هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
1418 حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ، أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ زِيَادٍ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : لَيْسَ المِسْكِينُ الَّذِي تَرُدُّهُ الأُكْلَةَ وَالأُكْلَتَانِ ، وَلَكِنِ المِسْكِينُ الَّذِي لَيْسَ لَهُ غِنًى ، وَيَسْتَحْيِي أَوْ لاَ يَسْأَلُ النَّاسَ إِلْحَافًا
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
1418 حدثنا حجاج بن منهال ، حدثنا شعبة ، أخبرني محمد بن زياد ، قال : سمعت أبا هريرة رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ليس المسكين الذي ترده الأكلة والأكلتان ، ولكن المسكين الذي ليس له غنى ، ويستحيي أو لا يسأل الناس إلحافا
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،  عن أبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : لَيْسَ المِسْكِينُ الَّذِي تَرُدُّهُ الأُكْلَةَ وَالأُكْلَتَانِ ، وَلَكِنِ المِسْكِينُ الَّذِي لَيْسَ لَهُ غِنًى ، وَيَسْتَحْيِي أَوْ لاَ يَسْأَلُ النَّاسَ إِلْحَافًا .

Narrated Abu Huraira:

The Prophet (ﷺ) said, The poor person is not the one who asks a morsel or two (of meals) from the others, but the poor is the one who has nothing and is ashamed to beg from others.

D'après Abu Hurayra (), le Prophète () dit: «L'indigent n'est pas celui qui peut se contenter d'une bouchée ou deux, mais l'indigent est celui qui ne trouve pas de quoi se satisfaire et est timide ou qui n'insiste pas à demander aux gens...»

":"ہم سے حجاج بن منہال نے بیان کیا ۔ انہوں نے کہا کہ ہم سے شعبہ نے بیان کیا ۔ انہوں نے کہا کہ مجھے محمد بن زیاد نے خبر دی انہوں نے کہا کہمیں نے ابوہریرہ رضی اللہ عنہ سے سنا کہ نبی کریم صلی اللہ علیہ وسلم نے فرمایا مسکین وہ نہیں جسے ایک دو لقمے در در پھرائیں ۔ مسکین تو وہ ہے جس کے پاس مال نہیں ۔ لیکن اسے سوال سے شرم آتی ہے اور وہ لوگوں سے چمٹ کر نہیں مانگتا ( مسکین وہ جو کمائے مگر بقدر ضرورت نہ پا سکے ) ۔

D'après Abu Hurayra (), le Prophète () dit: «L'indigent n'est pas celui qui peut se contenter d'une bouchée ou deux, mais l'indigent est celui qui ne trouve pas de quoi se satisfaire et est timide ou qui n'insiste pas à demander aux gens...»

شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [1476] .

     قَوْلُهُ  الْأُكْلَةُ وَالْأُكْلَتَانِ بِالضَّمِّ فِيهِمَا وَيُؤَيِّدُهُ مَا فِي رِوَايَةِ الْأَعْرَجِ الْآتِيَةِ آخِرَ الْبَابِ اللُّقْمَةُ وَاللُّقْمَتَانِ وَالتَّمْرَةُ وَالتَّمْرَتَانِ وَزَادَ فِيهِ الَّذِي يَطُوفُ عَلَى النَّاسِ قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ الْأُكْلَةُ بِالضَّمِّ اللُّقْمَةُ وَبِالْفَتْحِ الْمَرَّةُ مِنَ الْغَدَاءِ وَالْعَشَاءِ .

     قَوْلُهُ  لَيْسَ لَهُ غِنًى زَادَ فِي رِوَايَةِ الْأَعْرَجِ غِنًى يُغْنِيهِ وَهَذِهِ صِفَةٌ زَائِدَةٌ عَلَى الْيَسَارِ الْمَنْفِيِّ إِذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ حُصُولِ الْيَسَارِ لِلْمَرْءِ أَنْ يَغْنَى بِهِ بِحَيْثُ لَا يَحْتَاجُ إِلَى شَيْءٍ آخَرَ وَكَأَنَّ الْمَعْنَى نَفْيُ الْيَسَارِ الْمُقَيَّدِ بِأَنَّهُ يُغْنِيهِ مَعَ وُجُودِ أَصْلِ الْيَسَارِ وَهَذَا كَقَوْلِهِ تَعَالَى لَا يسْأَلُون النَّاس إلحافا .

     قَوْلُهُ  وَيَسْتَحِي زَادَ فِي رِوَايَةِ الْأَعْرَجِ وَلَا يَفْطَنُ بِهِ وَفِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ لَهُ فَيَتَصَدَّقَ عَلَيْهِ وَلَا يَقُومُ فَيَسْأَلَ النَّاسَ وَهُوَ بِنَصْبِ يَتَصَدَّقَ وَيَسْأَلَ وَمَوْضِعُ التَّرْجَمَةِ مِنْهُ .

     قَوْلُهُ  لَيْسَ لَهُ غِنًى وَقَدْ أَوْرَدَهُ الْمُصَنِّفُ فِي التَّفْسِيرِ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ يَظْهَرُ تَعَلُّقُهَا بِهَذِهِ التَّرْجَمَةِ أَكْثَرُ مِنْ هَذِهِ الطَّرِيقِ وَلَفظه هُنَاكَ إِنَّمَا الْمِسْكِين الَّذِي يتعفف اقرؤوا إِنْ شِئْتُمْ يَعْنِي قَوْلَهُ لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا كَذَا وَقَعَ فِيهِ بِزِيَادَةِ يَعْنِي وَقَدْ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَأَحْمَدُ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ بِدُونِهَا وَكَذَلِكَ وَقع فِيهِ بِزِيَادَة بن أَبِي حَاتِمٍ فِي تَفْسِيرِهِ ثَانِيهَا حَدِيثُ الْمُغِيرَةِ وبن أَشْوَعَ بِالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَزَادَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ الْكشميهني بن الْأَشْوَعِ وَهُوَ سَعِيدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْأَشْوَعِ نُسِبَ لِجَدِّهِ وَكَاتِبُ الْمُغِيرَةِ هُوَ وَرَّادٌ

