هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
1409 وحَدَّثَنِي حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ ، أَخْبَرَنِي يُونُسُ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ ، أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ حَدَّثَهُ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : أَقْرَأَنِي جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَلَى حَرْفٍ ، فَرَاجَعْتُهُ ، فَلَمْ أَزَلْ أَسْتَزِيدُهُ فَيَزِيدُنِي حَتَّى انْتَهَى إِلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ : بَلَغَنِي أَنَّ تِلْكَ السَّبْعَةَ الْأَحْرُفَ إِنَّمَا هِيَ فِي الْأَمْرِ الَّذِي يَكُونُ وَاحِدًا ، لَا يَخْتَلِفُ فِي حَلَالٍ وَلَا حَرَامٍ . وَحَدَّثَنَاهُ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
1409 وحدثني حرملة بن يحيى ، أخبرنا ابن وهب ، أخبرني يونس ، عن ابن شهاب ، حدثني عبيد الله بن عبد الله بن عتبة ، أن ابن عباس حدثه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : أقرأني جبريل عليه السلام على حرف ، فراجعته ، فلم أزل أستزيده فيزيدني حتى انتهى إلى سبعة أحرف قال ابن شهاب : بلغني أن تلك السبعة الأحرف إنما هي في الأمر الذي يكون واحدا ، لا يختلف في حلال ولا حرام . وحدثناه عبد بن حميد ، أخبرنا عبد الرزاق ، أخبرنا معمر ، عن الزهري ، بهذا الإسناد
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

Ibn 'Abbas reported Allah's Messenger (ﷺ) as saying:

Gabriel taught me to recite in one style. I replied to him and kept asking him to give more (styles), till he reached seven modes (of recitation). Ibn Shibab said: It has reached me that these seven styles are essentially one, not differing about what is permitted and what is forbidden.

شرح الحديث من فـــتح المــــنعم

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أقرأني جبريل عليه السلام على حرف فراجعته، فلم أزل أستزيده فيزيدني حتى انتهى إلى سبعة أحرف.
قال ابن شهاب: بلغني أن تلك السبعة الأحرف إنما هي في الأمر الذي يكون واحداً لا يختلف في حلال ولا حرام.


المعنى العام

يقول جل شأنه: { { إنا سنلقي عليك قولاًَ ثقيلا } } [المزمل: 5] وصدق الله.
فما أصعب قراءة القرآن وحفظه على الأميين وعلى أصحاب اللهجات المختلفة والألسنة غير العربية.
لم يحصل في أمة من الأمم أن التزمت حفظ نص كتابها كما التزم المسلمون حفظ نص القرآن الكريم، وما أكبره وما أعظمه إذا قيس به غيره من كتب الأنبياء.
نعم فما أصعب الحفظ والنطق إذا لم يكن معه تيسير، وما أصعبه حين يأمر الله نبيه على لسان جبريل أن يأمر أمته أن يقرءوا القرآن على حرف واحد، فيشفق على أمته الرحيم بها فيرجو ربه أن ييسر على أمته وأن يهون عليها القراءة وأن ييسر لها مجال الالتزام، فيأتي التيسير بالتزام حرفين وتغييرين فيكرر رجاء لربه أن يهون أكثر حتى يأتيه التيسير في المرة الرابعة أن يقرئ أمته القرآن على سبعة أحرف.
ويقرئ الرسول صلى الله عليه وسلم صحابته بحروف مختلفة، فيحفظ كل على ما أقرأه رسول الله صلى الله عليه وسلم ويقرأ كل على ما حفظ، ويسمع بعضهم قراءة لم يعهدها ولم يقرئه رسول الله صلى الله عليه وسلم إياها، ويمسك بعضهم ببعض مخطئاً إياه ويرفع الأمر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، حدث هذا مع كثير من الصحابة، وأبرز وقائعه ما كان بين عمر وقارئ آخر، وما كان بين أبي بن كعب وقارئين آخرين، ويسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم قراءة كل تخالف قراءة الآخر، ويستحسن كل ما سمع ويقول لكل منهم: هكذا أنزلت.
ويندهش عمر وأبي، وبسرعة يرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الدهشة، ويزيل من صدورهم ما يهجس به الشيطان، ويقول لهم: إن جبريل أقرأه القرآن على حرف واحد، فطلب من ربه التيسير على أمته فيسر القراءة على حرفين، فلم يزل يستزيده التيسير حتى أقرأه القرآن على سبعة أحرف، فأي حرف أقرأهم به صلى الله عليه وسلم فهو صواب، وهو منزل من عند الله، ولا ينبغي عنده اختلاف.
وقد حددت مواطن الخلاف بإقراء الرسول صلى الله عليه وسلم أصحابه، فأي حرف ثبت أخذه عمن أنزل عليه القرآن بالتواتر، ووافق ما أجمعت عليه الأمة من الرسم العثماني، فهو حق، وهو من عند الله الذي أنزل الكتاب وتولى حفظه حيث يقول: { { إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون } } [الحجر: 9] .

