هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
138 حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَبِيبٍ الْحَارِثِيُّ ، حَدَّثَنَا خَالِدٌ يَعْنِي ابْنَ الْحَارِثِ ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ، عَنْ أَنَسٍ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : حُبُّ الْأَنْصَارِ آيَةُ الْإِيمَانِ ، وَبُغْضُهُمْ آيَةُ النِّفَاقِ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
138 حدثنا يحيى بن حبيب الحارثي ، حدثنا خالد يعني ابن الحارث ، حدثنا شعبة ، عن عبد الله بن عبد الله ، عن أنس ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : حب الأنصار آية الإيمان ، وبغضهم آية النفاق
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

It is reported on the authority of Anas that the Messenger of Allah (may peace and blessings Be upon him) observed:

The sign of a hypocrite is the hatred against the Ansar and the sign of a believer is the love for the Ansar.

شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [74] .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (آيَةُ الْمُنَافِقِ بُغْضُ الْأَنْصَارِ وَآيَةُ الْمُؤْمِنِ حُبُّ الْأَنْصَارِ وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى حُبُّ الْأَنْصَارِ آيَةُ الْإِيمَانِ وَبُغْضُهُمْ آيَةُ النِّفَاقِ وَفِي الْأُخْرَى لَا يُحِبُّهُمْ إِلَّا مُؤْمِنٌ وَلَا يُبْغِضُهُمْ إِلَّا مُنَافِقٌ مَنْ أَحَبَّهُمْ أَحَبَّهُ اللَّهُ وَمَنْ أَبْغَضَهُمْ أَبْغَضَهُ اللَّهُ وَفِي الأخرى)لَا يُبْغِضُ الْأَنْصَارَ رَجُلٌ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَالَّذِي فَلَقَ الْحَبَّةَ وَبَرَأَ النَّسَمَةَ إِنَّهُ لَعَهْدُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيَّ أَنْ لَا يُحِبَّنِي إِلَّا مُؤْمِنٌ وَلَا يُبْغِضَنِي إِلَّا مُنَافِقٌ) قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْآيَةَ هِيَ الْعَلَامَةُ وَمَعْنَى هَذَهِ الْأَحَادِيثِ أَنَّ مَنْ عَرَفَ مَرْتَبَةَ الْأَنْصَارِ وَمَا كَانَ مِنْهُمْ فِي نُصْرَةِ دِينِ الْإِسْلَامِ وَالسَّعْيِ فِي إِظْهَارِهِ وَإِيوَاءِ الْمُسْلِمِينَ وَقِيَامِهِمْ فِي مُهِمَّاتِ دِينِ الْإِسْلَامِ حَقَّ الْقِيَامِ وَحُبِّهِمُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَحُبِّهِ إِيَّاهُمْ وَبَذْلِهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَأَنْفُسَهُمْ بَيْنَ يَدَيْهِ وَقِتَالِهِمْ وَمُعَادَاتِهِمْ سَائِرَ النَّاسِ إِيثَارًا لِلْإِسْلَامِ وَعَرَفَ مِنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قُرْبَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَحُبِّ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهُ وَمَا كَانَ مِنْهُ فِي نُصْرَةِ الْإِسْلَامِ وَسَوَابِقِهِ فِيهِ ثُمَّ أَحَبَّ الْأَنْصَارَ وَعَلِيًّا لِهَذَا كَانَ ذَلِكَ مِنْ دَلَائِلِ صِحَّةِ إِيمَانِهِ وَصِدْقِهِ فِي إِسْلَامِهِ لِسُرُورِهِ بِظُهُورِ الْإِسْلَامِ وَالْقِيَامِ بِمَا يُرْضِي اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَرَسُولَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَنْ أَبْغَضَهُمْ كَانَ بِضِدِّ ذَلِكَ وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى نِفَاقِهِ وَفَسَادِ سَرِيرَتِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

.
وَأَمَّا .

     قَوْلُهُ  فَلَقَ الْحَبَّةَ فَمَعْنَاهُ شَقَّهَا بِالنَّبَاتِ وَقَولُهُ وَبَرَأَ النَّسَمَةَ هُوَ بِالْهَمْزَةِ أَيْ خَلَقَالنَّسَمَةَ وَهِيَ بِفَتْحِ النُّونِ وَالسِّينِ وَهِيَ الْإِنْسَانُ وَقِيلَ النَّفْسُ وَحَكَى الْأَزْهَرِيُّ أَنَّ النَّسَمَةَ هِيَ النَّفْسُ وَأَنَّ كُلَّ دَابَّةٍ فِي جَوْفِهَا رُوحٌ فَهِيَ نَسَمَةٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

.
وَأَمَّا مَا يَتَعَلَّقُ بِأَسَانِيدِ الْبَابِ فَفِيهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَبْرٍ فَعَبْدُ مُكَبَّرٌ فِي اسْمِهِ وَاسْمُ أَبِيهِ وَجَبْرٌ بِفَتْحِ الْجِيمِ وَإِسْكَانِ الْبَاءِ وَيُقَالُ فِيهِ أَيْضًا جَابِرٌ وَفِيهِ الْبَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ وَهُوَ مَعْرُوفٌ بِالْمَدِّ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنَ الْمُحَدِّثِينَ وَأَهْلِ اللُّغَةِ والأخبار وأصحاب الفنون كلها قال الشيخ أبوعمرو بْنُ الصَّلَاحِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَحَفِظْتُ فِيهِ عَنْ بَعْضِ أَهْلِ اللُّغَةِ الْقَصْرَ وَالْمَدَّ وَفِيهِ يَعْقُوبُ بن عبد الرحمن القارىء بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ مَنْسُوبٌ إِلَى الْقَارَةِ قَبِيلَةٌ مَعْرُوفَةٌ وَفِيهِ زِرٌّ بِكَسْرِ الزَّايِ وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ وَهُوَ زِرُّ بْنُ حُبَيْشٍ وَهُوَ مِنَ الْمُعَمَّرِينَ أَدْرَكَ الجاهلية ومات سنة اثنتين وثمانين وهو بن مائة وعشرين سنة وقيل بن مِائَةٍ وَاثْنَتَيْنِ وَعِشْرِينَ سَنَةً وَقِيلَ مِائَةٍ وَسَبْعَةٍ وَعِشْرِينَ وَهُوَ أَسَدِيٌّ كُوفِيٌّ وَأمَّا قَوْلُ مُسْلِمٍ رَحِمَهُ اللَّهُ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جبر قَالَ سَمِعْتُ أَنَسًا يَقُولُ ثُمَّ قَالَ مُسْلِمٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَبِيبٍ الْحَارِثِيُّ حَدَّثَنَا خَالِدٌ يعنى بن الحرث حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَنَسٍ فَهَذَانِ الْإِسْنَادَانِ رِجَالُهُمَا كُلُّهُمْ بصريون الا بن جَبْرٍ فَإِنَّهُ أَنْصَارِيٌّ مَدَنِيٌّ وَقَدْ قَدَّمْنَا أَنَّ شُعْبَةَ وَإِنْ كَانَ وَاسِطِيًّا فَقَدِ اسْتَوْطَنَ الْبَصْرَةَ والله اعلم (باب بيان نقصان الايمان بنقص الطاعات وبيان اطلاق لفظ (الكفر على غير الكفر بالله ككفر النعمة والحقوق) .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (يَا مَعْشَرَ النِّسَاءِ تَصَدَّقْنَ وَأَكْثِرْنَ الِاسْتِغْفَارَ فَإِنِّي رَأَيْتُكُنَّ أَكْثَرَ أهل)النَّارِ فَقَالَتِ امْرَأَةٌ مِنْهُنَّ جَزْلَةٌ وَمَا لَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَكْثَرَ أَهْلِ النَّارِ قَالَ تُكْثِرْنَ اللَّعْنَ وَتَكْفُرْنَ الْعَشِيرَ مَا رَأَيْتُ مِنْ نَاقِصَاتِ عَقْلٍ وَدِينٍ أَغْلَبَ لِذِي لُبٍّ مِنْكُنَّ قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا نُقْصَانُ الْعَقْلِ وَالدِّينِ قَالَ أَمَّا نُقْصَانُ الْعَقْلِ فَشَهَادَةُ امْرَأَتَيْنِ تَعْدِلُ شَهَادَةُ رَجُلٍ وَاحِدٍ فَهَذَا نُقْصَانُ الْعَقْلِ وَتَمْكُثُ اللَّيَالِيَ مَا تُصَلِّي وَتُفْطِرُ فِي رَمَضَانَ فَهَذَا نُقْصَانُ الدِّينِ) قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ الْمَعْشَرُ هُمُ الْجَمَاعَةُ الَّذِينَ أَمْرُهُمْ وَاحِدٌ أَيْ مُشْتَرِكُونَ وَهُوَ اسْمٌ يَتَنَاوَلُهُمْ كَالْإِنْسِ مَعْشَرٌ وَالْجِنُّ مَعْشَرٌ وَالْأَنْبِيَاءُ مَعْشَرٌ وَالنِّسَاءُ مَعْشَرٌ وَنَحْوُ ذَلِكَ وَجَمْعُهُ مَعَاشِرُ وَقَولُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَيْتُكُنَّ أكثر اهل النار هو بِنَصْبِ أَكْثَرَ إِمَّا عَلَى أَنَّ هَذِهِ الرُّؤْيَةَ تَتَعَدَّى إِلَى مَفْعُولَيْنِ وَإِمَّا عَلَى الْحَالِ عَلَى مذهب بن السَّرَّاجِ وَأَبِي عَلِيٍّ الْفَارِسِيِّ وَغَيْرِهِمَا مِمَّنْ قَالَ إِنَّ أَفْعَلَ لَا يَتَعَرَّفُ بِالْإِضَافَةِ وَقِيلَ هُوَ بَدَلٌ مِنَ الْكَافِ فِي رَأَيْتُكُنَّ.

