هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
1354 وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ يَعْنِي الثَّقَفِيَّ ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ ، عَنْ عَائِشَةَ ، أَنَّهَا قَالَتْ : كَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَصِيرٌ ، وَكَانَ يُحَجِّرُهُ مِنَ اللَّيْلِ فَيُصَلِّي فِيهِ ، فَجَعَلَ النَّاسُ يُصَلُّونَ بِصَلَاتِهِ ، وَيَبْسُطُهُ بِالنَّهَارِ ، فَثَابُوا ذَاتَ لَيْلَةٍ ، فَقَالَ : يَا أَيُّهَا النَّاسُ عَلَيْكُمْ مِنَ الْأَعْمَالِ مَا تُطِيقُونَ ، فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَمَلُّ حَتَّى تَمَلُّوا ، وَإِنَّ أَحَبَّ الْأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ مَا دُووِمَ عَلَيْهِ ، وَإِنْ قَلَّ . وَكَانَ آلُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا عَمِلُوا عَمَلًا أَثْبَتُوهُ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
1354 وحدثنا محمد بن المثنى ، حدثنا عبد الوهاب يعني الثقفي ، حدثنا عبيد الله ، عن سعيد بن أبي سعيد ، عن أبي سلمة ، عن عائشة ، أنها قالت : كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم حصير ، وكان يحجره من الليل فيصلي فيه ، فجعل الناس يصلون بصلاته ، ويبسطه بالنهار ، فثابوا ذات ليلة ، فقال : يا أيها الناس عليكم من الأعمال ما تطيقون ، فإن الله لا يمل حتى تملوا ، وإن أحب الأعمال إلى الله ما دووم عليه ، وإن قل . وكان آل محمد صلى الله عليه وسلم إذا عملوا عملا أثبتوه
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

'A'isha reported that the Messenger of Allah (ﷺ) had a mat and he used it for making an apartment during the night and observed prayer in it, and the people began to pray with him, and he spread it (the mat) during the day time. The people crowded round him one night. He (the Holy Prophet) then Eaid:

O people, perform such acts as you are capable of doing, for Allah does not grow weary but you will get tired. The acts most pleasing to Allah are those which are done continuously, even if they are small. And it was the habit of the members of Muhammad's (ﷺ) household that whenever they did an act they did it continuously.

شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [782] قوله ص عَلَيْكُمْ مِنَ الْأَعْمَالِ مَا تُطِيقُونَ أَيْ تُطِيقُونَ الدوام عليهبِلَا ضَرَرٍ وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى الْحَثِّ عَلَى الِاقْتِصَادِ فِي الْعِبَادَةِ وَاجْتِنَابِ التَّعَمُّقِ وَلَيْسَ الْحَدِيثُ مُخْتَصًّا بِالصَّلَاةِ بَلْ هُوَ عَامٌّ فِي جَمِيعِ أَعْمَالِ الْبِرِّ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَمَلُّ حَتَّى تَمَلُّوا هُوَ بِفَتْحِ الْمِيمِ فِيهِمَا وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى لَا يَسْأَمُ حَتَّى تَسْأَمُوا وَهُمَا بِمَعْنًى قَالَ الْعُلَمَاءُ الْمَلَلُ وَالسَّآمَةُ بِالْمَعْنَى الْمُتَعَارَفِ فِي حَقِّنَا مُحَالٌ فِي حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى فَيَجِبُ تَأْوِيلُ الْحَدِيثِ قَالَ الْمُحَقِّقُونَ مَعْنَاهُ لَا يُعَامِلُكُمْ مُعَامَلَةَ الْمَالِّ فَيَقْطَعُ عَنْكُمْ ثَوَابَهُ وَجَزَاءَهُ وَبَسْطَ فَضْلِهِ وَرَحْمَتِهِ حَتَّى تَقْطَعُوا عَمَلَكُمْ وَقِيلَ مَعْنَاهُ لَا يَمَلُّ إذا مللتم وقاله بن قُتَيْبَةَ وَغَيْرُهُ وَحَكَاهُ الْخَطَّابِيُّ وَغَيْرُهُ وَأَنْشَدُوا فِيهِ شِعْرًا قَالُوا وَمِثَالُهُ .