المباحث العربية

( هشام بن حكيم بن حزام) له ولأبيه صحبة، وكان إسلامهما يوم الفتح.

( يقرأ سورة الفرقان) قال الحافظ ابن حجر: لم أقف في شيء من طرق حديث عمر على تعيين الأحرف التي اختلف فيها عمر وهشام من سورة الفرقان.

( على غير ما أقرؤها) في رواية البخاري: يقرأ على حروف كثيرة لم يقرئنيها رسول الله صلى الله عليه وسلم.

( فكدت أن أعجل عليه) أي أتعجل مؤاخذته وأخرجه من الصلاة، وفي ملحق الرواية: فكدت أساوره في الصلاة بالسين، أي آخذ برأسه، أو أواثبه.

( ثم أمهلته حتى انصرف) أي انتهى من الصلاة وسلم، وفي ملحق الرواية: فتصبرت حتى سلم.

( ثم لببته بردائه) قال النووي: لببته بتشديد الباء الأولى.
معناه أخذته بمجامع ردائه في عنقه وجررته به، مأخوذ من اللبة بفتح اللام وهي المنحر.

( أرسله) أي دع ما تقبض عليه من ثيابه، وذلك ليتمكن من القراءة بيسر وحرية.

( القراءة التي سمعته يقرأ) عائد الصلة مفعول يقرأ محذوف، أي يقرؤها.

( فلم أزل أستزيده) أي أطلب المزيد من الرفق والمعافاة والتخفيف.

( فسقط في نفسي من التكذيب ولا إذ كنت في الجاهلية) في رواية للطبري: فوجدت في نفسي وسوسة الشيطان حتى احمر وجهي.
قال النووي: معناه وسوس لي الشيطان تكذيباً للنبوة أشد مما كنت عليه في الجاهلية، لأنه في الجاهلية كان غافلاً.
أو متشككاً، فوسوس له الشيطان الجزم بالتكذيب.
قال القاضي عياض: معنى قوله سقط في نفسي أنه اعترته حيرة ودهشة.
قال: وقوله: ولا إذ كنت في الجاهلية.
معناه أن الشيطان نزع في نفسه تكذيباً لم يعتقده.
قال: وهذه الخواطر إذا لم يستمر عليها لا يؤاخذ بها.
قال المازري: معنى هذا أنه وقع في نفس أبي بن كعب نزعة من الشيطان غير مستقرة ثم زالت في الحال حين ضرب النبي صلى الله عليه وسلم بيده في صدره ففاض عرقاً.
اهـ

وفاعل سقط من التكذيب على أن من تبعيضية، والواو عاطفة، أي وقع في نفسي بعض التكذيب ولا يشبهه تكذيبي حين كنت في الجاهلية.

( ففضت عرقاً) يقال: فضت عرقاً وفصت عرقاً بالضاد والصاد، والرواية هنا بالضاد.

( وكأنما أنظر إلى الله عز وجل فرقاً) بالراء المفتوحة، أي خوفاً وخجلاً مما غشيه من الشيطان.

( كان عند أضاة بني غفار) قال النووي: هي بفتح الهمزة وبالضاد، وهي الماء المستنقع كالغدير، وجمعها أضا، كحصاة وحصى، وإضاء بكسر الهمزة والمد كأكمة وإكام.
اهـ وهو موضع بالمدينة، ينسب إلى بني غفار -بكسر الغين وتخفيف الفاء- لأنهم نزلوا عنده.

