هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
1946 حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ النَّوْفَلِيُّ ، حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ ، حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ ، أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ ، أَنَّهُ سَأَلَ أُمَّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ، عَنِ الرَّجُلِ يُصْبِحُ جُنُبًا أَيَصُومُ ، قَالَتْ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصْبِحُ جُنُبًا مِنْ غَيْرِ احْتِلَامٍ ، ثُمَّ يَصُومُ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
1946 حدثنا أحمد بن عثمان النوفلي ، حدثنا أبو عاصم ، حدثنا ابن جريج ، أخبرني محمد بن يوسف ، عن سليمان بن يسار ، أنه سأل أم سلمة رضي الله عنها ، عن الرجل يصبح جنبا أيصوم ، قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصبح جنبا من غير احتلام ، ثم يصوم
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

شرح الحديث من فـــتح المــــنعم

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

عن سليمان بن يسار أنه سأل أم سلمة رضي الله عنها عن الرجل يصبح جنباً أيصوم؟ قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصبح جنباً من غير احتلام ثم يصوم.



المعنى العام

أحل الله ليلة الصيام الرفث إلى النساء وجماع الزوجة إلى الفجر، ومعنى هذا أن الجماع بعد الفجر يبطل الصوم، فعرضت مسألة من جامع قبيل الفجر ولم يغتسل من الجنابة حتى طلع الفجر، هل يصح صومه أو لا يصح، وكان أبو هريرة ممن يعظم شأن الجنابة، لدرجة أنه كان يظن أن الجنب نجس، لا يقابل الطاهرين ولا يصافحهم أو لا يسلم عليهم، فهو الذي انخنس وزاغ عن مقابلة النبي صلى الله عليه وسلم في الطريق، فلما سأله صلى الله عليه وسلم عن سبب انخناسه؟ قال كنت جنباً.
فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم.
سبحان الله إن المؤمن لا ينجس.
وسمع أبو هريرة من الفضل بن العباس ومن أسامة بن زيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من أصبح جنباً فليفطر ولا يصم وكان هذا الحكم على هواه فأخذ يفتي به وينشره، ويجاهر به رغم أن المسلمين علموا من الرسول صلى الله عليه وسلم أن صيام من أصبح جنباً صحيح، سواء كانت الجنابة من حلم أو جماع، وعلم مروان بن الحكم أمير المدينة من جهة معاوية ما يقوله أبو هريرة، فأحب مواجهته وتقريعه وتخويفه، فأرسل إلى أمي المؤمنين عائشة وأم سلمة -رضي الله عنهما- يسألهما عن الصائم يصبح جنباً، ليصدم أبا هريرة بما لا مرد له؛ فأجابتا بأن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يصبح جنباً من جماع، ويغتسل بعد الفجر ويصوم، وأن رجلاً استفتاه في ذلك فأجابه بأن صيامه صحيح.
وراجعه الرجل فأكد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن صيام من أصبح جنباً صحيح.

وأرسل مروان إلى أبي هريرة من يحرجه ويرد عليه قوله، ولما تأكد أبو هريرة من قول أمي المؤمنين رجع عن مقالته إلى ما قالته عائشة وأم سلمة رضي الله عن الصحابة أجمعين.

المباحث العربية

( عن عبد الملك بن أبي بكر بن عبد الرحمن عن أبي بكر) أصل الإسناد: عن عبد الملك عن أبيه أبي بكر بن عبد الرحمن قال: سمعت أبا هريرة... فالقائل: سمعت أبا هريرة أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث.

( يقص يقول في قصصه) المراد من القصص القول والرواية، وليس ما يتبادر من لفظ القصة ذات الحوادث، فالمعنى: يروى، يقول فيما يرويه.

( من أدركه الفجر جنباً فلا يصم) وفي رواية مالك من أصبح جنباً أفطر ذلك اليوم، وللنسائي من أصبح جنباً فلا يصوم ذلك اليوم، وللنسائي أيضاً من احتلم من الليل أو واقع أهله، ثم أدركه الفجر ولم يغتسل فلا يصم، وفي رواية من أصبح جنباً فليفطر.

