هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
1441 وحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ ، وَوَكِيعٌ ، عَنْ كَهْمَسٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُرَيْدَةَ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ الْمُزَنِيِّ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : بَيْنَ كُلِّ أَذَانَيْنِ صَلَاةٌ ، قَالَهَا ثَلَاثًا ، قَالَ فِي الثَّالِثَةِ : لِمَنْ شَاءَ . وحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى ، عَنِ الْجُرَيْرِيِّ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ ، إِلَّا أَنَّهُ قَالَ فِي الرَّابِعَةِ : لِمَنْ شَاءَ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
1441 وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، حدثنا أبو أسامة ، ووكيع ، عن كهمس ، قال : حدثنا عبد الله بن بريدة ، عن عبد الله بن مغفل المزني ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : بين كل أذانين صلاة ، قالها ثلاثا ، قال في الثالثة : لمن شاء . وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، حدثنا عبد الأعلى ، عن الجريري ، عن عبد الله بن بريدة ، عن عبد الله بن مغفل ، عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله ، إلا أنه قال في الرابعة : لمن شاء
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

Abdullah b. Mughaffal reported Allah's Messenger (ﷺ) u saying:

There Is between the two calls (Adhan and Iqama) a prayer. And he mentioned it three times, and at the third time he said: This applies to those who wish to do it.

شرح الحديث من فـــتح المــــنعم

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

عن عبد الله بن مغفل المزني رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: بين كل أذانين صلاة قالها ثلاثاً.
قال في الثالثة: لمن شاء.


المعنى العام

قد لا تستحب العبادة إذا خيف منها مفسدة، فقد تترك الصلاة النافلة عند المراءاة، وقد تمنع أمام صنم يتوهم عندها أن السجود للصنم، وهنا في هذه الأحاديث نهى عن الصلاة في أوقات كان الكفار فيها يسجدون للشمس من دون الله، نهى عن الصلاة وقت طلوعها ووقت غروبها حيث كانوا في هذين الوقتين يسجدون لها، فأراد الشارع أن يبتعد عن المشابهة بهم ولو في الصورة خصوصاً في أمر يتصل بالعقيدة وبالوحدانية، بل زاد الشارع الابتعاد عن المشابهة بالنهي عن الصلاة في الأوقات القريبة من وقت سجودهم لها معنوياً كما في وقت الاستواء، وقت اشتداد الشمس ووقت شبابها وعنفوانها، وحسياً فيما بعد صلاة الصبح إلى حين الطلوع، وبعد صلاة العصر إلى حين الغروب.
وإذا كانت بعض الأحاديث تنهى عن تحري المصلي طلوع الشمس وغروبها لما في ذلك من الإثم الناشئ عن القصد، فإن بعض الأحاديث تنهى عن الصلاة في هذه الأوقات على العموم قصد التحري أم لم يقصد، لأن المشاهد للمصلي حينئذ قد يتوهم المشابهة بالكفار وإن لم يقصد المصلي.

ومما لا شك فيه أن الصلاة المنهي عنها في هذه الأوقات ليست الفرائض التي حدد نهاية وقتها الشرعي بما يتصل بالشمس طلوعاً أو غروباً.
فالصبح وقته من طلوع الفجر إلى طلوع الشمس لا ينهى عن أداء فرضه حتى عند الطلوع مع إثم التأخير.
إنما المنهي عنه النفل أو بعض النفل على خلاف بين العلماء.

وقد تعرضت بعض أحاديث الباب لتكفير الخطايا الصغائر بالوضوء وبعضها لفضل صلاة العصر والحث على العناية بها.

أما الركعتان بين الأذان والإقامة لصلاة المغرب فأحاديث الباب تحث عليهما وتستحبهما وإن كان بعض العلماء لا يستحبونهما.
والله أعلم.

المباحث العربية

( وكان أحبهم إلي) جملة اعتراضية، وفي رواية البخاري: وأرضاهم عندي عمر.
وفي لفظ: أعجبهم إلي عمر.