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [1476] حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ زِيَادٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «لَيْسَ الْمِسْكِينُ الَّذِي تَرُدُّهُ الأُكْلَةُ وَالأُكْلَتَانِ، وَلَكِنِ الْمِسْكِينُ الَّذِي لَيْسَ لَهُ غِنًى وَيَسْتَحْيِي أَوْ لاَ يَسْأَلُ النَّاسَ إِلْحَافًا».
[الحديث طرفاه في: 1479، 4539] .
وبالسند قال: ( حدّثنا حجاج بن منهال) بكسر الميم السلمي البصري الأنماطي قال: ( حدّثنا شعبة) بن الحجاج ( قال: أخبرني) بالإفراد ( محمد بن زياد قال: سمعت أبا هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال) : ( ليس المسكين) بكسر الميم وقد تفتح أي الكامل في المسكنة ( الذي ترده الأكلة والأكلتان) ، عند طوافه على الناس للسؤال لأنه قادر على تحصيل قوته.
وربما يقع له زيادة عليه، وليس المراد نفي المسكنة عن الطواف بل نفي كمالها لأنهم أجمعوا على أن السائل الطوّاف المحتاج مسكين وهمزة الأكلة والأكلتان مضمومة أي اللقمة واللقمتان كما صرح به في الرواية الأخرى تقول: أكلت أكلة واحدة أي لقمة وأما بالفتح فالأكل مرة واحدة حتى يشبع ( ولكن المسكين) الكامل بتخفيف نون لكن، فالمسكين مرفوع وبتشديدها فالمسكين منصوب والأخيرة لأبي ذر ( الذي ليس له غنى) بكسر الغين مقصور أي يسار، وزاد الأعرج يغنيه وهي صفة له وهو قدر زائد على اليسار إذ لا يلزم من حصول اليسار للمرء أن يغنى به بحيث لا يحتاج إلى شيء آخر، واللفظ محتمل لأن يكون المراد نفي أصل اليسار ولأن يكون المراد نفي اليسار المقيد بأنه يغنيه مع وجود أصل اليسار وعلى الاحتمال الثاني ففيه: إن المسكين هو الذي يقدر على مال أو كسب يقع موقعًا من حاجته ولا يكفيه كثمانية من عشرة وهو حينئذ أحسن حالاً من الفقير فإنه الذي لا مال له أصلاً أو يملك ما لا يقع موقعًا من كفايته كثلاثة من عشرة واحتجوا بقوله تعالى: { أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ} [الكهف: 79] فسماهم مساكين مع أن لهم سفينة لكنها لا تقوم بجميع حاجتهم ( ويستحيي) ، بياءين أو بياء واحدة زاد همام أن يسأل الناس، وزاد الأعرج ولا يفطن له ( أو لا يسأل الناس إلحافًا) نصب على الحال أي ملحفًا أو صفة مصدر محذوف أي سؤال الإلحاف أو عامله محذوف أي ولا يلحف إلحافًا.
1477 - حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ ابْنُ عُلَيَّةَ حَدَّثَنَا خَالِدٌ الْحَذَّاءُ عَنِ ابْنِ أَشْوَعَ عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ حَدَّثَنِي كَاتِبُ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ قَالَ: "كَتَبَ مُعَاوِيَةُ إِلَى الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ أَنِ اكْتُبْ إِلَىَّ بِشَىْءٍ سَمِعْتَهُ مِنَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
فَكَتَبَ إِلَيْهِ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: إِنَّ اللَّهَ كَرِهَ لَكُمْ ثَلاَثًا: قِيلَ وَقَالَ، وَإِضَاعَةَ الْمَالِ، وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ".
وبه قال: ( حدَّثنا يعقوب بن إبراهيم) الدورقي قال: ( حدّثنا إسماعيل بن علية) هو إسماعيل بن إبراهيم وعلية بضم العين وفتح اللام وتشديد المثناة التحتية اسم أمه قال: ( حدّثنا خالد الحذاء) بفتح الحاء المهملة وتشديد الذال المعجمة ممدود البصري ( عن ابن أشوع) بفتح الهمزة وسكون الشين المعجمة وفتح الواو آخره عين مهملة غير منصرف، واسمه سعيد بن عمرو بن أشوع الهمداني قاضي الكوفة ونسب لجده وثقه ابن معين والنسائي والعجلي وإسحاق بن راهويه، ورماه الجوزجاني بالتشيع لكن احتج به الشيخان والترمذي.
له عنده حديثان أحدهما متابعة، ولأبي ذر عن الكشميهني: ابن الأشوع ( عن الشعبي) بفتح المعجمة عامر بن شراحيل ( قال: حدَّثني) بالإفراد ( كاتب المغيرة بن شعبة) ومولاه وراد بفتح الواو وتشديد الراء بالدال المهملة آخره ( قال: كتب معاوية) بن أبي سفيان -رضي الله عنهما- ( إلى المغيرة بن شعبة) -رضي الله عنه- ( أن اكتب إلي بشيء سمعته من رسول الله) ولأبي ذر وابن عساكر: من النبي ( -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إليه سمعت النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقول) : ( إن الله كره لكم ثلاثًا قيل وقال) يجوز أن يكونا ماضيين وأن يكونا مصدرين وكتبا بغير ألف على لغة ربيعة، والمراد المقاولة بلا ضرورة وقصد ثواب فإنها تقسي القلوب، أو المراد ذكر الأقوال الواقعة في الدين كأن يقول قال الحكماء كذا.
وقال أهل السنة: كذا من غير بيان ما هو الأقوى ويقلد من سمعه من غير أن يحتاط.
وقال في المحكم: القول في الخير والقيل والقال في الشر خاصة.
وقال في المصابيح: قيل وما بعدها بدل من ثلاثًا.
فإن قلت: كره لا يتسلط على قيل وقال ضرورة أن كلاًّ منهما فعل ماض فلا يصح وقوعه: مفعولاً به، فكيف صح البدل بالنسبة إليهما؟ قلت: لا نسلم أن واحدًا منهما فعل بل كل منهما اسم مسماه الفعل الذي هو قيل أو قال، وإنما فتح آخره على الحكاية وذلك مثل قولك: ضرب فعل ماض ولهذا أخبر عنه والإخبار عنه باعتبار مسماه وهو ضرب الذي يدل على الحدث والزمان، وغاية الأمر أن هذا لفظ مسماه لفظ ولا نكير فيه كأسماء السور حروف المعجم قال: وقول ابن مالك إن الإسناد اللفظي يكون في الكلم الثلاث، والذي يختص به الاسم هو الإسناد المعنوي ضعيف اهـ.
( و) كره الله لكم ( إضاعة المال) بإنفاقه في المعاصي والإسراف فيه كدفعه لغير رشيد أو تركه من غير حافظ أو يتركه حتى يفسد أو يموّه أوانيه بالذهب أو يذهب سقف بيته أو غير ذلك.
وللحموي والمستملي: وإضاعة الأموال ( وكثرة السؤال) للناس في أخذ أموالهم صدقة لهذا موضع الترجمة، ويحتمل أن يكون المراد السؤال عن المشكلات التي تعبدنا بظاهرها أو عما لا حاجة للسائل به لكن حمله على المعنى الأعم أولى.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( قَولُهُ بَابُ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ لَا يسْأَلُون النَّاس إلحافا وَكَمِ الْغِنَى وَقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَجِدُ غِنًى يُغْنِيهِ لِقَوْلِ)
اللَّهِ عز وَجل للْفُقَرَاء الَّذين أحْصرُوا الْآيَةَ هَذِهِ اللَّامُ الَّتِي فِي قَوْلِهِ لِقَوْلِ اللَّهِ لَامُ التَّعْلِيلِ لِأَنَّهُ أَوْرَدَ الْآيَةَ تَفْسِيرًا لِقَوْلِهِ فِي التَّرْجَمَةِ وَكَمِ الْغِنَى وَكَأَنَّهُ يَقُولُ وَقَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا يَجِدُ غِنًى يُغْنِيهِ مُبَيِّنٌ لِقَدْرِ الْغِنَى لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَعَلَ الصَّدَقَةَ لِلْفُقَرَاءِ الْمَوْصُوفِينَ بِهَذِهِ الصِّفَةِ أَيْ مَنْ كَانَ كَذَلِكَ فَلَيْسَ بِغَنِيٍّ وَمَنْ كَانَ بِخِلَافِهَا فَهُوَ غَنِيٌّ فَحَاصِلُهُ أَنَّ شَرْطَ السُّؤَالِ عَدَمُ وِجْدَانِ الْغِنَى لِوَصْفِ اللَّهِ الْفُقَرَاءَ بِقَوْلِهِ لَا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الْأَرْضِ إِذْ مَنِ اسْتَطَاعَ ضَرْبًا فِيهَا فَهُوَ وَاجِدٌ لِنَوْعٍ مِنَ الْغِنَى وَالْمُرَادُ بِالَّذِينِ أَحُصِرُوا الَّذِينَ حَصَرَهُمُ الْجِهَادُ أَيْ مَنَعَهُمُ الِاشْتِغَالُ بِهِ مِنَ الضَّرْبِ فِي الْأَرْضِ أَيْ التِّجَارَةِ لِاشْتِغَالِهِمْ بِهِ عَن التكسب قَالَ بن عُلَيَّةَ كُلُّ مُحِيطٍ يَحْصُرُ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَضَمِّ الصَّادِ وَالْأَعْذَارُ الْمَانِعَةُ تُحْصِرُ بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ وَكَسْرِ الصَّادِ أَيْ تَجْعَلُ الْمَرْءَ كَالْمُحَاطِ بِهِ وَلِلْفُقَرَاءِ يَتَعَلَّقُ بِمَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ الْإِنْفَاقُ الْمُقَدَّمُ ذِكْرُهُ لِهَؤُلَاءِ انْتَهَى.

