هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
1205 حَدَّثَنَا عَلِيٌّ ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ، قَالَ : سَمِعْتُ الزُّهْرِيَّ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيِّبِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : لاَ يَمُوتُ لِمُسْلِمٍ ثَلاَثَةٌ مِنَ الوَلَدِ ، فَيَلِجَ النَّارَ ، إِلَّا تَحِلَّةَ القَسَمِ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ : { وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا }
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
1205 حدثنا علي ، حدثنا سفيان ، قال : سمعت الزهري ، عن سعيد بن المسيب ، عن أبي هريرة رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : لا يموت لمسلم ثلاثة من الولد ، فيلج النار ، إلا تحلة القسم قال أبو عبد الله : { وإن منكم إلا واردها }
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،  عن أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : لاَ يَمُوتُ لِمُسْلِمٍ ثَلاَثَةٌ مِنَ الوَلَدِ ، فَيَلِجَ النَّارَ ، إِلَّا تَحِلَّةَ القَسَمِ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ : { وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا } .

Narrated Abu Huraira:

The Prophet (ﷺ) said, No Muslim whose three children died will go to the Fire except for Allah's oath (i.e. everyone has to pass over the bridge above the lake of fire).

Selon 'Abu Hurayra (), le Prophète () dit: «II n'y a pas de musulman à qui la mort emporte trois de ses enfants et qui entre au Feu, exception faite du cas de l'expiation du serment.» Abu 'AbdulLâh: [Ledit serment est:] II n'est aucun parmi vous qui n'y arrive

":"ہم سے علی نے بیان کیا ، ان سے سفیان نے ، انہوں نے کہا کہ میں نے زہری سے سنا ، انہوں نے سعید بن مسیب سے سنا اور انہوں نے ابوہریرہ رضی اللہ عنہ سے کہنبی کریم صلی اللہ علیہ وسلم نے فرمایا کہ کسی کے اگر تین بچے مر جائیں تو وہ دوزخ میں نہیں جائے گا اور اگر جائے گا بھی تو صرف قسم پوری کرنے کے لیے ۔ ابوعبداللہ امام بخاری رحمہ اللہ فرماتے ہیں ۔ ( قرآن کی آیت یہ ہے ) تم میں سے ہر ایک کو دوزخ کے اوپر سے گزرنا ہو گا ۔

Selon 'Abu Hurayra (), le Prophète () dit: «II n'y a pas de musulman à qui la mort emporte trois de ses enfants et qui entre au Feu, exception faite du cas de l'expiation du serment.» Abu 'AbdulLâh: [Ledit serment est:] II n'est aucun parmi vous qui n'y arrive

شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [1251]

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [ قــ :1205 ... غــ :1251] .

     قَوْلُهُ  حَدثنَا عَليّ هُوَ بن الْمَدِينِيّ وسُفْيَان هُوَ بن عُيَيْنَةَ .

     قَوْلُهُ  لَا يَمُوتُ لِمُسْلِمٍ ثَلَاثَةٌ مِنَ الْوَلَدِ وَقَعَ فِي الْأَطْرَافِ لِلْمِزِّيِّ هُنَا لَمْ يبلغُوا الْحِنْث وَلَيْسَت فِي رِوَايَة بن عُيَيْنَةَ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ وَلَا مُسْلِمٍ وَإِنَّمَا هِيَ فِي مَتْنِ الطَّرِيقِ الْآخَرِ وَفَائِدَةُ إِيرَادِ هَذِهِ الطَّرِيقِ الْأَخِيرَةِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَيْضًا مَا فِي سِيَاقِهَا مِنَ الْعُمُومِ فِي قَوْلِهِ لَا يَمُوتُ لِمُسْلِمٍ إِلَخْ لِشُمُولِهِ النِّسَاءَ وَالرِّجَالَ بِخِلَافِ رِوَايَتِهِ الْمَاضِيَةِ فَإِنَّهَا مُقَيَّدَةٌ بِالنِّسَاءِ .