.
وَأَمَّا قَوْلُهَا ومالنا أَكْثَرَ أَهْلِ النَّارِ فَمَنْصُوبٌ إِمَّا عَلَى الْحِكَايَةِ وَإِمَّا عَلَى الْحَالِ وَقَولُهُ جَزْلَةٌ بِفَتْحِ الْجِيمِ وَإِسْكَانِ الزَّايِ أَيْ ذَاتُ عَقْلٍ وَرَأْيٍ قَالَ بن دُرَيْدٍ الْجَزَالَةُ الْعَقْلُ وَالْوَقَارُ.

.
وَأَمَّا الْعَشِيرُ فَبِفَتْحِ العين وكسرالشين وَهُوَ فِي الْأَصْلِ الْمُعَاشِرُ مُطْلَقًا وَالْمُرَادُ هُنَا الزَّوْجُ.

.
وَأَمَّا اللُّبُّ فَهُوَ الْعَقْلُ وَالْمُرَادُ كَمَالُ الْعَقْلِ وَقَولُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَهَذَا نُقْصَانُ الْعَقْلِ أَيْ عَلَامَةُ نُقْصَانِهِ وَقَولُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَمْكُثُ اللَّيَالِيَ مَا تُصَلِّي أَيْ تَمْكُثُ لَيَالِيَ وَأَيَّامًا لَا تُصَلِّي بِسَبَبِ الْحَيْضِ وَتُفْطِرُ أَيَّامًا مِنْ رَمَضَانَ بِسَبَبِ الْحَيْضِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

.
وَأَمَّا أَحْكَامُ الْحَدِيثِ فَفِيهِ جُمَلٌ مِنَ الْعُلُومِ مِنْهَا الْحَثُّ عَلَى الصَّدَقَةِ وَأَفْعَالِ الْبِرِّ وَالْإِكْثَارِ مِنَ الِاسْتِغْفَارِ وَسَائِرِ الطَّاعَاتِ وَفِيهِ أَنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ كَمَا قَالَ اللَّهُ عزوجل وَفِيهِ أَنَّ كُفْرَانَ الْعَشِيرِ وَالْإِحْسَانَ مِنَ الْكَبَائِرِ فَإِنَّ التَّوَعُّدَ بِالنَّارِ مِنْ عَلَامَةِ كَوْنِ الْمَعْصِيَةِ كَبِيرَةً كَمَا سَنُوَضِّحُهُ قَرِيبًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَفِيهِ أَنَّ اللَّعْنَ أَيْضًا مِنَ الْمَعَاصِيالشَّدِيدَةِ الْقُبْحِ وَلَيْسَ فِيهِ أَنَّهُ كَبِيرَةٌ فَإِنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ تُكْثِرْنَ اللَّعْنَ وَالصَّغِيرَةُ إِذَا أُكْثِرَتْ صَارَتْ كَبِيرَةً وَقَدْ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَعْنُ الْمُؤْمِنِ كَقَتْلِهِ وَاتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى تَحْرِيمِ اللَّعْنِ فَإِنَّهُ فِي اللُّغَةِ الْإِبْعَادُ وَالطَّرْدُ وَفِي الشَّرْعِ الْإِبْعَادُ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُبْعَدَ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى مَنْ لَا يُعْرَفَ حاله وخاتمةأمره مَعْرِفَةً قَطْعِيَّةً فَلِهَذَا قَالُوا لَا يَجُوزُ لَعْنُ أحد بعينه مسلما كان أوكافرا أَوْ دَابَّةً إِلَّا مَنْ عَلِمْنَا بِنَصٍّ شَرْعِيٍّ أَنَّهُ مَاتَ عَلَى الْكُفْرِ أَوْ يَمُوتُ عَلَيْهِ كَأَبِي جَهْلٍ وَإِبْلِيسَ.

