هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
1789 حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ أَبِي زُهَيْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، أَنَّهُ قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، يَقُولُ : تُفْتَحُ اليَمَنُ ، فَيَأْتِي قَوْمٌ يُبِسُّونَ ، فَيَتَحَمَّلُونَ بِأَهْلِهِمْ وَمَنْ أَطَاعَهُمْ ، وَالمَدِينَةُ خَيْرٌ لَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ، وَتُفْتَحُ الشَّأْمُ ، فَيَأْتِي قَوْمٌ يُبِسُّونَ ، فَيَتَحَمَّلُونَ بِأَهْلِيهِمْ وَمَنْ أَطَاعَهُمْ ، وَالمَدِينَةُ خَيْرٌ لَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ، وَتُفْتَحُ العِرَاقُ ، فَيَأْتِي قَوْمٌ يُبِسُّونَ ، فَيَتَحَمَّلُونَ بِأَهْلِيهِمْ وَمَنْ أَطَاعَهُمْ ، وَالمَدِينَةُ خَيْرٌ لَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
1789 حدثنا عبد الله بن يوسف ، أخبرنا مالك ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عبد الله بن الزبير ، عن سفيان بن أبي زهير رضي الله عنه ، أنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يقول : تفتح اليمن ، فيأتي قوم يبسون ، فيتحملون بأهلهم ومن أطاعهم ، والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون ، وتفتح الشأم ، فيأتي قوم يبسون ، فيتحملون بأهليهم ومن أطاعهم ، والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون ، وتفتح العراق ، فيأتي قوم يبسون ، فيتحملون بأهليهم ومن أطاعهم ، والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

Narrated Sufyan b. Abu Zuhair:

I heard Allah's Messenger (ﷺ) saying, Yemen will be conquered and some people will migrate (from Medina) and will urge their families, and those who will obey them to migrate (to Yemen) although Medina will be better for them; if they but knew. Sham will also be conquered and some people will migrate (from Medina) and will urge their families and those who will obey them, to migrate (to Sham) although Medina will be better for them; if they but knew. 'Iraq will be conquered and some people will migrate (from Medina) and will urge their families and those who will obey them to migrate (to 'Iraq) although Medina will be better for them; if they but knew.

Suffyân ibn Abu Zuhayr () dit: «J'ai entendu le Messager d'Allah () dire: On conquerra le Yémen et des gens y viendront en hâte et y emmèneront leurs familles et ceux qui leur obéiront. Pourtant, Madina serait mieux pour eux, s'ils savaient... On conquerra la Syrie, et des gens y viendront en hâte et y emmèneront leurs familles et ceux qui leur obéiront. Pourtant, Madina serait mieux pour eux, s'il savaient... On conquerra l'Irak, et des gens y viendront en hâte et y emmèneront leurs familles et ceux qui leur obéiront. Pourtant, Madina serait mieux pour eux, s'ils savaient. »

":"ہم سے عبداللہ بن یوسف نے بیان کیا ، انہوں نے کہا ہمیں امام مالک نے خبر دی ، انہیں ہشام بن عروہ نے ، انہیں ان کے والد عروہ بن زبیر نے خبر دی ، انہیں عبداللہ بن زبیر رضی اللہ عنہمانے اور ان سے سفیان بن ابی زہیر رضی اللہ عنہ نے بیان کیا کہمیں نے رسول اللہ صلی اللہ علیہ وسلم سے سنا کہ آپ نے فرمایا کہ یمن فتح ہو گا تو لوگ اپنی سواریوں کو دوڑاتے ہوئے لائیں گے اور اپنے گھر والوں کو اور ان کو جو ان کی بات مان جائیں گے سوار کر کے مدینہ سے ( واپس یمن کو ) لے جائیں گے کاش ! انہیں معلوم ہوتا کہ مدینہ ہی ان کے لیے بہتر تھا اور عراق فتح ہو گا تو کچھ لوگ اپنی سواریوں کو تیز دوڑاتے ہوئے لائیں گے اور اپنے گھر والوں کو اور جو ان کی بات مانیں گے اپنے ساتھ ( عراق واپس ) لے جائیں گے کاش ! انہیں معلوم ہوتا کہ مدینہ ہی ان کے لیے بہتر تھا ۔

Suffyân ibn Abu Zuhayr () dit: «J'ai entendu le Messager d'Allah () dire: On conquerra le Yémen et des gens y viendront en hâte et y emmèneront leurs familles et ceux qui leur obéiront. Pourtant, Madina serait mieux pour eux, s'ils savaient... On conquerra la Syrie, et des gens y viendront en hâte et y emmèneront leurs familles et ceux qui leur obéiront. Pourtant, Madina serait mieux pour eux, s'il savaient... On conquerra l'Irak, et des gens y viendront en hâte et y emmèneront leurs familles et ceux qui leur obéiront. Pourtant, Madina serait mieux pour eux, s'ils savaient. »

شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [1875] .

     قَوْلُهُ  عَنْ سُفْيَانَ بْنِ أَبِي زُهَيْرٍ كَذَا للْأَكْثَر وَرَوَاهُحَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ كَذَلِكَ.

     وَقَالَ  فِي آخِرِهِ قَالَ عُرْوَةُ ثُمَّ لَقِيتُ سُفْيَانَ بْنَ أَبِي زُهَيْرٍ عِنْدَ مَوْتِهِ فَأَخْبَرَنِي بِهَذَا الْحَدِيثِ وَذَكَرَ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ أَنَّهُ اخْتُلِفَ فِيهِ عَلَى هِشَامٍ اخْتِلَافًا آخَرَ فَقَالَ وُهَيْبٌ وَجَمَاعَةٌ كَمَا قَالَ مَالِكٌ.

     وَقَالَ  بن عُيَيْنَةَ عَنْ هِشَامٍ بِسَنَدِهِ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ الْغَوْثِ.

     وَقَالَ  أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ هِشَامٍ بِسَنَدِهِ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الثَّقَفِيِّ.

.

قُلْتُ قَدْ رَوَاهُ الْحُمَيْدِيُّ عَنْ سُفْيَانَ عَلَى الصَّوَابِ وَرَوَاهُ أَبُو خَيْثَمَةَ عَنْ جَرِيرٍ فَقَالَ سُفْيَانُ بْنُ أَبِي قِلَابَةَ كَأَنَّهُ عَرَفَ خَطَأَ جَرِيرٍ فَكَنَّى عَنْهُ وَاسْمُ أَبِي زُهَيْرٍ الْقَرِدُ بِفَتْحِ الْقَافِ وَكَسْرِ الرَّاءِ بَعْدَهَا مُهْمَلَةٌ وَقِيلَ نُمَيْرٌ وَهُوَ الشَّنُوئِيُّ مِنْ أَزْدِ شَنُوءَةَ بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ وَضَمِّ النُّونِ وَبَعْدَ الْوَاوِ هَمْزَةٌ مَفْتُوحَةٌ وَفِي النَّسَبِ كَذَلِكَ وَقِيلَ بِفَتْحِ النُّونِ بَعْدَهَا هَمْزَةٌ مَكْسُورَةٌ بِلَا وَاوٍ وَشَنُوءَةُ هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ كَعْبِ بْنِ مَالِكِ بْنِ نَضْرِ بْنِ الْأَزْدِ وَسُمِّيَ شَنُوءَةَ لِشَنَآنٍ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قومه قَوْله تفتح الْيمن قَالَ بن عَبْدِ الْبَرِّ وَغَيْرُهُ افْتُتِحَتِ الْيَمَنُ فِي أَيَّامِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِي أَيَّامِ أَبِي بَكْرٍ وَافْتُتِحَتِ الشَّامُ بَعْدَهَا وَالْعِرَاقُ بَعْدَهَا وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ عَلَمٌ مِنْ أَعْلَامِ النُّبُوَّةِ فَقَدْ وَقَعَ عَلَى وَفْقِ مَا أَخْبَرَ بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَى تَرْتِيبِهِ وَوَقَعَ تَفَرُّقُ النَّاسِ فِي الْبِلَادِ لِمَا فِيهَا مِنَ السَّعَةِ وَالرَّخَاءِ وَلَوْ صَبَرُوا عَلَى الْإِقَامَةِ بِالْمَدِينَةِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ فَضْلُ الْمَدِينَةِ عَلَى الْبِلَادِ الْمَذْكُورَةِ وَهُوَ أَمْرٌ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ بَعْضَ الْبِقَاعِ أَفْضَلُ مِنْ بَعْضٍ وَلَمْ يَخْتَلِفِ الْعُلَمَاءُ فِي أَنَّ لِلْمَدِينَةِ فَضْلًا عَلَى غَيْرِهَا وَإِنَّمَا اخْتَلَفُوا فِي الْأَفْضَلِيَّةِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ مَكَّةَ .

