُمِّ بِتَوْقِيتِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَذَلِكَ صَرِيحٌ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ وَدَلِيلُ مَنْ قَالَ بِتَوْقِيتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدِيثُ جَابِرٍ لَكِنَّهُ غَيْرُ ثَابِتٍ لِعَدَمِ جَزْمِهِ بِرَفْعِهِ.

.
وَأَمَّا قَوْلُ الدَّارَقُطْنِيِّ إِنَّهُ حَدِيثٌ ضَعِيفٌ لِأَنَّ الْعِرَاقَ لَمْ تَكُنْفُتِحَتْ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَلَامُهُ فِي تَضْعِيفِهِ صَحِيحٌ وَدَلِيلُهُ مَا ذَكَرْتُهُ.

.
وَأَمَّا اسْتِدْلَالُهُ لِضَعْفِهِ بِعَدَمِ فَتْحِ الْعِرَاقِ فَفَاسِدٌ لِأَنَّهُ لَا يَمْتَنِعُ أَنْ يُخْبِرَ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهِ لِعِلْمِهِ بِأَنَّهُ سَيُفْتَحُ وَيَكُونُ ذَلِكَ مِنْ مُعْجِزَاتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْإِخْبَارِ بِالْمَغِيبَاتِ الْمُسْتَقْبَلَاتِ كَمَا أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَّتَ لِأَهْلِ الشَّامِ الْجُحْفَةَ فِي جَمِيعِ الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الشَّامَ لَمْ يَكُنْ فُتِحَ حِينَئِذٍ وَقَدْ ثَبَتَتِ الْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ أَخْبَرَ بِفَتْحِ الشَّامِ وَالْيَمَنِ وَالْعِرَاقِ وَأَنَّهُمْ يَأْتُونَ إِلَيْهِمْ يَبُسُّونَ وَالْمَدِينَةُ خَيْرٌ لَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ وَأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرَ بِأَنَّهُ زُوِيَتْ لَهُ مَشَارِقُ الارض ومغاربها وقال سيبلغ ملك أمتي مازوى لِي مِنْهَا وَأَنَّهُمْ سَيَفْتَحُونَ مِصْرَ وَهِيَ أَرْضٌ يُذْكَرُ فِيهَا الْقِيرَاطُ وَأَنَّ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ يَنْزِلُ عَلَى الْمَنَارَةِ الْبَيْضَاءِ شَرْقِيِّ دِمَشْقَ وَكُلُّ هَذِهِ الْأَحَادِيثُ فِي الصَّحِيحِ وَفِي الصَّحِيحِ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ مَا يَطُولُ ذِكْرُهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ هَذِهِ الْمَوَاقِيتَ مَشْرُوعَةٌ ثُمَّ قَالَ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَالْجُمْهُورُ هِيَ وَاجِبَةٌ لَوْ تَرَكَهَا وَأَحْرَمَ بَعْدَ مُجَاوَزَتِهَا أَثِمَ وَلَزِمَهُ دَمٌ وَصَحَّ حَجُّهُ.

     وَقَالَ  عَطَاءٌ وَالنَّخَعِيُّ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ.

     وَقَالَ  سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ لَا يَصِحُّ حَجُّهُ وَفَائِدَةُ الْمَوَاقِيتِ أَنَّ مَنْ أَرَادَ حَجًّا أَوْ عُمْرَةً حَرُمَ عَلَيْهِ مُجَاوَزَتُهَا بِغَيْرِ إِحْرَامٍ وَلَزِمَهُ الدَّمُ كَمَا ذَكَرْنَا قَالَ أَصْحَابُنَا فَإِنْ عَادَ إِلَى الْمِيقَاتِ قَبْلَ التَّلَبُّسِ بِنُسُكٍ سَقَطَ عَنْهُ الدَّمُ وَفِي الْمُرَادِ بِهَذَا النُّسُكِ خِلَافٌ مُنْتَشِرٌ.

.
وَأَمَّا مَنْ لا يريد حجا ولاعمرة فَلَا يَلْزَمُهُ الْإِحْرَامُ لِدُخُولِ مَكَّةَ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ مَذْهَبِنَا سَوَاءٌ دَخَلَ لِحَاجَةٍ تَتَكَرَّرُ كَحَطَّابٍ وحشاش وصياد ونحوهم أولا تَتَكَرَّرُ كَتِجَارَةٍ وَزِيَارَةٍ وَنَحْوِهِمَا وَلِلشَّافِعِيِّ قَوْلٌ ضَعِيفٌ أَنَّهُ يَجِبُ الْإِحْرَامُ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ إِنْ دَخَلَ مَكَّةَ أَوْ غَيْرَهَا مِنَ الْحَرَمِ لِمَا يَتَكَرَّرُ بِشَرْطٍ سَبَقَ بَيَانُهُ فِي أَوَّلِ كِتَابِ الْحَجِّ.

.
وَأَمَّا مَنْ مَرَّ بِالْمِيقَاتِ غَيْرَ مُرِيدٍ دُخُولَ الْحَرَمِ بَلْ لِحَاجَةٍ دُونَهُ ثُمَّ بَدَا لَهُ أَنْ يُحْرِمَ فَيُحْرِمُ مِنْ مَوْضِعِهِ الَّذِي بَدَا لَهُ فِيهِ فَإِنْ جَاوَزَهُ بِلَا إِحْرَامٍ ثُمَّ أَحْرَمَ أَثِمَ وَلَزِمَهُ الدَّمُ وَإِنْ أَحْرَمَ مِنَ الْمَوْضِعِ الَّذِي بَدَا لَهُ أَجْزَأَهُ وَلَا دَمَ عَلَيْهِ وَلَا يُكَلَّفُ الرُّجُوعُ إِلَى الْمِيقَاتِ هَذَا مَذْهَبُنَا وَمَذْهَبُ الْجُمْهُورِ.

     وَقَالَ  أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ يَلْزَمُهُ الرُّجُوعُ إِلَى الْمِيقَاتِرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا قَدِمَ الْمَدِينَةَ .

     قَوْلُهُ  الَّتِي تُوَفِّيَ فِيهَا ذَكَرَ بن سَعْدٍ وَغَيْرُهُ أَنَّ أَبَا أَيُّوبَ أَوْصَى أَنْ يُدْفَنَ تَحْتَ أَقْدَامِ الْخَيْلِ وَيُغَيَّبَ مَوْضِعُ قَبْرِهِ فَدُفِنَ إِلَى جَانِبِ جِدَارِ الْقُسْطَنْطِينِيَّةِ .

     قَوْلُهُ  وَيَزِيدُ بن مُعَاوِيَة بن أَبِي سُفْيَانَ .

     قَوْلُهُ  عَلَيْهِمْ أَيْ كَانَ أَمِيرًا وَذَلِكَ فِي سَنَةِ خَمْسِينَ وَقِيلَ بَعْدَهَا فِي خِلَافَةِ مُعَاوِيَةَ وَوَصَلُوا فِي تِلْكَ الْغَزْوَةِ حَتَّى حَاصَرُوا الْقُسْطَنْطِينِيَّةَ .

     قَوْلُهُ  فَأَنْكَرَهَا عَلَيَّ قَدْ بَيَّنَ أَبُو أَيُّوبَ وَجْهَ الْإِنْكَارِ وَهُوَ مَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ مِنْ نَفْيِ الْقَوْلِ الْمَذْكُورِ وَأمَا الْبَاعِثُ لَهُ عَلَى ذَلِكَ فَقِيلَ إِنَّهُ اسْتَشْكَلَ قَوْلَهُ إِنَّ اللَّهَ قَدْ حَرَّمَ النَّارَ عَلَى مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ لِأَنَّ ظَاهِرَهُ لَا يَدْخُلُ أَحَدٌ مِنْ عُصَاةِ الْمُوَحِّدِينَ النَّارَ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِآيَاتٍ كَثِيرَةٍ وَأَحَادِيثَ شَهِيرَةٍ مِنْهَا أَحَادِيث الشَّفَاعَة لَكِن الْجمع مُمكن بِأَنْ يُحْمَلَ التَّحْرِيمُ عَلَى الْخُلُودِ وَقَدْ وَافَقَ مَحْمُودًا عَلَى رِوَايَةِ هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ عِتْبَانَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ كَمَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِهِ وَهُوَ مُتَابِعٌ قَوِيٌّ جِدًّا وَكَأَنَّ الْحَامِلَ لِمَحْمُودٍ عَلَى الرُّجُوعِ إِلَى عِتْبَانَ لِيَسْمَعَ الْحَدِيثَ مِنْهُ ثَانِي مَرَّةٍ أَنَّ أَبَا أَيُّوبَ لَمَّا أَنْكَرَ عَلَيْهِ اتَّهَمَ نَفْسَهُ بِأَنْ يَكُونَ مَا ضَبَطَ الْقَدْرَ الَّذِي أَنْكَرَهُ عَلَيْهِ وَلِهَذَا قَنِعَ بِسَمَاعِهِ عَنْ عِتْبَانَ ثَانِي مَرَّةٍ .