.
وَأَمَّا قَوْلُ الْمُصَنِّفِ فِي التَّرْجَمَةِ وَكَمِ الْغِنَى فَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ حَدِيثًا صَرِيحًا فَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ أَشَارَ إِلَى أَنَّهُ لَمْ يَرِدْ فِيهِ شَيْءٌ عَلَى شَرْطِهِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُسْتَفَادَ الْمُرَادُ مِنْ قَوْلِهِ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ الَّذِي لَا يَجِدُ غِنًى يُغْنِيهِ فَإِنَّ مَعْنَاهُ لَا يَجِدُ شَيْئًا يَقَعُ مَوْقِعًا مِنْ حَاجَتِهِ فَمَنْ وَجَدَ ذَلِكَ كَانَ غَنِيًّا وَقَدْ وَرَدَ فِيهِ مَا أخرجه التِّرْمِذِيّ وَغَيره من حَدِيث بن مَسْعُودٍ مَرْفُوعًا مَنْ سَأَلَ النَّاسَ وَلَهُ مَا يُغْنِيهِ جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمَسْأَلَتُهُ فِي وَجْهِهِ خُمُوشٌ قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا يُغْنِيهِ قَالَ خَمْسُونَ دِرْهَمًا أَوْ قِيمَتُهَا مِنَ الذَّهَبِ وَفِي إِسْنَادِهِ حَكِيمُ بْنُ جُبَيْرٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَقَدْ تَكَلَّمَ فِيهِ شُعْبَةُ مِنْ أَجْلِ هَذَا الْحَدِيثِ وَحَدَّثَ بِهِ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَنْ حَكِيمٍ فَقِيلَ لَهُ إِنَّ شُعْبَةَ لَا يُحَدِّثُ عَنْهُ قَالَ لَقَدْ حَدَّثَنِي بِهِ زُبَيْدٌ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ يَعْنِي شَيْخَ حَكِيمٍ أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ أَيْضًا وَنَصَّ أَحْمَدُ فِي عِلَلِ الْخَلَّالِ وَغَيْرِهَا عَلَى أَنَّ رِوَايَةَ زُبَيْدٍ مَوْقُوفَةٌ وَقَدْ تَقَدَّمَ حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ قَرِيبًا مِنْ عِنْدِ النَّسَائِيِّ فِي بَابِ الِاسْتِعْفَافِ وَفِيهِ مَنْ سَأَلَ وَلَهُ أُوقِيَّةٌ فقد ألحف وَقد أخرجه بن حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ بِلَفْظِ فَهُوَ مُلْحِفٌ وَفِي الْبَابِ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عِنْدَ النَّسَائِيِّ بِلَفْظِ فَهُوَ الْمُلْحِفُ وَعَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ رَجُلٍ مِنْ بَنِي أَسَدٍ لَهُ صُحْبَةٌ فِي أَثْنَاءِ حَدِيثٍ مَرْفُوعٍ قَالَ فِيهِ مَنْ سَأَلَ مِنْكُمْ وَلَهُ أُوقِيَّةٌ أَوْ عَدْلُهَا فَقَدْ سَأَلَ إِلْحَافًا أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَعَنْ سَهْلِ بْنِ الْحَنْظَلِيَّةِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ سَأَلَ وَعِنْدَهُ مَا يُغْنِيهِ فَإِنَّمَا يَسْتَكْثِرُ مِنَ النَّارِ فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا يُغْنِيهِ قَالَ قَدْرُ مَا يُغَدِّيهِ وَيُعَشِّيهِ أخرجه أَبُو دَاوُد أَيْضا وَصَححهُ بن حبَان قَالَ التِّرْمِذِيّ فِي حَدِيث بن مَسْعُودٍ وَالْعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ بَعْضِ أَصْحَابِنَا كالثوري وبن الْمُبَارَكِ وَأَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ قَالَ وَوَسَّعَ قَوْمٌ فِي ذَلِكَ فَقَالُوا إِذَا كَانَ عِنْدَهُ خَمْسُونَ دِرْهَمًا أَوْ أَكْثَرُ وَهُوَ مُحْتَاجٌ فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنَ الزَّكَاةِ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ انْتَهَى.