     قَوْلُهُ  يَبُسُّونَ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَضَمِّ الْمُوَحَّدَةِ وَبِكَسْرِهَا مِنْ بس يبس قَالَ بن عَبْدِ الْبَرِّ فِي رِوَايَةِ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى بِكَسْر الْمُوَحدَة وَقيل أَن بن الْقَاسِمِ رَوَاهُ بِضَمِّهَا قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ مَعْنَاهُ يَسُوقُونَ دَوَابَّهُمْ وَالْبَسُّ سَوْقُ الْإِبِلِ تَقُولُ بِسْ بِسْ عِنْدَ السَّوْقِ وَإِرَادَةِ السُّرْعَةِ.

     وَقَالَ  الدَّاوُدِيُّ مَعْنَاهُ يزجرون دوابهم فيبسون مَا يطؤونه مِنَ الْأَرْضِ مِنْ شِدَّةِ السَّيْرِ فَيَصِيرُ غُبَارًا قَالَ تَعَالَى وبست الْجبَال بسا أَيْ سَالَتْ سَيْلًا وَقِيلَ مَعْنَاهُ سَارَتْ سَيْرًا.

     وَقَالَ  بن الْقَاسِمِ الْبَسُّ الْمُبَالَغَةُ فِي الْفَتِّ وَمِنْهُ قِيلَ لِلدَّقِيقِ الْمَصْنُوعِ بِالدُّهْنِ بَسِيسٌ وَأَنْكَرَ ذَلِكَ النَّوَوِيُّ.

     وَقَالَ  أَنه ضَعِيف أَو بَاطِل قَالَ بن عَبْدِ الْبَرِّ وَقِيلَ مَعْنَى يَبُسُّونَ يَسْأَلُونَ عَنِ الْبِلَادِ وَيَسْتَقْرِئُونَ أَخْبَارَهَا لِيَسِيرُوا إِلَيْهَا قَالَ وَهَذَا لَا يَكَادُ يَعْرِفُهُ أَهْلُ اللُّغَةِ وَقِيلَ مَعْنَاهُ يُزَيِّنُونَ لِأَهْلِهِمُ الْبِلَادَ الَّتِي تُفْتَحُ وَيَدْعُونَهُمْ إِلَى سُكْنَاهَا فَيَتَحَمَّلُونَ بِسَبَبِ ذَلِكَ مِنَ الْمَدِينَةِ رَاحِلِينَ إِلَيْهَا وَيَشْهَدُ لِهَذَا حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ عِنْدَ مُسْلِمٍ يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ يَدْعُو الرَّجُلُ بن عَمِّهِ وَقَرِيبَهُ هَلُمَّ إِلَى الرَّخَاءِ وَالْمَدِينَةُ خَيْرٌ لَهُملَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ وَعَلَى هَذَا فَالَّذِينَ يَتَحَمَّلُونَ غَيْرَ الَّذِينَ يَبُسُّونَ كَأَنَّ الَّذِي حَضَرَ الْفَتْحَ أَعْجَبَهُ حُسْنُ الْبَلَدِ وَرَخَاؤُهَا فَدَعَا قَرِيبَهُ إِلَى الْمَجِيءِ إِلَيْهَا لِذَلِكَ فَيَتَحَمَّلُ الْمَدْعُوُّ بِأَهْلِهِ وَأَتْبَاعِهِ قَالَ بن عَبْدِ الْبَرِّ وَرُوِيَ يُبِسُّونَ بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَكَسْرِ ثَانِيهِ مِنَ الرُّبَاعِيِّ مِنْ أَبَسَّ إِبْسَاسًا وَمَعْنَاهُ يُزَيِّنُونَ لِأَهْلِهِمُ الْبَلَدَ الَّتِي يَقْصِدُونَهَا وَأَصْلُ الْإِبْسَاسِ لِلَّتِي تُحْلَبُ حَتَّى تَدِرَّ بِاللَّبَنِ وَهُوَ أَنْ يُجْرِيَ يَدَهُ عَلَى وَجْهِهَا وَصَفْحَةِ عُنُقِهَا كَأَنَّهُ يُزَيِّنُ لَهَا ذَلِكَ وَيُحَسِّنُهُ لَهَا وَإِلَى هَذَا ذهب بن وهب وَكَذَا رَوَاهُ بن حَبِيبٍ عَنْ مُطَرِّفٍ عَنْ مَالِكٍ يُبِسُّونَ مِنَ الرُّبَاعِيِّ وَفَسَّرَهُ بِنَحْوِ مَا ذَكَرْنَا وَأَنْكَرَ الْأَوَّلَ غَايَةَ الْإِنْكَارِ.