     قَوْلُهُ  حَتَّى أَقْفِلَ بِقَافٍ وَفَاءٍ أَيْ أَرْجِعَ وَزْنًا وَمَعْنًى وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ فَوَائِدُ كَثِيرَةٌ تَقَدَّمَتْ مَبْسُوطَةً فِي بَابِ الْمَسَاجِدِ فِي الْبُيُوتِ وَفِيهِ مَا تَرْجَمَ لَهُ هُنَا وَهُوَ صَلَاةُ النَّوَافِلِ جَمَاعَةً وروى بن وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِأَنْ يَؤُمَّ النَّفَرَ فِي النَّافِلَةِ فَأَمَّا أَنْ يَكُونَ مشتهرا وَيجمع لَهُ النَّاس فَلَا وَهَذَا بناه عَلَى قَاعِدَتِهِ فِي سَدِّ الذَّرَائِعِ لِمَا يَخْشَى مِنْ أَنْ يَظُنَّ مَنْ لَا عِلْمَ لَهُ أَن ذَلِك فريضه وَاسْتثنى بن حَبِيبٍ مِنْ أَصْحَابِهِ قِيَامَ رَمَضَانَ لِاشْتِهَارِ ذَلِكَ مِنْ فِعْلِ الصَّحَابَةِ وَمَنْ بَعْدَهُمْ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَفِي الْحَدِيثِ مِنَ الْفَوَائِدِ مَا تَقَدَّمَ بَعْضُهُ مَبْسُوطًا وَمُلَاطَفَةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْأَطْفَالِ وَذِكْرُ الْمَرْءِ مَا فِيهِ مِنَ الْعِلَّةِ مُعْتَذِرًا وَطَلَبُ عَيْنِ الْقِبْلَةِ وَأَنَّ الْمَكَانَ الْمُتَّخَذَ مَسْجِدًا مِنَ الْبَيْتِ لَا يَخْرُجُ عَنْ مِلْكِ صَاحِبِهِ وَأَنَّ النَّهْيَ عَنِ اسْتِيطَانِ الرَّجُلِ مَكَانًا إِنَّمَا هُوَ فِي الْمَسْجِدِ الْعَامِّ وَفِيهِ عَيْبُ مَنْ تَخَلَّفَ عَنْ حُضُورِ مَجْلِسِ الْكَبِيرِ وَأَنَّ مَنْ عِيبَ بِمَا يَظْهَرُ مِنْهُ لَا يُعَدُّ غِيبَةً وَأَنَّ ذِكْرَ الْإِنْسَانِ بِمَا فِيهِ عَلَى جِهَةِ التَّعْرِيفِ جَائِزٌ وَأَنَّ التَّلَفُّظَ بِالشَّهَادَتَيْنِ كَافٍ فِي إِجْرَاءِ أَحْكَامِ الْمُسْلِمِينَ وَفِيهِ اسْتِثْبَاتُ طَالِبِ الْحَدِيثِ شَيْخَهُ عَمَّا حَدَّثَهُ بِهِ إِذَا خَشِيَ مِنْ نِسْيَانِهِ وَإِعَادَةُ الشَّيْخِ الْحَدِيثَ وَالرِّحْلَةُ فِي طَلَبِ الْعِلْمِ وَغَيْرُ ذَلِكَ وَقَدْ تَرْجَمَ المُصَنّف بِأَكْثَرَ من ذَلِك وَالله الْمُسْتَعَان ( قَولُهُ بَابُ التَّطَوُّعِ فِي الْبَيْتِ) أَوْرَدَ فِيهِ حَدِيث بن عُمَرَ اجْعَلُوا فِي بُيُوتِكُمْ مِنْ صَلَاتِكُمْ وَقَدْ تَقَدَّمَ بِلَفْظِهِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ نَافِعٍ فِي بَابِ كَرَاهِيَةِ الصَّلَاةِ فِي الْمَقَابِرِ مِنْ أَبْوَابِ الْمَسَاجِدِ مَعَ الْكَلَامِ عَلَيْهِ