     قَوْلُهُ  فَيَلِجَ النَّارَ بِالنَّصْبِ لِأَنَّ الْفِعْلَ الْمُضَارِعَ يُنْصَبُ بَعْدَ النَّفْيِ بِتَقْدِيرِ أَنْ لَكِنْ حَكَى الطِّيبِيُّ أَنَّ شَرْطَهُ أَنْ يَكُونَ بَيْنَ مَا قَبْلَ الْفَاءِ وَمَا بَعْدَهَا سَبَبِيَّةٌ وَلَا سَبَبِيَّةَ هُنَا إِذْ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَوْتُ الْأَوْلَادِ وَلَا عَدَمُهُ سَبَبًا لِوُلُوجِ مَنْ وَلَدَهُمُ النَّارَ قَالَ وَإِنَّمَا الْفَاءُ بِمَعْنَى الْوَاوِ الَّتِي لِلْجَمْعِ وَتَقْرِيرُهُ لَا يَجْتَمِعُ لِمُسْلِمٍ مَوْتُ ثَلَاثَةٍ مِنْ وَلَدِهِ وَوُلُوجُهُ النَّارَ لَا مَحِيدَ عَنْ ذَلِكَ إِنْ كَانَتِ الرِّوَايَةُ بِالنَّصْبِ وَهَذَا قَدْ تَلَقَّاهُ جَمَاعَةٌ عَنِ الطِّيبِيِّ وَأَقَرُّوهُ عَلَيْهِ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ السَّبَبِيَّةَ حَاصِلَةٌ بِالنَّظَرِ إِلَى الْاستثْنَاءِ لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ بَعْدَ النَّفْيِ إِثْبَاتٌ فَكَأَنَّ الْمَعْنَى أَنَّ تَخْفِيفَ الْوُلُوجِ مُسَبَّبٌ عَنْ مَوْتِ الْأَوْلَادِ وَهُوَ ظَاهِرٌ لِأَنَّ الْوُلُوجَ عَامٌّ وَتَخْفِيفُهُ يَقَعُ بِأُمُورٍ مِنْهَا مَوْتُ الْأَوْلَادِ بِشَرْطِهِ وَمَا ادَّعَاهُ مِنْ أَنَّ الْفَاءَ بِمَعْنَى الْوَاوِ الَّتِي لِلْجَمْعِ فِيهِ نَظَرٌ وَوَجَدْتُ فِي شَرْحِ الْمَشَارِقِ لِلشَّيْخِ أَكْمَلِ الدِّينِ الْمَعْنَى أَنَّ الْفِعْلَ الثَّانِي لَمْ يَحْصُلْ عَقِبَ الْأَوَّلِ فَكَأَنَّهُ نَفَى وُقُوعَهُمَا بِصِفَةِ أَنْ يَكُونَ الثَّانِي عَقِبَ الْأَوَّلِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ نَفْيُ الْوُلُوجِ عَقِبَ الْمَوْتِ قَالَ الطِّيبِيُّ وَإِنْ كَانَتِ الرِّوَايَةُ بِالرَّفْعِ فَمَعْنَاهُ لَا يُوجَدُ وُلُوجُ النَّارِ عَقِبَ مَوْتِ الْأَوْلَادِ إِلَّا مِقْدَارًا يَسِيرًا انْتَهَى وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ مَالِكٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْأَيْمَانِ وَالنُّذُورِ بِلَفْظِ لَا يَمُوتُ لِأَحَدٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ثَلَاثَةٌ مِنَ الْوَلَدِ تَمَسُّهُ النَّارُ إِلَّا تَحِلَّةَ الْقَسَمِ وَقَولُهُ تَمَسُّهُ بِالرَّفْعِ جَزْمًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

     قَوْلُهُ  إِلَّا تَحِلَّةَ الْقَسَمِ بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ وَكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ وَتَشْدِيدِ اللَّامِ أَيْ مَا يَنْحَلُّ بِهِ الْقَسَمُ وَهُوَ الْيَمِينُ وَهُوَ مَصْدَرُ حَلَّلَ الْيَمِينَ أَيْ كَفَّرَهَا يُقَالُ حَلَّلَ تَحْلِيلًا وَتَحِلَّةً وَتَحِلًّا بِغَيْرِ هَاءٍ وَالثَّالِثُ شَاذٌّ.

     وَقَالَ  أَهْلُ اللُّغَةِ يُقَالُ فَعَلْتُهُ تَحِلَّةَ الْقَسَمِ أَيْ قَدْرَ مَا حَلَلْتُ بِهِ يَمِينِي وَلَمْ أُبَالِغْ.

     وَقَالَ  الْخَطَّابِيُّ حَلَلْتُ الْقَسَمَ تَحِلَّةً أَيْ أَبْرَرْتُهَا.

     وَقَالَ  الْقُرْطُبِيُّ اخْتُلِفَ فِي الْمُرَادِ بِهَذَا الْقَسَمِ فَقِيلَ هُوَ مُعَيَّنٌ وَقِيلَ غَيْرُ مُعَيَّنٍ فَالْجُمْهُورُ عَلَى الْأَوَّلِ وَقِيلَ لَمْ يُعْنَ بِهِ قَسَمٌ بِعَيْنِهِ وَإِنَّمَا مَعْنَاهُ التَّقْلِيلُ لِأَمْرِ وُرُودِهَا وَهَذَا اللَّفْظُ يُسْتَعْمَلُ فِي هَذَا تَقُولُ لَا يَنَامُ هَذَا إِلَّا لِتَحْلِيلِ الْأَلِيَّةِ وَتَقُولُ مَا ضَرَبْتُهُ إِلَّا تَحْلِيلًا إِذَا لَمْ تُبَالِغْ فِي الضَّرْبِ أَيْ قَدْرًا يُصِيبُهُ مِنْهُ مَكْرُوهٌ وَقِيلَ الِاسْتِثْنَاءُ بِمَعْنَى الْوَاوِ أَيْ لَا تَمَسُّهُ النَّارُ قَلِيلًا وَلَا كَثِيرًا وَلَا تَحِلَّةَ الْقَسَمِ وَقَدْ جَوَّزَ الْفَرَّاءُ وَالْأَخْفَشُ مَجِيءَ إِلَّا بِمَعْنَى الْوَاوِ وَجَعَلُوا مِنْهُ قَوْلَهُ تَعَالَى لَا يَخَافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ إِلَّا من ظلم وَالْأَوَّلُ قَوْلُ الْجُمْهُورِ وَبِهِ جَزَمَ أَبُو عُبَيْدٍ وَغَيْرُهُ وَقَالُوا الْمُرَادُ بِهِ .

     قَوْلُهُ  تَعَالَى وَإِنْ مِنْكُم الا واردها قَالَ الْخَطَّابِيُّ مَعْنَاهُ لَا يَدْخُلُ النَّارَ لِيُعَاقَبَ بِهَا وَلَكِنَّهُ يَدْخُلُهَا مُجْتَازًا وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ الْجَوَازُ إِلَّا قَدْرَ مَا يُحَلِّلُ بِهِ الرَّجُلُ يَمِينَهُ وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ مَا وَقَعَ عِنْدَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ فِي آخِرِ هَذَا الْحَدِيثِ إِلَّا تَحِلَّةَ الْقَسَمِ يَعْنِي الْوُرُودَ وَفِي سُنَنِ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ فِي آخِرِهِ ثُمَّ قَرَأَ سُفْيَان وَأَن مِنْكُم الا واردها وَمن طَرِيقِ زَمْعَةَ بْنِ صَالِحٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ فِي آخِرِهِ قِيلَ وَمَا تَحِلَّةُ الْقَسَمِ قَالَ .