     قَوْلُهُ مْ فِي الْبَلِيغِ فُلَانٌ لَا يَنْقَطِعُ حَتَّى يَقْطَعَ خُصُومَهُ مَعْنَاهُ لَا يَنْقَطِعُ إِذَا انْقَطَعَ خُصُومُهُ وَلَوْ كَانَ مَعْنَاهُ يَنْقَطِعُ إِذَا انْقَطَعَ خُصُومُهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ فَضْلٌ عَلَى غَيْرِهِ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ كَمَالُ شَفَقَتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَأْفَتِهِ بِأُمَّتِهِ لِأَنَّهُ أَرْشَدَهُمْ إِلَى مَا يُصْلِحُهُمْ وَهُوَ مَا يُمْكِنُهُمُ الدَّوَامُ عَلَيْهِ بِلَا مَشَقَّةٍ وَلَا ضَرَرٍ فَتَكُونُ النَّفْسُ أَنْشَطَ وَالْقَلْبُ مُنْشَرِحًا فَتَتِمُّ الْعِبَادَةُ بِخِلَافِ مَنْ تَعَاطَى مِنَ الْأَعْمَالِ مَا يَشُقُّ فَإِنَّهُ بِصَدَدِ أَنْ يَتْرُكَهُ أَوْ بَعْضَهُ أَوْ يَفْعَلَهُ بِكُلْفَةٍ وَبِغَيْرِ انْشِرَاحِ الْقَلْبِ فَيَفُوتُهُ خَيْرٌ عَظِيمٌ وَقَدْ ذَمَّ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى مَنِ اعْتَادَ عِبَادَةً ثُمَّ أَفْرَطَ فَقَالَ تَعَالَى وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رعايتها وَقَدْ نَدِمَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ عَلَى تَرْكِهِ قَبُولَ رُخْصَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي تَخْفِيفِ الْعِبَادَةِ وَمُجَانَبَةِ التَّشْدِيدِ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِنَّ أَحَبَّ الْأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ مَا دُووِمَ عَلَيْهِ وَإِنْ قَلَّ هَكَذَا ضَبَطْنَاهُ دُووِمَ عَلَيْهِ وَكَذَا هُوَ فِي مُعْظَمِ النُّسَخِ دُووِمَ بِوَاوَيْنِ وَوَقَعَ فِي بَعْضِهَا دُوِمَ بِوَاوٍ وَاحِدَةٍ وَالصَّوَابُ الْأَوَّلُ وَفِيهِ الْحَثُّ عَلَى الْمُدَاوَمَةِ عَلَى الْعَمَلِ وَأَنَّ قَلِيلَهُ الدَّائِمَ خَيْرٌ مِنْ كَثِيرٍ يَنْقَطِعُ وَإِنَّمَا كَانَ الْقَلِيلُ الدَّائِمُ خَيْرًا مِنْ الْكَثِيرِ الْمُنْقَطِعِ لِأَنَّ بِدَوَامِ الْقَلِيلِ تَدُومُ الطَّاعَةُ وَالذِّكْرُ وَالْمُرَاقَبَةُ وَالنِّيَّةُ وَالْإِخْلَاصُ وَالْإِقْبَالُ عَلَى الْخَالِقِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَيُثْمِرُ الْقَلِيلُ الدَّائِمُ بِحَيْثُ يَزِيدُ عَلَى الْكَثِيرِ الْمُنْقَطِعِ أَضْعَافًا كَثِيرَةًبِلَا ضَرَرٍ وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى الْحَثِّ عَلَى الِاقْتِصَادِ فِي الْعِبَادَةِ وَاجْتِنَابِ التَّعَمُّقِ وَلَيْسَ الْحَدِيثُ مُخْتَصًّا بِالصَّلَاةِ بَلْ هُوَ عَامٌّ فِي جَمِيعِ أَعْمَالِ الْبِرِّ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَمَلُّ حَتَّى تَمَلُّوا هُوَ بِفَتْحِ الْمِيمِ فِيهِمَا وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى لَا يَسْأَمُ حَتَّى تَسْأَمُوا وَهُمَا بِمَعْنًى قَالَ الْعُلَمَاءُ الْمَلَلُ وَالسَّآمَةُ بِالْمَعْنَى الْمُتَعَارَفِ فِي حَقِّنَا مُحَالٌ فِي حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى فَيَجِبُ تَأْوِيلُ الْحَدِيثِ قَالَ الْمُحَقِّقُونَ مَعْنَاهُ لَا يُعَامِلُكُمْ مُعَامَلَةَ الْمَالِّ فَيَقْطَعُ عَنْكُمْ ثَوَابَهُ وَجَزَاءَهُ وَبَسْطَ فَضْلِهِ وَرَحْمَتِهِ حَتَّى تَقْطَعُوا عَمَلَكُمْ وَقِيلَ مَعْنَاهُ لَا يَمَلُّ إذا مللتم وقاله بن قُتَيْبَةَ وَغَيْرُهُ وَحَكَاهُ الْخَطَّابِيُّ وَغَيْرُهُ وَأَنْشَدُوا فِيهِ شِعْرًا قَالُوا وَمِثَالُهُ .

