هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
1781 حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ ، حَدَّثَنَا ثَابِتُ بْنُ يَزِيدَ ، حَدَّثَنَا عَاصِمٌ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَحْوَلُ ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : المَدِينَةُ حَرَمٌ مِنْ كَذَا إِلَى كَذَا ، لاَ يُقْطَعُ شَجَرُهَا ، وَلاَ يُحْدَثُ فِيهَا حَدَثٌ ، مَنْ أَحْدَثَ حَدَثًا فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالمَلاَئِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
1781 حدثنا أبو النعمان ، حدثنا ثابت بن يزيد ، حدثنا عاصم أبو عبد الرحمن الأحول ، عن أنس رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : المدينة حرم من كذا إلى كذا ، لا يقطع شجرها ، ولا يحدث فيها حدث ، من أحدث حدثا فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

Narrated Anas:

The Prophet (ﷺ) said, Medina is a sanctuary from that place to that. Its trees should not be cut and no heresy should be innovated nor any sin should be committed in it, and whoever innovates in it an heresy or commits sins (bad deeds), then he will incur the curse of Allah, the angels, and all the people. (See Hadith No. 409, Vol 9).

D'après 'Anas (), le Prophète () dit: «Madina est un sanctuaire de tel à tel [endroit]. On ne doit pas couper ses arbres, ni y innover d'hérésie... Celui qui y innove une hérésie aura contre lui la malédiction d'Allah, celle des anges et celle de tous les hommes.»

":"ہم سے ابوالنعمان نے بیان کیا ، ان سے ثابت بن یزید نے بیان کیا ، ان سے ابوعبدالرحمٰن احول عاصم نے بیان کیا ، اور ان سے انس رضی اللہ عنہ نے کہنبی کریم صلی اللہ علیہ وسلم نے فرمایا مدینہ حرم ہے فلاں جگہ سے فلاں جگہ تک ( یعنی جبل عیر سے ثور تک ) اس حد میں کوئی درخت نہ کاٹا جائے نہ کوئی بدعت کی جائے اور جس نے بھی یہاں کوئی بدعت نکالی اس پر اللہ تعالیٰ اور تمام ملائکہ اور انسانوں کی لعنت ہے ۔

D'après 'Anas (), le Prophète () dit: «Madina est un sanctuaire de tel à tel [endroit]. On ne doit pas couper ses arbres, ni y innover d'hérésie... Celui qui y innove une hérésie aura contre lui la malédiction d'Allah, celle des anges et celle de tous les hommes.»

شرح الحديث من عمدة القاري

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،    ( كتاب فَضَائِل الْمَدِينَة)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان فَضَائِل مَدِينَة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لِأَن الْمَدِينَة إِذا أطلقت يتَبَادَر إِلَى الْفَهم أَنَّهَا الْمَدِينَة الَّتِي هَاجر إِلَيْهَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَدفن بهَا، وَإِذا أُرِيد غَيرهَا فَلَا بُد من قيد للتمييز، وَذَلِكَ كالبيت إِذا أطلق يُرَاد بِهِ الْكَعْبَة، والنجم إِذا أطلق يُرَاد بِهِ الثريا، واشتقاقها من مَدَنَ بِالْمَكَانِ إِذا أَقَامَ بِهِ، وَهِي فِي مستوٍ من الأَرْض لَهَا نخيل كثير وَالْغَالِب على أرْضهَا السباخ، وَعَلَيْهَا سور من لبن وَكَانَ اسْمهَا قبل ذَلِك: يثرب، قَالَ الله تَعَالَى: { وَإِذ قَالَت طَائِفَة مِنْهُم يَا أهل يثرب} ( الْأَحْزَاب: 31) .
ويثرب اسْم لموْضِع مِنْهَا سميت كلهَا بِهِ، وَقيل: سميت بِيَثْرِب بن قانية من ولد إرم بن سَام بن نوح، لِأَنَّهُ أول من نزلها، حَكَاهُ أَبُو عبيد الْبكْرِيّ،.

