1838 حَدَّثَنَا هَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ مَسْرُوقٍ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي نُعْمٍ ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ، قَالَ : بَعَثَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، وَهُوَ بِالْيَمَنِ بِذَهَبَةٍ فِي تُرْبَتِهَا ، إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَسَمَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ أَرْبَعَةِ نَفَرٍ : الْأَقْرَعُ بْنُ حَابِسٍ الْحَنْظَلِيُّ ، وَعُيَيْنَةُ بْنُ بَدْرٍ الْفَزَارِيُّ وَعَلْقَمَةُ بْنُ عُلَاثَةَ الْعَامِرِيُّ ثُمَّ أَحَدُ بَنِي كِلَابٍ ، وَزَيْدُ الْخَيْرِ الطَّائِيُّ ، ثُمَّ أَحَدُ بَنِي نَبْهَانَ ، قَالَ : فَغَضِبَتْ قُرَيْشٌ ، فَقَالُوا : أَتُعْطِي صَنَادِيدَ نَجْدٍ وَتَدَعُنَا ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنِّي إِنَّمَا فَعَلْتُ ذَلِكَ لِأَتَأَلَّفَهُمْ فَجَاءَ رَجُلٌ كَثُّ اللِّحْيَةِ ، مُشْرِفُ الْوَجْنَتَيْنِ ، غَائِرُ الْعَيْنَيْنِ ، نَاتِئُ الْجَبِينِ ، مَحْلُوقُ الرَّأْسِ ، فَقَالَ : اتَّقِ اللَّهَ ، يَا مُحَمَّدُ ، قَالَ : فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : فَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ إِنْ عَصَيْتُهُ ، أَيَأْمَنُنِي عَلَى أَهْلِ الْأَرْضِ وَلَا تَأْمَنُونِي ؟ قَالَ : ثُمَّ أَدْبَرَ الرَّجُلُ ، فَاسْتَأْذَنَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ فِي قَتْلِهِ - يُرَوْنَ أَنَّهُ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ - فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّ مِنْ ضِئْضِئِ هَذَا قَوْمًا يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ يَقْتُلُونَ ، أَهْلَ الْإِسْلَامِ ، وَيَدَعُونَ أَهْلَ الْأَوْثَانِ ، يَمْرُقُونَ مِنَ الْإِسْلَامِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ ، لَئِنْ أَدْرَكْتُهُمْ لَأَقْتُلَنَّهُمْ قَتْلَ عَادٍ |
Abu Said Khudri reported that 'Ali (Allah be pleased with him) sent some gold alloyed with dust to the Messenger of Allah (ﷺ), and the Messenger of Allah (ﷺ) distributed that among four men, al-Aqra b. Habis Hanzali and Uyaina b. Badr al-Fazari and 'Alqama b. 'Ulatha al-'Amiri, then to one person of the tribe of Kilab and to Zaid al-Khair al-Ta'l, and then to one person of the tribe of Nabhan. Upon this the people of Quraish felt angry and said:
He (the Holy Prophet) gave to the chiefs of Najd and ignored us. Upon this the Messenger of Allah (ﷺ) said: I have done it with a view to conciliating between them. Then there came a person with thick beard, prominent cheeks, deep sunken eyes and protruding forehead and shaven head. He said: Muhammad, fear Allah. Upon this the Messenger of Allah (ﷺ) said: If I disobey Allah, who would then obey Him? Have I not been (sent as the) most trustworthy among the people of the world? But you do not repose trust in me. That person then went back. A person among the people then sought permission (from the Holy Prophet) for his murder. According to some, it was Khalid b. Walid who sought the permission. Upon this the Messenger of Allah (ﷺ), said: From this very person's posterity there would arise people who would recite the Qur'an, but it would not go beyond their throat; they would kill the followers of Islam and would spare the idol-worshippers. They would glance through the teachings of Islam so hurriedly just as the arrow passes through the pray. If I were to ever find them I would kill them like 'Ad.
شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث
[1064] .
قَوْلُهُ (بَعَثَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَهُوَ بِالْيَمَنِ بِذَهَبَةٍ فِي تُرْبَتِهَا) هَكَذَا هُوَ فِي جميع نسخ بلادنا بذهبة بِفَتْحِ الذَّالِ وَكَذَا نَقَلَهُ الْقَاضِي عَنْ جَمِيعِ رُوَاةِ مُسْلِمٍ عَنِ الْجُلُودِيِّ قَالَ وَفِي رِوَايَةِ بن مَاهَانَ بِذُهَيْبَةٍ عَلَى التَّصْغِيرِ .
قَوْلُهُ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ (عُيَيْنَةُ بْنُ بَدْرٍ الْفَزَارِيُّ) وَكَذَا فِي الرِّوَايَةِ الَّتِي بَعْدَ هَذِهِ رِوَايَةِ قُتَيْبَةَ قَالَ فِيهَا عُيَيْنَةُ بْنُ بَدْرٍ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ فِي الثَّانِيَةِ عُيَيْنَةُ بْنُ حِصْنٍ وَفِي مُعْظَمِهَا عُيَيْنَةُ بْنُ بَدْرٍ وَوَقَعَ فِي الرِّوَايَةِ الَّتِي قَبْلَ هَذِهِ وَهِيَ الرِّوَايَةِ الَّتِي فِيهَا الشِّعْرُ عُيَيْنَةُ بْنُ حِصْنٍ فِي جَمِيعِ النُّسَخِ وَكُلُّهُ صَحِيحٌ فَحِصْنٌ أَبُوهُ وَبَدْرٌ جَدُّ أَبِيهِ فَنُسِبَ تَارَةً إِلَى أَبِيهِ وَتَارَةً إِلَى جَدِّ أَبِيهِ لِشُهْرَتِهِ وَلِهَذَا نَسَبَهُ إِلَيْهِ الشَّاعِرُ فِي قَوْلِهِ ... فَمَا كَانَ بَدْرٌ وَلَا حَابِسٌ ...
(وَهُوَ عُيَيْنَةُ بْنُ حِصْنِ بْنِ حُذَيْفَةَ بْنِ بَدْرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ جُوَيْرِيَةَ بْنِ لَوْذَانَ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ عَدِيِّ بْنِ فَزَارَةَ بْنِ دِينَارٍ الْفَزَارِيُّ .
قَوْلُهُ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ (وَزَيْدُ الْخَيْرِ الطَّائِيُّ) كَذَا هُوَ فِي جَمِيعِ النُّسَخِ الْخَيْرِ بِالرَّاءِ وَفِي الرِّوَايَةِ الَّتِي بَعْدَهَا زَيْدُ الْخَيْلِ بِاللَّامِ وَكِلَاهُمَا صَحِيحٌ يُقَالُ بِالْوَجْهَيْنِ كَانَ يُقَالُ لَهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ زَيْدُ الْخَيْلِ فَسَمَّاهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْإِسْلَامِ زَيْدُ الْخَيْرِ .
قَوْلُهُ (أَيُعْطِي صَنَادِيدَ نَجْدٍ) أَيْ سَادَاتِهَا وَأَحَدُهُمْ صِنْدِيدٌ بِكَسْرِ الصَّادِ .
قَوْلُهُ (فَجَاءَ رَجُلٌ كَثُّ اللِّحْيَةِ مُشْرِفُ الْوَجْنَتَيْنِ) أَمَّا كَثُّ اللِّحْيَةِ فبفتح الكاف وهو كثيرها والوجنة بِفَتْحِ الْوَاوِ وَضَمِّهَا وَكَسْرِهَا وَيُقَالُ أَيْضًا أَجْنَةٌ وهي لحم الخد قوله (ناتىء الجبين) هو بهمز ناتيء)وَأَمَّا الْجَبِينِ فَهُوَ جَانِبُ الْجَبْهَةِ وَلِكُلِّ إِنْسَانٍ جَبِينَانِ يَكْتَنِفَانِ الْجَبْهَةَ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إِنَّ مِنْ ضئضىء هَذَا قَوْمًا) هُوَ بِضَادَيْنِ مُعْجَمَتَيْنِ مَكْسُورَتَيْنِ وَآخِرُهُ مَهْمُوزٌ وَهُوَ أَصْلُ الشَّيْءِ وَهَكَذَا هُوَ فِي جَمِيعِ نُسَخِ بِلَادِنَا وَحَكَاهُ الْقَاضِي عَنِ الْجُمْهُورِ وَعَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّهُ ضَبَطَهُ بِالْمُعْجَمَتَيْنِ وَالْمُهْمَلَتَيْنِ جَمِيعًا وَهَذَا صَحِيحٌ فِي اللُّغَةِ قَالُوا وَلِأَصْلِ الشَّيْءِ أَسْمَاءٌ كَثِيرَةٌ مِنْهَا الضِّئْضِئُ بِالْمُعْجَمَتَيْنِ وَالْمُهْمَلَتَيْنِ وَالنِّجَارُ بكسر النون والنحاس والسنخ بكسر السين واسكان النون وبخاء معجمة والعنصر والعنض والأرومة .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (لَئِنْ أَدْرَكْتُهُمْ لَأَقْتُلَنَّهُمْ قَتْلَ عَادٍ) أَيْ قَتْلًا عَامًّا مُسْتَأْصِلًا كَمَا قَالَ تَعَالَى فَهَلْ تَرَى لَهُمْ مِنْ باقية وَفِيهِ الْحَثُّ عَلَى قِتَالِهِمْ وَفَضِيلَةٌ لِعَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي قِتَالِهِمْ .
قَوْلُهُ (فِي أَدِيمٍ مَقْرُوظٍ) أَيْ مَدْبُوغٍ بِالْقَرَظِ .
قَوْلُهُ (لَمْ تُحَصَّلْ مِنْ تُرَابِهَا) أَيْ لَمْ تُمَيَّزْ .
قَوْلُهُ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ (وَالرَّابِعُ إِمَّا عَلْقَمَةُ بْنُ عُلَاثَةَ وَإِمَّا عَامِرُ بْنُ الطُّفَيْلِ) قَالَ الْعُلَمَاءُ ذِكْرُ عَامِرٍ هُنَا غَلَطٌ ظَاهِرٌ لِأَنَّهُ تُوُفِّيَ قَبْلَ هَذَا بِسِنِينَ وَالصَّوَابُ الْجَزْمُ بِأَنَّهُ عَلْقَمَةُ بْنُ علاثةكَمَا هُوَ مَجْزُومٌ فِي بَاقِي الرِّوَايَاتِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إِنِّي لَمْ أُومَرْ أَنْ أَنْقُبَ عَنْ قُلُوبِ النَّاسِ وَلَا أَشُقَّ بُطُونَهُمْ) مَعْنَاهُ إِنِّي أُمِرْتُ بِالْحُكْمِ بِالظَّاهِرِ وَاللَّهُ يَتَوَلَّى السَّرَائِرَ كَمَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِذَا قَالُوا ذَلِكَ فَقَدْ عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلَّا بِحَقِّهَا وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ وَفِي الْحَدِيثِ هَلَّا شَقَقْتَ عَنْ قلبه قوله (وهو مقف) أي مولى قَدْ أَعْطَانَا قَفَاهُ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ تَعَالَى لَيِّنًا رَطْبًا) هَكَذَا هُوَ فِي أَكْثَرِ النُّسَخِ لَيِّنًا بِالنُّونِ أي سهلاوَفِي كَثِيرٍ مِنَ النُّسَخِ لَيًّا بِحَذْفِ النُّونِ وَأَشَارَ الْقَاضِي إِلَى أَنَّهُ رِوَايَةُ أَكْثَرِ شُيُوخِهِمْ قَالَ وَمَعْنَاهُ سَهْلًا لِكَثْرَةِ حِفْظِهِمْ قَالَ وَقِيلَ لَيًّا أَيْ يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِهِ أَيْ يُحَرِّفُونَ مَعَانِيَهُ وَتَأْوِيلَهُ قَالَ وَقَدْ يَكُونُ مِنَ اللَّيِّ في الشهادة وهو الميل قاله بن قُتَيْبَةَ (.
قَوْلُهُ (فَسَأَلَاهُ عَنِ الْحَرُورِيَّةِ) هُمُ الْخَوَارِجُ سُمُّوا حَرُورِيَّةً لِأَنَّهُمْ نَزَلُوا حَرُورَاءَ وَتَعَاقَدُوا عِنْدَهَا عَلَى قِتَالِ أَهْلِ الْعَدْلِ وَحَرُورَاءَ بِفَتْحِ الْحَاءِ وَبِالْمَدِّ قَرْيَةٌ بِالْعِرَاقِ قَرِيبَةٌ مِنَ الْكُوفَةِ وَسُمُّوا خَوَارِجَ لِخُرُوجِهِمْ عَلَى الْجَمَاعَةِ وَقِيلَ لِخُرُوجِهِمْ عَنْ طَرِيقِ الْجَمَاعَةِ وَقِيلَ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْرُجُ مِنْ ضِئْضِئِ هَذَا .
قَوْلُهُ (سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول يَخْرُجُ فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ وَلَمْ يَقُلْ مِنْهَا) قَالَ الْمَازِرِيُّ هَذَا مِنْ أَدَلِّ الدَّلَائِلِ عَلَى سَعَةِ عِلْمِ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَدَقِيقُ نَظَرِهِمْ وَتَحْرِيرُهُمُ الْأَلْفَاظَ وَفَرْقُهُمْ بَيْنَ مَدْلُولَاتِهَا الْخَفِيَّةِ لِأَنَّ لَفْظَةَ مِنْ تَقْتَضِي كَوْنَهُمْ مِنَ الْأُمَّةِ لَا كُفَّارًا بِخِلَافِ فِي وَمَعَ هَذَا فَقَدْ جَاءَ بَعْدَ هَذَا مِنْ رِوَايَةِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَخْرُجُ مِنْ أُمَّتِي قَوْمٌ وَفِي رواية أبي ذرانبَعْدِي مِنْ أُمَّتِي أَوْ سَيَكُونُ بَعْدِي مِنْ أُمَّتِي وَقَدْ سَبَقَ الْخِلَافُ فِي تَكْفِيرِهِمْ وَأَنَّ الصَّحِيحَ عَدَمُ تَكْفِيرِهِمْ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (فَيَنْظُرُ الرَّامِي إِلَى نَصْلِهِ إِلَى رِصَافِهِ فَيَتَمَارَى فِي الْفُوقَةِ) وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى يَنْظُرُ إِلَى نَضِيِّهِ وَفِيهَا ثُمَّ يَنْظُرُ إِلَى قُذَذِهِ وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى فَيَنْظُرُ فِي النَّضِيِّ فَلَا يَرَى بَصِيرَةً وَيَنْظُرُ فِي الْفُوقِ فَلَا يَرَى بَصِيرَةً أَمَّا الرِّصَافُ فَبِكَسْرِ الرَّاءِ وَبِالصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وهو مدخل النصل من السهم والنصل هو حديدة السهم والقدح عوده والقذذ بِضَمِّ الْقَافِ وَبِذَالَيْنِ مُعْجَمَتَيْنِ وَهُوَ رِيشُ السَّهْمِ والفوق والفوقة بِضَمِّ الْفَاءِ هُوَ الْحَزُّ الَّذِي يُجْعَلُ فِيهِ الوتر والنضى بِفَتْحِ النُّونِ وَكَسْرِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ وهو القدح كذا جَاءَ فِي كِتَابِ مُسْلِمٍ مُفَسَّرًا وَكَذَا قَالَهُ الْأَصْمَعِيُّ.
.
وَأَمَّا الْبَصِيرُ فَبِفَتْحِ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَكَسْرِ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وَهِيَ الشَّيْءُ مِنَ الدَّمِ أَيْ لَا يَرَى شَيْئًا مِنَ الدَّمِ يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى إِصَابَةِ الرَّمِيَّةِ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (قَدْ خِبْتُ وَخَسِرْتُ إِنْ لَمْ أَعْدِلْ) قَدْ سَبَقَ الْخِلَافُ فِي فَتْحِ التَّاءِ وَضَمِّهَا فِي هَذَا الْبَابِ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ(وَمِثْلُ الْبَضْعَةِ تَدَرْدَرُ) الْبَضْعَةِ بِفَتْحِ الْبَاءِ لَا غَيْرَ وَهِيَ الْقِطْعَةُ من اللحم وتدردر مَعْنَاهُ تَضْطَرِبُ وَتَذْهَبُ وَتَجِيءُ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (يَخْرُجُونَ عَلَى حِينِ فُرْقَةٍ مِنَ النَّاسِ) ضَبَطُوهُ فِي الصَّحِيحِ بِوَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا حِينِ فرقه بحاء مهملة مكسورة ونون وفرقة بِضَمِّ الْفَاءِ أَيْ فِي وَقْتِ افْتِرَاقِ النَّاسِ أَيِ افْتِرَاقٍ يَقَعُ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَهُوَ الِافْتِرَاقُ الَّذِي كَانَ بَيْنَ عَلِيٍّ وَمُعَاوِيَةَ رَضِيَ اللَّهُ عنهما والثاني خير فرقة بخاء معجمة مفتوحة وراء وفرقة بكسر الفاء أي أفضل الْفِرْقَتَيْنِ وَالْأَوَّلُ أَشْهَرُ وَأَكْثَرُ وَيُؤَيِّدُهُ الرِّوَايَةُ الَّتِي بَعْدَ هَذِهِ يَخْرُجُونَ فِي فُرْقَةٍ مِنَ النَّاسِ فَإِنَّهُ بِضَمِّ الْفَاءِ بِلَا خِلَافٍ وَمَعْنَاهُ ظَاهِرٌ.
وَقَالَ الْقَاضِي عَلَى رِوَايَةِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ الْمُرَادُ وَخَيْرُ الْقُرُونِ وَهُمُ الصَّدْرُ الْأَوَّلُ قَالَ أَوْ يَكُونُ الْمُرَادُ عَلِيًّا وَأَصْحَابَهُ فَعَلَيْهِ كَانَ خُرُوجُهُمْ حَقِيقَةً لِأَنَّهُ كَانَ الْإِمَامَ حِينَئِذٍ وَفِيهِ حُجَّةٌ لِأَهْلِ السُّنَّةِ أَنَّ عَلِيًّا كَانَ مُصِيبًا فِي قتاله والآخرون بغاة لاسيما مَعَ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْتُلُهُمْ أَوْلَى الطَّائِفَتَيْنِ بِالْحَقِّ وَعَلِيٌّ وَأَصْحَابُهُ الَّذِينَ قَتَلُوهُمْ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مُعْجِزَاتٌ ظَاهِرَةٌ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّهُ أَخْبَرَ بِهَذَا وَجَرَى كُلُّهُ كَفَلَقِ الصُّبْحِ وَيَتَضَمَّنُ بَقَاءَ الْأُمَّةِ بَعْدَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَّ لَهُمْ شَوْكَةً وَقُوَّةً خِلَافَ مَا كَانَ الْمُبْطِلُونَ يُشِيعُونَهُ وَأَنَّهُمْ يَفْتَرِقُونَ فِرْقَتَيْنِ وَأَنَّهُ يَخْرُجُ عَلَيْهِ طَائِفَةٌ مَارِقَةٌ وَأَنَّهُمْ يُشَدِّدُونَ فِي الدِّينِ فِي غَيْرِ مَوْضِعِ التَّشْدِيدِ وَيُبَالِغُونَ فِي الصَّلَاةِ وَالْقِرَاءَةِ وَلَا يُقِيمُونَ بِحُقُوقِ الْإِسْلَامِ بَلْ يَمْرُقُونَ مِنْهُ وَأَنَّهُمْ يُقَاتِلُونَ أَهْلَ الْحَقِّوَأَنَّ أَهْلَ الْحَقِّ يَقْتُلُونَهُمْ وَأَنَّ فِيهِمْ رَجُلًا صِفَةُ يَدِهِ كَذَا وَكَذَا فَهَذِهِ أَنْوَاعٌ مِنَ المعجزات جرت كلها وَلِلَّهِ الْحَمْدُ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (سِيمَاهُمُ التَّحَالُقُ) السِّيمَا الْعَلَامَةُ وَفِيهَا ثَلَاثُ لُغَاتٍ الْقَصْرُ وَهُوَ الْأَفْصَحُ وَبِهِ جَاءَ الْقُرْآنُ وَالْمَدُّ وَالثَّالِثَةُ السِّيمِيَاءُ بِزِيَادَةِ يَاءٍ مَعَ الْمَدِّ لَا غَيْرَ وَالْمُرَادُ بالتحالق حلق الرؤوس وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى التَّحَلُّقُ وَاسْتَدَلَّ بِهِ بَعْضُ النَّاسِ عَلَى كَرَاهَةِ حَلْقِ الرَّأْسِ وَلَا دَلَالَةَ فِيهِ وَإِنَّمَا هُوَ عَلَامَةٌ لَهُمْ وَالْعَلَامَةُ قَدْ تَكُونُ بِحِرَامٍ وَقَدْ تَكُونُ بِمُبَاحٍ كَمَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آيَتُهُمْ رَجُلٌ أَسْوَدُ إِحْدَى عَضُدَيْهِ مِثْلُ ثَدْيِ الْمَرْأَةِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ هَذَا لَيْسَ بِحِرَامٍ وَقَدْ ثَبَتَ فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ بِإِسْنَادٍ عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ إن رسول الله صلى الله عليه وسلم (رَأَى صَبِيًّا قَدْ حَلَقَ بَعْضَ رَأْسِهِ فَقَالَ احْلِقُوهُ كُلَّهُ أَوِ اتْرُكُوهُ كُلَّهُ) وَهَذَا صَرِيحٌ فِي إِبَاحَةِ حَلْقِ الرَّأْسِ لَا يَحْتَمِلُ تَأْوِيلًا قَالَ أَصْحَابُنَا حَلْقُ الرَّأْسِ جَائِزٌ بِكُلِّ حَالٍ لَكِنْ إِنْ شَقَّ عَلَيْهِ تَعَهُّدُهُ بِالدُّهْنِ وَالتَّسْرِيحِ اسْتُحِبَّ حَلْقُهُ وَإِنْ لَمْ يَشُقَّ اسْتُحِبَّ تَرْكُهُ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (هُمْ شَرُّ الْخَلْقِ أَوْ مِنْ أَشَرِّ الْخَلْقِ) هَكَذَا هُوَ فِي كُلِّ النُّسَخِ أَوْ مِنْ أَشَرِّ بِالْأَلِفِ وَهِيَ لُغَةٌ قَلِيلَةٌ وَالْمَشْهُورُ شَرُّ بِغَيْرِ أَلِفٍ وَفِي هَذَا اللَّفْظِ دَلَالَةٌ لِمَنْ قَالَ بِتَكْفِيرِهِمْ وَتَأَوَّلَهُ الْجُمْهُورُ أَيْ شَرُّ الْمُسْلِمِينَ وَنَحْوِ ذَلِكَ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (يَقْتُلُهُمْ أَوْلَى الطَّائِفَتَيْنِ إِلَى الْحَقِّ) وَفِي رِوَايَةٍ أَوْلَى الطَّائِفَتَيْنِ بِالْحَقِّ وَفِي رِوَايَةٍ تَكُونُ أُمَّتِي فِرْقَتَيْنِ فَتَخْرُجُ مِنْ بَيْنِهِمَا مَارِقَةٌ تَلِي قَتْلَهُمْ أَوْلَاهُمَابِالْحَقِّ هَذِهِ الرِّوَايَاتُ صَرِيحَةٌ فِي أَنَّ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَانَ هُوَ الْمُصِيبَ الْمُحِقَّ وَالطَّائِفَةُ الْأُخْرَى أَصْحَابُ مُعَاوِيَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَانُوا بُغَاةً مُتَأَوِّلِينَ وَفِيهِ التَّصْرِيحُ بِأَنَّ الطَّائِفَتَيْنِ مُؤْمِنُونَ لَا يَخْرُجُونَ بِالْقِتَالِ عَنِ الْإِيمَانِ وَلَا يَفْسُقُونَ وَهَذَا مَذْهَبُنَا وَمَذْهَبُ مُوَافِقِينَا .
قَوْلُهُ (حَدَّثَنَا القاسم وهو بن الْفَضْلِ الْحُدَّانِيُّ) هُوَ بِضَمِّ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَتَشْدِيدِ الدَّالِ بَعْدَ الْأَلِفِ نُونٌ .
قَوْلُهُ (عَنِوَأَمَّا الْجَبِينِ فَهُوَ جَانِبُ الْجَبْهَةِ وَلِكُلِّ إِنْسَانٍ جَبِينَانِ يَكْتَنِفَانِ الْجَبْهَةَ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إِنَّ مِنْ ضئضىء هَذَا قَوْمًا) هُوَ بِضَادَيْنِ مُعْجَمَتَيْنِ مَكْسُورَتَيْنِ وَآخِرُهُ مَهْمُوزٌ وَهُوَ أَصْلُ الشَّيْءِ وَهَكَذَا هُوَ فِي جَمِيعِ نُسَخِ بِلَادِنَا وَحَكَاهُ الْقَاضِي عَنِ الْجُمْهُورِ وَعَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّهُ ضَبَطَهُ بِالْمُعْجَمَتَيْنِ وَالْمُهْمَلَتَيْنِ جَمِيعًا وَهَذَا صَحِيحٌ فِي اللُّغَةِ قَالُوا وَلِأَصْلِ الشَّيْءِ أَسْمَاءٌ كَثِيرَةٌ مِنْهَا الضِّئْضِئُ بِالْمُعْجَمَتَيْنِ وَالْمُهْمَلَتَيْنِ وَالنِّجَارُ بكسر النون والنحاس والسنخ بكسر السين واسكان النون وبخاء معجمة والعنصر والعنض والأرومة .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (لَئِنْ أَدْرَكْتُهُمْ لَأَقْتُلَنَّهُمْ قَتْلَ عَادٍ) أَيْ قَتْلًا عَامًّا مُسْتَأْصِلًا كَمَا قَالَ تَعَالَى فَهَلْ تَرَى لَهُمْ مِنْ باقية وَفِيهِ الْحَثُّ عَلَى قِتَالِهِمْ وَفَضِيلَةٌ لِعَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي قِتَالِهِمْ .
قَوْلُهُ (فِي أَدِيمٍ مَقْرُوظٍ) أَيْ مَدْبُوغٍ بِالْقَرَظِ .