     وَقَالَ  النَّوَوِيُّ الصَّوَابُ أَنَّ مَعْنَاهُ الْإِخْبَارُ عَمَّنْ خَرَجَ مِنَ الْمَدِينَةِ مُتَحَمِّلًا بِأَهْلِهِ بَاسًّا فِي سَيْرِهِ مُسْرِعًا إِلَى الرَّخَاءِ وَالْأَمْصَارِ المفتتحة قلت وَيُؤَيِّدهُ رِوَايَة بن خُزَيْمَةَ مِنْ طَرِيقِ أَبِي مُعَاوِيَةَ عَنْ هِشَامٍ عَنْ عُرْوَةَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ بِلَفْظِ تُفْتَحُ الشَّامُ فَيَخْرُجُ النَّاسُ مِنَ الْمَدِينَةِ إِلَيْهَا يُبِسُّونَ وَالْمَدِينَةُ خَيْرٌ لَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ وَيُوَضِّحُ ذَلِكَ مَا رَوَى أَحْمَدُ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لَيَأْتِيَنَّ عَلَى أَهْلِ الْمَدِينَةِ زَمَانٌ يَنْطَلِقُ النَّاسُ مِنْهَا إِلَى الْأَرْيَافِ يَلْتَمِسُونَ الرَّخَاءَ فَيَجِدُونَ رَخَاءً ثُمَّ يَأْتُونَ فَيَتَحَمَّلُونَ بِأَهْلِيهِمْ إِلَى الرَّخَاءِ وَالْمَدِينَةُ خَيْرٌ لَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ وَفِي إِسْنَاده بن لَهِيعَةَ وَلَا بَأْسَ بِهِ فِي الْمُتَابَعَاتِ وَهُوَ يُوَضِّحُ مَا قُلْنَاهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَرَوَى أَحْمَدُ فِي أَوَّلِ حَدِيثِ سُفْيَانَ هَذَا قِصَّةً أَخْرَجَهَا مِنْ طَرِيقِ بِشْرِ بْنِ سَعِيدٍ أَنَّهُ سَمِعَ فِي مَجْلِسِ اللَّيْثِيِّينَ يَذْكُرُونَ أَنَّ سُفْيَانَ بْنَ أَبِي زُهَيْرٍ أَخْبَرَهُمْ أَنَّ فَرَسَهُ أَعْيَتْ بِالْعَقِيقِ وَهُوَ فِي بَعْثٍ بَعَثَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَجَعَ إِلَيْهِ يَسْتَحْمِلُهُ فَخَرَجَ مَعَهُ يَبْتَغِي لَهُ بَعِيرًا فَلَمْ يَجِدْهُ إِلَّا عِنْدَ أَبِي جَهْمِ بْنِ حُذَيْفَةَ الْعَدَوِيِّ فَسَامَهُ لَهُ فَقَالَ لَهُ أَبُو جَهْمٍ لَا أَبِيعُكَهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَلَكِنْ خُذْهُ فَاحْمِلْ عَلَيْهِ مَنْ شِئْتَ ثُمَّ خَرَجَ حَتَّى إِذَا بَلَغَ بِئْرَ إِهَابٍ قَالَ يُوشِكُ الْبُنْيَانُ أَنْ يَأْتِيَ هَذَا الْمَكَانَ وَيُوشِكُ الشَّامُ أَنْ يُفْتَحَ فَيَأْتِيَهُ رِجَالٌ مِنْ أَهْلِ هَذَا الْبَلَدِ فَيُعْجِبَهُمْ رِيعُهُ وَرَخَاؤُهُ وَالْمَدِينَةُ خَيْرٌ لَهُمْ الْحَدِيثَ .

     قَوْلُهُ  لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ أَيْ بِفَضْلِهَا مِنَ الصَّلَاةِ فِي الْمَسْجِدِ النَّبَوِيِّ وَثَوَابِ الْإِقَامَةِ فِيهَا وَغَيْرِ ذَلِكَ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ لَوْ بِمَعْنَى لَيْتَ فَلَا يَحْتَاجُ إِلَى تَقْدِيرٍ وَعَلَى الْوَجْهَيْنِ فَفِيهِ تَجْهِيلٌ لِمَنْ فَارَقَهَا وَآثَرَ غَيْرَهَا قَالُوا وَالْمُرَادُ بِهِ الْخَارِجُونَ مِنَ الْمَدِينَةِ رَغْبَةً عَنْهَا كَارِهِينَ لَهَا.

.
وَأَمَّا مَنْ خَرَجَ لِحَاجَةٍ أَوْ تِجَارَةٍ أَوْ جِهَادٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ فَلَيْسَ بِدَاخِلٍ فِي مَعْنَى الْحَدِيثِ قَالَ الطِّيبِيُّ الَّذِي يَقْتَضِيهِ هَذَا الْمَقَامُ أَنْ يُنَزَّلَ مَا لَا يَعْلَمُونَ مَنْزِلَةَ اللَّازِمِ لِتَنْتَفِيَ عَنْهُمُ الْمَعْرِفَةُ بِالْكُلِّيَّةِ وَلَوْ ذَهَبَ مَعَ ذَلِكَ إِلَى التَّمَنِّي لَكَانَ أَبْلَغَ لِأَنَّ التَّمَنِّيَ طَلَبُ مَا لَا يُمْكِنُ حُصُولُهُ أَيْ لَيْتَهُمْ كَانُوا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ تَغْلِيظًا وَتَشْدِيدًا.

     وَقَالَ  الْبَيْضَاوِيُّ الْمَعْنَى أَنَّهُ يُفْتَحُ الْيَمَنُ فَيُعْجِبُ قَوْمًا بِلَادُهَا وَعَيْشُ أَهْلِهَا فَيَحْمِلُهُمْ ذَلِكَ عَلَى المهاجرة إِلَيْهَا بِأَنْفسِهِم واهليهم حَتَّى يَخْرُجُوا مِنَ الْمَدِينَةِ وَالْحَالُ أَنَّ الْإِقَامَةَ فِي الْمَدِينَةِ خَيْرٌ لَهُمْ لِأَنَّهَا حَرَمُ الرَّسُولِ وَجِوَارُهُ وَمَهْبِطُ الْوَحْيِ وَمَنْزِلُ الْبَرَكَاتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ مَا فِي الْإِقَامَةِ بِهَا مِنَ الْفَوَائِدِ الدِّينِيَّةِ بِالْعَوَائِدِ الْأُخْرَوِيَّةِ الَّتِي يُسْتَحْقَرُ دُونَهَا مَا يَجِدُونَهُ مِنَ الْحُظُوظِ الْفَانِيَةِ الْعَاجِلَةِ بِسَبَبِ الْإِقَامَةِ فِي غَيْرِهَا وَقَوَّاهُ الطِّيبِيُّ لِتَنْكِيرِ قَوْمٍ وَوَصْفِهِمْ بِكَوْنِهِمْ يَبُسُّونَ ثُمَّ تَوْكِيدِهِ بِقَوْلِهِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ لِأَنَّهُ يُشْعِرُ بِأَنَّهُمْ مِمَّنْ رَكَنَ إِلَى الْحُظُوظِ الْبَهِيمِيَّةِ وَالْحُطَامِ الْفَانِي وَأَعْرَضُوا عَنِ الْإِقَامَةِ فِي جِوَارِ الرَّسُولِ وَلِذَلِكَ كَرَّرَ قَوْمًا وَوَصَفَهُ فِي كل قرينَة بِقَوْلِهِ يَبُسُّونَ اسْتِحْضَارًا لِتِلْكَ الْهَيْئَةِ الْقَبِيحَةِ وَاللَّهُ أعلم ( قَولُهُ بَابُ الْإِيمَانِ يَأْرِزُ) بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَسُكُونِ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِ الرَّاءِ وَقَدْ تُضَمُّ بَعْدَهَا زَايٌ وَحكى بن التِّينِ عَنْ بَعْضِهِمْ فَتْحَ الرَّاءِ.

     وَقَالَ  إِنَّ الْكَسْرَ هُوَ الصَّوَابُ وَحَكَى أَبُو الْحَسَنِ بْنُ سِرَاجٍ ضَمَّ الرَّاءِ وَحَكَى الْقَابِسِيُّ الْفَتْحَ وَمَعْنَاهُ يَنْضَمُّ وَيَجْتَمِعُ

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [ قــ :1789 ... غــ :1875] .

     قَوْلُهُ  عَنْ سُفْيَانَ بْنِ أَبِي زُهَيْرٍ كَذَا للْأَكْثَر وَرَوَاهُ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ كَذَلِكَ.