     وَقَالَ  هِشَام بن الْكَلْبِيّ: لما أهلك الله قوم عَاد تَفَرَّقت الْقَبَائِل، فَنزل قوم بِمَكَّة وَقوم بِالطَّائِف وَسَار يثرب بن هُذَيْل بن إرم وَقَومه فنزلوا مَوضِع الْمَدِينَة، فَاسْتَخْرَجُوا الْعُيُون وغرسوا النخيل وَأَقَامُوا زَمَانا فأفسدوا فأهلكهم الله تَعَالَى، ويبست النخيل وَغَارَتْ الْعُيُون حَتَّى مر بهَا تبع فبناها، وَاخْتلفُوا فِيهَا، فَمنهمْ من يَقُول: إِنَّهَا من بِلَاد الْيمن، وَمِنْهُم من يَقُول: إِنَّهَا من بِلَاد الشَّام، وَقيل: إِنَّهَا عراقية، وَبَينهَا وَبَين الْعرَاق أَرْبَعُونَ يَوْمًا، وَالأَصَح أَنَّهَا من بِلَاد الْيمن، وَذَلِكَ لِأَنَّهَا بناها تبع الْأَكْبَر حِين بشر بمبعث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَأخْبر أَنه إِنَّمَا يكون فِي مَدِينَة يثرب، وَكَانَت يثرب يَوْمئِذٍ صحراء فبناها لأجل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَكتب بذلك عهدا.
.

     وَقَالَ  ابْن إِسْحَاق: لما نزل تبع الْمَدِينَة نزل بوادي قناة وحفر فِيهِ بِئْرا فَهِيَ إِلَى الْيَوْم تدعى ببئر الْملك، وَذكر أَيْضا أَن الدَّار الَّتِي نزلها رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هِيَ الدَّار الَّتِي بناها تبع لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم،.

     وَقَالَ : وَمن يَوْم مَاتَ تبع إِلَى مولد نَبينَا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ألف سنة،.

     وَقَالَ  الثَّعْلَبِيّ بِإِسْنَادِهِ إِلَى سهل بن سعد، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، قَالَ: سَمِعت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: لَا تسبوا تبعا فَإِنَّهُ كَانَ قد أسلم، وَيُقَال: كَانَ سكان الْمَدِينَة العماليق، ثمَّ نزلها طَائِفَة من بني إِسْرَائِيل قيل: أرسلهم مُوسَى، عَلَيْهِ السَّلَام، كَمَا ذكره الزبير بن بكار، ثمَّ نزلها الْأَوْس والخزرج لما تفرق أهل سبأ بِسَبَب سيل العرم، والأوس والخزرج أَخَوان، وأمهما: قيلة بنت الأرقم بن عَمْرو بن جَفْنَة، وهما الْأَنْصَار، مِنْهُم الأوسيون وَمِنْهُم الخزرجيون، وَقد ذكرنَا أَن اسْم الْمَدِينَة كَانَ يثرب، فسماها النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: طيبَة وطابة، وَمن أسمائها: الْعَذْرَاء، وجابرة، ومجبورة، والمحبة، والمحبوبة، والقاصمة، قصمت الْجَبَابِرَة.
وَلم تزل عزيزة فِي الْجَاهِلِيَّة، وأعمها الله بمهاجرة رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فمنعت على الْمُلُوك من التبابعة وَغَيرهم.