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [1185] حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا أَبِي عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِي مَحْمُودُ بْنُ الرَّبِيعِ الأَنْصَارِيُّ "أَنَّهُ عَقَلَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَعَقَلَ مَجَّةً مَجَّهَا فِي وَجْهِهِ مِنْ بِئْرٍ كَانَتْ فِي دَارِهِمْ".
وبه قال: ( حدّثني) بالإفراد، ولأبى ذر، والأصيلي: حدّثنا ( إسحاق) هو: ابن راهويه.
أو: ابن منصور.
والأول روى الحديث في مسنده، بهذا الإسناد إلا أن في لفظه اختلافًا يسيرًا، ويستأنس للقول بأنه الأول بقوله: ( أخبرنا يعقوب بن إبراهيم) بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف الزهري، لأن ابن راهويه لا يعبر عن شيوخه إلا بذلك.
لكن في رواية كريمة، وأبي الوقت، وغيرهما حدّثنا يعقوب، قال: ( حدّثنا أبي) إبراهيم بن سعد، بسكون العين ( عن ابن شهاب) الزهري ( قال: أخبرني) بالإفراد ( محمود بن الربيع) بفتح الراء وكسر الموحدة، ابن سراقة ( الأنصاري) .
( أنه عقل) بفتحات.
أي عرف ( رسول الله، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وعقل مجة مجها) أي: رمى بها حال كونها ( في وجهه) يداعبه بها، استئلافًا لأبويه، وإكرامًا للربيع، ( من بئر كانت) أي: البئر، وللحموي والمستملي: كان، أي الدلو ( في دارهم) .
1186 - فَزَعَمَ مَحْمُودٌ أَنَّهُ سَمِعَ عِتْبَانَ بْنَ مَالِكٍ الأَنْصَارِيَّ -رضي الله عنه-وَكَانَ مِمَّنْ شَهِدَ بَدْرًا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-يَقُولُ "كُنْتُ أُصَلِّي لِقَوْمِي بِبَنِي سَالِمٍ، وَكَانَ يَحُولُ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ وَادٍ إِذَا جَاءَتِ الأَمْطَارُ، فَيَشُقُّ عَلَىَّ اجْتِيَازُهُ قِبَلَ مَسْجِدِهِمْ.
فَجِئْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقُلْتُ لَهُ: إِنِّي أَنْكَرْتُ بَصَرِي، وَإِنَّ الْوَادِيَ الَّذِي بَيْنِي وَبَيْنَ قَوْمِي يَسِيلُ إِذَا جَاءَتِ الأَمْطَارُ، فَيَشُقُّ عَلَىَّ اجْتِيَازُهُ، فَوَدِدْتُ أَنَّكَ تَأْتِي فَتُصَلِّي مِنْ بَيْتِي مَكَانًا أَتَّخِذُهُ مُصَلًّى.
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: سَأَفْعَلُ.
فَغَدَا عَلَىَّ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَبُو بَكْرٍ -رضي الله عنه- بَعْدَ مَا اشْتَدَّ النَّهَارُ، فَاسْتَأْذَنَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَذِنْتُ لَهُ، فَلَمْ يَجْلِسْ حَتَّى قَالَ: أَيْنَ تُحِبُّ أَنْ أُصَلِّيَ مِنْ بَيْتِكَ؟ فَأَشَرْتُ لَهُ إِلَى الْمَكَانِ الَّذِي أُحِبُّ أَنْ أُصَلِّيَ فِيهِ، فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَكَبَّرَ، وَصَفَفْنَا وَرَاءَهُ، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ سَلَّمَ، وَسَلَّمْنَا حِينَ سَلَّمَ.
فَحَبَسْتُهُ عَلَى خَزِيرٍ يُصْنَعُ لَهُ، فَسَمِعَ أَهْلُ الدَّارِ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي بَيْتِي فَثَابَ رِجَالٌ مِنْهُمْ حَتَّى كَثُرَ الرِّجَالُ فِي الْبَيْتِ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنْهُمْ: مَا فَعَلَ مَالِكٌ؟ لاَ أَرَاهُ.
فَقَالَ رَجُلٌ مِنْهُمْ: ذَاكَ مُنَافِقٌ لاَ يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ.
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: لاَ تَقُلْ ذَاكَ، أَلاَ تَرَاهُ قَالَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ يَبْتَغِي بِذَلِكَ وَجْهَ اللَّهِ؟ فَقَالَ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، أَمَّا نَحْنُ فَوَاللَّهِ لاَ نَرَى وُدَّهُ وَلاَ حَدِيثَهُ إِلاَّ إِلَى الْمُنَافِقِينَ.
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ حَرَّمَ عَلَى النَّارِ مَنْ قَالَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ يَبْتَغِي بِذَلِكَ وَجْهَ اللَّهِ".
قَالَ مَحْمُودٌ: فَحَدَّثْتُهَا قَوْمًا فِيهِمْ أَبُو أَيُّوبَ صَاحِبُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي غَزْوَتِهِ الَّتِي تُوُفِّيَ فِيهَا وَيَزِيدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ عَلَيْهِمْ بِأَرْضِ الرُّومِ- فَأَنْكَرَهَا عَلَىَّ أَبُو أَيُّوبَ قَالَ: وَاللَّهِ مَا أَظُنُّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ مَا قُلْتَ قَطُّ.
فَكَبُرَ ذَلِكَ عَلَىَّ، فَجَعَلْتُ لِلَّهِ عَلَىَّ إِنْ سَلَّمَنِي حَتَّى أَقْفُلَ مِنْ غَزْوَتِي أَنْ أَسْأَلَ عَنْهَا عِتْبَانَ بْنَ مَالِكٍ -رضي الله عنه- إِنْ وَجَدْتُهُ حَيًّا فِي مَسْجِدِ قَوْمِهِ، فَقَفَلْتُ فَأَهْلَلْتُ بِحَجَّةٍ -أَوْ بِعُمْرَةٍ- ثُمَّ سِرْتُ حَتَّى قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ، فَأَتَيْتُ بَنِي سَالِمٍ، فَإِذَا عِتْبَانُ شَيْخٌ أَعْمَى يُصَلِّي لِقَوْمِهِ، فَلَمَّا سَلَّمَ مِنَ الصَّلاَةِ سَلَّمْتُ عَلَيْهِ وَأَخْبَرْتُهُ مَنْ أَنَا، ثُمَّ سَأَلْتُهُ عَنْ ذَلِكَ الْحَدِيثِ، فَحَدَّثَنِيهِ كَمَا حَدَّثَنِيهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ".
( فزعم) أي أخبر ( محمود) المذكور فهو من إطلاق الزعم على القول ( أنه سمع عتبان بن مالك) بكسر العين ( الأنصاري، رضي الله عنه، وكان ممن شهد بدرًا) أي: وقعة بدر ( مع رسول الله) ولأبي ذر: والأصيلي: مع النبي ( -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، يقول) : ( كنت) وللكشميهني: يقول إني كنت ( أصلي لقومي ببني سالم) بموحدتين، وللهروي: بني سالم بإسقاط الأولى منهما ( وكان يحول بيني وبينهم وادٍ إذا جاءت الأمطار فيشق) بمثناة تحتية بعد الفاء، وللكشميهني: فشق، بصيغة الماضي، وفي رواية يشق بإثبات المثناة، وحذف الفاء ( عليّ اجتيازه) بجيم ساكنة ومثناة وزاي ( قبل) بكسر القاف وفتح الموحدة أي جهة ( مسجدهم: فجئت رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فقلت له) : ( إني) وللأصيلي: فقلت إني ( أنكرت بصري) يريد به العمى، أو ضعف الإبصار ( وإن الوادي الذي بيني وبين قومي يسيل إذا جاءت الأمطار، فيشق عليّ اجتيازه، فوددت أنك تأتي فتصلي من بيتي مكانًا) بالنصب على الظرفية، وإن كان محدودًا لتوغله في الإبهام، فأشبه خلف ونحوها، أو هو على نزع الخافض ( أتخذه مصلّى) برفع المعجمة، والجملة في محل نصب صفة لمكانًا أو مستأنفة لا محل لها، أو: هي مجزومة جوابًا للأمر، أي: إن تصل فيه أتخذه موضعًا للصلاة.
( فقال رسول الله) وللهروي، والأصيلي: فقال النبي ( -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) : ( سأفعل) زاد في الرواية الآتية، إن شاء الله تعالى.
قال عتبان: ( فغدا عليّ رسول الله، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وأبو بكر رضي الله عنه، بعدما اشتد النهار) في الرواية السابقة: حين ارتفع النهار ( فاستأذن رسول الله، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فأذنت له) فدخل ( فلم يجلس حتى قال) لي: ( أين تحب أن أصلي) بضم الهمزة وللحموي، والمستملي، أن نصلّى بنون الجمع ( من بيتك) .
قال عتبان: ( فأشرت له) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( إلى المكان الذي أحب أن أصلي فيه) بهمزة مضمومة، ولأبوي ذر، والوقت، والأصيلي: يصلّي، بمثناة تحتية مضمومة مع كسر اللام، ( فقام رسول الله، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فكبر) وفي نسخة: مكبرًا للصلاة ( وصففنا) بفاءين ( وراءه، فصلّى) بنا ( ركعتين، ثم سلم، وسلمنا) بالواو، ولأبي الوقت: فسلمنا ( حين سلم) عليه الصلاة والسلام ( فحبسته على خزير) بفتح الخاء وكسر الزاي المعجمتين: طعام ( يصنع) من لحم ودقيق ( له) عليه الصلاة والسلام ( فسمع أهل الدار) أي: أهل المحلة ( رسول الله) بالرفع، ولأبوي ذر، والوقت والأصيلي: أن رسول الله ( -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في بيتي، فثاب) بالمثلثة بعد الفاء وموحدة بعد الألف، أي: جاء ( رجال منهم حتى كثر الرجال في البيت، فقال رجل منهم: ما فعل مالك) هو: ابن الدخشن ( لا أراه) بفتح الهمزة أي: لا أبصره ( فقال رجل) آخر ( منهم: ذاك) أي: مالك ( منافق لا يحب الله ورسوله، فقال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) : ( لا تقل ذلك، ألا تراه) بفتح التاء ( قال: لا إله إلا الله، يبتغي بذلك وجه الله) أي ذاته؟ ( فقال) بالإفراد، وللكشميهني فقالوا: ( الله ورسوله أعلم.
أما)
بفتح الهمزة وتشديد الميم، وللحموي، والمستملي: إنما ( نحن، فوالله لا) وفي نسخة: ما ( نرى وده، ولا حديثه إلا إلى المنافق، قال) بغير: فاء، وللهروي والأصيلي: فقال ( رسول الله، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) : ( فإن الله قد حرم على النار من قال: لا إله إلا الله) مع قول: محمد رسول الله، ( يبتغي بذلك وجه الله) أي: ذاته.
وهذه شهادة منه عليه الصلاة والسلام له بإيمانه، وبأنه تشهد مخلصًا نافيًا بها تهمة النفاق عنه.
( قال محمود) بالإسناد السابق، زاد الهروي، والأصيلي: ابن الربيع ( فحدّثتها قومًا) أي: رجالاً ( فيهم أبو أيوب) خالد بن زيد الأنصاري ( صاحب رسول الله، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في غزوته) سنة خمسين أو بعدها في خلافة معاوية، ودخلوا فيها إلى القسطنطينية وحاصرها، ( التي توفي فيها) وأوصي أن يدفن تحت أقدام الخيل، ويغيب قبره، فدفن إلى جدار القسطنطينية.
كما ذكره ابن سعد، وغيره ( ويزيد بن معاوية) بن أبي سفيان أمير ( عليهم) من قبل أبيه معاوية ( بأرض الروم) وهي ما وراء البحر، وبها مدينة القسطنطينية ( فأنكرها) أي الحكاية، أو القصة ( علي، أبو أيوب) الأنصاري ( قال) وللهروي، والأصيلي: وقال: ( والله ما أظن رسول الله، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، قال ما قلت قط) .
قيل: والباعث له على الإنكار استشكاله قوله: إن الله قد حرم على النار من قال لا إله إلا الله، لأن ظاهره لا يدخل أحد من عصاة الموحدين النار، وهو مخالف لآيات كثيرة وأحاديث شهيرة.
وأجيب: بحمل التحريم على الخلود.
قال محمود ( فكبر) بضم الموحدة، أي عظم ( ذلك) الإنكار من أبي أيوب ( عليّ، فجعلت لله عليّ إن سلمني) ولأبوي: ذر، والوقت: فجعلت لله إن سلمني ( حتى أقفل) بضم الفاء، أي: أرجع، وسقط لفظ: حتى لأبي ذر ( من غزوتي) وللمستملي: عن غزوتي ( أن أسال عنها عتبان بن مالك، رضي الله عنه، إن وجدته حيًّا في مسجد قومه) .
قال في الفتح: وكأن الحامل لمحمود على الرجوع إلى عتبان ليسمع الحديث منه ثانيًا، أن أبا أيوب لما أنكر عليه، اتهم نفسه بأن يكون ما ضبط القدر الذي أنكره عليه.
( فقفلت) أي: فرجعت ( فأهللت) أي: أحرمت ( بحجة -أو بعمرة) بالموحدة، وفي نسخة بإسقاطها ( ثم سرت حتى قدمت المدينة، فأتيت بني سالم، فإذا عتبان) بن مالك ( شيخ أعمى، يصلّي لقومه، فلما سلم من الصلاة) وللأصيلي: من صلاته ( سلمت عليه، وأخبرته من أنا، ثم سألته عن ذلك الحديث) الذي حدثت به، وأنكره أبو أيوب عليّ ( فحدثنيه) عتبان ( كما حدثنيه أول مرة) .
ومطابقة الحديث للترجمة من قوله: فقام رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وصففنا وراءه، ثم سلم وسلمنا حين سلم.
37 - باب التَّطَوُّعِ فِي الْبَيْتِ ( باب) صلاة ( التطوع في البيت) .

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( قَولُهُ بَابُ صَلَاةِ النَّوَافِلِ جَمَاعَةً)
قِيلَ مُرَادُهُ النَّفْلُ الْمُطْلَقُ وَيَحْتَمِلُ مَا هُوَ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ .

     قَوْلُهُ  ذَكَرَهُ أَنَسٌ وَعَائِشَةُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِمَّا حَدِيثُ أَنَسٍ فَأَشَارَ بِهِ إِلَى حَدِيثِهِ فِي صَلَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَيْتِ أُمِّ سُلَيْمٍ وَفِيهِ فَصَفَفْتُ أَنَا وَالْيَتِيمُ وَرَاءَهُ الْحَدِيثَ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الصُّفُوفِ وَغَيْرِهَا.