     قَوْلُهُ  تَعَالَى وَأَن مِنْكُم الا واردها وَكَذَا وَقَعَ مِنْ رِوَايَةِ كَرِيمَةَ فِي الْأَصْلِ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا واردها وَكَذَا حَكَاهُ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ حَبِيبٍ عَنْ مَالِكٍ فِي تَفْسِيرِ هَذَا الْحَدِيثِ وَوَرَدَ نَحْوُهُ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى فِي هَذَا الْحَدِيثِ رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ بِشْرٍ الْأَنْصَارِيِّ مَرْفُوعًا مَنْ مَاتَ لَهُ ثَلَاثَةٌ مِنَ الْوَلَدِ لَمْ يَبْلُغُوا الْحِنْثَ لَمْ يَرِدِ النَّارَ إِلَّا عَابِرَ سَبِيلٍ يَعْنِي الْجَوَازَ عَلَى الصِّرَاطِ وَجَاءَ مِثْلُهُ مِنْ حَدِيثٍ آخَرَ أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ سَهْلِ بْنِ مُعَاذِ بْنِ أَنَسٍ الْجُهَنِيِّ عَنْ أَبِيهِ مَرْفُوعًا مَنْ حَرَسَ وَرَاءَ الْمُسْلِمِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ مُتَطَوِّعًا لَمْ يَرَ النَّارَ بِعَيْنِهِ إِلَّا تَحِلَّةَ الْقَسَمِ فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا وَاخْتُلِفَ فِي مَوْضِعِ الْقَسَمِ مِنَ الْآيَةِ فَقِيلَ هُوَ مُقَدَّرٌ أَيْ وَاللَّهِ إِنْ مِنْكُمْ وَقِيلَ مَعْطُوفٌ عَلَى الْقَسَمِ الْمَاضِي فِي قَوْلِهِ تَعَالَى فوربك لنحشرنهم أَيْ وَرَبِّكِ إِنْ مِنْكُمْ وَقِيلَ هُوَ مُسْتَفَادٌ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى حَتْمًا مَقْضِيًّا أَيْ قَسَمًا وَاجِبًا كَذَا رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ طَرِيقِ مرّة عَن بن مَسْعُود وَمن طَرِيق بن أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ وَمِنْ طَرِيقِ سَعِيدٍ عَنْ قَتَادَةَ فِي تَفْسِيرِ هَذِهِ الْآيَةِ.

     وَقَالَ  الطِّيبِيُّ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالْقَسَمِ مَا دَلَّ عَلَى الْقَطْعِ وَالْبَتِّ مِنَ السِّيَاقِ فَإِنَّ قَوْله كَانَ على رَبك تذييل وَتَقْرِير لقَوْله وَأَن مِنْكُم فَهَذَا بِمَنْزِلَة الْقسم بل أبلغ لمجئ الِاسْتِثْنَاءِ بِالنَّفْيِ وَالْإِثْبَاتِ وَاخْتَلَفَ السَّلَفُ فِي الْمُرَادِ بِالْوُرُودِ فِي الْآيَةِ فَقِيلَ هُوَ الدُّخُولُ رَوَى عبد الرَّزَّاق عَن بن عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ أَخْبَرَنِي مَنْ سمع من بن عَبَّاسٍ فَذَكَرَهُ وَرَوَى أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ وَالْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ مَرْفُوعًا الْوُرُودُ الدُّخُولُ لَا يَبْقَى بَرٌّ وَلَا فَاجِرٌ إِلَّا دَخَلَهَا فَتَكُونُ عَلَى الْمُؤمنِينَ بردا وَسلَامًا وروى التِّرْمِذِيّ وبن أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ السُّدِّيِّ سَمِعْتُ مُرَّةَ يُحَدِّثُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ يَرِدُونَهَا أَوْ يَلِجُونَهَا ثُمَّ يَصْدُرُونَ عَنْهَا بِأَعْمَالِهِمْ قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ.

.