     وَقَالَ  الشَّافِعِيُّ قَدْ يَكُونُ الرَّجُلُ غَنِيًّا بِالدِّرْهَمِ مَعَ الْكَسْبِ وَلَا يُغْنِيهِ الْأَلْفُ مَعَ ضَعْفِهِ فِي نَفْسِهِ وَكَثْرَةِ عِيَالِهِ وَفِي الْمَسْأَلَةِ مَذَاهِبُ أُخْرَى أَحَدُهَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ إِنَّ الْغَنِيَّ مَنْ مَلَكَ نِصَابًا فَيَحْرُمُ عَلَيْهِ أَخذ الزَّكَاة وَاحْتج بِحَدِيث بن عَبَّاسٍ فِي بَعْثِ مُعَاذٍ إِلَى الْيَمَنِ وَقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهُ تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ فَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ فَوَصَفَ مَنْ تُؤْخَذُ الزَّكَاةُ مِنْهُ بِالْغِنَى وَقَدْ قَالَ لَا تَحِلُّ الصَّدَقَةُ لِغَنِيٍّ ثَانِيهَا أَنَّ حَدَّهُ مَنْ وَجَدَ مَا يُغَدِّيهِ وَيُعَشِّيهِ عَلَى ظَاهِرِ حَدِيثِ سَهْلِ بْنِ الْحَنْظَلِيَّةِ حَكَاهُ الْخَطَّابِيُّ عَنْ بَعْضِهِمْ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ وَجْهُهُ مَنْ لَا يَجِدُ غَدَاءً وَلَا عَشَاءً عَلَى دَائِمِ الْأَوْقَاتِ ثَالِثُهَا أَنَّ حَدَّهُ أَرْبَعُونَ دِرْهَمًا وَهُوَ قَوْلُ أَبِي عُبَيْدِ بْنِ سَلَّامٍ عَلَى ظَاهِرِ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ وَهُوَ الظَّاهِرُ مِنْ تَصَرُّفِ الْبُخَارِيِّ لِأَنَّهُ أَتْبَعَ ذَلِكَ قَوْلَهُ لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا وَقَدْ تَضَمَّنَ الْحَدِيثُ الْمَذْكُورُ أَنَّ مَنْ سَأَلَ وَعِنْدَهُ هَذَا الْقَدْرُ فَقَدْ سَأَلَ إِلْحَافًا ثُمَّ أَوْرَدَ الْمُصَنِّفُ فِي الْبَابِ أَرْبَعَةَ أَحَادِيثَ أَوَّلُهَا حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي ذِكْرِ الْمِسْكِينِ أَوْرَدَهُ مِنْ طَرِيقَيْنِ وَالْمِسْكِينُ مِفْعِيلٌ مِنَ السُّكُونِ قَالَهُ الْقُرْطُبِيُّ قَالَ فَكَأَنَّهُ مِنْ قِلَّةِ الْمَالِ سَكَنَتْ حَرَكَاتُهُ وَلِذَا قَالَ تَعَالَى أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَة أَيْ لَاصِقٌ بِالتُّرَابِ

[ قــ :1418 ... غــ :1476] .

     قَوْلُهُ  الْأُكْلَةُ وَالْأُكْلَتَانِ بِالضَّمِّ فِيهِمَا وَيُؤَيِّدُهُ مَا فِي رِوَايَةِ الْأَعْرَجِ الْآتِيَةِ آخِرَ الْبَابِ اللُّقْمَةُ وَاللُّقْمَتَانِ وَالتَّمْرَةُ وَالتَّمْرَتَانِ وَزَادَ فِيهِ الَّذِي يَطُوفُ عَلَى النَّاسِ قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ الْأُكْلَةُ بِالضَّمِّ اللُّقْمَةُ وَبِالْفَتْحِ الْمَرَّةُ مِنَ الْغَدَاءِ وَالْعَشَاءِ .

     قَوْلُهُ  لَيْسَ لَهُ غِنًى زَادَ فِي رِوَايَةِ الْأَعْرَجِ غِنًى يُغْنِيهِ وَهَذِهِ صِفَةٌ زَائِدَةٌ عَلَى الْيَسَارِ الْمَنْفِيِّ إِذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ حُصُولِ الْيَسَارِ لِلْمَرْءِ أَنْ يَغْنَى بِهِ بِحَيْثُ لَا يَحْتَاجُ إِلَى شَيْءٍ آخَرَ وَكَأَنَّ الْمَعْنَى نَفْيُ الْيَسَارِ الْمُقَيَّدِ بِأَنَّهُ يُغْنِيهِ مَعَ وُجُودِ أَصْلِ الْيَسَارِ وَهَذَا كَقَوْلِهِ تَعَالَى لَا يسْأَلُون النَّاس إلحافا .