( حتى تشرق الشمس) قال النووي: ضبطنا تشرق بضم التاء وكسر الراء، وضبطناه أيضاً بفتح التاء وضم الراء.
قال أهل اللغة: يقال: شرقت الشمس تشرق على وزن طلعت تطلع، وهي بمعنى طلعت.
ويقال: أشرقت تشرق -بضم التاء، أي ارتفعت وأضاءت، ومنه قوله تعالى: { { وأشرقت الأرض بنور ربها } } [الزمر: 69] أي أضاءت، فمن فتح التاء احتج بأن باقي الروايات حتى تطلع الشمس فوجب حمل هذه الرواية على ما يوافق الروايات الأخرى، ومن قال بضم التاء احتج له القاضي عياض بالأحاديث الأخرى في النهي عن الصلاة حتى ترفع -كما في روايتنا الثامنة وفيها: حين تطلع الشمس بازغة حتى ترفع.
والتاسعة، وفيها: حتى تطلع الشمس حتى ترتفع.
وهذا يبين أن المراد بالطلوع ارتفاعها وإشراقها وإضاءتها لا مجرد ظهور قرصها.
قال النووي: وهذا الذي قاله القاضي صحيح متعين لا عدول عنه للجمع بين الروايات.
اهـ.

( لا صلاة بعد صلاة العصر) أي لا صلاة لمن صلى العصر بعد صلاته العصر.
والنفي لا يتوجه للواقع، فقد تقع، وإنما يوجه للصحة أو للقبول أو للاستحباب مع ملاحظة المراد من نوع الصلاة المنفية.
هل هي ما عدا الفرائض أو غير ذات السبب؟ كما سيأتي في فقه الحديث.

( لا يتحرى أحدكم فيصلي) لا يتحرى بإثبات الياء على أن لا نافية وكأن الأمر امتثل حتى أخبر عنه، فهو لفظاًُ ومعنى، ويصح أن يكون خبراً في اللفظ ونهياً في المعنى.
قال ابن خروف: يجوز في فيصلي ثلاثة أوجه: الجزم على العطف، أي لا يتحر ولا يصل.
والرفع على القطع، أي لا يتحرى فهو يصلي.
والنصب على جواب النهي، أي لا يتحرى مصلياً.

( لا تحروا بصلاتكم طلوع الشمس) لا تحروا أصله لا تتحروا بتاءين فحذفت إحداهما تخفيفاً، أي لا تقصدوا.
قال الجوهري: فلان يتحرى الأمر أي يتوخاه ويقصده.

( فإنها تطلع بقرني شيطان) وفي الرواية التاسعة: بين قرني شيطان.
قال النووي: قيل: المراد بقرني الشيطان حزبه وأتباعه.
وقيل: قوته وغلبته وانتشار فساده.
وقيل: القرنان ناحيتا الرأس وأنه على ظاهره.
وهذا هو الأقوى.
قالوا: ومعناه أنه يدني رأسه إلى الشمس في هذه الأوقات ليكون الساجدون لها من الكفار كالساجدين له في الصورة، وحينئذ يكون له ولبنيه تسلط ظاهر وتمكن من أن يلبسوا على المصلين صلاتهم، فكرهت الصلاة حينئذ صيانة لهم، كما كرهت في الأماكن التي هي مأوى الشيطان... ثم قال: وسمي شيطاناً لتمرده وعتوه، وكل مارد عات شيطان.
والأظهر أنه مشتق من شطن إذا بعد، لبعده من الخير والرحمة.
وقيل: مشتق من شاط إذا هلك واحترق، وسيأتي مزيد للحكمة من النهي في فقه الحديث.

( إذا بدا حاجب الشمس) أي إذا ظهر جزء من الشمس، وحاجبها أول ما يظهر منها عند الطلوع وأول ما يغيب منها عند الغروب.

( حتى تبرز) أي حتى تظهر كلها، قيل: حتى ترتفع وتضيء.

( المخمص) بضم الميم وفتح الخاء وفتح الميم المشددة، مكان معروف.
كذا في النووي على مسلم.

( أو أن نقبر فيهن موتانا) نقبر بسكون القاف، وفتح الباء وكسرها لغتان، ويحتمل أن يراد به صلاة الجنازة، ويحتمل أن يراد به الدفن، وللبحث مزيد في فقه الحديث.

( حين يقوم قائم الظهيرة حتى تميل) الظهيرة حال استواء الشمس، ومعناه حين لا يبقى للقائم في الظهيرة ظل في المشرق ولا في المغرب.
قاله النووي.