     قَوْلُهُ مْ فِي الْبَلِيغِ فُلَانٌ لَا يَنْقَطِعُ حَتَّى يَقْطَعَ خُصُومَهُ مَعْنَاهُ لَا يَنْقَطِعُ إِذَا انْقَطَعَ خُصُومُهُ وَلَوْ كَانَ مَعْنَاهُ يَنْقَطِعُ إِذَا انْقَطَعَ خُصُومُهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ فَضْلٌ عَلَى غَيْرِهِ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ كَمَالُ شَفَقَتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَأْفَتِهِ بِأُمَّتِهِ لِأَنَّهُ أَرْشَدَهُمْ إِلَى مَا يُصْلِحُهُمْ وَهُوَ مَا يُمْكِنُهُمُ الدَّوَامُ عَلَيْهِ بِلَا مَشَقَّةٍ وَلَا ضَرَرٍ فَتَكُونُ النَّفْسُ أَنْشَطَ وَالْقَلْبُ مُنْشَرِحًا فَتَتِمُّ الْعِبَادَةُ بِخِلَافِ مَنْ تَعَاطَى مِنَ الْأَعْمَالِ مَا يَشُقُّ فَإِنَّهُ بِصَدَدِ أَنْ يَتْرُكَهُ أَوْ بَعْضَهُ أَوْ يَفْعَلَهُ بِكُلْفَةٍ وَبِغَيْرِ انْشِرَاحِ الْقَلْبِ فَيَفُوتُهُ خَيْرٌ عَظِيمٌ وَقَدْ ذَمَّ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى مَنِ اعْتَادَ عِبَادَةً ثُمَّ أَفْرَطَ فَقَالَ تَعَالَى وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رعايتها وَقَدْ نَدِمَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ عَلَى تَرْكِهِ قَبُولَ رُخْصَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي تَخْفِيفِ الْعِبَادَةِ وَمُجَانَبَةِ التَّشْدِيدِ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِنَّ أَحَبَّ الْأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ مَا دُووِمَ عَلَيْهِ وَإِنْ قَلَّ هَكَذَا ضَبَطْنَاهُ دُووِمَ عَلَيْهِ وَكَذَا هُوَ فِي مُعْظَمِ النُّسَخِ دُووِمَ بِوَاوَيْنِ وَوَقَعَ فِي بَعْضِهَا دُوِمَ بِوَاوٍ وَاحِدَةٍ وَالصَّوَابُ الْأَوَّلُ وَفِيهِ الْحَثُّ عَلَى الْمُدَاوَمَةِ عَلَى الْعَمَلِ وَأَنَّ قَلِيلَهُ الدَّائِمَ خَيْرٌ مِنْ كَثِيرٍ يَنْقَطِعُ وَإِنَّمَا كَانَ الْقَلِيلُ الدَّائِمُ خَيْرًا مِنْ الْكَثِيرِ الْمُنْقَطِعِ لِأَنَّ بِدَوَامِ الْقَلِيلِ تَدُومُ الطَّاعَةُ وَالذِّكْرُ وَالْمُرَاقَبَةُ وَالنِّيَّةُ وَالْإِخْلَاصُ وَالْإِقْبَالُ عَلَى الْخَالِقِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَيُثْمِرُ الْقَلِيلُ الدَّائِمُ بِحَيْثُ يَزِيدُ عَلَى الْكَثِيرِ الْمُنْقَطِعِ أَضْعَافًا كَثِيرَةًبِلَا ضَرَرٍ وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى الْحَثِّ عَلَى الِاقْتِصَادِ فِي الْعِبَادَةِ وَاجْتِنَابِ التَّعَمُّقِ وَلَيْسَ الْحَدِيثُ مُخْتَصًّا بِالصَّلَاةِ بَلْ هُوَ عَامٌّ فِي جَمِيعِ أَعْمَالِ الْبِرِّ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَمَلُّ حَتَّى تَمَلُّوا هُوَ بِفَتْحِ الْمِيمِ فِيهِمَا وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى لَا يَسْأَمُ حَتَّى تَسْأَمُوا وَهُمَا بِمَعْنًى قَالَ الْعُلَمَاءُ الْمَلَلُ وَالسَّآمَةُ بِالْمَعْنَى الْمُتَعَارَفِ فِي حَقِّنَا مُحَالٌ فِي حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى فَيَجِبُ تَأْوِيلُ الْحَدِيثِ قَالَ الْمُحَقِّقُونَ مَعْنَاهُ لَا يُعَامِلُكُمْ مُعَامَلَةَ الْمَالِّ فَيَقْطَعُ عَنْكُمْ ثَوَابَهُ وَجَزَاءَهُ وَبَسْطَ فَضْلِهِ وَرَحْمَتِهِ حَتَّى تَقْطَعُوا عَمَلَكُمْ وَقِيلَ مَعْنَاهُ لَا يَمَلُّ إذا مللتم وقاله بن قُتَيْبَةَ وَغَيْرُهُ وَحَكَاهُ الْخَطَّابِيُّ وَغَيْرُهُ وَأَنْشَدُوا فِيهِ شِعْرًا قَالُوا وَمِثَالُهُ .