     قَوْلُهُ  وَيَسْتَحِي زَادَ فِي رِوَايَةِ الْأَعْرَجِ وَلَا يَفْطَنُ بِهِ وَفِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ لَهُ فَيَتَصَدَّقَ عَلَيْهِ وَلَا يَقُومُ فَيَسْأَلَ النَّاسَ وَهُوَ بِنَصْبِ يَتَصَدَّقَ وَيَسْأَلَ وَمَوْضِعُ التَّرْجَمَةِ مِنْهُ .

     قَوْلُهُ  لَيْسَ لَهُ غِنًى وَقَدْ أَوْرَدَهُ الْمُصَنِّفُ فِي التَّفْسِيرِ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ يَظْهَرُ تَعَلُّقُهَا بِهَذِهِ التَّرْجَمَةِ أَكْثَرُ مِنْ هَذِهِ الطَّرِيقِ وَلَفظه هُنَاكَ إِنَّمَا الْمِسْكِين الَّذِي يتعفف اقرؤوا إِنْ شِئْتُمْ يَعْنِي قَوْلَهُ لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا كَذَا وَقَعَ فِيهِ بِزِيَادَةِ يَعْنِي وَقَدْ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَأَحْمَدُ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ بِدُونِهَا وَكَذَلِكَ وَقع فِيهِ بِزِيَادَة بن أَبِي حَاتِمٍ فِي تَفْسِيرِهِ ثَانِيهَا حَدِيثُ الْمُغِيرَةِ وبن أَشْوَعَ بِالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَزَادَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ الْكشميهني بن الْأَشْوَعِ وَهُوَ سَعِيدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْأَشْوَعِ نُسِبَ لِجَدِّهِ وَكَاتِبُ الْمُغِيرَةِ هُوَ وَرَّادٌ

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: { لاَ يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا} [البقرة: 273] وَكَمِ الْغِنَى، وَقَوْلِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «وَلاَ يَجِدُ غِنًى يُغْنِيهِ» { لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ} -إِلَى قَوُلِهِ- { فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ} [البقرة: 273] .

(باب قول الله تعالى: { لا يسألون الناس إلحافًا} [البقرة: 273] أي إلحاحًا وهو أن يلازم المسؤول حتى يعطيه من قولهم لحفني من فضل لحافه أي أعطاني من فضل ما عنده، ومعناه أنهم لا يسألون وإن سألوا عن ضرورة لم يلحوا، وقيل: هو نفي للسؤال والإلحاح كقوله:
على لاحب لا يهتدى بمناره
فمراده لا منار ولا اهتداء به ولا ريب أن نفي السؤال والإلحاح أدخل في التعفف (وكم الغنى)، أي مقداره المانع للرجل من السؤال، وليس في الباب ما فيه تصريح بالقدر إما لكونه لم يجد ما هو على شرطه أو اكتفاء بما يستفاد من قوله في الحديث الآتي إن شاء الله تعالى، ولا يجد أي الرجل غنى يغنيه.

وعن سهل ابن الحنظلية مرفوعًا: من سأل وعنده ما يغنيه فإنما يستكثر من النار.
قال النفيلي أحد رواته، قالوا: وما الغنى الذي لا ينبغي معه المسألة؟ قال: قدر ما يغديه ويعشيه رواه أبو داود وعند ابن خزيمة أن يكون له شبع يوم وليلة أو ليلة ويوم.
قال الخطابي: اختلف الناس في تأويل حديث سهل، فقيل: من وجد غداء يومه وعشاءه لم تحل له المسألة على ظاهر الحديث، وقيل: إنما هو فيمن وجد غداء وعشاء على دائم الأوقات فإذا كان عنده ما يكفيه لقوته المدة الطويلة حرمت عليه المسألة.
وقيل: إنه منسوخ بالأحاديث التي فيها تقدير الغنى بملك خمسين درهمًا أو قيمتها، أو بملك أوقية أو قيمتها.
وعورض بأن ادعاء النسخ مشترك بينهما لعدم العلم بسبق أحدهما على الآخر.

(وقول النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) بجر قول أي في حديث أبي هريرة الآتي في هذا الباب إن شاء الله تعالى (ولا يجد) أي الرجل (غنى يغنيه) بكسر غين غنى والقصر ضد الفقر زاد أبو ذر: لقول الله تعالى: ({ للفقراء} ) متعلق بمحذوف أي اعمدوا للفقراء أو اجعلوا ما تنفقون للفقراء أو صدقاتكم للفقراء ({ الذين أحصروا في سبيل الله} ) أحصرهم الجهاد { لَا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الْأَرْضِ} [البقرة: 273] أي ذهابًا فيها للتجارة والكسب، وقيل: هم أهل الصفة كانوا نحوًا من أربعمائة من فقراء المهاجرين يسكنون صفة المسجد يستغرقون أوقاتهم في التعلم والعبادة، وكانوا يخرجون في كل سرية يبعثها

رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ووصفهم بعدم استطاعة الضرب في الأرض يدل على عدم الغنى، إذ من استطاع ضربًا فيها فهو واجد لنوع من الغنى.
(إلى قوله: { فإن الله به عليم} ) ترغيب في الإنفاق خصوصًا على هؤلاء.
وسقط قوله: { لَا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الْأَرْضِ} في غير رواية أبي ذر.


[ قــ :1418 ... غــ : 1476 ]
- حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ زِيَادٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «لَيْسَ الْمِسْكِينُ الَّذِي تَرُدُّهُ الأُكْلَةُ وَالأُكْلَتَانِ، وَلَكِنِ الْمِسْكِينُ الَّذِي لَيْسَ لَهُ غِنًى وَيَسْتَحْيِي أَوْ لاَ يَسْأَلُ النَّاسَ إِلْحَافًا».
[الحديث 1476 - طرفاه في: 1479، 4539] .