.
وَأَمَّا حَدِيثُ عَائِشَةَ فَأَشَارَ بِهِ إِلَى حَدِيثِهَا فِي صَلَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهِمْ فِي الْمَسْجِدِ بِاللَّيْلِ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي بَابِ التَّحْرِيضِ عَلَى قِيَامِ اللَّيْلِ

[ قــ :1145 ... غــ :1185] .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَنَا إِسْحَاق قيل هُوَ بن رَاهْوَيْهِ فَإِنَّ هَذَا الْحَدِيثَ وَقَعَ فِي مُسْنَدِهِ بِهَذَا الْإِسْنَادِ لَكِنْ فِي لَفْظِهِ مُخَالَفَةٌ يَسِيرَةٌ فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ إِسْحَاقُ شَيْخُ الْبُخَارِيِّ فِيهِ هُوَ بن مَنْصُورٍ .

     قَوْلُهُ  أَخْبَرَنَا يَعْقُوبُ التَّعْبِيرُ بِالْإِخْبَارِ قَرِينَةٌ فِي كَون إِسْحَاق هُوَ بن رَاهْوَيْهِ لِأَنَّهُ لَا يُعَبِّرُ عَنْ شُيُوخِهِ إِلَّا بِذَلِكَ لَكِنْ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ كَرِيمَةَ وَأَبِي الْوَقْتِ وَغَيْرِهِمَا بِلَفْظِ التَّحْدِيثِ وَيَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْمَذْكُور هُوَ بْنُ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ الزُّهْرِيُّ .

     قَوْلُهُ  وَعَقَلَ مَجَّةً تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي كِتَابِ الْعِلْمِ .

     قَوْلُهُ  كَانَ فِي دَارِهِمْ أَيِ الدَّلْوُ وَفِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ كَانَتْ أَيِ الْبِئْرُ .

     قَوْلُهُ  فَزَعَمَ مَحْمُودٌ أَيْ أَخْبَرَ وَهُوَ مِنْ إِطْلَاقِ الزَّعْمِ عَلَى الْقَوْلِ .

     قَوْلُهُ  فَيَشُقُّ عَلَيَّ فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ فَشَقَّ بِصِيغَةِ الْمَاضِي .

     قَوْلُهُ  أَيْنَ تُحِبُّ أَنْ نُصَلِّيَ بِصِيغَةِ الْجَمْعِ كَذَا لِلْأَكْثَرِ وَفِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ بِالْإِفْرَادِ قَوْله مَا فعل مَالك هُوَ بن الدَّخْشَنِ .

     قَوْلُهُ  لَا أَرَاهُ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ مِنَ الرُّؤْيَةِ .

     قَوْلُهُ  قَالَ مَحْمُودُ بْنُ الرَّبِيعِ أَيْ بِالْإِسْنَادِ الْمَاضِي فَحَدَّثْتُهَا قَوْمًا أَيْ رِجَالًا فِيهِمْ أَبُو أَيُّوبَ هُوَ خَالِدُ بْنُ زَيْدٍ الْأَنْصَارِيُّ الَّذِي نَزَلَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا قَدِمَ الْمَدِينَةَ .

     قَوْلُهُ  الَّتِي تُوَفِّيَ فِيهَا ذَكَرَ بن سَعْدٍ وَغَيْرُهُ أَنَّ أَبَا أَيُّوبَ أَوْصَى أَنْ يُدْفَنَ تَحْتَ أَقْدَامِ الْخَيْلِ وَيُغَيَّبَ مَوْضِعُ قَبْرِهِ فَدُفِنَ إِلَى جَانِبِ جِدَارِ الْقُسْطَنْطِينِيَّةِ .

     قَوْلُهُ  وَيَزِيدُ بن مُعَاوِيَة بن أَبِي سُفْيَانَ .

     قَوْلُهُ  عَلَيْهِمْ أَيْ كَانَ أَمِيرًا وَذَلِكَ فِي سَنَةِ خَمْسِينَ وَقِيلَ بَعْدَهَا فِي خِلَافَةِ مُعَاوِيَةَ وَوَصَلُوا فِي تِلْكَ الْغَزْوَةِ حَتَّى حَاصَرُوا الْقُسْطَنْطِينِيَّةَ .

     قَوْلُهُ  فَأَنْكَرَهَا عَلَيَّ قَدْ بَيَّنَ أَبُو أَيُّوبَ وَجْهَ الْإِنْكَارِ وَهُوَ مَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ مِنْ نَفْيِ الْقَوْلِ الْمَذْكُورِ وَأمَا الْبَاعِثُ لَهُ عَلَى ذَلِكَ فَقِيلَ إِنَّهُ اسْتَشْكَلَ قَوْلَهُ إِنَّ اللَّهَ قَدْ حَرَّمَ النَّارَ عَلَى مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ لِأَنَّ ظَاهِرَهُ لَا يَدْخُلُ أَحَدٌ مِنْ عُصَاةِ الْمُوَحِّدِينَ النَّارَ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِآيَاتٍ كَثِيرَةٍ وَأَحَادِيثَ شَهِيرَةٍ مِنْهَا أَحَادِيث الشَّفَاعَة لَكِن الْجمع مُمكن بِأَنْ يُحْمَلَ التَّحْرِيمُ عَلَى الْخُلُودِ وَقَدْ وَافَقَ مَحْمُودًا عَلَى رِوَايَةِ هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ عِتْبَانَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ كَمَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِهِ وَهُوَ مُتَابِعٌ قَوِيٌّ جِدًّا وَكَأَنَّ الْحَامِلَ لِمَحْمُودٍ عَلَى الرُّجُوعِ إِلَى عِتْبَانَ لِيَسْمَعَ الْحَدِيثَ مِنْهُ ثَانِي مَرَّةٍ أَنَّ أَبَا أَيُّوبَ لَمَّا أَنْكَرَ عَلَيْهِ اتَّهَمَ نَفْسَهُ بِأَنْ يَكُونَ مَا ضَبَطَ الْقَدْرَ الَّذِي أَنْكَرَهُ عَلَيْهِ وَلِهَذَا قَنِعَ بِسَمَاعِهِ عَنْ عِتْبَانَ ثَانِي مَرَّةٍ .

     قَوْلُهُ  حَتَّى أَقْفِلَ بِقَافٍ وَفَاءٍ أَيْ أَرْجِعَ وَزْنًا وَمَعْنًى وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ فَوَائِدُ كَثِيرَةٌ تَقَدَّمَتْ مَبْسُوطَةً فِي بَابِ الْمَسَاجِدِ فِي الْبُيُوتِ وَفِيهِ مَا تَرْجَمَ لَهُ هُنَا وَهُوَ صَلَاةُ النَّوَافِلِ جَمَاعَةً وروى بن وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِأَنْ يَؤُمَّ النَّفَرَ فِي النَّافِلَةِ فَأَمَّا أَنْ يَكُونَ مشتهرا وَيجمع لَهُ النَّاس فَلَا وَهَذَا بناه عَلَى قَاعِدَتِهِ فِي سَدِّ الذَّرَائِعِ لِمَا يَخْشَى مِنْ أَنْ يَظُنَّ مَنْ لَا عِلْمَ لَهُ أَن ذَلِك فريضه وَاسْتثنى بن حَبِيبٍ مِنْ أَصْحَابِهِ قِيَامَ رَمَضَانَ لِاشْتِهَارِ ذَلِكَ مِنْ فِعْلِ الصَّحَابَةِ وَمَنْ بَعْدَهُمْ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَفِي الْحَدِيثِ مِنَ الْفَوَائِدِ مَا تَقَدَّمَ بَعْضُهُ مَبْسُوطًا وَمُلَاطَفَةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْأَطْفَالِ وَذِكْرُ الْمَرْءِ مَا فِيهِ مِنَ الْعِلَّةِ مُعْتَذِرًا وَطَلَبُ عَيْنِ الْقِبْلَةِ وَأَنَّ الْمَكَانَ الْمُتَّخَذَ مَسْجِدًا مِنَ الْبَيْتِ لَا يَخْرُجُ عَنْ مِلْكِ صَاحِبِهِ وَأَنَّ النَّهْيَ عَنِ اسْتِيطَانِ الرَّجُلِ مَكَانًا إِنَّمَا هُوَ فِي الْمَسْجِدِ الْعَامِّ وَفِيهِ عَيْبُ مَنْ تَخَلَّفَ عَنْ حُضُورِ مَجْلِسِ الْكَبِيرِ وَأَنَّ مَنْ عِيبَ بِمَا يَظْهَرُ مِنْهُ لَا يُعَدُّ غِيبَةً وَأَنَّ ذِكْرَ الْإِنْسَانِ بِمَا فِيهِ عَلَى جِهَةِ التَّعْرِيفِ جَائِزٌ وَأَنَّ التَّلَفُّظَ بِالشَّهَادَتَيْنِ كَافٍ فِي إِجْرَاءِ أَحْكَامِ الْمُسْلِمِينَ وَفِيهِ اسْتِثْبَاتُ طَالِبِ الْحَدِيثِ شَيْخَهُ عَمَّا حَدَّثَهُ بِهِ إِذَا خَشِيَ مِنْ نِسْيَانِهِ وَإِعَادَةُ الشَّيْخِ الْحَدِيثَ وَالرِّحْلَةُ فِي طَلَبِ الْعِلْمِ وَغَيْرُ ذَلِكَ وَقَدْ تَرْجَمَ المُصَنّف بِأَكْثَرَ من ذَلِك وَالله الْمُسْتَعَان

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  باب صَلاَةِ النَّوَافِلِ جَمَاعَةً، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ذَكَرَهُ أَنَسٌ وَعَائِشَةُ -رضي الله عنهما-
( باب صلاة النوافل جماعة، ذكره) أي حكم صلاتها جماعة ( أنس) أي: ابن مالك، مما وصله المؤلّف في باب: الصلاة على الحصير ( وعائشة، رضي الله عنها) ، مما وصله أيضًا في باب: الصدقة في الكسوف، من بابه كلاهما ( عن النبي، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) .



