هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
1179 حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى ، قَالَ : قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى الْمَازِنِيِّ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ يَسَارٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ ، قَالَ : رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي عَلَى حِمَارٍ وَهُوَ مُوَجِّهٌ إِلَى خَيْبَرَ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
1179 حدثنا يحيى بن يحيى ، قال : قرأت على مالك ، عن عمرو بن يحيى المازني ، عن سعيد بن يسار ، عن ابن عمر ، قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي على حمار وهو موجه إلى خيبر
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

شرح الحديث من فـــتح المــــنعم

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

عن ابن عمر رضي الله عنهما قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي على حمار وهو موجه إلى خيبر.


المعنى العام

من فضل اللَّه وكرمه على الأمة الإسلامية أن يسر لها سبل الطاعة، وفتح أبواب العبادة في شتى الظروف والأحوال، شرع ذكره تعالى باللسان والقلب قيامًا وقعودًا وعلى الجنوب، ويسر التقرب إليه بالصلاة النافلة في الحضر والسفر على الأرض أو على الدابة.

أعلن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لصحابته هذا التشريع بالفعل بدل القول، فكان إذا سافر بهم صلى نافلته وهو على راحلته، لا يتحرى بوجهه القبلة بل وجهه جهة سيره، وجهة طريقه وجهة مقصده، ولا يقف في مواطن الوقوف للصلاة ولا يجلس في مواطن جلوسها ولا يسجد سجودها، بل على طبيعة الراكب في جلوسه على دابته، فإذا أراد صلاة الفريضة المكتوبة نزل عن دابته فصلاها على الأرض، وتبعه الصحابة رضوان اللَّه عليهم أجمعين، فنشروا الشريعة وأدوا الأمانة، وبلغوا ما علموا، ونصحوا الأمة، فجزاهم اللَّه عن الإسلام خير الجزاء.

المباحث العربية

( كان يصلي سبحته) أي نافلته، والتسبيح في الأصل التنزيه عن النقائص.
وفي العرف قول سبحان اللَّه، وإطلاقه على الصلاة من باب إطلاق الجزء وإرادة الكل مجاز مرسل، قال الحافظ ابن حجر: أما اختصاص السبحة بالنافلة فهو عرف شرعي.
اهـ.

( كان يصلي على راحلته) الراحلة الناقة التي تصلح لأن ترحل، ويقال: الراحلة المركب من الإبل، ذكرًا كان أو أنثى.
قاله الجوهري وقال ابن الأثير: الراحلة من الإبل البعير القوي على الأسفار والأحمال، والذكر والأنثى فيه سواء، والهاء فيه للمبالغة.

( حيث توجهت به) يعني إلى جهة القبلة أو غيرها.

( يصلي وهو مقبل من مكة إلى المدينة على راحلته حيث كان وجهه) المقبل من مكة إلى المدينة لا يكون وجهه مستقبل القبلة.

( فأينما تولوا فثم وجه اللَّه) أي الجهة التي تولون وجوهكم نحوها فهناك وفيها وجه اللَّه.
وحملت هذه الآية على النافلة في السفر، كما حمل قوله تعالى: { { وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره } } [البقرة: 144] على الفرائض وعلى النوافل في غير السفر.

( رأيت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يصلي على حمار وهو موجه إلى خيبر) وهو موجه بكسر الجيم المشددة، أي متوجه، أو موجه وجهه، قال النووي: قال الدارقطني وغيره: هذا غلط من عمرو بن يحيى المازني [أصل السند: عن عمرو بن يحيى المازني عن سعيد بن يسار عن ابن عمر إلخ] قالوا: وإنما المعروف في صلاة النبي صلى الله عليه وسلم على راحلته أو على البعير، والصواب أن الصلاة على الحمار من فعل أنس، كما ذكره مسلم بعد هذا روايتنا العاشرة، قال النووي: وفي الحكم بتغليط الرواية نظر، فلعله صلى على الحمار مرة وعلى البعير مرات لكن قد يقال إن الرواية شاذة، فيها مخالفة لرواية الجمهور في البعير والراحلة.

( فلما خشيت الصبح نزلت فأوترت) أي فلما خشيت طلوع الصبح ومجيء وقت الفجر.

( أسوة) بكسر الهمزة وضمها، أي قدوة، وفي رواية البخاري أسوة حسنة.

( قبل أي وجه توجه) قبل بكسر القاف وفتح الباء.
أي جهة أي جهة توجه هو نحوها.

( تلقينا أنس بن مالك حين قدم الشام) قال النووي: هكذا هو في جميع نسخ مسلم، وكذا نقله القاضي عياض عن جميع الروايات لصحيح مسلم قال: وقيل: إنه وهم، وصوابه، قدم من الشام كما جاء في صحيح البخاري لأنهم خرجوا من البصرة للقائه حين قدم من الشام، قال النووي: قلت: ورواية مسلم صحيحة، ومعناها: تلقيناه في رجوعه حين قدم الشام، وإنما حذف ذكر رجوعه للعلم به.
اهـ.
وتصحيح النووي لرواية مسلم ظاهره التكلف.
واللَّه أعلم.