( بابُُ حَرَمِ المَدِينَةِ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان فضل حرم الْمَدِينَة، وَفِي بعض النّسخ: بابُُ مَا جَاءَ فِي حرم الْمَدِينَة، وَهُوَ رِوَايَة أبي عَليّ الشبوي، وَلم يذكر فِي رِوَايَة الْأَكْثَرين إلاَّ بابُُ حرم الْمَدِينَة لَيْسَ إلاَّ، وَوَقع فِي رِوَايَة أبي ذَر: بابُُ فَضَائِل الْمَدِينَة، ثمَّ: بابُُ حرم الْمَدِينَة، وَالْحرم وَالْحرَام وَاحِد، كزمن وزمان، وَالْحرَام: الْمَمْنُوع مِنْهُ إِمَّا بتسخير إلاهي، إو بِمَنْع شَرْعِي.
أَو بِمَنْع من جِهَة الْعقل، أَو من جِهَة من يرتسم أمره، وَسمي الْحرم حرما لتَحْرِيم كثير فِيهِ مِمَّا لَيْسَ بِمحرم فِي غَيره من الْمَوَاضِع، وَمِنْه الشَّهْر الْحَرَام وَهُوَ مَأْخُوذ من الْحُرْمَة، وَهُوَ مَا لَا يحل انتهاكه.



[ قــ :1781 ... غــ :1867 ]
- حدَّثنا أبُو النُّعْمَانِ قَالَ حدَّثنا ثابِتُ بنُ يَزِيدَ قَالَ حَدثنَا عاصمٌ أبُو عَبدِ الرَّحْمانِ الأحْوَلُ عنْ أنَسٍ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ عنِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ المَدِينَةُ حَرَمٌ مِنْ كَذَا إلَى كَذَا لاَ يُقْطَعُ شَجَرُهَا ولاَ يُحْدَثُ فِيها حَدَثٌ مَنْ أحْدَثَ فِيهَا حَدثا فعَلَيْهِ لَعْنَةُ الله والمَلاَئِكَةِ والنَّاسِ أجْمَعِينَ.

مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: ( الْمَدِينَة حرم من كَذَا إِلَى كَذَا) .

ذكر رِجَاله: وهم أَرْبَعَة: الأول: أَبُو النُّعْمَان مُحَمَّد بن الْفضل السدُوسِي.
الثَّانِي: ثَابت، بالثاء الْمُثَلَّثَة فِي أَوله: ابْن يزِيد من الزِّيَادَة مر فِي: بابُُ ميمنة الْمَسْجِد.
الثَّالِث: عَاصِم بن سُلَيْمَان الْأَحول، أَبُو عبد الله، وَيُقَال: أَبُو عبد الرَّحْمَن، وَقد مر فِي: بابُُ الْأَذَان.
الرَّابِع: أنس بن مَالك، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.

ذكر لطائف إِسْنَاده: فِيهِ: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع.
وَفِيه: العنعنة فِي موضِعين.
وَفِيه: أَن رُوَاته كلهم بصريون.
وَفِيه: أَن ثَابتا يُقَال لَهُ الْأَحول، وَكَذَلِكَ عَاصِم بن سُلَيْمَان الْأَحول.
وَفِيه: عَن أنس وَفِي رِوَايَة عبد الْوَاحِد عَن عَاصِم: قلت لأنس، وَفِي الِاعْتِصَام: سَأَلت أنسا، وَكَذَلِكَ فِي رِوَايَة مُسلم.
وَفِيه: أَنه من الرباعيات.

والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الِاعْتِصَام عَن مُوسَى بن إِسْمَاعِيل عَن عبد الْوَاحِد بن زِيَاد، وَأخرجه مُسلم فِي الْمَنَاسِك عَن عَامر بن عمر وَعَن زُهَيْر بن حَرْب.

ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: ( الْمَدِينَة حرم) ، أَي: مُحرمَة لَا تنتهك حرمتهَا.
قَوْله: ( من كَذَا إِلَى كَذَا) ، هَكَذَا جَاءَ من غير بَيَان، وَسَيَأْتِي فِي هَذَا الْبابُُ عَن عَليّ: مَا بَين عائر إِلَى كَذَا، وَذكره فِي الْجِزْيَة وَغَيرهَا بِلَفْظ: عير وَهُوَ جبل بِالْمَدِينَةِ.
.

     وَقَالَ  ابْن الْمُنِير: قَوْله: من غير إِلَى كَذَا، سكت عَن النِّهَايَة، وَقد جَاءَ فِي طَرِيق آخر: ( مَا بَين عير إِلَى ثَوْر) .
.