( فذكرت ذلك لعبد الرحمن بن الحارث) أي لأبيه فأنكر ذلك القائل فذكرت هو أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث، وكان الأصل أن يقول: فذكرت ذلك لأبي عبد الرحمن بن الحارث، أو يقول: فذكرت ذلك لعبد الرحمن بن الحارث لأبي لكنه عبر بضمير الغيبة لأبيه بدل ضمير التكلم، فأثار قلقاً في العبارة.
قال النووي عنها: وهو صحيح مليح، ومعناه ذكره أبو بكر لأبيه عبد الرحمن، فقوله لأبيه بدل من عبد الرحمن، بإعادة حرف الجر.
قال القاضي ووقع في رواية ابن ماهان فذكر ذلك عبد الرحمن لأبيه، وهذا غلط فاحش، لأنه تصريح بأن الحارث والد عبد الرحمن هو المخاطب بذلك، وهو باطل، لأن هذه القصة كانت في ولاية مروان على المدينة في خلافة معاوية، والحارث توفي في طاعون عمواس في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه سنة ثمان عشرة.
اهـ.

( فانطلق عبد الرحمن وانطلقت معه) المتكلم أبو بكر بن عبد الرحمن، وكان الأصل أن يقول: فانطلق أبي عبد الرحمن وانطلقت معه حتى دخلنا على عائشة، وفي الرواية طي توضحه الرواية الرابعة، والروايات في غير مسلم حاصلها أنه لما أنكر عبد الرحمن ما سمعه من ابنه أبي بكر اجتمعا معاً عند مروان بن الحكم أمير المدينة، فحدثه عبد الرحمن بما يقول أبو هريرة، فقال مروان: أقسمت عليك يا عبد الرحمن لتذهبن إلى أمي المؤمنين عائشة وأم سلمة، فتسألنهما عن ذلك.
قال أبو بكر: فذهب عبد الرحمن وذهبت معه..

( حتى دخلنا على عائشة وأم سلمة) ظاهره أنهما كانتا في مكان واحد، والواقع غير ذلك وأنهما ذهبا إلى عائشة في بيتها فسألاها، ثم ذهبا إلى أم سلمة في بيتها فسألاها.

( كان النبي صلى الله عليه وسلم يصبح جنباً من غير حلم) حلم بضم الحاء، وبضم اللام وإسكانها، وهل يحتلم الأنبياء أو لا يحتلمون؟.
وما فائدة ذكرها؟ سيأتي ذلك في فقه الحديث.

( عزمت عليك إلا ما ذهبت إلى أبي هريرة، فرددت عليه ما يقول) أي أمرتك أمراً جازماً عزيمة محتمة.
وفي رواية البخاري أقسم بالله لتقرعن بها أبا هريرة أي اذهب فقرع أبا هريرة على فتواه، وفي رواية لتفزعن بالفاء والزاي، من الفزع، وهو الخوف.

( فجئنا أبا هريرة وأبو بكر حاضر ذلك كله) المتكلم أبو بكر وكان الأصل أن يقول: وأنا حاضر ذلك كله.
وفي هذه الرواية طي، توضيحه أن عبد الرحمن كره أن يذهب إلى أبي هريرة، لكن مروان أمير واجب الطاعة، ففي رواية النسائي قال عبد الرحمن لمروان: إن أبا هريرة لجارئ وإني لأكره أن أستقبله بما يكره، فقال: أعزم عليك لتلقينه، وفي رواية فقال عبد الرحمن لمروان: غفر الله لك، إنه لي صديق، ولا أحب أن أرد عليه قوله.

ورواية البخاري تفيد أنهما التقيا بأبي هريرة عفواً، ولم يذهبا إليه قاصدين، فلفظه ثم قدر لنا أن نجتمع بذي الحليفة، وكان لأبي هريرة هناك أرض، لكن في رواية مالك فقال مروان لعبد الرحمن: أقسمت عليك لتركبن دابتي، فإنها بالباب، فلتذهبن إلى أبي هريرة فإنه بأرضه بالعقيق، فلتخبرنه.
قال: فركب عبد الرحمن وركبت معه، قال الحافظ ابن حجر: فهذا ظاهر في أنه قصد أبا هريرة لذلك، فيحمل قوله ثم قدر لنا أن نجتمع معه على المعنى الأعم من التقدير، لا على معنى الاتفاق.
اهـ أي ذهبنا قاصدين فكان القدر أن نلقاه ونجتمع به.