[ قــ :1145 ... غــ : 1185 ]
- حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا أَبِي عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِي مَحْمُودُ بْنُ الرَّبِيعِ الأَنْصَارِيُّ "أَنَّهُ عَقَلَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَعَقَلَ مَجَّةً مَجَّهَا فِي وَجْهِهِ مِنْ بِئْرٍ كَانَتْ فِي دَارِهِمْ".

وبه قال: ( حدّثني) بالإفراد، ولأبى ذر، والأصيلي: حدّثنا ( إسحاق) هو: ابن راهويه.
أو: ابن منصور.

والأول روى الحديث في مسنده، بهذا الإسناد إلا أن في لفظه اختلافًا يسيرًا، ويستأنس للقول بأنه الأول بقوله: ( أخبرنا يعقوب بن إبراهيم) بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف الزهري، لأن ابن راهويه لا يعبر عن شيوخه إلا بذلك.
لكن في رواية كريمة، وأبي الوقت، وغيرهما حدّثنا يعقوب، قال: ( حدّثنا أبي) إبراهيم بن سعد، بسكون العين ( عن ابن شهاب) الزهري ( قال: أخبرني) بالإفراد ( محمود بن الربيع) بفتح الراء وكسر الموحدة، ابن سراقة ( الأنصاري) .

( أنه عقل) بفتحات.
أي عرف ( رسول الله، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وعقل مجة مجها) أي: رمى بها حال كونها ( في وجهه) يداعبه بها، استئلافًا لأبويه، وإكرامًا للربيع، ( من بئر كانت) أي: البئر، وللحموي والمستملي: كان، أي الدلو ( في دارهم) .

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
[ قــ :1145 ... غــ : 1186 ]
- فَزَعَمَ مَحْمُودٌ أَنَّهُ سَمِعَ عِتْبَانَ بْنَ مَالِكٍ الأَنْصَارِيَّ -رضي الله عنه-وَكَانَ مِمَّنْ شَهِدَ بَدْرًا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-يَقُولُ "كُنْتُ أُصَلِّي لِقَوْمِي بِبَنِي سَالِمٍ، وَكَانَ يَحُولُ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ وَادٍ إِذَا جَاءَتِ الأَمْطَارُ، فَيَشُقُّ عَلَىَّ اجْتِيَازُهُ قِبَلَ مَسْجِدِهِمْ.
فَجِئْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقُلْتُ لَهُ: إِنِّي أَنْكَرْتُ بَصَرِي، وَإِنَّ الْوَادِيَ الَّذِي بَيْنِي وَبَيْنَ قَوْمِي يَسِيلُ إِذَا جَاءَتِ الأَمْطَارُ، فَيَشُقُّ عَلَىَّ اجْتِيَازُهُ، فَوَدِدْتُ أَنَّكَ تَأْتِي فَتُصَلِّي مِنْ بَيْتِي مَكَانًا أَتَّخِذُهُ مُصَلًّى.
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: سَأَفْعَلُ.
فَغَدَا عَلَىَّ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَبُو بَكْرٍ -رضي الله عنه- بَعْدَ مَا اشْتَدَّ النَّهَارُ، فَاسْتَأْذَنَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَذِنْتُ لَهُ، فَلَمْ يَجْلِسْ حَتَّى قَالَ: أَيْنَ تُحِبُّ أَنْ أُصَلِّيَ مِنْ بَيْتِكَ؟ فَأَشَرْتُ لَهُ إِلَى الْمَكَانِ الَّذِي أُحِبُّ أَنْ أُصَلِّيَ فِيهِ، فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَكَبَّرَ، وَصَفَفْنَا وَرَاءَهُ، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ سَلَّمَ، وَسَلَّمْنَا حِينَ سَلَّمَ.
فَحَبَسْتُهُ عَلَى خَزِيرٍ يُصْنَعُ لَهُ، فَسَمِعَ أَهْلُ الدَّارِ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي بَيْتِي فَثَابَ رِجَالٌ مِنْهُمْ حَتَّى كَثُرَ الرِّجَالُ فِي الْبَيْتِ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنْهُمْ: مَا فَعَلَ مَالِكٌ؟ لاَ أَرَاهُ.
فَقَالَ رَجُلٌ مِنْهُمْ: ذَاكَ مُنَافِقٌ لاَ يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ.
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: لاَ تَقُلْ ذَاكَ، أَلاَ تَرَاهُ قَالَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ يَبْتَغِي بِذَلِكَ وَجْهَ اللَّهِ؟ فَقَالَ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، أَمَّا نَحْنُ فَوَاللَّهِ لاَ نَرَى وُدَّهُ وَلاَ حَدِيثَهُ إِلاَّ إِلَى الْمُنَافِقِينَ.
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ حَرَّمَ عَلَى النَّارِ مَنْ قَالَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ يَبْتَغِي بِذَلِكَ وَجْهَ اللَّهِ".
قَالَ مَحْمُودٌ: فَحَدَّثْتُهَا قَوْمًا فِيهِمْ أَبُو أَيُّوبَ صَاحِبُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي غَزْوَتِهِ الَّتِي تُوُفِّيَ فِيهَا وَيَزِيدُ بْنُ
مُعَاوِيَةَ عَلَيْهِمْ بِأَرْضِ الرُّومِ- فَأَنْكَرَهَا عَلَىَّ أَبُو أَيُّوبَ قَالَ: وَاللَّهِ مَا أَظُنُّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ مَا قُلْتَ قَطُّ.
فَكَبُرَ ذَلِكَ عَلَىَّ، فَجَعَلْتُ لِلَّهِ عَلَىَّ إِنْ سَلَّمَنِي حَتَّى أَقْفُلَ مِنْ غَزْوَتِي أَنْ أَسْأَلَ عَنْهَا عِتْبَانَ بْنَ مَالِكٍ -رضي الله عنه- إِنْ وَجَدْتُهُ حَيًّا فِي مَسْجِدِ قَوْمِهِ، فَقَفَلْتُ فَأَهْلَلْتُ بِحَجَّةٍ -أَوْ بِعُمْرَةٍ- ثُمَّ سِرْتُ حَتَّى قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ، فَأَتَيْتُ بَنِي سَالِمٍ، فَإِذَا عِتْبَانُ شَيْخٌ أَعْمَى يُصَلِّي لِقَوْمِهِ، فَلَمَّا سَلَّمَ مِنَ الصَّلاَةِ سَلَّمْتُ عَلَيْهِ وَأَخْبَرْتُهُ مَنْ أَنَا، ثُمَّ سَأَلْتُهُ عَنْ ذَلِكَ الْحَدِيثِ، فَحَدَّثَنِيهِ كَمَا حَدَّثَنِيهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ".

( فزعم) أي أخبر ( محمود) المذكور فهو من إطلاق الزعم على القول ( أنه سمع عتبان بن مالك) بكسر العين ( الأنصاري، رضي الله عنه، وكان ممن شهد بدرًا) أي: وقعة بدر ( مع رسول الله) ولأبي ذر: والأصيلي: مع النبي ( -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، يقول) :
( كنت) وللكشميهني: يقول إني كنت ( أصلي لقومي ببني سالم) بموحدتين، وللهروي: بني سالم بإسقاط الأولى منهما ( وكان يحول بيني وبينهم وادٍ إذا جاءت الأمطار فيشق) بمثناة تحتية بعد الفاء، وللكشميهني: فشق، بصيغة الماضي، وفي رواية يشق بإثبات المثناة، وحذف الفاء ( عليّ اجتيازه) بجيم ساكنة ومثناة وزاي ( قبل) بكسر القاف وفتح الموحدة أي جهة ( مسجدهم: فجئت رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فقلت له) :
( إني) وللأصيلي: فقلت إني ( أنكرت بصري) يريد به العمى، أو ضعف الإبصار ( وإن الوادي الذي بيني وبين قومي يسيل إذا جاءت الأمطار، فيشق عليّ اجتيازه، فوددت أنك تأتي فتصلي من بيتي مكانًا) بالنصب على الظرفية، وإن كان محدودًا لتوغله في الإبهام، فأشبه خلف ونحوها، أو هو على نزع الخافض ( أتخذه مصلّى) برفع المعجمة، والجملة في محل نصب صفة لمكانًا أو مستأنفة لا محل لها، أو: هي مجزومة جوابًا للأمر، أي: إن تصل فيه أتخذه موضعًا للصلاة.

( فقال رسول الله) وللهروي، والأصيلي: فقال النبي ( -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) :
( سأفعل) زاد في الرواية الآتية، إن شاء الله تعالى.