.
وَأَمَّا اللَّعْنُ بِالْوَصْفِ فَلَيْسَ بِحَرَامٍ كَلَعْنِ الْوَاصِلَةِ وَالْمُسْتَوْصِلَةِ وَالْوَاشِمَةِ وَالْمُسْتَوْشِمَةِ وَآكِلِ الرِّبَا وَمُوكِلِهِ وَالْمُصَوِّرِينَ وَالظَّالِمِينَ وَالْفَاسِقِينَ وَالْكَافِرِينَ وَلَعْنِ مَنْ غَيَّرَ مَنَارَ الْأَرْضِ وَمَنْ تَوَلَّى غَيْرَ مَوَالِيهِ وَمَنِ انْتَسَبَ إِلَى غَيْرِ أَبِيهِ وَمَنْ أَحْدَثَ فِي الْإِسْلَامِ حَدَثًا أَوْ آوَى مُحْدِثًا وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا جَاءَتْ بِهِ النُّصُوصُ الشَّرْعِيَّةُ باطلاقه على الأوصاف لاعلى الْأَعْيَانِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَفِيهِ إِطْلَاقُ الْكُفْرِ عَلَى غَيْرِ الْكُفْرِ بِاللَّهِ تَعَالَى كَكُفْرِ الْعَشِيرِ وَالْإِحْسَانِ وَالنِّعْمَةِ وَالْحَقِّ وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ صِحَّةُ تَأْوِيلِ الْكُفْرِ فِي الْأَحَادِيثِ الْمُتَقَدِّمَةِ عَلَى مَا تَأَوَّلْنَاهَا وَفِيهِ بَيَانُ زِيَادَةِ الْإِيمَانِ وَنُقْصَانِهِ وَفِيهِ وَعْظُ الْإِمَامِ وَأَصْحَابِ الْوِلَايَاتِ وَكُبَرَاءِ النَّاسِ رَعَايَاهُمْ وَتَحْذِيرُهُمُ الْمُخَالَفَاتِ وَتَحْرِيضُهُمْ عَلَى الطَّاعَاتِ وَفِيهِ مُرَاجَعَةُ الْمُتَعَلِّمِ الْعَالِمَ وَالتَّابِعِ الْمَتْبُوعَ فِيمَا قَالَهُ إِذَا لَمْ يَظْهَرْ لَهُ مَعْنَاهُ كَمُرَاجَعَةِ هَذِهِ الْجَزْلَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا وَفِيهِ جَوَازُ إِطْلَاقِ رَمَضَانَ مِنْ غَيْرِ إِضَافَةٍ إِلَى الشَّهْرِ وَإِنْ كَانَ الِاخْتِيَارُ إِضَافَتَهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَالَ الْإِمَامُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْمَازِرِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَّا نُقْصَانُ الْعَقْلِ فَشَهَادَةُ امْرَأَتَيْنِ تَعْدِلُ شَهَادَةَ رَجُلٍ تَنْبِيهٌ مِنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى مَا وَرَاءَهُ وَهُوَ مَا نَبَّهَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ فِي كِتَابِهِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى أَيْ أَنَّهُنَّ قَلِيلَاتُ الضَّبْطِ قَالَ وَقَدِاخْتَلَفَ النَّاسُ فِي الْعَقْلِ مَا هُوَ فَقِيلَ هُوَ الْعِلْمُ وَقِيلَ بَعْضُ الْعُلُومِ الضَّرُورِيَّةِ وَقِيلَ قُوَّةٌ يُمَيَّزُ بِهَا بَيْنَ حَقَائِقِ الْمَعْلُومَاتِ هَذَا كَلَامُهُ.

.

قُلْتُ وَالِاخْتِلَافُ فِي حَقِيقَةِ الْعَقْلِ وَأَقْسَامِهِ كَثِيرٌ مَعْرُوفٌ لَا حَاجَةَ هُنَا إِلَى الْإِطَالَةِ بِهِ وَاخْتَلَفُوا فِي مَحَلِّهِ فَقَالَ أَصْحَابُنَا الْمُتَكَلِّمُونَ هُوَ فِي الْقَلْبِ.

     وَقَالَ  بَعْضُ الْعُلَمَاءِ هُوَ فِي الرَّأْسِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

.
وَأَمَّا وَصْفُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النِّسَاءَ بِنُقْصَانِ الدِّينِ لِتَرْكِهِنَّ الصَّلَاةَ وَالصَّوْمَ فِي زَمَنِ الْحَيْضِ فَقَدْ يُسْتَشْكَلُ مَعْنَاهُ وَلَيْسَ بِمُشْكِلٍ بَلْ هُوَ ظَاهِرٌ فَإِنَّ الدِّينَ وَالْإِيمَانَ وَالْإِسْلَامَ مُشْتَرِكَةٌ فِي مَعْنًى وَاحِدٍ كَمَا قَدَّمْنَاهُ فِي مَوَاضِعَ وَقَدْ قَدَّمْنَا أَيْضًا فِي مَوَاضِعَ أَنَّ الطَّاعَاتِ تُسَمَّى إِيمَانًا وَدِينًا وَإِذَا ثَبَتَ هَذَا عَلِمْنَا أَنَّ مَنْ كَثُرَتْ عِبَادَتُهُ زَادَ إِيمَانُهُ وَدِينُهُ وَمَنْ نَقَصَتْ عِبَادَتُهُ نَقَصَ دِينُهُ ثُمَّ نَقْصُ الدِّينِ قَدْ يَكُونُ عَلَى وَجْهٍ يَأْثَمُ بِهِ كَمَنْ تَرَكَ الصَّلَاةَ أَوِ الصَّوْمَ أَوْ غَيْرَهُمَا مِنَ الْعِبَادَاتِ الْوَاجِبَةِ عَلَيْهِ بِلَا عُذْرٍ وَقَدْ يَكُونُ عَلَى وَجْهٍ لَا إِثْمَ فِيهِ كَمَنْ تَرَكَ الْجُمُعَةَ أَوِ الْغَزْوَ أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ مِمَّا لَا يَجِبُ عليه لعذر وَقَدْ يَكُونُ عَلَى وَجْهٍ هُوَ مُكَلَّفٌ بِهِ كَتَرْكِ الْحَائِضِ الصَّلَاةَ وَالصَّوْمَ فَإِنْ قِيلَ فَإِنْ كَانَتْ مَعْذُورَةً فَهَلْ تُثَابُ عَلَى الصَّلَاةِ فِي زَمَنِ الْحَيْضِ وَإِنْ كَانَتْ لَا تَقْضِيهَا كَمَا يثاب المريض والمسافر وَيُكْتَبُ لَهُ فِي مَرَضِهِ وَسَفَرِهِ مِثْلَ نَوَافِلِ الصَّلَوَاتِ الَّتِي كَانَ يَفْعَلُهَا فِي صِحَّتِهِ وَحَضَرِهِ فَالْجَوَابُ أَنَّ ظَاهِرَ هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّهَا لَا تُثَابُ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْمَرِيضَ وَالْمُسَافِرَ كَانَ يَفْعَلُهَا بِنِيَّةِ الدَّوَامِ عَلَيْهَا مَعَ أَهْلِيَّتِهِ لَهَا وَالْحَائِضُ لَيْسَتْ كَذَلِكَ بَلْ نِيَّتُهَا تَرْكُ الصَّلَاةِ فِي زَمَنِ الْحَيْضِ بَلْ يَحْرُمُ عَلَيْهَا نِيَّةُ الصَّلَاةِ فِي زَمَنِ الْحَيْضِ فَنَظِيرُهَا مُسَافِرٌ أَوْ مَرِيضٌ كَانَ يُصَلِّي النَّافِلَةَ فِي وَقْتٍ وَيَتْرُكُ فِي وَقْتٍ غَيْرَ نَاوٍ الدَّوَامَ عَلَيْهَا فَهَذَا لَا يُكْتَبُ لَهُ فِي سَفَرِهِ وَمَرَضِهِ فِي الزَّمَنِ الذى لم يكن يتنفل فِيهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