     وَقَالَ : وَالظَّاهِر أَن البُخَارِيّ أسقطها عمدا لِأَن أهل الْمَدِينَة يُنكرُونَ أَن يكون بهَا جبل يُسمى ثورا، وَإِنَّمَا ثَوْر بِمَكَّة، فَلَمَّا تحقق عِنْد البُخَارِيّ أَنه وهم أسْقطه، وَذكر بَقِيَّة الحَدِيث، وَهُوَ مُقَيّد يَعْنِي بقوله: ( من عير إِلَى كَذَا) ، إِذْ الْبدَاءَة يتَعَلَّق بهَا حكم فَلَا يتْرك لإشكال سنح فِي حكم النِّهَايَة.
انْتهى.
وَقد أنكر مُصعب الزُّهْرِيّ وَغَيره هَاتين الْكَلِمَتَيْنِ أَعنِي: عيرًا وثورا، وَقَالُوا: لَيْسَ بِالْمَدِينَةِ عير وَلَا ثَوْر،.

     وَقَالَ  مُصعب: عير بِمَكَّة، وَمِنْهُم من ترك مَكَانَهُ بَيَاضًا إِذا اعتقدوا الْخَطَأ فِي ذكره،.

     وَقَالَ  أَبُو عبيد: كَانَ الحَدِيث: من غير إِلَى أحد.
قلت: اتّفقت رِوَايَات البُخَارِيّ كلهَا على إِبْهَام الثَّانِي، وَوَقع عِنْد مُسلم: إِلَى ثَوْر،.

     وَقَالَ  أَبُو عبيد.
قَوْله: ( مَا بَين عير إِلَى ثَوْر) ، هَذِه رِوَايَة أهل الْعرَاق، وَأما أهل الْمَدِينَة فَلَا يعْرفُونَ جبلا عِنْدهم يُقَال لَهُ ثَوْر، وَإِنَّمَا ثَوْر بِمَكَّة، ونرى أَن أصل الحَدِيث: مَا بَين عير إِلَى أحد، وَقد وَقع ذَلِك فِي حَدِيث عبد الله بن سَلام عِنْد أَحْمد وَالطَّبَرَانِيّ،.

     وَقَالَ  عِيَاض: لَا معنى لإنكار عير بِالْمَدِينَةِ، فَإِنَّهُ مَعْرُوف.
وَفِي ( الْمُحكم) و ( المثلث) : عير إسم جبل بِقرب الْمَدِينَة مَعْرُوف،.

     وَقَالَ  الْمُحب الطَّبَرِيّ فِي ( الْأَحْكَام) .
بعد حِكَايَة كَلَام أبي عبيد وَمن تبعه: قد أَخْبرنِي الثِّقَة الْعَالم أَبُو مُحَمَّد عبد السَّلَام الْبَصْرِيّ أَن حذاء أحد عَن يسَاره جانحا إِلَى وَرَائه جبل صَغِير يُقَال لَهُ ثَوْر، وَأخْبر أَنه تكَرر سُؤَاله عَنهُ لطوائف من الْعَرَب العارفين بِتِلْكَ الأَرْض وَمَا فِيهَا من الْجبَال، فَكل أخبر أَن ذَلِك الْجَبَل اسْمه ثَوْر، وتواردوا على ذَلِك، قَالَ: فَعلمنَا أَن ذكر ثَوْر فِي الحَدِيث صَحِيح، وَأَن عدم علم أكَابِر الْعلمَاء بِهِ لعدم شهرته وَعدم بحثهم عَنهُ، وَذكر الشَّيْخ قطب الدّين الْحلَبِي، رَحمَه الله، فِي ( شَرحه) : حكى لنا شَيخنَا الإِمَام أَبُو مُحَمَّد عبد السَّلَام بن مزروع الْبَصْرِيّ، أَنه خرج رَسُولا إِلَى الْعرَاق، فَلَمَّا رَجَعَ إِلَى الْمَدِينَة كَانَ مَعَه دَلِيل فَكَانَ يذكر لَهُ الْأَمَاكِن وَالْجِبَال، قَالَ: فَلَمَّا وصلنا إِلَى أحد إِذا بِقُرْبِهِ جبيل صَغِير، فَسَأَلته عَنهُ، فَقَالَ: هَذَا يُسمى ثورا.
قَالَ: فَعلمت صِحَة الرِّوَايَة،.