     وَقَالَ  فِي آخِرِهِ قَالَ عُرْوَةُ ثُمَّ لَقِيتُ سُفْيَانَ بْنَ أَبِي زُهَيْرٍ عِنْدَ مَوْتِهِ فَأَخْبَرَنِي بِهَذَا الْحَدِيثِ وَذَكَرَ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ أَنَّهُ اخْتُلِفَ فِيهِ عَلَى هِشَامٍ اخْتِلَافًا آخَرَ فَقَالَ وُهَيْبٌ وَجَمَاعَةٌ كَمَا قَالَ مَالِكٌ.

     وَقَالَ  بن عُيَيْنَةَ عَنْ هِشَامٍ بِسَنَدِهِ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ الْغَوْثِ.

     وَقَالَ  أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ هِشَامٍ بِسَنَدِهِ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الثَّقَفِيِّ.

.

قُلْتُ قَدْ رَوَاهُ الْحُمَيْدِيُّ عَنْ سُفْيَانَ عَلَى الصَّوَابِ وَرَوَاهُ أَبُو خَيْثَمَةَ عَنْ جَرِيرٍ فَقَالَ سُفْيَانُ بْنُ أَبِي قِلَابَةَ كَأَنَّهُ عَرَفَ خَطَأَ جَرِيرٍ فَكَنَّى عَنْهُ وَاسْمُ أَبِي زُهَيْرٍ الْقَرِدُ بِفَتْحِ الْقَافِ وَكَسْرِ الرَّاءِ بَعْدَهَا مُهْمَلَةٌ وَقِيلَ نُمَيْرٌ وَهُوَ الشَّنُوئِيُّ مِنْ أَزْدِ شَنُوءَةَ بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ وَضَمِّ النُّونِ وَبَعْدَ الْوَاوِ هَمْزَةٌ مَفْتُوحَةٌ وَفِي النَّسَبِ كَذَلِكَ وَقِيلَ بِفَتْحِ النُّونِ بَعْدَهَا هَمْزَةٌ مَكْسُورَةٌ بِلَا وَاوٍ وَشَنُوءَةُ هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ كَعْبِ بْنِ مَالِكِ بْنِ نَضْرِ بْنِ الْأَزْدِ وَسُمِّيَ شَنُوءَةَ لِشَنَآنٍ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قومه قَوْله تفتح الْيمن قَالَ بن عَبْدِ الْبَرِّ وَغَيْرُهُ افْتُتِحَتِ الْيَمَنُ فِي أَيَّامِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِي أَيَّامِ أَبِي بَكْرٍ وَافْتُتِحَتِ الشَّامُ بَعْدَهَا وَالْعِرَاقُ بَعْدَهَا وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ عَلَمٌ مِنْ أَعْلَامِ النُّبُوَّةِ فَقَدْ وَقَعَ عَلَى وَفْقِ مَا أَخْبَرَ بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَى تَرْتِيبِهِ وَوَقَعَ تَفَرُّقُ النَّاسِ فِي الْبِلَادِ لِمَا فِيهَا مِنَ السَّعَةِ وَالرَّخَاءِ وَلَوْ صَبَرُوا عَلَى الْإِقَامَةِ بِالْمَدِينَةِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ فَضْلُ الْمَدِينَةِ عَلَى الْبِلَادِ الْمَذْكُورَةِ وَهُوَ أَمْرٌ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ بَعْضَ الْبِقَاعِ أَفْضَلُ مِنْ بَعْضٍ وَلَمْ يَخْتَلِفِ الْعُلَمَاءُ فِي أَنَّ لِلْمَدِينَةِ فَضْلًا عَلَى غَيْرِهَا وَإِنَّمَا اخْتَلَفُوا فِي الْأَفْضَلِيَّةِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ مَكَّةَ .

     قَوْلُهُ  يَبُسُّونَ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَضَمِّ الْمُوَحَّدَةِ وَبِكَسْرِهَا مِنْ بس يبس قَالَ بن عَبْدِ الْبَرِّ فِي رِوَايَةِ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى بِكَسْر الْمُوَحدَة وَقيل أَن بن الْقَاسِمِ رَوَاهُ بِضَمِّهَا قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ مَعْنَاهُ يَسُوقُونَ دَوَابَّهُمْ وَالْبَسُّ سَوْقُ الْإِبِلِ تَقُولُ بِسْ بِسْ عِنْدَ السَّوْقِ وَإِرَادَةِ السُّرْعَةِ.

     وَقَالَ  الدَّاوُدِيُّ مَعْنَاهُ يزجرون دوابهم فيبسون مَا يطؤونه مِنَ الْأَرْضِ مِنْ شِدَّةِ السَّيْرِ فَيَصِيرُ غُبَارًا قَالَ تَعَالَى وبست الْجبَال بسا أَيْ سَالَتْ سَيْلًا وَقِيلَ مَعْنَاهُ سَارَتْ سَيْرًا.

     وَقَالَ  بن الْقَاسِمِ الْبَسُّ الْمُبَالَغَةُ فِي الْفَتِّ وَمِنْهُ قِيلَ لِلدَّقِيقِ الْمَصْنُوعِ بِالدُّهْنِ بَسِيسٌ وَأَنْكَرَ ذَلِكَ النَّوَوِيُّ.

     وَقَالَ  أَنه ضَعِيف أَو بَاطِل قَالَ بن عَبْدِ الْبَرِّ وَقِيلَ مَعْنَى يَبُسُّونَ يَسْأَلُونَ عَنِ الْبِلَادِ وَيَسْتَقْرِئُونَ أَخْبَارَهَا لِيَسِيرُوا إِلَيْهَا قَالَ وَهَذَا لَا يَكَادُ يَعْرِفُهُ أَهْلُ اللُّغَةِ وَقِيلَ مَعْنَاهُ يُزَيِّنُونَ لِأَهْلِهِمُ الْبِلَادَ الَّتِي تُفْتَحُ وَيَدْعُونَهُمْ إِلَى سُكْنَاهَا فَيَتَحَمَّلُونَ بِسَبَبِ ذَلِكَ مِنَ الْمَدِينَةِ رَاحِلِينَ إِلَيْهَا وَيَشْهَدُ لِهَذَا حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ عِنْدَ مُسْلِمٍ يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ يَدْعُو الرَّجُلُ بن عَمِّهِ وَقَرِيبَهُ هَلُمَّ إِلَى الرَّخَاءِ وَالْمَدِينَةُ خَيْرٌ لَهُم لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ وَعَلَى هَذَا فَالَّذِينَ يَتَحَمَّلُونَ غَيْرَ الَّذِينَ يَبُسُّونَ كَأَنَّ الَّذِي حَضَرَ الْفَتْحَ أَعْجَبَهُ حُسْنُ الْبَلَدِ وَرَخَاؤُهَا فَدَعَا قَرِيبَهُ إِلَى الْمَجِيءِ إِلَيْهَا لِذَلِكَ فَيَتَحَمَّلُ الْمَدْعُوُّ بِأَهْلِهِ وَأَتْبَاعِهِ قَالَ بن عَبْدِ الْبَرِّ وَرُوِيَ يُبِسُّونَ بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَكَسْرِ ثَانِيهِ مِنَ الرُّبَاعِيِّ مِنْ أَبَسَّ إِبْسَاسًا وَمَعْنَاهُ يُزَيِّنُونَ لِأَهْلِهِمُ الْبَلَدَ الَّتِي يَقْصِدُونَهَا وَأَصْلُ الْإِبْسَاسِ لِلَّتِي تُحْلَبُ حَتَّى تَدِرَّ بِاللَّبَنِ وَهُوَ أَنْ يُجْرِيَ يَدَهُ عَلَى وَجْهِهَا وَصَفْحَةِ عُنُقِهَا كَأَنَّهُ يُزَيِّنُ لَهَا ذَلِكَ وَيُحَسِّنُهُ لَهَا وَإِلَى هَذَا ذهب بن وهب وَكَذَا رَوَاهُ بن حَبِيبٍ عَنْ مُطَرِّفٍ عَنْ مَالِكٍ يُبِسُّونَ مِنَ الرُّبَاعِيِّ وَفَسَّرَهُ بِنَحْوِ مَا ذَكَرْنَا وَأَنْكَرَ الْأَوَّلَ غَايَةَ الْإِنْكَارِ.