قال عتبان: ( فغدا عليّ رسول الله، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وأبو بكر رضي الله عنه، بعدما اشتد النهار) في الرواية السابقة: حين ارتفع النهار ( فاستأذن رسول الله، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فأذنت له) فدخل ( فلم يجلس حتى قال) لي:
( أين تحب أن أصلي) بضم الهمزة وللحموي، والمستملي، أن نصلّى بنون الجمع ( من بيتك) .

قال عتبان:
( فأشرت له) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( إلى المكان الذي أحب أن أصلي فيه) بهمزة مضمومة، ولأبوي ذر، والوقت، والأصيلي: يصلّي، بمثناة تحتية مضمومة مع كسر اللام، ( فقام رسول الله، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فكبر) وفي نسخة:

مكبرًا للصلاة ( وصففنا) بفاءين ( وراءه، فصلّى) بنا ( ركعتين، ثم سلم، وسلمنا) بالواو، ولأبي الوقت: فسلمنا ( حين سلم) عليه الصلاة والسلام ( فحبسته على خزير) بفتح الخاء وكسر الزاي المعجمتين: طعام ( يصنع) من لحم ودقيق ( له) عليه الصلاة والسلام ( فسمع أهل الدار) أي: أهل المحلة ( رسول الله) بالرفع، ولأبوي ذر، والوقت والأصيلي: أن رسول الله ( -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في بيتي، فثاب) بالمثلثة بعد الفاء وموحدة بعد الألف، أي: جاء ( رجال منهم حتى كثر الرجال في البيت، فقال رجل منهم: ما فعل مالك) هو: ابن الدخشن ( لا أراه) بفتح الهمزة أي: لا أبصره ( فقال رجل) آخر ( منهم: ذاك) أي: مالك ( منافق لا يحب الله ورسوله، فقال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) :
( لا تقل ذلك، ألا تراه) بفتح التاء ( قال: لا إله إلا الله، يبتغي بذلك وجه الله) أي ذاته؟
( فقال) بالإفراد، وللكشميهني فقالوا: ( الله ورسوله أعلم.
أما)
بفتح الهمزة وتشديد الميم، وللحموي، والمستملي: إنما ( نحن، فوالله لا) وفي نسخة: ما ( نرى وده، ولا حديثه إلا إلى المنافق، قال) بغير: فاء، وللهروي والأصيلي: فقال ( رسول الله، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) :
( فإن الله قد حرم على النار من قال: لا إله إلا الله) مع قول: محمد رسول الله، ( يبتغي بذلك وجه الله) أي: ذاته.

وهذه شهادة منه عليه الصلاة والسلام له بإيمانه، وبأنه تشهد مخلصًا نافيًا بها تهمة النفاق عنه.

( قال محمود) بالإسناد السابق، زاد الهروي، والأصيلي: ابن الربيع ( فحدّثتها قومًا) أي: رجالاً ( فيهم أبو أيوب) خالد بن زيد الأنصاري ( صاحب رسول الله، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في غزوته) سنة خمسين أو بعدها في خلافة معاوية، ودخلوا فيها إلى القسطنطينية وحاصرها، ( التي توفي فيها) وأوصي أن يدفن تحت أقدام الخيل، ويغيب قبره، فدفن إلى جدار القسطنطينية.
كما ذكره ابن سعد، وغيره ( ويزيد بن معاوية) بن أبي سفيان أمير ( عليهم) من قبل أبيه معاوية ( بأرض الروم) وهي ما وراء البحر، وبها مدينة القسطنطينية ( فأنكرها) أي الحكاية، أو القصة ( علي، أبو أيوب) الأنصاري ( قال) وللهروي، والأصيلي: وقال: ( والله ما أظن رسول الله، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، قال ما قلت قط) .

قيل: والباعث له على الإنكار استشكاله قوله: إن الله قد حرم على النار من قال لا إله إلا الله، لأن ظاهره لا يدخل أحد من عصاة الموحدين النار، وهو مخالف لآيات كثيرة وأحاديث شهيرة.

وأجيب: بحمل التحريم على الخلود.

قال محمود ( فكبر) بضم الموحدة، أي عظم ( ذلك) الإنكار من أبي أيوب ( عليّ، فجعلت لله عليّ إن سلمني) ولأبوي: ذر، والوقت: فجعلت لله إن سلمني ( حتى أقفل) بضم الفاء، أي:

أرجع، وسقط لفظ: حتى لأبي ذر ( من غزوتي) وللمستملي: عن غزوتي ( أن أسال عنها عتبان بن مالك، رضي الله عنه، إن وجدته حيًّا في مسجد قومه) .

قال في الفتح: وكأن الحامل لمحمود على الرجوع إلى عتبان ليسمع الحديث منه ثانيًا، أن أبا أيوب لما أنكر عليه، اتهم نفسه بأن يكون ما ضبط القدر الذي أنكره عليه.

( فقفلت) أي: فرجعت ( فأهللت) أي: أحرمت ( بحجة -أو بعمرة) بالموحدة، وفي نسخة بإسقاطها ( ثم سرت حتى قدمت المدينة، فأتيت بني سالم، فإذا عتبان) بن مالك ( شيخ أعمى، يصلّي لقومه، فلما سلم من الصلاة) وللأصيلي: من صلاته ( سلمت عليه، وأخبرته من أنا، ثم سألته عن ذلك الحديث) الذي حدثت به، وأنكره أبو أيوب عليّ ( فحدثنيه) عتبان ( كما حدثنيه أول مرة) .

ومطابقة الحديث للترجمة من قوله: فقام رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وصففنا وراءه، ثم سلم وسلمنا حين سلم.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( بابُُ صَلَاة النَّوَافِل جمَاعَة)
أَي هَذَا بابُُ فِي بَيَان صَلَاة النَّوَافِل جمَاعَة وانتصاب جمَاعَة يجوز أَن يكون بِنَزْع الْخَافِض أَي بِجَمَاعَة
( ذكره أنس وَعَائِشَة رَضِي الله عَنْهُمَا عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -) أَي ذكر حكم صَلَاة النَّوَافِل بِالْجَمَاعَة أنس بن مَالك وَعَائِشَة الصديقة وَحَدِيث أنس ذكره البُخَارِيّ فِي بابُُ الصَّلَاة على الْحَصِير حَدثنَا عبد الله بن يُوسُف قَالَ أخبرنَا مَالك بن أنس عَن إِسْحَق بن عبد الله بن أبي طَلْحَة " عَن أنس بن مَالك رَضِي الله عَنهُ أَن جدته مليكَة " الحَدِيث وَفِيه " فَقَامَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وصففت أَنا واليتيم وَرَاءه والعجوز من وَرَائِنَا فصلى لنا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - رَكْعَتَيْنِ ثمَّ انْصَرف " وَحَدِيث عَائِشَة ذكره فِي صَلَاة الْكُسُوف فِي بابُُ الصَّدَقَة فِي الْكُسُوف حَدثنَا عبد الله بن مسلمة عَن مَالك عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه " عَن عَائِشَة أَنَّهَا قَالَت خسفت الشَّمْس فِي عهد رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فصلى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِالنَّاسِ " وَذكره أَيْضا فِي بابُُ تحريض النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - على قيام اللَّيْل حَدثنَا عبد الله بن يُوسُف قَالَ أخبرنَا مَالك عَن ابْن شهَاب عَن عُرْوَة بن الزبير " عَن عَائِشَة أم الْمُؤمنِينَ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - صلى ذَات لَيْلَة فِي الْمَسْجِد فصلى بِصَلَاتِهِ نَاس " الحَدِيث

[ قــ :1145 ... غــ :1185]
- ( حَدثنِي إِسْحَاق قَالَ حَدثنَا يَعْقُوب بن إِبْرَاهِيم قَالَ حَدثنَا أبي عَن ابْن شهَاب قَالَ أَخْبرنِي مَحْمُود بن الرّبيع الْأنْصَارِيّ أَنه عقل رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وعقل مجة مجها فِي وَجهه من بِئْر كَانَت فِي دَارهم فَزعم مَحْمُود أَنه سمع عتْبَان بن مَالك الْأنْصَارِيّ رَضِي الله عَنهُ وَكَانَ مِمَّن شهد بَدْرًا مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول كنت أُصَلِّي لقومي ببني سَالم وَكَانَ يحول بيني وَبينهمْ وَاد إِذا جَاءَت الأمطار فَيشق عَليّ اجتيازه قبل مَسْجِدهمْ فَجئْت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقلت لَهُ إِنِّي أنْكرت بَصرِي وَإِن الْوَادي الَّذِي بيني وَبَين قومِي يسيل إِذا جَاءَت الأمطار فَيشق عَليّ اجتيازه فوددت أَنَّك تَأتي فَتُصَلِّي من بَيْتِي مَكَانا أتخذه مصلى فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - سأفعل فغدا عَليّ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَأَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ بعد مَا اشْتَدَّ النَّهَار فَاسْتَأْذن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَأَذنت لَهُ فَلم يجلس حَتَّى قَالَ أَيْن تحب أَن أُصَلِّي من بَيْتك فأشرت لَهُ إِلَى الْمَكَان الَّذِي أحب أَن أُصَلِّي فِيهِ فَقَامَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَكبر وصففنا وَرَاءه فصلى ركعتن ثمَّ سلم وَسلمنَا حِين سلم فحبسته على خزير يصنع لَهُ فَسمع أهل الدَّار رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي بَيْتِي فَثَابَ رجال مِنْهُم حَتَّى كثر الرِّجَال فِي الْبَيْت فَقَالَ رجل مِنْهُم مَا فعل مَالك لَا أرَاهُ فَقَالَ رجل مِنْهُم ذَاك مُنَافِق لَا يحب الله وَرَسُوله قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَا تقل ذَاك أَلا ترَاهُ قَالَ لَا إِلَه إِلَّا الله يَبْتَغِي بذلك وَجه الله فَقَالَ الله وَرَسُوله أعلم أما نَحن فوَاللَّه لَا نرى وده وَلَا حَدِيثه إِلَّا إِلَى الْمُنَافِقين قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَإِن الله قد حرم على النَّار من قَالَ لَا إِلَه إِلَّا الله يَبْتَغِي بذلك وَجه الله قَالَ مَحْمُود فحدثتها قوما فيهم أَبُو أَيُّوب صَاحب رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي غزوته الَّتِي توفّي فِيهَا وَيزِيد بن مُعَاوِيَة عَلَيْهِم بِأَرْض الرّوم فأنكرها عَليّ أَبُو أَيُّوب.