.
وَأَمَّا مَا يَتَعَلَّقُ بِأَسَانِيدِ الْبَابِ ففيه بن الْهَادِ وَاسْمُهُ يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُسَامَةَ وَأُسَامَةُ هُوَ الْهَادِ لِأَنَّهُ كَانَ يُوقِدُ نَارًا لِيَهْتَدِيَ إِلَيْهَا الْأَضْيَافُ وَمَنْ سَلَكَ الطَّرِيقَ وَهَكَذَا يَقُولُهُ الْمُحَدِّثُونَ الْهَادِ وَهُوَ صَحِيحٌ عَلَى لُغَةٍ وَالْمُخْتَارُ فِي الْعَرَبِيَّةِ الْهَادِي بِالْيَاءِ وَقَدْ قَدَّمْنَا ذِكْرَ هَذَا فِي مُقَدِّمَةِ الْكِتَابِ وَغَيْرِهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَفِيهِ أَبُو بَكْرِ بْنِ إِسْحَاقَ واسمهلَا يُبْغِضُ الْأَنْصَارَ رَجُلٌ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَالَّذِي فَلَقَ الْحَبَّةَ وَبَرَأَ النَّسَمَةَ إِنَّهُ لَعَهْدُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيَّ أَنْ لَا يُحِبَّنِي إِلَّا مُؤْمِنٌ وَلَا يُبْغِضَنِي إِلَّا مُنَافِقٌ) قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْآيَةَ هِيَ الْعَلَامَةُ وَمَعْنَى هَذَهِ الْأَحَادِيثِ أَنَّ مَنْ عَرَفَ مَرْتَبَةَ الْأَنْصَارِ وَمَا كَانَ مِنْهُمْ فِي نُصْرَةِ دِينِ الْإِسْلَامِ وَالسَّعْيِ فِي إِظْهَارِهِ وَإِيوَاءِ الْمُسْلِمِينَ وَقِيَامِهِمْ فِي مُهِمَّاتِ دِينِ الْإِسْلَامِ حَقَّ الْقِيَامِ وَحُبِّهِمُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَحُبِّهِ إِيَّاهُمْ وَبَذْلِهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَأَنْفُسَهُمْ بَيْنَ يَدَيْهِ وَقِتَالِهِمْ وَمُعَادَاتِهِمْ سَائِرَ النَّاسِ إِيثَارًا لِلْإِسْلَامِ وَعَرَفَ مِنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قُرْبَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَحُبِّ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهُ وَمَا كَانَ مِنْهُ فِي نُصْرَةِ الْإِسْلَامِ وَسَوَابِقِهِ فِيهِ ثُمَّ أَحَبَّ الْأَنْصَارَ وَعَلِيًّا لِهَذَا كَانَ ذَلِكَ مِنْ دَلَائِلِ صِحَّةِ إِيمَانِهِ وَصِدْقِهِ فِي إِسْلَامِهِ لِسُرُورِهِ بِظُهُورِ الْإِسْلَامِ وَالْقِيَامِ بِمَا يُرْضِي اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَرَسُولَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَنْ أَبْغَضَهُمْ كَانَ بِضِدِّ ذَلِكَ وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى نِفَاقِهِ وَفَسَادِ سَرِيرَتِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

.
وَأَمَّا .

     قَوْلُهُ  فَلَقَ الْحَبَّةَ فَمَعْنَاهُ شَقَّهَا بِالنَّبَاتِ وَقَولُهُ وَبَرَأَ النَّسَمَةَ هُوَ بِالْهَمْزَةِ أَيْ خَلَقَالنَّسَمَةَ وَهِيَ بِفَتْحِ النُّونِ وَالسِّينِ وَهِيَ الْإِنْسَانُ وَقِيلَ النَّفْسُ وَحَكَى الْأَزْهَرِيُّ أَنَّ النَّسَمَةَ هِيَ النَّفْسُ وَأَنَّ كُلَّ دَابَّةٍ فِي جَوْفِهَا رُوحٌ فَهِيَ نَسَمَةٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

.
وَأَمَّا مَا يَتَعَلَّقُ بِأَسَانِيدِ الْبَابِ فَفِيهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَبْرٍ فَعَبْدُ مُكَبَّرٌ فِي اسْمِهِ وَاسْمُ أَبِيهِ وَجَبْرٌ بِفَتْحِ الْجِيمِ وَإِسْكَانِ الْبَاءِ وَيُقَالُ فِيهِ أَيْضًا جَابِرٌ وَفِيهِ الْبَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ وَهُوَ مَعْرُوفٌ بِالْمَدِّ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنَ الْمُحَدِّثِينَ وَأَهْلِ اللُّغَةِ والأخبار وأصحاب الفنون كلها قال الشيخ أبوعمرو بْنُ الصَّلَاحِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَحَفِظْتُ فِيهِ عَنْ بَعْضِ أَهْلِ اللُّغَةِ الْقَصْرَ وَالْمَدَّ وَفِيهِ يَعْقُوبُ بن عبد الرحمن القارىء بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ مَنْسُوبٌ إِلَى الْقَارَةِ قَبِيلَةٌ مَعْرُوفَةٌ وَفِيهِ زِرٌّ بِكَسْرِ الزَّايِ وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ وَهُوَ زِرُّ بْنُ حُبَيْشٍ وَهُوَ مِنَ الْمُعَمَّرِينَ أَدْرَكَ الجاهلية ومات سنة اثنتين وثمانين وهو بن مائة وعشرين سنة وقيل بن مِائَةٍ وَاثْنَتَيْنِ وَعِشْرِينَ سَنَةً وَقِيلَ مِائَةٍ وَسَبْعَةٍ وَعِشْرِينَ وَهُوَ أَسَدِيٌّ كُوفِيٌّ وَأمَّا قَوْلُ مُسْلِمٍ رَحِمَهُ اللَّهُ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جبر قَالَ سَمِعْتُ أَنَسًا يَقُولُ ثُمَّ قَالَ مُسْلِمٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَبِيبٍ الْحَارِثِيُّ حَدَّثَنَا خَالِدٌ يعنى بن الحرث حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَنَسٍ فَهَذَانِ الْإِسْنَادَانِ رِجَالُهُمَا كُلُّهُمْ بصريون الا بن جَبْرٍ فَإِنَّهُ أَنْصَارِيٌّ مَدَنِيٌّ وَقَدْ قَدَّمْنَا أَنَّ شُعْبَةَ وَإِنْ كَانَ وَاسِطِيًّا فَقَدِ اسْتَوْطَنَ الْبَصْرَةَ والله اعلم (باب بيان نقصان الايمان بنقص الطاعات وبيان اطلاق لفظ (الكفر على غير الكفر بالله ككفر النعمة والحقوق) .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (يَا مَعْشَرَ النِّسَاءِ تَصَدَّقْنَ وَأَكْثِرْنَ الِاسْتِغْفَارَ فَإِنِّي رَأَيْتُكُنَّ أَكْثَرَ أهل)النَّارِ فَقَالَتِ امْرَأَةٌ مِنْهُنَّ جَزْلَةٌ وَمَا لَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَكْثَرَ أَهْلِ النَّارِ قَالَ تُكْثِرْنَ اللَّعْنَ وَتَكْفُرْنَ الْعَشِيرَ مَا رَأَيْتُ مِنْ نَاقِصَاتِ عَقْلٍ وَدِينٍ أَغْلَبَ لِذِي لُبٍّ مِنْكُنَّ قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا نُقْصَانُ الْعَقْلِ وَالدِّينِ قَالَ أَمَّا نُقْصَانُ الْعَقْلِ فَشَهَادَةُ امْرَأَتَيْنِ تَعْدِلُ شَهَادَةُ رَجُلٍ وَاحِدٍ فَهَذَا نُقْصَانُ الْعَقْلِ وَتَمْكُثُ اللَّيَالِيَ مَا تُصَلِّي وَتُفْطِرُ فِي رَمَضَانَ فَهَذَا نُقْصَانُ الدِّينِ) قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ الْمَعْشَرُ هُمُ الْجَمَاعَةُ الَّذِينَ أَمْرُهُمْ وَاحِدٌ أَيْ مُشْتَرِكُونَ وَهُوَ اسْمٌ يَتَنَاوَلُهُمْ كَالْإِنْسِ مَعْشَرٌ وَالْجِنُّ مَعْشَرٌ وَالْأَنْبِيَاءُ مَعْشَرٌ وَالنِّسَاءُ مَعْشَرٌ وَنَحْوُ ذَلِكَ وَجَمْعُهُ مَعَاشِرُ وَقَولُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَيْتُكُنَّ أكثر اهل النار هو بِنَصْبِ أَكْثَرَ إِمَّا عَلَى أَنَّ هَذِهِ الرُّؤْيَةَ تَتَعَدَّى إِلَى مَفْعُولَيْنِ وَإِمَّا عَلَى الْحَالِ عَلَى مذهب بن السَّرَّاجِ وَأَبِي عَلِيٍّ الْفَارِسِيِّ وَغَيْرِهِمَا مِمَّنْ قَالَ إِنَّ أَفْعَلَ لَا يَتَعَرَّفُ بِالْإِضَافَةِ وَقِيلَ هُوَ بَدَلٌ مِنَ الْكَافِ فِي رَأَيْتُكُنَّ.