     وَقَالَ  النَّوَوِيُّ الصَّوَابُ أَنَّ مَعْنَاهُ الْإِخْبَارُ عَمَّنْ خَرَجَ مِنَ الْمَدِينَةِ مُتَحَمِّلًا بِأَهْلِهِ بَاسًّا فِي سَيْرِهِ مُسْرِعًا إِلَى الرَّخَاءِ وَالْأَمْصَارِ المفتتحة قلت وَيُؤَيِّدهُ رِوَايَة بن خُزَيْمَةَ مِنْ طَرِيقِ أَبِي مُعَاوِيَةَ عَنْ هِشَامٍ عَنْ عُرْوَةَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ بِلَفْظِ تُفْتَحُ الشَّامُ فَيَخْرُجُ النَّاسُ مِنَ الْمَدِينَةِ إِلَيْهَا يُبِسُّونَ وَالْمَدِينَةُ خَيْرٌ لَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ وَيُوَضِّحُ ذَلِكَ مَا رَوَى أَحْمَدُ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لَيَأْتِيَنَّ عَلَى أَهْلِ الْمَدِينَةِ زَمَانٌ يَنْطَلِقُ النَّاسُ مِنْهَا إِلَى الْأَرْيَافِ يَلْتَمِسُونَ الرَّخَاءَ فَيَجِدُونَ رَخَاءً ثُمَّ يَأْتُونَ فَيَتَحَمَّلُونَ بِأَهْلِيهِمْ إِلَى الرَّخَاءِ وَالْمَدِينَةُ خَيْرٌ لَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ وَفِي إِسْنَاده بن لَهِيعَةَ وَلَا بَأْسَ بِهِ فِي الْمُتَابَعَاتِ وَهُوَ يُوَضِّحُ مَا قُلْنَاهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَرَوَى أَحْمَدُ فِي أَوَّلِ حَدِيثِ سُفْيَانَ هَذَا قِصَّةً أَخْرَجَهَا مِنْ طَرِيقِ بِشْرِ بْنِ سَعِيدٍ أَنَّهُ سَمِعَ فِي مَجْلِسِ اللَّيْثِيِّينَ يَذْكُرُونَ أَنَّ سُفْيَانَ بْنَ أَبِي زُهَيْرٍ أَخْبَرَهُمْ أَنَّ فَرَسَهُ أَعْيَتْ بِالْعَقِيقِ وَهُوَ فِي بَعْثٍ بَعَثَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَجَعَ إِلَيْهِ يَسْتَحْمِلُهُ فَخَرَجَ مَعَهُ يَبْتَغِي لَهُ بَعِيرًا فَلَمْ يَجِدْهُ إِلَّا عِنْدَ أَبِي جَهْمِ بْنِ حُذَيْفَةَ الْعَدَوِيِّ فَسَامَهُ لَهُ فَقَالَ لَهُ أَبُو جَهْمٍ لَا أَبِيعُكَهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَلَكِنْ خُذْهُ فَاحْمِلْ عَلَيْهِ مَنْ شِئْتَ ثُمَّ خَرَجَ حَتَّى إِذَا بَلَغَ بِئْرَ إِهَابٍ قَالَ يُوشِكُ الْبُنْيَانُ أَنْ يَأْتِيَ هَذَا الْمَكَانَ وَيُوشِكُ الشَّامُ أَنْ يُفْتَحَ فَيَأْتِيَهُ رِجَالٌ مِنْ أَهْلِ هَذَا الْبَلَدِ فَيُعْجِبَهُمْ رِيعُهُ وَرَخَاؤُهُ وَالْمَدِينَةُ خَيْرٌ لَهُمْ الْحَدِيثَ .

     قَوْلُهُ  لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ أَيْ بِفَضْلِهَا مِنَ الصَّلَاةِ فِي الْمَسْجِدِ النَّبَوِيِّ وَثَوَابِ الْإِقَامَةِ فِيهَا وَغَيْرِ ذَلِكَ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ لَوْ بِمَعْنَى لَيْتَ فَلَا يَحْتَاجُ إِلَى تَقْدِيرٍ وَعَلَى الْوَجْهَيْنِ فَفِيهِ تَجْهِيلٌ لِمَنْ فَارَقَهَا وَآثَرَ غَيْرَهَا قَالُوا وَالْمُرَادُ بِهِ الْخَارِجُونَ مِنَ الْمَدِينَةِ رَغْبَةً عَنْهَا كَارِهِينَ لَهَا.

.
وَأَمَّا مَنْ خَرَجَ لِحَاجَةٍ أَوْ تِجَارَةٍ أَوْ جِهَادٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ فَلَيْسَ بِدَاخِلٍ فِي مَعْنَى الْحَدِيثِ قَالَ الطِّيبِيُّ الَّذِي يَقْتَضِيهِ هَذَا الْمَقَامُ أَنْ يُنَزَّلَ مَا لَا يَعْلَمُونَ مَنْزِلَةَ اللَّازِمِ لِتَنْتَفِيَ عَنْهُمُ الْمَعْرِفَةُ بِالْكُلِّيَّةِ وَلَوْ ذَهَبَ مَعَ ذَلِكَ إِلَى التَّمَنِّي لَكَانَ أَبْلَغَ لِأَنَّ التَّمَنِّيَ طَلَبُ مَا لَا يُمْكِنُ حُصُولُهُ أَيْ لَيْتَهُمْ كَانُوا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ تَغْلِيظًا وَتَشْدِيدًا.

     وَقَالَ  الْبَيْضَاوِيُّ الْمَعْنَى أَنَّهُ يُفْتَحُ الْيَمَنُ فَيُعْجِبُ قَوْمًا بِلَادُهَا وَعَيْشُ أَهْلِهَا فَيَحْمِلُهُمْ ذَلِكَ عَلَى المهاجرة إِلَيْهَا بِأَنْفسِهِم واهليهم حَتَّى يَخْرُجُوا مِنَ الْمَدِينَةِ وَالْحَالُ أَنَّ الْإِقَامَةَ فِي الْمَدِينَةِ خَيْرٌ لَهُمْ لِأَنَّهَا حَرَمُ الرَّسُولِ وَجِوَارُهُ وَمَهْبِطُ الْوَحْيِ وَمَنْزِلُ الْبَرَكَاتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ مَا فِي الْإِقَامَةِ بِهَا مِنَ الْفَوَائِدِ الدِّينِيَّةِ بِالْعَوَائِدِ الْأُخْرَوِيَّةِ الَّتِي يُسْتَحْقَرُ دُونَهَا مَا يَجِدُونَهُ مِنَ الْحُظُوظِ الْفَانِيَةِ الْعَاجِلَةِ بِسَبَبِ الْإِقَامَةِ فِي غَيْرِهَا وَقَوَّاهُ الطِّيبِيُّ لِتَنْكِيرِ قَوْمٍ وَوَصْفِهِمْ بِكَوْنِهِمْ يَبُسُّونَ ثُمَّ تَوْكِيدِهِ بِقَوْلِهِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ لِأَنَّهُ يُشْعِرُ بِأَنَّهُمْ مِمَّنْ رَكَنَ إِلَى الْحُظُوظِ الْبَهِيمِيَّةِ وَالْحُطَامِ الْفَانِي وَأَعْرَضُوا عَنِ الْإِقَامَةِ فِي جِوَارِ الرَّسُولِ وَلِذَلِكَ كَرَّرَ قَوْمًا وَوَصَفَهُ فِي كل قرينَة بِقَوْلِهِ يَبُسُّونَ اسْتِحْضَارًا لِتِلْكَ الْهَيْئَةِ الْقَبِيحَةِ وَاللَّهُ أعلم