قَوْلُهُ (لَمْ تُحَصَّلْ مِنْ تُرَابِهَا) أَيْ لَمْ تُمَيَّزْ .
قَوْلُهُ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ (وَالرَّابِعُ إِمَّا عَلْقَمَةُ بْنُ عُلَاثَةَ وَإِمَّا عَامِرُ بْنُ الطُّفَيْلِ) قَالَ الْعُلَمَاءُ ذِكْرُ عَامِرٍ هُنَا غَلَطٌ ظَاهِرٌ لِأَنَّهُ تُوُفِّيَ قَبْلَ هَذَا بِسِنِينَ وَالصَّوَابُ الْجَزْمُ بِأَنَّهُ عَلْقَمَةُ بْنُ علاثةكَمَا هُوَ مَجْزُومٌ فِي بَاقِي الرِّوَايَاتِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إِنِّي لَمْ أُومَرْ أَنْ أَنْقُبَ عَنْ قُلُوبِ النَّاسِ وَلَا أَشُقَّ بُطُونَهُمْ) مَعْنَاهُ إِنِّي أُمِرْتُ بِالْحُكْمِ بِالظَّاهِرِ وَاللَّهُ يَتَوَلَّى السَّرَائِرَ كَمَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِذَا قَالُوا ذَلِكَ فَقَدْ عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلَّا بِحَقِّهَا وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ وَفِي الْحَدِيثِ هَلَّا شَقَقْتَ عَنْ قلبه قوله (وهو مقف) أي مولى قَدْ أَعْطَانَا قَفَاهُ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ تَعَالَى لَيِّنًا رَطْبًا) هَكَذَا هُوَ فِي أَكْثَرِ النُّسَخِ لَيِّنًا بِالنُّونِ أي سهلاوَفِي كَثِيرٍ مِنَ النُّسَخِ لَيًّا بِحَذْفِ النُّونِ وَأَشَارَ الْقَاضِي إِلَى أَنَّهُ رِوَايَةُ أَكْثَرِ شُيُوخِهِمْ قَالَ وَمَعْنَاهُ سَهْلًا لِكَثْرَةِ حِفْظِهِمْ قَالَ وَقِيلَ لَيًّا أَيْ يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِهِ أَيْ يُحَرِّفُونَ مَعَانِيَهُ وَتَأْوِيلَهُ قَالَ وَقَدْ يَكُونُ مِنَ اللَّيِّ في الشهادة وهو الميل قاله بن قُتَيْبَةَ (.
قَوْلُهُ (فَسَأَلَاهُ عَنِ الْحَرُورِيَّةِ) هُمُ الْخَوَارِجُ سُمُّوا حَرُورِيَّةً لِأَنَّهُمْ نَزَلُوا حَرُورَاءَ وَتَعَاقَدُوا عِنْدَهَا عَلَى قِتَالِ أَهْلِ الْعَدْلِ وَحَرُورَاءَ بِفَتْحِ الْحَاءِ وَبِالْمَدِّ قَرْيَةٌ بِالْعِرَاقِ قَرِيبَةٌ مِنَ الْكُوفَةِ وَسُمُّوا خَوَارِجَ لِخُرُوجِهِمْ عَلَى الْجَمَاعَةِ وَقِيلَ لِخُرُوجِهِمْ عَنْ طَرِيقِ الْجَمَاعَةِ وَقِيلَ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْرُجُ مِنْ ضِئْضِئِ هَذَا .
قَوْلُهُ (سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول يَخْرُجُ فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ وَلَمْ يَقُلْ مِنْهَا) قَالَ الْمَازِرِيُّ هَذَا مِنْ أَدَلِّ الدَّلَائِلِ عَلَى سَعَةِ عِلْمِ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَدَقِيقُ نَظَرِهِمْ وَتَحْرِيرُهُمُ الْأَلْفَاظَ وَفَرْقُهُمْ بَيْنَ مَدْلُولَاتِهَا الْخَفِيَّةِ لِأَنَّ لَفْظَةَ مِنْ تَقْتَضِي كَوْنَهُمْ مِنَ الْأُمَّةِ لَا كُفَّارًا بِخِلَافِ فِي وَمَعَ هَذَا فَقَدْ جَاءَ بَعْدَ هَذَا مِنْ رِوَايَةِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَخْرُجُ مِنْ أُمَّتِي قَوْمٌ وَفِي رواية أبي ذرانبَعْدِي مِنْ أُمَّتِي أَوْ سَيَكُونُ بَعْدِي مِنْ أُمَّتِي وَقَدْ سَبَقَ الْخِلَافُ فِي تَكْفِيرِهِمْ وَأَنَّ الصَّحِيحَ عَدَمُ تَكْفِيرِهِمْ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (فَيَنْظُرُ الرَّامِي إِلَى نَصْلِهِ إِلَى رِصَافِهِ فَيَتَمَارَى فِي الْفُوقَةِ) وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى يَنْظُرُ إِلَى نَضِيِّهِ وَفِيهَا ثُمَّ يَنْظُرُ إِلَى قُذَذِهِ وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى فَيَنْظُرُ فِي النَّضِيِّ فَلَا يَرَى بَصِيرَةً وَيَنْظُرُ فِي الْفُوقِ فَلَا يَرَى بَصِيرَةً أَمَّا الرِّصَافُ فَبِكَسْرِ الرَّاءِ وَبِالصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وهو مدخل النصل من السهم والنصل هو حديدة السهم والقدح عوده والقذذ بِضَمِّ الْقَافِ وَبِذَالَيْنِ مُعْجَمَتَيْنِ وَهُوَ رِيشُ السَّهْمِ والفوق والفوقة بِضَمِّ الْفَاءِ هُوَ الْحَزُّ الَّذِي يُجْعَلُ فِيهِ الوتر والنضى بِفَتْحِ النُّونِ وَكَسْرِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ وهو القدح كذا جَاءَ فِي كِتَابِ مُسْلِمٍ مُفَسَّرًا وَكَذَا قَالَهُ الْأَصْمَعِيُّ.
.
وَأَمَّا الْبَصِيرُ فَبِفَتْحِ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَكَسْرِ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وَهِيَ الشَّيْءُ مِنَ الدَّمِ أَيْ لَا يَرَى شَيْئًا مِنَ الدَّمِ يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى إِصَابَةِ الرَّمِيَّةِ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (قَدْ خِبْتُ وَخَسِرْتُ إِنْ لَمْ أَعْدِلْ) قَدْ سَبَقَ الْخِلَافُ فِي فَتْحِ التَّاءِ وَضَمِّهَا فِي هَذَا الْبَابِ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ(وَمِثْلُ الْبَضْعَةِ تَدَرْدَرُ) الْبَضْعَةِ بِفَتْحِ الْبَاءِ لَا غَيْرَ وَهِيَ الْقِطْعَةُ من اللحم وتدردر مَعْنَاهُ تَضْطَرِبُ وَتَذْهَبُ وَتَجِيءُ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (يَخْرُجُونَ عَلَى حِينِ فُرْقَةٍ مِنَ النَّاسِ) ضَبَطُوهُ فِي الصَّحِيحِ بِوَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا حِينِ فرقه بحاء مهملة مكسورة ونون وفرقة بِضَمِّ الْفَاءِ أَيْ فِي وَقْتِ افْتِرَاقِ النَّاسِ أَيِ افْتِرَاقٍ يَقَعُ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَهُوَ الِافْتِرَاقُ الَّذِي كَانَ بَيْنَ عَلِيٍّ وَمُعَاوِيَةَ رَضِيَ اللَّهُ عنهما والثاني خير فرقة بخاء معجمة مفتوحة وراء وفرقة بكسر الفاء أي أفضل الْفِرْقَتَيْنِ وَالْأَوَّلُ أَشْهَرُ وَأَكْثَرُ وَيُؤَيِّدُهُ الرِّوَايَةُ الَّتِي بَعْدَ هَذِهِ يَخْرُجُونَ فِي فُرْقَةٍ مِنَ النَّاسِ فَإِنَّهُ بِضَمِّ الْفَاءِ بِلَا خِلَافٍ وَمَعْنَاهُ ظَاهِرٌ.
وَقَالَ الْقَاضِي عَلَى رِوَايَةِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ الْمُرَادُ وَخَيْرُ الْقُرُونِ وَهُمُ الصَّدْرُ الْأَوَّلُ قَالَ أَوْ يَكُونُ الْمُرَادُ عَلِيًّا وَأَصْحَابَهُ فَعَلَيْهِ كَانَ خُرُوجُهُمْ حَقِيقَةً لِأَنَّهُ كَانَ الْإِمَامَ حِينَئِذٍ وَفِيهِ حُجَّةٌ لِأَهْلِ السُّنَّةِ أَنَّ عَلِيًّا كَانَ مُصِيبًا فِي قتاله والآخرون بغاة لاسيما مَعَ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْتُلُهُمْ أَوْلَى الطَّائِفَتَيْنِ بِالْحَقِّ وَعَلِيٌّ وَأَصْحَابُهُ الَّذِينَ قَتَلُوهُمْ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مُعْجِزَاتٌ ظَاهِرَةٌ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّهُ أَخْبَرَ بِهَذَا وَجَرَى كُلُّهُ كَفَلَقِ الصُّبْحِ وَيَتَضَمَّنُ بَقَاءَ الْأُمَّةِ بَعْدَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَّ لَهُمْ شَوْكَةً وَقُوَّةً خِلَافَ مَا كَانَ الْمُبْطِلُونَ يُشِيعُونَهُ وَأَنَّهُمْ يَفْتَرِقُونَ فِرْقَتَيْنِ وَأَنَّهُ يَخْرُجُ عَلَيْهِ طَائِفَةٌ مَارِقَةٌ وَأَنَّهُمْ يُشَدِّدُونَ فِي الدِّينِ فِي غَيْرِ مَوْضِعِ التَّشْدِيدِ وَيُبَالِغُونَ فِي الصَّلَاةِ وَالْقِرَاءَةِ وَلَا يُقِيمُونَ بِحُقُوقِ الْإِسْلَامِ بَلْ يَمْرُقُونَ مِنْهُ وَأَنَّهُمْ يُقَاتِلُونَ أَهْلَ الْحَقِّوَأَنَّ أَهْلَ الْحَقِّ يَقْتُلُونَهُمْ وَأَنَّ فِيهِمْ رَجُلًا صِفَةُ يَدِهِ كَذَا وَكَذَا فَهَذِهِ أَنْوَاعٌ مِنَ المعجزات جرت كلها وَلِلَّهِ الْحَمْدُ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (سِيمَاهُمُ التَّحَالُقُ) السِّيمَا الْعَلَامَةُ وَفِيهَا ثَلَاثُ لُغَاتٍ الْقَصْرُ وَهُوَ الْأَفْصَحُ وَبِهِ جَاءَ الْقُرْآنُ وَالْمَدُّ وَالثَّالِثَةُ السِّيمِيَاءُ بِزِيَادَةِ يَاءٍ مَعَ الْمَدِّ لَا غَيْرَ وَالْمُرَادُ بالتحالق حلق الرؤوس وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى التَّحَلُّقُ وَاسْتَدَلَّ بِهِ بَعْضُ النَّاسِ عَلَى كَرَاهَةِ حَلْقِ الرَّأْسِ وَلَا دَلَالَةَ فِيهِ وَإِنَّمَا هُوَ عَلَامَةٌ لَهُمْ وَالْعَلَامَةُ قَدْ تَكُونُ بِحِرَامٍ وَقَدْ تَكُونُ بِمُبَاحٍ كَمَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آيَتُهُمْ رَجُلٌ أَسْوَدُ إِحْدَى عَضُدَيْهِ مِثْلُ ثَدْيِ الْمَرْأَةِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ هَذَا لَيْسَ بِحِرَامٍ وَقَدْ ثَبَتَ فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ بِإِسْنَادٍ عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ إن رسول الله صلى الله عليه وسلم (رَأَى صَبِيًّا قَدْ حَلَقَ بَعْضَ رَأْسِهِ فَقَالَ احْلِقُوهُ كُلَّهُ أَوِ اتْرُكُوهُ كُلَّهُ) وَهَذَا صَرِيحٌ فِي إِبَاحَةِ حَلْقِ الرَّأْسِ لَا يَحْتَمِلُ تَأْوِيلًا قَالَ أَصْحَابُنَا حَلْقُ الرَّأْسِ جَائِزٌ بِكُلِّ حَالٍ لَكِنْ إِنْ شَقَّ عَلَيْهِ تَعَهُّدُهُ بِالدُّهْنِ وَالتَّسْرِيحِ اسْتُحِبَّ حَلْقُهُ وَإِنْ لَمْ يَشُقَّ اسْتُحِبَّ تَرْكُهُ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (هُمْ شَرُّ الْخَلْقِ أَوْ مِنْ أَشَرِّ الْخَلْقِ) هَكَذَا هُوَ فِي كُلِّ النُّسَخِ أَوْ مِنْ أَشَرِّ بِالْأَلِفِ وَهِيَ لُغَةٌ قَلِيلَةٌ وَالْمَشْهُورُ شَرُّ بِغَيْرِ أَلِفٍ وَفِي هَذَا اللَّفْظِ دَلَالَةٌ لِمَنْ قَالَ بِتَكْفِيرِهِمْ وَتَأَوَّلَهُ الْجُمْهُورُ أَيْ شَرُّ الْمُسْلِمِينَ وَنَحْوِ ذَلِكَ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (يَقْتُلُهُمْ أَوْلَى الطَّائِفَتَيْنِ إِلَى الْحَقِّ) وَفِي رِوَايَةٍ أَوْلَى الطَّائِفَتَيْنِ بِالْحَقِّ وَفِي رِوَايَةٍ تَكُونُ أُمَّتِي فِرْقَتَيْنِ فَتَخْرُجُ مِنْ بَيْنِهِمَا مَارِقَةٌ تَلِي قَتْلَهُمْ أَوْلَاهُمَابِالْحَقِّ هَذِهِ الرِّوَايَاتُ صَرِيحَةٌ فِي أَنَّ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَانَ هُوَ الْمُصِيبَ الْمُحِقَّ وَالطَّائِفَةُ الْأُخْرَى أَصْحَابُ مُعَاوِيَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَانُوا بُغَاةً مُتَأَوِّلِينَ وَفِيهِ التَّصْرِيحُ بِأَنَّ الطَّائِفَتَيْنِ مُؤْمِنُونَ لَا يَخْرُجُونَ بِالْقِتَالِ عَنِ الْإِيمَانِ وَلَا يَفْسُقُونَ وَهَذَا مَذْهَبُنَا وَمَذْهَبُ مُوَافِقِينَا .
قَوْلُهُ (حَدَّثَنَا القاسم وهو بن الْفَضْلِ الْحُدَّانِيُّ) هُوَ بِضَمِّ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَتَشْدِيدِ الدَّالِ بَعْدَ الْأَلِفِ نُونٌ .
قَوْلُهُ (عَنِوَأَمَّا الْجَبِينِ فَهُوَ جَانِبُ الْجَبْهَةِ وَلِكُلِّ إِنْسَانٍ جَبِينَانِ يَكْتَنِفَانِ الْجَبْهَةَ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إِنَّ مِنْ ضئضىء هَذَا قَوْمًا) هُوَ بِضَادَيْنِ مُعْجَمَتَيْنِ مَكْسُورَتَيْنِ وَآخِرُهُ مَهْمُوزٌ وَهُوَ أَصْلُ الشَّيْءِ وَهَكَذَا هُوَ فِي جَمِيعِ نُسَخِ بِلَادِنَا وَحَكَاهُ الْقَاضِي عَنِ الْجُمْهُورِ وَعَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّهُ ضَبَطَهُ بِالْمُعْجَمَتَيْنِ وَالْمُهْمَلَتَيْنِ جَمِيعًا وَهَذَا صَحِيحٌ فِي اللُّغَةِ قَالُوا وَلِأَصْلِ الشَّيْءِ أَسْمَاءٌ كَثِيرَةٌ مِنْهَا الضِّئْضِئُ بِالْمُعْجَمَتَيْنِ وَالْمُهْمَلَتَيْنِ وَالنِّجَارُ بكسر النون والنحاس والسنخ بكسر السين واسكان النون وبخاء معجمة والعنصر والعنض والأرومة .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (لَئِنْ أَدْرَكْتُهُمْ لَأَقْتُلَنَّهُمْ قَتْلَ عَادٍ) أَيْ قَتْلًا عَامًّا مُسْتَأْصِلًا كَمَا قَالَ تَعَالَى فَهَلْ تَرَى لَهُمْ مِنْ باقية وَفِيهِ الْحَثُّ عَلَى قِتَالِهِمْ وَفَضِيلَةٌ لِعَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي قِتَالِهِمْ .
قَوْلُهُ (فِي أَدِيمٍ مَقْرُوظٍ) أَيْ مَدْبُوغٍ بِالْقَرَظِ .
قَوْلُهُ (لَمْ تُحَصَّلْ مِنْ تُرَابِهَا) أَيْ لَمْ تُمَيَّزْ .
قَوْلُهُ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ (وَالرَّابِعُ إِمَّا عَلْقَمَةُ بْنُ عُلَاثَةَ وَإِمَّا عَامِرُ بْنُ الطُّفَيْلِ) قَالَ الْعُلَمَاءُ ذِكْرُ عَامِرٍ هُنَا غَلَطٌ ظَاهِرٌ لِأَنَّهُ تُوُفِّيَ قَبْلَ هَذَا بِسِنِينَ وَالصَّوَابُ الْجَزْمُ بِأَنَّهُ عَلْقَمَةُ بْنُ علاثةكَمَا هُوَ مَجْزُومٌ فِي بَاقِي الرِّوَايَاتِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إِنِّي لَمْ أُومَرْ أَنْ أَنْقُبَ عَنْ قُلُوبِ النَّاسِ وَلَا أَشُقَّ بُطُونَهُمْ) مَعْنَاهُ إِنِّي أُمِرْتُ بِالْحُكْمِ بِالظَّاهِرِ وَاللَّهُ يَتَوَلَّى السَّرَائِرَ كَمَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِذَا قَالُوا ذَلِكَ فَقَدْ عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلَّا بِحَقِّهَا وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ وَفِي الْحَدِيثِ هَلَّا شَقَقْتَ عَنْ قلبه قوله (وهو مقف) أي مولى قَدْ أَعْطَانَا قَفَاهُ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ تَعَالَى لَيِّنًا رَطْبًا) هَكَذَا هُوَ فِي أَكْثَرِ النُّسَخِ لَيِّنًا بِالنُّونِ أي سهلاوَفِي كَثِيرٍ مِنَ النُّسَخِ لَيًّا بِحَذْفِ النُّونِ وَأَشَارَ الْقَاضِي إِلَى أَنَّهُ رِوَايَةُ أَكْثَرِ شُيُوخِهِمْ قَالَ وَمَعْنَاهُ سَهْلًا لِكَثْرَةِ حِفْظِهِمْ قَالَ وَقِيلَ لَيًّا أَيْ يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِهِ أَيْ يُحَرِّفُونَ مَعَانِيَهُ وَتَأْوِيلَهُ قَالَ وَقَدْ يَكُونُ مِنَ اللَّيِّ في الشهادة وهو الميل قاله بن قُتَيْبَةَ (.
قَوْلُهُ (فَسَأَلَاهُ عَنِ الْحَرُورِيَّةِ) هُمُ الْخَوَارِجُ سُمُّوا حَرُورِيَّةً لِأَنَّهُمْ نَزَلُوا حَرُورَاءَ وَتَعَاقَدُوا عِنْدَهَا عَلَى قِتَالِ أَهْلِ الْعَدْلِ وَحَرُورَاءَ بِفَتْحِ الْحَاءِ وَبِالْمَدِّ قَرْيَةٌ بِالْعِرَاقِ قَرِيبَةٌ مِنَ الْكُوفَةِ وَسُمُّوا خَوَارِجَ لِخُرُوجِهِمْ عَلَى الْجَمَاعَةِ وَقِيلَ لِخُرُوجِهِمْ عَنْ طَرِيقِ الْجَمَاعَةِ وَقِيلَ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْرُجُ مِنْ ضِئْضِئِ هَذَا .
قَوْلُهُ (سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول يَخْرُجُ فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ وَلَمْ يَقُلْ مِنْهَا) قَالَ الْمَازِرِيُّ هَذَا مِنْ أَدَلِّ الدَّلَائِلِ عَلَى سَعَةِ عِلْمِ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَدَقِيقُ نَظَرِهِمْ وَتَحْرِيرُهُمُ الْأَلْفَاظَ وَفَرْقُهُمْ بَيْنَ مَدْلُولَاتِهَا الْخَفِيَّةِ لِأَنَّ لَفْظَةَ مِنْ تَقْتَضِي كَوْنَهُمْ مِنَ الْأُمَّةِ لَا كُفَّارًا بِخِلَافِ فِي وَمَعَ هَذَا فَقَدْ جَاءَ بَعْدَ هَذَا مِنْ رِوَايَةِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَخْرُجُ مِنْ أُمَّتِي قَوْمٌ وَفِي رواية أبي ذرانبَعْدِي مِنْ أُمَّتِي أَوْ سَيَكُونُ بَعْدِي مِنْ أُمَّتِي وَقَدْ سَبَقَ الْخِلَافُ فِي تَكْفِيرِهِمْ وَأَنَّ الصَّحِيحَ عَدَمُ تَكْفِيرِهِمْ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (فَيَنْظُرُ الرَّامِي إِلَى نَصْلِهِ إِلَى رِصَافِهِ فَيَتَمَارَى فِي الْفُوقَةِ) وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى يَنْظُرُ إِلَى نَضِيِّهِ وَفِيهَا ثُمَّ يَنْظُرُ إِلَى قُذَذِهِ وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى فَيَنْظُرُ فِي النَّضِيِّ فَلَا يَرَى بَصِيرَةً وَيَنْظُرُ فِي الْفُوقِ فَلَا يَرَى بَصِيرَةً أَمَّا الرِّصَافُ فَبِكَسْرِ الرَّاءِ وَبِالصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وهو مدخل النصل من السهم والنصل هو حديدة السهم والقدح عوده والقذذ بِضَمِّ الْقَافِ وَبِذَالَيْنِ مُعْجَمَتَيْنِ وَهُوَ رِيشُ السَّهْمِ والفوق والفوقة بِضَمِّ الْفَاءِ هُوَ الْحَزُّ الَّذِي يُجْعَلُ فِيهِ الوتر والنضى بِفَتْحِ النُّونِ وَكَسْرِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ وهو القدح كذا جَاءَ فِي كِتَابِ مُسْلِمٍ مُفَسَّرًا وَكَذَا قَالَهُ الْأَصْمَعِيُّ.
.
وَأَمَّا الْبَصِيرُ فَبِفَتْحِ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَكَسْرِ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وَهِيَ الشَّيْءُ مِنَ الدَّمِ أَيْ لَا يَرَى شَيْئًا مِنَ الدَّمِ يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى إِصَابَةِ الرَّمِيَّةِ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (قَدْ خِبْتُ وَخَسِرْتُ إِنْ لَمْ أَعْدِلْ) قَدْ سَبَقَ الْخِلَافُ فِي فَتْحِ التَّاءِ وَضَمِّهَا فِي هَذَا الْبَابِ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ(وَمِثْلُ الْبَضْعَةِ تَدَرْدَرُ) الْبَضْعَةِ بِفَتْحِ الْبَاءِ لَا غَيْرَ وَهِيَ الْقِطْعَةُ من اللحم وتدردر مَعْنَاهُ تَضْطَرِبُ وَتَذْهَبُ وَتَجِيءُ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (يَخْرُجُونَ عَلَى حِينِ فُرْقَةٍ مِنَ النَّاسِ) ضَبَطُوهُ فِي الصَّحِيحِ بِوَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا حِينِ فرقه بحاء مهملة مكسورة ونون وفرقة بِضَمِّ الْفَاءِ أَيْ فِي وَقْتِ افْتِرَاقِ النَّاسِ أَيِ افْتِرَاقٍ يَقَعُ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَهُوَ الِافْتِرَاقُ الَّذِي كَانَ بَيْنَ عَلِيٍّ وَمُعَاوِيَةَ رَضِيَ اللَّهُ عنهما والثاني خير فرقة بخاء معجمة مفتوحة وراء وفرقة بكسر الفاء أي أفضل الْفِرْقَتَيْنِ وَالْأَوَّلُ أَشْهَرُ وَأَكْثَرُ وَيُؤَيِّدُهُ الرِّوَايَةُ الَّتِي بَعْدَ هَذِهِ يَخْرُجُونَ فِي فُرْقَةٍ مِنَ النَّاسِ فَإِنَّهُ بِضَمِّ الْفَاءِ بِلَا خِلَافٍ وَمَعْنَاهُ ظَاهِرٌ.