وبالسند قال: (حدّثنا حجاج بن منهال) بكسر الميم السلمي البصري الأنماطي قال: (حدّثنا شعبة) بن الحجاج (قال: أخبرني) بالإفراد (محمد بن زياد قال: سمعت أبا هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال):
(ليس المسكين) بكسر الميم وقد تفتح أي الكامل في المسكنة (الذي ترده الأكلة والأكلتان)، عند طوافه على الناس للسؤال لأنه قادر على تحصيل قوته.
وربما يقع له زيادة عليه، وليس المراد نفي المسكنة عن الطواف بل نفي كمالها لأنهم أجمعوا على أن السائل الطوّاف المحتاج مسكين وهمزة الأكلة والأكلتان مضمومة أي اللقمة واللقمتان كما صرح به في الرواية الأخرى تقول: أكلت أكلة واحدة أي لقمة وأما بالفتح فالأكل مرة واحدة حتى يشبع (ولكن المسكين) الكامل بتخفيف نون لكن، فالمسكين مرفوع وبتشديدها فالمسكين منصوب والأخيرة لأبي ذر (الذي ليس له غنى) بكسر الغين مقصور أي يسار، وزاد الأعرج يغنيه وهي صفة له وهو قدر زائد على اليسار إذ لا يلزم من حصول اليسار للمرء أن يغنى به بحيث لا يحتاج إلى شيء آخر، واللفظ محتمل لأن يكون المراد نفي أصل اليسار ولأن يكون المراد نفي اليسار المقيد بأنه يغنيه مع وجود أصل اليسار وعلى الاحتمال الثاني
ففيه: إن المسكين هو الذي يقدر على مال أو كسب يقع موقعًا من حاجته ولا يكفيه كثمانية من عشرة وهو حينئذ أحسن حالاً من الفقير فإنه الذي لا مال له أصلاً أو يملك ما لا يقع موقعًا من كفايته كثلاثة من عشرة واحتجوا بقوله تعالى: { أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ} [الكهف: 79] فسماهم مساكين مع أن لهم سفينة لكنها لا تقوم بجميع حاجتهم (ويستحيي)، بياءين أو بياء واحدة زاد همام أن يسأل الناس، وزاد الأعرج ولا يفطن له (أو لا يسأل الناس إلحافًا) نصب على الحال أي ملحفًا أو صفة مصدر محذوف أي سؤال الإلحاف أو عامله محذوف أي ولا يلحف إلحافًا.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( بابُُ قَوْلِ الله تَعَالَى {لاَ يَسْألُونَ النَّاسَ إلْحَافا ( الْبَقَرَة: 372) .
)

أَي: هَذَا بابُُ فِي ذكر قَول الله تَعَالَى: {لَا يسْأَلُون النَّاس إلحافا} ( الْبَقَرَة: 372) .
لأجل مدح من لَا يسْأَل النَّاس إلحافا.
أَي: سؤالاً إلحافا أَي: إلحاحا وإبراما.
قَالَ الطَّبَرِيّ: ألحف السَّائِل فِي مَسْأَلته إِذا ألح فَهُوَ ملحف فِيهَا..
     وَقَالَ  السّديّ: لَا يلحفون فِي الْمَسْأَلَة إلحافا، وَهَذَا من آيَة كَرِيمَة فِي سُورَة الْبَقَرَة أَولهَا قَوْله تَعَالَى: {للْفُقَرَاء الَّذين أحْصرُوا فِي سَبِيل الله لَا يَسْتَطِيعُونَ ضربا فِي الأَرْض يَحْسبهُم الْجَاهِل أَغْنِيَاء من التعفف تعرفهم بِسِيمَاهُمْ لَا يسْأَلُون النَّاس إلحافا وَمَا تنفقوا من خير فَإِن الله بِهِ عليم} ( الْبَقَرَة: 372) .
قَالَ الْمُفَسِّرُونَ: قَوْله تَعَالَى: {للْفُقَرَاء الَّذين أحْصرُوا فِي سَبِيل الله} ( الْبَقَرَة: 372) .
يَعْنِي الْمُهَاجِرين قد انْقَطَعُوا إِلَى الله وَإِلَى رَسُوله وَسَكنُوا الْمَدِينَة، وَلَيْسَ لَهُم سَبَب يردون بِهِ على أنفسهم مَا يغنيهم.
{وَلَا يَسْتَطِيعُونَ ضربا فِي الأَرْض} ( الْبَقَرَة: 372) .
يَعْنِي: سفرا للتسبب فِي طلب المعاش، وَالضَّرْب فِي الأَرْض هُوَ السّفر.
قَالَ تَعَالَى: {وَآخَرُونَ يضْربُونَ فِي الأَرْض} ( المزمل: 02) .
وَمعنى عدم استطاعتهم أَنهم كَانُوا يكْرهُونَ الْمسير لِئَلَّا تفوتهم صُحْبَة رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، قَوْله: {يَحْسبهُم الْجَاهِل أَغْنِيَاء من التعفف} ( الْبَقَرَة: 372) .
فِي لباسهم وحالهم ومقالهم.
قَوْله: {تعرفهم بِسِيمَاهُمْ} ( الْبَقَرَة: 372) .
إِنَّمَا يظْهر لِذَوي الْأَلْبابُُ من صفاتهم كَمَا قَالَ تَعَالَى: {سِيمَاهُمْ فِي وُجُوههم} ( الْفَتْح: 92) .
وَقيل: الْخطاب للنَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَقيل: لكل رَاغِب فِي معرفَة حَالهم، يَقُول: تعرف فَقرهمْ بالعلامة فِي وُجُوههم من أثر الْجُوع وَالْحَاجة، وَفِي ( تَفْسِير النَّسَفِيّ) : هم أَصْحَاب الصّفة، وَكَانُوا أَرْبَعمِائَة إِنْسَان لم يكن لَهُم مسَاكِن فِي الْمَدِينَة وَلَا عشائر، فَكَانُوا يخرجُون فِي كل سَرِيَّة بعثها النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، ثمَّ يرجعُونَ إِلَى مَسْجِد الرَّسُول، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، قَوْله: {وَمَا تنفقوا من خير} ( الْبَقَرَة: 372) .
من أَبْوَاب القربات {فَإِن الله بِهِ عليم} ( الْبَقَرَة: 372) .
لَا يخفى عَلَيْهِ شَيْء مِنْهُ وَلَا من غَيره، وسيجزي عَلَيْهِ أوفى الْجَزَاء وأتمه يَوْم الْقِيَامَة أحْوج مَا يكونُونَ إِلَيْهِ.