     قَوْلُهُ مْ فِي الْبَلِيغِ فُلَانٌ لَا يَنْقَطِعُ حَتَّى يَقْطَعَ خُصُومَهُ مَعْنَاهُ لَا يَنْقَطِعُ إِذَا انْقَطَعَ خُصُومُهُ وَلَوْ كَانَ مَعْنَاهُ يَنْقَطِعُ إِذَا انْقَطَعَ خُصُومُهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ فَضْلٌ عَلَى غَيْرِهِ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ كَمَالُ شَفَقَتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَأْفَتِهِ بِأُمَّتِهِ لِأَنَّهُ أَرْشَدَهُمْ إِلَى مَا يُصْلِحُهُمْ وَهُوَ مَا يُمْكِنُهُمُ الدَّوَامُ عَلَيْهِ بِلَا مَشَقَّةٍ وَلَا ضَرَرٍ فَتَكُونُ النَّفْسُ أَنْشَطَ وَالْقَلْبُ مُنْشَرِحًا فَتَتِمُّ الْعِبَادَةُ بِخِلَافِ مَنْ تَعَاطَى مِنَ الْأَعْمَالِ مَا يَشُقُّ فَإِنَّهُ بِصَدَدِ أَنْ يَتْرُكَهُ أَوْ بَعْضَهُ أَوْ يَفْعَلَهُ بِكُلْفَةٍ وَبِغَيْرِ انْشِرَاحِ الْقَلْبِ فَيَفُوتُهُ خَيْرٌ عَظِيمٌ وَقَدْ ذَمَّ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى مَنِ اعْتَادَ عِبَادَةً ثُمَّ أَفْرَطَ فَقَالَ تَعَالَى وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رعايتها وَقَدْ نَدِمَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ عَلَى تَرْكِهِ قَبُولَ رُخْصَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي تَخْفِيفِ الْعِبَادَةِ وَمُجَانَبَةِ التَّشْدِيدِ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِنَّ أَحَبَّ الْأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ مَا دُووِمَ عَلَيْهِ وَإِنْ قَلَّ هَكَذَا ضَبَطْنَاهُ دُووِمَ عَلَيْهِ وَكَذَا هُوَ فِي مُعْظَمِ النُّسَخِ دُووِمَ بِوَاوَيْنِ وَوَقَعَ فِي بَعْضِهَا دُوِمَ بِوَاوٍ وَاحِدَةٍ وَالصَّوَابُ الْأَوَّلُ وَفِيهِ الْحَثُّ عَلَى الْمُدَاوَمَةِ عَلَى الْعَمَلِ وَأَنَّ قَلِيلَهُ الدَّائِمَ خَيْرٌ مِنْ كَثِيرٍ يَنْقَطِعُ وَإِنَّمَا كَانَ الْقَلِيلُ الدَّائِمُ خَيْرًا مِنْ الْكَثِيرِ الْمُنْقَطِعِ لِأَنَّ بِدَوَامِ الْقَلِيلِ تَدُومُ الطَّاعَةُ وَالذِّكْرُ وَالْمُرَاقَبَةُ وَالنِّيَّةُ وَالْإِخْلَاصُ وَالْإِقْبَالُ عَلَى الْخَالِقِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَيُثْمِرُ الْقَلِيلُ الدَّائِمُ بِحَيْثُ يَزِيدُ عَلَى الْكَثِيرِ الْمُنْقَطِعِ أَضْعَافًا كَثِيرَةً.

     قَوْلُهُ  وَكَانَ آلُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا عَمِلُوا عَمَلًا أَثْبَتُوهُ أَيْ لَازَمُوهُ وَدَاوَمُوا عَلَيْهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْآلِ هُنَا أَهْلُ بَيْتِهِ وَخَوَاصُّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَزْوَاجِهِ وَقَرَابَتِهِ وَنَحْوِهِمْ

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [782] فثابوا ذَات لَيْلَة أَي اجْتَمعُوا وَقيل رجعُوا للصَّلَاة عَلَيْكُم من الْأَعْمَال مَا تطيقون أَي تطيقون الدَّوَام عَلَيْهِ بِلَا ضَرَر فَإِن الله لَا يمل حَتَّى تملوا بِفَتْح الْمِيم فيهمَا قَالَ الْعلمَاء الْملَل بِالْمَعْنَى الْمُتَعَارف فِي حَقنا محَال فِي حق الله فَيجب تَأْوِيل الحَدِيث قَالَ الْمُحَقِّقُونَ مَعْنَاهُ لَا يعاملكم مُعَاملَة المَال فَيقطع عَنْكُم ثَوَابه وجزاءه وَبسط فَضله وَرَحمته حَتَّى تقطعوا أَعمالكُم وَقيل مَعْنَاهُ لَا يمل إِذا مللتم مَا دووم عَلَيْهِ فِي أَكثر الْأُصُول بواوين وَفِي بَعْضهَا بواو وَاحِدَة وَالصَّوَاب الأول وَإِن قل قَالَ النَّوَوِيّ إِنَّمَا كَانَ الْقَلِيل الدَّائِم خيرا من الْكثير الْمُنْقَطع لِأَن بدوام الْقَلِيل تدوم الطَّاعَة وَالذكر والمراقبة وَالنِّيَّة وَالْإِخْلَاص والإقبال على الْخَالِق سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ويثمر الْقَلِيل الدَّائِم بِحَيْثُ يزِيد على الْكثير الْمُنْقَطع أضعافا كَثِيرَة وَكَانَ آل مُحَمَّد المُرَاد هُنَا أهل بَيته وخواصه من أَزوَاجه وقرابته وَنَحْوهم أثبتوه أَي لازموه وداوموا عَلَيْهِ

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم حصير وكان يحجره من الليل فيصلي فيه فجعل الناس يصلون بصلاته ويبسطه بالنهار فثابوا ذات ليلة فقال: يا أيها الناس عليكم من الأعمال ما تطيقون فإن الله لا يمل حتى تملوا وإن أحب الأعمال إلى الله ما دووم عليه وإن قل.
وكان آل محمد صلى الله عليه وسلم إذا عملوا عملاً أثبتوه.