وَقَالَ الْقَاضِي عَلَى رِوَايَةِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ الْمُرَادُ وَخَيْرُ الْقُرُونِ وَهُمُ الصَّدْرُ الْأَوَّلُ قَالَ أَوْ يَكُونُ الْمُرَادُ عَلِيًّا وَأَصْحَابَهُ فَعَلَيْهِ كَانَ خُرُوجُهُمْ حَقِيقَةً لِأَنَّهُ كَانَ الْإِمَامَ حِينَئِذٍ وَفِيهِ حُجَّةٌ لِأَهْلِ السُّنَّةِ أَنَّ عَلِيًّا كَانَ مُصِيبًا فِي قتاله والآخرون بغاة لاسيما مَعَ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْتُلُهُمْ أَوْلَى الطَّائِفَتَيْنِ بِالْحَقِّ وَعَلِيٌّ وَأَصْحَابُهُ الَّذِينَ قَتَلُوهُمْ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مُعْجِزَاتٌ ظَاهِرَةٌ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّهُ أَخْبَرَ بِهَذَا وَجَرَى كُلُّهُ كَفَلَقِ الصُّبْحِ وَيَتَضَمَّنُ بَقَاءَ الْأُمَّةِ بَعْدَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَّ لَهُمْ شَوْكَةً وَقُوَّةً خِلَافَ مَا كَانَ الْمُبْطِلُونَ يُشِيعُونَهُ وَأَنَّهُمْ يَفْتَرِقُونَ فِرْقَتَيْنِ وَأَنَّهُ يَخْرُجُ عَلَيْهِ طَائِفَةٌ مَارِقَةٌ وَأَنَّهُمْ يُشَدِّدُونَ فِي الدِّينِ فِي غَيْرِ مَوْضِعِ التَّشْدِيدِ وَيُبَالِغُونَ فِي الصَّلَاةِ وَالْقِرَاءَةِ وَلَا يُقِيمُونَ بِحُقُوقِ الْإِسْلَامِ بَلْ يَمْرُقُونَ مِنْهُ وَأَنَّهُمْ يُقَاتِلُونَ أَهْلَ الْحَقِّوَأَنَّ أَهْلَ الْحَقِّ يَقْتُلُونَهُمْ وَأَنَّ فِيهِمْ رَجُلًا صِفَةُ يَدِهِ كَذَا وَكَذَا فَهَذِهِ أَنْوَاعٌ مِنَ المعجزات جرت كلها وَلِلَّهِ الْحَمْدُ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (سِيمَاهُمُ التَّحَالُقُ) السِّيمَا الْعَلَامَةُ وَفِيهَا ثَلَاثُ لُغَاتٍ الْقَصْرُ وَهُوَ الْأَفْصَحُ وَبِهِ جَاءَ الْقُرْآنُ وَالْمَدُّ وَالثَّالِثَةُ السِّيمِيَاءُ بِزِيَادَةِ يَاءٍ مَعَ الْمَدِّ لَا غَيْرَ وَالْمُرَادُ بالتحالق حلق الرؤوس وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى التَّحَلُّقُ وَاسْتَدَلَّ بِهِ بَعْضُ النَّاسِ عَلَى كَرَاهَةِ حَلْقِ الرَّأْسِ وَلَا دَلَالَةَ فِيهِ وَإِنَّمَا هُوَ عَلَامَةٌ لَهُمْ وَالْعَلَامَةُ قَدْ تَكُونُ بِحِرَامٍ وَقَدْ تَكُونُ بِمُبَاحٍ كَمَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آيَتُهُمْ رَجُلٌ أَسْوَدُ إِحْدَى عَضُدَيْهِ مِثْلُ ثَدْيِ الْمَرْأَةِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ هَذَا لَيْسَ بِحِرَامٍ وَقَدْ ثَبَتَ فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ بِإِسْنَادٍ عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ إن رسول الله صلى الله عليه وسلم (رَأَى صَبِيًّا قَدْ حَلَقَ بَعْضَ رَأْسِهِ فَقَالَ احْلِقُوهُ كُلَّهُ أَوِ اتْرُكُوهُ كُلَّهُ) وَهَذَا صَرِيحٌ فِي إِبَاحَةِ حَلْقِ الرَّأْسِ لَا يَحْتَمِلُ تَأْوِيلًا قَالَ أَصْحَابُنَا حَلْقُ الرَّأْسِ جَائِزٌ بِكُلِّ حَالٍ لَكِنْ إِنْ شَقَّ عَلَيْهِ تَعَهُّدُهُ بِالدُّهْنِ وَالتَّسْرِيحِ اسْتُحِبَّ حَلْقُهُ وَإِنْ لَمْ يَشُقَّ اسْتُحِبَّ تَرْكُهُ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (هُمْ شَرُّ الْخَلْقِ أَوْ مِنْ أَشَرِّ الْخَلْقِ) هَكَذَا هُوَ فِي كُلِّ النُّسَخِ أَوْ مِنْ أَشَرِّ بِالْأَلِفِ وَهِيَ لُغَةٌ قَلِيلَةٌ وَالْمَشْهُورُ شَرُّ بِغَيْرِ أَلِفٍ وَفِي هَذَا اللَّفْظِ دَلَالَةٌ لِمَنْ قَالَ بِتَكْفِيرِهِمْ وَتَأَوَّلَهُ الْجُمْهُورُ أَيْ شَرُّ الْمُسْلِمِينَ وَنَحْوِ ذَلِكَ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (يَقْتُلُهُمْ أَوْلَى الطَّائِفَتَيْنِ إِلَى الْحَقِّ) وَفِي رِوَايَةٍ أَوْلَى الطَّائِفَتَيْنِ بِالْحَقِّ وَفِي رِوَايَةٍ تَكُونُ أُمَّتِي فِرْقَتَيْنِ فَتَخْرُجُ مِنْ بَيْنِهِمَا مَارِقَةٌ تَلِي قَتْلَهُمْ أَوْلَاهُمَابِالْحَقِّ هَذِهِ الرِّوَايَاتُ صَرِيحَةٌ فِي أَنَّ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَانَ هُوَ الْمُصِيبَ الْمُحِقَّ وَالطَّائِفَةُ الْأُخْرَى أَصْحَابُ مُعَاوِيَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَانُوا بُغَاةً مُتَأَوِّلِينَ وَفِيهِ التَّصْرِيحُ بِأَنَّ الطَّائِفَتَيْنِ مُؤْمِنُونَ لَا يَخْرُجُونَ بِالْقِتَالِ عَنِ الْإِيمَانِ وَلَا يَفْسُقُونَ وَهَذَا مَذْهَبُنَا وَمَذْهَبُ مُوَافِقِينَا .
قَوْلُهُ (حَدَّثَنَا القاسم وهو بن الْفَضْلِ الْحُدَّانِيُّ) هُوَ بِضَمِّ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَتَشْدِيدِ الدَّالِ بَعْدَ الْأَلِفِ نُونٌ .
قَوْلُهُ (عَنِوَأَمَّا الْجَبِينِ فَهُوَ جَانِبُ الْجَبْهَةِ وَلِكُلِّ إِنْسَانٍ جَبِينَانِ يَكْتَنِفَانِ الْجَبْهَةَ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إِنَّ مِنْ ضئضىء هَذَا قَوْمًا) هُوَ بِضَادَيْنِ مُعْجَمَتَيْنِ مَكْسُورَتَيْنِ وَآخِرُهُ مَهْمُوزٌ وَهُوَ أَصْلُ الشَّيْءِ وَهَكَذَا هُوَ فِي جَمِيعِ نُسَخِ بِلَادِنَا وَحَكَاهُ الْقَاضِي عَنِ الْجُمْهُورِ وَعَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّهُ ضَبَطَهُ بِالْمُعْجَمَتَيْنِ وَالْمُهْمَلَتَيْنِ جَمِيعًا وَهَذَا صَحِيحٌ فِي اللُّغَةِ قَالُوا وَلِأَصْلِ الشَّيْءِ أَسْمَاءٌ كَثِيرَةٌ مِنْهَا الضِّئْضِئُ بِالْمُعْجَمَتَيْنِ وَالْمُهْمَلَتَيْنِ وَالنِّجَارُ بكسر النون والنحاس والسنخ بكسر السين واسكان النون وبخاء معجمة والعنصر والعنض والأرومة .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (لَئِنْ أَدْرَكْتُهُمْ لَأَقْتُلَنَّهُمْ قَتْلَ عَادٍ) أَيْ قَتْلًا عَامًّا مُسْتَأْصِلًا كَمَا قَالَ تَعَالَى فَهَلْ تَرَى لَهُمْ مِنْ باقية وَفِيهِ الْحَثُّ عَلَى قِتَالِهِمْ وَفَضِيلَةٌ لِعَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي قِتَالِهِمْ .
قَوْلُهُ (فِي أَدِيمٍ مَقْرُوظٍ) أَيْ مَدْبُوغٍ بِالْقَرَظِ .
قَوْلُهُ (لَمْ تُحَصَّلْ مِنْ تُرَابِهَا) أَيْ لَمْ تُمَيَّزْ .
قَوْلُهُ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ (وَالرَّابِعُ إِمَّا عَلْقَمَةُ بْنُ عُلَاثَةَ وَإِمَّا عَامِرُ بْنُ الطُّفَيْلِ) قَالَ الْعُلَمَاءُ ذِكْرُ عَامِرٍ هُنَا غَلَطٌ ظَاهِرٌ لِأَنَّهُ تُوُفِّيَ قَبْلَ هَذَا بِسِنِينَ وَالصَّوَابُ الْجَزْمُ بِأَنَّهُ عَلْقَمَةُ بْنُ علاثةكَمَا هُوَ مَجْزُومٌ فِي بَاقِي الرِّوَايَاتِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إِنِّي لَمْ أُومَرْ أَنْ أَنْقُبَ عَنْ قُلُوبِ النَّاسِ وَلَا أَشُقَّ بُطُونَهُمْ) مَعْنَاهُ إِنِّي أُمِرْتُ بِالْحُكْمِ بِالظَّاهِرِ وَاللَّهُ يَتَوَلَّى السَّرَائِرَ كَمَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِذَا قَالُوا ذَلِكَ فَقَدْ عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلَّا بِحَقِّهَا وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ وَفِي الْحَدِيثِ هَلَّا شَقَقْتَ عَنْ قلبه قوله (وهو مقف) أي مولى قَدْ أَعْطَانَا قَفَاهُ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ تَعَالَى لَيِّنًا رَطْبًا) هَكَذَا هُوَ فِي أَكْثَرِ النُّسَخِ لَيِّنًا بِالنُّونِ أي سهلاوَفِي كَثِيرٍ مِنَ النُّسَخِ لَيًّا بِحَذْفِ النُّونِ وَأَشَارَ الْقَاضِي إِلَى أَنَّهُ رِوَايَةُ أَكْثَرِ شُيُوخِهِمْ قَالَ وَمَعْنَاهُ سَهْلًا لِكَثْرَةِ حِفْظِهِمْ قَالَ وَقِيلَ لَيًّا أَيْ يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِهِ أَيْ يُحَرِّفُونَ مَعَانِيَهُ وَتَأْوِيلَهُ قَالَ وَقَدْ يَكُونُ مِنَ اللَّيِّ في الشهادة وهو الميل قاله بن قُتَيْبَةَ (.
قَوْلُهُ (فَسَأَلَاهُ عَنِ الْحَرُورِيَّةِ) هُمُ الْخَوَارِجُ سُمُّوا حَرُورِيَّةً لِأَنَّهُمْ نَزَلُوا حَرُورَاءَ وَتَعَاقَدُوا عِنْدَهَا عَلَى قِتَالِ أَهْلِ الْعَدْلِ وَحَرُورَاءَ بِفَتْحِ الْحَاءِ وَبِالْمَدِّ قَرْيَةٌ بِالْعِرَاقِ قَرِيبَةٌ مِنَ الْكُوفَةِ وَسُمُّوا خَوَارِجَ لِخُرُوجِهِمْ عَلَى الْجَمَاعَةِ وَقِيلَ لِخُرُوجِهِمْ عَنْ طَرِيقِ الْجَمَاعَةِ وَقِيلَ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْرُجُ مِنْ ضِئْضِئِ هَذَا .
قَوْلُهُ (سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول يَخْرُجُ فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ وَلَمْ يَقُلْ مِنْهَا) قَالَ الْمَازِرِيُّ هَذَا مِنْ أَدَلِّ الدَّلَائِلِ عَلَى سَعَةِ عِلْمِ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَدَقِيقُ نَظَرِهِمْ وَتَحْرِيرُهُمُ الْأَلْفَاظَ وَفَرْقُهُمْ بَيْنَ مَدْلُولَاتِهَا الْخَفِيَّةِ لِأَنَّ لَفْظَةَ مِنْ تَقْتَضِي كَوْنَهُمْ مِنَ الْأُمَّةِ لَا كُفَّارًا بِخِلَافِ فِي وَمَعَ هَذَا فَقَدْ جَاءَ بَعْدَ هَذَا مِنْ رِوَايَةِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَخْرُجُ مِنْ أُمَّتِي قَوْمٌ وَفِي رواية أبي ذرانبَعْدِي مِنْ أُمَّتِي أَوْ سَيَكُونُ بَعْدِي مِنْ أُمَّتِي وَقَدْ سَبَقَ الْخِلَافُ فِي تَكْفِيرِهِمْ وَأَنَّ الصَّحِيحَ عَدَمُ تَكْفِيرِهِمْ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (فَيَنْظُرُ الرَّامِي إِلَى نَصْلِهِ إِلَى رِصَافِهِ فَيَتَمَارَى فِي الْفُوقَةِ) وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى يَنْظُرُ إِلَى نَضِيِّهِ وَفِيهَا ثُمَّ يَنْظُرُ إِلَى قُذَذِهِ وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى فَيَنْظُرُ فِي النَّضِيِّ فَلَا يَرَى بَصِيرَةً وَيَنْظُرُ فِي الْفُوقِ فَلَا يَرَى بَصِيرَةً أَمَّا الرِّصَافُ فَبِكَسْرِ الرَّاءِ وَبِالصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وهو مدخل النصل من السهم والنصل هو حديدة السهم والقدح عوده والقذذ بِضَمِّ الْقَافِ وَبِذَالَيْنِ مُعْجَمَتَيْنِ وَهُوَ رِيشُ السَّهْمِ والفوق والفوقة بِضَمِّ الْفَاءِ هُوَ الْحَزُّ الَّذِي يُجْعَلُ فِيهِ الوتر والنضى بِفَتْحِ النُّونِ وَكَسْرِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ وهو القدح كذا جَاءَ فِي كِتَابِ مُسْلِمٍ مُفَسَّرًا وَكَذَا قَالَهُ الْأَصْمَعِيُّ.
.
وَأَمَّا الْبَصِيرُ فَبِفَتْحِ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَكَسْرِ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وَهِيَ الشَّيْءُ مِنَ الدَّمِ أَيْ لَا يَرَى شَيْئًا مِنَ الدَّمِ يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى إِصَابَةِ الرَّمِيَّةِ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (قَدْ خِبْتُ وَخَسِرْتُ إِنْ لَمْ أَعْدِلْ) قَدْ سَبَقَ الْخِلَافُ فِي فَتْحِ التَّاءِ وَضَمِّهَا فِي هَذَا الْبَابِ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ(وَمِثْلُ الْبَضْعَةِ تَدَرْدَرُ) الْبَضْعَةِ بِفَتْحِ الْبَاءِ لَا غَيْرَ وَهِيَ الْقِطْعَةُ من اللحم وتدردر مَعْنَاهُ تَضْطَرِبُ وَتَذْهَبُ وَتَجِيءُ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (يَخْرُجُونَ عَلَى حِينِ فُرْقَةٍ مِنَ النَّاسِ) ضَبَطُوهُ فِي الصَّحِيحِ بِوَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا حِينِ فرقه بحاء مهملة مكسورة ونون وفرقة بِضَمِّ الْفَاءِ أَيْ فِي وَقْتِ افْتِرَاقِ النَّاسِ أَيِ افْتِرَاقٍ يَقَعُ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَهُوَ الِافْتِرَاقُ الَّذِي كَانَ بَيْنَ عَلِيٍّ وَمُعَاوِيَةَ رَضِيَ اللَّهُ عنهما والثاني خير فرقة بخاء معجمة مفتوحة وراء وفرقة بكسر الفاء أي أفضل الْفِرْقَتَيْنِ وَالْأَوَّلُ أَشْهَرُ وَأَكْثَرُ وَيُؤَيِّدُهُ الرِّوَايَةُ الَّتِي بَعْدَ هَذِهِ يَخْرُجُونَ فِي فُرْقَةٍ مِنَ النَّاسِ فَإِنَّهُ بِضَمِّ الْفَاءِ بِلَا خِلَافٍ وَمَعْنَاهُ ظَاهِرٌ.
وَقَالَ الْقَاضِي عَلَى رِوَايَةِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ الْمُرَادُ وَخَيْرُ الْقُرُونِ وَهُمُ الصَّدْرُ الْأَوَّلُ قَالَ أَوْ يَكُونُ الْمُرَادُ عَلِيًّا وَأَصْحَابَهُ فَعَلَيْهِ كَانَ خُرُوجُهُمْ حَقِيقَةً لِأَنَّهُ كَانَ الْإِمَامَ حِينَئِذٍ وَفِيهِ حُجَّةٌ لِأَهْلِ السُّنَّةِ أَنَّ عَلِيًّا كَانَ مُصِيبًا فِي قتاله والآخرون بغاة لاسيما مَعَ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْتُلُهُمْ أَوْلَى الطَّائِفَتَيْنِ بِالْحَقِّ وَعَلِيٌّ وَأَصْحَابُهُ الَّذِينَ قَتَلُوهُمْ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مُعْجِزَاتٌ ظَاهِرَةٌ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّهُ أَخْبَرَ بِهَذَا وَجَرَى كُلُّهُ كَفَلَقِ الصُّبْحِ وَيَتَضَمَّنُ بَقَاءَ الْأُمَّةِ بَعْدَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَّ لَهُمْ شَوْكَةً وَقُوَّةً خِلَافَ مَا كَانَ الْمُبْطِلُونَ يُشِيعُونَهُ وَأَنَّهُمْ يَفْتَرِقُونَ فِرْقَتَيْنِ وَأَنَّهُ يَخْرُجُ عَلَيْهِ طَائِفَةٌ مَارِقَةٌ وَأَنَّهُمْ يُشَدِّدُونَ فِي الدِّينِ فِي غَيْرِ مَوْضِعِ التَّشْدِيدِ وَيُبَالِغُونَ فِي الصَّلَاةِ وَالْقِرَاءَةِ وَلَا يُقِيمُونَ بِحُقُوقِ الْإِسْلَامِ بَلْ يَمْرُقُونَ مِنْهُ وَأَنَّهُمْ يُقَاتِلُونَ أَهْلَ الْحَقِّوَأَنَّ أَهْلَ الْحَقِّ يَقْتُلُونَهُمْ وَأَنَّ فِيهِمْ رَجُلًا صِفَةُ يَدِهِ كَذَا وَكَذَا فَهَذِهِ أَنْوَاعٌ مِنَ المعجزات جرت كلها وَلِلَّهِ الْحَمْدُ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (سِيمَاهُمُ التَّحَالُقُ) السِّيمَا الْعَلَامَةُ وَفِيهَا ثَلَاثُ لُغَاتٍ الْقَصْرُ وَهُوَ الْأَفْصَحُ وَبِهِ جَاءَ الْقُرْآنُ وَالْمَدُّ وَالثَّالِثَةُ السِّيمِيَاءُ بِزِيَادَةِ يَاءٍ مَعَ الْمَدِّ لَا غَيْرَ وَالْمُرَادُ بالتحالق حلق الرؤوس وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى التَّحَلُّقُ وَاسْتَدَلَّ بِهِ بَعْضُ النَّاسِ عَلَى كَرَاهَةِ حَلْقِ الرَّأْسِ وَلَا دَلَالَةَ فِيهِ وَإِنَّمَا هُوَ عَلَامَةٌ لَهُمْ وَالْعَلَامَةُ قَدْ تَكُونُ بِحِرَامٍ وَقَدْ تَكُونُ بِمُبَاحٍ كَمَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آيَتُهُمْ رَجُلٌ أَسْوَدُ إِحْدَى عَضُدَيْهِ مِثْلُ ثَدْيِ الْمَرْأَةِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ هَذَا لَيْسَ بِحِرَامٍ وَقَدْ ثَبَتَ فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ بِإِسْنَادٍ عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ إن رسول الله صلى الله عليه وسلم (رَأَى صَبِيًّا قَدْ حَلَقَ بَعْضَ رَأْسِهِ فَقَالَ احْلِقُوهُ كُلَّهُ أَوِ اتْرُكُوهُ كُلَّهُ) وَهَذَا صَرِيحٌ فِي إِبَاحَةِ حَلْقِ الرَّأْسِ لَا يَحْتَمِلُ تَأْوِيلًا قَالَ أَصْحَابُنَا حَلْقُ الرَّأْسِ جَائِزٌ بِكُلِّ حَالٍ لَكِنْ إِنْ شَقَّ عَلَيْهِ تَعَهُّدُهُ بِالدُّهْنِ وَالتَّسْرِيحِ اسْتُحِبَّ حَلْقُهُ وَإِنْ لَمْ يَشُقَّ اسْتُحِبَّ تَرْكُهُ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (هُمْ شَرُّ الْخَلْقِ أَوْ مِنْ أَشَرِّ الْخَلْقِ) هَكَذَا هُوَ فِي كُلِّ النُّسَخِ أَوْ مِنْ أَشَرِّ بِالْأَلِفِ وَهِيَ لُغَةٌ قَلِيلَةٌ وَالْمَشْهُورُ شَرُّ بِغَيْرِ أَلِفٍ وَفِي هَذَا اللَّفْظِ دَلَالَةٌ لِمَنْ قَالَ بِتَكْفِيرِهِمْ وَتَأَوَّلَهُ الْجُمْهُورُ أَيْ شَرُّ الْمُسْلِمِينَ وَنَحْوِ ذَلِكَ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (يَقْتُلُهُمْ أَوْلَى الطَّائِفَتَيْنِ إِلَى الْحَقِّ) وَفِي رِوَايَةٍ أَوْلَى الطَّائِفَتَيْنِ بِالْحَقِّ وَفِي رِوَايَةٍ تَكُونُ أُمَّتِي فِرْقَتَيْنِ فَتَخْرُجُ مِنْ بَيْنِهِمَا مَارِقَةٌ تَلِي قَتْلَهُمْ أَوْلَاهُمَابِالْحَقِّ هَذِهِ الرِّوَايَاتُ صَرِيحَةٌ فِي أَنَّ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَانَ هُوَ الْمُصِيبَ الْمُحِقَّ وَالطَّائِفَةُ الْأُخْرَى أَصْحَابُ مُعَاوِيَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَانُوا بُغَاةً مُتَأَوِّلِينَ وَفِيهِ التَّصْرِيحُ بِأَنَّ الطَّائِفَتَيْنِ مُؤْمِنُونَ لَا يَخْرُجُونَ بِالْقِتَالِ عَنِ الْإِيمَانِ وَلَا يَفْسُقُونَ وَهَذَا مَذْهَبُنَا وَمَذْهَبُ مُوَافِقِينَا .
قَوْلُهُ (حَدَّثَنَا القاسم وهو بن الْفَضْلِ الْحُدَّانِيُّ) هُوَ بِضَمِّ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَتَشْدِيدِ الدَّالِ بَعْدَ الْأَلِفِ نُونٌ .
قَوْلُهُ (عَنِوَأَمَّا الْجَبِينِ فَهُوَ جَانِبُ الْجَبْهَةِ وَلِكُلِّ إِنْسَانٍ جَبِينَانِ يَكْتَنِفَانِ الْجَبْهَةَ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إِنَّ مِنْ ضئضىء هَذَا قَوْمًا) هُوَ بِضَادَيْنِ مُعْجَمَتَيْنِ مَكْسُورَتَيْنِ وَآخِرُهُ مَهْمُوزٌ وَهُوَ أَصْلُ الشَّيْءِ وَهَكَذَا هُوَ فِي جَمِيعِ نُسَخِ بِلَادِنَا وَحَكَاهُ الْقَاضِي عَنِ الْجُمْهُورِ وَعَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّهُ ضَبَطَهُ بِالْمُعْجَمَتَيْنِ وَالْمُهْمَلَتَيْنِ جَمِيعًا وَهَذَا صَحِيحٌ فِي اللُّغَةِ قَالُوا وَلِأَصْلِ الشَّيْءِ أَسْمَاءٌ كَثِيرَةٌ مِنْهَا الضِّئْضِئُ بِالْمُعْجَمَتَيْنِ وَالْمُهْمَلَتَيْنِ وَالنِّجَارُ بكسر النون والنحاس والسنخ بكسر السين واسكان النون وبخاء معجمة والعنصر والعنض والأرومة .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (لَئِنْ أَدْرَكْتُهُمْ لَأَقْتُلَنَّهُمْ قَتْلَ عَادٍ) أَيْ قَتْلًا عَامًّا مُسْتَأْصِلًا كَمَا قَالَ تَعَالَى فَهَلْ تَرَى لَهُمْ مِنْ باقية وَفِيهِ الْحَثُّ عَلَى قِتَالِهِمْ وَفَضِيلَةٌ لِعَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي قِتَالِهِمْ .
قَوْلُهُ (فِي أَدِيمٍ مَقْرُوظٍ) أَيْ مَدْبُوغٍ بِالْقَرَظِ .
قَوْلُهُ (لَمْ تُحَصَّلْ مِنْ تُرَابِهَا) أَيْ لَمْ تُمَيَّزْ .
قَوْلُهُ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ (وَالرَّابِعُ إِمَّا عَلْقَمَةُ بْنُ عُلَاثَةَ وَإِمَّا عَامِرُ بْنُ الطُّفَيْلِ) قَالَ الْعُلَمَاءُ ذِكْرُ عَامِرٍ هُنَا غَلَطٌ ظَاهِرٌ لِأَنَّهُ تُوُفِّيَ قَبْلَ هَذَا بِسِنِينَ وَالصَّوَابُ الْجَزْمُ بِأَنَّهُ عَلْقَمَةُ بْنُ علاثةكَمَا هُوَ مَجْزُومٌ فِي بَاقِي الرِّوَايَاتِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إِنِّي لَمْ أُومَرْ أَنْ أَنْقُبَ عَنْ قُلُوبِ النَّاسِ وَلَا أَشُقَّ بُطُونَهُمْ) مَعْنَاهُ إِنِّي أُمِرْتُ بِالْحُكْمِ بِالظَّاهِرِ وَاللَّهُ يَتَوَلَّى السَّرَائِرَ كَمَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِذَا قَالُوا ذَلِكَ فَقَدْ عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلَّا بِحَقِّهَا وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ وَفِي الْحَدِيثِ هَلَّا شَقَقْتَ عَنْ قلبه قوله (وهو مقف) أي مولى قَدْ أَعْطَانَا قَفَاهُ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ تَعَالَى لَيِّنًا رَطْبًا) هَكَذَا هُوَ فِي أَكْثَرِ النُّسَخِ لَيِّنًا بِالنُّونِ أي سهلاوَفِي كَثِيرٍ مِنَ النُّسَخِ لَيًّا بِحَذْفِ النُّونِ وَأَشَارَ الْقَاضِي إِلَى أَنَّهُ رِوَايَةُ أَكْثَرِ شُيُوخِهِمْ قَالَ وَمَعْنَاهُ سَهْلًا لِكَثْرَةِ حِفْظِهِمْ قَالَ وَقِيلَ لَيًّا أَيْ يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِهِ أَيْ يُحَرِّفُونَ مَعَانِيَهُ وَتَأْوِيلَهُ قَالَ وَقَدْ يَكُونُ مِنَ اللَّيِّ في الشهادة وهو الميل قاله بن قُتَيْبَةَ (.