وكَمِ الغِنى؟
أَي: مِقْدَار الْغنى الَّذِي يمْنَع السُّؤَال؟ و: كم، هُنَا استفهامية تَقْتَضِي التَّمْيِيز، وَالتَّقْدِير: كم الْغنى؟ أهوَ الَّذِي يمْنَع السُّؤَال أم غَيره؟ والغنى، بِكَسْر الْغَيْن وبالقصر: ضد الْفقر وَإِن صحت الرِّوَايَة بِالْفَتْح وبالمد فَهُوَ: الْكِفَايَة، وَقد تقدم فِي حَدِيث ابْن مَسْعُود ( يَا رَسُول الله مَا الْغنى؟ قَالَ: خَمْسُونَ درهما) .
وَقد ذكرنَا فِي: بابُُ الاستعفاف فِي الْمَسْأَلَة، جملَة أَحَادِيث عَن جمَاعَة من الصَّحَابَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم، فِي هَذَا الْبابُُ.

وقَوْلِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: وَلاَ يَجِدُ غِنىً يُغْنِيهِ
بِالْجَرِّ عطف على مَا قبله من الْمَجْرُور، وَهَذَا جُزْء من حَدِيث رَوَاهُ عَن أبي هُرَيْرَة، يَأْتِي فِي هَذَا الْبابُُ، وَفِيه: ( وَلَكِن الْمِسْكِين الَّذِي لَا يجد غنى يُغْنِيه) ، وَالظَّاهِر أَنه إِنَّمَا ذكر هَذَا كَأَنَّهُ تَفْسِير لقَوْله: ( وَكم الْغنى؟) ليَكُون الْمَعْنى: إِن الْغنى هُوَ الَّذِي يجد الرجل مَا يُغْنِيه، وَفسّر هَذَا مَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ من حَدِيث ابْن مَسْعُود مَرْفُوعا: ( من سَأَلَ النَّاس وَله مَا يُغْنِيه جَاءَ يَوْم الْقِيَامَة ومسألته فِي وَجهه خموش.
قيل: يَا رَسُول الله {وَمَا يُغْنِيه؟ قَالَ: خَمْسُونَ درهما أَو قيمتهَا من الذَّهَب)
.
وَالْأَحَادِيث يُفَسر بَعْضهَا بَعْضًا، وَإِنَّمَا لم يذكرهُ البُخَارِيّ لِأَنَّهُ لَيْسَ على شَرطه، لِأَن فِيهِ مقَالا.

لِقَوْلِهِ تَعَالى {لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سبِيلِ الله لاَ يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبا فِي الأرْضِ} إلَى قَولِهِ {فإنَّ الله بِهِ عَلِيمٌ} ( الْبَقَرَة: 372) .

هَذَا تَعْلِيق لقَوْله: ( وَلَا يجد غنى يُغْنِيه) ، لِأَنَّهُ قَالَ فِي الحَدِيث: الْمِسْكِين الَّذِي لَا يجد غنى يُغْنِيه وَلَا يفْطن بِهِ، فَيتَصَدَّق عَلَيْهِ، وَلَا يقوم فَيسْأَل النَّاس.
وَوصف الْمِسْكِين بِثَلَاثَة أَوْصَاف: مِنْهَا عدم قِيَامه للسؤال، وَذَلِكَ لَا يكون إلاَّ لتعففه وَحصر نَفسه عَن ذَلِك وَعلل ذَلِك الْمِسْكِين الْمَوْصُوف بِهَذِهِ الْأَوْصَاف الَّذِي ذكر مِنْهَا البُخَارِيّ: عدم وجدان الْغنى، وَاكْتفى بِهِ بقوله تَعَالَى: {للْفُقَرَاء الَّذين أحْصرُوا} ( الْبَقَرَة: 372) .
الْآيَة، وَكَانَ حصرهم لأَنْفُسِهِمْ عَن السُّؤَال للتعفف، وَعدم ضَربهمْ فِي الأَرْض خوفًا من فَوَات صُحْبَة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَمَا ذكرنَا عَن قريب، وَأما: اللَّام، الَّتِي فِي قَوْله: {للْفُقَرَاء الَّذِي أحْصرُوا} ( الْبَقَرَة: 372) .
فلبيان مصرف الصَّدَقَة وموضعها لِأَنَّهُ قَالَ قبل هَذَا: {وَمَا تنفقوا من خير فلأنفسكم} ( الْبَقَرَة: 272) .
ثمَّ بَين مصرف ذَلِك وموضعه بقوله: {للْفُقَرَاء} ( الْبَقَرَة: 372) .
إِلَى آخِره، وَقد تصرف الْكرْمَانِي هُنَا تَصرفا عجيبا لَا يقبله من لَهُ أدنى معرفَة فِي أَحْوَال تراكيب الْكَلَام، فَقَالَ: {للْفُقَرَاء} ( الْبَقَرَة: 372) .
عطف على {لَا يسْأَلُون} ( الْبَقَرَة: 372) .
وحرف الْعَطف مُقَدّر، أَو: هُوَ حَال بِتَقْدِير لفظ: قَائِلا، ثمَّ قَالَ: فَإِن قلت: فِي بَعْضهَا لقَوْل الله تَعَالَى: {للْفُقَرَاء} ( الْبَقَرَة: 372) .
قلت: مَعْنَاهُ شَرط فِي السُّؤَال عدم وجدان الْغنى لوصف الله الْفُقَرَاء بِلَا يَسْتَطِيعُونَ ضربا فِي الأَرْض، إِذْ من اسْتَطَاعَ ضربا فِيهَا فَهُوَ وَاجِد لنَوْع من الْغنى.
انْتهى.
قلت: كَانَ فِي نُسْخَة: وَقَول النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: وَلَا يجد غنى يُغْنِيه للْفُقَرَاء الَّذين.
.
فَقَالَ: هَذَا عطف على: لَا يسْأَلُون، فليت شعري أَي وَجه لهَذَا الْعَطف، وَلَا عطف هُنَا أصلا، وَأي ضَرُورَة دعت إِلَى ارتكابه تَقْدِير حرف الْعَطف الَّذِي لَا يجوز حذف حرف الْعَطف إلاَّ فِي مَوضِع الضَّرُورَة على الشذوذ، أَو فِي الشّعْر كَذَلِك، وَلَا ضَرُورَة هُنَا أصلا} ثمَّ لما وقف على نُسْخَة فِيهَا لقَوْل الله عز وَجل: {للْفُقَرَاء} ( الْبَقَرَة: 372) .
سَأَلَ السُّؤَال الْمَذْكُور وَأجَاب بالجوابين الْمَذْكُورين اللَّذين تمجهما الأسماع ويتركهما أهل اليراع،.