( فذكر له عبد الرحمن) أي ذكر له ما كان من جواب عائشة وأم سلمة رضي الله عنهما.
وفي رواية للبخاري فقال عبد الرحمن لأبي هريرة: إني ذاكر لك أمراً، ولولا مروان أقسم علي فيه لم أذكره لك، فذكر قول عائشة وأم سلمة.

( فقال أبو هريرة: هما قالتاه لك؟ قال: نعم.
قال هما أعلم)
في بعض الروايات هما أعلم برسول الله منا وفي رواية فتلون وجه أبي هريرة ثم قال: هكذا حدثني الفضل بن عباس.

وفي رواية سمعت ذلك -أي القول الذي أقوله- من الفضل بن عباس أي ولم أسمعه من النبي صلى الله عليه وسلم، أي وكنت أفتي به، ولا أنسبه قولاً إلى النبي صلى الله عليه وسلم.

وفي رواية النسائي قال أبو هريرة أخبرنيه أسامة بن زيد.

وفي رواية أخبرنيه فلان وفلان.

وفي رواية أخبرنيه مخبر قال الحافظ: والظاهر أن هذا من تصرف الرواة، منهم من أبهم الرجلين، ومنهم من اقتصر على أحدهما تارة مبهماً وتارة مفسراً.

( فرجع أبو هريرة عما كان يقول في ذلك) سيأتي توضيحه في فقه الحديث.

( إن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليصبح جنباً....
ثم يصوم)
إن مخففة من الثقيلة، واسمها ضمير الحال والشأن محذوف، والجملة بعدها خبر، والتقدير: إن الحال والشأن كان كذا.

( تدركني الصلاة وأنا جنب) ال في الصلاة للعهد، والمقصود صلاة الفجر.

فقه الحديث

روي عن أحمد وابن حبان عن أبي هريرة قال: قال صلى الله عليه وسلم إذا نودي للصلاة صلاة الصبح وأحدكم جنب فلا يصم حينئذ وروى النسائي والطبراني عن عبد الله بن عبد الله بن عمر: قال لي أبو هريرة كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرنا بالفطر إذا أصبح الرجل جنباً.

قال الحافظ: والذي يظهر لي أن مراد البخاري أن الرواية الأولى أقوى إسناداً، وهي من حيث الرجحان كذلك، لأن حديث عائشة وأم سلمة في ذلك جاء عنهما من طرق كثيرة جداً بمعنى واحد، حتى قال ابن عبد البر: إنه صح وتواتر، وأما أبو هريرة فأكثر الروايات عنه أنه كان يفتي به، وجاء عنه من هذين الطريقين أنه كان يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
وكذلك وقع فيما أخرجه عبد الرزاق عن أبي بكر بن عبد الرحمن سمعت أبا هريرة يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر الحديث، والنسائي عن أبي بكر بن عبد الرحمن بلغ مروان أن أبا هريرة يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولأحمد عن عبد الله بن عمرو القاري سمعت أبا هريرة يقول: ورب هذا البيت ما أنا قلت: من أدرك الصبح وهو جنب فلا يصم، محمد ورب الكعبة قاله.
قال الحافظ: لكن بين أبو هريرة -كما مضى- أنه لم يسمع ذلك من النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما سمعه بواسطة الفضل وأسامة.
وكان لشدة وثوقه بخبرهما يحلف على ذلك.
وأما ما أخرجه بن عبد البر من رواية عطاء بن ميناء عن أبي هريرة أنه قال: كنت حدثتكم: من أصبح جنباً فقد أفطر وأن ذلك من كيس أبي هريرة.
فلا يصح ذلك عن أبي هريرة، لأنه من رواية عمر بن قيس وهو متروك.

ثم استعرض الحافظ أقوال العلماء في حكم من أصبح جنباً، فقال:

نقل الترمذي أنه بقي على مقالة أبي هريرة بعض التابعين، ثم ارتفع ذلك الخلاف واستقر الإجماع على خلافه، وجزم بذلك النووي.