قَوْلُهُ (فَسَأَلَاهُ عَنِ الْحَرُورِيَّةِ) هُمُ الْخَوَارِجُ سُمُّوا حَرُورِيَّةً لِأَنَّهُمْ نَزَلُوا حَرُورَاءَ وَتَعَاقَدُوا عِنْدَهَا عَلَى قِتَالِ أَهْلِ الْعَدْلِ وَحَرُورَاءَ بِفَتْحِ الْحَاءِ وَبِالْمَدِّ قَرْيَةٌ بِالْعِرَاقِ قَرِيبَةٌ مِنَ الْكُوفَةِ وَسُمُّوا خَوَارِجَ لِخُرُوجِهِمْ عَلَى الْجَمَاعَةِ وَقِيلَ لِخُرُوجِهِمْ عَنْ طَرِيقِ الْجَمَاعَةِ وَقِيلَ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْرُجُ مِنْ ضِئْضِئِ هَذَا .
قَوْلُهُ (سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول يَخْرُجُ فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ وَلَمْ يَقُلْ مِنْهَا) قَالَ الْمَازِرِيُّ هَذَا مِنْ أَدَلِّ الدَّلَائِلِ عَلَى سَعَةِ عِلْمِ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَدَقِيقُ نَظَرِهِمْ وَتَحْرِيرُهُمُ الْأَلْفَاظَ وَفَرْقُهُمْ بَيْنَ مَدْلُولَاتِهَا الْخَفِيَّةِ لِأَنَّ لَفْظَةَ مِنْ تَقْتَضِي كَوْنَهُمْ مِنَ الْأُمَّةِ لَا كُفَّارًا بِخِلَافِ فِي وَمَعَ هَذَا فَقَدْ جَاءَ بَعْدَ هَذَا مِنْ رِوَايَةِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَخْرُجُ مِنْ أُمَّتِي قَوْمٌ وَفِي رواية أبي ذرانبَعْدِي مِنْ أُمَّتِي أَوْ سَيَكُونُ بَعْدِي مِنْ أُمَّتِي وَقَدْ سَبَقَ الْخِلَافُ فِي تَكْفِيرِهِمْ وَأَنَّ الصَّحِيحَ عَدَمُ تَكْفِيرِهِمْ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (فَيَنْظُرُ الرَّامِي إِلَى نَصْلِهِ إِلَى رِصَافِهِ فَيَتَمَارَى فِي الْفُوقَةِ) وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى يَنْظُرُ إِلَى نَضِيِّهِ وَفِيهَا ثُمَّ يَنْظُرُ إِلَى قُذَذِهِ وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى فَيَنْظُرُ فِي النَّضِيِّ فَلَا يَرَى بَصِيرَةً وَيَنْظُرُ فِي الْفُوقِ فَلَا يَرَى بَصِيرَةً أَمَّا الرِّصَافُ فَبِكَسْرِ الرَّاءِ وَبِالصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وهو مدخل النصل من السهم والنصل هو حديدة السهم والقدح عوده والقذذ بِضَمِّ الْقَافِ وَبِذَالَيْنِ مُعْجَمَتَيْنِ وَهُوَ رِيشُ السَّهْمِ والفوق والفوقة بِضَمِّ الْفَاءِ هُوَ الْحَزُّ الَّذِي يُجْعَلُ فِيهِ الوتر والنضى بِفَتْحِ النُّونِ وَكَسْرِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ وهو القدح كذا جَاءَ فِي كِتَابِ مُسْلِمٍ مُفَسَّرًا وَكَذَا قَالَهُ الْأَصْمَعِيُّ.
.
وَأَمَّا الْبَصِيرُ فَبِفَتْحِ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَكَسْرِ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وَهِيَ الشَّيْءُ مِنَ الدَّمِ أَيْ لَا يَرَى شَيْئًا مِنَ الدَّمِ يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى إِصَابَةِ الرَّمِيَّةِ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (قَدْ خِبْتُ وَخَسِرْتُ إِنْ لَمْ أَعْدِلْ) قَدْ سَبَقَ الْخِلَافُ فِي فَتْحِ التَّاءِ وَضَمِّهَا فِي هَذَا الْبَابِ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ(وَمِثْلُ الْبَضْعَةِ تَدَرْدَرُ) الْبَضْعَةِ بِفَتْحِ الْبَاءِ لَا غَيْرَ وَهِيَ الْقِطْعَةُ من اللحم وتدردر مَعْنَاهُ تَضْطَرِبُ وَتَذْهَبُ وَتَجِيءُ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (يَخْرُجُونَ عَلَى حِينِ فُرْقَةٍ مِنَ النَّاسِ) ضَبَطُوهُ فِي الصَّحِيحِ بِوَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا حِينِ فرقه بحاء مهملة مكسورة ونون وفرقة بِضَمِّ الْفَاءِ أَيْ فِي وَقْتِ افْتِرَاقِ النَّاسِ أَيِ افْتِرَاقٍ يَقَعُ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَهُوَ الِافْتِرَاقُ الَّذِي كَانَ بَيْنَ عَلِيٍّ وَمُعَاوِيَةَ رَضِيَ اللَّهُ عنهما والثاني خير فرقة بخاء معجمة مفتوحة وراء وفرقة بكسر الفاء أي أفضل الْفِرْقَتَيْنِ وَالْأَوَّلُ أَشْهَرُ وَأَكْثَرُ وَيُؤَيِّدُهُ الرِّوَايَةُ الَّتِي بَعْدَ هَذِهِ يَخْرُجُونَ فِي فُرْقَةٍ مِنَ النَّاسِ فَإِنَّهُ بِضَمِّ الْفَاءِ بِلَا خِلَافٍ وَمَعْنَاهُ ظَاهِرٌ.
وَقَالَ الْقَاضِي عَلَى رِوَايَةِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ الْمُرَادُ وَخَيْرُ الْقُرُونِ وَهُمُ الصَّدْرُ الْأَوَّلُ قَالَ أَوْ يَكُونُ الْمُرَادُ عَلِيًّا وَأَصْحَابَهُ فَعَلَيْهِ كَانَ خُرُوجُهُمْ حَقِيقَةً لِأَنَّهُ كَانَ الْإِمَامَ حِينَئِذٍ وَفِيهِ حُجَّةٌ لِأَهْلِ السُّنَّةِ أَنَّ عَلِيًّا كَانَ مُصِيبًا فِي قتاله والآخرون بغاة لاسيما مَعَ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْتُلُهُمْ أَوْلَى الطَّائِفَتَيْنِ بِالْحَقِّ وَعَلِيٌّ وَأَصْحَابُهُ الَّذِينَ قَتَلُوهُمْ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مُعْجِزَاتٌ ظَاهِرَةٌ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّهُ أَخْبَرَ بِهَذَا وَجَرَى كُلُّهُ كَفَلَقِ الصُّبْحِ وَيَتَضَمَّنُ بَقَاءَ الْأُمَّةِ بَعْدَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَّ لَهُمْ شَوْكَةً وَقُوَّةً خِلَافَ مَا كَانَ الْمُبْطِلُونَ يُشِيعُونَهُ وَأَنَّهُمْ يَفْتَرِقُونَ فِرْقَتَيْنِ وَأَنَّهُ يَخْرُجُ عَلَيْهِ طَائِفَةٌ مَارِقَةٌ وَأَنَّهُمْ يُشَدِّدُونَ فِي الدِّينِ فِي غَيْرِ مَوْضِعِ التَّشْدِيدِ وَيُبَالِغُونَ فِي الصَّلَاةِ وَالْقِرَاءَةِ وَلَا يُقِيمُونَ بِحُقُوقِ الْإِسْلَامِ بَلْ يَمْرُقُونَ مِنْهُ وَأَنَّهُمْ يُقَاتِلُونَ أَهْلَ الْحَقِّوَأَنَّ أَهْلَ الْحَقِّ يَقْتُلُونَهُمْ وَأَنَّ فِيهِمْ رَجُلًا صِفَةُ يَدِهِ كَذَا وَكَذَا فَهَذِهِ أَنْوَاعٌ مِنَ المعجزات جرت كلها وَلِلَّهِ الْحَمْدُ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (سِيمَاهُمُ التَّحَالُقُ) السِّيمَا الْعَلَامَةُ وَفِيهَا ثَلَاثُ لُغَاتٍ الْقَصْرُ وَهُوَ الْأَفْصَحُ وَبِهِ جَاءَ الْقُرْآنُ وَالْمَدُّ وَالثَّالِثَةُ السِّيمِيَاءُ بِزِيَادَةِ يَاءٍ مَعَ الْمَدِّ لَا غَيْرَ وَالْمُرَادُ بالتحالق حلق الرؤوس وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى التَّحَلُّقُ وَاسْتَدَلَّ بِهِ بَعْضُ النَّاسِ عَلَى كَرَاهَةِ حَلْقِ الرَّأْسِ وَلَا دَلَالَةَ فِيهِ وَإِنَّمَا هُوَ عَلَامَةٌ لَهُمْ وَالْعَلَامَةُ قَدْ تَكُونُ بِحِرَامٍ وَقَدْ تَكُونُ بِمُبَاحٍ كَمَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آيَتُهُمْ رَجُلٌ أَسْوَدُ إِحْدَى عَضُدَيْهِ مِثْلُ ثَدْيِ الْمَرْأَةِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ هَذَا لَيْسَ بِحِرَامٍ وَقَدْ ثَبَتَ فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ بِإِسْنَادٍ عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ إن رسول الله صلى الله عليه وسلم (رَأَى صَبِيًّا قَدْ حَلَقَ بَعْضَ رَأْسِهِ فَقَالَ احْلِقُوهُ كُلَّهُ أَوِ اتْرُكُوهُ كُلَّهُ) وَهَذَا صَرِيحٌ فِي إِبَاحَةِ حَلْقِ الرَّأْسِ لَا يَحْتَمِلُ تَأْوِيلًا قَالَ أَصْحَابُنَا حَلْقُ الرَّأْسِ جَائِزٌ بِكُلِّ حَالٍ لَكِنْ إِنْ شَقَّ عَلَيْهِ تَعَهُّدُهُ بِالدُّهْنِ وَالتَّسْرِيحِ اسْتُحِبَّ حَلْقُهُ وَإِنْ لَمْ يَشُقَّ اسْتُحِبَّ تَرْكُهُ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (هُمْ شَرُّ الْخَلْقِ أَوْ مِنْ أَشَرِّ الْخَلْقِ) هَكَذَا هُوَ فِي كُلِّ النُّسَخِ أَوْ مِنْ أَشَرِّ بِالْأَلِفِ وَهِيَ لُغَةٌ قَلِيلَةٌ وَالْمَشْهُورُ شَرُّ بِغَيْرِ أَلِفٍ وَفِي هَذَا اللَّفْظِ دَلَالَةٌ لِمَنْ قَالَ بِتَكْفِيرِهِمْ وَتَأَوَّلَهُ الْجُمْهُورُ أَيْ شَرُّ الْمُسْلِمِينَ وَنَحْوِ ذَلِكَ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (يَقْتُلُهُمْ أَوْلَى الطَّائِفَتَيْنِ إِلَى الْحَقِّ) وَفِي رِوَايَةٍ أَوْلَى الطَّائِفَتَيْنِ بِالْحَقِّ وَفِي رِوَايَةٍ تَكُونُ أُمَّتِي فِرْقَتَيْنِ فَتَخْرُجُ مِنْ بَيْنِهِمَا مَارِقَةٌ تَلِي قَتْلَهُمْ أَوْلَاهُمَابِالْحَقِّ هَذِهِ الرِّوَايَاتُ صَرِيحَةٌ فِي أَنَّ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَانَ هُوَ الْمُصِيبَ الْمُحِقَّ وَالطَّائِفَةُ الْأُخْرَى أَصْحَابُ مُعَاوِيَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَانُوا بُغَاةً مُتَأَوِّلِينَ وَفِيهِ التَّصْرِيحُ بِأَنَّ الطَّائِفَتَيْنِ مُؤْمِنُونَ لَا يَخْرُجُونَ بِالْقِتَالِ عَنِ الْإِيمَانِ وَلَا يَفْسُقُونَ وَهَذَا مَذْهَبُنَا وَمَذْهَبُ مُوَافِقِينَا .
قَوْلُهُ (حَدَّثَنَا القاسم وهو بن الْفَضْلِ الْحُدَّانِيُّ) هُوَ بِضَمِّ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَتَشْدِيدِ الدَّالِ بَعْدَ الْأَلِفِ نُونٌ .
قَوْلُهُ (عَنِوَأَمَّا الْجَبِينِ فَهُوَ جَانِبُ الْجَبْهَةِ وَلِكُلِّ إِنْسَانٍ جَبِينَانِ يَكْتَنِفَانِ الْجَبْهَةَ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إِنَّ مِنْ ضئضىء هَذَا قَوْمًا) هُوَ بِضَادَيْنِ مُعْجَمَتَيْنِ مَكْسُورَتَيْنِ وَآخِرُهُ مَهْمُوزٌ وَهُوَ أَصْلُ الشَّيْءِ وَهَكَذَا هُوَ فِي جَمِيعِ نُسَخِ بِلَادِنَا وَحَكَاهُ الْقَاضِي عَنِ الْجُمْهُورِ وَعَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّهُ ضَبَطَهُ بِالْمُعْجَمَتَيْنِ وَالْمُهْمَلَتَيْنِ جَمِيعًا وَهَذَا صَحِيحٌ فِي اللُّغَةِ قَالُوا وَلِأَصْلِ الشَّيْءِ أَسْمَاءٌ كَثِيرَةٌ مِنْهَا الضِّئْضِئُ بِالْمُعْجَمَتَيْنِ وَالْمُهْمَلَتَيْنِ وَالنِّجَارُ بكسر النون والنحاس والسنخ بكسر السين واسكان النون وبخاء معجمة والعنصر والعنض والأرومة .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (لَئِنْ أَدْرَكْتُهُمْ لَأَقْتُلَنَّهُمْ قَتْلَ عَادٍ) أَيْ قَتْلًا عَامًّا مُسْتَأْصِلًا كَمَا قَالَ تَعَالَى فَهَلْ تَرَى لَهُمْ مِنْ باقية وَفِيهِ الْحَثُّ عَلَى قِتَالِهِمْ وَفَضِيلَةٌ لِعَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي قِتَالِهِمْ .
قَوْلُهُ (فِي أَدِيمٍ مَقْرُوظٍ) أَيْ مَدْبُوغٍ بِالْقَرَظِ .
قَوْلُهُ (لَمْ تُحَصَّلْ مِنْ تُرَابِهَا) أَيْ لَمْ تُمَيَّزْ .
قَوْلُهُ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ (وَالرَّابِعُ إِمَّا عَلْقَمَةُ بْنُ عُلَاثَةَ وَإِمَّا عَامِرُ بْنُ الطُّفَيْلِ) قَالَ الْعُلَمَاءُ ذِكْرُ عَامِرٍ هُنَا غَلَطٌ ظَاهِرٌ لِأَنَّهُ تُوُفِّيَ قَبْلَ هَذَا بِسِنِينَ وَالصَّوَابُ الْجَزْمُ بِأَنَّهُ عَلْقَمَةُ بْنُ علاثةكَمَا هُوَ مَجْزُومٌ فِي بَاقِي الرِّوَايَاتِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إِنِّي لَمْ أُومَرْ أَنْ أَنْقُبَ عَنْ قُلُوبِ النَّاسِ وَلَا أَشُقَّ بُطُونَهُمْ) مَعْنَاهُ إِنِّي أُمِرْتُ بِالْحُكْمِ بِالظَّاهِرِ وَاللَّهُ يَتَوَلَّى السَّرَائِرَ كَمَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِذَا قَالُوا ذَلِكَ فَقَدْ عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلَّا بِحَقِّهَا وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ وَفِي الْحَدِيثِ هَلَّا شَقَقْتَ عَنْ قلبه قوله (وهو مقف) أي مولى قَدْ أَعْطَانَا قَفَاهُ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ تَعَالَى لَيِّنًا رَطْبًا) هَكَذَا هُوَ فِي أَكْثَرِ النُّسَخِ لَيِّنًا بِالنُّونِ أي سهلاوَفِي كَثِيرٍ مِنَ النُّسَخِ لَيًّا بِحَذْفِ النُّونِ وَأَشَارَ الْقَاضِي إِلَى أَنَّهُ رِوَايَةُ أَكْثَرِ شُيُوخِهِمْ قَالَ وَمَعْنَاهُ سَهْلًا لِكَثْرَةِ حِفْظِهِمْ قَالَ وَقِيلَ لَيًّا أَيْ يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِهِ أَيْ يُحَرِّفُونَ مَعَانِيَهُ وَتَأْوِيلَهُ قَالَ وَقَدْ يَكُونُ مِنَ اللَّيِّ في الشهادة وهو الميل قاله بن قُتَيْبَةَ (.
قَوْلُهُ (فَسَأَلَاهُ عَنِ الْحَرُورِيَّةِ) هُمُ الْخَوَارِجُ سُمُّوا حَرُورِيَّةً لِأَنَّهُمْ نَزَلُوا حَرُورَاءَ وَتَعَاقَدُوا عِنْدَهَا عَلَى قِتَالِ أَهْلِ الْعَدْلِ وَحَرُورَاءَ بِفَتْحِ الْحَاءِ وَبِالْمَدِّ قَرْيَةٌ بِالْعِرَاقِ قَرِيبَةٌ مِنَ الْكُوفَةِ وَسُمُّوا خَوَارِجَ لِخُرُوجِهِمْ عَلَى الْجَمَاعَةِ وَقِيلَ لِخُرُوجِهِمْ عَنْ طَرِيقِ الْجَمَاعَةِ وَقِيلَ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْرُجُ مِنْ ضِئْضِئِ هَذَا .
قَوْلُهُ (سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول يَخْرُجُ فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ وَلَمْ يَقُلْ مِنْهَا) قَالَ الْمَازِرِيُّ هَذَا مِنْ أَدَلِّ الدَّلَائِلِ عَلَى سَعَةِ عِلْمِ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَدَقِيقُ نَظَرِهِمْ وَتَحْرِيرُهُمُ الْأَلْفَاظَ وَفَرْقُهُمْ بَيْنَ مَدْلُولَاتِهَا الْخَفِيَّةِ لِأَنَّ لَفْظَةَ مِنْ تَقْتَضِي كَوْنَهُمْ مِنَ الْأُمَّةِ لَا كُفَّارًا بِخِلَافِ فِي وَمَعَ هَذَا فَقَدْ جَاءَ بَعْدَ هَذَا مِنْ رِوَايَةِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَخْرُجُ مِنْ أُمَّتِي قَوْمٌ وَفِي رواية أبي ذرانبَعْدِي مِنْ أُمَّتِي أَوْ سَيَكُونُ بَعْدِي مِنْ أُمَّتِي وَقَدْ سَبَقَ الْخِلَافُ فِي تَكْفِيرِهِمْ وَأَنَّ الصَّحِيحَ عَدَمُ تَكْفِيرِهِمْ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (فَيَنْظُرُ الرَّامِي إِلَى نَصْلِهِ إِلَى رِصَافِهِ فَيَتَمَارَى فِي الْفُوقَةِ) وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى يَنْظُرُ إِلَى نَضِيِّهِ وَفِيهَا ثُمَّ يَنْظُرُ إِلَى قُذَذِهِ وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى فَيَنْظُرُ فِي النَّضِيِّ فَلَا يَرَى بَصِيرَةً وَيَنْظُرُ فِي الْفُوقِ فَلَا يَرَى بَصِيرَةً أَمَّا الرِّصَافُ فَبِكَسْرِ الرَّاءِ وَبِالصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وهو مدخل النصل من السهم والنصل هو حديدة السهم والقدح عوده والقذذ بِضَمِّ الْقَافِ وَبِذَالَيْنِ مُعْجَمَتَيْنِ وَهُوَ رِيشُ السَّهْمِ والفوق والفوقة بِضَمِّ الْفَاءِ هُوَ الْحَزُّ الَّذِي يُجْعَلُ فِيهِ الوتر والنضى بِفَتْحِ النُّونِ وَكَسْرِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ وهو القدح كذا جَاءَ فِي كِتَابِ مُسْلِمٍ مُفَسَّرًا وَكَذَا قَالَهُ الْأَصْمَعِيُّ.
.
وَأَمَّا الْبَصِيرُ فَبِفَتْحِ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَكَسْرِ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وَهِيَ الشَّيْءُ مِنَ الدَّمِ أَيْ لَا يَرَى شَيْئًا مِنَ الدَّمِ يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى إِصَابَةِ الرَّمِيَّةِ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (قَدْ خِبْتُ وَخَسِرْتُ إِنْ لَمْ أَعْدِلْ) قَدْ سَبَقَ الْخِلَافُ فِي فَتْحِ التَّاءِ وَضَمِّهَا فِي هَذَا الْبَابِ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ(وَمِثْلُ الْبَضْعَةِ تَدَرْدَرُ) الْبَضْعَةِ بِفَتْحِ الْبَاءِ لَا غَيْرَ وَهِيَ الْقِطْعَةُ من اللحم وتدردر مَعْنَاهُ تَضْطَرِبُ وَتَذْهَبُ وَتَجِيءُ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (يَخْرُجُونَ عَلَى حِينِ فُرْقَةٍ مِنَ النَّاسِ) ضَبَطُوهُ فِي الصَّحِيحِ بِوَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا حِينِ فرقه بحاء مهملة مكسورة ونون وفرقة بِضَمِّ الْفَاءِ أَيْ فِي وَقْتِ افْتِرَاقِ النَّاسِ أَيِ افْتِرَاقٍ يَقَعُ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَهُوَ الِافْتِرَاقُ الَّذِي كَانَ بَيْنَ عَلِيٍّ وَمُعَاوِيَةَ رَضِيَ اللَّهُ عنهما والثاني خير فرقة بخاء معجمة مفتوحة وراء وفرقة بكسر الفاء أي أفضل الْفِرْقَتَيْنِ وَالْأَوَّلُ أَشْهَرُ وَأَكْثَرُ وَيُؤَيِّدُهُ الرِّوَايَةُ الَّتِي بَعْدَ هَذِهِ يَخْرُجُونَ فِي فُرْقَةٍ مِنَ النَّاسِ فَإِنَّهُ بِضَمِّ الْفَاءِ بِلَا خِلَافٍ وَمَعْنَاهُ ظَاهِرٌ.
وَقَالَ الْقَاضِي عَلَى رِوَايَةِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ الْمُرَادُ وَخَيْرُ الْقُرُونِ وَهُمُ الصَّدْرُ الْأَوَّلُ قَالَ أَوْ يَكُونُ الْمُرَادُ عَلِيًّا وَأَصْحَابَهُ فَعَلَيْهِ كَانَ خُرُوجُهُمْ حَقِيقَةً لِأَنَّهُ كَانَ الْإِمَامَ حِينَئِذٍ وَفِيهِ حُجَّةٌ لِأَهْلِ السُّنَّةِ أَنَّ عَلِيًّا كَانَ مُصِيبًا فِي قتاله والآخرون بغاة لاسيما مَعَ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْتُلُهُمْ أَوْلَى الطَّائِفَتَيْنِ بِالْحَقِّ وَعَلِيٌّ وَأَصْحَابُهُ الَّذِينَ قَتَلُوهُمْ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مُعْجِزَاتٌ ظَاهِرَةٌ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّهُ أَخْبَرَ بِهَذَا وَجَرَى كُلُّهُ كَفَلَقِ الصُّبْحِ وَيَتَضَمَّنُ بَقَاءَ الْأُمَّةِ بَعْدَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَّ لَهُمْ شَوْكَةً وَقُوَّةً خِلَافَ مَا كَانَ الْمُبْطِلُونَ يُشِيعُونَهُ وَأَنَّهُمْ يَفْتَرِقُونَ فِرْقَتَيْنِ وَأَنَّهُ يَخْرُجُ عَلَيْهِ طَائِفَةٌ مَارِقَةٌ وَأَنَّهُمْ يُشَدِّدُونَ فِي الدِّينِ فِي غَيْرِ مَوْضِعِ التَّشْدِيدِ وَيُبَالِغُونَ فِي الصَّلَاةِ وَالْقِرَاءَةِ وَلَا يُقِيمُونَ بِحُقُوقِ الْإِسْلَامِ بَلْ يَمْرُقُونَ مِنْهُ وَأَنَّهُمْ يُقَاتِلُونَ أَهْلَ الْحَقِّوَأَنَّ أَهْلَ الْحَقِّ يَقْتُلُونَهُمْ وَأَنَّ فِيهِمْ رَجُلًا صِفَةُ يَدِهِ كَذَا وَكَذَا فَهَذِهِ أَنْوَاعٌ مِنَ المعجزات جرت كلها وَلِلَّهِ الْحَمْدُ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (سِيمَاهُمُ التَّحَالُقُ) السِّيمَا الْعَلَامَةُ وَفِيهَا ثَلَاثُ لُغَاتٍ الْقَصْرُ وَهُوَ الْأَفْصَحُ وَبِهِ جَاءَ الْقُرْآنُ وَالْمَدُّ وَالثَّالِثَةُ السِّيمِيَاءُ بِزِيَادَةِ يَاءٍ مَعَ الْمَدِّ لَا غَيْرَ وَالْمُرَادُ بالتحالق حلق الرؤوس وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى التَّحَلُّقُ وَاسْتَدَلَّ بِهِ بَعْضُ النَّاسِ عَلَى كَرَاهَةِ حَلْقِ الرَّأْسِ وَلَا دَلَالَةَ فِيهِ وَإِنَّمَا هُوَ عَلَامَةٌ لَهُمْ وَالْعَلَامَةُ قَدْ تَكُونُ بِحِرَامٍ وَقَدْ تَكُونُ بِمُبَاحٍ كَمَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آيَتُهُمْ رَجُلٌ أَسْوَدُ إِحْدَى عَضُدَيْهِ مِثْلُ ثَدْيِ الْمَرْأَةِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ هَذَا لَيْسَ بِحِرَامٍ وَقَدْ ثَبَتَ فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ بِإِسْنَادٍ عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ إن رسول الله صلى الله عليه وسلم (رَأَى صَبِيًّا قَدْ حَلَقَ بَعْضَ رَأْسِهِ فَقَالَ احْلِقُوهُ كُلَّهُ أَوِ اتْرُكُوهُ كُلَّهُ) وَهَذَا صَرِيحٌ فِي إِبَاحَةِ حَلْقِ الرَّأْسِ لَا يَحْتَمِلُ تَأْوِيلًا قَالَ أَصْحَابُنَا حَلْقُ الرَّأْسِ جَائِزٌ بِكُلِّ حَالٍ لَكِنْ إِنْ شَقَّ عَلَيْهِ تَعَهُّدُهُ بِالدُّهْنِ وَالتَّسْرِيحِ اسْتُحِبَّ حَلْقُهُ وَإِنْ لَمْ يَشُقَّ اسْتُحِبَّ تَرْكُهُ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (هُمْ شَرُّ الْخَلْقِ أَوْ مِنْ أَشَرِّ الْخَلْقِ) هَكَذَا هُوَ فِي كُلِّ النُّسَخِ أَوْ مِنْ أَشَرِّ بِالْأَلِفِ وَهِيَ لُغَةٌ قَلِيلَةٌ وَالْمَشْهُورُ شَرُّ بِغَيْرِ أَلِفٍ وَفِي هَذَا اللَّفْظِ دَلَالَةٌ لِمَنْ قَالَ بِتَكْفِيرِهِمْ وَتَأَوَّلَهُ الْجُمْهُورُ أَيْ شَرُّ الْمُسْلِمِينَ وَنَحْوِ ذَلِكَ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (يَقْتُلُهُمْ أَوْلَى الطَّائِفَتَيْنِ إِلَى الْحَقِّ) وَفِي رِوَايَةٍ أَوْلَى الطَّائِفَتَيْنِ بِالْحَقِّ وَفِي رِوَايَةٍ تَكُونُ أُمَّتِي فِرْقَتَيْنِ فَتَخْرُجُ مِنْ بَيْنِهِمَا مَارِقَةٌ تَلِي قَتْلَهُمْ أَوْلَاهُمَابِالْحَقِّ هَذِهِ الرِّوَايَاتُ صَرِيحَةٌ فِي أَنَّ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَانَ هُوَ الْمُصِيبَ الْمُحِقَّ وَالطَّائِفَةُ الْأُخْرَى أَصْحَابُ مُعَاوِيَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَانُوا بُغَاةً مُتَأَوِّلِينَ وَفِيهِ التَّصْرِيحُ بِأَنَّ الطَّائِفَتَيْنِ مُؤْمِنُونَ لَا يَخْرُجُونَ بِالْقِتَالِ عَنِ الْإِيمَانِ وَلَا يَفْسُقُونَ وَهَذَا مَذْهَبُنَا وَمَذْهَبُ مُوَافِقِينَا .
