هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
1545 وحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ ، وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ ، قَالَ عَبْدٌ : أَخْبَرَنَا ، وَقَالَ ابْنُ رَافِعٍ : حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ : بَيْنَمَا الْحَبَشَةُ يَلْعَبُونَ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِحِرَابِهِمْ ، إِذْ دَخَلَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ ، فَأَهْوَى إِلَى الْحَصْبَاءِ ( الحجارة الصغيرة ) ونحوها> يَحْصِبُهُمْ بِهَا ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : دَعْهُمْ يَا عُمَرُ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
1545 وحدثني محمد بن رافع ، وعبد بن حميد ، قال عبد : أخبرنا ، وقال ابن رافع : حدثنا عبد الرزاق ، أخبرنا معمر ، عن الزهري ، عن ابن المسيب ، عن أبي هريرة ، قال : بينما الحبشة يلعبون عند رسول الله صلى الله عليه وسلم بحرابهم ، إذ دخل عمر بن الخطاب ، فأهوى إلى الحصباء ( الحجارة الصغيرة ) ونحوها> يحصبهم بها ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : دعهم يا عمر
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

Abu Huraira reported:

While the Abyssinians were busy playing with their arms in the presence of the Messenger of Allah (ﷺ) 'Umar b. Khattab came there. He bent down to take up pebbles to throw at them (in order to make them go off). The Messenger of Allah (ﷺ) said to him: 'Umar, leave them alone.

شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [893] قَالَ صَاحِبُ الْمَشَارِقِ وَالْمَطَالِعِ الصَّحِيحُ بن عُمَيْرٍ وَهُوَ عُبَيْدُ بْنُ عُمَيْرٍ الْمَذْكُورُ فِي السَّنَدِ وَالصَّوَابِ .

     قَوْلُهُ  دَخَلَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَأَهْوَى بِيَدِهِ إِلَى الْحَصْبَاءِ يَحْصِبُهُمْ الْحَصْبَاءُ مَمْدُودٌ هِيَ الْحَصَى الصِّغَارُ وَيَحْصِبُهُمْ بِكَسْرِ الصَّادِ أَيْ يَرْمِيهِمْ بِهَا وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّ هَذَا لَا يَلِيقُ بِالْمَسْجِدِ وَأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَعْلَمْ به والله أعلم ( كتاب صلاة الاستسقاء أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ الِاسْتِسْقَاءَ سُنَّةٌ وَاخْتَلَفُوا هَلْ تُسَنُّ لَهُ صَلَاةٌ أَمْ لَا فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ لَا تُسَنُّ لَهُ صَلَاةٌ بَلْ يُسْتَسْقَى بِالدُّعَاءِ بِلَا صَلَاةٍ.

     وَقَالَ  سَائِرُ الْعُلَمَاءِ مِنَ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ الصَّحَابَةُ وَالتَّابِعُونَ فَمَنْ بَعْدَهُمْ تُسَنُّ الصَّلَاةُ وَلَمْ يُخَالِفْ فِيهِ إِلَّا أَبُو حَنِيفَةَ وَتَعَلَّقَ بِأَحَادِيثِ الِاسْتِسْقَاءِ الَّتِي لَيْسَ فِيهَا صَلَاةٌ وَاحْتَجَّ الْجُمْهُورُ بِالْأَحَادِيثِ الثَّابِتَةِ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى لِلِاسْتِسْقَاءِ رَكْعَتَيْنِ.

.
وَأَمَّا الْأَحَادِيثُ الَّتِي لَيْسَ فِيهَا ذِكْرُ الصَّلَاةِ فَبَعْضُهَا مَحْمُولٌ عَلَى نِسْيَانِ الرَّاوِي وَبَعْضُهَا كَانَ فِي الْخُطْبَةِ لِلْجُمُعَةِ وَيَتَعَقَّبُهُ الصَّلَاةُ لِلْجُمُعَةِ فَاكْتَفَى بِهَا وَلَوْ لَمْ يُصَلِّ أَصْلًا كَانَ بَيَانًا لِجَوَازِ الِاسْتِسْقَاءِ بِالدُّعَاءِ بِلَا صَلَاةٍ وَلَا خِلَافَ فِي جَوَازِهِ وَتَكُونُ الْأَحَادِيثُ الْمُثْبِتَةُ لِلصَّلَاةِ مُقَدَّمَةً)
لِأَنَّهَا زِيَادَةُ عِلْمٍ وَلَا مُعَارَضَةَ بَيْنَهُمَا قَالَ أَصْحَابُنَا الِاسْتِسْقَاءُ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ أَحَدُهَا الِاسْتِسْقَاءُ بِالدُّعَاءِ مِنْ غَيْرِ صَلَاةٍ الثَّانِي الِاسْتِسْقَاءُ فِي خُطْبَةِ الْجُمُعَةِ أَوْ فِي أَثَرِ صَلَاةٍ مَفْرُوضَةٍ وَهُوَ أَفْضَلُ مِنَ النَّوْعِ الَّذِي قَبْلَهُ وَالثَّالِثُ وَهُوَ أَكْمَلُهَا أَنْ يَكُونَ بِصَلَاةِ رَكْعَتَيْنِ وَخُطْبَتَيْنِ وَيَتَأَهَّبُ قَبْلَهُ بِصَدَقَةٍ وَصِيَامٍ وَتَوْبَةٍ وَإِقْبَالٍ عَلَى الْخَيْرِ وَمُجَانَبَةِ الشَّرِّ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنْ طَاعَةِ اللَّهِ تَعَالَى

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [893] الْحَصْبَاء بِالْمدِّ الْحَصَى الصغار يحصبهم بهَا بِكَسْر الصَّاد أَي يرميهم بهَا

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال بينما الحبشة يلعبون عند رسول الله صلى الله عليه وسلم بحرابهم إذ دخل عمر بن الخطاب فأهوى إلى الحصباء يحصبهم بها، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم دعهم يا عمر.