     وَقَالَ  ابْن قدامَة: يحْتَمل أَن يكون مُرَاد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مِقْدَار مَا بَين عير وثور، لَا أَنَّهُمَا بعينهما فِي الْمَدِينَة، أَو سمى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الجبلين اللَّذين نظر فِي الْمَدِينَة عيرًا وثورا تحوزا وارتجالاً.
قلت: العير، بِفَتْح الْعين الْمُهْملَة وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف.
وثور، بِفَتْح الثَّاء الْمُثَلَّثَة وَسُكُون الْوَاو، ويروى مَا بَين: عائر إِلَى كَذَا، بِأَلف بعد الْعين.
قَوْله: ( لَا يقطع شَجَرهَا) ، وَفِي رِوَايَة يزِيد بن هَارُون: ( لَا يخْتَلى خَلاهَا) ، وَفِي حَدِيث جَابر عِنْد مُسلم: ( لَا يقطع عضاهها وَلَا يصاد صيدها) .
قَوْله: ( وَلَا يحدث) بِلَفْظ الْمَعْلُوم والمجهول: أَي: لَا يعْمل فِيهَا عمل مُخَالف للْكتاب وَالسّنة، وَزَاد شُعْبَة فِيهِ عَن عَاصِم عِنْد أبي عوَانَة: ( أَو آوى مُحدثا) .
وَهَذِه الزِّيَادَة صَحِيحَة إلاَّ أَن عَاصِمًا لم يسْمعهَا من أنس.
قَوْله: ( حَدثا) هُوَ الْأَمر الْحَادِث الْمُنكر الَّذِي لَيْسَ بمعتاد وَلَا مَعْرُوف فِي السّنة، والمحدث يرْوى بِكَسْر الدَّال وَفتحهَا على الْفَاعِل وَالْمَفْعُول، فَمَعْنَى الْكسر من: نصر جانيا وآوه وَأَجَارَهُ من خَصمه وَحَال بَينه وَبَين أَن يقْتَصّ مِنْهُ، وَالْفَتْح هُوَ الْأَمر المبتدع نَفسه.
قَوْله: ( فَعَلَيهِ لعنة الله.
.
)
إِلَى آخِره، هَذَا وَعِيد شَدِيد لمن ارْتكب هَذَا، قَالُوا: المُرَاد باللعن هُنَا الْعَذَاب الَّذِي يسْتَحقّهُ على ذَنبه والطرد عَن الْجنَّة، لِأَن اللَّعْن فِي اللُّغَة هُوَ الطّرق والإبعاد، وَلَيْسَ هِيَ كلعنة الْكفَّار الَّذين يبعدون من رَحْمَة الله تَعَالَى كل الإبعاد.

ذكر مَا يُسْتَفَاد مِنْهُ: احْتج بِهَذَا الحَدِيث مُحَمَّد بن أبي ذِئْب وَالزهْرِيّ وَالشَّافِعِيّ وَمَالك وَأحمد وَإِسْحَاق، وَقَالُوا: الْمَدِينَة لَهَا حرم فَلَا يجوز قطع شَجَرهَا وَلَا أَخذ صيدها، وَلكنه لَا يجب الْجَزَاء فِيهِ عِنْدهم، خلافًا لِابْنِ أبي ذِئْب، فَإِنَّهُ قَالَ: يجب الْجَزَاء، وَكَذَلِكَ لَا يحل سلب من يفعل ذَلِك عِنْدهم إلاَّ الشَّافِعِي،.

     وَقَالَ  فِي الْقَدِيم: من اصطاد فِي الْمَدِينَة صيدا أَخذ سلب، ويروي فِيهِ أثرا عَن سعيد،.