وأما ابن دقيق العيد فقال: صار ذلك إجماعاً، أو كالإجماع، لكن من الآخذين بحديث أبي هريرة من فرق بين من تعمد الجنابة وبين من احتلم، ومنهم من قال: يتم صومه ويقضي، ومنهم من قال: يقضي استحباباً، ومنهم من قال: يقضي وجوباً في الفرض، ويجزئ في التطوع.

ونقل الماوردي أن هذا الاختلاف كله إنما هو في حق الجنب، وأما المحتلم فأجمعوا على أنه يجزئه.

قال الحافظ: وحمل القائلون بفساد صوم الجنب حديث عائشة وأما سلمة على أنه من الخصائص النبوية، وأجاب الجمهور بأن الخصائص لا تثبت إلا بدليل، وبأنه قد ورد صريحاً ما يدل على عدمها، وهو ما أخرجه مسلم أن رجلاً جاء النبي صلى الله عليه وسلم يستفتيه....
والحديث روايتنا الخامسة.
اـ.

ومن الواضح أن الحكم الشرعي على خلاف ما كان يقول أبو هريرة، ومن الثابت أن أبا هريرة رجع عن هذه الفتوى بعد تلك المواجهة، إما لرجحان رواية أمي المؤمنين على رواية غيرهما، وإما لاعتقاده أن خبر أمي المؤمنين ناسخ لخبر غيرهما.

وقد دافع كثير من العلماء عن موقف أبي هريرة في فتواه أو حديثه.

فقد قال ابن خزيمة: إن أبا هريرة لم يغلط، بل أحال على رواية صادق إلا أن الخبر منسوخ، لأن الله تعالى عند ابتداء فرض الصوم كان منع في ليل الصوم من الأكل والشرب والجماع بعد النوم، فيحتمل أن يكون خبر الفضل كان حينئذ، ثم أباح الله ذلك كله إلى طلوع الفجر، فكان للمجامع أن يستمر إلى طلوعه، فيلزم أن يقع اغتساله بعد طلوع الفجر، فدل على أن حديث عائشة ناسخ لحديث الفضل، ولم يبلغ الفضل ولا أبا هريرة الناسخ، فاستمر أبو هريرة على الفتيا به، ثم رجع عنه بعد ذلك لما بلغه.
أهـ.

وإلى دعوى النسخ ذهب ابن المنذر والخطابي وغير واحد، وقررها ابن دقيق العيد، ورجحها الحافظ ان حجر: وهذا خير دفاع.

ومال البخاري إلى الترجيح بين الخبرين، حيث قال: والأول أسند، وتابعه قوم، فقالوا: إن حديث عائشة راجح لموافقة أم سلمة لها على ذلك ورواية الاثنين تقدم على رواية الواحد، ولا سيما وهما زوجتان، وهما أعلم بذلك من الرجال، ولأن روايتهما توافق المنقول، وهو مدلول الآية، والمعقول وهو أن الغسل شيء وجب بالإنزال، وليس في فعله شيء يحرم على صائم، فقد يحتلم بالنهار، فيجب عليه الغسل، ولا يحرم عليه، بل يتم صومه إجماعاً، فكذلك إذا احتلم ليلاً، بل هو من باب أولى، وإنما يمنع الصائم من تعمد الجماع نهاراً.

وجمع بعضهم بين الحديثين بأن الأمر في حديث أبي هريرة أمر إرشاد إلى الأفضل، فإن الأفضل أن يغتسل قبل الفجر، فلو خالف جاز، ويحمل حديث عائشة على بيان الجواز، ونقل النووي هذا عن أصحاب الشافعي.
قال الحافظ: ويعكر على حمله على الإرشاد التصريح في كثير من طرق حديث أبي هريرة بالأمر بالفطر، وبالنهي عن الصيام، فكيف يصح الحمل المذكور إذا وقع ذلك في رمضان.
اهـ اعتراض مفحم.