المعنى العام

من رحمة الله تعالى بالأمة الإسلامية أن رفع عنها الحرج والمشقة في عبادتها وأراد لها اليسر ولم يرد بها العسر، وأنزل على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم استجابة لدعاء صحابته { { لا يكلف الله نفسًا إلا وسعها لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا ربنا ولا تحمل علينا إصرًا كما حملته على الذين من قبلنا ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به واعف عنا واغفر لنا وارحمنا أنت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين } } [البقرة: 286] .

وتطبيقًا وتنفيذًا لهذه الرحمة الإلهية ترفق رسول الله صلى الله عليه وسلم بالأمة، ودعا المشددين على أنفسهم أن يرفقوا بها وأن لا يبالغوا في العبادة، فقال للنفر الثلاثة الذين عزموا على قيام الليل وصيام الدهر والبعد عن النساء: أما والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له لكني أصوم وأفطر، وأصلي وأرقد، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني.
وهنا يرى صلى الله عليه وسلم زوجه السيدة زينب بنت جحش وقد وضعت حبلاً تتعلق به ويمنعها من النوم أثناء قيامها بالليل، فيقول: حلوه، ليصل أحدكم مادام نشيطًا، وليترك الصلاة إذا فتر، لا تكلفوا أنفسكم من العبادة إلا ما تطيقون، فإن الله لا يحب العبادة مع الملل ولا يثيب عليها الثواب الكريم.
وهكذا يحث صلى الله عليه وسلم أمته أن لا يشقوا على أنفسهم فلا يتشدد في الدين أحد إلا غلبه، وأحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل.
فليتعبد المؤمن بما لا يشق عليه وعلى الله القبول.

المباحث العربية

( وكان يحجره من الليل) بضم الياء وفتح الحاء وبالجيم المشددة المكسورة.
وضبطه بعضهم بفتح الياء وسكون الحاء وضم الجيم أي يتخذه حجرة أو يقيمه حجرة.

( فثابوا ذات ليلة) أي رجعوا إلى التجمع.

( عليكم من الأعمال ما تطيقون) بضم التاء من أطاق بمعنى قدر، وليس المعنى ما تطيقونه، بل المعنى ما تطيقون الدوام عليه بلا ضرر ومشقة وحرج.
وعليكم اسم فعل أمر بمعنى الزموا.

( فإن اللَّه لا يمل حتى تملوا) الملل السآمة، أو فتور يعرض للنفس من كثرة مزاولة شيء، فيوجب الكلال في الفعل والإعراض عنه، يقال: مل يمل بفتح الميم فيهما، وفي الرواية السادسة: لا يسأم حتى تسأموا.
وهما بمعنى.

والملل والسآمة بالمعنى المتعارف في حقنا محال على الله تعالى، فيجب تأويله في جانبه تعالى.
قال النووي: قال المحققون: معناه لا يعاملكم معاملة المال فيقطع عنكم ثوابه وجزاءه وبسط فضله ورحمته حتى تقطعوا عملكم [هذه عبارته وكان الأولى أن يقول: لا يقطع أو لا ينقص عنكم ثوابه حتى تملوا وتسأموا ويذهب نشاطكم، وهذا المعنى في غاية الحسن، وفيه التنفير من العبادة مع السآمة حيث تصبح بعيدة عن الأجر المحبوب، ويقوي هذا المعنى ما رواه الطبري في تفسير سورة المزمل بلفظ: إن الله لا يمل من الثواب حتى تملوا من العمل.
فسمى قطعه تعالى للثواب أو إنقاصه مللاً على طريق المشاكلة لمجيئه لفظًا في صحبة ما هو ملل حقيقة]
وقيل: معناه لا يمل إذا مللتم.
وقاله ابن قتيبة وغيره، وحكاه الخطابي، قالوا: ومثاله قولهم في البليغ: فلان لا ينقطع حتى يقطع خصومه، معناه لا ينقطع إذا انقطع خصومه.
ولو كان معناه ينقطع إذا انقطع خصومه لم يكن له فضل على غيره.
انتهى من النووي.

وحاصله أن حتى هنا بمعنى حين وهذا المعنى بعيد في الحديث إذ مآله إلى أن الله لا يمل - أي لا يمنع عطاءه عنكم حتى لو مللتم وسئمتم وعبدتم بدون نشاط - وهذا معناه الحث على العمل مع السآمة والحرص على المشقة وهذا نقيض ما يرمي إليه الحديث.

( وإن أحب الأعمال إلى اللَّه ما دووم عليه) قال النووي: هكذا ضبطناه دووم وكذا هو في معظم النسخ بواوين، ووقع في بعضها دوم بواو واحدة.
والصواب الأول.
اهـ.