قَوْلُهُ (حَدَّثَنَا القاسم وهو بن الْفَضْلِ الْحُدَّانِيُّ) هُوَ بِضَمِّ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَتَشْدِيدِ الدَّالِ بَعْدَ الْأَلِفِ نُونٌ .
قَوْلُهُ (عَنِوَأَمَّا الْجَبِينِ فَهُوَ جَانِبُ الْجَبْهَةِ وَلِكُلِّ إِنْسَانٍ جَبِينَانِ يَكْتَنِفَانِ الْجَبْهَةَ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إِنَّ مِنْ ضئضىء هَذَا قَوْمًا) هُوَ بِضَادَيْنِ مُعْجَمَتَيْنِ مَكْسُورَتَيْنِ وَآخِرُهُ مَهْمُوزٌ وَهُوَ أَصْلُ الشَّيْءِ وَهَكَذَا هُوَ فِي جَمِيعِ نُسَخِ بِلَادِنَا وَحَكَاهُ الْقَاضِي عَنِ الْجُمْهُورِ وَعَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّهُ ضَبَطَهُ بِالْمُعْجَمَتَيْنِ وَالْمُهْمَلَتَيْنِ جَمِيعًا وَهَذَا صَحِيحٌ فِي اللُّغَةِ قَالُوا وَلِأَصْلِ الشَّيْءِ أَسْمَاءٌ كَثِيرَةٌ مِنْهَا الضِّئْضِئُ بِالْمُعْجَمَتَيْنِ وَالْمُهْمَلَتَيْنِ وَالنِّجَارُ بكسر النون والنحاس والسنخ بكسر السين واسكان النون وبخاء معجمة والعنصر والعنض والأرومة .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (لَئِنْ أَدْرَكْتُهُمْ لَأَقْتُلَنَّهُمْ قَتْلَ عَادٍ) أَيْ قَتْلًا عَامًّا مُسْتَأْصِلًا كَمَا قَالَ تَعَالَى فَهَلْ تَرَى لَهُمْ مِنْ باقية وَفِيهِ الْحَثُّ عَلَى قِتَالِهِمْ وَفَضِيلَةٌ لِعَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي قِتَالِهِمْ .
قَوْلُهُ (فِي أَدِيمٍ مَقْرُوظٍ) أَيْ مَدْبُوغٍ بِالْقَرَظِ .
قَوْلُهُ (لَمْ تُحَصَّلْ مِنْ تُرَابِهَا) أَيْ لَمْ تُمَيَّزْ .
قَوْلُهُ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ (وَالرَّابِعُ إِمَّا عَلْقَمَةُ بْنُ عُلَاثَةَ وَإِمَّا عَامِرُ بْنُ الطُّفَيْلِ) قَالَ الْعُلَمَاءُ ذِكْرُ عَامِرٍ هُنَا غَلَطٌ ظَاهِرٌ لِأَنَّهُ تُوُفِّيَ قَبْلَ هَذَا بِسِنِينَ وَالصَّوَابُ الْجَزْمُ بِأَنَّهُ عَلْقَمَةُ بْنُ علاثةكَمَا هُوَ مَجْزُومٌ فِي بَاقِي الرِّوَايَاتِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إِنِّي لَمْ أُومَرْ أَنْ أَنْقُبَ عَنْ قُلُوبِ النَّاسِ وَلَا أَشُقَّ بُطُونَهُمْ) مَعْنَاهُ إِنِّي أُمِرْتُ بِالْحُكْمِ بِالظَّاهِرِ وَاللَّهُ يَتَوَلَّى السَّرَائِرَ كَمَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِذَا قَالُوا ذَلِكَ فَقَدْ عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلَّا بِحَقِّهَا وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ وَفِي الْحَدِيثِ هَلَّا شَقَقْتَ عَنْ قلبه قوله (وهو مقف) أي مولى قَدْ أَعْطَانَا قَفَاهُ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ تَعَالَى لَيِّنًا رَطْبًا) هَكَذَا هُوَ فِي أَكْثَرِ النُّسَخِ لَيِّنًا بِالنُّونِ أي سهلاوَفِي كَثِيرٍ مِنَ النُّسَخِ لَيًّا بِحَذْفِ النُّونِ وَأَشَارَ الْقَاضِي إِلَى أَنَّهُ رِوَايَةُ أَكْثَرِ شُيُوخِهِمْ قَالَ وَمَعْنَاهُ سَهْلًا لِكَثْرَةِ حِفْظِهِمْ قَالَ وَقِيلَ لَيًّا أَيْ يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِهِ أَيْ يُحَرِّفُونَ مَعَانِيَهُ وَتَأْوِيلَهُ قَالَ وَقَدْ يَكُونُ مِنَ اللَّيِّ في الشهادة وهو الميل قاله بن قُتَيْبَةَ (.
قَوْلُهُ (فَسَأَلَاهُ عَنِ الْحَرُورِيَّةِ) هُمُ الْخَوَارِجُ سُمُّوا حَرُورِيَّةً لِأَنَّهُمْ نَزَلُوا حَرُورَاءَ وَتَعَاقَدُوا عِنْدَهَا عَلَى قِتَالِ أَهْلِ الْعَدْلِ وَحَرُورَاءَ بِفَتْحِ الْحَاءِ وَبِالْمَدِّ قَرْيَةٌ بِالْعِرَاقِ قَرِيبَةٌ مِنَ الْكُوفَةِ وَسُمُّوا خَوَارِجَ لِخُرُوجِهِمْ عَلَى الْجَمَاعَةِ وَقِيلَ لِخُرُوجِهِمْ عَنْ طَرِيقِ الْجَمَاعَةِ وَقِيلَ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْرُجُ مِنْ ضِئْضِئِ هَذَا .
قَوْلُهُ (سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول يَخْرُجُ فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ وَلَمْ يَقُلْ مِنْهَا) قَالَ الْمَازِرِيُّ هَذَا مِنْ أَدَلِّ الدَّلَائِلِ عَلَى سَعَةِ عِلْمِ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَدَقِيقُ نَظَرِهِمْ وَتَحْرِيرُهُمُ الْأَلْفَاظَ وَفَرْقُهُمْ بَيْنَ مَدْلُولَاتِهَا الْخَفِيَّةِ لِأَنَّ لَفْظَةَ مِنْ تَقْتَضِي كَوْنَهُمْ مِنَ الْأُمَّةِ لَا كُفَّارًا بِخِلَافِ فِي وَمَعَ هَذَا فَقَدْ جَاءَ بَعْدَ هَذَا مِنْ رِوَايَةِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَخْرُجُ مِنْ أُمَّتِي قَوْمٌ وَفِي رواية أبي ذرانبَعْدِي مِنْ أُمَّتِي أَوْ سَيَكُونُ بَعْدِي مِنْ أُمَّتِي وَقَدْ سَبَقَ الْخِلَافُ فِي تَكْفِيرِهِمْ وَأَنَّ الصَّحِيحَ عَدَمُ تَكْفِيرِهِمْ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (فَيَنْظُرُ الرَّامِي إِلَى نَصْلِهِ إِلَى رِصَافِهِ فَيَتَمَارَى فِي الْفُوقَةِ) وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى يَنْظُرُ إِلَى نَضِيِّهِ وَفِيهَا ثُمَّ يَنْظُرُ إِلَى قُذَذِهِ وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى فَيَنْظُرُ فِي النَّضِيِّ فَلَا يَرَى بَصِيرَةً وَيَنْظُرُ فِي الْفُوقِ فَلَا يَرَى بَصِيرَةً أَمَّا الرِّصَافُ فَبِكَسْرِ الرَّاءِ وَبِالصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وهو مدخل النصل من السهم والنصل هو حديدة السهم والقدح عوده والقذذ بِضَمِّ الْقَافِ وَبِذَالَيْنِ مُعْجَمَتَيْنِ وَهُوَ رِيشُ السَّهْمِ والفوق والفوقة بِضَمِّ الْفَاءِ هُوَ الْحَزُّ الَّذِي يُجْعَلُ فِيهِ الوتر والنضى بِفَتْحِ النُّونِ وَكَسْرِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ وهو القدح كذا جَاءَ فِي كِتَابِ مُسْلِمٍ مُفَسَّرًا وَكَذَا قَالَهُ الْأَصْمَعِيُّ.
.
وَأَمَّا الْبَصِيرُ فَبِفَتْحِ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَكَسْرِ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وَهِيَ الشَّيْءُ مِنَ الدَّمِ أَيْ لَا يَرَى شَيْئًا مِنَ الدَّمِ يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى إِصَابَةِ الرَّمِيَّةِ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (قَدْ خِبْتُ وَخَسِرْتُ إِنْ لَمْ أَعْدِلْ) قَدْ سَبَقَ الْخِلَافُ فِي فَتْحِ التَّاءِ وَضَمِّهَا فِي هَذَا الْبَابِ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ(وَمِثْلُ الْبَضْعَةِ تَدَرْدَرُ) الْبَضْعَةِ بِفَتْحِ الْبَاءِ لَا غَيْرَ وَهِيَ الْقِطْعَةُ من اللحم وتدردر مَعْنَاهُ تَضْطَرِبُ وَتَذْهَبُ وَتَجِيءُ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (يَخْرُجُونَ عَلَى حِينِ فُرْقَةٍ مِنَ النَّاسِ) ضَبَطُوهُ فِي الصَّحِيحِ بِوَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا حِينِ فرقه بحاء مهملة مكسورة ونون وفرقة بِضَمِّ الْفَاءِ أَيْ فِي وَقْتِ افْتِرَاقِ النَّاسِ أَيِ افْتِرَاقٍ يَقَعُ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَهُوَ الِافْتِرَاقُ الَّذِي كَانَ بَيْنَ عَلِيٍّ وَمُعَاوِيَةَ رَضِيَ اللَّهُ عنهما والثاني خير فرقة بخاء معجمة مفتوحة وراء وفرقة بكسر الفاء أي أفضل الْفِرْقَتَيْنِ وَالْأَوَّلُ أَشْهَرُ وَأَكْثَرُ وَيُؤَيِّدُهُ الرِّوَايَةُ الَّتِي بَعْدَ هَذِهِ يَخْرُجُونَ فِي فُرْقَةٍ مِنَ النَّاسِ فَإِنَّهُ بِضَمِّ الْفَاءِ بِلَا خِلَافٍ وَمَعْنَاهُ ظَاهِرٌ.
وَقَالَ الْقَاضِي عَلَى رِوَايَةِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ الْمُرَادُ وَخَيْرُ الْقُرُونِ وَهُمُ الصَّدْرُ الْأَوَّلُ قَالَ أَوْ يَكُونُ الْمُرَادُ عَلِيًّا وَأَصْحَابَهُ فَعَلَيْهِ كَانَ خُرُوجُهُمْ حَقِيقَةً لِأَنَّهُ كَانَ الْإِمَامَ حِينَئِذٍ وَفِيهِ حُجَّةٌ لِأَهْلِ السُّنَّةِ أَنَّ عَلِيًّا كَانَ مُصِيبًا فِي قتاله والآخرون بغاة لاسيما مَعَ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْتُلُهُمْ أَوْلَى الطَّائِفَتَيْنِ بِالْحَقِّ وَعَلِيٌّ وَأَصْحَابُهُ الَّذِينَ قَتَلُوهُمْ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مُعْجِزَاتٌ ظَاهِرَةٌ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّهُ أَخْبَرَ بِهَذَا وَجَرَى كُلُّهُ كَفَلَقِ الصُّبْحِ وَيَتَضَمَّنُ بَقَاءَ الْأُمَّةِ بَعْدَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَّ لَهُمْ شَوْكَةً وَقُوَّةً خِلَافَ مَا كَانَ الْمُبْطِلُونَ يُشِيعُونَهُ وَأَنَّهُمْ يَفْتَرِقُونَ فِرْقَتَيْنِ وَأَنَّهُ يَخْرُجُ عَلَيْهِ طَائِفَةٌ مَارِقَةٌ وَأَنَّهُمْ يُشَدِّدُونَ فِي الدِّينِ فِي غَيْرِ مَوْضِعِ التَّشْدِيدِ وَيُبَالِغُونَ فِي الصَّلَاةِ وَالْقِرَاءَةِ وَلَا يُقِيمُونَ بِحُقُوقِ الْإِسْلَامِ بَلْ يَمْرُقُونَ مِنْهُ وَأَنَّهُمْ يُقَاتِلُونَ أَهْلَ الْحَقِّوَأَنَّ أَهْلَ الْحَقِّ يَقْتُلُونَهُمْ وَأَنَّ فِيهِمْ رَجُلًا صِفَةُ يَدِهِ كَذَا وَكَذَا فَهَذِهِ أَنْوَاعٌ مِنَ المعجزات جرت كلها وَلِلَّهِ الْحَمْدُ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (سِيمَاهُمُ التَّحَالُقُ) السِّيمَا الْعَلَامَةُ وَفِيهَا ثَلَاثُ لُغَاتٍ الْقَصْرُ وَهُوَ الْأَفْصَحُ وَبِهِ جَاءَ الْقُرْآنُ وَالْمَدُّ وَالثَّالِثَةُ السِّيمِيَاءُ بِزِيَادَةِ يَاءٍ مَعَ الْمَدِّ لَا غَيْرَ وَالْمُرَادُ بالتحالق حلق الرؤوس وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى التَّحَلُّقُ وَاسْتَدَلَّ بِهِ بَعْضُ النَّاسِ عَلَى كَرَاهَةِ حَلْقِ الرَّأْسِ وَلَا دَلَالَةَ فِيهِ وَإِنَّمَا هُوَ عَلَامَةٌ لَهُمْ وَالْعَلَامَةُ قَدْ تَكُونُ بِحِرَامٍ وَقَدْ تَكُونُ بِمُبَاحٍ كَمَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آيَتُهُمْ رَجُلٌ أَسْوَدُ إِحْدَى عَضُدَيْهِ مِثْلُ ثَدْيِ الْمَرْأَةِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ هَذَا لَيْسَ بِحِرَامٍ وَقَدْ ثَبَتَ فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ بِإِسْنَادٍ عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ إن رسول الله صلى الله عليه وسلم (رَأَى صَبِيًّا قَدْ حَلَقَ بَعْضَ رَأْسِهِ فَقَالَ احْلِقُوهُ كُلَّهُ أَوِ اتْرُكُوهُ كُلَّهُ) وَهَذَا صَرِيحٌ فِي إِبَاحَةِ حَلْقِ الرَّأْسِ لَا يَحْتَمِلُ تَأْوِيلًا قَالَ أَصْحَابُنَا حَلْقُ الرَّأْسِ جَائِزٌ بِكُلِّ حَالٍ لَكِنْ إِنْ شَقَّ عَلَيْهِ تَعَهُّدُهُ بِالدُّهْنِ وَالتَّسْرِيحِ اسْتُحِبَّ حَلْقُهُ وَإِنْ لَمْ يَشُقَّ اسْتُحِبَّ تَرْكُهُ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (هُمْ شَرُّ الْخَلْقِ أَوْ مِنْ أَشَرِّ الْخَلْقِ) هَكَذَا هُوَ فِي كُلِّ النُّسَخِ أَوْ مِنْ أَشَرِّ بِالْأَلِفِ وَهِيَ لُغَةٌ قَلِيلَةٌ وَالْمَشْهُورُ شَرُّ بِغَيْرِ أَلِفٍ وَفِي هَذَا اللَّفْظِ دَلَالَةٌ لِمَنْ قَالَ بِتَكْفِيرِهِمْ وَتَأَوَّلَهُ الْجُمْهُورُ أَيْ شَرُّ الْمُسْلِمِينَ وَنَحْوِ ذَلِكَ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (يَقْتُلُهُمْ أَوْلَى الطَّائِفَتَيْنِ إِلَى الْحَقِّ) وَفِي رِوَايَةٍ أَوْلَى الطَّائِفَتَيْنِ بِالْحَقِّ وَفِي رِوَايَةٍ تَكُونُ أُمَّتِي فِرْقَتَيْنِ فَتَخْرُجُ مِنْ بَيْنِهِمَا مَارِقَةٌ تَلِي قَتْلَهُمْ أَوْلَاهُمَابِالْحَقِّ هَذِهِ الرِّوَايَاتُ صَرِيحَةٌ فِي أَنَّ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَانَ هُوَ الْمُصِيبَ الْمُحِقَّ وَالطَّائِفَةُ الْأُخْرَى أَصْحَابُ مُعَاوِيَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَانُوا بُغَاةً مُتَأَوِّلِينَ وَفِيهِ التَّصْرِيحُ بِأَنَّ الطَّائِفَتَيْنِ مُؤْمِنُونَ لَا يَخْرُجُونَ بِالْقِتَالِ عَنِ الْإِيمَانِ وَلَا يَفْسُقُونَ وَهَذَا مَذْهَبُنَا وَمَذْهَبُ مُوَافِقِينَا .
قَوْلُهُ (حَدَّثَنَا القاسم وهو بن الْفَضْلِ الْحُدَّانِيُّ) هُوَ بِضَمِّ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَتَشْدِيدِ الدَّالِ بَعْدَ الْأَلِفِ نُونٌ .
قَوْلُهُ (عَنِوَأَمَّا الْجَبِينِ فَهُوَ جَانِبُ الْجَبْهَةِ وَلِكُلِّ إِنْسَانٍ جَبِينَانِ يَكْتَنِفَانِ الْجَبْهَةَ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إِنَّ مِنْ ضئضىء هَذَا قَوْمًا) هُوَ بِضَادَيْنِ مُعْجَمَتَيْنِ مَكْسُورَتَيْنِ وَآخِرُهُ مَهْمُوزٌ وَهُوَ أَصْلُ الشَّيْءِ وَهَكَذَا هُوَ فِي جَمِيعِ نُسَخِ بِلَادِنَا وَحَكَاهُ الْقَاضِي عَنِ الْجُمْهُورِ وَعَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّهُ ضَبَطَهُ بِالْمُعْجَمَتَيْنِ وَالْمُهْمَلَتَيْنِ جَمِيعًا وَهَذَا صَحِيحٌ فِي اللُّغَةِ قَالُوا وَلِأَصْلِ الشَّيْءِ أَسْمَاءٌ كَثِيرَةٌ مِنْهَا الضِّئْضِئُ بِالْمُعْجَمَتَيْنِ وَالْمُهْمَلَتَيْنِ وَالنِّجَارُ بكسر النون والنحاس والسنخ بكسر السين واسكان النون وبخاء معجمة والعنصر والعنض والأرومة .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (لَئِنْ أَدْرَكْتُهُمْ لَأَقْتُلَنَّهُمْ قَتْلَ عَادٍ) أَيْ قَتْلًا عَامًّا مُسْتَأْصِلًا كَمَا قَالَ تَعَالَى فَهَلْ تَرَى لَهُمْ مِنْ باقية وَفِيهِ الْحَثُّ عَلَى قِتَالِهِمْ وَفَضِيلَةٌ لِعَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي قِتَالِهِمْ .
قَوْلُهُ (فِي أَدِيمٍ مَقْرُوظٍ) أَيْ مَدْبُوغٍ بِالْقَرَظِ .
قَوْلُهُ (لَمْ تُحَصَّلْ مِنْ تُرَابِهَا) أَيْ لَمْ تُمَيَّزْ .
قَوْلُهُ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ (وَالرَّابِعُ إِمَّا عَلْقَمَةُ بْنُ عُلَاثَةَ وَإِمَّا عَامِرُ بْنُ الطُّفَيْلِ) قَالَ الْعُلَمَاءُ ذِكْرُ عَامِرٍ هُنَا غَلَطٌ ظَاهِرٌ لِأَنَّهُ تُوُفِّيَ قَبْلَ هَذَا بِسِنِينَ وَالصَّوَابُ الْجَزْمُ بِأَنَّهُ عَلْقَمَةُ بْنُ علاثةكَمَا هُوَ مَجْزُومٌ فِي بَاقِي الرِّوَايَاتِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إِنِّي لَمْ أُومَرْ أَنْ أَنْقُبَ عَنْ قُلُوبِ النَّاسِ وَلَا أَشُقَّ بُطُونَهُمْ) مَعْنَاهُ إِنِّي أُمِرْتُ بِالْحُكْمِ بِالظَّاهِرِ وَاللَّهُ يَتَوَلَّى السَّرَائِرَ كَمَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِذَا قَالُوا ذَلِكَ فَقَدْ عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلَّا بِحَقِّهَا وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ وَفِي الْحَدِيثِ هَلَّا شَقَقْتَ عَنْ قلبه قوله (وهو مقف) أي مولى قَدْ أَعْطَانَا قَفَاهُ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ تَعَالَى لَيِّنًا رَطْبًا) هَكَذَا هُوَ فِي أَكْثَرِ النُّسَخِ لَيِّنًا بِالنُّونِ أي سهلاوَفِي كَثِيرٍ مِنَ النُّسَخِ لَيًّا بِحَذْفِ النُّونِ وَأَشَارَ الْقَاضِي إِلَى أَنَّهُ رِوَايَةُ أَكْثَرِ شُيُوخِهِمْ قَالَ وَمَعْنَاهُ سَهْلًا لِكَثْرَةِ حِفْظِهِمْ قَالَ وَقِيلَ لَيًّا أَيْ يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِهِ أَيْ يُحَرِّفُونَ مَعَانِيَهُ وَتَأْوِيلَهُ قَالَ وَقَدْ يَكُونُ مِنَ اللَّيِّ في الشهادة وهو الميل قاله بن قُتَيْبَةَ (.
قَوْلُهُ (فَسَأَلَاهُ عَنِ الْحَرُورِيَّةِ) هُمُ الْخَوَارِجُ سُمُّوا حَرُورِيَّةً لِأَنَّهُمْ نَزَلُوا حَرُورَاءَ وَتَعَاقَدُوا عِنْدَهَا عَلَى قِتَالِ أَهْلِ الْعَدْلِ وَحَرُورَاءَ بِفَتْحِ الْحَاءِ وَبِالْمَدِّ قَرْيَةٌ بِالْعِرَاقِ قَرِيبَةٌ مِنَ الْكُوفَةِ وَسُمُّوا خَوَارِجَ لِخُرُوجِهِمْ عَلَى الْجَمَاعَةِ وَقِيلَ لِخُرُوجِهِمْ عَنْ طَرِيقِ الْجَمَاعَةِ وَقِيلَ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْرُجُ مِنْ ضِئْضِئِ هَذَا .