( وحين تضيف الشمس للغروب) تضيف بفتح التاء والضاد وتشديد الياء أي تميل.
قال أبو عبيد: يقال: ضافت تضيف: مالت، وضفت فلاناً: ملت إليه، وأضفته: أملته إليك وأنزلته بك، والشيء مضاف إلى الشيء ممال إليه، اهـ.
وفي القاموس: وضاف مال، كتضيف بتشديد الياء.
اهـ.
فأصل تضيف تتضيف حذفت إحدى التاءين تخفيفاً.

( مستخفياً) حال من المفاجأة، أي قدمت ففاجأته مستخفياً، أي يعبد الله ويدعو في خفاء وسر وعدم جهر.

( جرءاء عليه قومه) جمع جريء بالهمز من الجرأة، وهي الإقدام والتسلط، وهذا سر استخفائه.
قال النووي: وذكره الحميدي في الجمع بين الصحيحين: حراء.
بالحاء المكسورة، ومعناه غضاب قد عيل صبرهم به حتى أثر في أجسامهم، من قولهم: حرى، جسمه يحري كضرب يضرب إذا نقص من ألم وغيره، والصحيح أنه بالجيم.

( ما أنت؟) قال النووي: هكذا هو في الأصول ما أنت؟ وإنما قال: ما أنت؟ ولم يقل: من أنت؟ لأنه سأله عن صفته لا عن ذاته، والصفات مما لا يعقل.
اهـ.

( إني متبعك) أي على إظهار الإسلام هنا وإقامتي معك.
قاله النووي.

( أنت الذي لقيتني بمكة؟ قال: قلت: بلى) قال النووي: فيه صحة الجواب ببلى وإن لم يكن قبلها نفي.
وقال بعضهم: والصحيح عند النحاة أنها لا يجاب بها إلا بعد النفي، والنفي هنا مقدر أي أو لست الذي لقيتني بمكة؟ قال ابن هشام في مغني اللبيب: بلى لا يجاب بها الإيجاب، وذلك متفق عليه، ولكن وقع في كتب الحديث ما يقتضي أنها يجاب بها الاستفهام المجرد، ففي البخاري: أترضون أن تكونوا ربع أهل الجنة؟ قالوا: بلى.
وفي مسلم: أيسرك أن يكونوا لك في البر سواء؟ قال: بلى.
وفيه أيضاً: أنت الذي لقيتني بمكة؟ قال: بلى قال ابن هشام: وهذا قليل لا يتخرج عليه التنزيل.
اهـ.

( أخبرني عما علمك الله) قال النووي: هكذا هو عما علمك وهو صحيح، ومعناه أخبرني عن حكمه وصفته، وبينه لي.

( حتى يستقل الظل بالرمح) أي يقوم مقابله في جهة الشمال، ليس مائلاً إلى المغرب ولا إلى المشرق.
قال النووي: وهذه حالة الاستواء.
اهـ.

( فإن حينئذ تسجر جهنم) اسم إن ضمير الشأن محذوف، وحينئذ ظرف لتسجر، وجهنم قيل: اسم عربي مشتق من الجهومة، وهي كراهة المنظر.
وقيل: من قولهم: بئر جهام أي عميقة، فهي ممنوعة من الصرف للعلمية والتأنيث.
وقال الأكثرون: هي أعجمية معربة، ومنعت من الصرف للعلمية والعجمة، ومعنى تسجر جهنم توقد إيقاداً بليغاً.

( فإذا أقبل الفيء فصل) أي إذا ظهر الظل مائلاً إلى جهة المشرق.
قال النووي: والفيء مختص بما بعد الزوال، وأما الظل فيقع على ما قبل الزوال وبعده.

( يقرب وضوءه) بضم الياء وفتح القاف وكسر الراء المشددة والوضوء هنا بفتح الواو، وهو الماء الذي يتوضأ به.

( فينتثر) أي يخرج الذي في أنفه، يقال: نثر واستنثر، مشتق من النثرة وهي الأنف.
وقيل طرفه.

( إلا خرت خطايا وجهه) قال النووي: ضبطناه خرت بالخاء، وكذا نقله القاضي عن جميع الرواة إلا ابن أبي جعفر، فرواه جرت بالجيم، ومعنى خرت بالخاء سقطت، ومعنى جرت بالجيم ظاهر.

( وخياشيمه) جمع خيشوم، وهو أقصى الأنف.
وقيل عظام رقاق في أصل الأنف بينه وبين الدماغ.