.
وَأَمَّا قَوْلُهَا ومالنا أَكْثَرَ أَهْلِ النَّارِ فَمَنْصُوبٌ إِمَّا عَلَى الْحِكَايَةِ وَإِمَّا عَلَى الْحَالِ وَقَولُهُ جَزْلَةٌ بِفَتْحِ الْجِيمِ وَإِسْكَانِ الزَّايِ أَيْ ذَاتُ عَقْلٍ وَرَأْيٍ قَالَ بن دُرَيْدٍ الْجَزَالَةُ الْعَقْلُ وَالْوَقَارُ.

.
وَأَمَّا الْعَشِيرُ فَبِفَتْحِ العين وكسرالشين وَهُوَ فِي الْأَصْلِ الْمُعَاشِرُ مُطْلَقًا وَالْمُرَادُ هُنَا الزَّوْجُ.

.
وَأَمَّا اللُّبُّ فَهُوَ الْعَقْلُ وَالْمُرَادُ كَمَالُ الْعَقْلِ وَقَولُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَهَذَا نُقْصَانُ الْعَقْلِ أَيْ عَلَامَةُ نُقْصَانِهِ وَقَولُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَمْكُثُ اللَّيَالِيَ مَا تُصَلِّي أَيْ تَمْكُثُ لَيَالِيَ وَأَيَّامًا لَا تُصَلِّي بِسَبَبِ الْحَيْضِ وَتُفْطِرُ أَيَّامًا مِنْ رَمَضَانَ بِسَبَبِ الْحَيْضِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

.
وَأَمَّا أَحْكَامُ الْحَدِيثِ فَفِيهِ جُمَلٌ مِنَ الْعُلُومِ مِنْهَا الْحَثُّ عَلَى الصَّدَقَةِ وَأَفْعَالِ الْبِرِّ وَالْإِكْثَارِ مِنَ الِاسْتِغْفَارِ وَسَائِرِ الطَّاعَاتِ وَفِيهِ أَنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ كَمَا قَالَ اللَّهُ عزوجل وَفِيهِ أَنَّ كُفْرَانَ الْعَشِيرِ وَالْإِحْسَانَ مِنَ الْكَبَائِرِ فَإِنَّ التَّوَعُّدَ بِالنَّارِ مِنْ عَلَامَةِ كَوْنِ الْمَعْصِيَةِ كَبِيرَةً كَمَا سَنُوَضِّحُهُ قَرِيبًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَفِيهِ أَنَّ اللَّعْنَ أَيْضًا مِنَ الْمَعَاصِيالشَّدِيدَةِ الْقُبْحِ وَلَيْسَ فِيهِ أَنَّهُ كَبِيرَةٌ فَإِنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ تُكْثِرْنَ اللَّعْنَ وَالصَّغِيرَةُ إِذَا أُكْثِرَتْ صَارَتْ كَبِيرَةً وَقَدْ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَعْنُ الْمُؤْمِنِ كَقَتْلِهِ وَاتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى تَحْرِيمِ اللَّعْنِ فَإِنَّهُ فِي اللُّغَةِ الْإِبْعَادُ وَالطَّرْدُ وَفِي الشَّرْعِ الْإِبْعَادُ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُبْعَدَ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى مَنْ لَا يُعْرَفَ حاله وخاتمةأمره مَعْرِفَةً قَطْعِيَّةً فَلِهَذَا قَالُوا لَا يَجُوزُ لَعْنُ أحد بعينه مسلما كان أوكافرا أَوْ دَابَّةً إِلَّا مَنْ عَلِمْنَا بِنَصٍّ شَرْعِيٍّ أَنَّهُ مَاتَ عَلَى الْكُفْرِ أَوْ يَمُوتُ عَلَيْهِ كَأَبِي جَهْلٍ وَإِبْلِيسَ.

.
وَأَمَّا اللَّعْنُ بِالْوَصْفِ فَلَيْسَ بِحَرَامٍ كَلَعْنِ الْوَاصِلَةِ وَالْمُسْتَوْصِلَةِ وَالْوَاشِمَةِ وَالْمُسْتَوْشِمَةِ وَآكِلِ الرِّبَا وَمُوكِلِهِ وَالْمُصَوِّرِينَ وَالظَّالِمِينَ وَالْفَاسِقِينَ وَالْكَافِرِينَ وَلَعْنِ مَنْ غَيَّرَ مَنَارَ الْأَرْضِ وَمَنْ تَوَلَّى غَيْرَ مَوَالِيهِ وَمَنِ انْتَسَبَ إِلَى غَيْرِ أَبِيهِ وَمَنْ أَحْدَثَ فِي الْإِسْلَامِ حَدَثًا أَوْ آوَى مُحْدِثًا وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا جَاءَتْ بِهِ النُّصُوصُ الشَّرْعِيَّةُ باطلاقه على الأوصاف لاعلى الْأَعْيَانِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَفِيهِ إِطْلَاقُ الْكُفْرِ عَلَى غَيْرِ الْكُفْرِ بِاللَّهِ تَعَالَى كَكُفْرِ الْعَشِيرِ وَالْإِحْسَانِ وَالنِّعْمَةِ وَالْحَقِّ وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ صِحَّةُ تَأْوِيلِ الْكُفْرِ فِي الْأَحَادِيثِ الْمُتَقَدِّمَةِ عَلَى مَا تَأَوَّلْنَاهَا وَفِيهِ بَيَانُ زِيَادَةِ الْإِيمَانِ وَنُقْصَانِهِ وَفِيهِ وَعْظُ الْإِمَامِ وَأَصْحَابِ الْوِلَايَاتِ وَكُبَرَاءِ النَّاسِ رَعَايَاهُمْ وَتَحْذِيرُهُمُ الْمُخَالَفَاتِ وَتَحْرِيضُهُمْ عَلَى الطَّاعَاتِ وَفِيهِ مُرَاجَعَةُ الْمُتَعَلِّمِ الْعَالِمَ وَالتَّابِعِ الْمَتْبُوعَ فِيمَا قَالَهُ إِذَا لَمْ يَظْهَرْ لَهُ مَعْنَاهُ كَمُرَاجَعَةِ هَذِهِ الْجَزْلَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا وَفِيهِ جَوَازُ إِطْلَاقِ رَمَضَانَ مِنْ غَيْرِ إِضَافَةٍ إِلَى الشَّهْرِ وَإِنْ كَانَ الِاخْتِيَارُ إِضَافَتَهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَالَ الْإِمَامُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْمَازِرِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَّا نُقْصَانُ الْعَقْلِ فَشَهَادَةُ امْرَأَتَيْنِ تَعْدِلُ شَهَادَةَ رَجُلٍ تَنْبِيهٌ مِنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى مَا وَرَاءَهُ وَهُوَ مَا نَبَّهَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ فِي كِتَابِهِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى أَيْ أَنَّهُنَّ قَلِيلَاتُ الضَّبْطِ قَالَ وَقَدِاخْتَلَفَ النَّاسُ فِي الْعَقْلِ مَا هُوَ فَقِيلَ هُوَ الْعِلْمُ وَقِيلَ بَعْضُ الْعُلُومِ الضَّرُورِيَّةِ وَقِيلَ قُوَّةٌ يُمَيَّزُ بِهَا بَيْنَ حَقَائِقِ الْمَعْلُومَاتِ هَذَا كَلَامُهُ.