قَوْلُهُ (سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول يَخْرُجُ فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ وَلَمْ يَقُلْ مِنْهَا) قَالَ الْمَازِرِيُّ هَذَا مِنْ أَدَلِّ الدَّلَائِلِ عَلَى سَعَةِ عِلْمِ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَدَقِيقُ نَظَرِهِمْ وَتَحْرِيرُهُمُ الْأَلْفَاظَ وَفَرْقُهُمْ بَيْنَ مَدْلُولَاتِهَا الْخَفِيَّةِ لِأَنَّ لَفْظَةَ مِنْ تَقْتَضِي كَوْنَهُمْ مِنَ الْأُمَّةِ لَا كُفَّارًا بِخِلَافِ فِي وَمَعَ هَذَا فَقَدْ جَاءَ بَعْدَ هَذَا مِنْ رِوَايَةِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَخْرُجُ مِنْ أُمَّتِي قَوْمٌ وَفِي رواية أبي ذرانبَعْدِي مِنْ أُمَّتِي أَوْ سَيَكُونُ بَعْدِي مِنْ أُمَّتِي وَقَدْ سَبَقَ الْخِلَافُ فِي تَكْفِيرِهِمْ وَأَنَّ الصَّحِيحَ عَدَمُ تَكْفِيرِهِمْ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (فَيَنْظُرُ الرَّامِي إِلَى نَصْلِهِ إِلَى رِصَافِهِ فَيَتَمَارَى فِي الْفُوقَةِ) وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى يَنْظُرُ إِلَى نَضِيِّهِ وَفِيهَا ثُمَّ يَنْظُرُ إِلَى قُذَذِهِ وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى فَيَنْظُرُ فِي النَّضِيِّ فَلَا يَرَى بَصِيرَةً وَيَنْظُرُ فِي الْفُوقِ فَلَا يَرَى بَصِيرَةً أَمَّا الرِّصَافُ فَبِكَسْرِ الرَّاءِ وَبِالصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وهو مدخل النصل من السهم والنصل هو حديدة السهم والقدح عوده والقذذ بِضَمِّ الْقَافِ وَبِذَالَيْنِ مُعْجَمَتَيْنِ وَهُوَ رِيشُ السَّهْمِ والفوق والفوقة بِضَمِّ الْفَاءِ هُوَ الْحَزُّ الَّذِي يُجْعَلُ فِيهِ الوتر والنضى بِفَتْحِ النُّونِ وَكَسْرِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ وهو القدح كذا جَاءَ فِي كِتَابِ مُسْلِمٍ مُفَسَّرًا وَكَذَا قَالَهُ الْأَصْمَعِيُّ.
.
وَأَمَّا الْبَصِيرُ فَبِفَتْحِ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَكَسْرِ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وَهِيَ الشَّيْءُ مِنَ الدَّمِ أَيْ لَا يَرَى شَيْئًا مِنَ الدَّمِ يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى إِصَابَةِ الرَّمِيَّةِ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (قَدْ خِبْتُ وَخَسِرْتُ إِنْ لَمْ أَعْدِلْ) قَدْ سَبَقَ الْخِلَافُ فِي فَتْحِ التَّاءِ وَضَمِّهَا فِي هَذَا الْبَابِ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ(وَمِثْلُ الْبَضْعَةِ تَدَرْدَرُ) الْبَضْعَةِ بِفَتْحِ الْبَاءِ لَا غَيْرَ وَهِيَ الْقِطْعَةُ من اللحم وتدردر مَعْنَاهُ تَضْطَرِبُ وَتَذْهَبُ وَتَجِيءُ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (يَخْرُجُونَ عَلَى حِينِ فُرْقَةٍ مِنَ النَّاسِ) ضَبَطُوهُ فِي الصَّحِيحِ بِوَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا حِينِ فرقه بحاء مهملة مكسورة ونون وفرقة بِضَمِّ الْفَاءِ أَيْ فِي وَقْتِ افْتِرَاقِ النَّاسِ أَيِ افْتِرَاقٍ يَقَعُ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَهُوَ الِافْتِرَاقُ الَّذِي كَانَ بَيْنَ عَلِيٍّ وَمُعَاوِيَةَ رَضِيَ اللَّهُ عنهما والثاني خير فرقة بخاء معجمة مفتوحة وراء وفرقة بكسر الفاء أي أفضل الْفِرْقَتَيْنِ وَالْأَوَّلُ أَشْهَرُ وَأَكْثَرُ وَيُؤَيِّدُهُ الرِّوَايَةُ الَّتِي بَعْدَ هَذِهِ يَخْرُجُونَ فِي فُرْقَةٍ مِنَ النَّاسِ فَإِنَّهُ بِضَمِّ الْفَاءِ بِلَا خِلَافٍ وَمَعْنَاهُ ظَاهِرٌ.
وَقَالَ الْقَاضِي عَلَى رِوَايَةِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ الْمُرَادُ وَخَيْرُ الْقُرُونِ وَهُمُ الصَّدْرُ الْأَوَّلُ قَالَ أَوْ يَكُونُ الْمُرَادُ عَلِيًّا وَأَصْحَابَهُ فَعَلَيْهِ كَانَ خُرُوجُهُمْ حَقِيقَةً لِأَنَّهُ كَانَ الْإِمَامَ حِينَئِذٍ وَفِيهِ حُجَّةٌ لِأَهْلِ السُّنَّةِ أَنَّ عَلِيًّا كَانَ مُصِيبًا فِي قتاله والآخرون بغاة لاسيما مَعَ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْتُلُهُمْ أَوْلَى الطَّائِفَتَيْنِ بِالْحَقِّ وَعَلِيٌّ وَأَصْحَابُهُ الَّذِينَ قَتَلُوهُمْ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مُعْجِزَاتٌ ظَاهِرَةٌ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّهُ أَخْبَرَ بِهَذَا وَجَرَى كُلُّهُ كَفَلَقِ الصُّبْحِ وَيَتَضَمَّنُ بَقَاءَ الْأُمَّةِ بَعْدَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَّ لَهُمْ شَوْكَةً وَقُوَّةً خِلَافَ مَا كَانَ الْمُبْطِلُونَ يُشِيعُونَهُ وَأَنَّهُمْ يَفْتَرِقُونَ فِرْقَتَيْنِ وَأَنَّهُ يَخْرُجُ عَلَيْهِ طَائِفَةٌ مَارِقَةٌ وَأَنَّهُمْ يُشَدِّدُونَ فِي الدِّينِ فِي غَيْرِ مَوْضِعِ التَّشْدِيدِ وَيُبَالِغُونَ فِي الصَّلَاةِ وَالْقِرَاءَةِ وَلَا يُقِيمُونَ بِحُقُوقِ الْإِسْلَامِ بَلْ يَمْرُقُونَ مِنْهُ وَأَنَّهُمْ يُقَاتِلُونَ أَهْلَ الْحَقِّوَأَنَّ أَهْلَ الْحَقِّ يَقْتُلُونَهُمْ وَأَنَّ فِيهِمْ رَجُلًا صِفَةُ يَدِهِ كَذَا وَكَذَا فَهَذِهِ أَنْوَاعٌ مِنَ المعجزات جرت كلها وَلِلَّهِ الْحَمْدُ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (سِيمَاهُمُ التَّحَالُقُ) السِّيمَا الْعَلَامَةُ وَفِيهَا ثَلَاثُ لُغَاتٍ الْقَصْرُ وَهُوَ الْأَفْصَحُ وَبِهِ جَاءَ الْقُرْآنُ وَالْمَدُّ وَالثَّالِثَةُ السِّيمِيَاءُ بِزِيَادَةِ يَاءٍ مَعَ الْمَدِّ لَا غَيْرَ وَالْمُرَادُ بالتحالق حلق الرؤوس وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى التَّحَلُّقُ وَاسْتَدَلَّ بِهِ بَعْضُ النَّاسِ عَلَى كَرَاهَةِ حَلْقِ الرَّأْسِ وَلَا دَلَالَةَ فِيهِ وَإِنَّمَا هُوَ عَلَامَةٌ لَهُمْ وَالْعَلَامَةُ قَدْ تَكُونُ بِحِرَامٍ وَقَدْ تَكُونُ بِمُبَاحٍ كَمَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آيَتُهُمْ رَجُلٌ أَسْوَدُ إِحْدَى عَضُدَيْهِ مِثْلُ ثَدْيِ الْمَرْأَةِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ هَذَا لَيْسَ بِحِرَامٍ وَقَدْ ثَبَتَ فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ بِإِسْنَادٍ عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ إن رسول الله صلى الله عليه وسلم (رَأَى صَبِيًّا قَدْ حَلَقَ بَعْضَ رَأْسِهِ فَقَالَ احْلِقُوهُ كُلَّهُ أَوِ اتْرُكُوهُ كُلَّهُ) وَهَذَا صَرِيحٌ فِي إِبَاحَةِ حَلْقِ الرَّأْسِ لَا يَحْتَمِلُ تَأْوِيلًا قَالَ أَصْحَابُنَا حَلْقُ الرَّأْسِ جَائِزٌ بِكُلِّ حَالٍ لَكِنْ إِنْ شَقَّ عَلَيْهِ تَعَهُّدُهُ بِالدُّهْنِ وَالتَّسْرِيحِ اسْتُحِبَّ حَلْقُهُ وَإِنْ لَمْ يَشُقَّ اسْتُحِبَّ تَرْكُهُ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (هُمْ شَرُّ الْخَلْقِ أَوْ مِنْ أَشَرِّ الْخَلْقِ) هَكَذَا هُوَ فِي كُلِّ النُّسَخِ أَوْ مِنْ أَشَرِّ بِالْأَلِفِ وَهِيَ لُغَةٌ قَلِيلَةٌ وَالْمَشْهُورُ شَرُّ بِغَيْرِ أَلِفٍ وَفِي هَذَا اللَّفْظِ دَلَالَةٌ لِمَنْ قَالَ بِتَكْفِيرِهِمْ وَتَأَوَّلَهُ الْجُمْهُورُ أَيْ شَرُّ الْمُسْلِمِينَ وَنَحْوِ ذَلِكَ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (يَقْتُلُهُمْ أَوْلَى الطَّائِفَتَيْنِ إِلَى الْحَقِّ) وَفِي رِوَايَةٍ أَوْلَى الطَّائِفَتَيْنِ بِالْحَقِّ وَفِي رِوَايَةٍ تَكُونُ أُمَّتِي فِرْقَتَيْنِ فَتَخْرُجُ مِنْ بَيْنِهِمَا مَارِقَةٌ تَلِي قَتْلَهُمْ أَوْلَاهُمَابِالْحَقِّ هَذِهِ الرِّوَايَاتُ صَرِيحَةٌ فِي أَنَّ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَانَ هُوَ الْمُصِيبَ الْمُحِقَّ وَالطَّائِفَةُ الْأُخْرَى أَصْحَابُ مُعَاوِيَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَانُوا بُغَاةً مُتَأَوِّلِينَ وَفِيهِ التَّصْرِيحُ بِأَنَّ الطَّائِفَتَيْنِ مُؤْمِنُونَ لَا يَخْرُجُونَ بِالْقِتَالِ عَنِ الْإِيمَانِ وَلَا يَفْسُقُونَ وَهَذَا مَذْهَبُنَا وَمَذْهَبُ مُوَافِقِينَا .
قَوْلُهُ (حَدَّثَنَا القاسم وهو بن الْفَضْلِ الْحُدَّانِيُّ) هُوَ بِضَمِّ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَتَشْدِيدِ الدَّالِ بَعْدَ الْأَلِفِ نُونٌ .
قَوْلُهُ (عَنِوَأَمَّا الْجَبِينِ فَهُوَ جَانِبُ الْجَبْهَةِ وَلِكُلِّ إِنْسَانٍ جَبِينَانِ يَكْتَنِفَانِ الْجَبْهَةَ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إِنَّ مِنْ ضئضىء هَذَا قَوْمًا) هُوَ بِضَادَيْنِ مُعْجَمَتَيْنِ مَكْسُورَتَيْنِ وَآخِرُهُ مَهْمُوزٌ وَهُوَ أَصْلُ الشَّيْءِ وَهَكَذَا هُوَ فِي جَمِيعِ نُسَخِ بِلَادِنَا وَحَكَاهُ الْقَاضِي عَنِ الْجُمْهُورِ وَعَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّهُ ضَبَطَهُ بِالْمُعْجَمَتَيْنِ وَالْمُهْمَلَتَيْنِ جَمِيعًا وَهَذَا صَحِيحٌ فِي اللُّغَةِ قَالُوا وَلِأَصْلِ الشَّيْءِ أَسْمَاءٌ كَثِيرَةٌ مِنْهَا الضِّئْضِئُ بِالْمُعْجَمَتَيْنِ وَالْمُهْمَلَتَيْنِ وَالنِّجَارُ بكسر النون والنحاس والسنخ بكسر السين واسكان النون وبخاء معجمة والعنصر والعنض والأرومة .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (لَئِنْ أَدْرَكْتُهُمْ لَأَقْتُلَنَّهُمْ قَتْلَ عَادٍ) أَيْ قَتْلًا عَامًّا مُسْتَأْصِلًا كَمَا قَالَ تَعَالَى فَهَلْ تَرَى لَهُمْ مِنْ باقية وَفِيهِ الْحَثُّ عَلَى قِتَالِهِمْ وَفَضِيلَةٌ لِعَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي قِتَالِهِمْ .
قَوْلُهُ (فِي أَدِيمٍ مَقْرُوظٍ) أَيْ مَدْبُوغٍ بِالْقَرَظِ .
قَوْلُهُ (لَمْ تُحَصَّلْ مِنْ تُرَابِهَا) أَيْ لَمْ تُمَيَّزْ .
قَوْلُهُ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ (وَالرَّابِعُ إِمَّا عَلْقَمَةُ بْنُ عُلَاثَةَ وَإِمَّا عَامِرُ بْنُ الطُّفَيْلِ) قَالَ الْعُلَمَاءُ ذِكْرُ عَامِرٍ هُنَا غَلَطٌ ظَاهِرٌ لِأَنَّهُ تُوُفِّيَ قَبْلَ هَذَا بِسِنِينَ وَالصَّوَابُ الْجَزْمُ بِأَنَّهُ عَلْقَمَةُ بْنُ علاثةكَمَا هُوَ مَجْزُومٌ فِي بَاقِي الرِّوَايَاتِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إِنِّي لَمْ أُومَرْ أَنْ أَنْقُبَ عَنْ قُلُوبِ النَّاسِ وَلَا أَشُقَّ بُطُونَهُمْ) مَعْنَاهُ إِنِّي أُمِرْتُ بِالْحُكْمِ بِالظَّاهِرِ وَاللَّهُ يَتَوَلَّى السَّرَائِرَ كَمَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِذَا قَالُوا ذَلِكَ فَقَدْ عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلَّا بِحَقِّهَا وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ وَفِي الْحَدِيثِ هَلَّا شَقَقْتَ عَنْ قلبه قوله (وهو مقف) أي مولى قَدْ أَعْطَانَا قَفَاهُ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ تَعَالَى لَيِّنًا رَطْبًا) هَكَذَا هُوَ فِي أَكْثَرِ النُّسَخِ لَيِّنًا بِالنُّونِ أي سهلاوَفِي كَثِيرٍ مِنَ النُّسَخِ لَيًّا بِحَذْفِ النُّونِ وَأَشَارَ الْقَاضِي إِلَى أَنَّهُ رِوَايَةُ أَكْثَرِ شُيُوخِهِمْ قَالَ وَمَعْنَاهُ سَهْلًا لِكَثْرَةِ حِفْظِهِمْ قَالَ وَقِيلَ لَيًّا أَيْ يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِهِ أَيْ يُحَرِّفُونَ مَعَانِيَهُ وَتَأْوِيلَهُ قَالَ وَقَدْ يَكُونُ مِنَ اللَّيِّ في الشهادة وهو الميل قاله بن قُتَيْبَةَ (.
قَوْلُهُ (فَسَأَلَاهُ عَنِ الْحَرُورِيَّةِ) هُمُ الْخَوَارِجُ سُمُّوا حَرُورِيَّةً لِأَنَّهُمْ نَزَلُوا حَرُورَاءَ وَتَعَاقَدُوا عِنْدَهَا عَلَى قِتَالِ أَهْلِ الْعَدْلِ وَحَرُورَاءَ بِفَتْحِ الْحَاءِ وَبِالْمَدِّ قَرْيَةٌ بِالْعِرَاقِ قَرِيبَةٌ مِنَ الْكُوفَةِ وَسُمُّوا خَوَارِجَ لِخُرُوجِهِمْ عَلَى الْجَمَاعَةِ وَقِيلَ لِخُرُوجِهِمْ عَنْ طَرِيقِ الْجَمَاعَةِ وَقِيلَ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْرُجُ مِنْ ضِئْضِئِ هَذَا .
قَوْلُهُ (سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول يَخْرُجُ فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ وَلَمْ يَقُلْ مِنْهَا) قَالَ الْمَازِرِيُّ هَذَا مِنْ أَدَلِّ الدَّلَائِلِ عَلَى سَعَةِ عِلْمِ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَدَقِيقُ نَظَرِهِمْ وَتَحْرِيرُهُمُ الْأَلْفَاظَ وَفَرْقُهُمْ بَيْنَ مَدْلُولَاتِهَا الْخَفِيَّةِ لِأَنَّ لَفْظَةَ مِنْ تَقْتَضِي كَوْنَهُمْ مِنَ الْأُمَّةِ لَا كُفَّارًا بِخِلَافِ فِي وَمَعَ هَذَا فَقَدْ جَاءَ بَعْدَ هَذَا مِنْ رِوَايَةِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَخْرُجُ مِنْ أُمَّتِي قَوْمٌ وَفِي رواية أبي ذرانبَعْدِي مِنْ أُمَّتِي أَوْ سَيَكُونُ بَعْدِي مِنْ أُمَّتِي وَقَدْ سَبَقَ الْخِلَافُ فِي تَكْفِيرِهِمْ وَأَنَّ الصَّحِيحَ عَدَمُ تَكْفِيرِهِمْ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (فَيَنْظُرُ الرَّامِي إِلَى نَصْلِهِ إِلَى رِصَافِهِ فَيَتَمَارَى فِي الْفُوقَةِ) وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى يَنْظُرُ إِلَى نَضِيِّهِ وَفِيهَا ثُمَّ يَنْظُرُ إِلَى قُذَذِهِ وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى فَيَنْظُرُ فِي النَّضِيِّ فَلَا يَرَى بَصِيرَةً وَيَنْظُرُ فِي الْفُوقِ فَلَا يَرَى بَصِيرَةً أَمَّا الرِّصَافُ فَبِكَسْرِ الرَّاءِ وَبِالصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وهو مدخل النصل من السهم والنصل هو حديدة السهم والقدح عوده والقذذ بِضَمِّ الْقَافِ وَبِذَالَيْنِ مُعْجَمَتَيْنِ وَهُوَ رِيشُ السَّهْمِ والفوق والفوقة بِضَمِّ الْفَاءِ هُوَ الْحَزُّ الَّذِي يُجْعَلُ فِيهِ الوتر والنضى بِفَتْحِ النُّونِ وَكَسْرِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ وهو القدح كذا جَاءَ فِي كِتَابِ مُسْلِمٍ مُفَسَّرًا وَكَذَا قَالَهُ الْأَصْمَعِيُّ.
.
وَأَمَّا الْبَصِيرُ فَبِفَتْحِ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَكَسْرِ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وَهِيَ الشَّيْءُ مِنَ الدَّمِ أَيْ لَا يَرَى شَيْئًا مِنَ الدَّمِ يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى إِصَابَةِ الرَّمِيَّةِ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (قَدْ خِبْتُ وَخَسِرْتُ إِنْ لَمْ أَعْدِلْ) قَدْ سَبَقَ الْخِلَافُ فِي فَتْحِ التَّاءِ وَضَمِّهَا فِي هَذَا الْبَابِ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ(وَمِثْلُ الْبَضْعَةِ تَدَرْدَرُ) الْبَضْعَةِ بِفَتْحِ الْبَاءِ لَا غَيْرَ وَهِيَ الْقِطْعَةُ من اللحم وتدردر مَعْنَاهُ تَضْطَرِبُ وَتَذْهَبُ وَتَجِيءُ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (يَخْرُجُونَ عَلَى حِينِ فُرْقَةٍ مِنَ النَّاسِ) ضَبَطُوهُ فِي الصَّحِيحِ بِوَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا حِينِ فرقه بحاء مهملة مكسورة ونون وفرقة بِضَمِّ الْفَاءِ أَيْ فِي وَقْتِ افْتِرَاقِ النَّاسِ أَيِ افْتِرَاقٍ يَقَعُ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَهُوَ الِافْتِرَاقُ الَّذِي كَانَ بَيْنَ عَلِيٍّ وَمُعَاوِيَةَ رَضِيَ اللَّهُ عنهما والثاني خير فرقة بخاء معجمة مفتوحة وراء وفرقة بكسر الفاء أي أفضل الْفِرْقَتَيْنِ وَالْأَوَّلُ أَشْهَرُ وَأَكْثَرُ وَيُؤَيِّدُهُ الرِّوَايَةُ الَّتِي بَعْدَ هَذِهِ يَخْرُجُونَ فِي فُرْقَةٍ مِنَ النَّاسِ فَإِنَّهُ بِضَمِّ الْفَاءِ بِلَا خِلَافٍ وَمَعْنَاهُ ظَاهِرٌ.
وَقَالَ الْقَاضِي عَلَى رِوَايَةِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ الْمُرَادُ وَخَيْرُ الْقُرُونِ وَهُمُ الصَّدْرُ الْأَوَّلُ قَالَ أَوْ يَكُونُ الْمُرَادُ عَلِيًّا وَأَصْحَابَهُ فَعَلَيْهِ كَانَ خُرُوجُهُمْ حَقِيقَةً لِأَنَّهُ كَانَ الْإِمَامَ حِينَئِذٍ وَفِيهِ حُجَّةٌ لِأَهْلِ السُّنَّةِ أَنَّ عَلِيًّا كَانَ مُصِيبًا فِي قتاله والآخرون بغاة لاسيما مَعَ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْتُلُهُمْ أَوْلَى الطَّائِفَتَيْنِ بِالْحَقِّ وَعَلِيٌّ وَأَصْحَابُهُ الَّذِينَ قَتَلُوهُمْ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مُعْجِزَاتٌ ظَاهِرَةٌ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّهُ أَخْبَرَ بِهَذَا وَجَرَى كُلُّهُ كَفَلَقِ الصُّبْحِ وَيَتَضَمَّنُ بَقَاءَ الْأُمَّةِ بَعْدَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَّ لَهُمْ شَوْكَةً وَقُوَّةً خِلَافَ مَا كَانَ الْمُبْطِلُونَ يُشِيعُونَهُ وَأَنَّهُمْ يَفْتَرِقُونَ فِرْقَتَيْنِ وَأَنَّهُ يَخْرُجُ عَلَيْهِ طَائِفَةٌ مَارِقَةٌ وَأَنَّهُمْ يُشَدِّدُونَ فِي الدِّينِ فِي غَيْرِ مَوْضِعِ التَّشْدِيدِ وَيُبَالِغُونَ فِي الصَّلَاةِ وَالْقِرَاءَةِ وَلَا يُقِيمُونَ بِحُقُوقِ الْإِسْلَامِ بَلْ يَمْرُقُونَ مِنْهُ وَأَنَّهُمْ يُقَاتِلُونَ أَهْلَ الْحَقِّوَأَنَّ أَهْلَ الْحَقِّ يَقْتُلُونَهُمْ وَأَنَّ فِيهِمْ رَجُلًا صِفَةُ يَدِهِ كَذَا وَكَذَا فَهَذِهِ أَنْوَاعٌ مِنَ المعجزات جرت كلها وَلِلَّهِ الْحَمْدُ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (سِيمَاهُمُ التَّحَالُقُ) السِّيمَا الْعَلَامَةُ وَفِيهَا ثَلَاثُ لُغَاتٍ الْقَصْرُ وَهُوَ الْأَفْصَحُ وَبِهِ جَاءَ الْقُرْآنُ وَالْمَدُّ وَالثَّالِثَةُ السِّيمِيَاءُ بِزِيَادَةِ يَاءٍ مَعَ الْمَدِّ لَا غَيْرَ وَالْمُرَادُ بالتحالق حلق الرؤوس وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى التَّحَلُّقُ وَاسْتَدَلَّ بِهِ بَعْضُ النَّاسِ عَلَى كَرَاهَةِ حَلْقِ الرَّأْسِ وَلَا دَلَالَةَ فِيهِ وَإِنَّمَا هُوَ عَلَامَةٌ لَهُمْ وَالْعَلَامَةُ قَدْ تَكُونُ بِحِرَامٍ وَقَدْ تَكُونُ بِمُبَاحٍ كَمَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آيَتُهُمْ رَجُلٌ أَسْوَدُ إِحْدَى عَضُدَيْهِ مِثْلُ ثَدْيِ الْمَرْأَةِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ هَذَا لَيْسَ بِحِرَامٍ وَقَدْ ثَبَتَ فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ بِإِسْنَادٍ عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ إن رسول الله صلى الله عليه وسلم (رَأَى صَبِيًّا قَدْ حَلَقَ بَعْضَ رَأْسِهِ فَقَالَ احْلِقُوهُ كُلَّهُ أَوِ اتْرُكُوهُ كُلَّهُ) وَهَذَا صَرِيحٌ فِي إِبَاحَةِ حَلْقِ الرَّأْسِ لَا يَحْتَمِلُ تَأْوِيلًا قَالَ أَصْحَابُنَا حَلْقُ الرَّأْسِ جَائِزٌ بِكُلِّ حَالٍ لَكِنْ إِنْ شَقَّ عَلَيْهِ تَعَهُّدُهُ بِالدُّهْنِ وَالتَّسْرِيحِ اسْتُحِبَّ حَلْقُهُ وَإِنْ لَمْ يَشُقَّ اسْتُحِبَّ تَرْكُهُ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (هُمْ شَرُّ الْخَلْقِ أَوْ مِنْ أَشَرِّ الْخَلْقِ) هَكَذَا هُوَ فِي كُلِّ النُّسَخِ أَوْ مِنْ أَشَرِّ بِالْأَلِفِ وَهِيَ لُغَةٌ قَلِيلَةٌ وَالْمَشْهُورُ شَرُّ بِغَيْرِ أَلِفٍ وَفِي هَذَا اللَّفْظِ دَلَالَةٌ لِمَنْ قَالَ بِتَكْفِيرِهِمْ وَتَأَوَّلَهُ الْجُمْهُورُ أَيْ شَرُّ الْمُسْلِمِينَ وَنَحْوِ ذَلِكَ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (يَقْتُلُهُمْ أَوْلَى الطَّائِفَتَيْنِ إِلَى الْحَقِّ) وَفِي رِوَايَةٍ أَوْلَى الطَّائِفَتَيْنِ بِالْحَقِّ وَفِي رِوَايَةٍ تَكُونُ أُمَّتِي فِرْقَتَيْنِ فَتَخْرُجُ مِنْ بَيْنِهِمَا مَارِقَةٌ تَلِي قَتْلَهُمْ أَوْلَاهُمَابِالْحَقِّ هَذِهِ الرِّوَايَاتُ صَرِيحَةٌ فِي أَنَّ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَانَ هُوَ الْمُصِيبَ الْمُحِقَّ وَالطَّائِفَةُ الْأُخْرَى أَصْحَابُ مُعَاوِيَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَانُوا بُغَاةً مُتَأَوِّلِينَ وَفِيهِ التَّصْرِيحُ بِأَنَّ الطَّائِفَتَيْنِ مُؤْمِنُونَ لَا يَخْرُجُونَ بِالْقِتَالِ عَنِ الْإِيمَانِ وَلَا يَفْسُقُونَ وَهَذَا مَذْهَبُنَا وَمَذْهَبُ مُوَافِقِينَا .