فقه الحديث

أمام الأحاديث المصرحة بنزول القرآن على سبعة أحرف، وهو أحاديث صحيحة لا سبيل إلى ردها، بل قال بعضهم بتواتر الحديث المذكور.
أمام هذه الأحاديث كثرت أقوال العلماء في معنى الأحرف والمراد بها، وبقاء الأحرف إلى اليوم أو عدم بقائها حتى بلغت الأقوال -في عد السيوطي- أربعين قولاً، نقتصر منه على أقواها وأدقها، وما له حظ من القبول منها.

ويؤخذ من مجموع الأحاديث

أولاً وقبل عرضها خمسة أصول، وهي:

1- أن الإلزام بالقراءة على حرف واحد في أول الأمر كان فيه حرج ومشقة على الأمة، لاختلاف لهجاتها ولغاتها ولضعف مرونة ألسنتها لأنها أمة أمية.
وفيها العجوز والشيخ الفاني الذي لا يقدر على النطق بما لا يعهد.

2- وأن المقصود من الزيادة إلى سبعة أحرف هو تيسير القراءة وتسهيل النطق والفهم.

3- وأن الأمة كانت مخيرة في القراءة بأي حرف من هذه الأحرف السبعة غير ملزمة بحرف خاص منها.

4- وأن الصحابة كانوا يقرءون قراءات مختلفة حتى استنكر بعضهم قراءة البعض واحتكموا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.

5- وأن النبي صلى الله عليه وسلم صوب قراءة كل منهم، وأقرهم على قراءاتهم، وأنه هو الذي أقرأهم إياها، وأن كل قراءة منزلة من عند الله.

هذه الأصول الخمسة، ينبغي أخذها بعين الاعتبار عند تقدير كل قول من هذه الأقوال، فإن بعض الأقوال بعد عنها كل البعد، وبعضها انحرف عنها بعض الانحراف.

وهذه هي الأقوال ومناقشاتها:

أولاً: ذهب بعض العلماء إلى أن حديث إنزال القرآن على سبعة أحرف مشكل، لا يعرف المراد منه، لأن الحرف يطلق في اللغة -كما في القاموس- على: طرف الشيء، وشفيره، وحده، ومن الجبل أعلاه المحدد، وعلى أحد حروف الهجاء، وعلى الناقة الضامرة، وعلى سيل الماء، وعلى الوجه.

وهذه الإطلاقات الكثيرة تدل على أن لفظ الحرف مشترك لفظي، والمشترك اللفظي إذا لم يظهر المراد منه بقرينة كان مشكلاً.
والله أعلم بمراده منه.

ويرد هذا القول بأن المشترك اللفظي إذا وجدت قرينة تبين المعنى المراد منه لا يكون مشكلاً، وقد قامت قرائن تمنع بعض معانيه وتعين بعضها الآخر، لأنه لا يصح أن يراد أحد حروف الهجاء، لأن القرآن مؤلف من جميع حروف الهجاء لا من سبعة منها فقط، ولا يصح أن يراد له طرف الشيء ولا الناقة الضامرة ولا مسيل الماء، فتعين أن يراد منه الوجه، وإذا تعين أحد وجوه المشترك اللفظي بمثل هذه القرائن لم يكن مشكلاً.

ثانيا: ذهب بعضهم إلى أن حقيقة العدد غير مقصودة، بل المقصود التيسير والتسهيل والتوسعة على الأمة بوجوه متعددة كثيرة، والتعبير بالسبعة في عرف الشرع يراد به الكثرة في الآحاد، قال تعالى: { { والبحر يمده من بعده سبعة أبحر } } [لقمان: 27] كما أن التعبير بالسبعين يراد به الكثرة في العشرات قال تعالى: { { إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم } } [التوبة: 80] .
وهذا القول لا يلتزم تحديد وجوه التيسير، وإليه جنح القاضي عياض.

لكنه مردود ببعض الأحاديث الدالة على أن حقيقة العدد مقصودة، وأن الأوجه منحصرة في سبعة، فحديث أبي بن كعب -روايتنا الثالثة والرابعة- فيه مراجعة وتحديد بالسبعة.

ثالثاً: ذهب أبو عبيد القاسم بن سلام وأبو حاتم السجستاني إلى أن المراد من الأحرف السبعة لغات سبع متفرقة في القرآن كله، بمعنى أن بعض معاني القرآن عبر عنه بلفظ من لغة اليمن، وبعضها عبر عنه بلفظ من لغة هذيل وهكذا، فألفاظ القرآن تمثل سبع لغات لأهم سبع قبائل عربية وهذا لا يمنع كون القرآن نزل بلغة قريش، إذ أغلبه وأكثره بلغة قريش، وهذه الألفاظ الممثلة للغات أهم القبائل قليلة جداً.