     وَقَالَ  فِي الْجَدِيد بِخِلَافِهِ،.

     وَقَالَ  ابْن نَافِع: سُئِلَ مَالك عَن قطع سدر الْمَدِينَة وَمَا جَاءَ فِيهِ من النَّهْي؟ فَقَالَ: إِنَّمَا نهى عَن قطع سدر الْمَدِينَة لِئَلَّا توحش وليبقى فِيهَا شَجَرهَا ويستأنس بذلك ويستظل بِهِ من هَاجر إِلَيْهَا.
.

     وَقَالَ  ابْن حزم: من احتطب فِي حرم الْمَدِينَة فحلال سلبه كل مَا مَعَه فِي حَاله تِلْكَ، وتجريده إلاَّ مَا يستر عَوْرَته فَقَط، لما روى مُسلم: حَدثنَا إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم وَعبد بن حميد جَمِيعًا عَن الْعَقدي قَالَ عبد: أخبرنَا عبد الْملك بن عمر،.

     وَقَالَ : حَدثنَا عبد الله بن جَعْفَر عَن إِسْمَاعِيل بن مُحَمَّد عَن عَامر بن سعد أَن سَعْدا ركب إِلَى قصره بالعقيق، فَوجدَ عبدا يقطع شَجرا ويخبطه، فسلبه، فَلَمَّا رَجَعَ سعد جَاءَهُ أهل العَبْد فكلموه أَن يرد على غلامهم أَو عَلَيْهِم مَا أَخذ من غلامهم، فَقَالَ: معَاذ الله أَن أرد شَيْئا نفلنيه رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وأبى أَن يردهُ عَلَيْهِم،.

     وَقَالَ  الثَّوْريّ وَعبد الله بن الْمُبَارك وَأَبُو حنيفَة وَأَبُو يُوسُف وَمُحَمّد: لَيْسَ للمدينة حرم كَمَا كَانَ لمَكَّة، فَلَا يمْنَع أحد من أَخذ صيدها وَقطع شَجَرهَا، وَأَجَابُوا عَن الحَدِيث الْمَذْكُور بِأَنَّهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِنَّمَا قَالَ ذَلِك لَا لِأَنَّهُ لما ذَكرُوهُ من تَحْرِيم صيد الْمَدِينَة وشجرها، بل إِنَّمَا أَرَادَ بذلك بَقَاء زِينَة الْمَدِينَة ليستطيبوها ويألفوها، كَمَا ذكرنَا عَن قريب عَن ابْن نَافِع: سُئِلَ مَالك عَن قطع سدر الْمَدِينَة إِلَى آخِره، وَذَلِكَ كمنعه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من هدم آطام الْمَدِينَة.
.