( وهم عمر) بفتح الواو وكسر الهاء، أي حصل عنده لبس وخطأ في روايته النهي عن الركعتين بعد العصر مطلقاً، وبقية البحث سيأتي في فقه الحديث.

( وكنت أضرب مع عمر الناس عليها) قال النووي: هكذا وقع في بعض الأصول أضرب الناس عليها وفي بعض النسخ أصرف الناس عنها وكلاهما صحيح، ولا منافاة بينهما، وكان يضربهم عليها في وقت، ويصرفهم عنها في وقت من غير ضرب، أو يصرفهم مع الضرب، ولعله كان يضرب من بلغه النهي ويصرف من غير ضرب من لم يبلغه.

( إني أسمعك تنهى) معنى أسمعك سمعتك في الماضي وعبرت عنه بالمضارع استحضاراً للصورة.

( ما ترك..... الركعتين بعد العصر عندي قط) تعني بعد يوم وفد عبد القيس.

( عن السجدتين) أي الركعتين سنة العصر القبلية.

( ابتدروا السواري) جمع سارية، وهي أعمدة المسجد، وكانوا يتسابقون إليها ليستتروا بها ممن يمر بين أيديهم لكونهم يصلون فرادى.

( بين كل أذانين صلاة) أي بين كل أذان وإقامة.
قال ابن حجر: ولا يصح حمله على ظاهره لأن الصلاة بين الأذانين مفروضة، والحديث ناطق بالتمييز لقوله: لمن شاء.
وإطلاق الأذان على الإقامة من باب التغليب كالقمرين للشمس والقمر، ويحتمل أن يكون أطلق على الإقامة أذان لأنها إعلام بحضور فعل الصلاة، كما أن الأذان إعلام بدخول الوقت.

فقه الحديث

يمكن حصر شوارد المسألة في النقاط الآتية:

1- الأوقات المنهي عن الصلاة فيها، وعلة النهي، والحكم المستفاد من النهي.

2- نوع الصلوات المنهي عنها، وآراء العلماء في ذلك وأدلتهم.

3- ما يؤخذ من الأحاديث فوق ذلك من أحكام.

1- أما عن الأوقات المنهي عن الصلاة فيها، فيقول الحافظ ابن حجر: محصل ما ورد من الأخبار في تعيين الأوقات التي تكره فيها الصلاة أنها خمسة: عند طلوع الشمس، وعند غروبها، وبعد صلاة الصبح، وبعد صلاة العصر، وعند الاستواء.
قال: وترجع بالتحقيق إلى ثلاثة: من بعد صلاة الصبح إلى أن ترتفع الشمس، فيدخل فيه الصلاة عند طلوع الشمس، وكذا من صلاة العصر إلى أن تغرب.
اهـ.

قال النووي في المجموع: بعد صلاة الصبح وبعد صلاة العصر تتعلق كراهة الصلاة بعدهما بالفعل، بمعنى أنه لا يدخل وقت الكراهة لمجرد الزمان، وإنما يدخل إذا فعل فريضة الصبح وفريضة العصر، وأما الأوقات الثلاثة الأخرى فتتعلق الكراهة فيها بمجرد الزمان.
ثم قال: واعلم أن الكراهة عند طلوع الشمس تمتد حتى ترتفع قدر رمح.
هذا هو الصحيح.
وقيل: تزول الكراهة إذا طلع قرص الشمس بكماله [ودليل الصحيح روايتنا الثامنة والتاسعة، وفيهما: حتى ترتفع.
ودليل الآخرين رواياتنا الأولى والثانية والثالثة، وفيها: حتى تطلع الشمس وقد سبق في المباحث العربية حمل المطلق على المقيد]
ثم قال: ولا خلاف أن وقت الكراهة بعد العصر لا يدخل بمجرد دخول العصر، بل لا يدخل حتى يصليها، وأما في الصبح فثلاثة أوجه، والصحيح لا يدخل حتى يصلي فريضة الصبح.
والثاني يدخل بصلاة سنة الصبح.
والثالث بطلوع الفجر.
وبه قال مالك وأبو حنيفة وأحمد وأكثر العلماء، ويستدل له بما رواه البخاري ومسلم عن حفصة -رضي الله عنها- قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا طلع الفجر لم يصل إلا ركعتين خفيفتين.
اهـ.