واختار هذا القول الأزهري في التهذيب، واختاره أيضاً ابن عطية وقال: وقد قال تعالى: { { إنا جعلناه قرآناً عربياً } } [الزخرف: 3] ولم يقل قرشياً.

ورد هذا القول بأنه يتنافى مع ما علم من الأحاديث من أن الهدف من الأحرف السبعة التيسير ورفع الحرج، فإنه والحالة هذه لا تخيير في القراءة بل الكلام ملزم بلفظ واحد، ولا يمكن حينئذ تصور اختلاف الصحابة في القراءة وإقرار النبي صلى الله عليه وسلم كلاً منهم على قراءته.

رابعاً: ذهب بعضهم إلى أن الأحرف لغات عربية في كلمة واحدة، وكان من تيسير الله على الأمة أن يقرأ كل قوم بلغتهم، فالهذلي يقرأ: عتى حين يريد حتى حين والأسدي يقرأ: لا تعلمون بكسر أوله، والتميمي يهمز، والقرشي لا يهمز، ولو أراد كل منهم أن يتحول عن لغته وما جرى عليه لسانه لشق عليه غاية المشقة، فيسر الله عليهم، واستمر هذا التيسير حتى جمع عثمان الناس على قراءة واحدة.

ويرد هذا القول الاختلاف الباقي في القراءات حتى اليوم، ثم هو لا يتحدد بسبع لا في كلمة ولا في الكل.

خامساً: ذهب أهل الفقه والأصول والحديث منهم سفيان وابن وهب وابن جرير الطبري والطحاوي إلى أن المراد بالأحرف السبعة سبع لغات في كل كلمة واحدة ومعنى واحد، مثل: هلم وأقبل وتعال وعجل وأسرع وقصدي ونحوي، فهذه ألفاظ سبعة في معنى طلب الإقبال.
ويستدل هذا الرأي بقراءة أبي بن كعب: { { كلما أضاء لهم مشوا فيه } } [البقرة: 20] كلما أضاء لهم مروا فيه.
كلما أضاء لهم سعوا فيه.
وما جاء في قراءة ابن مسعود: يوم يقول المنافقون والمنافقات للذين آمنوا أمهلونا.
يوم يقول المنافقون والمنافقات للذين آمنوا أخرونا نقتبس.

ويلتزم أصحاب هذا الرأي أن يقولوا: إن هذه الأوجه كانت جائزة في أول الأمر، ثم نسخت إلا وجهاً في العرضة الأخيرة، وهي التي نسخ عليها عثمان مصاحفه.

ويرد على هذا الرأي بندرة الكلمات التي يوجد لها سبعة مرادفات فلا يتأتى التيسير، ولا يتأتى رفع الحرج، بل أنكر ابن قتيبة أن يكون في القرآن كلمة تقرأ على سبعة أوجه، على أنه يؤدي إلى أن الاختلاف في أوجه القراءة قد انتهى، مع أن الأمة أجمعت على صحة القراءات الكثيرة المتواترة.

سادسا: هناك آراء أخرى أضعف من الآراء السابقة منها:

( أ) قول بعضهم: الأحرف السبعة أصناف سبعة: أمر، ونهي، وحلال، وحرام، ومحكم، ومتشابه، وأمثال.

( ب) وقول بعضهم: وعد، ووعيد، وحلال، وحرام، ومواعظ، وأمثال، واحتجاج.

( ج) وقول بعضهم: محكم ومتشابه، وناسخ ومنسوخ، وخصوص وعموم وقصص.

( د) وقول بعضهم: مطلق ومقيد، وعام وخاص، ونص ومؤول، وناسخ ومنسوخ، واستثناء وغير ذلك ( والعدد لا مفهوم له) .

وترد هذه الأقوال بأنه لا يتأتى فيها الاختلاف في القراءة ولا التيسير على الأمة.

سابعاً: وأصح الآراء وأقواها في تصورنا وأحراها بالقبول عندنا ما ذهب إليه الإمام الرازي وحاصله أن الكلام لا يخرج عن سبعة أحرف في الاختلاف:

( أ) اختلاف الأسماء من إفراد وتثنية وجمع وتذكير وتأنيث، ويمكن التمثيل له بقوله تعالى: { { والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون } } [المؤمنون: 8] .
إذ قرئ: لأماناتهم بالجمع، ولأمانتهم بالإفراد.