قَوْلُهُ (حَدَّثَنَا القاسم وهو بن الْفَضْلِ الْحُدَّانِيُّ) هُوَ بِضَمِّ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَتَشْدِيدِ الدَّالِ بَعْدَ الْأَلِفِ نُونٌ .
قَوْلُهُ (عَنِوَأَمَّا الْجَبِينِ فَهُوَ جَانِبُ الْجَبْهَةِ وَلِكُلِّ إِنْسَانٍ جَبِينَانِ يَكْتَنِفَانِ الْجَبْهَةَ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إِنَّ مِنْ ضئضىء هَذَا قَوْمًا) هُوَ بِضَادَيْنِ مُعْجَمَتَيْنِ مَكْسُورَتَيْنِ وَآخِرُهُ مَهْمُوزٌ وَهُوَ أَصْلُ الشَّيْءِ وَهَكَذَا هُوَ فِي جَمِيعِ نُسَخِ بِلَادِنَا وَحَكَاهُ الْقَاضِي عَنِ الْجُمْهُورِ وَعَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّهُ ضَبَطَهُ بِالْمُعْجَمَتَيْنِ وَالْمُهْمَلَتَيْنِ جَمِيعًا وَهَذَا صَحِيحٌ فِي اللُّغَةِ قَالُوا وَلِأَصْلِ الشَّيْءِ أَسْمَاءٌ كَثِيرَةٌ مِنْهَا الضِّئْضِئُ بِالْمُعْجَمَتَيْنِ وَالْمُهْمَلَتَيْنِ وَالنِّجَارُ بكسر النون والنحاس والسنخ بكسر السين واسكان النون وبخاء معجمة والعنصر والعنض والأرومة .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (لَئِنْ أَدْرَكْتُهُمْ لَأَقْتُلَنَّهُمْ قَتْلَ عَادٍ) أَيْ قَتْلًا عَامًّا مُسْتَأْصِلًا كَمَا قَالَ تَعَالَى فَهَلْ تَرَى لَهُمْ مِنْ باقية وَفِيهِ الْحَثُّ عَلَى قِتَالِهِمْ وَفَضِيلَةٌ لِعَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي قِتَالِهِمْ .
قَوْلُهُ (فِي أَدِيمٍ مَقْرُوظٍ) أَيْ مَدْبُوغٍ بِالْقَرَظِ .
قَوْلُهُ (لَمْ تُحَصَّلْ مِنْ تُرَابِهَا) أَيْ لَمْ تُمَيَّزْ .
قَوْلُهُ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ (وَالرَّابِعُ إِمَّا عَلْقَمَةُ بْنُ عُلَاثَةَ وَإِمَّا عَامِرُ بْنُ الطُّفَيْلِ) قَالَ الْعُلَمَاءُ ذِكْرُ عَامِرٍ هُنَا غَلَطٌ ظَاهِرٌ لِأَنَّهُ تُوُفِّيَ قَبْلَ هَذَا بِسِنِينَ وَالصَّوَابُ الْجَزْمُ بِأَنَّهُ عَلْقَمَةُ بْنُ علاثةكَمَا هُوَ مَجْزُومٌ فِي بَاقِي الرِّوَايَاتِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إِنِّي لَمْ أُومَرْ أَنْ أَنْقُبَ عَنْ قُلُوبِ النَّاسِ وَلَا أَشُقَّ بُطُونَهُمْ) مَعْنَاهُ إِنِّي أُمِرْتُ بِالْحُكْمِ بِالظَّاهِرِ وَاللَّهُ يَتَوَلَّى السَّرَائِرَ كَمَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِذَا قَالُوا ذَلِكَ فَقَدْ عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلَّا بِحَقِّهَا وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ وَفِي الْحَدِيثِ هَلَّا شَقَقْتَ عَنْ قلبه قوله (وهو مقف) أي مولى قَدْ أَعْطَانَا قَفَاهُ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ تَعَالَى لَيِّنًا رَطْبًا) هَكَذَا هُوَ فِي أَكْثَرِ النُّسَخِ لَيِّنًا بِالنُّونِ أي سهلاوَفِي كَثِيرٍ مِنَ النُّسَخِ لَيًّا بِحَذْفِ النُّونِ وَأَشَارَ الْقَاضِي إِلَى أَنَّهُ رِوَايَةُ أَكْثَرِ شُيُوخِهِمْ قَالَ وَمَعْنَاهُ سَهْلًا لِكَثْرَةِ حِفْظِهِمْ قَالَ وَقِيلَ لَيًّا أَيْ يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِهِ أَيْ يُحَرِّفُونَ مَعَانِيَهُ وَتَأْوِيلَهُ قَالَ وَقَدْ يَكُونُ مِنَ اللَّيِّ في الشهادة وهو الميل قاله بن قُتَيْبَةَ (.
قَوْلُهُ (فَسَأَلَاهُ عَنِ الْحَرُورِيَّةِ) هُمُ الْخَوَارِجُ سُمُّوا حَرُورِيَّةً لِأَنَّهُمْ نَزَلُوا حَرُورَاءَ وَتَعَاقَدُوا عِنْدَهَا عَلَى قِتَالِ أَهْلِ الْعَدْلِ وَحَرُورَاءَ بِفَتْحِ الْحَاءِ وَبِالْمَدِّ قَرْيَةٌ بِالْعِرَاقِ قَرِيبَةٌ مِنَ الْكُوفَةِ وَسُمُّوا خَوَارِجَ لِخُرُوجِهِمْ عَلَى الْجَمَاعَةِ وَقِيلَ لِخُرُوجِهِمْ عَنْ طَرِيقِ الْجَمَاعَةِ وَقِيلَ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْرُجُ مِنْ ضِئْضِئِ هَذَا .
قَوْلُهُ (سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول يَخْرُجُ فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ وَلَمْ يَقُلْ مِنْهَا) قَالَ الْمَازِرِيُّ هَذَا مِنْ أَدَلِّ الدَّلَائِلِ عَلَى سَعَةِ عِلْمِ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَدَقِيقُ نَظَرِهِمْ وَتَحْرِيرُهُمُ الْأَلْفَاظَ وَفَرْقُهُمْ بَيْنَ مَدْلُولَاتِهَا الْخَفِيَّةِ لِأَنَّ لَفْظَةَ مِنْ تَقْتَضِي كَوْنَهُمْ مِنَ الْأُمَّةِ لَا كُفَّارًا بِخِلَافِ فِي وَمَعَ هَذَا فَقَدْ جَاءَ بَعْدَ هَذَا مِنْ رِوَايَةِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَخْرُجُ مِنْ أُمَّتِي قَوْمٌ وَفِي رواية أبي ذرانبَعْدِي مِنْ أُمَّتِي أَوْ سَيَكُونُ بَعْدِي مِنْ أُمَّتِي وَقَدْ سَبَقَ الْخِلَافُ فِي تَكْفِيرِهِمْ وَأَنَّ الصَّحِيحَ عَدَمُ تَكْفِيرِهِمْ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (فَيَنْظُرُ الرَّامِي إِلَى نَصْلِهِ إِلَى رِصَافِهِ فَيَتَمَارَى فِي الْفُوقَةِ) وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى يَنْظُرُ إِلَى نَضِيِّهِ وَفِيهَا ثُمَّ يَنْظُرُ إِلَى قُذَذِهِ وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى فَيَنْظُرُ فِي النَّضِيِّ فَلَا يَرَى بَصِيرَةً وَيَنْظُرُ فِي الْفُوقِ فَلَا يَرَى بَصِيرَةً أَمَّا الرِّصَافُ فَبِكَسْرِ الرَّاءِ وَبِالصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وهو مدخل النصل من السهم والنصل هو حديدة السهم والقدح عوده والقذذ بِضَمِّ الْقَافِ وَبِذَالَيْنِ مُعْجَمَتَيْنِ وَهُوَ رِيشُ السَّهْمِ والفوق والفوقة بِضَمِّ الْفَاءِ هُوَ الْحَزُّ الَّذِي يُجْعَلُ فِيهِ الوتر والنضى بِفَتْحِ النُّونِ وَكَسْرِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ وهو القدح كذا جَاءَ فِي كِتَابِ مُسْلِمٍ مُفَسَّرًا وَكَذَا قَالَهُ الْأَصْمَعِيُّ.
.
وَأَمَّا الْبَصِيرُ فَبِفَتْحِ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَكَسْرِ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وَهِيَ الشَّيْءُ مِنَ الدَّمِ أَيْ لَا يَرَى شَيْئًا مِنَ الدَّمِ يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى إِصَابَةِ الرَّمِيَّةِ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (قَدْ خِبْتُ وَخَسِرْتُ إِنْ لَمْ أَعْدِلْ) قَدْ سَبَقَ الْخِلَافُ فِي فَتْحِ التَّاءِ وَضَمِّهَا فِي هَذَا الْبَابِ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ(وَمِثْلُ الْبَضْعَةِ تَدَرْدَرُ) الْبَضْعَةِ بِفَتْحِ الْبَاءِ لَا غَيْرَ وَهِيَ الْقِطْعَةُ من اللحم وتدردر مَعْنَاهُ تَضْطَرِبُ وَتَذْهَبُ وَتَجِيءُ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (يَخْرُجُونَ عَلَى حِينِ فُرْقَةٍ مِنَ النَّاسِ) ضَبَطُوهُ فِي الصَّحِيحِ بِوَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا حِينِ فرقه بحاء مهملة مكسورة ونون وفرقة بِضَمِّ الْفَاءِ أَيْ فِي وَقْتِ افْتِرَاقِ النَّاسِ أَيِ افْتِرَاقٍ يَقَعُ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَهُوَ الِافْتِرَاقُ الَّذِي كَانَ بَيْنَ عَلِيٍّ وَمُعَاوِيَةَ رَضِيَ اللَّهُ عنهما والثاني خير فرقة بخاء معجمة مفتوحة وراء وفرقة بكسر الفاء أي أفضل الْفِرْقَتَيْنِ وَالْأَوَّلُ أَشْهَرُ وَأَكْثَرُ وَيُؤَيِّدُهُ الرِّوَايَةُ الَّتِي بَعْدَ هَذِهِ يَخْرُجُونَ فِي فُرْقَةٍ مِنَ النَّاسِ فَإِنَّهُ بِضَمِّ الْفَاءِ بِلَا خِلَافٍ وَمَعْنَاهُ ظَاهِرٌ.
وَقَالَ الْقَاضِي عَلَى رِوَايَةِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ الْمُرَادُ وَخَيْرُ الْقُرُونِ وَهُمُ الصَّدْرُ الْأَوَّلُ قَالَ أَوْ يَكُونُ الْمُرَادُ عَلِيًّا وَأَصْحَابَهُ فَعَلَيْهِ كَانَ خُرُوجُهُمْ حَقِيقَةً لِأَنَّهُ كَانَ الْإِمَامَ حِينَئِذٍ وَفِيهِ حُجَّةٌ لِأَهْلِ السُّنَّةِ أَنَّ عَلِيًّا كَانَ مُصِيبًا فِي قتاله والآخرون بغاة لاسيما مَعَ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْتُلُهُمْ أَوْلَى الطَّائِفَتَيْنِ بِالْحَقِّ وَعَلِيٌّ وَأَصْحَابُهُ الَّذِينَ قَتَلُوهُمْ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مُعْجِزَاتٌ ظَاهِرَةٌ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّهُ أَخْبَرَ بِهَذَا وَجَرَى كُلُّهُ كَفَلَقِ الصُّبْحِ وَيَتَضَمَّنُ بَقَاءَ الْأُمَّةِ بَعْدَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَّ لَهُمْ شَوْكَةً وَقُوَّةً خِلَافَ مَا كَانَ الْمُبْطِلُونَ يُشِيعُونَهُ وَأَنَّهُمْ يَفْتَرِقُونَ فِرْقَتَيْنِ وَأَنَّهُ يَخْرُجُ عَلَيْهِ طَائِفَةٌ مَارِقَةٌ وَأَنَّهُمْ يُشَدِّدُونَ فِي الدِّينِ فِي غَيْرِ مَوْضِعِ التَّشْدِيدِ وَيُبَالِغُونَ فِي الصَّلَاةِ وَالْقِرَاءَةِ وَلَا يُقِيمُونَ بِحُقُوقِ الْإِسْلَامِ بَلْ يَمْرُقُونَ مِنْهُ وَأَنَّهُمْ يُقَاتِلُونَ أَهْلَ الْحَقِّوَأَنَّ أَهْلَ الْحَقِّ يَقْتُلُونَهُمْ وَأَنَّ فِيهِمْ رَجُلًا صِفَةُ يَدِهِ كَذَا وَكَذَا فَهَذِهِ أَنْوَاعٌ مِنَ المعجزات جرت كلها وَلِلَّهِ الْحَمْدُ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (سِيمَاهُمُ التَّحَالُقُ) السِّيمَا الْعَلَامَةُ وَفِيهَا ثَلَاثُ لُغَاتٍ الْقَصْرُ وَهُوَ الْأَفْصَحُ وَبِهِ جَاءَ الْقُرْآنُ وَالْمَدُّ وَالثَّالِثَةُ السِّيمِيَاءُ بِزِيَادَةِ يَاءٍ مَعَ الْمَدِّ لَا غَيْرَ وَالْمُرَادُ بالتحالق حلق الرؤوس وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى التَّحَلُّقُ وَاسْتَدَلَّ بِهِ بَعْضُ النَّاسِ عَلَى كَرَاهَةِ حَلْقِ الرَّأْسِ وَلَا دَلَالَةَ فِيهِ وَإِنَّمَا هُوَ عَلَامَةٌ لَهُمْ وَالْعَلَامَةُ قَدْ تَكُونُ بِحِرَامٍ وَقَدْ تَكُونُ بِمُبَاحٍ كَمَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آيَتُهُمْ رَجُلٌ أَسْوَدُ إِحْدَى عَضُدَيْهِ مِثْلُ ثَدْيِ الْمَرْأَةِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ هَذَا لَيْسَ بِحِرَامٍ وَقَدْ ثَبَتَ فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ بِإِسْنَادٍ عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ إن رسول الله صلى الله عليه وسلم (رَأَى صَبِيًّا قَدْ حَلَقَ بَعْضَ رَأْسِهِ فَقَالَ احْلِقُوهُ كُلَّهُ أَوِ اتْرُكُوهُ كُلَّهُ) وَهَذَا صَرِيحٌ فِي إِبَاحَةِ حَلْقِ الرَّأْسِ لَا يَحْتَمِلُ تَأْوِيلًا قَالَ أَصْحَابُنَا حَلْقُ الرَّأْسِ جَائِزٌ بِكُلِّ حَالٍ لَكِنْ إِنْ شَقَّ عَلَيْهِ تَعَهُّدُهُ بِالدُّهْنِ وَالتَّسْرِيحِ اسْتُحِبَّ حَلْقُهُ وَإِنْ لَمْ يَشُقَّ اسْتُحِبَّ تَرْكُهُ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (هُمْ شَرُّ الْخَلْقِ أَوْ مِنْ أَشَرِّ الْخَلْقِ) هَكَذَا هُوَ فِي كُلِّ النُّسَخِ أَوْ مِنْ أَشَرِّ بِالْأَلِفِ وَهِيَ لُغَةٌ قَلِيلَةٌ وَالْمَشْهُورُ شَرُّ بِغَيْرِ أَلِفٍ وَفِي هَذَا اللَّفْظِ دَلَالَةٌ لِمَنْ قَالَ بِتَكْفِيرِهِمْ وَتَأَوَّلَهُ الْجُمْهُورُ أَيْ شَرُّ الْمُسْلِمِينَ وَنَحْوِ ذَلِكَ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (يَقْتُلُهُمْ أَوْلَى الطَّائِفَتَيْنِ إِلَى الْحَقِّ) وَفِي رِوَايَةٍ أَوْلَى الطَّائِفَتَيْنِ بِالْحَقِّ وَفِي رِوَايَةٍ تَكُونُ أُمَّتِي فِرْقَتَيْنِ فَتَخْرُجُ مِنْ بَيْنِهِمَا مَارِقَةٌ تَلِي قَتْلَهُمْ أَوْلَاهُمَابِالْحَقِّ هَذِهِ الرِّوَايَاتُ صَرِيحَةٌ فِي أَنَّ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَانَ هُوَ الْمُصِيبَ الْمُحِقَّ وَالطَّائِفَةُ الْأُخْرَى أَصْحَابُ مُعَاوِيَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَانُوا بُغَاةً مُتَأَوِّلِينَ وَفِيهِ التَّصْرِيحُ بِأَنَّ الطَّائِفَتَيْنِ مُؤْمِنُونَ لَا يَخْرُجُونَ بِالْقِتَالِ عَنِ الْإِيمَانِ وَلَا يَفْسُقُونَ وَهَذَا مَذْهَبُنَا وَمَذْهَبُ مُوَافِقِينَا .
قَوْلُهُ (حَدَّثَنَا القاسم وهو بن الْفَضْلِ الْحُدَّانِيُّ) هُوَ بِضَمِّ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَتَشْدِيدِ الدَّالِ بَعْدَ الْأَلِفِ نُونٌ .
قَوْلُهُ (عَنِوَأَمَّا الْجَبِينِ فَهُوَ جَانِبُ الْجَبْهَةِ وَلِكُلِّ إِنْسَانٍ جَبِينَانِ يَكْتَنِفَانِ الْجَبْهَةَ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إِنَّ مِنْ ضئضىء هَذَا قَوْمًا) هُوَ بِضَادَيْنِ مُعْجَمَتَيْنِ مَكْسُورَتَيْنِ وَآخِرُهُ مَهْمُوزٌ وَهُوَ أَصْلُ الشَّيْءِ وَهَكَذَا هُوَ فِي جَمِيعِ نُسَخِ بِلَادِنَا وَحَكَاهُ الْقَاضِي عَنِ الْجُمْهُورِ وَعَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّهُ ضَبَطَهُ بِالْمُعْجَمَتَيْنِ وَالْمُهْمَلَتَيْنِ جَمِيعًا وَهَذَا صَحِيحٌ فِي اللُّغَةِ قَالُوا وَلِأَصْلِ الشَّيْءِ أَسْمَاءٌ كَثِيرَةٌ مِنْهَا الضِّئْضِئُ بِالْمُعْجَمَتَيْنِ وَالْمُهْمَلَتَيْنِ وَالنِّجَارُ بكسر النون والنحاس والسنخ بكسر السين واسكان النون وبخاء معجمة والعنصر والعنض والأرومة .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (لَئِنْ أَدْرَكْتُهُمْ لَأَقْتُلَنَّهُمْ قَتْلَ عَادٍ) أَيْ قَتْلًا عَامًّا مُسْتَأْصِلًا كَمَا قَالَ تَعَالَى فَهَلْ تَرَى لَهُمْ مِنْ باقية وَفِيهِ الْحَثُّ عَلَى قِتَالِهِمْ وَفَضِيلَةٌ لِعَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي قِتَالِهِمْ .
قَوْلُهُ (فِي أَدِيمٍ مَقْرُوظٍ) أَيْ مَدْبُوغٍ بِالْقَرَظِ .
قَوْلُهُ (لَمْ تُحَصَّلْ مِنْ تُرَابِهَا) أَيْ لَمْ تُمَيَّزْ .
قَوْلُهُ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ (وَالرَّابِعُ إِمَّا عَلْقَمَةُ بْنُ عُلَاثَةَ وَإِمَّا عَامِرُ بْنُ الطُّفَيْلِ) قَالَ الْعُلَمَاءُ ذِكْرُ عَامِرٍ هُنَا غَلَطٌ ظَاهِرٌ لِأَنَّهُ تُوُفِّيَ قَبْلَ هَذَا بِسِنِينَ وَالصَّوَابُ الْجَزْمُ بِأَنَّهُ عَلْقَمَةُ بْنُ علاثةكَمَا هُوَ مَجْزُومٌ فِي بَاقِي الرِّوَايَاتِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إِنِّي لَمْ أُومَرْ أَنْ أَنْقُبَ عَنْ قُلُوبِ النَّاسِ وَلَا أَشُقَّ بُطُونَهُمْ) مَعْنَاهُ إِنِّي أُمِرْتُ بِالْحُكْمِ بِالظَّاهِرِ وَاللَّهُ يَتَوَلَّى السَّرَائِرَ كَمَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِذَا قَالُوا ذَلِكَ فَقَدْ عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلَّا بِحَقِّهَا وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ وَفِي الْحَدِيثِ هَلَّا شَقَقْتَ عَنْ قلبه قوله (وهو مقف) أي مولى قَدْ أَعْطَانَا قَفَاهُ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ تَعَالَى لَيِّنًا رَطْبًا) هَكَذَا هُوَ فِي أَكْثَرِ النُّسَخِ لَيِّنًا بِالنُّونِ أي سهلاوَفِي كَثِيرٍ مِنَ النُّسَخِ لَيًّا بِحَذْفِ النُّونِ وَأَشَارَ الْقَاضِي إِلَى أَنَّهُ رِوَايَةُ أَكْثَرِ شُيُوخِهِمْ قَالَ وَمَعْنَاهُ سَهْلًا لِكَثْرَةِ حِفْظِهِمْ قَالَ وَقِيلَ لَيًّا أَيْ يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِهِ أَيْ يُحَرِّفُونَ مَعَانِيَهُ وَتَأْوِيلَهُ قَالَ وَقَدْ يَكُونُ مِنَ اللَّيِّ في الشهادة وهو الميل قاله بن قُتَيْبَةَ (.
قَوْلُهُ (فَسَأَلَاهُ عَنِ الْحَرُورِيَّةِ) هُمُ الْخَوَارِجُ سُمُّوا حَرُورِيَّةً لِأَنَّهُمْ نَزَلُوا حَرُورَاءَ وَتَعَاقَدُوا عِنْدَهَا عَلَى قِتَالِ أَهْلِ الْعَدْلِ وَحَرُورَاءَ بِفَتْحِ الْحَاءِ وَبِالْمَدِّ قَرْيَةٌ بِالْعِرَاقِ قَرِيبَةٌ مِنَ الْكُوفَةِ وَسُمُّوا خَوَارِجَ لِخُرُوجِهِمْ عَلَى الْجَمَاعَةِ وَقِيلَ لِخُرُوجِهِمْ عَنْ طَرِيقِ الْجَمَاعَةِ وَقِيلَ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْرُجُ مِنْ ضِئْضِئِ هَذَا .
قَوْلُهُ (سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول يَخْرُجُ فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ وَلَمْ يَقُلْ مِنْهَا) قَالَ الْمَازِرِيُّ هَذَا مِنْ أَدَلِّ الدَّلَائِلِ عَلَى سَعَةِ عِلْمِ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَدَقِيقُ نَظَرِهِمْ وَتَحْرِيرُهُمُ الْأَلْفَاظَ وَفَرْقُهُمْ بَيْنَ مَدْلُولَاتِهَا الْخَفِيَّةِ لِأَنَّ لَفْظَةَ مِنْ تَقْتَضِي كَوْنَهُمْ مِنَ الْأُمَّةِ لَا كُفَّارًا بِخِلَافِ فِي وَمَعَ هَذَا فَقَدْ جَاءَ بَعْدَ هَذَا مِنْ رِوَايَةِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَخْرُجُ مِنْ أُمَّتِي قَوْمٌ وَفِي رواية أبي ذرانبَعْدِي مِنْ أُمَّتِي أَوْ سَيَكُونُ بَعْدِي مِنْ أُمَّتِي وَقَدْ سَبَقَ الْخِلَافُ فِي تَكْفِيرِهِمْ وَأَنَّ الصَّحِيحَ عَدَمُ تَكْفِيرِهِمْ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (فَيَنْظُرُ الرَّامِي إِلَى نَصْلِهِ إِلَى رِصَافِهِ فَيَتَمَارَى فِي الْفُوقَةِ) وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى يَنْظُرُ إِلَى نَضِيِّهِ وَفِيهَا ثُمَّ يَنْظُرُ إِلَى قُذَذِهِ وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى فَيَنْظُرُ فِي النَّضِيِّ فَلَا يَرَى بَصِيرَةً وَيَنْظُرُ فِي الْفُوقِ فَلَا يَرَى بَصِيرَةً أَمَّا الرِّصَافُ فَبِكَسْرِ الرَّاءِ وَبِالصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وهو مدخل النصل من السهم والنصل هو حديدة السهم والقدح عوده والقذذ بِضَمِّ الْقَافِ وَبِذَالَيْنِ مُعْجَمَتَيْنِ وَهُوَ رِيشُ السَّهْمِ والفوق والفوقة بِضَمِّ الْفَاءِ هُوَ الْحَزُّ الَّذِي يُجْعَلُ فِيهِ الوتر والنضى بِفَتْحِ النُّونِ وَكَسْرِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ وهو القدح كذا جَاءَ فِي كِتَابِ مُسْلِمٍ مُفَسَّرًا وَكَذَا قَالَهُ الْأَصْمَعِيُّ.
.