وفي علة النهي تقول الرواية التاسعة: فإنها تطلع حين تطلع بين قرني شيطان وحينئذ يسجد لها الكفار.
وكذلك في الغروب، أما في الاستواء فتقول الرواية: فإن حينئذ تسجر جهنم.
قال الحافظ ابن حجر عن الطلوع والغروب: فالنهي حينئذ لترك مشابهة الكفار، وقد اعتبر ذلك الشرع في أشياء كثيرة.
ثم قال: وفي هذا تعقب على أبي محمد البغوي حيث قال: إن النهي عن ذلك لا يدرك معناه، وجعله من قبيل التعبد الذي يجب الإيمان به.
اهـ.

وإني لأميل إلى رأي البغوي، وأما ما ذكر في الرواية التاسعة إنما هو للتنفير لا للعلة، وإلا فأين المشابهة في الاستواء؟ وقد روي عن مسروق أنه كان يصلي نصف النهار، فقيل له: إن الصلاة في هذه الساعة تكره.
فقال: ولم؟ قالوا: إن أبواب جهنم تفتح نصف النهار، فقال: الصلاة أحق ما أستعيذ به من جهنم حين تفتح أبوابها.

وهل المقصود من النهي حرمة الصلاة في هذه الأوقات؟ أو كراهتها كراهة تحريم؟ أو كراهة تنزيه؟

قال الحافظ ابن حجر: فرق بعضهم في الحكم بين الصلاة بعد صلاة الصبح وبعد صلاة العصر، فقال بأنها مكروهة، وبين الصلاة عند طلوع الشمس وعند غروبها، فقال بأنها تحرم.
وقال النووي في المجموع: قطع جماعة بأنها كراهة تنزيه.
والأصح أنها كراهة تحريم لثبوت الأحاديث في النهي، وأصل النهي للتحريم.
ثم ساق خلافاً آخر في انعقاد الصلاة حينئذ وعدم انعقادها واختار عدم انعقادها، والله أعلم.

2- وأما عن نوع الصلاة المنهي عنها في هذه الأوقات وآراء العلماء وأدلتهم فيمكن تقسيم الصلوات إلى:

أ- فرائض حاضرة ومؤداة.

ب- وفرائض فائتة تقضى.

جـ- ورواتب فائتة.

د- ونوافل لها سبب سابق.

هـ- ونوافل لها سبب متأخر.

و- ونوافل مطلقة.

( أ) أما الفرائض المؤداة فتتصور في الظهر عند الزوال، وفي الصبح يبدؤها قبل الشروق فتطلع عليه الشمس أثناءها.

قال النووي: واتفقوا على جواز الفرائض المؤداة في أوقات النهي.
اهـ.
والنووي بذلك يهمل قول من قال بمنع الصلاة مطلقاً في هذه الأوقات.
قال الحافظ ابن حجر: وصح عن أبي بكرة وكعب بن عجرة المنع من صلاة الفرض في هذه الأوقات.
اهـ.

والحق أن هذا الرأي لا يعتد به، ففي الحديث: من أدرك من الصبح ركعة قبل أن تطلع الشمس فليصل إليها أخرى.

( ب) وأما قضاء الفرائض الفوائت في أوقات النهي فهو جائز عند الشافعية والمالكية والحنابلة على الإطلاق، وأما أبو حنيفة فقد منع الفوائت عند طلوع الشمس، وقال: إن طلعت الشمس وقد صلى ركعة فسدت، وأجاز عصر يومه مع الغروب بحجة صحة وجواز الصلاة بعد الغروب، ومنع باقي المقضيات في أوقات النهي.
وقال: لا تصلى مقضية في وقت منع سوى عصر يومه.
دليل الجمهور ما ثبت من أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى سنة الظهر بعد العصر [روايتنا الثانية عشرة والثالثة عشرة] فهو صريح في قضاء السنة الفائتة، فالحاضرة أولى، والفريضة المقضية أولى.
وأبو حنيفة يحمل هاتين الروايتين على الخصوصية، ويرد عليه بأنها خلاف الأصل.

( جـ) وأما الرواتب الفائتة فيمنعها المالكية مع الحنفية، ويجيز الشافعية صلاتها في أوقات النهي على القول بأنه يسن قضاء الراتبة.