( ب) اختلاف تصريف الأفعال من ماض ومضارع وأمر، ويمكن التمثيل له بقوله تعالى: { { فقالوا ربنا باعد بين أسفارنا } } [سبأ: 19] قرئ بنصب ربنا على النداء وبلفظ باعد على فعل الأمر، وقرئ ربنا بعد برفع ربنا على الابتداء وبلفظ بعد ماضياً مضعف العين خبر المبتدأ.

( ج) اختلاف وجوه الإعراب، ويمكن التمثيل له في الأفعال بقوله تعالى: { { ولا يضار كاتب ولا شهيد } } [البقرة: 282] .
قرئ بفتح الراء على أن لا ناهية، والفعل مجزوم، وقرئ بضم الراء على أن لا نافية، والفعل بعدها مرفوع، ويمكن التمثيل له في الأسماء بقوله تعالى: { { ذو العرش المجيد } } [البروج: 15] .
قرئ برفع لفظ المجيد على أنه نعت لكلمة ذو وقرئ بجره على أنه نعت لكلمة العرش.

وهذه الأحرف الثلاثة موافقة للرسم العثماني، لأنه كان خالياً من النقط ومن الشكل.

( د) الاختلاف بالنقص والزيادة، ويمكن التمثيل له بقوله تعالى: { { وأعد لهم جنات تجري تحتها الأنهار } } [التوبة: 100] في سورة التوبة، وقرئ تجري من تحتها الأنهار بزيادة لفظ من وهما قراءتان متواترتان، وقد وافقت كل منهما رسم المصحف، فالأولى بدون من وافقت رسم غير المصحف المكي، والتي بزيادة من وافقت رسم المصحف المكي.

ومن هذا الوجه، الزيادة والنقص، مما لا يوافق رسم المصحف، كقراءة: وكان وراءهم ملك يأخذ كل سفينة صالحة غصباً.
بزيادة لفظ.
صالحة وقراءة: والذكر والأنثى.
بحذف لفظ: وما خلق.
فإن زيادة صالحة ونقص وما خلق مخالفة لخط جميع المصاحف العثمانية ولذا تركت هذه القراءة وعدت منسوخة في العرضة الأخيرة.

( هـ) الاختلاف بالتقديم والتأخير، ويمكن التمثيل له بقوله تعالى { { وجاءت سكرة الموت بالحق } } [ق: 19] فقد قرئ: وجاء سكرة الحق بالموت.
ولكن القراءة الثانية لا توافق رسم مصحف من المصاحف العثمانية، فتركت وعدت منسوخة التلاوة في العرضة الأخيرة.

ومثال ما وافق المصحف من هذا الوجه قوله تعالى في سورة التوبة: { { فيقتلون ويقتلون وعداً عليه حقاً } } [التوبة: 111] .
قرئ بالفعل الأول مبنياً للمعلوم والثاني مبنيا للمجهول، وقرئ بالعكس والقراءتان متواترتان.

( و) الاختلاف بالإبدال، ويمكن التمثيل له بقوله تعالى: { { وانظر إلى العظام كيف ننشزها } } [البقرة: 259] .
بالزاي وبالراء.
قراءتان متواترتان.
وكذا قوله تعالى: { { إن جاءكم فاسق بنبإ فتبينوا } } [الحجرات: 6] .
قرئ فتثبتوا .
قراءتان متواترتان موافقتان لرسم المصحف.

ومثال ما لم يوافق رسم المصحف قوله تعالى: { { إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله } } [الجمعة: 9] .
قرئ فامضوا إلى ذكر الله.
وهي مخالفة لرسم جميع المصاحف العثمانية فتركت وعدت منسوخة التلاوة في العرضة الأخيرة.

( ز) اختلاف اللغات -أي اللهجات، كالفتح والإمالة والترقيق والتفخيم والإظهار والإدغام ونحو ذلك، ويمكن التمثيل له بقوله تعالى: { { وهل أتاك حديث موسى } } [طه: 9] .
بالفتح والإمالة في أتى وفي موسى وهذا الوجه موافق دائماً لرسم المصحف، لأنه تغيير في النطق الشكلي وليس في جوهر الكلمة.

