هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
116 حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ ، عَنْ شُعْبَةَ ، عَنْ سُلَيْمَانَ ، عَنْ ذَكْوَانَ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : لَا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ ، وَلَا يَسْرِقُ حِينَ يَسْرِقُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ ، وَلَا يَشْرَبُ الْخَمْرَ حِينَ يَشْرَبُهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ ، وَالتَّوْبَةُ مَعْرُوضَةٌ بَعْدُ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ ، عَنِ الْأَعْمَشِ ، عَنْ ذَكْوَانَ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، رَفَعَهُ قَالَ : لَا يَزْنِي الزَّانِي ثُمَّ ذَكَرَ بِمِثْلِ حَدِيثِ شُعْبَةَ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
116 حدثني محمد بن المثنى ، حدثنا ابن أبي عدي ، عن شعبة ، عن سليمان ، عن ذكوان ، عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ، ولا يسرق حين يسرق وهو مؤمن ، ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن ، والتوبة معروضة بعد حدثني محمد بن رافع ، حدثنا عبد الرزاق ، أخبرنا سفيان ، عن الأعمش ، عن ذكوان ، عن أبي هريرة ، رفعه قال : لا يزني الزاني ثم ذكر بمثل حديث شعبة
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ولا يسرق حين يسرق وهو مؤمن ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن والتوبة معروضة بعد .


المعنى العام

تعرضت أحاديث كثيرة لجانب الرجاء في الله، حتى كاد يطمع في دخول الجنة من لا عمل له، فروي من مات وهو يعلم أن لا إله إلا الله دخل الجنة ومن شهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله حرم الله عليه النار وحق العباد على الله أن لا يعذب من لا يشرك به شيئا ومن قال: لا إله إلا الله دخل الجنة وإن زنى وإن سرق.

كادت هذه الأحاديث تبعث الطمأنينة في نفوس العصاة، لولا أن قابلتها أحاديث الخوف التي تكاد تيئس مرتكب الكبيرة من دخول الجنة.
من ذلك قوله صلى الله عليه وسلم لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن، ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن، ولا ينتهب أي يغتصب نهبة وأموالا ذات شرف وذات قيمة يرفع الناس إليه فيها أبصارهم حين ينتهبها مشدوهين من تصرفه، عاجزين عن دفعه وهو مؤمن ولا يغل أي يسرق أحدكم حين يغل ويسرق وهو مؤمن فإياكم وهذه الكبائر وإياكم وتعريض الإيمان للضعف والانهيار.

فهذا الحديث يحذر مرتكب الكبيرة، ويخوفه من عاقبة فعله، يهدده بسحب الإيمان عنه حالة ارتكاب المنكر، فيضعف إيمانه، ولا يزال الإيمان يضعف ويتناقص بالمعاصي حتى يخشى على صاحبه من الكفر والعياذ بالله، فإن الاستهانة بارتكاب المعصية تؤدي إلى الاستهانة بالآمر الناهي، ولا تزال المعصية تترك نكتة سوداء في قلب صاحبها حتى يطبع الله عليه، ويختم على صدره، فيكون من أهل النار.

وهكذا نجد أن الشرع الحكيم بنصوصه يضع المؤمن بين الرجاء والخوف، لئلا يقنط من رحمة الله، فإنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون.
ولئلا يغتر فيهمل شعب الإيمان وأموره، فما أكثر الوعيد، وما أكثر النذر والتهديد { { ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده يدخله نارا خالدا فيها وله عذاب مهين } } [النساء: 14] نجد الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم يضع المؤمن في الإطار الذي وضعه فيه القرآن بقوله: { { يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربه قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولوا الألباب } } [الزمر: 9] .

المباحث العربية

( لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن) الجملة خبرية، تنفي إيمان الزاني حين زناه، إذ النفي داخل على مقيد بقيد ( زنا الزاني حالة إيمانه) ولا جائز أن يتوجه النفي إلى المقيد، لأنه حاصل واقع، والواقع لا ينفى، فكان لزاما أن يتوجه إلى القيد محط الفائدة، كقوله تعالى: { { وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما لاعبين } } [الأنبياء: 16] فالمنفي اللعب، لا خلق السموات والأرض وما بينهما فيكون حاصل المعنى: بل خلقناهما وما بينهما جادين لحكمة .

والمنفي في الحديث إيمان الزاني، فيكون حاصل المعنى، لا يكون الزاني مؤمنا حين يزني.

والظرف حين يزني متعلق بـ مؤمن وفي ذلك يقول الحافظ ابن حجر: قيد نفي الإيمان بحالة ارتكابه للزنى.