قُلْتُ لِشُعْبَةَ إِنَّ إِسْرَائِيلَ يَرْفَعُهُ قَالَ صَدَقَ وَعَمْدًا أَدَعُهُ ثُمَّ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ عَنْ عَبْدِ بْنِ حُمَيْدٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مُوسَى عَنْ إِسْرَائِيلَ مَرْفُوعًا وَقِيلَ الْمُرَادُ بِالْوُرُودِ الْمَمَرُّ عَلَيْهَا رَوَاهُ الطَّبَرِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ طَرِيقِ بِشْرِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَمِنْ طَرِيقِ أَبِي الْأَحْوَصِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ وَمِنْ طَرِيقِ مَعْمَرٍ وَسَعِيدٍ عَنْ قَتَادَةَ وَمِنْ طَرِيقِ كَعْبِ الْأَحْبَارِ وَزَادَ يَسْتَوُونَ كُلُّهُمْ عَلَى مَتْنِهَا ثُمَّ يُنَادِي مُنَادٍ أَمْسِكِي أَصْحَابَكِ وَدَعِي أَصْحَابِي فَيَخْرُجُ الْمُؤْمِنُونَ نَدِيَّةً أَبْدَانُهُمْ وَهَذَانِ الْقَوْلَانِ أَصَحُّ مَا وَرَدَ فِي ذَلِكَ وَلَا تَنَافِيَ بَيْنَهُمَا لِأَنَّ مَنْ عَبَرَ بِالدُّخُولِ تَجَوَّزَ بِهِ عَنِ الْمُرُورِ وَوَجْهُهُ أَنَّ الْمَارَّ عَلَيْهَا فَوْقَ الصِّرَاطِ فِي مَعْنَى مَنْ دَخَلَهَا لَكِنْ تَخْتَلِفُ أَحْوَالُ الْمَارَّةِ بِاخْتِلَافِ أَعْمَالِهِمْ فَأَعْلَاهُمْ دَرَجَةً مَنْ يَمُرُّ كَلَمْعِ الْبَرْقِ كَمَا سَيَأْتِي تَفْصِيلُ ذَلِكَ عِنْدَ شَرْحِ حَدِيثِ الشَّفَاعَةِ فِي الرِّقَاقِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَيُؤَيِّدُ صِحَّةَ هَذَا التَّأْوِيلِ مَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ أُمِّ مُبَشِّرٍ إِنَّ حَفْصَةَ قَالَتْ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا قَالَ لَا يَدْخُلُ أَحَدٌ شَهِدَ الْحُدَيْبِيَةَ النَّارَ أَلَيْسَ اللَّهُ يَقُولُ وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا فَقَالَ لَهَا أَلَيْسَ اللَّهُ تَعَالَى يَقُولُ ثُمَّ ننجي الَّذين اتَّقوا الْآيَةَ وَفِي هَذَا بَيَانُ ضَعْفِ قَوْلِ مَنْ قَالَ الْوُرُودُ مُخْتَصٌّ بِالْكُفَّارِ وَمَنْ قَالَ مَعْنَى الْوُرُودِ الدُّنُوُّ مِنْهَا وَمَنْ قَالَ مَعْنَاهُ الْإِشْرَافُ عَلَيْهَا وَمَنْ قَالَ مَعْنَى وُرُودِهَا مَا يُصِيبُ الْمُؤْمِنَ فِي الدُّنْيَا مِنَ الْحُمَّى عَلَى أَنَّ هَذَا الْأَخِيرَ لَيْسَ بِبَعِيدٍ وَلَا يُنَافِيهِ بَقِيَّةُ الْأَحَادِيثِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَفِي حَدِيثِ الْبَابِ مِنَ الْفَوَائِدِ غَيْرِ مَا تَقَدَّمَ أَنَّ أَوْلَادَ الْمُسْلِمِينَ فِي الْجَنَّةِ لِأَنَّهُ يَبْعُدُ أَنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ لِلْآبَاءِ بِفَضْلِ رَحْمَتِهِ لِلْأَبْنَاءِ وَلَا يَرْحَمُ الْأَبْنَاءَ قَالَهُ الْمُهَلَّبُ وَكَوْنُ أَوْلَادِ الْمُسْلِمِينَ فِي الْجَنَّةِ قَالَهُ الْجُمْهُورُ وَوَقَفَتْ طَائِفَةٌ قَلِيلَةٌ وَسَيَأْتِي الْبَحْثُ فِي ذَلِكَ فِي أَوَاخِرِ كِتَابِ الْجَنَائِزِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَفِيهِ أَنَّ من حلف أَن لَا يفعل كَذَا ثُمَّ فَعَلَ مِنْهُ شَيْئًا وَلَوْ قَلَّ بَرَّتْ يَمِينُهُ خِلَافًا لِمَالِكٍ قَالَهُ عِيَاضٌ وَغَيْرُهُ

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
[ قــ :1205 ... غــ : 1251 ]
- حَدَّثَنَا عَلِيٌّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ سَمِعْتُ الزُّهْرِيَّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «لاَ يَمُوتُ لِمُسْلِمٍ ثَلاَثَةٌ مِنَ الْوَلَدِ فَيَلِجَ النَّارَ إِلاَّ تَحِلَّةَ الْقَسَمِ».
[الحديث 1251 - طرفه في: 6656] .

وبه قال: ( حدّثنا علي) هو: ابن المديني.
قال: ( حدّثنا سفيان) بن عيينة ( قال: سمعت الزهري) محمد بن مسلم بن شهاب ( عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة، رضي الله عنه، عن النبي، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، قال) :
( لا يموت لمسلم) رجل أو امرأة ( ثلاثة من الولد، فيلج النار) أي: فيدخلها، وفي الإيمان والنذور، عند المؤلّف من رواية مالك، عن الزهري: لا يموت لأحد من المسلمين ثلاثة من الولد تمسه النار، ( إلا تحلة القسم) بفتح المثناة الفوقية وكسر المهملة وتشديد اللام، والقسم: بفتح القاف والسين، أي: ما تحل به اليمين، أي: يكفرها.

تقول: فعلته تحلة القسم، أي: إلا بقدر ما حللت به يميني، ولم أبالغ.

وقال الطيبي: هو مثل في القليل المفرط في القلة، والمراد به هنا تقليل الورود أو المس، أو قلة زمانه.

وقوله: فيلج، نصب لأن الفعل المضارع ينصب بعد النفي بأن مقدرة بعد الفاء، لكن حكى الطيبي، فيما ذكره عنه جماعة، وأقروه عليه، ورأيته في شرح المشكاة له، منعه عن بعضهم، وذكره ابن فرشتاه في شرح المشارق، عن الشيخ أكمل الدين معللاً: بأن شرط ذلك أن يكون ما قبل الفاء وما بعدها سببًا، ولا سببية هنا، لأنه ليس موت الأولاد ولا عدمه سببًا لولوج أبيهم النار.