وهذا الرأي يتمشى مع الأصول الخمسة المستفادة من مجموع الأحاديث التي سبق بيانها، كما أنه يعتمد على الاستقراء التام لمرجع اختلاف القراءات كما أنه يتمشى مع بقاء الأحرف السبعة إلى اليوم، كما أنه لا يلزمه محذور، وكل اعتراض عليه يمكن رده.
والله أعلم.

( ملحوظة) قال أبو شامة: ظن قوم أن القراءات السبع الموجودة الآن هي التي أريدت في الحديث، وهو خلاف إجماع أهل العلم قاطبة وإنما يظن ذلك بعض أهل الجهل.
اهـ.

وقال مكي بن أبي طالب: هذه القراءات التي يقرأ بها اليوم وصحت رواياتها عن الأئمة جزء من الأحرف السبعة التي نزل بها القرآن.
وأما من ظن أن قراءة هؤلاء كنافع وعاصم هي الأحرف السبعة التي في الحديث فقد غلط غلطاً عظيماً.
اهـ.

ويؤخذ من الحديث

1- تيسير الله تعالى على الأمة ورحمته بهم.

2- شفقته صلى الله عليه وسلم بأمته، حيث طلب من الله تعالى التيسير وراجعه عدة مرات.
ويؤخذ من روايتنا الثالثة أن التيسير بسبعة أحرف جاء في الردة الثالثة، ومن الرواية الرابعة أن التيسير بسبعة أحرف جاء في الردة الرابعة.
قال النووي: هذا مما يشكل معناه والجمع بين الروايتين، وأقرب ما يقال فيه أن قوله في الرواية الثالثة: فرد إلي الثالثة.
المراد بالثالثة الأخيرة وهي الرابعة.
فسماها ثالثة مجازاً.
وحملنا على هذا التأويل تصريحه في الرواية الرابعة أن الأحرف السبعة إنما كانت في المرة الرابعة، وهي الأخيرة، ويكون قد حذف في الرواية الثالثة أيضاً بعض المرات.
اهـ فالوهم من الراوي.

3- ومدى عناية الصحابة بالقرآن والذب عنه والمحافظة عليه وعلى لفظه كما سمعوه من غير عدول عنه.

4- ومن تصرف عمر مع الرجل يؤخذ ما كان عليه -رضي الله عنه- من الشدة في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وإنما فعل ذلك عن اجتهاد منه لظنه أن هشاماً خالف الصواب، واستساغ ذلك لرسوخ قدمه في الإسلام وسابقته، بخلاف هشام، فإنه كان قريب العهد بالإسلام فهو من مسلمة الفتح، فخشي عمر من ذلك أن لا يكون أتقن القراءة، بخلاف نفسه فإنه كان قد أتقن ما سمع.

5- تقدير الرسول صلى الله عليه وسلم للغيرة الإسلامية وعدم تعنيفه من يشتد بسببها، فقد اكتفى بقوله لعمر: أرسله ولم ينكر عليه إمساكه الرجل من تلابيبه وسحبه إلى الرسول صلى الله عليه وسلم.

6- ومن قوله في الرواية الثالثة: فسقط في نفسي....
إلخ.
العفو عن نزغات الشيطان وخطرة النفس التي لا تستقر، وعدم المؤاخذة عليها، لأنه لا يقدر على دفعها.

7- ومن الرواية الثالثة أيضاً بركة النبي صلى الله عليه وسلم حيث أزالت ضربته في صدر أبي هاجس النفس وخواطر الشيطان.

8- وأنه كان لنبينا صلى الله عليه وسلم ثلاث دعوات مستجابة، أي محققة الإجابة بوعد الله، وأما غير هذه الدعوات فهي على رجاء الإجابة، وكثيراً ما أجيب دعاؤه.
قال المحققون: يتعين أن يكون متعلق الثانية غير متعلق الأولى، لأنه لو اتحد متعلقهما كانتا دعوة واحدة، فلم تكن الدعوات ثلاثاً، فمتعلق الأولى الدعاء لمن وجد من الأمة، ومتعلق الثانية من سيوجد.
وقيل: الأولى للمفرطين في الطاعة، والثانية للمفرطين في المعصية.

9- ثبوت شفاعته صلى الله عليه وسلم لجميع الأمم، حيث ادخر دعوته الثالثة ليوم الموقف العظيم.

والله أعلم