وقيل: إن الجملة خبر بمعنى النهي، والمعنى: لا يزنين مؤمن، ولا يسرقن مؤمن أي لا ينبغي له أن يفعل ذلك.

( ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن) لم يذكر الفاعل هنا كما ذكر في الزنا والسرقة، قال ابن مالك: فيه جواز حذف الفاعل لدلالة الكلام عليه، والتقدير: ولا يشرب الشارب الخمر.
إلخ، ولا يرجع الضمير إلى الزاني، لئلا يختص به، بل هو عام في حق كل من شرب.

( وكان أبو هريرة يلحق معهن) أي مع الثلاث المذكورات: الزنا والسرقة والشرب، وكان حقه أن يقول: يلحق بهن، فمع بمعنى الباء، وحروف الجر يتناوب بعضها بعضا، أو ضمن يلحق معنى يذكر فعدى بـ مع ويلحق بضم الياء من ألحق الرباعي، يستعمل لازما ومتعديا وهنا متعد، والجملة بعده مقصود لفظها في محل المفعول به.

( ولا ينتهب نهبة) الفاعل محذوف أيضا، والتقدير: ولا ينتهب الناهب نهبة وفي القاموس: نهب النهب، كجعل وسمع وكتب، أخذه كانتهبه، والاسم النهبة بضم النون، وهو المال المنهوب، والمراد به المأخوذ جهرا وقهرا.

( ذات شرف) ذات بمعنى صاحبة، صفة نهبة ومعنى ذات شرف أي ذات قدر، حيث يشرف الناس لها ناظرين إليها، وفي رواية: ذات سرف بالسين المهملة، أي ذات إسراف ومجاوزة الحد.

( يرفع الناس إليه فيها أبصارهم) هذه إشارة إلى حالة المنهوبين، فإنهم ينظرون إلى من ينهبهم، ولا يقدرون على دفعه، ويحتمل أن يكون كناية عن عدم التستر بذلك, فيكون صفة لازمة للنهب، بخلاف السرقة والاختلاس، فإنه يكون في خفية، والانتهاب أشد لما فيه من مزيد الجراءة وعدم المبالاة.

( ولا يغل أحدكم) بفتح الياء وضم الغين وتشديد اللام المرفوعة، وهو من الغلول وهو الخيانة، وقيل: هو خاص بالخيانة من الغنيمة.

( فإياكم إياكم) الفاء فصيحة في جواب شرط مقدر، أي إذا كان الإيمان ينتفى بارتكاب هذه القبائح فإياكم، أي فاحذروها.

وأصل إياكم احذروا تلاقي أنفسكم والقبائح، ثم حذف الفعل وفاعله، ثم المضاف الأول تلاقي ثم المضاف الثاني، وأقيم المضاف إليه مقامه فانفصل الضمير، وانتصب بعامل محذوف وجوبا لكثرة الاستعمال وإياكم الثانية تكرير للتأكيد، والمحذر منه محذوف للعلم به من الكلام السابق.

فقه الحديث

قبل الكلام عن فقه الحديث نورد مذاهب المتكلمين باختصار في الإيمان مع ارتكاب الكبيرة، حتى يتجلى موقف كل فريق من هذا الحديث.

1 - فالخوارج: يقولون إن الإيمان اعتقاد وقول وعمل، فمرتكب الكبيرة كافر مخلد في النار.
2 - والمعتزلة: يقولون كالخوارج بأن العمل من الإيمان، فمرتكب الكبيرة ليس بمؤمن وليس بكافر لكنه مخلد في النار.

3 - والمرجئة: يقولون: هو اعتقاد ونطق فقط فيتحقق الإيمان بهما، ولا تتأثر حقيقته بارتكاب الكبائر.

4 - والكرامية: يقولون: هو نطق فقط فيتحقق الإيمان به، ولا تتأثر حقيقته بارتكاب الكبائر.

5 - وأهل السنة: يقولون: الإيمان بالنظر لما عندنا يحصل بالإقرار، فمن أقر أجريت عليه الأحكام الدنيوية، ولم يحكم عليه بالكفر، إلا إن اقترن به فعل يدل على كفره كالسجود للصنم.

وبالنظر لما عند الله هو الاعتقاد بالقلب والنطق باللسان والعمل بالأركان على أن العمل شرط في كماله، فمرتكب الكبيرة [غير الشرك] مؤمن غير كامل الإيمان - أو مؤمن فاسق.