وكان أنس قد سافر إلى الشام يشكو من الحجاج الثقفي إلى عبد الملك بن مروان.

( فتلقيناه بعين التمر) في رواية البخاري فلقيناه بعين التمر وهو موضع بطريق العراق مما يلي الشام، وكانت به وقعة شهيرة في آخر خلافة أبي بكر بين خالد بن الوليد والأعاجم، وانتصر خالد ولما دخل حصن الأعاجم وجد به أربعين غلامًا يتعلمون الإنجيل وعليهم باب مغلق، فكسره خالد وفرق الغلمان في الأمراء، فكان فيهم حمران مولى عثمان بن عفان، ومنهم سيرين والد محمد بن سيرين، أخذه أنس بن مالك، وجماعة آخرون من الموالي أراد اللَّه بهم وبأولادهم خيرًا.

فقه الحديث

يؤخذ من هذه الأحاديث الأحكام الآتية

1- قال النووي: في هذه الأحاديث جواز التنفل على الراحلة في السفر حيث توجهت، وهذا جائز بإجماع المسلمين، وشرطه أن لا يكون سفر معصية ولا يجوز الترخص بشيء من رخص السفر لعاص بسفره، كمن سافر لقطع طريق أو لقتال بغير حق، أو عاقًا لوالديه، أو ناشزة على زوجها، ويجوز التنفل على الراحلة في قصير السفر وطويله عند الشافعية وعند الجمهور.
ولا يجوز في داخل البلد وحولها من غير سفر، وعن أبي سعيد الاصطخري من الشافعية أنه يجوز التنفل في البلدة وحولها من غير سفر على الدابة، وهو قول أبي يوسف صاحب أبي حنيفة، وعن مالك أنه لا يجوز إلا في سفر تقصر فيه الصلاة، وهو قول غريب.
اهـ.
قال الطبري: لا أعلم أحدًا وافقه على ذلك.
اهـ.

قال الحافظ ابن حجر: وحجته أن هذه الأحاديث إنما وردت في أسفاره صلى اللَّه عليه وسلم، ولم ينقل عنه أنه سافر سفرًا قصيرًا فصنع ذلك، وحجة الجمهور مطلق الأخبار في ذلك.
ثم قال النووي: وأما تنفل راكب السفينة فمذهبنا أنه لا يجوز إلا إلى القبلة لتمكنه من الاستقبال، إلا ملاح السفينة فيجوز له إلى غيرها لحاجة كما في حال تسييرها، وعن مالك رواية أنه يجوز لراكب السفينة ما يجوز لراكب الدابة.

2- والأحاديث تدل على جواز ترك استقبال القبلة في النافلة على الراحلة لقوله حيث توجهت به، ونحوها مما ورد في الروايات.
قال العلماء: واعتبرت جهة الطريق المقصود بدلاً عن القبلة، بحيث لا يجوز الانحراف عنها عامدًا قاصدًا لغير حاجة المسير، إلا إن كان سائرًا في غير جهة القبلة فانحرف إلى جهة القبلة فإن ذلك لا يضره، ولو كانت الدابة متوجهة إلى مقصده وركبها هو معترضًا أو مقلوبًا فإنه لا يصح إلا أن يكون ما استقبله هو جهة القبلة على الصحيح.

وهل يشترط أن يفتتح الصلاة باستقبال القبلة؟ الظاهر أنه لا يشترط لظاهر عموم الأحاديث وإطلاقها، لكن المستحب أن يستقبل القبلة بالتكبير حال ابتداء الصلاة، لما رواه أنس عند أبي داود وأحمد والدارقطني أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أراد أن يتطوع في السفر استقبل بنا القبلة، ثم صلى حيث وجهت ركابه.

ولم توضح أحاديث الباب كيفية الصلاة على الراحلة، لكن جاء في رواية البخاري عن عامر بن ربيعة قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم على الراحلة يسبح، يومئ برأسه قبل أي وجه توجه قال ابن دقيق العيد: الحديث يدل على الإيماء في الركوع والسجود معًا، والفقهاء قالوا: يكون الإيماء في السجود أخفض من الركوع، ليكون البدل على وفق الأصل، قال: وليس في لفظ الحديث ما يثبته ولا ينفيه.
اهـ.
وذهب الجمهور إلى السجود على الدابة لمن قدر عليه وتمكن منه دون مشقة، وعن مالك أن الذي يصلي على الدابة لا يسجد وإن تمكن من السجود، بل يومئ.
واللَّه أعلم.

3- ويؤخذ من الرواية العاشرة.
ومن صلاة أنس نافلته على حمار حيث توجه به أنه لا فرق بين الحمار والبغل والناقة في جواز صلاة النافلة عليها في السفر، لأن الراوي لم ينكر على أنس الصلاة على الحمار، وإنما أنكر عدم استقبال القبلة فقط، وقول أنس: لولا أني رأيت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يفعله لم أفعله يعني ترك استقبال القبلة للتنفل على الدابة، وقد فهم بعضهم من عبارة أنس أنه رأى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يتنفل على حمار، وهو محتمل، لكن نازع فيه بعضهم، وقال: إن خبر أنس هنا إنما هو في صلاة النبي صلى الله عليه وسلم راكبًا تطوعًا لغير القبلة، وهذه المنازعة لا تؤثر في الحكم، فإن روايتنا الرابعة عن ابن عمر قال رأيت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يصلي على حمار وهو موجه إلى خيبر تفيد أنه لا فرق بين الحمار في هذه المسألة وبين الناقة.