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
[ قــ :1789 ... غــ : 1875 ]
- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ أَبِي زُهَيْرٍ -رضي الله عنه- أَنَّهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "تُفْتَحُ الْيَمَنُ، فَيَأْتِي قَوْمٌ يُبِسُّونَ، فَيَتَحَمَّلُونَ بِأَهْلِيهِمْ وَمَنْ أَطَاعَهُمْ، وَالْمَدِينَةُ خَيْرٌ لَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ.
وَتُفْتَحُ الشَّأْمُ، فَيَأْتِي قَوْمٌ يُبِسُّونَ، فَيَتَحَمَّلُونَ بِأَهْلِيهِمْ وَمَنْ أَطَاعَهُمْ، وَالْمَدِينَةُ خَيْرٌ لَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ.
وَتُفْتَحُ الْعِرَاقُ، فَيَأْتِي قَوْمٌ يُبِسُّونَ، فَيَتَحَمَّلُونَ بِأَهْلِيهِمْ وَمَنْ أَطَاعَهُمْ، وَالْمَدِينَةُ خَيْرٌ لَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ".

وبه قال: ( حدّثنا عبد الله بن يوسف) التنيسي قال: ( أخبرنا مالك) الإمام ( عن هشام بن عروة عن أبيه) عروة بن الزبير ( عن) أخيه ( عبد الله بن الزبير) بن العوام ( عن سفيان بن أبي زهير) بضم الزاي وفتح الهاء مصغرًا الأزدي من أزد شنوأة بفتح المعجمة وضم النون وبعد الواو همزة النمري ويلقب بابن القرد بفتح القاف وكسر الراء وبعدها دال مهملة صحابي يعدّ في أهل المدينة ( -رضي الله عنه- أنه قال: سمعت رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقول) :
( تفتح اليمن) بضم الفوقية وسكون الفاء وفتح الفوقية مبنيًا للمفعول واليمن رفع نائب فاعل وسمي اليمن لأنه عن يمين القبلة أو عن يمين الشمس أو بيمن بن قحطان ( فيأتي قوم) من الذين حضروا فتحها وأعجبهم حسنها ورخاؤها ( يبسون) بفتح المثناة التحتية وكسر الموحدة وتشديد المهملة ثلاثيًا.
وعن ابن القاسم بضم الموحدة فهو من باب ضرب يضرب، ومن باب نصر ينصر وبضم التحتية مع كسر الموحدة أيضًا من الثلاثي المزيد أي يسوقون دوابهم إلى المدينة سوقًا لينًا ( فيتحملون) ، منها أي المدينة ( بأهليهم ومن أطاعهم) من الناس راحلين إلى اليمن ( والمدينة خير لهم) منها لأنها حرم الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وجواره مهبط الوحي ومنول البركات ( لو كانوا يعلمون) بما فيها من الفضانل كالصلاة في مسجدها وثواب الإقامة فيها وغير ذلك من الفوائد الدنيوية والأخروية التي يستحقر دونها ما يجدونه من الحظوظ الفانية العاجلة بسبب الإقامة في غيرها ما ارتحلوا منها.


وفي حديث أبي هريرة عند مسلم: يأتي على الناس زمان يدعو الرجل ابن عمه وقريبه هلم إلى الرخاء والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون، وظاهره أن الذين يتحملون غير الذين يبسون فكأن الذي حضر الفتح أعجبه حُسن اليمن ورخاؤه فدعا قريبه إلى المجيء إليه، فيحتمل المدعوّ بأهله وأتباعه، لكن صوّب النووي أن في حديث الباب الإخبار عمن خرج من المدينة متحملاً بأهله بأسًا في سيره مسرعًا إلى الرخاء والأمصار المفتتحة.

وفي رواية ابن خزيمة من طريق أبي معاوية عن هشام بن عروة في هذا الحديث ما يؤيده ولفظه: تفتح الشام فيخرج الناس إليها يبسون والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون.

ويوضح ذلك حديث جابر عند البزار مرفوعًا: ليأتين على أهل المدينة زمان ينطلق الناس منها إلى الأرياف يلتمسون الرخاء فيجدون رخاء ثم يتحملون بأهليهم إلى الرخاء والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون.

وقال المنذري: رجاله رجال الصحيح، والأرياف جمع ريف بكسر الراء وهو ما قارب المياه في أرض العرب، وقيل: هو الأرض التي فيها الزرع والخصب، وقيل غير ذلك.

( وتفتح الشام) بضم أوّله مبنيًّا لما لم يسم فاعله وسمي بالشام لأنه عن شمال الكعبة ( فيأتي قوم يبسون) بفتح أوله وضمه وكسر الموحدة وضمها ( فيتحملون) من المدينة ( بأهليهم ومن أطاعهم) من الناس راحلين إلى الشام ( والمدينة خير لهم) منها لما ذكر ( لو كانوا يعلمون) بفضلها فالجواب محذوف كما في السابق واللاحق دلّ عليه ما قبله، وإن كانت "لو" بمعنى "ليت" فلا جواب لها وعلى كلا التقديرين ففيه تجهيل لمن فارقها لتفويته على نفسه خيرًا عظيمًا، ( وتفتح العراق فيأتي قوم يبسون فيتحملون بأهليهم) من المدينة ( ومن أطاعهم) من الناس راحلين إلى العراق ( والمدينة خير لهم) من العراق ( لو كانوا يعلمون) .
والواو في قوله والمدينة في الثلاثة للحال وهذا من أعلام نبوّته -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حيث أخبر عليه الصلاة والسلام بفتح هذه الأقاليم، وأن الناس يتحملون بأهاليهم ويفارقون المدينة فكان ما قاله عليه الصلاة والسلام على الترتيب المذكور في الحديث، لكن في حديث عند مسلم وغيره تفتح الشام ثم اليمن ثم العراق، والظاهر أن اليمن فتح قبل فتح الشام للاتفاق على أنه لم يفتح شيء من الشام في حياته -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فتكون رواية تقديم الشام على اليمن معناها استيفاء فتح اليمن إنما كان بعد الشام وأما قول المظهري إنه عليه الصلاة والسلام أخبر في أوّل الهجرة إلى المدينة بأنه سيفتح اليمن فيأتي قوم من اليمن إلى المدينة حتى يكثر أهل المدينة خير لهم من غيرها، فتعقبه الطيبي بأن تنكير قوم ووصفه بيبسون ثم توكيده بقوله: لو كانوا يعلمون لا يساعد ما قاله لأن تنكير قوم لتحقيرهم وتوهين أمرهم ثم الوصف بيبسون وهو سوق الدواب يشعر بركاكة عقولهم وأنهم ممن ركن إلى الحظوظ البهيمية وحطام الدنيا الفانية العاجلة وأعرضوا عن الإقامة في جوار الرسول عليه الصلاة والسلام ولذلك كرر قومًا وصفه في كل قرينة بيبسون استحقارًا لتلك الهيئة القبيحة.
قال:

والذي يقتضيه هذا المقام أن ينزل يعلمون منزلة اللازم لينتفي عنهم العلم والمعرفة بالكلية، ولو ذهب مع ذلك إلى معنى التمني لكان أبلغ لأن التمني طلب ما لا يمكن حصوله أي ليتهم كانوا من أهل العلم تغليظًا وتشديدًا.