( وكان آل محمد صلى الله عليه وسلم إذا عملوا عملاً أثبتوه) أي لازموه وداوموا عليه، قال النووي: والظاهر أن المراد بالآل هنا أهل بيته وخواصه صلى الله عليه وسلم من أزواجه وقرابته ونحوهم.
اهـ.
وقال بعضهم: إن المراد بآل محمد محمد نفسه صلى الله عليه وسلم، لأنه قد يقع على ذات الشيء، ومنه: مزمار من مزامير آل داود وهو توجيه حسن.
وسيأتي توضيحه بعد باب إن شاء اللَّه.

( كان عمله ديمة) بكسر الدال وإسكان الياء أي دائمًا غير منقطع ومنه سمي المطر المتوالي ديمة.

( وحبل ممدود بين ساريتين) في رواية البخاري بين الساريتين أي العمودين اللذين في جانب المسجد.

( قالوا: لزينب) أي هذا الحبل لزينب، أي بنت جحش أم المؤمنين.
بهذا جزم كثير من الشراح.

( فإذا كسلت) بكسر السين أي فترت.
فرواية عطف الفتور على الكسل من عطف التفسير بالمرادف.

( ليصل أحدكم نشاطه) اللام مكسورة لام الأمر، ونشاطه بفتح النون أي مدة نشاطه منصوب على الظرفية.

( فإذا كسل أو فتر قعد) أي ترك الصلاة، أو جلس وصلى من جلوس.
والأول أقرب.

( بنت تويت) بتاء مضمومة وواو مفتوحة آخره تاء.

( قال صلى اللَّه عليه وسلم: لا تنام الليل؟) على الاستفهام التعجبي، أو الإنكاري التوبيخي بمعنى لا ينبغي أن لا تنام الليل، بل ينبغي أن تنام.
وفسره في الموطأ قال: فكره ذلك حتى عرفت الكراهة في وجهه.

( إذا نعس أحدكم) هو بفتح العين، والنعاس خفيف النوم.

( لعله يذهب يستغفر فيسب نفسه) قال القاضي: معنى يستغفر هنا يدعو.
اهـ.
يعني أراد من طلب المغفرة مطلق الطلب للتوسعة في مجال الخطأ ولا مانع من إرادة المعنى الأصلي، وإرادة الدعاء على النفس من سب النفس حينئذ أولى، أي يذهب يدعو لنفسه فيدعو عليها، وهذا معنى قريب وجميل.

( استعجم عليه القرآن) أي استغلق ولم ينطق به لسانه نطقًا سهلاً صحيحًا لغلبة النعاس.

فقه الحديث

أحاديث الباب تحث على الاقتصاد في العبادة واجتناب التعمق، قال النووي: وليس ذلك مختصًا بالصلاة، بل هو عام في جميع أعمال البر.

ويؤخذ منها بعد هذا الهدف العام:

1- كمال شفقته صلى الله عليه وسلم ورأفته بأمته، لأنه أرشدهم إلى ما يصلحهم، وهو ما يمكنهم الدوام عليه بلا مشقة ولا ضرر، فتكون النفس أنشط والقلب منشرحًا فتتم العبادة بإحسان وروح، بخلاف من تعاطى من الأعمال ما يشق فإنه بصدد أن يتركه أو بعضه، أو يفعله بكلفة وبغير انشراح القلب فيفوته خير عظيم، وقد ذم الله تعالى من اعتاد عبادة ثم فرط فقال: { { ورهبانية ابتدعوها ما كتبناها عليهم إلا ابتغاء رضوان الله فما رعوها حق رعايتها } } [الحديد: 27] .
وقد ندم عبد الله بن عمرو بن العاص على تركه قبول رخصة رسول الله صلى الله عليه وسلم في تخفيف العبادة ومجانبة التشديد.
قاله النووي.

2- الحث على العمل، وأن قليله الدائم خير من كثير ينقطع، وإنما كان القليل الدائم خيرًا من الكثير المنقطع لأن القليل بدوامه تدوم الطاعة والذكر والمراقبة والنية والإخلاص والإقبال على الخالق سبحانه وتعالى، ويثمر القليل الدائم بحيث يزيد على الكثير المنقطع أضعافًا كثيرة.

3- ومن حديث زينب الحرص على النشاط في العبادة وأنه إذا فتر قعد حتى يذهب الفتور.

4- وإزالة المنكر باليد لمن تمكن منه.

5- وجواز تنفل المرأة في المسجد، فإنها كانت تصلي النافلة فيه فلم ينكر عليها.

6- ومن حديث الحولاء كراهة التشديد على النفس في العبادة، وأخذ منه بعضهم كراهة قيام الليل كله.
قال النووي.
مذهبنا ومذهب جماعة أو الأكثرين أن صلاة جميع الليل مكروهة، وعن جماعة من السلف: أنه لا بأس به، وهو رواية عن مالك إذا لم ينم عن الصبح.
اهـ.
لكن نقل الحافظ ابن حجر: أن الشافعي سئل عن قيام جميع الليل فقال: لا أكرهه إلا لمن خشي أن يضر بصلاة الصبح.
اهـ.
فالشافعي بهذا الجواب يوافق ما نقل عن مالك.
اهـ.
ولا أظن خلافًا وقع بين العلماء في كراهة قيام الليل كله لمن يغلبه النوم عن الصبح.
وإنما الخلاف في قيامه كله مع المحافظة على الصبح، فمن كرهه فللتشدد في الدين.