وظاهر الحديث الذي معنا يؤيد الخوارج والمعتزلة، وبه استدلوا على مذهبهم، فهو ينفي الإيمان عن الزاني والسارق وشارب الخمر والمنتهب، وحيث انتفى الإيمان ثبت الكفر [عند الخوارج] ، لأنه لا واسطة عندهم بين الإيمان والكفر.
أما المعتزلة فينفون عنه الإيمان بالحديث، وينفون عنه الكفر، لأنه يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، ويثبتون له منزلة بين المنزلتين، ويحكمون عليه بالخلود في النار لآيات الخلود الواردة في القاتل والعاصي.

والحديث واضح في الرد على المرجئة والكرامية، وربما انتفعوا ببعض توجيهات أهل السنة الآتية:

ولما كان أهل السنة لا ينفون الإيمان عن مرتكب الكبيرة احتاجوا إلى تأويل هذا الحديث.

فقال النووي: إنما تأولنا هذا الحديث لحديث أبي ذر وغيره من قال لا إله إلا الله دخل الجنة، وإن زنى وإن سرق، وحديث عبادة بن الصامت الصحيح المشهور أنهم بايعوه صلى الله عليه وسلم على أن لا يسرقوا ولا يزنوا ولا يعصوا...
إلى آخره، ثم قال صلى الله عليه وسلم: فمن وفى منكم فأجره على الله، ومن فعل شيئا من ذلك فعوقب في الدنيا فهو كفارة له، ومن فعل ولم يعاقب فهو إلى الله تعالى إن شاء عفا عنه، وإن شاء عذبه .

فهذان الحديثان مع نظائرهما في الصحيح، مع قول الله عز وجل { { إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء } } [النساء: 48] مع إجماع أهل الحق على أن الزاني والسارق والقاتل وغيرهم من أصحاب الكبائر غير الشرك لا يكفرون بذلك، بل هم مؤمنون ناقصو الإيمان، إن تابوا سقطت عقوبتهم، وإن ماتوا مصرين على الكبائر كانوا في المشيئة، فإن شاء الله تعالى عفا عنهم وأدخلهم الجنة أولا، وإن شاء عذبهم، ثم أدخلهم الجنة.

وكل هذه الأدلة تضطرنا إلى تأويل هذا الحديث وشبهه، اهـ .

وقال الحافظ ابن حجر: ومن أقوى ما يحمل على صرف هذا الحديث عن ظاهره إيجاب الحد في الزنا على أنحاء مختلفة في حق المحصن الحر، والحر البكر، وفي حق العبد، فلو كان المراد بنفي الإيمان ثبوت الكفر لاستووا في العقوبة، لأن المكلفين فيما يتعلق بالإيمان والكفر سواء، فلما كان الواجب فيه من العقوبة مختلفا دل على أن مرتكب ذلك ليس بكافر حقيقة.
اهـ .

ولا وجه لمن رد الحديث وأنكر صدوره عن النبي صلى الله عليه وسلم لمعارضته النصوص الصحيحة.
لا وجه له لأن الحديث ثابت في الصحيحين متفق على صحته، والظاهر المخالف قابل للتأويل، تأويلات سائغة حسنة كثيرة منها:

1 - ما روي عن ابن عباس من أن المراد بنفي الإيمان عن الزاني أن الله ينزع منه نور الإيمان، وقريب منه قول المهلب: تنزع منه بصيرته في طاعة الله.

2 - وقال الحسن البصري وابن جرير الطبري: ما معناه ينزع منه اسم المدح الذي سمي به أولياءه فلا يقال في حقه مؤمن، وإنما يستحق اسم الذم، فيقال: سارق وزان وفاجر وفاسق.

وصوب هذا الرأي ابن بطال، ثم قال: ولا خلاف أنه يسمى بذلك ما لم تظهر منه التوبة، فالزائل عنه حينئذ اسم الإيمان بالإطلاق، والثابت له اسم الإيمان بالتقييد، فيقال: هو مصدق بالله ورسوله لفظا واعتقادا لا عملا.
اهـ.

3 - وقال الزهري: إنه من المشكل الذي نؤمن به، ونمر كلما جاء، ولا نتعرض لتأويله.

4 - وقيل: إنه خبر بمعنى النهي، والمعنى: لا يزنين مؤمن، ولا يسرقن مؤمن، وليس فيه نفي الإيمان.

5 - وقيل: إن معنى نفي كونه مؤمنا أنه شابه الكافر في عمله، وموقع التشبيه أنه مثله في جواز قتاله في تلك الحالة، ليكف عن المعصية، ولو أدى إلى قتله فانتفت فائدة الإيمان في حقه بالنسبة إلى زوال عصمته في تلك الحالة.