     وَقَالَ  وَالله مَا أَظن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ مَا قلت قطّ فَكبر ذَلِك عَليّ فَجعلت لله عَليّ إِن سلمني حَتَّى أقفل من غزوتي أَن أسأَل عَنْهَا عتْبَان بن مَالك رَضِي الله عَنهُ إِن وجدته حَيا فِي مَسْجِد قومه فقفلت فَأَهْلَلْت بِحجَّة أَو بِعُمْرَة ثمَّ سرت حَتَّى قدمت الْمَدِينَة فَأتيت بني سَالم فَإِذا عتْبَان شيخ أعمى يُصَلِّي لِقَوْمِهِ فَلَمَّا سلم من الصَّلَاة سلمت عَلَيْهِ وأخبرته من أَنا ثمَّ سَأَلته عَن ذَلِك الحَدِيث فَحَدَّثَنِيهِ كَمَا حَدَّثَنِيهِ أول مرّة)
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله " فَقَامَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وصففنا وَرَاءه فصلى رَكْعَتَيْنِ ثمَّ سلم وَسلمنَا حِين سلم " ( ذكر رِجَاله) وهم خَمْسَة.
الأول إِسْحَاق ذكره غير مَنْسُوب لَكِن يحْتَمل أَن يكون إِسْحَاق بن رَاهَوَيْه أَو إِسْحَاق بن مَنْصُور لِأَن كليهمَا يرويان عَن يَعْقُوب الزُّهْرِيّ وَالْبُخَارِيّ يروي عَنْهُمَا لَكِن الْأَظْهر أَن يكون إِسْحَق بن رَاهَوَيْه فَإِنَّهُ روى هَذَا الحَدِيث فِي مُسْنده بِهَذَا الْإِسْنَاد لَكِن فِي لَفظه بعض الْمُخَالفَة.
الثَّانِي يَعْقُوب بن إِبْرَاهِيم بن سعد بن إِبْرَاهِيم بن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف الزُّهْرِيّ.
الثَّالِث أَبوهُ إِبْرَاهِيم الْمَذْكُور.
الرَّابِع مُحَمَّد بن مُسلم بن شهَاب الزُّهْرِيّ.
الْخَامِس مَحْمُود بن الرّبيع أَبُو مُحَمَّد الْأنْصَارِيّ الْحَارِثِيّ توفّي سنة تسع وَتِسْعين وَقد مر هَذَا الحَدِيث فِي كتاب الصَّلَاة فِي بابُُ الْمَسَاجِد فِي الْبيُوت فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن سعيد بن عفير قَالَ حَدثنِي اللَّيْث قَالَ حَدثنِي عقيل عَن ابْن شهَاب قَالَ أَخْبرنِي مَحْمُود بن الرّبيع الْأنْصَارِيّ أَن عتْبَان بن مَالك رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ الحَدِيث وَقد مر الْكَلَام فِيهِ مستقصى ولنذكر الْآن بعض شَيْء زِيَادَة للْبَيَان قَوْله " وعقل مجة " وَقد مر الْكَلَام فِيهِ فِي كتاب الْعلم فِي بابُُ مَتى يَصح سَماع الصَّغِير روى هُنَاكَ قَالَ حَدثنَا مُحَمَّد بن يُوسُف قَالَ حَدثنَا أَبُو مسْهر قَالَ حَدثنِي مُحَمَّد بن حَرْب قَالَ حَدثنِي الزبيدِيّ عَن الزُّهْرِيّ " عَن مَحْمُود بن الرّبيع قَالَ عقلت من النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مجة مجها فِي وَجْهي وَأَنا ابْن خمس سِنِين من دلو انْتهى " وَهَهُنَا قَالَ " من بِئْر كَانَت فِي دَارهم " هَذِه رِوَايَة الْكشميهني وَفِي رِوَايَة غَيره " كَانَ فِي دَارهم " أَي كَانَ الدَّلْو قَوْله " فَزعم مَحْمُود " أَي أخبر أَو قَالَ وَيُطلق الزَّعْم وَيُرَاد بِهِ القَوْل قَوْله " إِذْ جَاءَت " أَي حِين جَاءَت وَيجوز أَن تكون إِذْ للتَّعْلِيل أَي لأجل مَجِيء الأمطار قَوْله " فَيشق عَليّ " هَذِه رِوَايَة الْكشميهني وَفِي رِوَايَة غَيره " فشق " بِصِيغَة الْمَاضِي قَوْله " قبل " بِكَسْر الْقَاف وَفتح الْبَاء الْمُوَحدَة أَي جِهَة مَسْجِدهمْ قَوْله " سأفعل فغدا عَليّ " وَهُنَاكَ " سأفعل إِن شَاءَ الله تَعَالَى قَالَ عتْبَان فغدا " قَوْله " بَعْدَمَا اشْتَدَّ النَّهَار " وَهُنَاكَ " فغدا على رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَأَبُو بكر حِين ارْتَفع النَّهَار " قَوْله " أَيْن تحب أَن أُصَلِّي من بَيْتك " هَذِه رِوَايَة الْكشميهني وَفِي رِوَايَة غَيره " نصلي " بنُون الْجمع قَوْله " على خزير " بِفَتْح الْخَاء الْمُعْجَمَة وَكسر الزَّاي وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وبالراء وَهُنَاكَ " على خزير صنعناها لَهُ " وَهُوَ طَعَام من اللَّحْم والدقيق الغليظ قَوْله " مَا فعل مَالك " وَهُنَاكَ " فَقَالَ قَائِل مِنْهُم أَيْن مَالك بن الدخيشن أَو ابْن الدخشن " الدخيشن بِضَم الدَّال الْمُهْملَة وَفتح الْخَاء الْمُعْجَمَة وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وَفتح الشين الْمُعْجَمَة وَفِي آخِره نون والدخشن بِضَم الدَّال وَسُكُون الْخَاء وَضم الشين وبالنون قَوْله " لَا أرَاهُ " بِفَتْح الْهمزَة من الرُّؤْيَة قَوْله " فوَاللَّه لَا نرى وده وَلَا حَدِيثه إِلَّا إِلَى الْمُنَافِقين " وَهُنَاكَ " فَإنَّا نرى وَجهه ونصيحته لِلْمُنَافِقين " ويروى " إِلَى الْمُنَافِقين " قَوْله " فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " وَهُنَاكَ " قَالَ " بِدُونِ الْفَاء ويروى هُنَاكَ أَيْضا بِالْفَاءِ قَوْله " قَالَ مَحْمُود بن الرّبيع " أَي بِالْإِسْنَادِ الْمَاضِي قَوْله " أَبُو أَيُّوب الْأنْصَارِيّ " هُوَ خَالِد بن زيد الْأنْصَارِيّ الَّذِي نزل عَلَيْهِ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لما قدم الْمَدِينَة قَوْله " صَاحب رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " ويروى " صَاحب النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " قَوْله " فِي غزوته " وَكَانَت فِي سنة خمسين وَقيل بعْدهَا فِي خلَافَة مُعَاوِيَة ووصلوا فِي تِلْكَ الْغَزْوَة إِلَى القسطنطينة وحاصروها قَوْله " وَيزِيد بن مُعَاوِيَة عَلَيْهِم " أَي وَالْحَال أَن يزِيد بن مُعَاوِيَة بن أبي سُفْيَان كَانَ أَمِيرا عَلَيْهِم من جِهَة أَبِيه مُعَاوِيَة قَوْله " بِأَرْض الرّوم " وَهِي مَا وَرَاء الْبَحْر الْملح الَّتِي فِيهَا مَدِينَة القسطنطينة قَوْله " فأنكرها " أَي الْقِصَّة أَو الْحِكَايَة قَوْله " فَكبر " بِضَم الْبَاء الْمُوَحدَة أَي عظم قَوْله " حَتَّى أقفل " بِضَم الْفَاء قَالَ الْكرْمَانِي ( فَإِن قلت) مَا سَبَب الْإِنْكَار من أبي أَيُّوب عَلَيْهِ ( قلت) إِمَّا أَنه يسْتَلْزم أَن لَا يدْخل عصاة الْأمة النَّار.