4- وقد أخذ بعضهم من هذ ا الحديث أن عرق الحمار طاهر، وكان الأصل أن يكون عرقه كلحمه، لأنه متولد منه، قال العيني: ولكن خص بطهارته لركوب النبي صلى الله عليه وسلم إياه معروريًا والحر حر الحجاز، فحكم بطهارته، اهـ.
وقال ابن دقيق العيد في تعليل طهارة عرق الحمار، قال: لأن ملابسته مع التحرز منه متعذر، لا سيما إذا طال الزمان في ركوبه، واحتمل العرق.
اهـ.

5- وقد أخذ من هذه الأحاديث أن من صلى على موضع فيه نجاسة لا يباشرها بشيء منه أن صلاته صحيحة، لأن الدابة لا تخلو من نجاسة ولو على منفذها.

6- ويؤخذ من ظاهر هذه الأحاديث أن جواز ترك استقبال القبلة في التنفل خاص بالراكب دون الماشي، وبهذا قال أبو حنيفة ومالك، لأن ذلك رخصة، والرخص لا يقاس عليها، وأجاز تنفل الماشي الشافعية والحنابلة قياسًا على الراكب، ولأن السر في هذه الرخصة تيسير تحصيل النوافل على العباد وتكثيرها، تعظيمًا لأجورهم، رحمة من اللَّه بهم، إلا أن بعض المجيزين اشترط استقبال القبلة في تحرمه وعند الركوع والسجود، واشترط السجود، على الأرض، وله التشهد ماشيًا كما أن له القيام ماشيًا، واشترط بعضهم التشهد قاعدًا ولا يمشي إلا حالة القيام، وأجاز بعضهم عدم اللبث على الأرض في شيء من صلاته، ويومئ بالركوع والسجود، كمن هو على الدابة.

واللَّه أعلم.

7- وأحاديث الباب صريحة في النافلة، وهي تخصص قوله تعالى { { وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره } } [البقرة: 144] وتبين أن قوله تعالى: { { فأينما تولوا فثم وجه الله } } [البقرة: 115] في النافلة.

أما المكتوبة فلا تجوز إلى غير القبلة.
ولا تجوز على الدابة، والرواية الثامنة صريحة في ذلك، قال النووي: وهذا مجمع عليه إلا في شدة الخوف، فلو أمكنه استقبال القبلة والقيام والركوع والسجود والدابة واقفة، عليها هودج أو نحوه جازت الفريضة على الصحيح في مذهبنا، فإن كانت سائرة لم تصح على الصحيح المنصوص للشافعي، وقيل: تصح: كالسفينة، فإنها تصح فيها الفريضة بالإجماع ولو كان في ركب وخاف لو نزل للفريضة انقطع عنهم ولحقه الضرر صلى الفريضة على الدابة بحسب الإمكان، ويلزمه إعادتها، لأنه عذر نادر.
اهـ.

8- ويوخذ من الرواية الخامسة والسابعة والثامنة جواز صلاة الوتر على الراحلة حيث توجهت به، وبهذا قال مالك والشافعي وأحمد، وقال الحنفية: لا يجوز الوتر على الراحلة، ولا يجوز إلا على الأرض كما في الفرائض واحتجوا بما رواه الطحاوي عن نافع عن ابن عمر أنه كان يصلي على راحلته ويوتر بالأرض، ويزعم أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كذلك كان يفعل، ويقولون عن روايات الباب الثلاث المشار إليها، يجوز أن يكون ذلك قبل أن يحكم أمر الوتر ويغلظ شأنه لأنه كان أولاً كسائر التطوعات، ثم أكد بعد ذلك فنسخ، واعترض عليهم بأن مذهبهم أن الوتر واجب على النبي صلى الله عليه وسلم وقد ثبت أنه صلاه على الراحلة ومهما أحكم أمر الوتر وغلظ شأنه للأمة فلن يبلغ درجة وجوبه على النبي صلى الله عليه وسلم فحيثما جازت صلاته للنبي صلى الله عليه وسلم على الراحلة جازت صلاته للأمة كذلك.

9- كما استدل بالروايات الثلاث السابقة على أن الوتر سنة ونافلة خلافًا للحنفية القائلين بوجوبه.

10- ويؤخذ من الأحاديث أن الرجوع إلى أفعاله صلى اللَّه عليه وسلم كالرجوع إلى أقواله، من غير أن يعترض عليه.

11- ومن الرواية العاشرة مشروعية استقبال المسافر وتلقيه عند القدوم.

12- وسؤال التلميذ شيخه عن مستند فعله، والجواب بالدليل.

واللَّه أعلم