6 - وقيل معنى قوله: ليس بمؤمن أي ليس بمستحضر في حال تلبسه بالكبيرة جلال من آمن، فهو كناية عن الغفلة التي جلبتها له غلبة الشهوة، وعبر عن هذا ابن الجوزي بقوله: فإن المعصية تذهله عن مراعاة الإيمان، وهو تصديق القلب، فكأنه نسي ما صدق به.

7 - وقيل: إن المراد من نفي الإيمان نفي الأمان من عذاب الله، لأن الإيمان مشتق من الأمن.

8 - وقال الطيبي: المراد من نفي الإيمان نفي الحياء, وقد مضى أن الحياء من الإيمان، فيكون التقدير: لا يزني الزاني حين يزني وهو يستحي من الله، لأنه لو استحيا منه - وهو يعرف أنه مشاهد حاله - لم يرتكب ذلك، ويعضده حديث من استحيا من الله حق الحياء فليحفظ الرأس وما وعى والبطن وما حوى .

9 - وتأوله بعضهم على من فعل ذلك مستحلا، ولا خلاف في أن من استحل محرما علم تحريمه بالضرورة فهو كافر منفي عنه الإيمان على الحقيقة.

10 - وقيل: إن المراد بالحديث الزجر والتنفير، وليس المراد ظاهره، وهو رأي الطيبي إذ قال: ويجوز أن يكون من باب التغليظ والتهديد، كقوله تعالى: { { ومن كفر فإن الله غني عن العالمين } } [آل عمران: 97] .

11 - وقيل: إن نفي الإيمان محمول على الإنذار بزواله ممن اعتاد ذلك، لأنه خشي عليه أن يفضي به إلى الكفر، فمن حام حول الحمى يوشك أن يواقعه، وهذا أحد التأويلات في قوله صلى الله عليه وسلم لعن الله السارق يسرق البيضة فتقطع يده، ويسرق الحبل فتقطع يده أي يسرق غير النصاب، فيعتاد فيسرق النصاب، فتقطع يده.

12 - وقيل معناه: أنه يسلب منه الإيمان حال تلبسه بالكبيرة، فإذا فارقها عاد إليه، ويقوي هذا الرأي تقييد نفي الإيمان في الحديث بحالة ارتكابه لها حين يزني حين يسرق حين يشربها حين ينتهبها .

كما يقويه ما أخرجه الحاكم بسند صحيح عن أبي هريرة، رفعه إذا زنى الرجل خرج منه الإيمان، فكان عليه كالظلة، فإذا أقلع رجع إليه الإيمان .

13 - قال الإمام النووي: القول الصحيح، والذي قاله المحققون: أن معناه: لا يفعل هذه المعاصي وهو كامل الإيمان، وهذا من الألفاظ التي تطلق على نفي الشيء، ويراد نفي كماله، كما يقال: لا علم إلا ما نفع، ولا مال إلا الإبل، ولا عيش إلا عيش الآخرة، ثم قال: إن هذا التأويل ظاهر سائغ في اللغة، مستعمل فيها كثيرا.
اهـ.

والحق أن الذي ذهب إليه النووي أقوى التأويلات، وأحراها بالقبول.
والله أعلم.

هذا.
وقد أثارت عبارة الراوي، وكان أبو هريرة يلحق معهن ولا ينتهب نهبة...
إلخ أثارت شكا في أن هذه العبارة موقوفة على أبي هريرة، أو مرفوعة إلى النبي صلى الله عليه وسلم، ولكن روايات الحديث في أماكن أخرى ترفع هذا الشك، وتصل النهبة بالحديث نسقا من غير فصل بقوله: وكان أبو هريرة يلحق معهن.
ففي البخاري: في الحدود ...
ولا يسرق حين يسرق وهو مؤمن، ولا ينتهب نهبة يرفع الناس إليه فيها أبصارهم وهو مؤمن .

وقد رواه أبو نعيم في مستخرجه على مسلم عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم والذي نفس محمد بيده لا ينتهب أحدكم نهبة الحديث فصرح برفعه.

وبهذا لا يتطرق إلى هذه الفقرة احتمال الإدراج أو أنها موقوفة، ويصبح معنى العبارة: وكان أبو هريرة يلحق معهن رواية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا ينتهب نهبة إلخ.

ويؤخذ من الحديث

1 - أن من زنى دخل في هذا الوعيد، سواء كان بكرا أو محصنا، وسواء كان المزني بها أجنبية أو محرما، ولا شك أن الزنا بالمحرم أفحش ومن المتزوج أعظم.