.

قُلْتُ وَالِاخْتِلَافُ فِي حَقِيقَةِ الْعَقْلِ وَأَقْسَامِهِ كَثِيرٌ مَعْرُوفٌ لَا حَاجَةَ هُنَا إِلَى الْإِطَالَةِ بِهِ وَاخْتَلَفُوا فِي مَحَلِّهِ فَقَالَ أَصْحَابُنَا الْمُتَكَلِّمُونَ هُوَ فِي الْقَلْبِ.

     وَقَالَ  بَعْضُ الْعُلَمَاءِ هُوَ فِي الرَّأْسِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

.
وَأَمَّا وَصْفُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النِّسَاءَ بِنُقْصَانِ الدِّينِ لِتَرْكِهِنَّ الصَّلَاةَ وَالصَّوْمَ فِي زَمَنِ الْحَيْضِ فَقَدْ يُسْتَشْكَلُ مَعْنَاهُ وَلَيْسَ بِمُشْكِلٍ بَلْ هُوَ ظَاهِرٌ فَإِنَّ الدِّينَ وَالْإِيمَانَ وَالْإِسْلَامَ مُشْتَرِكَةٌ فِي مَعْنًى وَاحِدٍ كَمَا قَدَّمْنَاهُ فِي مَوَاضِعَ وَقَدْ قَدَّمْنَا أَيْضًا فِي مَوَاضِعَ أَنَّ الطَّاعَاتِ تُسَمَّى إِيمَانًا وَدِينًا وَإِذَا ثَبَتَ هَذَا عَلِمْنَا أَنَّ مَنْ كَثُرَتْ عِبَادَتُهُ زَادَ إِيمَانُهُ وَدِينُهُ وَمَنْ نَقَصَتْ عِبَادَتُهُ نَقَصَ دِينُهُ ثُمَّ نَقْصُ الدِّينِ قَدْ يَكُونُ عَلَى وَجْهٍ يَأْثَمُ بِهِ كَمَنْ تَرَكَ الصَّلَاةَ أَوِ الصَّوْمَ أَوْ غَيْرَهُمَا مِنَ الْعِبَادَاتِ الْوَاجِبَةِ عَلَيْهِ بِلَا عُذْرٍ وَقَدْ يَكُونُ عَلَى وَجْهٍ لَا إِثْمَ فِيهِ كَمَنْ تَرَكَ الْجُمُعَةَ أَوِ الْغَزْوَ أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ مِمَّا لَا يَجِبُ عليه لعذر وَقَدْ يَكُونُ عَلَى وَجْهٍ هُوَ مُكَلَّفٌ بِهِ كَتَرْكِ الْحَائِضِ الصَّلَاةَ وَالصَّوْمَ فَإِنْ قِيلَ فَإِنْ كَانَتْ مَعْذُورَةً فَهَلْ تُثَابُ عَلَى الصَّلَاةِ فِي زَمَنِ الْحَيْضِ وَإِنْ كَانَتْ لَا تَقْضِيهَا كَمَا يثاب المريض والمسافر وَيُكْتَبُ لَهُ فِي مَرَضِهِ وَسَفَرِهِ مِثْلَ نَوَافِلِ الصَّلَوَاتِ الَّتِي كَانَ يَفْعَلُهَا فِي صِحَّتِهِ وَحَضَرِهِ فَالْجَوَابُ أَنَّ ظَاهِرَ هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّهَا لَا تُثَابُ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْمَرِيضَ وَالْمُسَافِرَ كَانَ يَفْعَلُهَا بِنِيَّةِ الدَّوَامِ عَلَيْهَا مَعَ أَهْلِيَّتِهِ لَهَا وَالْحَائِضُ لَيْسَتْ كَذَلِكَ بَلْ نِيَّتُهَا تَرْكُ الصَّلَاةِ فِي زَمَنِ الْحَيْضِ بَلْ يَحْرُمُ عَلَيْهَا نِيَّةُ الصَّلَاةِ فِي زَمَنِ الْحَيْضِ فَنَظِيرُهَا مُسَافِرٌ أَوْ مَرِيضٌ كَانَ يُصَلِّي النَّافِلَةَ فِي وَقْتٍ وَيَتْرُكُ فِي وَقْتٍ غَيْرَ نَاوٍ الدَّوَامَ عَلَيْهَا فَهَذَا لَا يُكْتَبُ لَهُ فِي سَفَرِهِ وَمَرَضِهِ فِي الزَّمَنِ الذى لم يكن يتنفل فِيهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

.
وَأَمَّا مَا يَتَعَلَّقُ بِأَسَانِيدِ الْبَابِ ففيه بن الْهَادِ وَاسْمُهُ يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُسَامَةَ وَأُسَامَةُ هُوَ الْهَادِ لِأَنَّهُ كَانَ يُوقِدُ نَارًا لِيَهْتَدِيَ إِلَيْهَا الْأَضْيَافُ وَمَنْ سَلَكَ الطَّرِيقَ وَهَكَذَا يَقُولُهُ الْمُحَدِّثُونَ الْهَادِ وَهُوَ صَحِيحٌ عَلَى لُغَةٍ وَالْمُخْتَارُ فِي الْعَرَبِيَّةِ الْهَادِي بِالْيَاءِ وَقَدْ قَدَّمْنَا ذِكْرَ هَذَا فِي مُقَدِّمَةِ الْكِتَابِ وَغَيْرِهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَفِيهِ أَبُو بَكْرِ بْنِ إِسْحَاقَ واسمهمحمد وفيه بن أَبِي مَرْيَمَ وَهُوَ سَعِيدُ بْنُ الْحَكَمِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ الْجُمَحِيُّ أَبُو مُحَمَّدٍ الْمِصْرِيُّ الْفَقِيهُ الْجَلِيلُ وَفِيهِ عَمْرُو بْنُ أَبِي عَمْرٍو عَنِ الْمَقْبُرِيِّ وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي الْمُرَادِ بِالْمَقْبُرِيِّ هُنَا هَلْ هُوَ أَبُو سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيُّ أَوِ ابْنُهُ سَعِيدٌ فَإِنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يُقَالُ لَهُ الْمَقْبُرِيُّ وَإِنْ كَانَ الْمَقْبُرِيُّ فِي الْأَصْلِ هُوَ أَبُو سَعِيدٍ فَقَالَ الْحَافِظُ أَبُو عَلِيٍّ الْغَسَّانِيُّ الْجَيَّانِيُّ عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الدِّمَشْقِيِّ هُوَ أَبُو سَعِيدٍ قَالَ أَبُو عَلِيٍّ وَهَذَا إِنَّمَا هُوَ فِي رِوَايَةِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَمْرٍو.