وَأَمَّا الْبَصِيرُ فَبِفَتْحِ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَكَسْرِ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وَهِيَ الشَّيْءُ مِنَ الدَّمِ أَيْ لَا يَرَى شَيْئًا مِنَ الدَّمِ يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى إِصَابَةِ الرَّمِيَّةِ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (قَدْ خِبْتُ وَخَسِرْتُ إِنْ لَمْ أَعْدِلْ) قَدْ سَبَقَ الْخِلَافُ فِي فَتْحِ التَّاءِ وَضَمِّهَا فِي هَذَا الْبَابِ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ(وَمِثْلُ الْبَضْعَةِ تَدَرْدَرُ) الْبَضْعَةِ بِفَتْحِ الْبَاءِ لَا غَيْرَ وَهِيَ الْقِطْعَةُ من اللحم وتدردر مَعْنَاهُ تَضْطَرِبُ وَتَذْهَبُ وَتَجِيءُ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (يَخْرُجُونَ عَلَى حِينِ فُرْقَةٍ مِنَ النَّاسِ) ضَبَطُوهُ فِي الصَّحِيحِ بِوَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا حِينِ فرقه بحاء مهملة مكسورة ونون وفرقة بِضَمِّ الْفَاءِ أَيْ فِي وَقْتِ افْتِرَاقِ النَّاسِ أَيِ افْتِرَاقٍ يَقَعُ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَهُوَ الِافْتِرَاقُ الَّذِي كَانَ بَيْنَ عَلِيٍّ وَمُعَاوِيَةَ رَضِيَ اللَّهُ عنهما والثاني خير فرقة بخاء معجمة مفتوحة وراء وفرقة بكسر الفاء أي أفضل الْفِرْقَتَيْنِ وَالْأَوَّلُ أَشْهَرُ وَأَكْثَرُ وَيُؤَيِّدُهُ الرِّوَايَةُ الَّتِي بَعْدَ هَذِهِ يَخْرُجُونَ فِي فُرْقَةٍ مِنَ النَّاسِ فَإِنَّهُ بِضَمِّ الْفَاءِ بِلَا خِلَافٍ وَمَعْنَاهُ ظَاهِرٌ.
وَقَالَ الْقَاضِي عَلَى رِوَايَةِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ الْمُرَادُ وَخَيْرُ الْقُرُونِ وَهُمُ الصَّدْرُ الْأَوَّلُ قَالَ أَوْ يَكُونُ الْمُرَادُ عَلِيًّا وَأَصْحَابَهُ فَعَلَيْهِ كَانَ خُرُوجُهُمْ حَقِيقَةً لِأَنَّهُ كَانَ الْإِمَامَ حِينَئِذٍ وَفِيهِ حُجَّةٌ لِأَهْلِ السُّنَّةِ أَنَّ عَلِيًّا كَانَ مُصِيبًا فِي قتاله والآخرون بغاة لاسيما مَعَ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْتُلُهُمْ أَوْلَى الطَّائِفَتَيْنِ بِالْحَقِّ وَعَلِيٌّ وَأَصْحَابُهُ الَّذِينَ قَتَلُوهُمْ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مُعْجِزَاتٌ ظَاهِرَةٌ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّهُ أَخْبَرَ بِهَذَا وَجَرَى كُلُّهُ كَفَلَقِ الصُّبْحِ وَيَتَضَمَّنُ بَقَاءَ الْأُمَّةِ بَعْدَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَّ لَهُمْ شَوْكَةً وَقُوَّةً خِلَافَ مَا كَانَ الْمُبْطِلُونَ يُشِيعُونَهُ وَأَنَّهُمْ يَفْتَرِقُونَ فِرْقَتَيْنِ وَأَنَّهُ يَخْرُجُ عَلَيْهِ طَائِفَةٌ مَارِقَةٌ وَأَنَّهُمْ يُشَدِّدُونَ فِي الدِّينِ فِي غَيْرِ مَوْضِعِ التَّشْدِيدِ وَيُبَالِغُونَ فِي الصَّلَاةِ وَالْقِرَاءَةِ وَلَا يُقِيمُونَ بِحُقُوقِ الْإِسْلَامِ بَلْ يَمْرُقُونَ مِنْهُ وَأَنَّهُمْ يُقَاتِلُونَ أَهْلَ الْحَقِّوَأَنَّ أَهْلَ الْحَقِّ يَقْتُلُونَهُمْ وَأَنَّ فِيهِمْ رَجُلًا صِفَةُ يَدِهِ كَذَا وَكَذَا فَهَذِهِ أَنْوَاعٌ مِنَ المعجزات جرت كلها وَلِلَّهِ الْحَمْدُ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (سِيمَاهُمُ التَّحَالُقُ) السِّيمَا الْعَلَامَةُ وَفِيهَا ثَلَاثُ لُغَاتٍ الْقَصْرُ وَهُوَ الْأَفْصَحُ وَبِهِ جَاءَ الْقُرْآنُ وَالْمَدُّ وَالثَّالِثَةُ السِّيمِيَاءُ بِزِيَادَةِ يَاءٍ مَعَ الْمَدِّ لَا غَيْرَ وَالْمُرَادُ بالتحالق حلق الرؤوس وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى التَّحَلُّقُ وَاسْتَدَلَّ بِهِ بَعْضُ النَّاسِ عَلَى كَرَاهَةِ حَلْقِ الرَّأْسِ وَلَا دَلَالَةَ فِيهِ وَإِنَّمَا هُوَ عَلَامَةٌ لَهُمْ وَالْعَلَامَةُ قَدْ تَكُونُ بِحِرَامٍ وَقَدْ تَكُونُ بِمُبَاحٍ كَمَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آيَتُهُمْ رَجُلٌ أَسْوَدُ إِحْدَى عَضُدَيْهِ مِثْلُ ثَدْيِ الْمَرْأَةِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ هَذَا لَيْسَ بِحِرَامٍ وَقَدْ ثَبَتَ فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ بِإِسْنَادٍ عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ إن رسول الله صلى الله عليه وسلم (رَأَى صَبِيًّا قَدْ حَلَقَ بَعْضَ رَأْسِهِ فَقَالَ احْلِقُوهُ كُلَّهُ أَوِ اتْرُكُوهُ كُلَّهُ) وَهَذَا صَرِيحٌ فِي إِبَاحَةِ حَلْقِ الرَّأْسِ لَا يَحْتَمِلُ تَأْوِيلًا قَالَ أَصْحَابُنَا حَلْقُ الرَّأْسِ جَائِزٌ بِكُلِّ حَالٍ لَكِنْ إِنْ شَقَّ عَلَيْهِ تَعَهُّدُهُ بِالدُّهْنِ وَالتَّسْرِيحِ اسْتُحِبَّ حَلْقُهُ وَإِنْ لَمْ يَشُقَّ اسْتُحِبَّ تَرْكُهُ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (هُمْ شَرُّ الْخَلْقِ أَوْ مِنْ أَشَرِّ الْخَلْقِ) هَكَذَا هُوَ فِي كُلِّ النُّسَخِ أَوْ مِنْ أَشَرِّ بِالْأَلِفِ وَهِيَ لُغَةٌ قَلِيلَةٌ وَالْمَشْهُورُ شَرُّ بِغَيْرِ أَلِفٍ وَفِي هَذَا اللَّفْظِ دَلَالَةٌ لِمَنْ قَالَ بِتَكْفِيرِهِمْ وَتَأَوَّلَهُ الْجُمْهُورُ أَيْ شَرُّ الْمُسْلِمِينَ وَنَحْوِ ذَلِكَ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (يَقْتُلُهُمْ أَوْلَى الطَّائِفَتَيْنِ إِلَى الْحَقِّ) وَفِي رِوَايَةٍ أَوْلَى الطَّائِفَتَيْنِ بِالْحَقِّ وَفِي رِوَايَةٍ تَكُونُ أُمَّتِي فِرْقَتَيْنِ فَتَخْرُجُ مِنْ بَيْنِهِمَا مَارِقَةٌ تَلِي قَتْلَهُمْ أَوْلَاهُمَابِالْحَقِّ هَذِهِ الرِّوَايَاتُ صَرِيحَةٌ فِي أَنَّ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَانَ هُوَ الْمُصِيبَ الْمُحِقَّ وَالطَّائِفَةُ الْأُخْرَى أَصْحَابُ مُعَاوِيَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَانُوا بُغَاةً مُتَأَوِّلِينَ وَفِيهِ التَّصْرِيحُ بِأَنَّ الطَّائِفَتَيْنِ مُؤْمِنُونَ لَا يَخْرُجُونَ بِالْقِتَالِ عَنِ الْإِيمَانِ وَلَا يَفْسُقُونَ وَهَذَا مَذْهَبُنَا وَمَذْهَبُ مُوَافِقِينَا .
قَوْلُهُ (حَدَّثَنَا القاسم وهو بن الْفَضْلِ الْحُدَّانِيُّ) هُوَ بِضَمِّ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَتَشْدِيدِ الدَّالِ بَعْدَ الْأَلِفِ نُونٌ .
قَوْلُهُ (عَنِالضَّحَّاكِ الْمِشْرَقِيِّ) هُوَ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَإِسْكَانِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَفَتْحِ الرَّاءِ وَكَسْرِ الْقَافِ وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ الَّذِي ذَكَرَهُ جَمِيعُ أَصْحَابِ الْمُؤْتَلِفِ وَالْمُخْتَلِفِ وَأَصْحَابِ الْأَسْمَاءِ وَالتَّوَارِيخِ وَنَقَلَ الْقَاضِي عِيَاضٌ عَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّهُ ضَبَطَهُ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِ الرَّاءِ قَالَ وَهُوَ تَصْحِيفٌ كَمَا قَالَ وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ مَنْسُوبٌ إِلَى مِشْرَقٍ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَفَتْحِ الرَّاءِ بَطْنٌ مِنْ هَمْدَانَ وَهُوَ الضَّحَّاكُ الْهَمْدَانِيُّ الْمَذْكُورُ فِي الرِّوَايَةِ السَّابِقَةِ مِنْ رِوَايَةِ حَرْمَلَةَ وَأَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ .
قَوْلُهُ (فِي حَدِيثٍ ذَكَرَ فِيهِ قَوْمًا يَخْرُجُونَ عَلَى فِرْقَةٍ مُخْتَلِفَةٍ) ضبطوه بكسر الفاء وضمها
[1064] بذهبة فِي رِوَايَة بن ماهان بذهيبة على التصغير وَهُوَ تَأْنِيث الذَّهَب كَأَنَّهُ ذهب بِهِ إِلَى معنى الْقطعَة أَو الْجُمْلَة صَنَادِيد نجد أَي سادتها الْوَاحِد صنديد بِكَسْر الصَّاد عُيَيْنَة بن بدر فِي الرِّوَايَة الْأُخْرَى عُيَيْنَة بن حصن وَكِلَاهُمَا صَحِيح فحصن أَبوهُ وَبدر جده الْأَعْلَى فَإِنَّهُ عُيَيْنَة بن حصن بن حُذَيْفَة بن بدر وَنسبه إِلَيْهِ لشهرته زيد الْخَيْر بالراء وَفِي الرِّوَايَة الَّتِي بعْدهَا زيد الْخَيل بِاللَّامِ وَكِلَاهُمَا صَحِيح فَإِنَّهُ كَانَ يُقَال لَهُ فِي الْجَاهِلِيَّة زيد الْخَيل فَسَماهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم زيد الْخَيْر كث اللِّحْيَة بِفَتْح الْكَاف وَتَشْديد الْمُثَلَّثَة كبيرها قصير شعرهَا مشرف الوجنتين أَي مرتفعهما تَثْنِيَة وجنة مُثَلّثَة الْوَاو وَهِي لحم الخد ناتئ بِالْهَمْز الجبين هُوَ جَانب الْجَبْهَة وَلكُل إِنْسَان جبينان يكتنفان الْجَبْهَة ضئضئ بضادين معجمتين مكسورتين وَآخره مَهْمُوز أصل الشَّيْء قتل عَاد أَي قتلا عَاما شَامِلًا أَدِيم هُوَ الْجلد مقروظ مدبوغ بالقرظ لم تحصل من ترابها أَي لم تميز وَالرَّابِع إِمَّا عَلْقَمَة بن علاثة أَو عَامر بن الطُّفَيْل قَالَ الْعلمَاء ذكر عَامر غلط ظَاهر لِأَنَّهُ توفّي قبل هَذَا بسنين وَالصَّوَاب الْجَزْم بِأَنَّهُ عَلْقَمَة كَمَا فِي بَاقِي الرِّوَايَات أَمِين من فِي السَّمَاء يحْتَمل أَن يُرِيد بِهِ الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى على حد قَوْله تَعَالَى أأمنتم من فِي السَّمَاء أَن يخسف بكم الأَرْض أَو الْمَلَائِكَة لِأَنَّهُ أَمِين عِنْدهم مَعْرُوف بالأمانة ناشز الْجَبْهَة باديها مرتفعها وَهُوَ مقف أَي مول قد اعطانا قَفاهُ يَتلون كتاب الله رطبا قَالَ الْقُرْطُبِيّ فِيهِ أَقْوَال أَحدهمَا أَنه الحذق بالتلاوة وَالْمعْنَى أَنهم يأْتونَ بِهِ على أحسن أَحْوَاله وَالثَّانِي يواظبون على تِلَاوَته فَلَا تزَال ألسنتهم رطبَة وَالثَّالِث أَن يكون من حسن الصَّوْت بِالْقِرَاءَةِ لأقتلنهم قتل ثَمُود تقدم فِي الرِّوَايَة الأولى قتل عَاد قَالَ الْقُرْطُبِيّ وَوجه الْجمع أَن يكون النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ كليهمَا فَذكر أحد الروَاة أَحدهمَا وَذكر الآخر الآخر يَتلون كتاب الله لينًا قَالَ النَّوَوِيّ كَذَا فِي أَكثر النّسخ بالنُّون أَي سهلا وَفِي كثير ليا بحذفها وَأَشَارَ القَاضِي إِلَى أَنه رِوَايَة أَكثر شيوخهم وَمَعْنَاهُ سهلا لِكَثْرَة حفظهم وَقيل ليا أَي يلوون ألسنتهم بِهِ أَي يحرفُونَ مَعَانِيه وتأويله وَقد يكون من اللي فِي الشَّهَادَة وَهُوَ الْميل قَالَه بن قُتَيْبَة الحرورية هم الْخَوَارِج نسبوا إِلَى حروراء لأَنهم نزلوها وتعاقدوا عِنْدهَا على قتال أهل الْعدْل وَهِي بِفَتْح الْحَاء وَالْمدّ قَرْيَة قرب الْكُوفَة وَسموا خوارج لخروجهم على الْجَمَاعَة وَقيل لخروجهم عَن طَرِيق الْجَمَاعَة وَقيل لقَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يخرج من ضئضئ هَذَا يخرج فِي هَذِه الْأمة وَلم يقل مِنْهَا قَالَ النَّوَوِيّ قَالَ الْمَازرِيّ هَذَا من أدل الدَّلَائِل على سَعَة علم الصَّحَابَة ودقيق نظرهم وتحريرهم الْأَلْفَاظ وفرقهم بَين مدلولاتها الْخفية لِأَن لفظ من تَقْتَضِي كَونهم من الْأمة لَا كفَّارًا بِخِلَاف فِي إِلَى نصله هُوَ حَدِيدَة السهْم رصافة بكسرالراء وصاد مُهْملَة مدْخل النصل من السهْم الفوقة بِضَم الْفَاء الْجُزْء الَّذِي يَجْعَل فِيهِ الْوتر هَل علق بهَا من الدَّم شَيْء قَالَ الْقُرْطُبِيّ مَقْصُود هَذَا التَّمْثِيل أَن هَذِه الطَّائِفَة خرجت من دين الْإِسْلَام وَلم يتَعَلَّق بهَا مِنْهُ شَيْء كَمَا خرج هَذَا السهْم من هَذِه الرَّمية الَّذِي لشدَّة النزع وَسُرْعَة السهْم يسْبق خُرُوجه خُرُوج الدَّم بِحَيْثُ لَا يتَعَلَّق بِهِ شَيْء ظَاهر نضيه بِفَتْح النُّون وَكسر الضَّاد الْمُعْجَمَة وَهُوَ الْقدح هُوَ تَفْسِير للنضي مدرج من بعض الروَاة وَهُوَ بِكَسْر الْقَاف عود السهْم قذذة بِضَم الْقَاف وذالين معجمتين ريش السهْم جمع قُذَّة الفرث مَا يخرج من الكرش أَو مثل الْبضْعَة بِفَتْح الْبَاء لَا غير وَهِي الْقطعَة من اللَّحْم تدَرْدر أَي تضطرب وَتذهب وتجيء قَالَ بن قُتَيْبَة وَصِيغَة تفعلل تنبئ عَن التحرك وَالِاضْطِرَاب مثل تقلقل تزلزل وتدهده الْحجر على خير فرقة قَالَ الْقُرْطُبِيّ كَذَا لأكْثر من الروَاة بخاء مُعْجمَة مَفْتُوحَة وَرَاء وَفرْقَة بِكَسْر الْفَاء أَي أفضل الْفرْقَتَيْنِ وهم عَليّ ومعظم أَصْحَابه وَعند السَّمرقَنْدِي وَابْن ماهان على حِين فرقة بحاء مُهْملَة مَكْسُورَة وَنون وَفرْقَة بِضَم الْفَاء أَي فِي وَقت افْتِرَاق يَقع بَين الْمُسلمين وَهُوَ الِافْتِرَاق الَّذِي كَانَ بَين عَليّ وَمُعَاوِيَة قَالَ النَّوَوِيّ هَذَا الضَّبْط أَكثر وَأشهر لِأَن فِي الرِّوَايَة بعده يخرجُون فِي فرقة من النَّاس وَهُوَ بِضَم الْفَاء بِلَا خلاف
[ سـ
:1838 ... بـ
:1064]
حَدَّثَنَا هَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ مَسْرُوقٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي نُعْمٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ بَعَثَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَهُوَ بِالْيَمَنِ بِذَهَبَةٍ فِي تُرْبَتِهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَسَمَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ أَرْبَعَةِ نَفَرٍ الْأَقْرَعُ بْنُ حَابِسٍ الْحَنْظَلِيُّ وَعُيَيْنَةُ بْنُ بَدْرٍ الْفَزَارِيُّ وَعَلْقَمَةُ بْنُ عُلَاثَةَ الْعَامِرِيُّ ثُمَّ أَحَدُ بَنِي كِلَابٍ وَزَيْدُ الْخَيْرِ الطَّائِيُّ ثُمَّ أَحَدُ بَنِي نَبْهَانَ قَالَ فَغَضِبَتْ قُرَيْشٌ فَقَالُوا أَتُعْطِي صَنَادِيدَ نَجْدٍ وَتَدَعُنَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنِّي إِنَّمَا فَعَلْتُ ذَلِكَ لِأَتَأَلَّفَهُمْ فَجَاءَ رَجُلٌ كَثُّ اللِّحْيَةِ مُشْرِفُ الْوَجْنَتَيْنِ غَائِرُ الْعَيْنَيْنِ نَاتِئُ الْجَبِينِ مَحْلُوقُ الرَّأْسِ فَقَالَ اتَّقِ اللَّهَ يَا مُحَمَّدُ قَالَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ إِنْ عَصَيْتُهُ أَيَأْمَنُنِي عَلَى أَهْلِ الْأَرْضِ وَلَا تَأْمَنُونِي قَالَ ثُمَّ أَدْبَرَ الرَّجُلُ فَاسْتَأْذَنَ رَجُلٌ مِنْ الْقَوْمِ فِي قَتْلِهِ يُرَوْنَ أَنَّهُ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ مِنْ ضِئْضِئِ هَذَا قَوْمًا يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ يَقْتُلُونَ أَهْلَ الْإِسْلَامِ وَيَدَعُونَ أَهْلَ الْأَوْثَانِ يَمْرُقُونَ مِنْ الْإِسْلَامِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنْ الرَّمِيَّةِ لَئِنْ أَدْرَكْتُهُمْ لَأَقْتُلَنَّهُمْ قَتْلَ عَادٍ
قَوْلُهُ : ( بَعَثَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَهُوَ بِالْيَمَنِ بِذَهَبَةٍ فِي تُرْبَتِهَا ) هَكَذَا هُوَ فِي جَمِيعِ نُسَخِ بِلَادِنَا بِفَتْحِ الذَّالِ ، وَكَذَا نَقَلَهُ الْقَاضِي عَنْ جَمِيعِ رُوَاةِ مُسْلِمٍ عَنِ الْجُلُودِيِّ ، قَالَ : وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ مَاهَانَ ( بِذُهَيْبَةٍ ) عَلَى التَّصْغِيرِ .
قَوْلُهُ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ : ( عُيَيْنَةُ بْنُ بَدْرٍ الْفَزَارِيُّ ) وَكَذَا فِي الرِّوَايَةِ الَّتِي بَعْدَ هَذِهِ - رِوَايَةِ قُتَيْبَةَ - قَالَ فِيهَا : ( عُيَيْنَةُ بْنُ بَدْرٍ ) وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ فِي الثَّانِيَةِ : ( عُيَيْنَةُ بْنُ حِصْنٍ ) ، وَفِي مُعْظَمِهَا ( عُيَيْنَةُ بْنُ بَدْرٍ ) وَوَقَعَ فِي الرِّوَايَةِ الَّتِي قَبْلَ هَذِهِ - وَهِيَ الرِّوَايَةِ الَّتِي فِيهَا الشِّعْرُ - : ( عُيَيْنَةُ بْنُ حِصْنٍ ) فِي جَمِيعِ النُّسَخِ ، وَكُلُّهُ صَحِيحٌ ، فَحِصْنٌ أَبُوهُ وَبَدْرٌ جَدُّ أَبِيهِ ، فَنُسِبَ تَارَةً إِلَى أَبِيهِ ، وَتَارَةً إِلَى جَدِّ أَبِيهِ لِشُهْرَتِهِ ، وَلِهَذَا نَسَبَهُ إِلَيْهِ الشَّاعِرُ فِي قَوْلِهِ :
فَمَا كَانَ بَدْرٌ وَلَا حَابِسٌ
وَهُوَ عُيَيْنَةُ بْنُ حِصْنِ بْنِ حُذَيْفَةَ بْنِ بَدْرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ جُوَيْرِيَةَ بْنِ لَوْذَانَ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ عَدِيِّ بْنِ فَزَارَةَ بْنِ دِينَارٍ الْفَزَارِيُّ .
قَوْلُهُ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ : ( وَزَيْدُ الْخَيْرِ الطَّائِيُّ ) كَذَا هُوَ فِي جَمِيعِ النُّسَخِ : ( الْخَيْرِ ) بِالرَّاءِ وَفِي الرِّوَايَةِ الَّتِي بَعْدَهَا : ( زَيْدُ الْخَيْلِ ) بِاللَّامِ ، وَكِلَاهُمَا صَحِيحٌ ، يُقَالُ بِالْوَجْهَيْنِ ، كَانَ يُقَالُ لَهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ : ( زَيْدُ الْخَيْلِ ) فَسَمَّاهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْإِسْلَامِ : ( زَيْدُ الْخَيْرِ ) .
قَوْلُهُ : ( أَيُعْطِي صَنَادِيدَ نَجْدٍ ) أَيْ سَادَاتِهَا ، وَأَحَدُهُمْ ( صِنْدِيدٌ ) بِكَسْرِ الصَّادِ .
قَوْلُهُ : ( فَجَاءَ رَجُلٌ كَثُّ اللِّحْيَةِ مُشْرِفُ الْوَجْنَتَيْنِ ) أَمَّا ( كَثُّ اللِّحْيَةِ ) فَبِفَتْحِ الْكَافِ وَهُوَ كَثِيرُهَا ، وَ ( الْوَجْنَةُ ) بِفَتْحِ الْوَاوِ وَضَمِّهَا وَكَسْرِهَا ، وَيُقَالُ أَيْضًا : ( أَجْنَةٌ ) وَهِيَ لَحْمُ الْخَدِّ .
قَوْلُهُ : ( نَاتِئُ الْجَبِينِ ) هُوَ بِهَمْزٍ ( نَاتِئُ ) .
وَأَمَّا ( الْجَبِينِ ) فَهُوَ جَانِبُ الْجَبْهَةِ ، وَلِكُلِّ إِنْسَانٍ جَبِينَانِ يَكْتَنِفَانِ الْجَبْهَةَ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّ مِنْ ضِئْضِئِ هَذَا قَوْمًا ) هُوَ بِضَادَيْنِ مُعْجَمَتَيْنِ مَكْسُورَتَيْنِ وَآخِرُهُ مَهْمُوزٌ ، وَهُوَ أَصْلُ الشَّيْءِ ، وَهَكَذَا هُوَ فِي جَمِيعِ نُسَخِ بِلَادِنَا ، وَحَكَاهُ الْقَاضِي عَنِ الْجُمْهُورِ وَعَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّهُ ضَبَطَهُ بِالْمُعْجَمَتَيْنِ وَالْمُهْمَلَتَيْنِ جَمِيعًا ، وَهَذَا صَحِيحٌ فِي اللُّغَةِ .
قَالُوا : وَلِأَصْلِ الشَّيْءِ أَسْمَاءٌ كَثِيرَةٌ مِنْهَا ( الضِّئْضِئُ ) بِالْمُعْجَمَتَيْنِ وَالْمُهْمَلَتَيْنِ ( وَالنِّجَارُ ) بِكَسْرِ النُّونِ ( وَالنُّحَاسُ ) وَ ( السِّنْخُ ) بِكَسْرِ السِّينِ وَإِسْكَانِ النُّونِ وَبِخَاءٍ مُعْجَمَةٍ وَ ( الْعُنْصُرُ ) ( وَالْغَضُّ ) وَ ( الْأَرُومَةُ ) .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لَئِنْ أَدْرَكْتُهُمْ لَأَقْتُلَنَّهُمْ قَتْلَ عَادٍ ) أَيْ قَتْلًا عَامًّا مُسْتَأْصِلًا ، كَمَا قَالَ تَعَالَى : فَهَلْ تَرَى لَهُمْ مِنْ بَاقِيَةٍ وَفِيهِ : الْحَثُّ عَلَى قِتَالِهِمْ وَفَضِيلَةٌ لِعَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي قِتَالِهِمْ .