1758 وحَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ ، حَدَّثَنَا لَيْثٌ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ يَسَارٍ ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ ، يَقُولُ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَا تَصَدَّقَ أَحَدٌ بِصَدَقَةٍ مِنْ طَيِّبٍ ، وَلَا يَقْبَلُ اللَّهُ إِلَّا الطَّيِّبَ ، إِلَّا أَخَذَهَا الرَّحْمَنُ بِيَمِينِهِ ، وَإِنْ كَانَتْ تَمْرَةً ، فَتَرْبُو فِي كَفِّ الرَّحْمَنِ حَتَّى تَكُونَ أَعْظَمَ مِنَ الْجَبَلِ ، كَمَا يُرَبِّي أَحَدُكُمْ فَلُوَّهُ أَوْ فَصِيلَهُ |
1758 وحدثنا قتيبة بن سعيد ، حدثنا ليث ، عن سعيد بن أبي سعيد ، عن سعيد بن يسار ، أنه سمع أبا هريرة ، يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما تصدق أحد بصدقة من طيب ، ولا يقبل الله إلا الطيب ، إلا أخذها الرحمن بيمينه ، وإن كانت تمرة ، فتربو في كف الرحمن حتى تكون أعظم من الجبل ، كما يربي أحدكم فلوه أو فصيله |
شرح الحديث من شرح النووى على مسلم
باب قَبُولِ الصَّدَقَةِ مِنْ الْكَسْبِ الطَّيِّبِ وَتَرْبِيَتِهَا
[ سـ :1758 ... بـ :1014]
وَحَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا لَيْثٌ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ يَسَارٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا تَصَدَّقَ أَحَدٌ بِصَدَقَةٍ مِنْ طَيِّبٍ وَلَا يَقْبَلُ اللَّهُ إِلَّا الطَّيِّبَ إِلَّا أَخَذَهَا الرَّحْمَنُ بِيَمِينِهِ وَإِنْ كَانَتْ تَمْرَةً فَتَرْبُو فِي كَفِّ الرَّحْمَنِ حَتَّى تَكُونَ أَعْظَمَ مِنْ الْجَبَلِ كَمَا يُرَبِّي أَحَدُكُمْ فَلُوَّهُ أَوْ فَصِيلَهُ
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( وَلَا يَقْبَلُ اللَّهُ إِلَّا الطَّيِّبَ ) الْمُرَادُ بِالطَّيِّبِ هُنَا الْحَلَالُ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِلَّا أَخَذَهَا الرَّحْمَنُ بِيَمِينِهِ وَإِنْ كَانَتْ تَمْرَةً فَتَرْبُو فِي كَفِّ الرَّحْمَنِ حَتَّى تَكُونَ أَعْظَمَ مِنَ الْجَبَلِ ) قَالَ الْمَازِرِيُّ : قَدْ ذَكَرْنَا اسْتِحَالَةَ الْجَارِحَةِ عَلَى اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ، وَأَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ وَشِبْهَهُ إِنَّمَا عَبَّرَ بِهِ عَلَى مَا اعْتَادُوا فِي خِطَابِهِمْ لِيَفْهَمُوا ، فَكَنَّى هُنَا عَنْ قَبُولِ الصَّدَقَةِ بِأَخْذِهَا فِي الْكَفِّ ، وَعَنْ تَضْعِيفِ أَجْرِهَا بِالتَّرْبِيَةِ ، فَقَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ : لَمَّا كَانَ الشَّيْءُ الَّذِي يُرْتَضَى وَيُعَزُّ يُتَلَقَّى بِالْيَمِينِ وَيُؤْخَذُ بِهَا اسْتُعْمِلَ فِي مِثْلِ هَذَا ، وَاسْتُعِيرَ لِلْقَبُولِ وَالرِّضَا كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ :
إِذَا مَا رَايَةٌ رُفِعَتْ لِمَجْدٍ تَلَقَّاهَا عَرَابَةُ بِالْيَمِينِ .
قَالَ : وَقِيلَ عَبَّرَ بِالْيَمِينِ هُنَا عَنْ جِهَةِ الْقَبُولِ وَالرِّضَا إِذِ الشِّمَالُ بِضِدِّهِ فِي هَذَا .
قَالَ : وَقِيلَ الْمُرَادُ بِكَفِّ الرَّحْمَنِ هُنَا وَيَمِينِهِ كَفُّ الَّذِي تُدْفَعُ إِلَيْهِ الصَّدَقَةُ ، وَإِضَافَتُهَا إِلَى اللَّهِ تَعَالَى إِضَافَةُ مِلْكٍ وَاخْتِصَاصٍ لِوَضْعِ هَذِهِ الصَّدَقَةِ فِيهَا لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ .
قَالَ : وَقَدْ قِيلَ فِي تَرْبِيَتِهَا وَتَعْظِيمِهَا حَتَّى تَكُونَ أَعْظَمَ مِنَ الْجَبَلِ ، أَنَّ الْمُرَادَ بِذَلِكَ تَعْظِيمُ أَجْرِهَا وَتَضْعِيفُ ثَوَابِهَا .
قَالَ : وَيَصِحُّ أَنْ يَكُونَ عَلَى ظَاهِرِهِ وَأَنْ تَعْظُمَ ذَاتُهَا وَيُبَارِكَ اللَّهُ تَعَالَى فِيهَا وَيَزِيدَهَا مِنْ فَضْلِهِ حَتَّى تَثْقُلَ فِي الْمِيزَانِ ، وَهَذَا الْحَدِيثُ نَحْوُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى : يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ .
وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( كَمَا يُرَبِّي أَحَدُكُمْ فَلُوَّهُ أَوْ فَصِيلَهُ ) قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ : ( الْفَلُوُّ ) الْمُهْرُ سُمِّيَ بِذَلِكَ ؛ لِأَنَّهُ فُلِّيَ عَنْ أُمِّهِ ، أَيْ : فُصِلَ وَعُزِلَ .
وَالْفَصِيلُ : وَلَدُ النَّاقَةِ إِذَا فُصِلَ مِنْ إِرْضَاعِ أُمِّهِ ، فَعِيلٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٌ ، كَجَرِيحٍ ، وَقَتِيلٍ : بِمَعْنَى مَجْرُوحٍ وَمَقْتُولٍ .
وَفِي ( الْفَلُوِّ ) لُغَتَانِ فَصَيْحَتَانِ أَفْصَحُهُمَا وَأَشْهَرُهُمَا : فَتْحُ الْفَاءِ وَضَمُّ اللَّامِ وَتَشْدِيدُ الْوَاوِ ، وَالثَّانِيَةُ : كَسْرُ الْفَاءِ وَإِسْكَانُ اللَّامِ وَتَخْفِيفُ اللَّامِ .