( د) وأما النوافل ذات السبب السابق عليها فهي كتحية المسجد وسجود التلاوة والشكر وصلاة العيد والكسوف والجنازة والمنذورة.
ويجيزها الشافعية بلا كراهة في أوقات النهي، إلحاقاً لها بقضاء الراتبة.
قالوا: وتقضي نافلة اتخذها ورداً.
قالوا: ولو توضأ في هذه الأوقات فله أن يصلي ركعتي الوضوء.
كما قالوا عن تحية المسجد: إن دخل المسجد لغرض كاعتكاف أو لطلب علم أو انتظار صلاة أو نحو ذلك من الأغراض صلى تحية المسجد، أما إن دخله لا لحاجة بل ليصلي التحية فقط فالأرجح الكراهة في هذه الأوقات.

ومنع الحنفية كل ذلك، لكن قال ابن المنذر: وأجمع المسلمون على إباحة صلاة الجنازة بعد الصبح والعصر، ونقل العبودي عن أبي حنيفة وأحمد أن صلاة الجنازة منهي عنها عند طلوع الشمس وعند غروبها وعند استوائها، ولا تكره في الوقتين الآخرين.

( هـ) وأما النوافل ذات السبب المتأخر فمثلوا لها بصلاة الاستخارة وصلاة سنة الإحرام للحج، وفيها خلاف عند الشافعية، والأصح عندهم الكراهة.

( و) أما النوافل المطلقة فهي منهي عنها عند الجميع، اللهم إلا ما روي عن داود الظاهري أنه أباح الصلاة لسبب وبلا سبب في جميع الأوقات، وما قيل من أن المنع مرتبط بالتحري والقصد لا بالأوقات.

( ملحوظة) استثنى الشافعي وأبو يوسف يوم الجمعة فأباح الصلاة يومها عند الاستواء، واستثنى مالك من الأوقات المذكورة في النهي وقت الاستواء فقال: لا بأس بالصلاة عند استواء الشمس في أي يوم.
قال مالك: ما أدركت أهل الفضل والعبادة إلا وهم يتحرون الصلاة نصف النهار.
ويروي عن مالك أنه توقف وقال: لا أنهي عنه للذي أدركت الناس عليه، ولا أحبه للنهي عنه.

وحجة الشافعي في ذلك أنه صلى الله عليه وسلم ندب الناس إلى التبكير يوم الجمعة ورغب في الصلاة إلى خروج الإمام وجعل الغاية خروج الإمام، وهو لا يخرج إلا بعد الزوال، فدل على عدم الكراهة.

كما استثنى الشافعية مكة، فقالوا: لا تكره الصلاة في هذه الأوقات بمكة سواء في ذلك ركعتا الطواف وغيرهما على الصحيح عندهم، واستدلوا بقول النبي صلى الله عليه وسلم: الطواف بالبيت صلاة.
ولا خلاف أن الطواف يجوز في جميع الأوقات، فكذلك الصلاة.
وأجاز بعض الشافعية ركعتي الطواف فقط في هذه الأوقات، ومالك وأبو حنيفة وأحمد على منع الصلاة في مكة في أوقات النهي كغيرها لعموم الأحاديث.

ويؤخذ من الأحاديث فوق ما تقدم

1- من الرواية السابعة يؤخذ فضيلة صلاة العصر والحث عليها.

2- أخذ بعضهم من قوله في الرواية الثامنة: أو أن نقبر فيها موتانا.
النهي عن صلاة الجنازة في هذه الأوقات، وهذا ضعيف، لأن صلاة الجنازة لا تكره في هذا الوقت بالإجماع، فلا يجوز تفسير الحديث بما يخالف الإجماع، بل الصواب أن معناه يكره تأخير الدفن إلى هذه الأوقات، كما يكره تعمد تأخير العصر إلى اصفرار الشمس بلا عذر، فأما إذا وقع الدفن في هذه الأوقات بلا تعمد فلا يكره.
ذكره النووي، لكن ادعاءه الإجماع على عدم كراهة صلاة الجنازة غير مسلم، لما قلناه قريباً نقلاً عن أبي حنيفة وأحمد.

3- ومن قوله في الرواية التاسعة: أرسلني بصلة الأرحام.
يؤخذ الحث على صلة الأرحام حثاً كبيراً، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قرنها بالتوحيد، ولم يذكر متفرقات الأمور، بل ذكر المهم منها وبدأ بصلة الأرحام.