وبيان ذلك، كما نبه عليه صاحب مصابيح الجامع، أنك تعمد إلى الفعل الذي هو غير

موجب، فتجعله موجبًا وتدخل عليه: إن الشرطية، وتجعل الفاء وما بعدها من الفعل جوابًا، كما تقول في قوله تعالى: { وَلَا تَطْغَوْا فِيهِ فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي} [طه: 81] أن تطغوا فيه، فحلول الغضب حاصل، وفي قوله: ما تأتينا فتحدّثنا، إن تأتنا، فالحديث واقع وهنا إذا قلت: إن يمت لمسلم ثلاثة من الولد فولوج النار حاصل، لم يستقم.

قال الطيبي وكذا الشيخ أكمل الدين: فالفاء هنا بمعنى الواو التي للجمع، وتقديره: لا يجتمع لمسلم موت ثلاثة من أولاده وولوجه النار.
انتهى.

وأجاب ابن الحاجب، والدماميني، واللفظ له: بأنه يجوز النصب بعد الفاء الشبيهة بفاء السببية بعد النفي، مثلاً، وإن لم تكن السببية حاصلة، كما قالوا في أحد وجهي: ما تأتينا فتحدّثنا، إن النفي يكون راجعًا في الحقيقة إلى التحديث لا إلى الإتيان، أي: ما يكون منك إتيان يعقبه حديث، وإن حصل مطلق الإتيان.

كذلك هنا أي: لا يكون موت ثلاثة من الولد يعقبه ولوج النار، فيرجع النفي إلى القيد خاصة، فيحصل المقصود ضرورة إن مس النار إن لم يكن يعقب موت الأولاد وجب دخول الجنة، إذ ليس بين النار والجنة منزلة أخرى في الآخرة.

ولم يقيد الأولاد في هذا الحديث، كغيره، بكونهم لم يبلغوا الحنث، وحينئذ فيكون قوله، فيما سبق: لم يبلغوا الحنث، لا مفهوم له، كما مر.

وزاد في رواية غير الأربعة هنا، قال أبو عبد الله، أي: البخاري، مستشهدًا لتقليل مدة الدخول: { وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا} [مريم: 71] داخلها دخول جواز لا دخول عقاب، يمر بها المؤمن، وهي خامدة وتنهار بغيرهم.

روى النسائي والحاكم من حديث جابر مرفوعًا: الورود الدخول، لا يبقى بر ولا فاجر إلا دخلها، فتكون على المؤمن بردًا وسلامًا.

وقيل: ورودها الجواز على الصراط، فإنه ممدود عليها، رواه الطبراني وغيره، من طريق بشر بن سعيد، عن أبي هريرة، ومن طريق كعب الاحبار، وزاد يستوون كلهم على متنها، ثم ينادي مناد: أمسكي أصحابك، ودعي أصحابي، فيخرج المؤمنون ندية أبدانهم.

وحديث الباب أخرجه مسلم في: الأدب، والنسائي في: التفسير، وابن ماجة في: الجنائز.

وحديث شريك مقدم على حديث مسلم في رواية أبي ذر.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
[ قــ :1205 ... غــ :1251 ]
- حدَّثنا عَلِيٌّ قَالَ حدَّثنا سُفْيَانُ قَالَ سَمِعْتُ الزُّهْرِيَّ عنْ سَعِيدِ بنِ المُسَيَّبِ عنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ عنِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لاَ يَمْوتُ لِمُسْلِمٍ ثَلاَثَةٌ مِنَ الوَلَدِ فَيَلِجَ النَّارَ إلاَّ تَحِلَّةَ القَسَمْ.

(الحَدِيث 1521 طرفه فِي: 6566) .

مطابقته للتَّرْجَمَة قد ذَكرنَاهَا فِي الْحَدِيثين السَّابِقين، وَرِجَاله قد ذكرُوا غير مرّة، وَعلي هُوَ ابْن الْمَدِينِيّ وسُفْيَان هُوَ ابْن عُيَيْنَة وَالزهْرِيّ هُوَ مُحَمَّد بن مُسلم.

والْحَدِيث أخرجه مُسلم فِي الْأَدَب عَن أبي بكر بن أبي بكر بن أبي شيبَة وَعَمْرو النَّاقِد وَزُهَيْر بن حَرْب.
وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي التَّفْسِير عَن مُحَمَّد بن عبد الله بن يزِيد.
وَأخرجه ابْن مَاجَه فِي الْجَنَائِز عَن أبي بكر بن أبي شيبَة.

ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: (لَا يَمُوت لمُسلم) ، قيد الْإِسْلَام شَرط لِأَنَّهُ لَا نجاة للْكَافِرِ بِمَوْت أَوْلَاده، وَإِنَّمَا ينجو من النَّار بِالْإِيمَان والسلامة من الْمعاصِي، وَهَذِه اللَّفْظَة فِيهَا عُمُوم تَشْمَل الرِّجَال وَالنِّسَاء بِخِلَاف الرِّوَايَة الْمَاضِيَة لأبي هُرَيْرَة فَإِنَّهَا مُقَيّدَة بِالنسَاء.
قَوْله: (فيلج النَّار) من الولوج وَهُوَ الدُّخُول، يُقَال: ولج يلج ولوجا ولجة أَي: دخل، قَالَ سِيبَوَيْهٍ: إِنَّمَا جَاءَ مصدره ولوجا وَهُوَ من مصَادر غير الْمُتَعَدِّي على معنى: ولجت فِيهِ وأولجه أدخلهُ، قَالَ الله تَعَالَى: { يولج اللَّيْل فِي النَّهَار ويولج النَّهَار فِي اللَّيْل} (الْحَج: 16) .
أَي: يزِيد من هَذَا فِي ذَلِك وَمن ذَلِك فِي هَذَا.
قَوْله: (إلاَّ تَحِلَّة الْقسم) ، بِفَتْح التَّاء الْمُثَنَّاة من فَوق وَكسر الْحَاء وَتَشْديد اللَّام، وَهُوَ مصدر حلل الْيَمين أَي: كفرها.
يُقَال: حلل تحليلاً وتحلة وتحلاً وَهُوَ شَاذ، وَالتَّاء فِيهِ زَائِدَة، وَمعنى: تَحِلَّة، الْقسم: مَا ينْحل بِهِ الْقسم وَهُوَ الْيَمين تَقول الْعَرَب: ضربه تحليلاً وضربه تعزيرا إِذا لم يُبَالغ فِي ضربه، وَهَذَا مثل فِي الْقَلِيل المفرط الْقلَّة وَهُوَ أَن يُبَاشر من الْفِعْل الَّذِي يقسم عَلَيْهِ الْمِقْدَار الَّذِي يبر قسمه بِهِ مثل أَن يحلف على النُّزُول بمَكَان فَلَو وَقع بِهِ وقْعَة خَفِيفَة أَجْزَأته فَتلك تَحِلَّة قسمه،.