ومطابقة الحديث للترجمة من حيث أن هؤلاء القوم المذكورين تفرقوا في البلاد بعد الفتوحات ورغبوا عن الإقامة في المدينة، ولو صبروا على الإقامة فيها لكان خيرًا لهم، أما من خرج لحاجة كجهاد أو تجارة فليس داخلاً في معنى الحديث.

ورواة هذا الحديث كلهم مدنيون إلا شيخه، وفيه التحديث والإخبار والعنعنة والسماع والقول، ورواية تابعي عن تابعي لأن هشامًا لقي بعض الصحابة وصحابي عن صحابي، وأخرجه مسلم في الحج وكذا النسائي.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
[ قــ :1789 ... غــ :1875 ]
- حدَّثنا عَبْدُ الله بنُ يُوسُفَ قَالَ أخبرنَا مالِكٌ عنْ هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ عنْ أبِيهِ عنْ عَبْدِ الله بنِ الزُّبَيْرِ عنْ سفْيانَ بنِ أبِي زُهَيْرٍ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ أنَّهُ قَالَ سَمِعْتُ رسولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُولُ تُفْتَحُ الْيَمَنُ فيَأتِي قَوْمٌ يُبِسُّونَ فيَتَحَمَّلُونَ بأهْلِيهِمْ ومَنْ أطَاعَهُمْ والمَدِينَةُ خَيْرٌ لَهُمْ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ وتفْتَحُ الشَّأمُ فيَأتِي قَوْمٌ يُبِسُّونَ فيَتَحَمَّلُونَ بأهْلِهِمْ والمَدِينَةُ خَيْرٌ لَهُمْ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ ويُفْتَحُ العِرَاقُ فَيأتِي قَوْمٌ يُبِسُّونَ فيَتَحَمَّلُونَ بأهْلِيهمْ ومنْ أطَاعَهُمْ والمَدِينَةُ خَيْرٌ لَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ.

مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِن هَؤُلَاءِ الْقَوْم الْمَذْكُورين تفَرقُوا فِي الْبِلَاد بعد الفتوحات وَرَغبُوا عَن الْإِقَامَة فِي الْمَدِينَة، وَلَو صَبَرُوا على الْإِقَامَة فِيهَا لَكَانَ خيرا لَهُم، والترجمة فِيمَن رغب عَن الْمَدِينَة، وَهَؤُلَاء رَغِبُوا عَنْهَا، واختاروا غَيرهَا.

ذكر رِجَاله: وهم سِتَّة: عبد الله بن يُوسُف التنيسِي، وَمَالك بن أنس، وَهِشَام بن عُرْوَة، وَأَبوهُ عُرْوَة بن الزبير بن الْعَوام، وَعبد الله بن الزبير أَخُو عُرْوَة بن الزبير، وسُفْيَان بن أبي زُهَيْر، بِضَم الزَّاي: مصغر الزهر النمري، بالنُّون: الْأَزْدِيّ ويلقب بِابْن أبي القرد، بِفَتْح الْقَاف وَبعدهَا دَال مُهْملَة، قَالَه الْكرْمَانِي، وَقيل: القرد هُوَ اسْم أبي زُهَيْر، وَقيل: اسْمه نمير، وَكَانَ نازلاً بِالْمَدِينَةِ، وَهُوَ الشنوئي من أَزْد شنُوءَة، بِفَتْح الشين الْمُعْجَمَة وَضم النُّون وَبعد الْوَاو همزَة مَفْتُوحَة، وَفِي النّسَب كَذَلِك، وَقيل: بِفَتْح النُّون بعْدهَا همزَة مَكْسُورَة بِلَا وَاو، وشنوءة هُوَ: عبد الله بن كَعْب بن مَالك بن نضر بن الأزد، وَسمي شنُوءَة لشنئان كَانَ بَينه وَبَين قومه.

ذكر لطائف إِسْنَاده: فِيهِ: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي مَوضِع.
وَفِيه: الْإِخْبَار كَذَلِك فِي مَوضِع.
وَفِيه: العنعنة فِي أَرْبَعَة مَوَاضِع.
وَفِيه: السماع وَالْقَوْل فِي موضِعين.
وَفِيه: رِوَايَة تَابِعِيّ عَن تَابِعِيّ لِأَن هشاما لَقِي بعض الصَّحَابَة.
وَفِيه: رِوَايَة صَحَابِيّ عَن صَحَابِيّ.
وَفِيه: فِي رِوَايَة الْأَكْثَرين: عَن سُفْيَان بن أبي زُهَيْر، وَرَوَاهُ حَمَّاد بن سَلمَة: عَن هِشَام عَن أَبِيه، كَذَلِك.

     وَقَالَ  فِي آخِره: قَالَ عُرْوَة: ثمَّ لقِيت سُفْيَان بن أبي زُهَيْر عِنْد مَوته فَأَخْبرنِي بِهَذَا الحَدِيث.
وَفِيه: أَن رُوَاته مدنيون مَا خلا شيخ البُخَارِيّ، وَالله أعلم.
ذكر من أخرجه غَيره أخرجه مُسلم فِي الْحَج أَيْضا عَن أبي بكر بن أبي شيبَة وَعَن مُحَمَّد بن رَافع، وَأخرجه النَّسَائِيّ فِيهِ عَن مُحَمَّد بن آدم، وَعَن هَارُون بن عبد الله.

ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: ( تفتح الْيمن) ، قَالَ ابْن عبد الْبر وَغَيره: افتتحت الْيمن فِي أَيَّام النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَفِي أَيَّام أبي بكر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وافتتحت الشَّام بعْدهَا، وَالْعراق بعْدهَا.
انْتهى.
قلت: يمن اسْم يعرب بن قحطان بن عَابِر، وَهُوَ هود، فَلذَلِك يُقَال أَرض يمن، ذكره فِي كتاب ( التيجان) وَذكر الْبكْرِيّ: إِنَّمَا سمي الْيمن يمنا لِأَنَّهُ عَن يَمِين الْكَعْبَة، كَمَا سمي الشَّام شاما لِأَنَّهُ عَن شمال الْكَعْبَة.
وَقيل: إِنَّمَا سمي بذلك قبل أَن تعرف الْكَعْبَة لِأَنَّهُ عَن يَمِين الشَّمْس، وَقيل: سميت الْيمن يمنا بيمن بن قحطان، وَحكى الْهَمدَانِي، قَالَ: لما طغت الْعَرَب العاربة أَقبلت بَنو يقطن بن عَابِر فتيامنوا، فَقَالَت الْعَرَب: تيامنت بَنو يقطن، فسموا الْيمن.
وتشأم الْآخرُونَ فسموا شاما.
قَوْله: ( يبسون) ، بِفَتْح الْيَاء آخر الْحُرُوف وَضم الْبَاء الْمُوَحدَة وَتَشْديد السِّين الْمُهْملَة من: بس يبس بسا، والبس: سوق الْإِبِل.
تَقول: بس يبس عِنْد السُّوق وَإِرَادَة السرعة،.