4- يؤخذ من قوله: ومعه يومئذ أبو بكر وبلال.
فضيلتهما، وقد يحتج به من قال: إنهما أول من أسلم.

5- ويؤخذ من قوله: إذا سمعت بي قد ظهرت فائتني.
معجزة للرسول صلى الله عليه وسلم وعلم من أعلام النبوة، وهي إعلامه أنه سيظهر.

6- يؤخذ من قوله: أتعرفني؟ قال: بلى.
صحة الجواب ببلى وإن لم يكن قبلها نفي، وصحة الإقرار بها.
قال النووي: وهو الصحيح في مذهبنا وشرط بعض أصحابنا أن يتقدمها نفي.
اهـ.

7- وفي الحديث تكفير السيئات الصغائر بالوضوء.

8- وفي قوله: ثم يغسل قدميه.
دليل لمذهب العلماء كافة أن الواجب غسل الرجلين، خلافاً للشيعة حيث قالوا: الواجب مسحها.
وقال ابن جرير هو مخير.
وقال بعض أهل الظاهر: يجب الغسل والمسح.

9- استدل بعضهم بحديث عائشة: وهم عمر إلخ.
أن الممنوع تحري طلوع الشمس وغروبها بالصلاة.
والصحيح أن الأوقات المذكورة منهي عن الصلاة فيها وإن لم يتحر.
قال النووي: ويجمع بين الروايتين بحمل رواية النهي عن التحري على تأخير فريضة العصر أو فريضة الصبح، بحيث إذا دخلت الفريضة في هذين الوقتين وجب عدم التحري وعدم قصد التحري، ويحمل أحاديث النهي المطلق على كراهة الصلوات التي لا سبب لها في هذه الأوقات.

10- ويؤخذ من ضرب عمر على الصلاة، احتياط الإمام لرعيته ومنعهم من البدع والمنهيات الشرعية وتعزيرهم عليها.
وموقف عمر بشأن الصلاة بعد العصر يتعارض مع موقف عائشة منها، لأن عائشة فهمت من مواظبته صلى الله عليه وسلم على الركعتين بعد العصر أن النهي مختص بمن قصد الصلاة عند غروب الشمس فقالت ما قالت، وكانت تتنفل بعد العصر، ولما ووجهت -رضي الله عنها- بفعل عمر ظنت أنه لم تبلغه مواظبة الرسول صلى الله عليه وسلم عليهما فقالت: وهم وأخطأ في الحكم وأصرت على موقفها، أما عمر فلعله علم أن الركعتين اللتين واظب عليهما صلى الله عليه وسلم كانتا قضاء عن يوم، وهو يثبت ويداوم على فعل خير يفعله بعد المرة الأولى، والنهي على هذا قائم، وينبغي تعزير من يرتكب هذا المنهي عنه، وهناك احتمال آخر ذكره الحافظ ابن حجر حيث قال: لعل عمر كان يرى أن النهي عن الصلاة بعد العصر إنما هو خشية إيقاع الصلاة عند غروب الشمس، يؤيد هذا الاحتمال ما روي من أن عمر قال: ولكني أخاف أن يأتي بعدكم قوم يصلون ما بين العصر إلى المغرب حتى يمروا بالساعة التي نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يصلي فيها.

11- ومن الرواية الثامنة عشرة أنه يستحب للعالم إذا طلب منه تحقيق أمر مهم ويعلم أن غيره أعلم به منه أو أعرف بأصله أن يرشد إليه إذا أمكنه.

12- وفيها الاعتراف لأهل الفضل بمزيتهم.

13- وفيها إشارة إلى أدب الرسول المرسل في حاجة، وأنه لا يستقل فيها بتصرف لم يؤذن له فيها، ولهذا لم يستقل كريب بالذهاب إلى أم سلمة، لأنهم إنما أرسلوه إلى عائشة، فلما أرشدته عائشة إلى أم سلمة، وكان رسولاً للجماعة لم يستقل بالذهاب حتى رجع إليهم فأرسلوه إليها.

14- ومن إرسال أم سلمة الجارية واعتماد كلامها يؤخذ قبول خبر الواحد والمرأة مع القدرة على اليقين بالسماع من لفظ رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ذكره النووي.