     وَقَالَ : إِنَّهَا زِينَة الْمَدِينَة على مَا رَوَاهُ الطَّحَاوِيّ، عَن عَليّ بن عبد الرَّحْمَن، قَالَ: حَدثنَا يحيى بن معِين، قَالَ: حَدثنَا وهب بن جرير عَن الْعمريّ عَن نَافِع عَن ابْن عمر، قَالَ: ( نهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن آطام الْمَدِينَة أَن تهدم) .
وَفِي رِوَايَة: ( لَا تهدموا الْآطَام فَإِنَّهَا زِينَة الْمَدِينَة) .
وَهَذَا إِسْنَاد صَحِيح، وَرَوَاهُ الْبَزَّار فِي ( مُسْنده) والآطام جمع أَطَم، بِضَم الْهمزَة والطاء، وَهُوَ بِنَاء مُرْتَفع، وَأَرَادَ بآطام الْمَدِينَة أبنيتها المرتفعة كالحصون، ثمَّ ذكر الطَّحَاوِيّ دَلِيلا على ذَلِك من حَدِيث حميد الطَّوِيل عَن أنس، قَالَ: ( كَانَ لآل أبي طَلْحَة ابْن من أم سليم يُقَال لَهُ: أَبُو عُمَيْر، وَكَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يضاحكه إِذا دخل، وَكَانَ لَهُ نغير، فَدخل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَرَأى أَبَا عُمَيْر حَزينًا فَقَالَ: مَا شَأْن أبي عُمَيْر؟ فَقيل: يَا رَسُول الله { مَاتَ نغيره.
فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يَا أَبَا عُمَيْر}
مَا فعل النغير؟)
.
وَأخرجه من أَربع طرق.
وَأخرجه مُسلم أَيْضا: حَدثنَا شَيبَان بن فروخ، قَالَ: حَدثنَا عبد الْوَارِث عَن أبي التياح ( عَن أنس بن مَالك قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أحسن النَّاس خلقا، وَكَانَ لي أَخ يُقَال لَهُ أَبُو عُمَيْر، قَالَ: وَأَحْسبهُ قَالَ: فطيما، قَالَ: فَكَانَ إِذا جَاءَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَرَآهُ قَالَ: أَبَا عُمَيْر مَا فعل النغير؟ قَالَ: فَكَانَ يلْعَب بِهِ) .
وَأخرجه النَّسَائِيّ أَيْضا فِي الْيَوْم وَاللَّيْلَة، وَالْبَزَّار فِي ( مُسْنده) .
وَاسم أبي طَلْحَة زيد بن أبي سهل الْأنْصَارِيّ وَأم سليم بنت ملْحَان أم أنس بن مَالك، وَاسْمهَا سهلة أَو رميلة أَو مليكَة.
ونغير، بِضَم النُّون وَفتح الْغَيْن الْمُعْجَمَة وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وَفِي آخِره رَاء: مصغر نغر، وَهُوَ طَائِر يشبه العصفور أَحْمَر المنقار، وَيجمع على: نغران، قَالَ الطَّحَاوِيّ: فَهَذَا قد كَانَ بِالْمَدِينَةِ وَلَو كَانَ حكم صيدها كَحكم صيد مَكَّة إِذا لما أطلق لَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حبس النغير وَلَا اللّعب بِهِ كَمَا لَا يُطلق ذَلِك بِمَكَّة،.

     وَقَالَ  بَعضهم: احْتج الطَّحَاوِيّ بِحَدِيث أنس فِي قصَّة أبي عُمَيْر.
وَنقل عَنهُ مَا ذَكرْنَاهُ، ثمَّ قَالَ: وَأجِيب: بِاحْتِمَال أَن يكون من صيد الْحل، انْتهى.

قلت: لَا تقوم الْحجَّة بِالِاحْتِمَالِ الَّذِي لَا ينشأ عَن دَلِيل، واعترضوا أَيْضا بِأَنَّهُ يجوز أَن يكون من صيد الْحل ثمَّ أدخلهُ الْمَدِينَة، وردَّ بِأَن صيد الْحل إِذا أَدخل الْحرم يجب عَلَيْهِ إرْسَاله فَلَا يرد علينا، ثمَّ قَالَ الطَّحَاوِيّ، فَقَالَ قَائِل: فقد يجوز أَن يكون هَذَا الحَدِيث بقناة، وَذَلِكَ الْموضع غير مَوضِع الْحرم فَلَا حجَّة لكم فِي هَذَا الحَدِيث، فَنَظَرْنَا هَل نجد مِمَّا سوى هَذَا الحَدِيث مَا يدل على شَيْء من حكم صيد الْمَدِينَة؟ فَإِذا عبد الرَّحْمَن بن عَمْرو الدِّمَشْقِي وفهد قد حدثانا، قَالَا: حَدثنَا أَبُو نعيم، قَالَ: حَدثنَا يُونُس بن أبي إِسْحَاق ( عَن مُجَاهِد، قَالَ: قَالَت عَائِشَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا: كَانَ لآل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَحش فَإِذا خرج لعب وَاشْتَدَّ وَأَقْبل وَأدبر، فَإِذا أحس برَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قد دخل ربض فَلم يترمرم كَرَاهَة أَن يُؤْذِيه) .
فَهَذَا بِالْمَدِينَةِ فِي مَوضِع قد دخل فِيمَا حرم مِنْهَا، وَقد كَانُوا يؤوون فِيهِ الوحوش ويتخذونها ويغلقون دونهَا الْأَبْوَاب، وَقد دلّ هَذَا أَيْضا على أَن حكم الْمَدِينَة فِي ذَلِك بِخِلَاف حكم صلَة قلت: وَإِسْنَاده صَحِيح وَأخرجه أَحْمد أَيْضا فِي مُسْند والوحش أحد الوحوش وَهِي حَيَوَان الْبر.
قَوْله ( ربض) من الربوض وربوض الْغنم وَالْبَقر وَالْفرس وَالْكَلب كبروك الْجمل وحشوم الطير.
قَوْله: ( لم يترمرم) ، من ترمرم إِذا حرك فَاه للْكَلَام، وَهِي بالراءين الْمُهْمَلَتَيْنِ.