     وَقَالَ  أهل اللُّغَة: يُقَال فعلته تَحِلَّة الْقسم، أَي: قدر مَا حللت بِهِ يَمِيني، وَلم أبالغ،.

     وَقَالَ  الْخطابِيّ: حللت الْقسم تَحِلَّة أَي: أبررتها، بقوله: { وَإِن مِنْكُم إلاَّ واردها} (مَرْيَم: 17) .
أَي: لَا يدْخل النَّار ليعاقبه بهَا، وَلكنه يجوز عَلَيْهَا فَلَا يكون ذَلِك إلاَّ بِقدر مَا يبر الله بِهِ قسمه، وَالْقسم مُضْمر كَأَنَّهُ قَالَ: وَإِن مِنْكُم وَالله إلاَّ واردها..
     وَقَالَ  ابْن بطال: المُرَاد بِهَذِهِ الْكَلِمَة تقليل مكث الشَّيْء، وشبهوه بتحليل الْقسم..
     وَقَالَ  الْجَوْهَرِي: التَّحْلِيل ضد التَّحْرِيم، تَقول: حللته تحليلاً وتحلة.
وَفِي الحَدِيث: (إلاَّ تَحِلَّة الْقسم) أَي: قدر مَا يبر الله قسمه فِيهِ بقوله: { وَإِن مِنْكُم إلاَّ واردها} (مَرْيَم: 17) ..
     وَقَالَ  الْقُرْطُبِيّ: اخْتلف فِي المُرَاد بِهَذَا الْقسم، فَقيل: هُوَ معِين، وَقيل: غير معِين، فالجمهور على الأول.
وَقيل: لم يعن بِهِ قسم بِعَيْنِه.
وَإِنَّمَا مَعْنَاهُ: التقليل لأمر وُرُودهَا، وَهَذَا اللَّفْظ يسْتَعْمل فِي هَذَا، يُقَال: مَا ينَام فلَان إلاَّ كتحليل الألية، وَيُقَال: مَا ضربه إلاَّ تحليلاً إِذا لم يُبَالغ فِي الضَّرْب، أَي: قدرا يُصِيبهُ مِنْهُ مَكْرُوه..
     وَقَالَ  جُمْهُور الْعلمَاء: المُرَاد بِهِ قَوْله تَعَالَى: { وَإِن مِنْكُم إلاَّ واردها} (مَرْيَم: 17) .
وَلَيْسَ المُرَاد دُخُولهَا للعقاب، وَلَكِن للْجُوَاز.
كَمَا قَالَه الْخطابِيّ، وَيدل على ذَلِك مَا رَوَاهُ عبد الرَّزَّاق عَن معمر عَن الزُّهْرِيّ فِي آخر هَذَا الحَدِيث: إلاَّ تَحِلَّة الْقسم، يَعْنِي: الْوُرُود، وَفِي (سنَن أبي سعيد بن مَنْصُور) : عَن سُفْيَان بن عُيَيْنَة فِي آخِره ثمَّ قَرَأَ سُفْيَان: { وَإِن مِنْكُم إلاَّ واردها} (مَرْيَم: 17) .
وَمن طَرِيق زَمعَة بن صَالح عَن الزُّهْرِيّ فِي آخِره، قيل: وَمَا تَحِلَّة الْقسم؟ قَالَ: قَوْله تَعَالَى: { وَإِن مِنْكُم إلاَّ واردها} (مَرْيَم: 17) .
وَكَذَا وَقع فِي رِوَايَة كَرِيمَة فِي أصل البُخَارِيّ.
قَالَ أَبُو عبد الله: { وَإِن مِنْكُم إلاَّ واردها} (مَرْيَم: 17) .
وَالْمرَاد: بأبو عبد الله، هُوَ البُخَارِيّ نَفسه، وَلم يَقع هَذَا فِي رِوَايَة غير كَرِيمَة، وَمن أقوى الدَّلِيل على أَن المُرَاد من الْوُرُود: الْجَوَاز، حَدِيث عبد الرَّحْمَن بن بشير الْأنْصَارِيّ الَّذِي ذَكرْنَاهُ فِي أَوَائِل الْبابُُ، وَهُوَ: (من مَاتَ لَهُ ثَلَاثَة من الْوَلَد لم يبلغُوا الْحِنْث لم يرد النَّار إلاَّ على عَابِر سَبِيل) ، يَعْنِي: الْجَوَاز على الصِّرَاط، وَمَعَ هَذَا اخْتلف السّلف فِي المُرَاد بالورود فِي الْآيَة، فَقيل: هُوَ الدُّخُول، وَاسْتدلَّ على ذَلِك بِمَا رَوَاهُ أَحْمد وَالنَّسَائِيّ وَالْحَاكِم من حَدِيث جَابر مَرْفُوعا (الْوُرُود: الدُّخُول، لَا يبْقى بر وَلَا فَاجر إلاَّ دَخلهَا، فَيكون على الْمُؤمنِينَ بردا وَسلَامًا) وَرَوَاهُ ابْن أبي شيبَة أَيْضا وَزَاد: (كَمَا كَانَت على إِبْرَاهِيم حَتَّى إِن للنار أَو لِجَهَنَّم ضجيج من بردهمْ، ثمَّ يُنجي الله الَّذين اتَّقوا ويذر الظَّالِمين فِيهَا جثيا) .
وروى التِّرْمِذِيّ،.