المعنى العام

الإسلام: دين الوسيطة { { وكذلك جعلناكم أمة وسطاً } } [البقرة: 143] والوسطية في شرع الله هي الفضيلة، فالشجاعة مثلاً وسط بين التهور والجبن، وفضيلة الكرم والسخاء وسط بين السفه والإسراف والتبذير وبين الشح والتقتير { { ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط } } [الإسراء: 29] ، والحياة المشروعة في الدنيا أن تعمل لدنياك كأنك تعيش أبداً، ولآخرتك كأنك تموت غداً، وأن تبتغي فيما آتاك الله الدار الآخرة ولا تنسى نصيبك من الدنيا، ولقد نعى الله على قوم حولوا دنياهم إلى متع وشهوات وماديات، ونعى على قوم حولوا دنياهم إلى رهبانية ابتدعوها ما كتبها الله عليهم.

وإذا كان الإسلام قد استفتح أيام العيد بالتكبير والتهليل والذكر والصلاة والخطبة، فإنه شرع من البهجة والسرور والمرح في هذه الأيام، ما يلبي حاجة الجسم ورغبة النفس، وإذا كان الوقار قد وضع كبار المسلمين في إطار ديني يترفع بهم عن اللهو فإنه حال بينهم وبين التحكم ومنع ذوي الأهواء والمتع من الصبية والجواري والشباب والشابات من أن يتمتعوا ويمرحوا وينعموا باللهو واللعب والأغاني إلى حد ما.

نعم.
ما أعظم سمو الإسلام، وما أجمل سماحته ويسره ورقته وعطفه.
يتجلى هذا في معاملة الرسول صلى الله عليه وسلم لأهله يوم العيد، وفي معاملته لعائشة بالذات -رضي الله عنها-، لقد تزوجها صغيرة، فقدر حاجتها إلى هذا اللون من الحياة كان يراها تلعب بالصلصال، وترسم به البيوت والحيوان، فيضاحكها ويبتسم ويدخل عليها في أيام العيد، في أيام التشريق، فيجد معها جاريتين تضربان الدف وتغنيان، وعائشة تسمع وتنتشي وتهتز طرباً وسروراً، فلا يلتفت إليهن لئلا يحرجهن، ويعرض عنهن حتى يتيح لهن المضي في لهوهن، وينتحي ناحية من البيت، ينام فيها على فراشه بعيداً عنهن، ويغطي رأسه ووجهه حتى لا يسمع الطبل والغناء.

ويدخل أبو بكر أبوها، وهو يعلم قدر رسول الله صلى الله عليه وسلم وما ينبغي أن يكون عليه حال بيته من الإجلال والوقار، فيرى الجاريتين، ويسمع الدف والغناء فينهر عائشة ويزجر الجاريتين، مزمارة الشيطان في بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ هذا لا يليق، ويكشف رسول الله صلى الله عليه وسلم عن وجهه، ويوجه اللوم إلى أبي بكر، دعهما يا أبا بكر، فلكل قوم عيد، واليوم من أعيادنا، ويغتفر في الأعياد ما لا يغتفر في غيرها، وينشغل أبو بكر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فتنتهز عائشة هذه الفرصة فتغمز الجاريتين فتنصرفان.

ألا يعجب أعداء الإسلام إلى هذا الجمع بين السماحة وبين الوقار والالتزام؟ حقاً إنه الإسلام.

ولم يكتف صلى الله عليه وسلم بالاستجابة إلى رغبة زوجته، وبالإغضاء عن لهوها في بيت النبوة، بل يتجاوز ذلك إلى أن يدعوها لرؤية اللهو وسماعه ويشجعها ويساعدها عليه.

سمع في يوم عيد صوت صبيان فنظر من باب بيته نحو الصوت، فرأى رجالاً من الحبشة يلعبون بالعصى، كأن بعضهم يضرب بعضاً ويحاول المضروب أن يحمي نفسه من العصا بعرض عصاه وهي لعبة معروفة في البلاد، يرى ذلك فينادي عائشة: هل تحبين رؤية الحبشة يرقصون ويلعبون بالعصى؟ فتقول: نعم أحب ذلك.
فيقول لها: تعالى، وقفي ورائي، وانظري وأنت تتسترين بي، فتضع رأسها على كتفه، وخدها على خده، تنظر إلى الحبشة من بين كتفه وأذنه صلى الله عليه وسلم، فإذا طال الوقت سألها: أيكفيك ذلك؟ فتقول: لا تعجل، فإني ما زلت أرغب، فينتظر ثم يقول: أيكفيك ذلك؟ فتقول: لا تعجل، فما زلت أرغب، فينتظر حتى تسأم هي، وتطلب الانصراف، فينصرف بها صلى الله عليه وسلم ورضي الله عن أم المؤمنين عائشة وعن الصحابة أجمعين.

المباحث العربية

( وعندي جاريتان من جواري الأنصار) الجارية في النساء كالغلام في الرجال، يقال على من دون البلوغ فيهما، وتطلق الجارية على الحرة أو الأمة.
أما الجاريتان هنا فكانتا أمتين، فقد جاء في رواية الطبراني من حديث أم سلمة أن إحداهما كانت لحسان بن ثابت.

( تغنيان بما تقاولت به الأنصار يوم بعاث) وفي ملحق الرواية: تلعبان بدف وفي الرواية الثانية: تغنيان وتضربان وفي رواية: تدففان أي تضربان بالدف، وفي رواية النسائي: بدفين والدف بضم الدال وفتحها، والضم أشهر ويقال له: الكربال بكسر الكاف، وهو الذي لا جلاجل فيه ، فإن كانت فيه جلاجل فهو المزهر، وكأن الجاريتين تضرب كل منهما على دف، وترققان صوتهما بالأقوال والأشعار التي قالها الأنصار بعضهم لبعض، من فخر، أو هجاء.
والغناء بكسر الغين ما يسمع، وبفتح الغين النفع.
وبعاث بضم الباء وتخفيف العين، ونقل بالغين المعجمة، وهو ممنوع من الصرف، وقد يصرف، وهو اسم حصن للأوس وحوله مزرعة لهم.
ويوم بعاث يوم مشهور من أيام العرب في الجاهلية، كانت فيه مقتلة عظيمة، وانتصر فيه الأوس على الخزرج، ولحسان بن ثابت وغيره من الخزرج، وكذا لقيس بن الحطيم وغيره من الأوس في ذلك أشعار كثيرة.

( وليستا بمغنيتين) أي لم تتخذا الغناء صناعة وعادة، ولم تعرفا به.

( أبمزمور الشيطان في بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم؟) وفي رواية أحمد: فقال: يا عباد الله.
المزمور عند رسول الله صلى الله عليه وسلم؟.
والمزمور بضم الميم الأولى وفتحها، ويقال له أيضاً: مزمار بكسر الميم، مشتق من الزمير، وهو الصوت بصفير.
وقال ابن سيده: يقال: زمر يزمر زميراً وزمراناً، غنى في القصب.
وفي كتاب ابن التين: الزمر الصوت الحسن، ويطلق على الغناء أيضاً.
اهـ.

وسميت به الآلة المعروفة التي يزمر بها.
والجار المجرور أبمزمور الشيطان متعلق بمحذوف، والتقدير: أتلعبن بمزمور الشيطان؟ وأضافه إلى الشيطان من حيث أنه يلهي ويشغل القلب عن ذكر الله.

( وذلك في يوم عيد) وفي الرواية الثانية: في أيام منى وهي أيام التشريق الأيام الثلاثة بعد يوم النحر، وهي داخلة في أيام العيد، ولها حكمه في كثير من الأحكام كالأضحية، والتكبير فيها، وتحريم صومها.

( إن لكل قوم عيداً) أي إن لكل طائفة من الملل المختلفة عيداً يتمتعون فيه بالبهجة والسرور واللهو المباح.

( تغنيان وتضربان) أي بالدف.

( مسجى بثوبه) أي ملتف ومغطى به، وفي الرواية الرابعة: فاضطجع على الفراش وحول وجهه.
أي عن الجاريتين وعن الغناء، وكأن التغطية بالثوب لزيادة الحجب والبعد عن الغناء.

( فانتهرهما أبو بكر) أي زجر الجاريتين، وفي رواية للبخاري: فانتهرني.
أي زجرني، وكأنه زجرها لتقريرها ذلك وزجرهما لفعلهما.

( فكشف رسول الله صلى الله عليه وسلم عنه) أي كشف الغطاء عن نفسه، والتفت إلى أبي بكر في جهة الجاريتين، وهذا معنى قولها في الرواية الرابعة: فأقبل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي رواية في الصحيح: فكشف النبي صلى الله عليه وسلم عن وجهه.
وفي رواية: فكشف رأسه.

( يسترني بردائه وأنا أنظر إلى الحبشة) في الرواية الرابعة: فأقامني وراءه، خدي على خده.
وفي الرواية الخامسة: فوضعت رأسي على منكبه.
وفي الرواية السادسة: وقمت على الباب بين أذنيه وعاتقه.
وفي رواية: فوضعت ذقني على عاتقه وأسندت وجهي إلى خده.
وفي رواية: أنظر بين أذنيه وعاتقه.
وكل هذه الروايات تعطى صورة واحدة متكاملة، وهي أنها وقفت خلفه على باب حجرتها المطل على المسجد، مستترة به وبردائه، فوضعت رأسها على منكبه، ذقنها على العاتق، ووجهها ملتصق بوجهه صلى الله عليه وسلم وخدها على خده.
والحبشة الرجال المنتسبون إلى البلاد المعروفة، ويطلق عليهم السودان كما جاء في الرواية الرابعة.

( وهم يلعبون) في الرواية الثالثة: يلعبون بحرابهم في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
والحراب بكسر الحاء جمع حربة، وهي معروفة، والدرق بفتح الدال والراء جمع درقة، وهي الترس الذي يتخذ من الجلود.

( وأنا جارية) أي صغيرة السن دون البلوغ، فقد دخل بها صلى الله عليه وسلم وهي بنت تسع سنين، وتوفي عنها وهي بنت ثمان عشرة سنة على الصحيح، وذكرت ذلك اعتذاراً عن حبها للهو.

( فاقدروا قدر الجارية العربة الحديثة السن) فاقدروا بضم الدال وكسرها.
لغتان من التقدير، والفاء جواب شرط مقدر، أي حيث قدر رسول الله صلى الله عليه وسلم عذري ورغبتي فقدروا عذر أمثالي.
والعربة بفتح العين وكسر الراء أي المشتهية للعب المحبة له.

( حريصة على اللهو) منصوب على الحال.

( وكان يوم عيد يلعب السودان...
)
هذا حديث آخر، ذكره بعض الرواة مستقلاً، وجمعه مع حديثنا بعض الرواة.
وقد جاء في رواية: وقالت عائشة: كان يوم عيد، إلخ.

( فإما سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم وإما قال: تشتهين تنظرين) قال الحافظ ابن حجر: هذا تردد منها فيما كان وقع له، هل كان أذن لها في ذلك ابتداء منه؟ أو عن سؤال منها؟ وهذا بناء على أن سألت بسكون اللام على أنه من كلامها، ويحتمل أن يكون بفتح اللام، فيكون من كلام الراوي.
قال: وقد اختلفت الروايات عنها في ذلك، ففي رواية النسائي: سمعت لغطاً وصوت صبيان، فقام النبي صلى الله عليه وسلم، فإذا حبشة تزفن -أي ترقص- والصبيان حولها، فقال: يا عائشة.
تعالي فانظري.
ففي هذا أنه ابتدأها، وفي رواية مسلم -روايتنا السادسة-: أنها قالت: وددت أني أراهم.
ففي هذا أنها سألت، ويجمع بينهما بأنها التمست منه ذلك فأذن لها.
اهـ.

وأن المصدرية مقدرة قبل فعل تنظرين وكذا همزة الاستفهام قبل فعل تشتهين والتقدير: أتشتهين النظر؟

( دونكم يا بني أرفدة) بفتح الهمزة وسكون الراء، وفتح الفاء وكسرها والكسر أشهر، لقب للحبشة.
وقيل: اسم لجدهم الأكبر.
ودونكم من ألفاظ الإغراء، والمغرى به محذوف، وتقديره: دونكم هذا اللعب، أي الزموه.
وشأن دونك أن تقدم على المغرى به، كما قدرنا، وقد جاء تأخيرها عليه شاذاً في قول الشاعر:

أيها الماتح دلوى دونكا
إني رأيت الناس يحمدونكا

والماتح بالتاء هو الرجل الذي ينزل إلى قرار البئر إذا قل ماؤها فيملأ الدلو بيده؟

( حتى إذا مللت قال: حسبك؟) أي يكفيك؟ وهو استفهام، والخبر محذوف، أي هل يكفيك هذا القدر؟ بدليل قولها: قلت: نعم.
ومللت بكسر اللام الأولى من الملل، وهو السآمة، وفي رواية: حتى أكون أنا الذي أسأم.
وفي معناها روايتنا الخامسة: حتى كنت أنا التي أنصرف عن النظر إليهم.

( جاء حبش يزفنون) بفتح الياء وسكون الزاي وكسر الفاء، بعدها نون، أي يرقصون وهو محمول على وثبهم بسلاحهم، ولعبهم بحرابهم، متمايلين كما يفعل الراقص.
يقال: زفن يزفن من باب ضرب، أي رقص.

( أنها قالت للعابين) اللام الأولى لام الجر، والثانية مفتوحة مخففة والعين مشددة مفتوحة، صيغة مبالغة في اللعب، والمعنى أنها قالت لرسول الله صلى الله عليه وسلم لأجل جماعة كثيري اللعب، أي من أجلهم وبخصوصهم.

( قال عطاء: فرس أو حبش؟) أصل السند: عن عطاء قال: أخبرني عبيد بن عمير.
فكأن عطاء شك فيما سمع، هل سمع أنهم من الفرس أو من الحبشة.
أما ابن عتيق فجزم بأنهم حبش.
قال العلماء: هو الصواب.

( فأهوى إلى الحصباء يحصبهم بها) الحصباء الحصى الصغير، ويحصبهم بكسر الصاد، أي يرميهم بها.

فقه الحديث

المسألة الأساسية المستحقة للبحث الهادئ العميق مسألة الغناء، ويحسن بنا أن نعرض أقوال السلف من العلماء، ثم نعرض ما يفتح الله به.

قال النووي في شرحه للحديث: واختلف العلماء في الغناء، فأباحه جماعة من أهل الحجاز: وهي رواية عن مالك، وحرمه أبو حنيفة وأهل العراق، ومذهب الشافعي كراهته، وهو المشهور من مذهب مالك، واحتج المجوزون بهذا الحديث، وأجاب الآخرون بأن هذا الغناء إنما كان في الشجاعة والقتل والحذق في القتال، ونحو ذلك مما لا مفسدة فيه، بخلاف الغناء المشتمل على ما يهيج النفوس على الشر، ويحملها على البطال والقبيح.
قال القاضي: إنما كان غناؤهما بما هو من أشعار الحرب، والمفاخرة بالشجاعة، والظهور والغلبة، وهذا لا يهيج الجواري على شر، ولا إنشادهما لذلك من الغناء المختلف فيه، وإنما هو رفع الصوت بالإنشاد، ولهذا قالت: وليستا بمغنيتين أي ليستا ممن يتغنى بعادة المغنيات من التشويق والهوى، والتعريض بالفواحش، والتشبيب بأهل الجمال وما يحرك النفوس، ويبعث الهوى والغزل، كما قيل: الغناء فيه الزنا.
وليستا أيضاً ممن اشتهر وعرف بإحسان الغناء الذي فيه تمطيط وتكسير وعمل يحرك الساكن، ويبعث الكامن، ولا من اتخذ ذلك صنعة وكسباً، والعرب تسمى الإنشاد غناء، وليس هو من الغناء المختلف فيه، بل هو مباح، وقد استجازت الصحابة غناء العرب الذي هو مجرد الإنشاد والترنم، وأجازوا الحداء وفعلوه بحضرة النبي صلى الله عليه وسلم، وفي هذا كله إباحة مثل هذا وما في معناه، وهذا مثله ليس بحرام، ولا يجرح الشاهد.
اهـ.

وقال الحافظ ابن حجر: واستدل جماعة من الصوفية بحديث الباب على إباحة سماع الغناء، وسماعه بآلة وبغير آلة، ويكفي في رد ذلك تصريح عائشة بقولها: وليستا بمغنيتين.
فنفت عنهما من طريق المعنى ما أثبتته لهما باللفظ.
ثم قال: قال القرطبي: قولها: ليستا بمغنيتين.
أي ليستا ممن يعرف الغناء كما يعرفه المغنيات المعروفات بذلك، وهذا منها تحرز عن الغناء المعتاد عند المشتهرين به وهو الذي يحرك الساكن، ويبعث الكامن، وهذا النوع إذا كان شعراً فيه وصف محاسن النساء والخمر وغيرهما من المحرمات لا يختلف في تحريمه، لكن النفوس الشهوانية غلبت على كثير ممن ينسب إلى الخير، حتى لقد ظهرت من كثير منهم فعلات المجانين والصبيان، حتى رقصوا بحركات متطابقة وتقطيعات متلاحقة، وانتهى التواقح بقوم منهم إلى أن جعلوها من باب القرب وصالح الأعمال والله المستعان.
اهـ.

وقال الخطابي: وأما الترنم بالبيت والبيتين وتطريب الصوت بذلك مما ليس فيه فحش أو ذكر محظور فليس مما يسقط المروءة، وحكم اليسير منه خلاف حكم الكثير.
اهـ.

وقد اشتهر عن الإمام الغزالي أنه يبيح الغناء، وقد أطال القول في حكم السماع في كتابه الإحياء ننقل نبذاً منه، ثم ننظر الرأي فيها، ومن أراد المطول فليرجع إليه، والله المستعان.

قال: اعلم أن السماع هو أول الأمر، ويثمر السماع حالة في القلب تسمى الوجد، ويثمر الوجد تحريك الأطراف، إما بحركة غير موزونة، فتسمى الاضطراب، وإما موزونة فتسمى التصفيق والرقص...
ثم عرض لمذاهب العلماء في السماع فقال:

أما نقل المذاهب فقد حكى القاضي أبو الطيب الطبري عن الشافعي ومالك وأبي حنيفة وسفيان وجماعة من العلماء ألفاظاً يستدل بها على أنهم رأوا تحريمه، ثم أخذ يسرد ألفاظهم ليوجهها فيما بعد على أنها لا تدل على التحريم، فقال:

قال الشافعي -رحمه الله- في كتاب آداب القضاء: إن الغناء لهو يشبه الباطل، ومن استكثر منه فهو سفيه ترد شهادته.

وقال القاضي أبو الطيب: استماعه من المرأة التي ليست بمحرم له لا يجوز عند أصحاب الشافعي -رحمه الله- بحال، سواء أكانت مكشوفة أو من وراء حجاب، وسواء أكانت حرة أو أمة.
وقال: قال الشافعي -رحمه الله-: صاحب الجارية إذا جمع الناس لسماعها فهو سفيه ترد شهادته.
اهـ.

قال: وأما مالك -رحمه الله- فقد نهى عن الغناء، وقال: إذا اشترى جارية، فوجدها مغنية كان له ردها، وهو مذهب سائر أهل المدينة إلا ابن سعد وحده.

وأما أبو حنيفة رضي الله عنه فإنه كان يكره ذلك، ويجعل سماع الغناء من الذنوب، وكذلك سائر أهل الكوفة، وسفيان الثوري، وحماد، وإبراهيم، والشعبي وغيرهم.
اهـ.

ثم أخذ الغزالي جاهداً محاولاً إثبات جواز السماع محاولات تستحق أن ينظر إليها أو يرد عليها، وأبرز أدلته بالنص قوله:

1- فعل السماع كثير من السلف الصالح، صحابي وتابعي بإحسان.

2- لم يزل الحجازيون عندنا بمكة يسمعون السماع في أفضل أيام السنة وهي الأيام المعدودات التي أمر الله عباده فيها بذكره، ولم يزل أهل المدينة مواظبين كأهل مكة على السماع إلى زماننا هذا، فأدركنا أبا مروان القاضي وله جوار يسمعن الناس التلحين قد أعدهن للصوفية.

3- نقل أبو طالب المكي أنه كان لعطاء جاريتان تلحنان، فكان إخوانه يستمعون إليهما.
وقال: ورأيت في بعض الكتب محكياً عن الحارث المحاسبي ما يدل على تجويزه السماع مع زهده وتصاونه وجده في الدين وتشميره.
وقال: وكان ابن مجاهد لا يجيب دعوة لا يكون فيها سماع.

قال: وكان أبو الحسن العسقلاني الأسود من الأولياء يسمع ويوله عند السماع.
وحكى عن بعض الشيوخ أنه قال: رأيت أبا العباس الخضر عليه السلام، فقلت له: ما تقول في هذا السماع الذي اختلف فيه أصحابنا؟ فقال: هو الصفو الزلال الذي لا يثبت عليه إلا أقدام العلماء.

وحكى عن ممشاد الدينوري أنه قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في النوم، فقلت: يا رسول الله هل تنكر من هذا السماع شيئاً؟ فقال: ما أنكر منه شيئاً، ولكن قل لهم يفتتحون قبله بالقرآن، ويختمون بعده بالقرآن.
اهـ.

وهذه الأدلة ينقصها ثبوتها عن أربابها، وأكثرها مروي بصيغة التمريض -نقل وحكى- بالبناء للمجهول، ثم هي -مع ذلك- أفعال لمن أعماله ليست بحجة [أبو مروان القاضي - عطاء - الحارث المحاسبي - أبو الحسن العسقلاني - بعض الشيوخ - ممشاد الدينوري] .

ثم يستدل الغزالي بعد ذلك بأن الشرع يمتدح الصوت الحسن ويستنكر الصوت القبيح، وبأن صوت المرأة في غير الغناء ليس بعورة، وبأن الشعر لا يحرم سماعه، وأن الحداء في سير الإبل مشهور، وبأن الأنصار استقبلوا هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم بإنشاد [طلع البدر علينا....] .
ويستدل من حديث عائشة على الرخصة في الغناء المشبه بمزمارة الشيطان، ويدعى أن الرسول صلى الله عليه وسلم بمنعه أبا بكر من الإنكار أباح الغناء.

وهكذا يبدو الغزالي في بحثه وكأنه يبيح الغناء على الإطلاق، وهكذا حاول المتحللون -أو المحللون أو المنحلون- أن يلتقطوا بعض نصوصه كبرهان على حل ما يفعلون، وأخذ شياطينهم { { يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غروراً ولو شاء ربك ما فعلوه فذرهم وما يفترون ولتصغى إليه أفئدة الذين لا يؤمنون بالآخرة وليرضوه وليقترفوا ما هم مقترفون } } [الأنعام: 112، 113] .

والمحقق يرى أن الإمام الغزالي في ناحية وهؤلاء المحللين في ناحية أخرى، فمقصد الغزالي نوع خاص من المستمعين ونوع خاص من الغناء، فهو يقول: فإن قلت: هل للغناء حالة يحرم فيها؟ فأقول: إنه يحرم بخمسة عوارض: عارض في السمع، وعارض في الآلة، وعارض في نظم الصوت، وعارض في نفس المستمع أو في مواظبته، وعارض في كون الشخص من عوام الخلق، لأن أركان السماع هي المسمع والمستمع وآلة الإسماع.

العارض الأول: أن يكون المسمع امرأة لا يحل النظر إليها وتخشى الفتنة من سماعها، وفي معناها الصبي الأمرد الذي تخشى فتنته، وهذا حرام لما فيه من خوف الفتنة، بل لو كانت المرأة بحيث يفتتن بصوتها في المحاورة من غير ألحان فلا يجوز محاورتها ومجادلتها ولا سماع صوتها في القرآن أيضاًَ.

العارض الثاني: في الآلة بأن تكون المزامير والأوتار وطبل الكوبة فهذه ثلاثة أنواع ممنوعة.

العارض الثالث: في نظم الصوت وهو الشعر، فإن كان فيه شيء من الخنا والفحش والهجو فسماع ذلك حرام، وكذلك ما كان فيه وصف امرأة بعينها فإنه لا يجوز وصف المرأة بين الرجال.

العارض الرابع: في المستمع، وهو أن تكون الشهوة غالبة عليه، وكان في غرة الشباب فالسماع عليه حرام سواء غلب على قلبه حب شخص معين أو لم يغلب، فإنه كيفما كان فلا يسمع وصف الصدغ والخد والفراق والوصال إلا ويحرك ذلك شهوته، وينزله على صورة معينة ينفخ الشيطان بها في قلبه فتشتعل فيه نار الشهوة، وغالب القلوب الآن قد فتحها جند الشيطان وغلب عليها، فلا يجوز تحريك شوقها إلى ما لا يحل، وأكثر العشاق والسفهاء من الشباب في وقت هيجان الشهوة لا ينفكون عن إضمار شيء من ذلك، وذلك ممنوع في حقهم لما فيه من الداء الدفين.

العارض الخامس: أن يكون الشخص من عوام الخلق، وهذا إذا اتخذ السماع عادة وقصر عليه أكثر أوقاته، فهذا هو السفيه الذي ترد شهادته، فإن المواظبة على اللهو جناية.
اهـ.

فمن هذه اللقطات يتضح أن الإمام الغزالي مع الجمهور تماماً في غناء اليوم فهو يرى:

أولاً: أن غناء امرأة أمام الرجل غير المحرم حرام، وكذا غناء الصبي الأمرد الذي لا لحية له، وهذا عامة غناء اليوم.

ثانياً: وأن الغناء بالمزامير والأوتار حرام.
وهذا لا يخلو منه غناء اليوم.

ثالثاً: وأن عبارات الغناء إذا اشتملت على الخنا ووصف المرأة بين الرجال حرام.
وهو الأصل والكثير في غناء اليوم.

رابعاً: وأن سماع الشباب حرام.

خامساً: وأن سماع العوام إذا كثر فهو حرام.

إذن الغزالي يتكلم عن غناء يشبه الترنم والحداء، وهو لا يكاد يوجد في عالمنا، ويقصد نوعاً خاصاً من المستمعين وهم -كما يقول-: الذين غلب عليهم حب الله تعالى، فالذي يغلب عليه حب الله تعالى يتذكر بسواد الصدغ مثلاً ظلمة الكفر، وبنضارة الخد نور الإيمان، وبذكر الوصال لقاء الله تعالى، وبذكر الفراق الحجاب عن الله تعالى في زمرة المردودين، فالسماع يحدث أحوالاً من المكاشفات والملاطفات لا يحيط الوصف بها، يعرفها من ذاقها وينكرها من ضعف حسه عن ذوقها، وتسمى تلك الأحوال بلسان الصوفية وجداً، ثم تكون تلك الأحوال أسباباً للصفاء الذي يحصل به مشاهدات ومكاشفات، وهي غاية مطلب المحبين لله تعالى.
انتهى كلام الغزالي بتصرف.

أفبعد هذا يقال: إن الغزالي يبيح سماع غناء اليوم؟ ولجماهير مستمعي الغناء اليوم؟ اللهم.
لا.

ثم إن الغزالي في هذا البحث عنى السماع وقصده، أما القائم بالغناء فقد استحسن بشأنه عبارة الشافعي، فقال: وقد نص الشافعي في الرجل يتخذه صناعة: لا تجوز شهادته.

قال الغزالي: وذلك لأنه من اللهو المكروه الذي يشبه الباطل، ومن اتخذه صنعة كان منسوباً إلى السفاهة وسقوط المروءة، فإن كان لا ينسب نفسه إلى الغناء، ولا يؤتي لذلك، ولا يؤتي لأجله، وإنما يعرف بالصوت الحسن فيترنم أحياناً لم يسقط هذا مروءته، ولم يبطل شهادته.
وحديث الجاريتين في بيت عائشة شاهد على هذا.
والله أعلم.

ويؤخذ من أحاديث الباب فوق ما تقدم

1- جواز دخول الرجل على ابنته وهي عند زوجها بدون سبق استئذان من الزوج إذا كان له بذلك عادة.

2- وتأديب الأب ابنته بحضرة الزوج، وإن تركه الزوج، إذ التأديب وظيفة الآباء، والعطف مشروع من الأزواج للنساء.
ذكره الحافظ ابن حجر وهو واضح في الرواية الرابعة في قولها: فانتهرني.

3- ومن قول أبي بكر: أبمزمور الشيطان في بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم.
أن مواضع أهل الخير وأهل الفضل والصالحين تنزه عن الهوى واللغو ونحوه، وإن لم يكن فيه إثم.
ذكره النووي.

4- وفيه أن التابع للكبير إذا رأى بحضرته ما يستنكر أو ما لا يليق بمجلسه ينكره، ولا يكون في ذلك افتيات على الكبير، بل هو أدب ورعاية حرمة وإجلال للكبير من أن يتولى ذلك بنفسه، فلا يقال: كيف ساغ للصديق إنكار شيء أقره النبي صلى الله عليه وسلم؟

5- وفيه فتوى التلميذ بحضرة شيخه بما يعرف من طريقته.
قال الحافظ ابن حجر: ويحتمل أن يكون أبو بكر ظن أن النبي صلى الله عليه وسلم نام ولا يعلم بالغناء، لكونه دخل فوجده مغطى بثوبه، فظنه نائماً، فخشى أبو بكر أن يستيقظ فيغضب على ابنته، فبادر إلى سد هذه الذريعة.

6- في اضطجاعه صلى الله عليه وسلم على الفراش، وتحويله وجهه وتسجيه بثوبه إعراض أهل الفضل عن اللهو المباح.
قال الحافظ ابن حجر: فعدم إنكاره صلى الله عليه وسلم دال على تسويغ مثل ذلك على الوجه الذي أقره إذ لا يقر على باطل، والأصل التنزه عن اللعب واللهو فيقتصر على ما ورد فيه النص وقتاً وكيفية، تقليلاً لمخالفة الأصل.
اهـ.

على أن إنكاره صلى الله عليه وسلم لإنكار أبي بكر دليل واضح على إجازته لمثل ذلك.

7- واستدل النووي بحالته صلى الله عليه وسلم على حسن خلقه ورأفته وحلمه، فقد حول وجهه لئلا يستحيين فيقطعن ما هو مباح لهن.

8- وفي قوله: فإنها أيام عيد.
تعليل الأمر والحكم، لأن أبا بكر لما أنكر ما رأى مستصحباً ما تقرر عنده من منع الغناء واللهو أوضح له النبي صلى الله عليه وسلم الحكم مقروناً ببيان الحكمة والعلة.

9- وفيه أن إظهار السرور في الأعياد من شعار الدين، ويتبع ذلك مشروعية التوسعة على العيال في أيام الأعياد بأنواع التوسعة المباحة التي تحقق لهم بسط النفس وترويح البدن، والتمتع بمتع الحياة الدنيا من المأكل والمشرب والملبس دون إسراف أو تبذير.

10- واستنبط منه كراهة الفرح في أعياد المشركين والتشبه بهم.
قال الحافظ ابن حجر: وبالغ الشيخ النسفي من الحنفية فقال: من أهدى فيه بيضة إلى مشرك تعظيماً ليوم عيدهم فقد كفر بالله تعالى.
اهـ.

11- وفي قول عائشة في الرواية الرابعة: فلما غفل غمزتهما فخرجتا.
مراعاة خاطر الكبير، والاستجابة لرغبته، والتنازل عن رغبة النفس، فإنها -رضي الله عنها- مع ترخيص النبي صلى الله عليه وسلم لها في ذلك راعت خاطر أبيها وخشيت غضبه عليها فأخرجتهما.

12- وفيه الاكتفاء بالإشارة المفيدة المغنية عن الكلام بحضرة الكبير.

13- واستدل بقول عائشة في الرواية الثانية: في أيام منى.
أن هذه الأيام وهي -أيام التشريق الثلاثة التي بعد يوم النحر- داخلة في أيام العيد ويجري عليها حكمه في كثير من الأحكام، كجواز التضحية وتحريم الصوم واستحباب التكبير وغير ذلك.
قاله النووي.

14- وفي حديث لعب الحبشة جواز نظر النساء إلى فعل الرجال الأجانب.
قال القاضي عياض: لأنه إنما يكره لهن النظر إلى المحاسن والاستلذاذ بذلك.
اهـ.

وقال النووي: في الحديث جواز نظر النساء إلى لعب الرجال من غير نظر إلى نفس البدن، قال: وأما نظر المرأة إلى وجه الرجل الأجنبي فإن كان بشهوة فحرام بالاتفاق، وإن كان بغير شهوة ولا مخافة فتنة ففي جوازه وجهان لأصحابنا، أصحهما تحريمه، لقوله تعالى: { { وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن } } [النور: 31] ولقوله صلى الله عليه وسلم لأم سلمة وأم حبيبة: احتجبا عنه.
أي عن ابن أم مكتوم، فقالتا: إنه أعمى؟ لا يبصرنا؟ فقال صلى الله عليه وسلم: أفعمياوان أنتما؟ ألستما تبصرانه؟.
وهو حديث حسن رواه الترمذي وغيره.
وعلى هذا أجابوا عن حديث عائشة بجوابين، وأقواهما أنه ليس فيه أنها نظرت إلى وجوههم وأبدانهم، وإنما نظرت إلى لعبهم وحرابهم، ولا يلزم من ذلك تعمد النظر إلى البدن، وإن وقع النظر بلا قصد صرفته في الحال، و الثاني لعل هذا ما كان قبل نزول الآية في تحريم النظر، وأنها كانت صغيرة قبل بلوغها، فلم تكن مكلفة، على قول من يقول: إن للصغير المراهق النظر.
اهـ.

وقد أشار الحافظ ابن حجر إلى رد هذا القول الثاني بأن قولها -في روايتنا الثانية: يسترني بردائه.
دال على أن ذلك كان بعد نزول آية الحجاب، وكذا قولها- في بعض الروايات: أحببت أن يبلغ النساء مقامه لي.
مشعر بأن ذلك وقع بعد أن صارت لها ضرائر، أرادت الفخر عليهن، فالظاهر أن ذلك وقع بعد بلوغها.
وفي رواية ابن حبان: أن وفد الحبشة قدم سنة سبع.
فيكون عمرها حينئذ خمس عشرة سنة.
اهـ.

15- واستدل به على الرفق بالمرأة واستجلاب مودتها.

16- وبيان ما كان عليه صلى الله عليه وسلم من الرأفة والرحمة وحسن الخلق والمعاشرة بالمعروف.

17- وفي قولها: حتى كنت أنا التي أنصرف.
ملال المحب، وأصرح من حديثنا في ذلك حديث النسائي: أما شبعت؟ أما شبعت؟ قالت: فجعلت أقول: لا.
لأنظر منزلتي عنده.
وفي رواية له: قلت: يا رسول الله، لا تعجل.
فقام، ثم قال: حسبك؟ قلت: لا تعجل.
قالت: وما بي حب النظر إليهم، ولكن أحببت أن يبلغ النساء مقامه لي ومكاني منه.

18- واستدل به على جواز اللعب بالسلاح على طريق التواثب للتدريب على الحرب.

19- واغتفار ذلك في المسجد في أيام العيد، ومنعه الجمهور في المسجد إذ لا يليق به، وجعل الترخيص خاصاً بتلك الحادثة سروراً بقدوم وفد الحبشة.

20- واستدل من فعل عمر أنه كان مقرراً عندهم تنزيه المساجد عن اللعب.

والله أعلم.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
[ سـ :1545 ... بـ :893]
وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ قَالَ عَبْدٌ أَخْبَرَنَا.

     وَقَالَ  ابْنُ رَافِعٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ ابْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ بَيْنَمَا الْحَبَشَةُ يَلْعَبُونَ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِحِرَابِهِمْ إِذْ دَخَلَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فَأَهْوَى إِلَى الْحَصْبَاءِ يَحْصِبُهُمْ بِهَا فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَعْهُمْ يَا عُمَرُ
قَوْلُهُ : ( دَخَلَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَأَهْوَى بِيَدِهِ إِلَى الْحَصْبَاءِ يَحْصِبُهُمْ ) الْحَصْبَاءُ مَمْدُودٌ هِيَ الْحَصَى الصِّغَارُ ، وَيَحْصِبُهُمْ بِكَسْرِ الصَّادِ أَيْ يَرْمِيهِمْ بِهَا وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّ هَذَا لَا يَلِيقُ بِالْمَسْجِدِ ، وَأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَعْلَمْ بِهِ .
وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ كِتَاب صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