     وَقَالَ  الدَّارَقُطْنِيُّ خَالَفَهُ سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ فَرَوَاهُ عَنْ عَمْرٍو عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ وَقَوْلُ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ أَصَحُّ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو عَمْرِو بْنُ الصَّلَاحِ رَحِمَهُ اللَّهُ رَوَاهُ أَبُو نُعَيْمٍ الْأَصْفَهَانِيُّ فِي كِتَابِهِ الْمُخَرَّجُ عَلَى صَحِيحِ مُسْلِمٍ مِنْ وُجُوهٍ مَرْضِيَّةٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَمْرٍو عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ هَكَذَا مُبَيَّنًا لَكِنْ رُوِّينَاهُ فِي مُسْنَدِ أَبِي عَوَانَةَ الْمُخَرَّجِ عَلَى صَحِيحِ مُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ وَمِنْ طَرِيقِ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ عَنْ سَعِيدٍ كَمَا سَبَقَ عَنِ الدَّارَقُطْنِيِّ فَالِاعْتِمَادُ عَلَيْهِ إِذًا هَذَا كَلَامُ الشَّيْخِ وَيُقَالُ الْمَقْبُرِيُّ بِضَمِّ الْبَاءِ وَفَتْحِهَا وَجْهَانِ مَشْهُورَانِ فِيهِ وَهِيَ نِسْبَةُ إِلَى الْمَقْبُرَةِ وَفِيهَا ثَلَاثُ لُغَاتٍ ضَمُّ الْبَاءِ وَفَتْحُهَا وَكَسْرُهَا وَالثَّالِثَةُ غَرِيبَةٌ قَالَ إِبْرَاهِيمُ الْحَرْبِيُّ وَغَيْرُهُ كَانَ أَبُو سَعِيدٍ يَنْزِلُ الْمَقَابِرَ فَقِيلَ لَهُ الْمَقْبُرِيُّ وَقِيلَ كَانَ مَنْزِلُهُ عِنْدَ الْمَقَابِرِ وَقِيلَ إِنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ جَعَلَهُ عَلَى حَفْرِ الْقُبُورِ فَقِيلَ لَهُ الْمَقْبُرِيُّ وَجَعَلَ نُعَيْمًا عَلَى إِجْمَارِ الْمَسْجِدِ فَقِيلَ لَهُ نُعَيْمٌ الْمُجَمِّرُ وَاسْمُ أَبِي سَعِيدٍ كَيْسَانُ اللَّيْثِيُّ الْمَدَنِيُّ وَاللَّهُ أَعْلَمُ (باب بَيَانِ إِطْلَاقِ اسْمِ الْكُفْرِ عَلَى مَنْ تَرَكَ الصَّلَاةَ

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [74] بن جبر بِفَتْح الْجِيم وَسُكُون الْبَاء آيَة الْمُنَافِق بِالْمدِّ والتحتية أَي علامته وصحف من جعلهَا بِكَسْر الْهمزَة وَنون وَضمير الشَّأْن بغض الْأَنْصَار جمع نَاصِر كصاحب وَأَصْحَاب أَو نصير كشريف وأشراف وَهُوَ علم غلب على فريق من الصَّحَابَة وهم غير الْمُهَاجِرين وَآيَة الْمُؤمنِينَ حب الْأَنْصَار لِأَن من عرف مرتبتهم وَمَا كَانَ مِنْهُم فِي نصْرَة دين الْإِسْلَام وَالسَّعْي فِي إِظْهَاره وإيواء الْمُسلمين وحبهم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وبذلهم أنفسهم وَأَمْوَالهمْ بَين يَدَيْهِ ومعاداتهم سَائِر النَّاس إيثارا لِلْإِسْلَامِ ثمَّ أحبهم كَانَ ذَلِك دَلِيلا على صِحَة إيمَانه وَصدقه فِي إِسْلَامه وَمن أبْغضهُم مَعَ ذَلِك كَانَ ذَلِك دَلِيلا على فَسَاد نِيَّته وخبث طويته قَالَ بن الْمُنِير المُرَاد حب جَمِيعهم وبغض جَمِيعهم لِأَن ذَلِك إِنَّمَا يكون للدّين وَأما من أبْغض بَعضهم لِمَعْنى يسوغ البغض لَهُ فَلَيْسَ دَاخِلا فِي ذَلِك قلت إِن أَرَادَ بِهَذَا من أبْغض لهَذَا الْمَعْنى مِمَّن أدركهم وَوَقع لَهُ مَعَ بَعضهم خُصُومَة تَقْتَضِي ذَلِك فقريب وَأما إِذا أَرَادَ من بعدهمْ إِذا أبْغض أحدا مِنْهُم لأمر بلغه عَنهُ فَلَا وَالله لَيْسَ لَهُ ذَلِك لما لَهُم من الْآثَار الحميدة الَّتِي تمحو سيئاتهم وَقد وعدوا بالمغفرة والدرجات العلى وَقيل لكثير مِنْهُم اعْمَلُوا مَا شِئْتُم فقد غفرت لكم

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم آية المنافق بغض الأنصار.
وآية المؤمن حب الأنصار.


المعنى العام

إذا كانت النصرة في الحق تغرس المحبة، وإذا كان إيواء المهاجر يثبت الفضل والمنة، وإذا كان الدفاع عن الدين في وقت ضعفه وشراسة أعدائه كالقبض على الجمر، وإذا كان بذل النفس والمال في سبيل الدعوة الإسلامية عنوان محبة الله ورسوله، فإن الأوس والخزرج الذين أسلموا، وبايعوا ليلة العقبة واستقبلوا المهاجرين بالمودة، وآووهم، وأشركوهم إياهم في أموالهم، بل تنازلوا لهم عن بعض نسائهم وتآخوا وإياهم أخوة أقوى من أخوة نسبهم، إن هؤلاء أجدر الناس بمحبة من يحب الله ورسوله، وهم أحق المخلوقات بحب من يحب الإسلام فحبهم علامة على حب رسول الله صلى الله عليه وسلم، لأنه صلى الله عليه وسلم كان يحبهم وكان يقول لهم: اللهم أنتم من أحب الناس إلي ويقول: لو سلكت الأنصار واديا أو شعبا لسلكت وادي الأنصار وشعبهم ويقول: لولا الهجرة لكنت امرءا من الأنصار.

نعم، قوم آووه صلى الله عليه وسلم ونصروه، وتبوءوا الدار والإيمان وأحبوا من هاجر إليهم، ولم يجدوا في صدورهم حاجة مما أوتوا، وآثروا المهاجرين على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة، وكانوا حماة الدعوة الإسلامية وبذلوا في سبيلها أرواحهم ودماءهم.
قوم بهذه الصفة لا يبغضهم إلا منافق ولا يحبهم إلا مؤمن، من أحبهم أحبه الله، ومن أبغضهم أبغضه الله، ولا تجد رجلا يبغض الأنصار بصفتهم الأنصار وهو مؤمن بالله ورسوله واليوم الآخر، بل إن نطق بالشهادتين وهو بهذه الحالة فهو منافق، لأن علامة الإيمان حب من يحبه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم.