     وَقَالَ  تَعَالَى { وَمن يعْص الله وَرَسُوله فَإِن لَهُ نَار جَهَنَّم} وَإِمَّا أَنه حكم بَاطِن الْأَمر.

     وَقَالَ  نَحن نحكم بِالظَّاهِرِ وَإِمَّا أَنه كَانَ بَين أظهرهم وَمن أكابرهم وَلَو وَقع مثل هَذِه الْقِصَّة لاشتهر ولنقلت إِلَيْهِ وَإِمَّا غير ذَلِك وَالله أعلم ( ذكر مَا يُسْتَفَاد مِنْهُ) وَهُوَ خَمْسَة وَخَمْسُونَ فَائِدَة.
الأولى أَن من عقل رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَو من عقل مِنْهُ فعلا يعد صحابيا.
الثَّانِيَة مَا كَانَ عَلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - من الرَّحْمَة لأَوْلَاد الْمُؤمنِينَ وَفعل ذَلِك ليعقل عَنهُ الغلمان ويعد لَهُم بِهِ الصُّحْبَة لينالوا فَضلهَا وناهيك بهَا.
الثَّالِثَة استئلافهم لِآبَائِهِمْ بمزحه مَعَ بنيهم.
الرَّابِعَة مزحه ليكرم بِهِ من يمازحه.
الْخَامِسَة استراحته فِي بعض الْأَوْقَات ليستعين على الْعِبَادَة فِي وَقتهَا.
السَّادِسَة إِعْطَاء النَّفس حَقّهَا وَلَا يشق عَلَيْهَا فِي كل الْأَوْقَات.
السَّابِعَة اتِّخَاذ الدَّلْو.
الثَّامِنَة أَخذ المَاء مِنْهُ بالفم.
التَّاسِعَة إِلْقَاء المَاء فِي وَجه الطِّفْل.
الْعَاشِرَة صَلَاة الْقَبَائِل الَّذين حول الْمَدِينَة فِي مَسَاجِدهمْ الْمَكْتُوبَة وَغَيرهَا.
الْحَادِيَة عشر إِمَامَة الضَّعِيف والتخلف عَن الْمَسْجِد فِي الطين والظلمة.
الثَّانِيَة عشر صَلَاة الْمَرْء الْمَكْتُوبَة وَغَيرهَا فِي بَيته.
الثَّالِثَة عشر سُؤال الْكَبِير إِتْيَانه إِلَى بَيته ليتَّخذ مَكَان صلَاته مصلى.
الرَّابِعَة عشر ذكر الْمَرْء مَا فِيهِ من الْعِلَل معتذرا وَلَا يكون شكوى فِيهِ.
الْخَامِسَة عشر إِجَابَة الشَّارِع من سَأَلَهُ.
السَّادِسَة عشر سير الإِمَام مَعَ التَّابِع.
السَّابِعَة عشر صُحْبَة أفضل الصَّحَابَة إِيَّاه.
الثَّامِنَة عشر تَسْمِيَته لأبي بكر وَحده لفضله.
التَّاسِعَة عشر صَاحب الْبَيْت أعلم بأماكن بَيته وَهُوَ أدرى بِهِ.
الْعشْرُونَ التَّبَرُّك بآثار الصَّالِحين.
الْحَادِيَة وَالْعشْرُونَ طلب الْيَقِين تَقْدِيمًا على الِاجْتِهَاد فَإِن ذَلِك مَوضِع صلى فِيهِ الشَّارِع فَهُوَ عين لَا يجْتَهد فِيهِ.
الثَّانِيَة وَالْعشْرُونَ طلب الصَّلَاة فِي مَوضِع معِين لتقوم صلَاته فِيهِ مقَام الْجَمَاعَة ببركة من صلى فِيهِ.
الثَّالِثَة وَالْعشْرُونَ ترك التطلع فِي نواحي الْبَيْت.
الرَّابِعَة وَالْعشْرُونَ صَلَاة النَّافِلَة جمَاعَة فِي الْبيُوت.
الْخَامِسَة وَالْعشْرُونَ فضل مَوضِع صلَاته - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -.
السَّادِسَة وَالْعشْرُونَ نوافل النَّهَار تصلى رَكْعَتَيْنِ كالليل.
السَّابِعَة وَالْعشْرُونَ الْمَكَان الْمُتَّخذ مَسْجِدا ملكه بَاقٍ عَلَيْهِ.
الثَّامِنَة وَالْعشْرُونَ أَن النَّهْي عَن أَن يوطن الرجل مَكَانا للصَّلَاة إِنَّمَا هُوَ فِي الْمَسَاجِد دون الْبيُوت.
التَّاسِعَة وَالْعشْرُونَ صَلَاة الضُّحَى مُسْتَحبَّة.
الثَّلَاثُونَ صنع الطَّعَام للكبير عِنْد إِتْيَانه لَهُم وَإِن لم يعلم بذلك.
الْحَادِيَة وَالثَّلَاثُونَ عدم التَّكَلُّف فِيمَا يصنع.
الثَّانِيَة وَالثَّلَاثُونَ كَانَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَا يعيب طَعَاما.
الثَّالِثَة وَالثَّلَاثُونَ كَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أدوم على فعل الْخيرَات.
الرَّابِعَة وَالثَّلَاثُونَ الِاكْتِفَاء بِالْإِشَارَةِ.
الْخَامِسَة وَالثَّلَاثُونَ يجوز أَن تكون بِلَفْظ مَعهَا.
السَّادِسَة وَالثَّلَاثُونَ يعبر بِالدَّار عَن الْمحلة الَّتِي فِيهَا الدّور كَمَا فِي الحَدِيث " خير دور الْأَنْصَار دور بني النجار " ثمَّ عدد جمَاعَة وَفِي آخِره " وَفِي كل دور الْأَنْصَار خير ".
السَّابِعَة وَالثَّلَاثُونَ اجْتِمَاع الْقَبِيل إِلَى الْموضع الَّذِي يَأْتِيهِ الْكَبِير ليؤدوا حَقه ويأخذوا حظهم مِنْهُ.
الثَّامِنَة وَالثَّلَاثُونَ عيب من حضر على من تخلف ونسبته إِلَى أَمر مُتَّهم بِهِ وَهُوَ مَالك بن الدخشن وَأَنه قد شهد بَدْرًا وَاخْتلف فِي شُهُوده الْعقبَة فَظهر من حسن إِسْلَامه مَا يَنْفِي عَنهُ تُهْمَة النِّفَاق.
التَّاسِعَة وَالثَّلَاثُونَ كَرَاهَة من يمِيل إِلَى الْمُنَافِقين فِي حَدِيثه ومجالسته.
الْأَرْبَعُونَ من رمى مُسلما بالنفاق لمجالسته لَهُم لَا يُعَاقب وَلَا يُقَال لَهُ أثمت.
الْحَادِيَة وَالْأَرْبَعُونَ الشَّارِع كَانَ يَأْتِيهِ الْوَحْي وَلَا شكّ فِيهِ.
الثَّانِيَة وَالْأَرْبَعُونَ الْكَبِير إِذا علم بِصِحَّة اعْتِقَاد من نسب إِلَى غَيره يَقُول لَهُ لَا تقل ذَلِك.
الثَّالِثَة وَالْأَرْبَعُونَ من عيب غَيره بِمَا ظهر مِنْهُ لم يكن غيبَة.
الرَّابِعَة وَالْأَرْبَعُونَ من تلفظ بِالشَّهَادَتَيْنِ واعتقد حقية مَا جَاءَ بِهِ وَمَات على ذَلِك فَازَ وَدخل الْجنَّة.
الْخَامِسَة وَالْأَرْبَعُونَ اخْتِيَار من سمع الحَدِيث من صَاحب صَاحب مثله أَو غَيره ليثبت مَا سمع وَيشْهد مَا عِنْد الَّذِي يُخبرهُ من ذَلِك.
السَّادِسَة وَالْأَرْبَعُونَ إِنْكَار من روى حَدِيثا من غير أَن يقطع بِهِ.
السَّابِعَة وَالْأَرْبَعُونَ الْمُرَاجَعَة فِيهِ إِلَى غَيره فَإِن مَحْمُود بن الرّبيع أوجب على نَفسه إِن سلم أَن يَأْتِي عتْبَان بن مَالك وَكَانَ مَحْمُود فِي الشَّام.
الثَّامِنَة وَالْأَرْبَعُونَ الرحلة فِي الْعلم.
التَّاسِعَة وَالْأَرْبَعُونَ ذكر مَا فِي الْإِنْسَان على وَجه التَّعْرِيف لَيْسَ غيبَة كذكره عمى عتْبَان.
الْخَمْسُونَ إِمَامَة الْأَعْمَى.
الْحَادِيَة وَالْخَمْسُونَ الْإِسْرَار بالنوافل.
الثَّانِيَة وَالْخَمْسُونَ فِيهِ طلب عين الْقبْلَة.
الثَّالِثَة وَالْخَمْسُونَ الاسْتِئْذَان من صَاحب الدَّار إِذا أَتَى إِلَى صَاحبهَا لأمر عرض لَهُ.
الرَّابِعَة وَالْخَمْسُونَ تَوْلِيَة الإِمَام أحد السّريَّة أَمِيرا إِذا بَعثهمْ لغزو.
الْخَامِسَة وَالْخَمْسُونَ الْجمع بَين الْحجَّة وَطلب الْعلم فِي سفرة وَاحِدَة