وروى الطَّحَاوِيّ أَيْضا من حَدِيث أبي سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن ( عَن سَلمَة بن الْأَكْوَع أَنه كَانَ يصيد وَيَأْتِي النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، من صَيْده فَأَبْطَأَ عَلَيْهِ ثمَّ جَاءَ، فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَا الَّذِي حَبسك؟ فَقَالَ: يَا رَسُول الله انْتَفَى عَنَّا الصَّيْد فصرنا نصيد مَا بَين تيت إِلَى قناة، فَقَالَ رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أما أَنَّك لَو كنت تصيد بالعقيق لشيَّعتُك، إِذا ذهبت.
وتلقَيْتُك إِذا جِئْت، فَإِنِّي أحب العقيق)
.
وَأخرجه من ثَلَاث طرق وَأخرجه من ثَلَاث طرق وَأخرجه الطَّبَرَانِيّ أَيْضا، ثمَّ قَالَ الطَّحَاوِيّ: فَفِي هَذَا الحَدِيث مَا يدل على إِبَاحَة صيد الْمَدِينَة، أَلا ترى أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قد دلّ سَلمَة وهوبها على مَوضِع الصَّيْد وَذَلِكَ لَا يحل بِمَكَّة، فَثَبت أَن حكم صيد الْمَدِينَة خلاف حكم صيد مَكَّة.
قَوْله: ( تيت) ، بِكَسْر التَّاء الْمُثَنَّاة من فَوق وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وَفِي آخِره تَاء مثناة أُخْرَى، وَيُقَال: تيَّت، على وزن سيد،.

     وَقَالَ  الصَّاغَانِي: هُوَ جبل قرب الْمَدِينَة على بريد مِنْهَا.

وَأما الْجَواب عَن حَدِيث سعد بن أبي وَقاص فِي أَمر السَّلب فَهُوَ أَنه كَانَ فِي وَقت مَا كَانَت الْعُقُوبَات الَّتِي تجب بِالْمَعَاصِي فِي الْأَمْوَال، فَمن ذَلِك مَا رُوِيَ عَن النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فِي الزَّكَاة أَنه قَالَ: من أَدَّاهَا طَائِعا لَهُ أجرهَا وَمن لَا، أخذناها مِنْهُ وَشطر مَاله، ثمَّ نسخ ذَلِك فِي وَقت نسخ الرِّبا،.

     وَقَالَ  ابْن بطال: حَدِيث سعد بن أبي وَقاص فِي السَّلب لم يَصح عِنْد مَالك، وَلَا رأى الْعَمَل عَلَيْهِ بِالْمَدِينَةِ.

وَمن فَوَائِد الحَدِيث مَا قَالَه القَاضِي عِيَاض فَإِنَّهُم استدلوا بقوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ( لعنة الله) ، على أَن ذَلِك من الْكَبَائِر، لِأَن اللَّعْنَة لَا تكون إلاَّ فِي كَبِيرَة.
وَفِيه: أَن الْمُحدث والمروي لَهُ فِي الْإِثْم سَوَاء.