     وَقَالَ  ابْن عبد الْبر فِي رِوَايَة يحيى بن يحيى: يبسون، بِكَسْر الْبَاء الْمُوَحدَة، وَقيل: إِن ابْن الْقَاسِم رَوَاهُ بضَمهَا قلت: حَاصله أَنه من بابُُ: نصر ينصر، وَمن بابُُ: ضرب يضْرب، وَفِي ( التَّلْوِيح) أَشَارَ إِلَى أَنه رُوِيَ بِضَم الْيَاء آخر الْحُرُوف وَكسر الْبَاء الْمُوَحدَة، فعلى هَذَا يكون من الثلاثي الْمَزِيد فِيهِ من أبس يبس على وزن أفعل.
قَالَ الْحَرْبِيّ: وَمَعْنَاهُ يتحملون بأهليهم، وَقيل: مَعْنَاهُ يدعونَ النَّاس إِلَى بِلَاد الخصب،.

     وَقَالَ  الدَّاودِيّ مَعْنَاهُ: يزجرون دوابهم فيفتتون مَا يطؤنه من الأَرْض من شدَّة السّير فَيصير غبارا من قَوْله تَعَالَى: { وبست الْجبَال بسا} ( الْوَاقِعَة: 5) .
أَي: سَالَتْ سيلاً.
وَقيل: مَعْنَاهُ سَارَتْ سيرا..
     وَقَالَ  ابْن الْقَاسِم: البس الْمُبَالغَة فِي الفت، وَمِنْه قيل للدقيق الْمَصْنُوع بالدهن: بسيس، وَأنكر ذَلِك النَّوَوِيّ،.

     وَقَالَ : إِنَّه ضَعِيف أَو بَاطِل..
     وَقَالَ  ابْن عبد الْبر: وَقيل: معنى يبسون يسْأَلُون عَن الْبِلَاد، وتستقر لأهلهم الْبِلَاد الَّتِي تفتح ويدعونهم إِلَى سكناهَا فيتحملون بِسَبَب ذَلِك من الْمَدِينَة راحلين إِلَيْهَا، وَيشْهد لهَذَا حَدِيث أبي هُرَيْرَة عِنْد مُسلم: ( يَأْتِي على النَّاس زمَان يَدْعُو الرجل ابْن عَمه وقريبه إِلَى الْمَجِيء إِلَيْهَا لذَلِك، فيتحمل الْمَدْعُو بأَهْله وَأَتْبَاعه) ..
     وَقَالَ  النَّوَوِيّ: الصَّوَاب أَن مَعْنَاهُ: الْإِخْبَار عَمَّن خرج من الْمَدِينَة متحملاً بأَهْله، بَأْسا فِي سيره، مسرعا إِلَى الرخَاء والأمصار المفتتحة، وَيُؤَيّد هَذَا مَا رَوَاهُ ابْن خُزَيْمَة من طَرِيق أبي مُعَاوِيَة عَن هِشَام بن عُرْوَة فِي هَذَا الحَدِيث: ( تفتح الشَّام فَيخرج النَّاس من الْمَدِينَة يبسون، وَالْمَدينَة خير لَهُم لَو كَانُوا يعلمُونَ) .
وروى أَحْمد فِي ( مُسْنده) من حَدِيث جَابر، سمع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: ( ليأتينَّ على أهل الْمَدِينَة زمَان ينْطَلق النَّاس فِيهَا إِلَى الأرياف يَلْتَمِسُونَ الرخَاء فيجدون رخاء، ثمَّ يأْتونَ فيتحملون بأهليهم إِلَى الرخَاء وَالْمَدينَة خير لَو كَانُوا يعلمُونَ) .
وَفِي إِسْنَاده عبد الله بن لَهِيعَة وَفِيه مقَال، وَلَكِن أَحْمد قبله وَرَضي بِهِ، وَلَا بَأْس بِهِ فِي المتابعات.
قَوْله: ( لَو كَانُوا يعلمُونَ) أَي: بفضلها من الصَّلَاة فِي الْمَسْجِد النَّبَوِيّ وثواب الْإِقَامَة فِيهَا لِأَنَّهَا حرم الرَّسُول ومهبط الْوَحْي ومنزل البركات.
فَإِن قلت: أَيْن جَوَاب: لَو؟ قلت: مَحْذُوف، دلّ عَلَيْهِ مَا قبله أَي: لَو كَانُوا من أهل الْعلم لعرفوا ذَلِك، وَلما فارقوا الْمَدِينَة.
وَإِن كَانَت: لَو، بِمَعْنى: لَيْت، فَلَا جَوَاب لَهَا، وعَلى التَّقْدِيرَيْنِ فَفِيهِ تجهيل لمن فَارقهَا لتفويته على نَفسه خيرا عَظِيما، وَفِيه معجزات للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لِأَنَّهُ أخبر بِفَتْح هَذِه الأقاليم، وَأَن النَّاس يتحملون بِأَهَالِيِهِمْ ويفارقون الْمَدِينَة، وَأَن هَذِه الأقاليم تفتح على هَذَا التَّرْتِيب الْمَذْكُور فِي الحَدِيث، وَوجد جَمِيع ذَلِك.
قَوْله: ( وَمن أطاعهم) أَي: ويتحملون بِمن أطَاع أَهْليهمْ من النَّاس.
قَوْله: ( وَالْمَدينَة خير لَهُم) الْوَاو فِيهِ للْحَال،.

     وَقَالَ  الطَّيِّبِيّ: نكر قوما لتحقيرهم وتوهين أَمرهم، ثمَّ وَصفهم بقوله: ( يبسون) إشعارا بركاكة عُقُولهمْ، وَأَنَّهُمْ مِمَّن ركنوا إِلَى الحظوظ البهيمية، وحطام الدُّنْيَا الفانية العاجلة وأعرضوا عَن الْإِقَامَة فِي جوَار الرَّسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ومهبط الْوَحْي، وَلذَلِك كرر قوما وَوَصفه فِي كل قرينَة بقوله: ( يبسون) ، استحضارا لتِلْك الْهَيْئَة البهيمية..
     وَقَالَ  الطَّيِّبِيّ أَيْضا الَّذِي يَقْتَضِي هَذَا الْمقَام أَن ينزل يعلمُونَ منزلَة اللَّازِم لينتفي عَنْهُم الْعلم والمعرفة بِالْكُلِّيَّةِ، وَلَو ذهب مَعَ ذَلِك إِلَى معنى التَّمَنِّي لَكَانَ أبلغ، لِأَن التَّمَنِّي طلب مَا لَا يُمكن حُصُوله أَي: ليتهم كَانُوا من أهل الْعلم تَغْلِيظًا وتشديدا.
انْتهى.
وَقَالُوا: المُرَاد بِهِ الخارجون من الْمَدِينَة رَغْبَة عَنْهَا كارهين لَهَا، وَأما من خرج لحَاجَة أَو تِجَارَة أَو جِهَاد أَو نَحْو ذَلِك فَلَيْسَ بداخل فِي معنى الحَدِيث.