     وَقَالَ : حَدثنَا عبد بن حميد، قَالَ: أخبرنَا عبيد الله بن مُوسَى عَن إِسْرَائِيل (عَن السّديّ قَالَ: سَأَلت مرّة الْهَمدَانِي عَن قَول الله تَعَالَى: { وَإِن مِنْكُم إلاَّ واردها} (مَرْيَم: 17) .
فَحَدثني أَن عبد الله بن مَسْعُود حَدثهمْ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يرد النَّاس النَّار ثمَّ يصدرون عَنْهَا بأعمالهم، فأولهم كلمح الْبَرْق ثمَّ كَالرِّيحِ ثمَّ كحضر الْفرس ثمَّ كالراكب فِي رَحْله ثمَّ كشد الرجل ثمَّ كمشيه) ، هَذَا حَدِيث حسن، وَرَوَاهُ شُعْبَة عَن السّديّ وَلم يرفعهُ.
حَدثنَا مُحَمَّد بن بشار، قَالَ: حَدثنَا عبد الرَّحْمَن عَن شُعْبَة: عَن السّديّ بِمثلِهِ، قَالَ عبد الرَّحْمَن: قلت لشعبة: إِن إِسْرَائِيل حَدثنِي عَن السّديّ عَن مرّة عَن عبد الله عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ شُعْبَة وَقد سمعته من السّديّ مَرْفُوعا وَلَكِنِّي أَدَعهُ عمدا.
وَقيل: المُرَاد بالورود الْمَمَر عَلَيْهَا.
وَاسْتدلَّ على ذَلِك بِمَا رَوَاهُ الإِمَام أَبُو اللَّيْث السَّمرقَنْدِي، قَالَ: حَدثنَا أَبُو الْحسن مُحَمَّد بن مُحَمَّد مندوست، قَالَ: حَدثنَا فَارس بن مرْدَوَيْه، قَالَ: حَدثنَا مُحَمَّد بن الْفضل، قَالَ: حَدثنَا عَليّ بن عَاصِم، قَالَ: حَدثنَا يزِيد بن هَارُون، قَالَ: حَدثنَا الْجريرِي عَن أبي السَّلِيل عَن غنيم بن قيس (عَن أبي الْعَوام، قَالَ: قَالَ كَعْب: هَل تَدْرُونَ مَا قَوْله: { وَإِن مِنْكُم إلاَّ واردها} (مَرْيَم: 17) .
قَالُوا: مَا كُنَّا لنرى وُرُودهَا إلاَّ دُخُولهَا.
قَالَ: لَا، وَلَكِن وُرُودهَا: أَن يجاء بجهنم كَأَنَّهَا متن إهالة حَتَّى اسْتَوَت عَلَيْهَا أَقْدَام الْخَلَائق برهم وفاجرهم، نَادَى مُنَاد: خذي أَصْحَابك وذري أَصْحَابِي، فتجيب بِكُل ولي لَهَا وَهِي أعلم بهم من الْوَالِد بولده، وينجو الْمُؤْمِنُونَ ندية ثِيَابهمْ) قَوْله: (كَأَنَّهَا متن إهالة) أَي: ظهرهَا، والإهالة، بِكَسْر الْهمزَة، كل شَيْء من الأدهان مِمَّا يؤتدم بِهِ.
وَقيل: هُوَ مَا أذيب من الإلية والشحم.
وَقيل: الدسم الجامد.
وَقيل: المُرَاد بالورود الدنو مِنْهَا، وَقيل: الإشراف عَلَيْهَا.
وَقيل: المُرَاد بِهِ مَا يُصِيب الْمُؤمن فِي الدُّنْيَا من الْحمى، وَهُوَ محكي عَن مُجَاهِد فَإِنَّهُ قَالَ: الْحمى حَظّ الْمُؤمن من النَّار، وَقيل: الْوُرُود مُخْتَصّ بالكفار، وَاسْتدلَّ على ذَلِك بِقِرَاءَة بَعضهم: { وَإِن مِنْكُم إلاَّ واردها} وَحكي ذَلِك عَن ابْن عَبَّاس أَيْضا، وَيكون الْوُرُود على ذَلِك فِي الْكفَّار دون الْمُؤمنِينَ،.