وذكر بعض العلماء أن المقصود بالزنا التنبيه به على جميع الشهوات، قاله القاضي عياض.

2 - وأن من سرق قليلا أو كثيرا يدخل في هذا الوعيد أيضا، قال الحافظ ابن حجر: وفيه نظر، فقد شرط بعض العلماء في كون السرقة كبيرة أن يكون المسروق نصابا، وإن كانت سرقة ما دون النصاب حراما.

3 - وأن من شرب الخمر دخل في هذا الوعيد، سواء كان المشروب قليلا أم كثيرا لأن شرب القليل من الخمر معدود من الكبائر، وإن كان شرب الكثير الذي يخل العقل يترتب عليه من المحذور ما هو أفحش من شرب القليل.

قال ابن بطال: هذا أشد ما ورد في شرب الخمر.

والله أعلم.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
[ سـ :116 ... بـ :57]
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ سُلَيْمَانَ عَنْ ذَكْوَانَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ وَلَا يَسْرِقُ حِينَ يَسْرِقُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ وَلَا يَشْرَبُ الْخَمْرَ حِينَ يَشْرَبُهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ وَالتَّوْبَةُ مَعْرُوضَةٌ بَعْدُ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ ذَكْوَانَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَفَعَهُ قَالَ لَا يَزْنِي الزَّانِي ثُمَّ ذَكَرَ بِمِثْلِ حَدِيثِ شُعْبَةَ
وَأَمَّا قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : ( وَالتَّوْبَةُ مَعْرُوضَةٌ بَعْدُ ) فَظَاهِرٌ وَقَدْ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - عَلَى قَبُولِ التَّوْبَةِ مَا لَمْ يُغَرْغِرْ ، كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ .
وَلِلتَّوْبَةِ ثَلَاثَةُ أَرْكَانٍ : أَنْ يُقْلِعَ عَنِ الْمَعْصِيَةِ وَيَنْدَمَ عَلَى فِعْلِهَا وَيَعْزِمَ أَنْ لَا يَعُودَ إِلَيْهَا فَإِنْ تَابَ مِنْ ذَنْبٍ ثُمَّ عَادَ إِلَيْهِ لَمْ تَبْطُلْ تَوْبَتُهُ وَإِنْ تَابَ مِنْ ذَنْبٍ وَهُوَ مُتَلَبِّسٌ بِآخَرَ صَحَّتْ تَوْبَتُهُ .
هَذَا مَذْهَبُ أَهْلِ الْحَقِّ .
وَخَالَفَتِ الْمُعْتَزِلَةُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ .
وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - : أَشَارَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ إِلَى أَنَّ مَا فِي الْحَدِيثِ تَنْبِيهٌ عَلَى جَمِيعِ أَنْوَاعِ الْمَعَاصِي وَالتَّحْذِيرِ مِنْهَا : فَنَبَّهَ بِالزِّنَا عَلَى جَمِيعِ الشَّهَوَاتِ ، وَبِالسَّرِقَةِ عَلَى الرَّغْبَةِ فِي الدُّنْيَا وَالْحِرْصِ عَلَى الْحَرَامِ ، وَبِالْخَمْرِ عَلَى جَمِيعِ مَا يَصُدُّ عَنِ اللَّهِ تَعَالَى وَيُوجِبُ الْغَفْلَةِ عَنْ حُقُوقِهِ ، وَبِالِانْتِهَابِ الْمَوْصُوفِ عَنْ الِاسْتِخْفَافِ بِعِبَادِ اللَّهِ تَعَالَى وَتَرْكِ تَوْقِيرِهِمْ وَالْحَيَاءِ مِنْهُمْ وَجَمْعِ الدُّنْيَا مِنْ غَيْرِ وَجْهِهَا .
وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

وَأَمَّا مَا يَتَعَلَّقُ بِالْإِسْنَادِ فَفِيهِ حَرْمَلَةُ التُّجِيبِيُّ وَقَدْ قَدَّمْنَا مَرَّاتٍ أَنَّهُ بِضَمِّ التَّاءِ وَفَتْحِهَا .

وَفِيهِ عُقَيْلٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ بِضَمِّ الْعَيْنِ .

وَفِيهِ الدَّرَاوَرْدِيُّ بِفَتْحِ الدَّالِ وَالْوَاوِ وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُهُ فِي بَابِ الْأَمْرِ بِقِتَالِ النَّاسِ حَتَّى يَقُولُوا لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ .
وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ .