هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
1729 حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ ، أَخْبَرَنَا يُونُسُ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، قَالَ : أَخْبَرَنِي سَالِمٌ ، قَالَ : كَانَ ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، يَقُولُ : أَلَيْسَ حَسْبُكُمْ سُنَّةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ إِنْ حُبِسَ أَحَدُكُمْ عَنِ الحَجِّ ، طَافَ بِالْبَيْتِ ، وَبِالصَّفَا وَالمَرْوَةِ ، ثُمَّ حَلَّ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ ، حَتَّى يَحُجَّ عَامًا قَابِلًا ، فَيُهْدِي أَوْ يَصُومُ إِنْ لَمْ يَجِدْ هَدْيًا ، وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، قَالَ : حَدَّثَنِي سَالِمٌ ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ نَحْوَهُ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
1729 حدثنا أحمد بن محمد ، أخبرنا عبد الله ، أخبرنا يونس ، عن الزهري ، قال : أخبرني سالم ، قال : كان ابن عمر رضي الله عنهما ، يقول : أليس حسبكم سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ إن حبس أحدكم عن الحج ، طاف بالبيت ، وبالصفا والمروة ، ثم حل من كل شيء ، حتى يحج عاما قابلا ، فيهدي أو يصوم إن لم يجد هديا ، وعن عبد الله ، أخبرنا معمر ، عن الزهري ، قال : حدثني سالم ، عن ابن عمر نحوه
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

Narrated Salim:

(Abdullah) bin `Umar used to say, Is not (the following of) the tradition of Allah's Messenger (ﷺ) sufficient for you? If anyone of you is prevented from performing Hajj, he should perform the Tawaf of the Ka`ba and between As-Safa and Al-Marwa and then finish the Ihram and everything will become legal for him which was illegal for him (during the state of Ihram) and he can perform Hajj in a following year and he should slaughter a Hadi or fast in case he cannot afford the Hadi.

Sâlim rapporte qu'Ibn 'Umar () disait: «La tradition du Messager d'Allah () ne vous suffitelle pas? Si l'un de vous a un empêchement pour continuer le pèlerinage, qu'il fasse les circumambulations autour du Temple et la course entre asSafâ et d’alMarwa, puis qu'il quitte complètement l'état de l’ihrâm jusqu'au moment où il fera le pèlerinage l'année suivante. Et alors, il égorgera son offrande ou jeûnera, s'il ne peut se procurer une offrande à sacrifier.» 'AbdulLâh: Directement de Ma'mar, d'azZuhry, directement de Sâlim, d'Ibn 'Umar: même hadîth.

":"ہم سے احمد بن محمد نے بیان کیا ، کہا ہم کو عبداللہ نے خبر دی ، کہا کہ ہم کو یونس نے خبر دی ، ان سے زہری نے کہا کہ مجھے سالم نے خبر دی ، کہا کہابن عمر رضی اللہ عنہما فرمایا کرتے تھے کیا تمہارے لیے رسول اللہ صلی اللہ علیہ وسلم کی سنت کافی نہیں ہے کہ اگر کسی کو حج سے روک دیا جائے ، ہو سکے تو وہ بیت اللہ کا طواف کر لے اور صفا اور مروہ کی سعی ، پھر وہ ہر چیز سے حلال ہو جائے ، یہاں تک کہ وہ دوسرے سال حج کر لے پھر قربانی کرے ، اگر قربانی نہ ملے تو روزہ رکھے ، عبداللہ سے روایت ہے کہ ہمیں معمر نے خبر دی ، ان سے زہری نے بیان کیا کہ مجھ سے سالم نے بیان کیا ، ان سے ابن عمر رضی اللہ عنہما نے اسی پہلی روایت کی طرح بیان کیا ۔

Sâlim rapporte qu'Ibn 'Umar () disait: «La tradition du Messager d'Allah () ne vous suffitelle pas? Si l'un de vous a un empêchement pour continuer le pèlerinage, qu'il fasse les circumambulations autour du Temple et la course entre asSafâ et d’alMarwa, puis qu'il quitte complètement l'état de l’ihrâm jusqu'au moment où il fera le pèlerinage l'année suivante. Et alors, il égorgera son offrande ou jeûnera, s'il ne peut se procurer une offrande à sacrifier.» 'AbdulLâh: Directement de Ma'mar, d'azZuhry, directement de Sâlim, d'Ibn 'Umar: même hadîth.

شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [1810] .

     قَوْلُهُ  أخبرنَا عبد الله هُوَ بن الْمُبَارك وَيُونُس هُوَ بن يَزِيدَ وَقَدْ عَقَّبَ الْمُصَنِّفُ هَذَا الْحَدِيثَ بِأَنْ قَالَ وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ نَحْوَهُ وَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى الْإِسْنَادِ الْأَوَّلِ فَكَانَ بن الْمُبَارَكِ كَانَ يُحَدِّثُ بِهِ تَارَةً عَنْ يُونُسَ وَتَارَةً عَنْ مَعْمَرٍ وَلَيْسَ هُوَ بِمُعَلَّقٍ كَمَا ادَّعَاهُ بَعْضُهُمْ وَقَدْ أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ عَنْ أَبِي كريب عَن بن الْمُبَارَكِ عَنْ مَعْمَرٍ وَلَفْظُهُ أَنَّهُ كَانَ يُنْكِرُ الِاشْتِرَاطَ وَيَقُولُ أَلَيْسَ حَسْبُكُمْ سُنَّةَ نَبِيِّكُمْ وَهَكَذَا أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ طَرِيقِ الْحَسَنِ بْنِ عَرَفَةَ وَالْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ طَرِيقِهِ وَمِنْ طَرِيقِ أَحْمَدَ بْنِ منيع وَغَيره كلهم عَن بن الْمُبَارَكِ وَكَذَا أَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَأَحْمَدُ عَنْهُ عَنْ مَعْمَرٍ مُقْتَصِرًا عَلَى هَذَا الْقَدْرِ وَأَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ بِتَمَامِهِ وَكَذَا أخرجه النَّسَائِيّ وَأما إِنْكَار بن عُمَرَ الِاشْتِرَاطَ فَثَابِتٌ فِي رِوَايَةِ يُونُسَ أَيْضًا إِلَّا أَنَّهُ حُذِفَ فِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ هَذِهِ فَأَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ السَّرَّاجِ عَنْ أَبِي كريب عَن بن الْمُبَارَكِ عَنْ يُونُسَ وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ وَالْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ طَرِيق بن وهب عَن يُونُس وَأَشَارَ بن عُمَرَ بِإِنْكَارِ الِاشْتِرَاطِ إِلَى مَا كَانَ يُفْتِي بِهِ بن عَبَّاس قَالَ الْبَيْهَقِيّ لَو بلغ بن عُمَرَ حَدِيثُ ضُبَاعَةَ فِي الِاشْتِرَاطِ لَقَالَ بِهِ وَقد أخرجه الشَّافِعِي عَن بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ بِضُبَاعَةَ بِنْتِ الزُّبَيْرِ فَقَالَ أَمَا تُرِيدِينَ الْحَجَّ فَقَالَتْ إِنِّي شَاكِيَةٌ فَقَالَ لَهَا حُجِّي وَاشْتَرِطِي أَنَّ مَحِلِّي حَيْثُ حَبَسْتَنِي قَالَ الشَّافِعِيُّ لَوْ ثَبَتَ حَدِيثُ عُرْوَةَ لَمْ أَعْدُهُ إِلَى غَيْرِهِ لِأَنَّهُ لَا يَحِلُّ عِنْدِي خِلَافُ مَا ثَبَتَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْبَيْهَقِيُّقَدْ ثَبَتَ هَذَا الْحَدِيثُ مِنْ أَوْجُهٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ سَاقَهُ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الْجَبَّارِ بْنِ الْعَلَاءِ عَنِ بن عُيَيْنَةَ مَوْصُولًا بِذِكْرِ عَائِشَةَ فِيهِ.

     وَقَالَ  وَقَدْ وَصَلَهُ عَبْدُ الْجَبَّارِ وَهُوَ ثِقَةٌ قَالَ وَقَدْ وَصَلَهُ أَبُو أُسَامَةَ وَمَعْمَرٌ كِلَاهُمَا عَنْ هِشَامٍ ثُمَّ سَاقَهُ مِنْ طَرِيقِ أَبِي أُسَامَةَ.

     وَقَالَ  أَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ مِنْ طَرِيقِ أَبِي أُسَامَةَ.

.

قُلْتُ وَطَرِيقُ أَبِي أُسَامَةَ أَخْرَجَهَا الْبُخَارِيُّ فِي كِتَابِ النِّكَاحِ وَلَمْ يُخْرِجْهَا فِي الْحَجِّ بَلْ حَذَفَ مِنْهُ ذِكْرَ الِاشْتِرَاطِ أَصْلًا إِثْبَاتًا كَمَا فِي حَدِيث عَائِشَة ونفيا كَمَا فِي حَدِيث بن عُمَرَ.

.
وَأَمَّا رِوَايَةُ مَعْمَرٍ الَّتِي أَشَارَ إِلَيْهَا الْبَيْهَقِيُّ فَأَخْرَجَهَا أَحْمَدُ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ وَمُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ هِشَامٍ وَالزُّهْرِيِّ فَرَّقَهُمَا كِلَاهُمَا عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَة ولقصة ضباعة شَوَاهِد مِنْهَا حَدِيث بن عَبَّاسٍ أَنَّ ضُبَاعَةَ بِنْتَ الزُّبَيْرِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَلِّبِ أَتَتْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ إِنِّي امْرَأَةٌ ثَقِيلَةٌ أَيْ فِي الضَّعْفِ وَإِنِّي أُرِيدُ الْحَجَّ فَمَا تَأْمُرنِي قَالَ أَهِلِّي بِالْحَجِّ وَاشْتَرِطِي أَنَّ مَحِلِّي حَيْثُ تَحْبِسُنِي قَالَ فَأَدْرَكَتْ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَأَصْحَابُ السُّنَنِ وَالْبَيْهَقِيُّ من طرق عَن بن عَبَّاسٍ قَالَ التِّرْمِذِيُّ وَفِي الْبَابِ عَنْ جَابِرٍ وَأَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ.

.

قُلْتُ وَعَنْ ضُبَاعَةَ نَفْسِهَا وَعَنْ سُعْدَى بِنْتِ عَوْفٍ وَأَسَانِيدُهَا كُلُّهَا قَوِيَّةٌ وَصَحَّ الْقَوْلُ بِالِاشْتِرَاطِ عَنْ عُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعلي وعمار وبن مَسْعُودٍ وَعَائِشَةَ وَأُمِّ سَلَمَةَ وَغَيْرِهِمْ مِنَ الصَّحَابَةِ وَلَمْ يَصِحَّ إِنْكَارُهُ عَنْ أَحَدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ الا عَن بن عُمَرَ وَوَافَقَهُ جَمَاعَةٌ مِنَ التَّابِعِينَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَحَكَى عِيَاضٌ عَنِ الْأَصِيلِيِّ قَالَ لَا يَثْبُتُ فِي الِاشْتِرَاطِ إِسْنَادٌ صَحِيحٌ قَالَ عِيَاضٌ وَقَدْ قَالَ النَّسَائِيُّ لَا أَعْلَمُ أَسْنَدَهُ عَنِ الزُّهْرِيِّ غَيْرَ مَعْمَرٍ.

.
وَتَعَقَّبَهُ النَّوَوِيُّ بِأَنَّ الَّذِي قَالَهُ غَلَطٌ فَاحِشٌ لِأَنَّ الْحَدِيثَ مَشْهُورٌ صَحِيحٌ مِنْ طُرُقٍ مُتَعَدِّدَةٍ انْتَهَى وَقَوْلُ النَّسَائِيِّ لَا يَلْزَمُ مِنْهُ تَضْعِيفُ طَرِيقِ الزُّهْرِيِّ الَّتِي تَفَرَّدَ بِهَا مَعْمَرٌ فَضْلًا عَنْ بَقِيَّةِ الطُّرُقُ لِأَنَّ مَعْمَرًا ثِقَةٌ حَافِظٌ فَلَا يَضُرُّهُ التَّفَرُّدُ كَيْفَ وَقَدْ وُجِدَ لِمَا رَوَاهُ شَوَاهِدُ كَثِيرَةٌ .

     قَوْلُهُ  أَلَيْسَ حَسْبُكُمْ سُنَّةُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ حُبِسَ أَحَدُكُمْ عَنِ الْحَجِّ طَافَ قَالَ عِيَاضٌ ضَبَطْنَاهُ سُنَّةً بِالنَّصْبِ عَلَى الِاخْتِصَاصِ أَوْ عَلَى إِضْمَارِ فِعْلٍ أَيْ تَمَسَّكُوا وَشَبَهُهُ وَخَبَرُ حَسْبُكُمْ فِي قَوْلِهِ طَافَ بِالْبَيْتِ وَيَصِحُّ الرَّفْعُ عَلَى أَنَّ سُنَّةً خَبَرُ حَسْبُكُمْ أَوِ الْفَاعِلُ بِمَعْنَى الْفِعْلِ فِيهِ وَيَكُونُ مَا بَعْدَهَا تَفْسِيرًا لِلسُّنَّةِ.

     وَقَالَ  السُّهَيْلِيُّ مَنْ نَصَبَ سُنَّةً فَإِنَّهُ بِإِضْمَارِ الْأَمْرِ كَأَنَّهُ قَالَ الْزَمُوا سُنَّةَ نَبِيِّكُمْ وَقَدْ قَدَّمْتُ الْبَحْثَ فِيهِ .

     قَوْلُهُ  طَافَ بِالْبَيْتِ أَيْ إِذَا أَمْكَنَهُ ذَلِكَ وَقَدْ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ إِنْ حَبَسَ أَحَدًا مِنْكُمْ حَابِسٌ عَنِ الْبَيْتِ فَإِذَا وَصَلَ إِلَيْهِ طَافَ بِهِ الْحَدِيثَ وَالَّذِي تَحَصَّلَ مِنَ الِاشْتِرَاطِ فِي الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ أَقْوَالٌ أَحَدُهَا مَشْرُوعِيَّتُهُ ثُمَّ اخْتَلَفَ مَنْ قَالَ بِهِ فَقِيلَ وَاجِبٌ لِظَاهِرِ الْأَمْرِ وَهُوَ قَوْلُ الظَّاهِرِيَّةِ وَقِيلَ مُسْتَحَبٌّ وَهُوَ قَوْلُ أَحْمَدَ وَغَلِطَ مَنْ حَكَى عَنْهُ إِنْكَارَهُ وَقِيلَ جَائِزٌ وَهُوَ الْمَشْهُورُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَقَطَعَ بِهِ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَالْحَقُّ أَنَّ الشَّافِعِيَّ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْقَدِيمِ وَعَلَّقَ الْقَوْلَ بِصِحَّتِهِ فِي الْجَدِيدِ فَصَارَ الصَّحِيحُ عَنْهُ الْقَوْلُ بِهِ وَبِذَلِكَ جَزَمَ التِّرْمِذِيُّ عَنْهُ وَهُوَ أَحَدُ الْمَوَاضِعِ الَّتِي عَلَّقَ الْقَوْلَ بِهَا عَلَى صِحَّةِ الْحَدِيثِ وَقَدْ جَمَعْتُهَا فِي كِتَابٍ مُفْرَدٍ مَعَ الْكَلَامِ عَلَى تِلْكَ الْأَحَادِيثِ وَالَّذِينَ أَنْكَرُوا مَشْرُوعِيَّةَ الِاشْتِرَاطِ أَجَابُوا عَنْ حَدِيثِ ضُبَاعَةَ بِأَجْوِبَةٍ مِنْهَا أَنَّهُ خَاصٌّ بِضُبَاعَةَ حَكَاهُ الْخَطَّابِيُّ ثُمَّ الرُّويَانِيُّ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ قَالَ النَّوَوِيُّ وَهُوَ تَأْوِيلٌ بَاطِلٌ وَقِيلَ مَعْنَاهُ مَحِلِّي حَيْثُ حَبَسَنِي الْمَوْتُ إِذَا أَدْرَكَتْنِي الْوَفَاةُ انْقَطَعَ إِحْرَامِي حَكَاهُ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَأَنْكَرَهُ النَّوَوِيُّ.

     وَقَالَ  إِنَّهُ ظَاهِرُ الْفَسَادِ وَقِيلَ إِنَّ الشَّرْطَ خَاصٌّ بِالتَّحَلُّلِ مِنَ الْعُمْرَةِ لَا مِنَ الْحَجِّ حَكَاهُ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ وَقِصَّةُ ضُبَاعَةَ تَرُدُّهُ كَمَا تَقَدَّمَ مِنْ سِيَاقِ مُسلم وَقد أطنب بن حَزْمٍ فِي التَّعَقُّبِ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ الِاشْتِرَاطَ بِمَا لَا مَزِيدَ عَلَيْهِ وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى بَقِيَّةِ حَدِيثِ ضُبَاعَةَ فِي الِاشْتِرَاطِ حَيْثُ ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي كِتَابِ النِّكَاحِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى( قَولُهُ بَابُ النَّحْرِ قَبْلَ الْحَلْقِ فِي الْحَصْرِ) ذَكَرَ فِيهِ حَدِيثَ الْمِسْوَرِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحَرَ قَبْلَ أَنْ يَحْلِقَ وَأَمَرَ أَصْحَابَهُ بِذَلِكَ وَهَذَا طَرَفٌ مِنَ الْحَدِيثِ الطَّوِيلِ الَّذِي أَخْرَجَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الشُّرُوطِ مِنَ الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ هُنَا وَلَفْظُهُ فِي أَوَاخِرِ الْحَدِيثِ فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ قَضِيَّةِ الْكِتَابِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَصْحَابِهِ قُومُوا فَانْحَرُوا ثُمَّ احْلِقُوا فَذَكَرَ بَقِيَّةَ الْحَدِيثِ وَفِيهِ قَوْلُ أُمِّ سَلَمَةَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اخْرُجْ ثُمَّ لَا تُكَلِّمْ أَحَدًا مِنْهُمْ كَلِمَةً حَتَّى تَنْحَرَ بُدْنَكَ فَخَرَجَ فَنَحَرَ بُدْنَهُ وَدَعَا حَالِقَهُ فَحَلَقَهُ وَعُرِفَ بِهَذَا أَنَّ الْمُصَنِّفَ أَوْرَدَ الْقَدْرَ الْمَذْكُورَ هُنَا بِالْمَعْنَى وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ فِي التَّرْجَمَةِ فِي الْحَصْرِ إِلَى أَنَّ هَذَا التَّرْتِيبَ يَخْتَصُّ بِحَالِ مَنْ أُحْصِرَ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ لَا يَجِبُ فِي حَالِ الِاخْتِيَارِ فِي بَاب إِذا رمى بعد مَا أَمْسَى أَو حَلَقَ قَبْلَ أَنْ يَذْبَحَ وَلَمْ يَتَعَرَّضِ الْمُصَنِّفُ لِمَا يَجِبُ عَلَى مَنْ حَلَقَ قَبْلَ أَنْ ينْحَر وَقد روى بن أَبِي شَيْبَةَ مِنْ طَرِيقِ الْأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ قَالَ عَلَيْهِ دَمٌ قَالَ إِبْرَاهِيمُ وحَدثني سعيد بن جُبَير عَن بن عَبَّاس مثله ثمَّ أورد المُصَنّف حَدِيث بن عُمَرَ الْمَاضِي قَبْلُ بِبَابٍ مُخْتَصَرًا وَفِيهِ فَنَحَرَ بُدْنَهُ وَحَلَقَ رَأْسَهُ وَقَدْ أَوْرَدَهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي بَدْرٍ شُجَاعِ بْنِ الْوَلِيدِ وَهُوَ الَّذِي أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ طَرِيقِهِ بِإِسْنَادِهِ الْمَذْكُورِ وَلَفْظُهُ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ وَسَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ كَلَّمَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ لَيَالِيَ نَزَلَ الْحَجَّاجُ بِابْنِ الزُّبَيْرِ.

     وَقَالَ ا لَا يَضُرُّكَ أَنْ لَا تَحُجَّ الْعَامَ إِنَّا نَخَافُ أَنْ يُحَالَ بَيْنَكَ وَبَيْنَ الْبَيْتِ فَقَالَ خَرَجْنَا فَذَكَرَ مِثْلَ سِيَاقِ الْبُخَارِيِّ وَزَادَ فِي آخِرِهِ ثُمَّ رَجَعَ وَكَذَا سَاقَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي بَدْرٍ إِلَّا أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرِ الْقِصَّةَ الَّتِي فِي أَوَّلِهِ وَسَاقَهُ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى عَنْ أَبِي بَدْرٍ أَيْضًا فَقَالَ فِيهَا عَن بن عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ إِنْ حِيلَ بَيْنِي وَبَيْنَ الْبَيْتِ فَعَلْتُ كَمَا فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا مَعَهُ فَأَهَلَّ بِالْعُمْرَةِ الحَدِيث قَالَ بن التَّيْمِيِّ ذَهَبَ مَالِكٌ إِلَى أَنَّهُ لَا هَدْيَ عَلَى الْمُحْصَرِ وَالْحُجَّةُ عَلَيْهِ هَذَا الْحَدِيثُ لِأَنَّهُ نُقِلَ فِيهِ حُكْمٌ وَسَبَبٌ فَالسَّبَبُ الْحَصْرُ وَالْحُكْمُ النَّحْرُ فَاقْتَضَى الظَّاهِرُ تَعَلُّقَ الْحُكْمِ بِذَلِكَ السَّبَبِ وَالله أعلم( قَولُهُ بَابُ مَنْ قَالَ لَيْسَ عَلَى الْمُحْصَرِ بَدَلٌ) بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَالْمُهْمَلَةِ أَيْ قَضَاءٌ لِمَا أَحُصِرَ فِيهِ مِنْ حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ وَهَذَا هُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ كَمَا تَقَدَّمَ قَرِيبًا .

     قَوْلُهُ .

     وَقَالَ  رَوْحٌ يَعْنِي ابْنَ عُبَادَةَ وَهَذَا التَّعْلِيقُ وَصَلَهُ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ فِي تَفْسِيرِهِ عَنْ روح بِهَذَا الْإِسْنَاد وَهُوَ مَوْقُوف على بن عَبَّاسٍ وَمُرَادُهُ بِالتَّلَذُّذِ وَهُوَ بِمُعْجَمَتَيْنِ الْجِمَاعُ وَقَولُهُ حَبَسَهُ عُذْرٌ كَذَا لِلْأَكْثَرِ بِضَمِّ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الْمُعْجَمَةِ بَعْدَهَا رَاءٌ وَلِأَبِي ذَرٍّ حَبَسَهُ عَدُوٌّ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَفِي آخِرِهِ وَاوٌ وَقَولُهُ أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ أَيْ مِنْ مَرَضٍ أَوْ نَفَادِ نَفَقَة وَقد ورد عَن بن عَبَّاس نَحْو هَذَا بِإِسْنَاد آخر أخرجه بن جَرِيرٍ مِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنْهُ وَفِيهِ فَإِنْ كَانَتْ حَجَّةُ الْإِسْلَامِ فَعَلَيْهِ قَضَاؤُهَا وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ الْفَرِيضَةِ فَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ وَقَولُهُ وَإِنِ اسْتَطَاعَ أَنْ يَبْعَثَ بِهِ لَمْ يَحِلَّ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ هَذِهِ مَسْأَلَةُ اخْتِلَافٍ بَيْنَ الصَّحَابَةِ وَمَنْ بَعْدَهُمْ فَقَالَ الْجُمْهُورُ يَذْبَحُ الْمُحْصَرُ الْهَدْيَ حَيْثُ يَحِلُّ سَوَاءٌ كَانَ فِي الْحِلِّ أَوْ فِي الْحَرَمِ.

     وَقَالَ  أَبُو حَنِيفَةَ لَا يَذْبَحُهُ إِلَّا فِي الْحَرَمِ وَفصل آخَرُونَ كَمَا قَالَه بن عَبَّاسٍ هُنَا وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَسَبَبُ اخْتِلَافِهِمْ فِي ذَلِكَ هَلْ نَحَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْهَدْيَ بِالْحُدَيْبِيَةِ فِي الْحِلِّ أَوْ فِي الْحَرَمِ وَكَانَ عَطَاءٌ يَقُولُ لَمْ يَنْحَرْ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَة الا فِي الْحرم وَوَافَقَهُ بن إِسْحَاقَ.

     وَقَالَ  غَيْرُهُ مِنْ أَهْلِ الْمَغَازِي إِنَّمَا نَحَرَ فِي الْحِلِّ وَرَوَى يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ مِنْ طَرِيقِ مُجَمِّعِ بْنِ يَعْقُوبَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ لَمَّا حُبِسَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابَهُ نَحَرُوا بِالْحُدَيْبِيَةِ وَحَلَقُوا وَبَعَثَ اللَّهُ رِيحًا فَحَمَلَتْ شُعُورَهُمْ فَأَلْقَتْهَا فِي الْحَرَمِ قَالَ بن عَبْدِ الْبَرِّ فِي الِاسْتِذْكَارِ فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُمْ حَلَقُوا فِي الْحِلِّ.

.

قُلْتُ وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِهِمْ مَا حَلَقُوا فِي الْحَرَمِ لِمَنْعِهِمْ مِنْ دُخُولِهِ أَنْ لَا يَكُونُوا أَرْسَلُوا الْهَدْيَ مَعَ مَنْ نَحَرَهُ فِي الْحَرَمِ وَقَدْ وَرَدَ ذَلِكَ فِي حَدِيثِ نَاجِيَةَ بْنِ جُنْدُبٍ الْأَسْلَمِيِّ.

.

قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ابْعَثْ مَعِي بِالْهَدْيِ حَتَّى أَنْحَرَهُ فِي الْحَرَمِ فَفَعَلَ أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ إِسْرَائِيلَ عَنْ مَجْزَأَةَ بْنِ زَاهِرٍ عَنْ نَاجِيَةَ وَأَخْرَجَهُ الطَّحَاوِيُّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ إِسْرَائِيلَ لَكِنْ قَالَ عَنْ نَاجِيَةَ عَنْ أَبِيهِ لَكِنْ لَا يَلْزَمُ مِنْ وُقُوعِ هَذَا وُجُوبُهُ بَلْ ظَاهِرُ الْقِصَّةِ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ نَحَرَ فِي مَكَانِهِ وَكَانُوا فِي الْحِلِّ وَذَلِكَ دَالٌّ عَلَى الْجَوَازِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

     قَوْلُهُ .

     وَقَالَ  مَالِكٌ وَغَيْرُهُ هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمُوَطَّأِ وَلَفْظُهُ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَلَّ هُوَ وَأَصْحَابه بِالْحُدَيْبِية فنحروا الْهدى وحلقوا رؤوسهم وَحَلُّوا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ قَبْلَ أَنْ يَطُوفُوا بِالْبَيْتِ وَقَبْلَ أَنْ يَصِلَ إِلَيْهِ الْهَدْيُ ثُمَّ لَمْ نَعْلَمْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِهِ وَلَا مِمَّنْ كَانَ مَعَهُ أَنْ يَقْضُوا شَيْئًا وَلَا أَنْ يَعُودُوا لِشَيْءٍ وَسُئِلَ مَالِكٌ عَمَّنْأَحُصِرَ بِعَدُوٍّ فَقَالَ يَحِلُّ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَيَنْحَرُ هَدْيَهُ وَيَحْلِقُ رَأْسَهُ حَيْثُ حُبِسَ وَلَيْسَ عَلَيْهِ قَضَاءٌ.

.
وَأَمَّا قَوْلُ الْبُخَارِيِّ وَغَيْرِهِ فَالَّذِي يَظْهَرُ لِي أَنَّهُ عَنَى بِهِ الشَّافِعِيَّ لِأَنَّ قَوْلَهُ فِي آخِرِهِ وَالْحُدَيْبِيَةُ خَارِجُ الْحَرَمِ هُوَ مِنْ كَلَامِ الشَّافِعِيِّ فِي الْأُمِّ وَعَنْهُ أَنَّ بَعْضَهَا فِي الْحِلِّ وَبَعْضَهَا فِي الْحَرَمِ لَكِنْ إِنَّمَا نَحَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْحِلِّ اسْتِدْلَالًا بِقَوْلِهِ تَعَالَى وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَالْهَدْيَ مَعْكُوفًا أَنْ يَبْلُغَ مَحَله قَالَ وَمَحِلُّ الْهَدْيِ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ الْحَرَمُ وَقَدْ أَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّهُمْ صَدُّوهُمْ عَنْ ذَلِك قَالَ فَحَيْثُ مَا أُحْصِرَ ذَبَحَ وَحَلَّ وَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ مِنْ قِبَلِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يَذْكُرْ قَضَاءً وَالَّذِي أَعْقِلُهُ فِي أَخْبَارِ أَهْلِ الْمَغَازِي شَبِيهٌ بِمَا ذكرت لأَنا علمنَا من متواطىء أَحَادِيثِهِمْ أَنَّهُ كَانَ مَعَهُ عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ رِجَالٌ مَعْرُوفُونَ ثُمَّ اعْتَمَرَ عُمْرَةَ الْقَضِيَّةِ فَتَخَلَّفَ بَعْضُهُمْ بِالْمَدِينَةِ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ فِي نَفْسٍ وَلَا مَالٍ وَلَوْ لَزِمَهُمُ الْقَضَاءُ لَأَمَرَهُمْ بِأَنْ لَا يَتَخَلَّفُوا عَنْهُ.

     وَقَالَ  فِي مَوْضِعٍ آخَرَ إِنَّمَا سُمِّيَتْ عُمْرَةَ الْقَضَاءِ وَالْقَضِيَّةِ لِلْمُقَاضَاةِ الَّتِي وَقَعَتْ بَيْنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَيْنَ قُرَيْشٍ لَا عَلَى أَنَّهُمْ وَجَبَ عَلَيْهِمْ قَضَاءُ تِلْكَ الْعُمْرَةِ انْتَهَى وَقَدْ رَوَى الْوَاقِدِيُّ فِي الْمَغَازِي مِنْ طَرِيقِ الزُّهْرِيِّ وَمِنْ طَرِيقِ أَبِي مَعْشَرٍ وَغَيْرِهِمَا قَالُوا أَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَصْحَابَهُ أَنْ يَعْتَمِرُوا فَلَمْ يَتَخَلَّفْ مِنْهُمْ إِلَّا مَنْ قُتِلَ بِخَيْبَرَ أَوْ مَاتَ وَخَرَجَ مَعَهُ جَمَاعَةٌ مُعْتَمِرِينَ مِمَّنْ لَمْ يَشْهَدِ الْحُدَيْبِيَةَ وَكَانَتْ عِدَّتُهُمْ أَلْفَيْنِ وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ بَيْنَ هَذَا إِنْ صَحَّ وَبَيْنَ الَّذِي قَبْلَهُ بِأَنَّ الْأَمْرَ كَانَ عَلَى طَرِيقِ الِاسْتِحْبَابِ لِأَنَّ الشَّافِعِيَّ جَازِمٌ بِأَنَّ جَمَاعَةً تَخَلَّفُوا بِغَيْرِ عُذْرٍ وَقد روى الْوَاقِدِيّ أَيْضا من حَدِيث بن عُمَرَ قَالَ لَمْ تَكُنْ هَذِهِ الْعُمْرَةُ قَضَاءً وَلَكِنْ كَانَ شَرْطًا عَلَى قُرَيْشٍ أَنْ يَعْتَمِرَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ قَابِلٍ فِي الشَّهْرِ الَّذِي صَدَّهُمُ الْمُشْرِكُونَ فِيهِ

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  قَوْله بَاب الْإِحْصَار فِي الْحَج)
قَالَ بن الْمُنِيرِ فِي الْحَاشِيَةِ أَشَارَ الْبُخَارِيُّ إِلَى أَنَّ الْإِحْصَارَ فِي عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا وَقَعَ فِي الْعُمْرَةِ فَقَاسَ الْعُلَمَاءُ الْحَجَّ عَلَى ذَلِكَ وَهُوَ مِنَ الْإِلْحَاقِ بِنَفْيِ الْفَارِقِ وَهُوَ مِنْ أَقْوَى الْأَقْيِسَةِ.

.

قُلْتُ وَهَذَا يَنْبَنِي على أَن مُرَاد بن عُمَرَ بِقَوْلِهِ سُنَّةَ نَبِيِّكُمْ قِيَاسُ مَنْ يَحْصُلُ لَهُ الْإِحْصَارُ وَهُوَ حَاجٌّ عَلَى مَنْ يَحْصُلُ لَهُ فِي الِاعْتِمَارِ لِأَنَّ الَّذِي وَقَعَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ الْإِحْصَارُ عَنِ الْعمرَة وَيحْتَمل أَن يكون بن عُمَرَ أَرَادَ بِقَوْلِهِ سُنَّةَ نَبِيِّكُمْ وَبِمَا بَيَّنَهُ بَعْدَ ذَلِكَ شَيْئًا سَمِعَهُ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَقِّ مَنْ لَمْ يحصل لَهُ ذَلِكَ وَهُوَ حَاجٌّ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

[ قــ :1729 ... غــ :1810] .

     قَوْلُهُ  أخبرنَا عبد الله هُوَ بن الْمُبَارك وَيُونُس هُوَ بن يَزِيدَ وَقَدْ عَقَّبَ الْمُصَنِّفُ هَذَا الْحَدِيثَ بِأَنْ قَالَ وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ نَحْوَهُ وَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى الْإِسْنَادِ الْأَوَّلِ فَكَانَ بن الْمُبَارَكِ كَانَ يُحَدِّثُ بِهِ تَارَةً عَنْ يُونُسَ وَتَارَةً عَنْ مَعْمَرٍ وَلَيْسَ هُوَ بِمُعَلَّقٍ كَمَا ادَّعَاهُ بَعْضُهُمْ وَقَدْ أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ عَنْ أَبِي كريب عَن بن الْمُبَارَكِ عَنْ مَعْمَرٍ وَلَفْظُهُ أَنَّهُ كَانَ يُنْكِرُ الِاشْتِرَاطَ وَيَقُولُ أَلَيْسَ حَسْبُكُمْ سُنَّةَ نَبِيِّكُمْ وَهَكَذَا أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ طَرِيقِ الْحَسَنِ بْنِ عَرَفَةَ وَالْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ طَرِيقِهِ وَمِنْ طَرِيقِ أَحْمَدَ بْنِ منيع وَغَيره كلهم عَن بن الْمُبَارَكِ وَكَذَا أَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَأَحْمَدُ عَنْهُ عَنْ مَعْمَرٍ مُقْتَصِرًا عَلَى هَذَا الْقَدْرِ وَأَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ بِتَمَامِهِ وَكَذَا أخرجه النَّسَائِيّ وَأما إِنْكَار بن عُمَرَ الِاشْتِرَاطَ فَثَابِتٌ فِي رِوَايَةِ يُونُسَ أَيْضًا إِلَّا أَنَّهُ حُذِفَ فِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ هَذِهِ فَأَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ السَّرَّاجِ عَنْ أَبِي كريب عَن بن الْمُبَارَكِ عَنْ يُونُسَ وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ وَالْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ طَرِيق بن وهب عَن يُونُس وَأَشَارَ بن عُمَرَ بِإِنْكَارِ الِاشْتِرَاطِ إِلَى مَا كَانَ يُفْتِي بِهِ بن عَبَّاس قَالَ الْبَيْهَقِيّ لَو بلغ بن عُمَرَ حَدِيثُ ضُبَاعَةَ فِي الِاشْتِرَاطِ لَقَالَ بِهِ وَقد أخرجه الشَّافِعِي عَن بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ بِضُبَاعَةَ بِنْتِ الزُّبَيْرِ فَقَالَ أَمَا تُرِيدِينَ الْحَجَّ فَقَالَتْ إِنِّي شَاكِيَةٌ فَقَالَ لَهَا حُجِّي وَاشْتَرِطِي أَنَّ مَحِلِّي حَيْثُ حَبَسْتَنِي قَالَ الشَّافِعِيُّ لَوْ ثَبَتَ حَدِيثُ عُرْوَةَ لَمْ أَعْدُهُ إِلَى غَيْرِهِ لِأَنَّهُ لَا يَحِلُّ عِنْدِي خِلَافُ مَا ثَبَتَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ قَدْ ثَبَتَ هَذَا الْحَدِيثُ مِنْ أَوْجُهٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ سَاقَهُ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الْجَبَّارِ بْنِ الْعَلَاءِ عَنِ بن عُيَيْنَةَ مَوْصُولًا بِذِكْرِ عَائِشَةَ فِيهِ.

     وَقَالَ  وَقَدْ وَصَلَهُ عَبْدُ الْجَبَّارِ وَهُوَ ثِقَةٌ قَالَ وَقَدْ وَصَلَهُ أَبُو أُسَامَةَ وَمَعْمَرٌ كِلَاهُمَا عَنْ هِشَامٍ ثُمَّ سَاقَهُ مِنْ طَرِيقِ أَبِي أُسَامَةَ.

     وَقَالَ  أَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ مِنْ طَرِيقِ أَبِي أُسَامَةَ.

.

قُلْتُ وَطَرِيقُ أَبِي أُسَامَةَ أَخْرَجَهَا الْبُخَارِيُّ فِي كِتَابِ النِّكَاحِ وَلَمْ يُخْرِجْهَا فِي الْحَجِّ بَلْ حَذَفَ مِنْهُ ذِكْرَ الِاشْتِرَاطِ أَصْلًا إِثْبَاتًا كَمَا فِي حَدِيث عَائِشَة ونفيا كَمَا فِي حَدِيث بن عُمَرَ.

.
وَأَمَّا رِوَايَةُ مَعْمَرٍ الَّتِي أَشَارَ إِلَيْهَا الْبَيْهَقِيُّ فَأَخْرَجَهَا أَحْمَدُ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ وَمُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ هِشَامٍ وَالزُّهْرِيِّ فَرَّقَهُمَا كِلَاهُمَا عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَة ولقصة ضباعة شَوَاهِد مِنْهَا حَدِيث بن عَبَّاسٍ أَنَّ ضُبَاعَةَ بِنْتَ الزُّبَيْرِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَلِّبِ أَتَتْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ إِنِّي امْرَأَةٌ ثَقِيلَةٌ أَيْ فِي الضَّعْفِ وَإِنِّي أُرِيدُ الْحَجَّ فَمَا تَأْمُرنِي قَالَ أَهِلِّي بِالْحَجِّ وَاشْتَرِطِي أَنَّ مَحِلِّي حَيْثُ تَحْبِسُنِي قَالَ فَأَدْرَكَتْ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَأَصْحَابُ السُّنَنِ وَالْبَيْهَقِيُّ من طرق عَن بن عَبَّاسٍ قَالَ التِّرْمِذِيُّ وَفِي الْبَابِ عَنْ جَابِرٍ وَأَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ.

.

قُلْتُ وَعَنْ ضُبَاعَةَ نَفْسِهَا وَعَنْ سُعْدَى بِنْتِ عَوْفٍ وَأَسَانِيدُهَا كُلُّهَا قَوِيَّةٌ وَصَحَّ الْقَوْلُ بِالِاشْتِرَاطِ عَنْ عُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعلي وعمار وبن مَسْعُودٍ وَعَائِشَةَ وَأُمِّ سَلَمَةَ وَغَيْرِهِمْ مِنَ الصَّحَابَةِ وَلَمْ يَصِحَّ إِنْكَارُهُ عَنْ أَحَدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ الا عَن بن عُمَرَ وَوَافَقَهُ جَمَاعَةٌ مِنَ التَّابِعِينَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَحَكَى عِيَاضٌ عَنِ الْأَصِيلِيِّ قَالَ لَا يَثْبُتُ فِي الِاشْتِرَاطِ إِسْنَادٌ صَحِيحٌ قَالَ عِيَاضٌ وَقَدْ قَالَ النَّسَائِيُّ لَا أَعْلَمُ أَسْنَدَهُ عَنِ الزُّهْرِيِّ غَيْرَ مَعْمَرٍ.

.
وَتَعَقَّبَهُ النَّوَوِيُّ بِأَنَّ الَّذِي قَالَهُ غَلَطٌ فَاحِشٌ لِأَنَّ الْحَدِيثَ مَشْهُورٌ صَحِيحٌ مِنْ طُرُقٍ مُتَعَدِّدَةٍ انْتَهَى وَقَوْلُ النَّسَائِيِّ لَا يَلْزَمُ مِنْهُ تَضْعِيفُ طَرِيقِ الزُّهْرِيِّ الَّتِي تَفَرَّدَ بِهَا مَعْمَرٌ فَضْلًا عَنْ بَقِيَّةِ الطُّرُقُ لِأَنَّ مَعْمَرًا ثِقَةٌ حَافِظٌ فَلَا يَضُرُّهُ التَّفَرُّدُ كَيْفَ وَقَدْ وُجِدَ لِمَا رَوَاهُ شَوَاهِدُ كَثِيرَةٌ .

     قَوْلُهُ  أَلَيْسَ حَسْبُكُمْ سُنَّةُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ حُبِسَ أَحَدُكُمْ عَنِ الْحَجِّ طَافَ قَالَ عِيَاضٌ ضَبَطْنَاهُ سُنَّةً بِالنَّصْبِ عَلَى الِاخْتِصَاصِ أَوْ عَلَى إِضْمَارِ فِعْلٍ أَيْ تَمَسَّكُوا وَشَبَهُهُ وَخَبَرُ حَسْبُكُمْ فِي قَوْلِهِ طَافَ بِالْبَيْتِ وَيَصِحُّ الرَّفْعُ عَلَى أَنَّ سُنَّةً خَبَرُ حَسْبُكُمْ أَوِ الْفَاعِلُ بِمَعْنَى الْفِعْلِ فِيهِ وَيَكُونُ مَا بَعْدَهَا تَفْسِيرًا لِلسُّنَّةِ.

     وَقَالَ  السُّهَيْلِيُّ مَنْ نَصَبَ سُنَّةً فَإِنَّهُ بِإِضْمَارِ الْأَمْرِ كَأَنَّهُ قَالَ الْزَمُوا سُنَّةَ نَبِيِّكُمْ وَقَدْ قَدَّمْتُ الْبَحْثَ فِيهِ .

     قَوْلُهُ  طَافَ بِالْبَيْتِ أَيْ إِذَا أَمْكَنَهُ ذَلِكَ وَقَدْ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ إِنْ حَبَسَ أَحَدًا مِنْكُمْ حَابِسٌ عَنِ الْبَيْتِ فَإِذَا وَصَلَ إِلَيْهِ طَافَ بِهِ الْحَدِيثَ وَالَّذِي تَحَصَّلَ مِنَ الِاشْتِرَاطِ فِي الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ أَقْوَالٌ أَحَدُهَا مَشْرُوعِيَّتُهُ ثُمَّ اخْتَلَفَ مَنْ قَالَ بِهِ فَقِيلَ وَاجِبٌ لِظَاهِرِ الْأَمْرِ وَهُوَ قَوْلُ الظَّاهِرِيَّةِ وَقِيلَ مُسْتَحَبٌّ وَهُوَ قَوْلُ أَحْمَدَ وَغَلِطَ مَنْ حَكَى عَنْهُ إِنْكَارَهُ وَقِيلَ جَائِزٌ وَهُوَ الْمَشْهُورُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَقَطَعَ بِهِ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَالْحَقُّ أَنَّ الشَّافِعِيَّ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْقَدِيمِ وَعَلَّقَ الْقَوْلَ بِصِحَّتِهِ فِي الْجَدِيدِ فَصَارَ الصَّحِيحُ عَنْهُ الْقَوْلُ بِهِ وَبِذَلِكَ جَزَمَ التِّرْمِذِيُّ عَنْهُ وَهُوَ أَحَدُ الْمَوَاضِعِ الَّتِي عَلَّقَ الْقَوْلَ بِهَا عَلَى صِحَّةِ الْحَدِيثِ وَقَدْ جَمَعْتُهَا فِي كِتَابٍ مُفْرَدٍ مَعَ الْكَلَامِ عَلَى تِلْكَ الْأَحَادِيثِ وَالَّذِينَ أَنْكَرُوا مَشْرُوعِيَّةَ الِاشْتِرَاطِ أَجَابُوا عَنْ حَدِيثِ ضُبَاعَةَ بِأَجْوِبَةٍ مِنْهَا أَنَّهُ خَاصٌّ بِضُبَاعَةَ حَكَاهُ الْخَطَّابِيُّ ثُمَّ الرُّويَانِيُّ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ قَالَ النَّوَوِيُّ وَهُوَ تَأْوِيلٌ بَاطِلٌ وَقِيلَ مَعْنَاهُ مَحِلِّي حَيْثُ حَبَسَنِي الْمَوْتُ إِذَا أَدْرَكَتْنِي الْوَفَاةُ انْقَطَعَ إِحْرَامِي حَكَاهُ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَأَنْكَرَهُ النَّوَوِيُّ.

     وَقَالَ  إِنَّهُ ظَاهِرُ الْفَسَادِ وَقِيلَ إِنَّ الشَّرْطَ خَاصٌّ بِالتَّحَلُّلِ مِنَ الْعُمْرَةِ لَا مِنَ الْحَجِّ حَكَاهُ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ وَقِصَّةُ ضُبَاعَةَ تَرُدُّهُ كَمَا تَقَدَّمَ مِنْ سِيَاقِ مُسلم وَقد أطنب بن حَزْمٍ فِي التَّعَقُّبِ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ الِاشْتِرَاطَ بِمَا لَا مَزِيدَ عَلَيْهِ وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى بَقِيَّةِ حَدِيثِ ضُبَاعَةَ فِي الِاشْتِرَاطِ حَيْثُ ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي كِتَابِ النِّكَاحِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  باب الإِحْصَارِ فِي الْحَجِّ
( باب الإحصار في الحج) .


[ قــ :1729 ... غــ : 1810 ]
- حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا يُونُسُ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنِي سَالِمٌ قَالَ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ -رضي الله عنهما- يَقُولُ: "أَلَيْسَ حَسْبُكُمْ سُنَّةَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، إِنْ حُبِسَ

أَحَدُكُمْ عَنِ الْحَجِّ طَافَ بِالْبَيْتِ وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ ثُمَّ حَلَّ مِنْ كُلِّ شَىْءٍ حَتَّى يَحُجَّ عَامًا قَابِلاً فَيُهْدِي أَوْ يَصُومُ إِنْ لَمْ يَجِدْ هَدْيًا".
وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ حَدَّثَنِي سَالِمٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ ... نَحْوَهُ.

وبالسند قال: ( حدّثنا أحمد بن محمد) المعروف بمردويه السمسار المروزي قال: ( أخبرنا عبد الله) بن المبارك قال: ( أخبرنا يونس) بن يزيد الأيلي ( عن الزهري) محمد بن مسلم بن شهاب ( قال: أخبرني) بالإفراد ( سالم) هو ابن عبد الله بن عمر ( قال: كان ابن عمر -رضي الله عنهما- يقول) : ( أليس حسبكم سنة رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) بنصب سنة في اليونينة خبر ليس واسمها حسبكم أو الجملة الشرطية وهي قوله ( إن حبس أحدكم عن الحج) بأن منع عن الوقوف بعرفة ( طاف بالبيت وبالصفا والمروة) أي إذا أمكنه ذلك تفسير للسنة وهل لها حينئذٍ محل أو لا قولان.
وقال القاضي عياض: بالنصب على الاختصاص أو على إضمار فعل أي تمسكوا ونحوه، وقال السهيلي: من نصب سنة فالكلام أمر بعد أمر كأنه قال: الزموا سنة نبيكم كما قال:
يا أيها المائح دلوي دونك
فدلوي منصوب عندهم بإضمار فعل أمر ودونك أمر آخر ( ثم حل من كل شيء) حرم عليه ( حتى يحج عاما قابلاً) نصب على الظرفية والصفة ( فيهدي) بذبح شاة إذ التحلل لا يحصل إلا بنية التحلل والذبح والحلق ( أو يصوم إن لم يجد هديًا) حيث شاء ويتوقف تحلله على الإطعام كتوقفه على الذبح لا على الصوم لأنه يطول زمنه فتعظم المشقّة في الصبر على الإحرام إلى فراغه.

( وعن عبد الله) بن المبارك بالسند السابق: ( قال: أخبرنا معمر) بميمين مفتوحتين بينهما عين ساكنة، والظاهر أن ابن المبارك كان يحدث به تارة عن يونس وتارة عن معمر ( عن الزهري) محمد بن مسلم ( قال: حدثني) بالإفراد ( سالم عن) أبيه ( ابن عمر نحوه) .

وقد أخرجه الترمذي عن أبي كريب عن ابن المبارك عن معمر ولفظه: كان ينكر الاشتراط ويقول: أليس حسبكم سنة نبيكم.
وأخرجه الإسماعيلي من وجه آخر عن عبد الرزاق بتمامه، وكذا أخرجه النسائي.

وأما إنكار ابن عمر الاشتراط فثابت في رواية يونس أيضًا إلا أنه حذف في رواية البخاري هذه فأخرجه البيهقي من طريق السراج عن أبي كريب عن ابن المبارك عن يونس.

وقرأت في كتاب معرفة السنن والآثار له ما لفظه قال أحمد: ابن شهاب إنما يرويه في رواية يونس بن يزيد عنه عن سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه أنه كان ينكر الاشتراط في الحج، ولو بلغه حديث رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في ضباعة بنت الزبير لم ينكره اهـ.

وحديث ضباعة أخرجه الشافعي عن ابن عيينة عن هشام بن عروة عن أبيه أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مرّ بضباعة بنت الزبير فقال: "أما تريدين الحج" فقالت: إني شاكية فقال لها: "حجي واشترطى أن محلي حيث حبستني" وأخرجه البخاري في النكاح.
وقول الأصيلي فيما حكاه عياض عنه لا يثبت في الاشتراط إسناد صحيح، تعقبه النووي بأن الذي قاله غلط فاحش لأن الحديث مشهور صحيح من طرق متعددة وهذا مذهب الشافعية، وقيس بالحج العمرة فإذا شرطه بلا هدي لم يلزمه هدي عملاً بشرطه، وكذا لو أطلق لعدم الشرط ولظاهر حديث ضباعة فالتحلل فيهما يكون بالنية فقط فإن شرطه بهدي لزمه عملاً بشرطه، ولو قال: إن مرضت فأنا حلال فمرض صار حلالاً بالمرض من غير نيّة، وعليه حملوا حديث من كسر أو عرج فقد حلّ وعليه الحج من قابل رواه أبو داود وغيره بإسناد صحيح، وأن شرط قلب الحج عمرة بالمرض أو نحوه جاز كما لو شرط التحلل به بل أولى، ولقول عمر لأبي أمية سويد بن غفلة: حج واشترط وقل اللهم الحج أردت وله عمدت فإن تيسر وإلا فعمرة رواه البيهقي بإسناد حسن، ولقول عائشة لعروة هل تستثني إذا حججت فقال: ماذا أقول؟ قالت: قل اللهم الحج أَردت وله عمدت فإن يسرته فهو الحج وإن حبسني حابس فهو عمرة رواه الشافعي والبيهقي بإسناد صحيح على شرط الشيخين فله في ذلك إذا وجد العذر أن يقلب حجه عمرة وتجزئه عن عمرة الإسلام ولو شرط أن يقلب حجه عمرة عند العذر فوجد العذر انقلب حجه عمرة وأجزأته عن عمرة الإسلام كما صرح به البلقيني بخلاف عمرة التحلل في الإحصار لا تجزئ عن عمرة الإسلام لأنها في الحقيقة ليمست عمرة وإنما هي أعمال عمرة.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( بابُُ الإحْصَارِ فِي الحَجِّ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان حكم الْإِحْصَار فِي الْحَج.
قيل: أَشَارَ البُخَارِيّ إِلَى أَن الْإِحْصَار فِي عهد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، إِنَّمَا وَقع فِي الْعمرَة، فقاس الْعلمَاء الْحَج على ذَلِك، وَهُوَ من الْإِلْحَاق بِنَفْي الْفَارِق، وَهُوَ من أقوى الأقيسة.
قلت: لما بَين فِي الْبابُُ السَّابِق الْإِحْصَار فِي الْعمرَة، بَين عَقِيبه الْإِحْصَار فِي الْحَج، وَذكر فِي كل مِنْهُمَا حَدِيثا، فَلَا حَاجَة إِلَى إِثْبَات حكم الْإِحْصَار فِي الْحَج بِالْقِيَاسِ.



[ قــ :1729 ... غــ :1810 ]
- حدَّثنا أحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ قَالَ أخبرنَا عَبْدُ الله قَالَ أخبرنَا يُونُسُ عنِ الزُّهْرِيَّ قَالَ أخبرَنِي سَالِمٌ قَالَ كانَ ابنُ عُمَرَ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا يَقُولُ ألَيْسَ حَسْبُكُمْ سُنَّةَ رسُولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إنْ حُبِسَ أحَدُكُمْ عنِ الحَجِّ طافَ بِالْبَيْتِ وبِالصَّفَا والمَرْوَةِ ثُمَّ حَلَّ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى يَحُجَّ عَاما قابِلاً فَيُهْدِي أوْ يَصُومَ إنْ لَمْ يَجِدْ هَدْيا..
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: ( إِن حبس أحدكُم عَن الْحَج) ، وَالْحَبْس عَن الْحَج هُوَ الْإِحْصَار فِيهِ، وَأحمد بن مُحَمَّد بن مُوسَى أَبُو الْعَبَّاس، يُقَال لَهُ: مرْدَوَيْه السمسار الْمروزِي، وَهُوَ من أَفْرَاد البُخَارِيّ، وَعبد الله هُوَ ابْن الْمُبَارك الْمروزِي، وَيُونُس هُوَ ابْن يزِيد، وَالزهْرِيّ مُحَمَّد بن مُسلم، وَسَالم بن عبد الله بن عمر بن الْخطاب.

والْحَدِيث أخرجه النَّسَائِيّ عَن أَحْمد عَن عَمْرو ابْن السَّرْح والْحَارث بن مِسْكين كِلَاهُمَا عَن ابْن وهب قَوْله: ( أَلَيْسَ حسبكم سنة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم؟) أَي: أَلَيْسَ يكفيكم سنة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم؟ لِأَن معنى الْحسب الْكِفَايَة، وَمِنْه: حَسبنَا الله أَي: كافينا، وحسبكم مَرْفُوع لِأَنَّهُ إسم: لَيْسَ، وسنَّة رَسُول الله كَلَام إضافي مَنْصُوب على أَنه خبر: لَيْسَ،.

     وَقَالَ  عِيَاض: ضَبطنَا سنة بِالنّصب على الإختصاص أَو على إِضْمَار فعل، أَي: تمسكوا، وَشبهه..
     وَقَالَ  السُّهيْلي: من نصب سنة فَهُوَ بإضمار الْأَمر كَأَنَّهُ قَالَ: إلزموا سنة نَبِيكُم..
     وَقَالَ  بَعضهم: خبر: حسبكم، فِي قَوْله: ( طَاف بِالْبَيْتِ) .
قلت: لَيْسَ كَذَلِك، بل خبر لَيْسَ على وَجه نصب سنة على قَول عِيَاض والسهيلي.
قَوْله: ( طَاف بِالْبَيْتِ) وَهُوَ أَيْضا سد مسد جَوَاب الشَّرْط..
     وَقَالَ  الْكرْمَانِي: فَإِن قلت: إِذا كَانَ محصرا فَكيف يطوف بِالْبَيْتِ؟ قلت: المُرَاد من قَوْله: ( ان حبس) الْحَبْس عَن الْوُقُوف بِعَرَفَة قلت: لَا حَاجَة إِلَى هَذَا التَّقْدِير، لِأَن معنى: ( طَاف بِالْبَيْتِ) أَي: إِذا أمكنه ذَلِك، وَيدل عَلَيْهِ مَا رَوَاهُ عبد الرَّزَّاق: ( إِن حبس أحدا مِنْكُم حَابِس عَن الْبَيْت فَإِذا وصل إِلَيْهِ طَاف بِهِ) .
قَوْله: ( وبالصفا والمروة) ، أَي: طَاف بهما، أَي: سعى بَين الصَّفَا والمروة.
قَوْله: ( فيهدي) أَي: يذبح شَاة، إِذْ التَّحَلُّل لَا يحصل إلاَّ بنية التَّحَلُّل وَالذّبْح وَالْحلق، وَإِن لم يجد الْهَدْي يَصُوم بدله بِعَدَد أَمْدَاد الطَّعَام الَّذِي يحصل من قِيمَته.
قلت: هَكَذَا ذكره الْكرْمَانِي، وَهُوَ مَذْهَب الشَّافِعِي وَمن تَابعه، فَإِن عِنْده حكم الْمَكِّيّ والغريب سَوَاء فِي الْإِحْصَار، فيطوف وَيسْعَى وَيحل وَلَا عمْرَة عَلَيْهِ على ظَاهر حَدِيث ابْن عمر، وأوجبها مَالك على الْمحصر الْمَكِّيّ وعَلى من أنشأ من مَكَّة، وَعند أبي حنيفَة: لَا يكون محصرا من بلغ مَكَّة، لِأَن الْمحصر عِنْده من منع الْوُصُول إِلَى مَكَّة وحيل بَينه وَبَين الطّواف وَالسَّعْي، فيفعل مَا فعل الشَّارِع من الْإِحْلَال من مَوْضِعه، وَأما من بلغَهَا فَحكمه عِنْده كمن فَاتَهُ الْحَج: يحل بِعُمْرَة وَعَلِيهِ الْحَج من قَابل، وَلَا هدي عَلَيْهِ لِأَن الْهَدْي لجبر مَا أدخلهُ على نَفسه، وَمن حبس عَن الْحَج فَلم يدْخل على نَفسه نقصا..
     وَقَالَ  الزُّهْرِيّ: إِذا أحْصر الْمَكِّيّ فَلَا بُد لَهُ من الْوُقُوف بِعَرَفَة، وَإِن تعسر بعشي.
وَفِي حَدِيث ابْن عمر رد عَلَيْهِ لِأَن الْمحصر لَو وقف بِعَرَفَة لم يكن محصرا، ألاَ يرى قَول ابْن عمر: طَاف بِالْبَيْتِ وَبَين الصَّفَا والمروة، وَلم يذكر الْوُقُوف بِعَرَفَة.

وَعَن عَبْدِ الله قَالَ أخبرَنَا مَعْمَرٌ عنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ حدَّثني سالِمٌ عنِ ابنِ عُمَرَ نَحْوَهُ
عبد الله هُوَ ابْن الْمُبَارك، وَأَشَارَ بِهِ إِلَى أَن عبد الله بن الْمُبَارك حدث بِهِ تَارَة عَن يُونُس عَن الزُّهْرِيّ، وَتارَة عَن معمر عَنهُ.
فَإِن قلت: قَوْله: وَعَن عبد الله، مَعْطُوف على: مَاذَا؟ قلت: قيل: إِنَّه مَعْطُوف على الْإِسْنَاد الأول، وَلَيْسَ هُوَ بمعلق كَمَا ادَّعَاهُ بَعضهم.
قلت: كَأَنَّهُ أَرَادَ بِالْبَعْضِ الْمُحب الطَّبَرِيّ، وَقد أخرج التِّرْمِذِيّ، فَقَالَ: حَدثنَا أَحْمد بن منيع حَدثنَا عبد الله بن الْمُبَارك أَخْبرنِي معمر عَن الزُّهْرِيّ عَن سَالم عَن أَبِيه أَنه كَانَ يُنكر الِاشْتِرَاط فِي الْحَج، وَيَقُول: أَلَيْسَ حسبكم سنة نَبِيكُم صلى الله عَلَيْهِ وَسلم؟ قلت: يُرِيد بِهِ عدم الِاشْتِرَاط كَمَا هُوَ مُبين عِنْد النَّسَائِيّ من رِوَايَة معمر عَن الزُّهْرِيّ عَن سَالم عَن أَبِيه أَنه كَانَ يُنكر الِاشْتِرَاط فِي الْحَج، وَيَقُول: أما حسبكم سنة نَبِيكُم أَنه لم يشْتَرط؟ وَهَكَذَا رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ من هَذَا الْوَجْه بِلَفْظ: ( أما حسبكم سنة نَبِيكُم صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه لم يشْتَرط؟) فَإِن قلت: روى مُسلم من رِوَايَة رَبَاح بن أبي مَعْرُوف عَن عَطاء بن أبي رَبَاح عَن ابْن عَبَّاس ( أَن النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، قَالَ لضباعة: حجي واشترطي أَن محلي حَيْثُ حبستني) .
وَرَوَاهُ الْأَرْبَعَة أَيْضا، فَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد عَن أَحْمد بن حَنْبَل عَن عباد بن الْعَوام، وَأخرجه النَّسَائِيّ من رِوَايَة ثَبت بن يزِيد الْأَحول عَن هِلَال بن خبابُ، وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيّ عَن زِيَاد بن أَيُّوب الْبَغْدَادِيّ: حَدثنَا عباد بن الْعَوام عَن هِلَال بن خبابُ عَن عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس: ( أَن ضباعة بنت الزبير أَتَت النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَقَالَت: يَا رَسُول الله! إِنِّي أُرِيد الْحَج أفأشترط؟ قَالَ: نعم.
قَالَت: كَيفَ أَقُول؟ قَالَ: قولي لبيْك اللَّهُمَّ لبيْك محلي من الأَرْض حَيْثُ تحبسني)
.
وَأخرجه أَيْضا مُسلم وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه من رِوَايَة ابْن جريج عَن أبي الزبير عَن طَاوُوس وَعِكْرِمَة كِلَاهُمَا ( عَن ابْن عَبَّاس: أَن ضباعة بنت الزبير بن عبد الْمطلب أَتَت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَت إِنِّي امْرَأَة ثَقيلَة، فَإِنِّي أُرِيد الْحَج فَمَا تَأْمُرنِي؟ قَالَ: أَهلِي واشترطي أَن محلي حَيْثُ حبستني) ، وَلما رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ قَالَ: وَفِي الْبابُُ عَن جَابر وَأَسْمَاء بنت أبي بكر وَعَائِشَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم.
قلت: أما حَدِيث جَابر فَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ من رِوَايَة هِشَام الدستوَائي عَن جَابر أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لضباعة بنت الزبير: ( حجي واشترطي أَن محلي حَيْثُ حبستني) .
وَأما حَدِيث أَسمَاء فَرَوَاهُ ابْن مَاجَه على الشَّك من رِوَايَة عُثْمَان بن حَكِيم عَن أبي بكر بن عبد الله بن الزبير عَن جدته، قَالَ: لَا أَدْرِي أَسمَاء بنت أبي بكر أَو سعدى بنت عَوْف، ( أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دخل على ضباعة بنت عبد الْمطلب فَقَالَ: مَا يمنعك يَا عمتاه من الْحَج؟ فَقَالَت: أَنا امْرَأَة سقيمة، وَأَنا أَخَاف الْحَبْس { قَالَ: فأحرمي واشترطي أَن محلك حَيْثُ حبست) .
وَهَكَذَا أخرجه أَحْمد فِي ( مُسْنده) وَالطَّبَرَانِيّ عَن جدته لم يسمهَا.
وَأما حَدِيث عَائِشَة فمتفق عَلَيْهِ على مَا يَجِيء إِن شَاءَ الله تَعَالَى.

وَحَدِيث ضباعة لَهُ طرق: مِنْهَا: مَا رَوَاهُ ابْن خُزَيْمَة من طَرِيق الْبَيْهَقِيّ من رِوَايَة يحيى بن سعيد عَن سعيد بن الْمسيب ( عَن ضباعة بنت الزبير، قَالَت: قلت: يَا رَسُول الله} إِنِّي أُرِيد الْحَج فَكيف أهل بِالْحَجِّ؟ قَالَ: قولي: أللهم إِنِّي أهل بِالْحَجِّ إِن أَذِنت لي بِهِ، وأعنتني عَلَيْهِ، ويسرته لي، وَإِن حبستني فعمرة، وَإِن حبستني عَنْهُمَا فمحلي حَيْثُ حبستني)
، وضباعة بنت الزبير بن عبد الْمطلب، وَهِي ابْنة عَم النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَوَقع عِنْد ابْن مَاجَه: ضباعة بنت عبد الْمطلب، وَذَلِكَ نِسْبَة إِلَى جدها، وَوَقع فِي ( الْوَسِيط) للغزالي عِنْد ذكر هَذَا الحَدِيث: أَنَّهَا ضباعة الأسْلَمِيَّة، وَهُوَ غلط، وَإِنَّمَا هِيَ هاشمية.

وَقد ضعف بعض لمالكية أَحَادِيث الِاشْتِرَاط فِي الْحَج، فَحكى القَاضِي عِيَاض عَن الْأصيلِيّ قَالَ: لَا يثبت عِنْدِي فِي الِاشْتِرَاط إِسْنَاد صَحِيح، قَالَ: قَالَ النَّسَائِيّ: لَا أعلم سَنَده عَن الزُّهْرِيّ غير معمر،.

     وَقَالَ  شَيخنَا زين الدّين، رَحمَه الله: وَمَا قَالَه الْأصيلِيّ غلط فَاحش، فقد ثَبت وَصَحَّ من حَدِيث عَائِشَة وَابْن عَبَّاس وَغَيرهمَا على مَا مر.

وَاخْتلفُوا فِي مَشْرُوعِيَّة الِاشْتِرَاط، فَقيل: وَاجِب لظَاهِر الْأَمر، وَهُوَ قَول الظَّاهِرِيَّة.
وَقيل: مُسْتَحبّ وَهُوَ قَول أَحْمد، وَغلط من حكى الْإِنْكَار عَنهُ.
وَقيل: جَائِز، وَهُوَ الْمَشْهُور عِنْد الشَّافِعِيَّة، وَقطع بِهِ الشَّيْخ أَبُو حَامِد.
وَلما روى التِّرْمِذِيّ حَدِيث ضباعة بنت الزبير، قَالَ: وَالْعَمَل على هَذَا عِنْد بعض أهل الْعلم، يرَوْنَ الِاشْتِرَاط فِي الْحَج، وَيَقُولُونَ: إِن اشْترط لغَرَض لَهُ كَمَرَض أَو عذر فَلهُ أَن يحل وَيخرج من إِحْرَامه، وَهُوَ قَول الشَّافِعِي وَأحمد وَإِسْحَاق.
وَقيل: هُوَ قَول جُمْهُور الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ وَمن بعدهمْ قَالَ بِهِ عمر بن الْخطاب وَعلي بن أبي طَالب وَعبد الله بن مَسْعُود وعمار بن يَاسر وَعَائِشَة وَأم سَلمَة وَجَمَاعَة من التَّابِعين، وَذهب بعض التَّابِعين وَمَالك وَأَبُو حنيفَة إِلَى أَنه: لَا يَصح الِاشْتِرَاط، وحملوا الحَدِيث على أَنه قَضِيَّة عين، وَأَن ذَلِك مَخْصُوص بضباعة..
     وَقَالَ  التِّرْمِذِيّ: وَلم يَرَ بعض أهل الْعلم الِاشْتِرَاط فِي الْحَج.
وَقَالُوا: إِن اشْترط فَلَيْسَ لَهُ أَن يخرج من إِحْرَامه فيرونه كمن لم يشْتَرط.
قلت: حكى الْخطابِيّ ثمَّ الرَّوْيَانِيّ من الشَّافِعِيَّة الْخُصُوص بضباعة، وَحكى إِمَام الْحَرَمَيْنِ أَن مَعْنَاهُ: محلي حَيْثُ حَبَسَنِي الْمَوْت، أَي: إِذا أدركتني الْوَفَاة انْقَطع إحرامي..
     وَقَالَ  النَّوَوِيّ: إِنَّه ظَاهر الْفساد وَلم يبين وَجهه.
وَالله أعلم.