     وَقَالَ  أَبُو عمر: ظَاهر قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (فَتَمَسهُ النَّار) ، يدل على أَن المُرَاد بالورود الدُّخُول، لِأَن الْمَسِيس حَقِيقَة فِي اللُّغَة: المماسة، ثمَّ قَالَ: رُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس وَعلي، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، أَن الْوُرُود الدُّخُول، وَكَذَا رَوَاهُ أَحْمد بن حَنْبَل عَن جَابر.
انْتهى.
وَيدل على صِحَة ذَلِك مَا رَوَاهُ مُسلم من حَدِيث أم مُبشر: أَن حَفْصَة قَالَت للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما قَالَ: (لَا يدْخل أحد شهد الْحُدَيْبِيَة النَّار: أَلَيْسَ الله يَقُول: { وَإِن مِنْكُم إلاَّ واردها} (مَرْيَم: 17) .
فَقَالَ لَهَا: أَلَيْسَ الله يَقُول: { ثمَّ ننجي الَّذين اتَّقوا} (مَرْيَم: 27) .
الْآيَة، وَيكون على مَذْهَب هَؤُلَاءِ: ثمَّ ننجي الَّذين اتَّقوا بِخُرُوج الْمُتَّقِينَ من جملَة من يدخلهَا ليعلم فضل النِّعْمَة بِمَا شاهدوا فِيهِ أهل الْعَذَاب.

ذكر إعرابه: قَوْله: (فيلج النَّار) ، مَنْصُوب بِأَن الْمقدرَة، تَقْدِيره: فَأن يلج النَّار، لِأَن الْفِعْل الْمُضَارع الْمَنْفِيّ ينصب بِأَن الْمقدرَة، وَحكى الطَّيِّبِيّ عَن بَعضهم: إِنَّمَا تنصب الْفَاء الْفِعْل الْمُضَارع بِتَقْدِير: أَن إِذا كَانَ مَا قبلهَا أَو مَا بعْدهَا سَبَبِيَّة، وَلَا سَبَبِيَّة هَهُنَا، إِذْ لَا يجوز أَن يكون موت الْأَوْلَاد وَلَا عَدمه سَببا لولوج أَبِيهِم النَّار، فالفاء بِمَعْنى الْوَاو الَّتِي للجمعية، وَتَقْدِيره: لَا يجْتَمع لمُسلم موت ثَلَاثَة من أَوْلَاده وولوجه النَّار، وَنَظِيره مَا ورد: (مَا من عبد يَقُول فِي صباح كل يَوْم وَمَسَاء كل لَيْلَة: بِسم الله الَّذِي لَا يضر مَعَ اسْمه شَيْء فِي الأَرْض وَلَا فِي السَّمَاء وَهُوَ السَّمِيع الْعَلِيم، فيضره شَيْء) .
بِالنّصب، وَتَقْدِيره: لَا يجْتَمع قَول عبد هَذِه الْكَلِمَات فِي هَذِه الْأَوْقَات وضر شَيْء إِيَّاه.
قَالَ الطَّيِّبِيّ: إِن كَانَت الرِّوَايَة على النصب فَلَا محيد عَن ذَلِك، وَالرَّفْع يدل على أَنه لَا يُوجد ولوج النَّار عقيب موت الْأَوْلَاد إلاَّ مِقْدَارًا يَسِيرا، وَمعنى: فَاء التعقيب، كمعنى الْمَاضِي فِي قَوْله تَعَالَى: { ونادى أَصْحَاب الْجنَّة أَصْحَاب النَّار} (ك: 44) .
فِي أَن مَا سَيكون بمنزله الْكَائِن، لِأَن مَا أخبر بِهِ الصَّادِق من الْمُسْتَقْبل كالواقع،.

     وَقَالَ  بَعضهم: وَهَذَا قد تَلقاهُ جمَاعَة عَن الطَّيِّبِيّ وأقروه عَلَيْهِ، وَفِيه نظر، لِأَن السَّبَبِيَّة حَاصِلَة بِالنّظرِ إِلَى الِاسْتِثْنَاء، لِأَن الِاسْتِثْنَاء بعد النَّفْي إِثْبَات، فَكَانَ الْمَعْنى: أَن تَخْفيف الولوج مسبب عَن موت الْأَوْلَاد، وَهُوَ ظَاهر، لِأَن الولوج عَام وتخفيفه يَقع بِأُمُور مِنْهَا موت الْأَوْلَاد بِشَرْطِهِ، وَمَا ادَّعَاهُ أَن الْفَاء بِمَعْنى الْوَاو الَّتِي للْجمع فِيهِ نظر.
قلت: فِي كل وَاحِد من نظريه نظر، أما الأول: فلأنا لَا نسلم حُصُول السَّبَبِيَّة بِالنّظرِ إِلَى الِاسْتِثْنَاء، لِأَن الولوج هَهُنَا لَيْسَ على حَقِيقَته بالِاتِّفَاقِ، لِأَنَّهُ بِمَعْنى الْوُرُود، وَقد مر أَن فِي مَعْنَاهُ أقوالاً.
وَقَوله: لِأَن الِاسْتِثْنَاء بعد النَّفْي إِثْبَات مَحل نزاع، وَقد علم فِي مَوْضِعه.
وَإِمَّا الثَّانِي: فأيضا مَمْنُوع، لِأَن الْحُرُوف يَنُوب بَعْضهَا عَن بعض، وَلم يمْنَع أحد عَن ذَلِك أَلا ترى أَن بَعضهم قَالُوا: إِن الِاسْتِثْنَاء بِمَعْنى: الْوَاو، أَي: لَا تمسه النَّار قَلِيلا وَلَا كثيرا، وَلَا تَحِلَّة الْقسم، وَقد جوز الْفراء والأخفش وَأَبُو عُبَيْدَة مَجِيء: إلاَّ بِمَعْنى: الْوَاو، وَجعلُوا مِنْهُ قَوْله تَعَالَى: { لِئَلَّا يكون للنَّاس عَلَيْكُم حجَّة إِلَّا الَّذين ظلمُوا مِنْهُم} (الْبَقَرَة: 051) .
أَي: وَلَا الَّذين ظلمُوا مِنْهُم.