وجمع بعضهم بحمل حديث أبي هريرة على من أدركه الفجر مجامعاً فاستدام بعد طلوعه عالماً بذلك.
قال الحافظ: ويعكر عليه ما رواه النسائي عن عبد الملك بن أبي بكر بن عبد الرحمن عن أبيه أن أبا هريرة كان يقول: من احتلم وعلم باحتلامه، ولم يغتسل حتى أصبح فلا يصوم.

وحكى ابن التين عن بعضهم أن لفظ لا سقط من حديث الفضل، وكان في الأصل من أصبح جنباً في رمضان فلا يفطر فلما سقط لا صار فليفطر.

قال الحافظ: وهذا بعيد.
بل باطل، لأنه يستلزم عدم الوثوق بكثير من الأحاديث، وأنها يتطرق إليها هذا الاحتمال، وكأن قائله ما وقف على شيء من طرق هذا الحديث إلا على اللفظ المذكور.
اهـ.

هذا، والحائض والنفساء إذا انقطع دمها ليلاً في معنى الجنب.
قال النووي: مذهب العلماء كافة صحة صومها إلا ما حكى عن بعض السلف، مما لا يعلم أصح عنه أم لا.
اهـ.

وحكى ابن دقيق العيد أن في المسألة في مذهب مالك قولين.
وحكى ابن عبد البر عن عبد الملك بن الماجشون أنها إذا أخرت غسلها حتى طلع الفجر فيومها يوم فطر، لأنها في بعضه غير طاهرة، قال: وليس كالذي يصبح جنباً، لأن الاحتلام لا ينقض الصوم والحيض ينقضه.

ويؤخذ من الأحاديث فوق ما تقدم:

1- دخول العلماء على الأمراء، ومذاكرتهم إياهم بالعلم.

2- قال الحافظ: وفيه فضيلة لمروان بن الحكم، لما يدل عليه الحديث من اهتمامه بالعلم ومسائل الدين.
اهـ والظاهر عندي أن مروان اهتم بتخطئة أبي هريرة ومهاجمته.

3- وفيها الاستثبات في النقل والرجوع إلى الأعلم، فإن الشيء إذا نوزع فيه رد إلى من عنده علمه.

4- وترجيح مروي النساء فيما لهن عليه الاطلاع دون الرجال على مروي الرجال، كعكسه قاله الحافظ.

5- وأن المباشر للأمر أعلم به من المخبر عنه.

6- والائتساء بالنبي صلى الله عليه وسلم في أفعاله ما لم يقم دليل الخصوصية.

7- وأن للمفضول إذا سمع من الأفضل خلاف ما عنده من العلم أن يبحث عنه حتى يقف على وجهه.

8- وأن الحجة عند الاختلاف في المصير إلى الكتاب والسنة.

9- وفيها الحجة بخبر الواحد، وأن المرأة فيه كالرجل.
قاله الحافظ، وقد يقال: إن الحجة هنا خبر امرأتين.

10- وفيه فضيلة لأبي هريرة، لاعترافه بالحق، ورجوعه إليه.

11- وفيها استعمال السلف من الصحابة والتابعين الإرسال عن العدول، من غير نكير بينهم، لأن أبا هريرة اعترف بأنه لم يسمع هذا الحديث من النبي صلى الله عليه وسلم مع أنه كان يمكنه أن يرويه عن النبي صلى الله عليه وسلم دون وساطة.

12- وفيها الأدب مع العلماء.

13- والمبادرة إلى امتثال أمر ذي الأمر إذا كان طاعة، ولو كان فيه مشقة على المأمور.
ذكر ذلك كله الحافظ ابن حجر في فتح الباري.
والله أعلم.

14- استدل بعضهم بقولها من غير حلم على جواز الاحتلام على الأنبياء، وإلا لما كان للاستثناء معنى، والأشهر امتناعه، لأنه من تلاعب الشيطان، وهم منزهون عنه، قال النووي: ويتأولون هذا الحديث على أن المراد يصبح جنباً من جماع ولا يجنب من الاحتلام، لامتناعه منه، ويكون قريباً من قوله تعالى: { { ويقتلون النبيين بغير الحق } } [البقرة: 61] .
ومعلوم أن قتلهم لا يكون بحق.
اهـ وقيل: إن الاحتلام يطلق على الإنزال، وقد وقع الإنزال بغير رؤية شيء في المنام.

والله أعلم