فاللهم اغرس في قلوبنا محبتهم، وارض عنا وعنهم.

واحشرنا في زمرتهم، زمرة الصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا.

المباحث العربية

( آية المنافق بغض الأنصار) الآية العلامة، والبغض مصدر مضاف لمفعوله، والأصل: بغضه الأنصار، والأنصار جمع ناصر كأصحاب جمع صاحب، أو جمع نصير، كأشراف جمع شريف، واللام فيه للعهد، أي أنصار رسول الله صلى الله عليه وسلم، والمراد بهم الأوس والخزرج، وكانوا يعرفون بابني قيلة بقاف وياء مفتوحتين، وهي الأم التي تجمع القبيلتين، فسماهم رسول الله صلى الله عليه وسلم الأنصار، فصار علما عليهم، وأطلق أيضا على أولادهم وخلفائهم ومواليهم.

( حب الأنصار آية الإيمان) وفي رواية لأحمد حب الأنصار إيمان وبغضهم نفاق.

فقه الحديث

قدمنا أن من علامات الإيمان وحلاوته أن يحب المؤمن أخاه لا يحبه إلا لله، فحب المؤمن من الإيمان، ولا شك أن الأنصار داخلون في ذاك الحب بل في مقدمته، لكنهم مع دخولهم في هذا العموم خصوا بهذا الحديث، وبهذا التخصيص، زيادة في الاعتناء بهم، والاهتمام بشأنهم، لمزيد فضل لهم.

قال الحافظ ابن حجر في سر هذا التخصيص: وخصوا بهذه المنقبة العظمى، لما فازوا به دون غيرهم من القبائل من إيواء النبي صلى الله عليه وسلم ومن معه والقيام بأمرهم، ومواساتهم بأنفسهم وأموالهم، وإيثارهم إياهم في كثير من الأمور على أنفسهم، فكان صنيعهم لذلك موجبا لمعاداتهم جميع الفرق الموجودين من عرب وعجم، والعداوة تجر البغض، ثم كان ما اختصوا به مما ذكر موجبا للحسد، والحسد يجر البغض، فلهذا جاء التحذير من بغضهم والترغيب في حبهم، حتى جعل ذلك آية الإيمان والنفاق تنويها بعظيم فضلهم وتنبيها على كريم فعلهم وإن كان من شاركهم في معنى ذلك مشاركا لهم في الفضل المذكور، كل بقسطه.
اهـ.

والذي يظهر لي أن السر في هذا التخصيص هو خوف الرسول صلى الله عليه وسلم من أن ينسى الناس بعده فضل الأنصار، وخصوصا بعد أن يحظى المهاجرون بالخلافة، وبعد أن تأخذ قريش مركزها في الإسلام.

يؤيد هذا وصاياه صلى الله عليه وسلم للأنصار إذ قال لهم: جزاكم الله خيرا يا معشر الأنصار إنكم لأعفة صبر، وإنكم ستلقون بعدي أثرة فاصبروا حتى تلقوني على الحوض.

ويروي البخاري في وصيته صلى الله عليه وسلم بالأنصار أن أبا بكر والعباس رضي الله عنهما مرا بمجلس من مجالس الأنصار وهم يبكون فقال [العباس أو أبو بكر] ما يبكيكم؟ قالوا: ذكرنا مجلس النبي صلى الله عليه وسلم منا [أي ذكروا مجالسهم معه- وكان ذلك في مرض موته صلى الله عليه وسلم- فخشوا أن يموت من مرضه، فيفقدوا مجلسه] فدخل [أبو بكر أو العباس] على النبي صلى الله عليه وسلم، فأخبره بذلك.
قال فخرج النبي صلى الله عليه وسلم، وقد عصب على رأسه حاشية برد، قال فصعد المنبر- ولم يصعده بعد ذلك اليوم - فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أوصيكم بالأنصار فإنهم كرشي وعيبتي [أي بطانتي وخاصتي] وقد قضوا الذي عليهم، وبقي الذي لهم.

أيها الناس: إن الناس يكثرون وتقل الأنصار، حتى يكونوا كالملح في الطعام، فمن ولي منكم أمرا يضر فيه أحدا أو ينفعه فليقبل من محسنهم ويتجاوز عن مسيئهم.

واشتمل الحديث على شقين:

الأول: أن حب الأنصار علامة الإيمان

والثاني: أن بغض الأنصار علامة النفاق.

وقد ورد على الشق الأول أن ظاهره يفيد أن من أحب الأنصار كان مؤمنا ولو لم يصدق الرسول صلى الله عليه وسلم بقلبه، لأن علامة الإيمان إذا وجدت وجد الإيمان، مع أن هذا الظاهر غير مراد.

ويجاب على هذا الإيراد بأن حب الأنصار حبا حقيقيا من هذه الحيثية أعني من حيثية كونهم ناصروا رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يكون إلا ممن صدق وآمن برسول الله صلى الله عليه وسلم.

وقيل في الجواب: إن الحديث قد خوطب به من يظهر الإيمان، أما الكافر فلا يطلب منه حب الأنصار، لأنه مرتكب بكفره ما هو أشد من بغضهم، والجواب الأول أدق.

وورد على الشق الثاني أن ظاهره يفيد أن من أبغض الأنصار كان منافقا وإن صدق وأقر.

وقد أجاب الحافظ ابن حجر على هذا الإيراد فقال: إنه محمول على تقييد البغض بالجهة، فمن أبغضهم من جهة هذه الصفة- وهي كونهم نصروا رسول الله صلى الله عليه وسلم - أثر ذلك في تصديقه فيصح أنه منافق، ويقرب هذا الحمل زيادة أبي نعيم في المستخرج في حديث البراء بن عازب من أحب الأنصار فبحبي أحبهم، ومن أبغض الأنصار فببغضي أبغضهم.

ثم قال: ويحتمل أن يقال: إن اللفظ خرج على معنى التحذير.
فلا يراد ظاهره.
اهـ.

وهل المطلوب في الحديث حب جميع الأنصار أو حب المجموع الذي لا يضره بغض فرد أو أفراد؟

الظاهر أننا إذا أردنا الحب المنبعث عن النصرة كان المطلوب حب كل واحد منهم أي جميعهم، إذ بغض أي منهم من هذه الجهة ممنوع شرعا.

أما إذا أردنا مطلق الحب بغض النظر عن هذه الجهة فإن المطلوب حب مجموعهم، وفي ذلك يقول ابن التين: المراد حب جميعهم وبغض جميعهم، لأن ذلك إنما يكون للدين، ومن بغض بعضهم لمعنى يسوغ البغض له فليس داخلا في ذلك.
اهـ وهو تقرير حسن.

وفي ختام الموضوع نسوق عبارة النووي في شرحه إذ قال: ومعنى هذه الأحاديث أن من عرف مرتبة الأنصار وما كان منهم في نصرة دين الإسلام والسعي في إظهاره، وإيواء المسلمين وقيامهم في مهمات دين الإسلام حق القيام، وحبهم النبي صلى الله عليه وسلم، وحبه إياهم، وبذلهم أموالهم وأنفسهم بين يديه، وقتالهم ومعاداتهم سائر الناس إيثارا للإسلام، ثم أحب الأنصار لهذا كان ذلك من دلائل صحة إيمانه، وصدقه في إسلامه، لسروره بظهور الإسلام، والقيام بما يرضي الله سبحانه وتعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم ومن أبغضهم كان بضد ذلك، واستدل به على نفاقه وفساد سريرته.

والله أعلم