15- ومن قول أم سلمة للجارية: فقولي له تقول أم سلمة.
يؤخذ أنه لا بأس بذكر الإنسان نفسه بالكنية إذا لم يعرف إلا بها أو اشتهر بها بحيث لا يعرف غالباً إلا بها، وكنيت بابنها سلمة ابن أبي سلمة وكان صحابياً، واسمها هند.

16- ويؤخذ من الحديث أيضاً أن التابع إذا رأى من المتبوع شيئاً يخالف المعروف من طريقته والمعتاد من حاله ينبغي أن يسأله بلطف عنه، فإن كان ناسياً رجع عنه، وإن كان عامداً وله معنى مخصص عرفه التابع واستفاده.

17- وأنه بالسؤال يسلم من إرسال الظن السيئ بتعارض الأفعال أو الأقوال وعدم الارتباط بطريق واحد.

18- وأن إشارة المصلي بيده ونحوها من الأفعال الخفيفة لا تبطل الصلاة.

19- وفيه إثبات سنة الظهر البعدية.

20- وأن السنن الراتبة إذا فاتت يستحب قضاؤها.
وهو الصحيح عند الشافعية.

21- وأن صلاة النهار مثنى كصلاة الليل، وهو مذهب الشافعية والجمهور.

22- وأنه إذا تعارضت المصالح والمهمات بدئ بأهمها، ولهذا بدأ النبي صلى الله عليه وسلم بحديث القوم في الإسلام وترك سنة الظهر حتى فات وقتها، لأن الاشتغال بإرشادهم وهدايتهم وقومهم إلى الإسلام أهم.

( ملحوظة) قال بعض العلماء: المراد بحصر الكراهة في الأوقات الخمسة إنما هو بالنسبة إلى الأوقات الأصلية، وإلا فقد ذكروا أنه يكره التنفل وقت إقامة الصلاة، ووقت صعود الإمام لخطبة الجمعة وفي حال الصلاة المكتوبة جماعة لمن لم يصلها.
وعند المالكية كراهة التنفل بعد الجمعة حتى ينصرف الناس.

والله أعلم

استحباب ركعتين قبل المغرب

هذا، وعن الأحاديث الخاصة بركعتي المغرب القبلية يقول الإمام النووي:

في هذه الروايات استحباب ركعتين بين أذان المغرب وصلاة المغرب، وفي المسألة وجهان لأصحابنا أشهرهما لا يستحب، وأصحهما عند المحققين يستحب لهذه الأحاديث، وفي المسألة مذهبان للسلف، واستحبهما جماعة من الصحابة والتابعين، ومن المتأخرين أحمد وإسحق، ولم يستحبهما أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وآخرون من الصحابة، ومالك وأكثر الفقهاء.
وقال النخعي: هي بدعة.
وحجة هؤلاء أن استحبابها يؤدي إلى تأخير المغرب عن أول وقتها ولو قليلاً، وزعم بعضهم في جواب هذه الأحاديث أنها منسوخة، والمختار استحبابها لهذه الأحاديث الصحيحة الصريحة، وفي صحيح البخاري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: صلوا قبل المغرب.
صلوا قبل المغرب.
صلوا قبل المغرب.
قال في الثالثة: لمن شاء.
وأما قولهم: يؤدي إلى تأخير المغرب، فهذا خيال منابذ للسنة فلا يلتفت إليه، ومع هذا فهو زمن يسير لا تتأخر به الصلاة عن أول وقتها، وأما من زعم النسخ فهو مجازف، لأن النسخ لا يصار إليه إلا إذا عجزنا عن التأويل والجمع بين الأحاديث وعلمنا التاريخ، وليس هنا شيء من ذلك.
اهـ.

وقال بعض العلماء: إن عموم حديث: بين كل أذانين صلاة.
مخصوص بغير المغرب، وحمل أحاديث الباب على أنهم كانوا يشرعون في الصلاة في أثناء الأذان ويفرغون مع فراغه، وأيدوا هذا القول برواية للبزار زاد في آخرها: إلا المغرب وهذه الرواية ضعيفة.

والظاهر أن الركعتين قبل صلاة المغرب كانتا أمراً أقر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه عليه وعملوا به حتى كانوا يستبقون إليه، وهذا يدل على الاستحباب، وأما كونه صلى الله عليه وسلم لم يصلهما فإنه لا ينفي الاستحباب بل يدل على أنهما ليستا من الرواتب.

والله أعلم