7- وفي الحديث الأخير الحث على الإقبال على الصلاة بخشوع وفراغ قلب ونشاط.

8- وفيه أمر الناعس بالنوم أو نحوه مما يذهب عنه النعاس، قال النووي: وهذا عام في صلاة الفرض والنفل في الليل والنهار، وهذا مذهبنا ومذهب الجمهور، لكن لا يخرج فريضة عن وقتها، وحمله مالك وجماعة على نفل الليل خاصة.

9- واستدل بعضهم بقوله: فليقعد.
على جواز افتتاح الصلاة قائمًا والقعود في أثنائها، وفيه خلاف سبق، ويحتمل أن يكون أمرًا بالقعود عن الصلاة وترك ما كان عزم عليه من النفل.

10- واستدل بعضهم على جواز قطع النافلة بعد الدخول فيها، وهو احتمال لا يصلح به الاستدلال.

11- واستدل به على كراهة التعلق بالحبل في الصلاة لتكلف طول القيام في النافلة، واختلف في الاستناد على عصا ونحوها.

12- واستدل به بعضهم على أنه لا يقرب الصلاة من لا يعقل أداءها وخشوعها فرضًا كانت أو نفلاً، والتحقيق أن ذلك في النفل خاصة.

13- واستدل به على أنه ليس للإنسان أن يسب نفسه ولا يدعو عليها، فالمراد من السب في الحديث الدعاء.

واللَّه أعلم

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  باب فَضِيلَةِ الْعَمَلِ الدَّائِمِ مِنْ قِيَامِ اللَّيْلِ وَغَيْرِهِ
[ سـ :1354 ... بـ :782]
وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ يَعْنِي الثَّقَفِيَّ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ كَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَصِيرٌ وَكَانَ يُحَجِّرُهُ مِنْ اللَّيْلِ فَيُصَلِّي فِيهِ فَجَعَلَ النَّاسُ يُصَلُّونَ بِصَلَاتِهِ وَيَبْسُطُهُ بِالنَّهَارِ فَثَابُوا ذَاتَ لَيْلَةٍ فَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عَلَيْكُمْ مِنْ الْأَعْمَالِ مَا تُطِيقُونَ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَمَلُّ حَتَّى تَمَلُّوا وَإِنَّ أَحَبَّ الْأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ مَا دُووِمَ عَلَيْهِ وَإِنْ قَلَّ وَكَانَ آلُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا عَمِلُوا عَمَلًا أَثْبَتُوهُ
قَوْلُهُ : ( وَكَانَ يُحَجِّرُهُ مِنَ اللَّيْلِ وَيَبْسُطُهُ بِالنَّهَارِ ) وَهَكَذَا ضَبَطْنَاهُ ( يُحَجِّرُ ) بِضَمِّ الْيَاءِ وَفَتْحِ الْحَاءِ وَكَسْرِ الْجِيمِ الْمُشَدَّدَةِ أَيْ يَتَّخِذُهُ حُجْرَةً كَمَا فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى .
وَفِيهِ : إِشَارَةٌ إِلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنَ الزَّهَادَةِ فِي الدُّنْيَا وَالْإِعْرَاضِ عَنْهَا ، وَالْإِثْرَاءِ مِنْ مَتَاعِهَا بِمَا لَا بُدَّ مِنْهُ .

قَوْلُهُ : ( فَثَابُوا ذَاتَ لَيْلَةٍ ) أَيِ اجْتَمَعُوا .
وَقِيلَ : رَجَعُوا لِلصَّلَاةِ .

قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : ( عَلَيْكُمْ مِنَ الْأَعْمَالِ مَا تُطِيقُونَ ) أَيْ تُطِيقُونَ الدَّوَامَ عَلَيْهِ بِلَا ضَرَرٍ .
وَفِيهِ : دَلِيلٌ عَلَى الْحَثِّ عَلَى الِاقْتِصَادِ فِي الْعِبَادَةِ وَاجْتِنَابِ التَّعَمُّقِ ، وَلَيْسَ الْحَدِيثُ مُخْتَصًّا بِالصَّلَاةِ ، بَلْ هُوَ عَامٌّ فِي جَمِيعِ أَعْمَالِ الْبِرِّ .

قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : ( فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَمَلُّ حَتَّى تَمَلُّوا ) هُوَ بِفَتْحِ الْمِيمِ فِيهِمَا ، وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى : ( لَا يَسْأَمُ حَتَّى تَسْأَمُوا ) وَهُمَا بِمَعْنًى قَالَ الْعُلَمَاءُ : الْمَلَلُ وَالسَّآمَةُ بِالْمَعْنَى الْمُتَعَارَفِ فِي حَقِّنَا مُحَالٌ فِي حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى ، فَيَجِبُ تَأْوِيلُ الْحَدِيثِ .
قَالَ الْمُحَقِّقُونَ : مَعْنَاهُ لَا يُعَامِلُكُمْ مُعَامَلَةَ الْمَالِّ فَيَقْطَعُ عَنْكُمْ ثَوَابَهُ وَجَزَاءَهُ ، وَبَسْطَ فَضْلِهِ وَرَحْمَتِهِ حَتَّى تَقْطَعُوا عَمَلَكُمْ ، وَقِيلَ : مَعْنَاهُ لَا يَمَلُّ إِذَا مَلَلْتُمْ ،.

     وَقَالَ هُ ابْنُ قُتَيْبَةَ وَغَيْرُهُ ، وَحَكَاهُ الْخَطَّابِيُّ وَغَيْرُهُ ، وَأَنْشَدُوا فِيهِ شِعْرًا .
قَالُوا : وَمِثَالُهُ قَوْلُهُمْ فِي الْبَلِيغِ : فُلَانٌ لَا يَنْقَطِعُ حَتَّى يَقْطَعَ خُصُومَهُ .
مَعْنَاهُ : لَا يَنْقَطِعُ إِذَا انْقَطَعَ خُصُومُهُ ، وَلَوْ كَانَ مَعْنَاهُ يَنْقَطِعُ إِذَا انْقَطَعَ خُصُومُهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ فَضْلٌ عَلَى غَيْرِهِ ، وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ كَمَالُ شَفَقَتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَرَأْفَتِهِ بِأُمَّتِهِ ؛ لِأَنَّهُ أَرْشَدَهُمْ إِلَى مَا يُصْلِحُهُمْ وَهُوَ مَا يُمْكِنُهُمُ الدَّوَامُ عَلَيْهِ بِلَا مَشَقَّةٍ وَلَا ضَرَرٍ فَتَكُونُ النَّفْسُ أَنْشَطَ وَالْقَلْبُ مُنْشَرِحًا فَتَتِمُّ الْعِبَادَةُ ، بِخِلَافِ مَنْ تَعَاطَى مِنَ الْأَعْمَالِ مَا يَشُقُّ فَإِنَّهُ بِصَدَدِ أَنْ يَتْرُكَهُ أَوْ بَعْضَهُ أَوْ يَفْعَلَهُ بِكُلْفَةٍ وَبِغَيْرِ انْشِرَاحِ الْقَلْبِ ، فَيَفُوتُهُ خَيْرٌ عَظِيمٌ ، وَقَدْ ذَمَّ اللَّهُ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - مَنِ اعْتَادَ عِبَادَةً ثُمَّ أَفْرَطَ فَقَالَ تَعَالَى : وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا وَقَدْ نَدِمَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ عَلَى تَرْكِهِ قَبُولَ رُخْصَةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي تَخْفِيفِ الْعِبَادَةِ وَمُجَانَبَةِ التَّشْدِيدِ .

قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : ( وَإِنَّ أَحَبَّ الْأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ مَا دُووِمَ عَلَيْهِ وَإِنْ قَلَّ ) هَكَذَا ضَبَطْنَاهُ ( دُووِمَ عَلَيْهِ ) ، وَكَذَا هُوَ فِي مُعْظَمِ النُّسَخِ ( دُووِمَ ) بِوَاوَيْنِ وَوَقَعَ فِي بَعْضِهَا ( دُوِمَ ) بِوَاوٍ وَاحِدَةٍ ، وَالصَّوَابُ الْأَوَّلُ .
وَفِيهِ : الْحَثُّ عَلَى الْمُدَاوَمَةِ عَلَى الْعَمَلِ وَأَنَّ قَلِيلَهُ الدَّائِمَ خَيْرٌ مِنْ كَثِيرٍ يَنْقَطِعُ ، وَإِنَّمَا كَانَ الْقَلِيلُ الدَّائِمُ خَيْرًا مِنْ الْكَثِيرِ الْمُنْقَطِعِ ؛ لِأَنَّ بِدَوَامِ الْقَلِيلِ تَدُومُ الطَّاعَةُ وَالذِّكْرُ وَالْمُرَاقَبَةُ وَالنِّيَّةُ وَالْإِخْلَاصُ وَالْإِقْبَالُ عَلَى الْخَالِقِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ، وَيُثْمِرُ الْقَلِيلُ الدَّائِمُ بِحَيْثُ يَزِيدُ عَلَى الْكَثِيرِ الْمُنْقَطِعِ أَضْعَافًا كَثِيرَةً .

قَوْلُهُ : ( وَكَانَ آلُ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِذَا عَمِلُوا عَمَلًا أَثْبَتُوهُ ) أَيْ لَازَمُوهُ وَدَاوَمُوا عَلَيْهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْآلِ هُنَا أَهْلُ بَيْتِهِ وَخَوَاصُّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ أَزْوَاجِهِ وَقَرَابَتِهِ وَنَحْوِهِمْ .