     وَقَالَ  بَعضهم: اللَّام فِي قَوْله: لقَوْل الله، لَام التَّعْلِيل لِأَنَّهُ أورد الْآيَة تَفْسِيرا لقَوْله فِي التَّرْجَمَة، وَكم الْغنى؟ قلت: وَهَذَا أعجب من ذَلِك، لِأَن التَّعْلِيل لَا يُقَال لَهُ: التَّفْسِير، وَيفرق بَينهمَا من لَهُ أدنى مسكة فِي التَّصَرُّف فِي علم من الْعُلُوم، وَبَاقِي الْكَلَام فِي الْآيَة الْكَرِيمَة تقدم آنِفا.



[ قــ :1418 ... غــ :1476 ]
- حدَّثنا حَجَّاجُ بنُ مِنْهَالٍ قَالَ حدَّثنا شُعْبَةُ قَالَ أَخْبرنِي مُحَمَّدُ بنُ زِيادٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ عنِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَيْسَ المِسْكِينُ الَّذي تَرُدُّهُ الأُكْلَةُ وَالأُكْلَتانِ وَلاكِنِ المِسْكِينُ الَّذِي لَيْسَ لَهُ غِنىٍ ويَسْتَحْيي ولاَ يَسْألُ النَّاسَ إلْحَافا.

مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: ( وَلَا يسْأَل النَّاس إلحافا) .
وَرِجَاله أَرْبَعَة وَهُوَ من الرباعيات.

قَوْله: ( الْمِسْكِين) ، مُشْتَقّ من السّكُون وَهُوَ عدم الْحَرَكَة فَكَأَنَّهُ بِمَنْزِلَة الْمَيِّت ووزنه، مفعيل،.

     وَقَالَ  ابْن سَيّده: الْمِسْكِين والمسكين الْأَخِيرَة نادة لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الْكَلَام: مفعيل، يَعْنِي بِفَتْح الْمِيم.
وَفِي ( الصِّحَاح) : الْمِسْكِين الْفَقِير، وَقد يكون بِمَعْنى المذلة والضعف، يُقَال: تمسكن الرجل وتمسكن، وَهُوَ شَاذ، وَالْمَرْأَة مسكينة، وَقوم مَسَاكِين ومسكينون، وَالْإِنَاث مسكينات، وَالْفَقِير مُشْتَقّ من قَوْلهم: فقرت لَهُ فقرة من مَالِي، والفقر والفقر ضد الْغنى، وَقدر ذَلِك أَن يكون لَهُ مَا يَكْفِي عِيَاله، وَقد فقر فَهُوَ فَقير، وَالْجمع: فُقَرَاء، وَالْأُنْثَى فقيرة من نسْوَة فقائر،.

     وَقَالَ  الْقَزاز: أصل الْفقر فِي اللُّغَة من فقار الظّهْر كَأَن الْفَقِير كسر فقار ظَهره، فَبَقيَ لَهُ من جِسْمه بَقِيَّة.
قَالَ الْقَزاز: الْفقر والفقر، وَالْفَتْح أَكثر.
قَوْله: ( الْأكلَة وَالْأكْلَتَان) ، بِضَم الْهمزَة فيهمَا،.

     وَقَالَ  ابْن التِّين: الْأكلَة، ضَبطهَا بَعضهم بِضَم الْهمزَة بِمَعْنى: اللُّقْمَة، فَإِن فتحتها كَانَت الْمرة الْوَاحِدَة.
وَفِي ( الفصيح) لِأَحْمَد بن يحيى: الْأكلَة: اللُّقْمَة، والأكلة، بِالْفَتْح: الْغذَاء وَالْعشَاء.
قَوْله: ( لَيْسَ لَهُ غنى) ، زَاد فِي رِوَايَة الْأَعْرَج: ( غنى يُغْنِيه) .
قَوْله: ( ويستحي) بالياءين وبياء وَاحِدَة زَاد فِي رِوَايَة الْأَعْرَج: ( وَلَا يفْطن بِهِ) ، وَفِي رِوَايَة الْكشميهني: ( لَهُ فَيتَصَدَّق عَلَيْهِ وَلَا يقوم فَيسْأَل النَّاس) ، وَهُوَ بِنصب: يتَصَدَّق، وَيسْأل.
قَوْله: ( وَلَا يسْأَل) ويروى: ( وَأَن لَا يسْأَل) ..
     وَقَالَ  الْكرْمَانِي: كلمة: لَا، زَائِدَة فِي: ( وَأَن لَا يسْأَل) .
قَوْله: ( إلحافا) أَي: إلحاحا، وَقد مر تَفْسِيره عَن قريب..
     وَقَالَ  ابْن بطال: يُرِيد: لَيْسَ الْمِسْكِين الْكَامِل لِأَنَّهُ بمسألته يَأْتِيهِ الكفاف، وَإِنَّمَا الْمِسْكِين الْكَامِل فِي أَسبابُُ المسكنة من لَا يجد غنى وَلَا يتَصَدَّق عَلَيْهِ، أَي: لَيْسَ فِيهِ نفي المسكنة بل نفي كمالها، أَي: الَّذِي هُوَ أَحَق بِالصَّدَقَةِ وأحوح إِلَيْهَا.

وَمن فَوَائِد هَذَا الحَدِيث: حسن الْإِرْشَاد لموْضِع الصَّدَقَة، وَأَن يتحَرَّى وَضعهَا فِيمَن صفته التعفف دون الإلحاح.
وَفِيه: حسن الْمِسْكِين الَّذِي يستحي وَلَا يسْأَل النَّاس.
وَفِيه: اسْتِحْبابُُ الْحيَاء فِي كل الْأَحْوَال.