هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
بَابُ صِحَّةِ الِاحْتِجَاجِ بِالْحَدِيثِ الْمُعَنْعَنِ وَهَذَا الْقَوْلُ يَرْحَمُكَ اللَّهُ فِي الطَّعْنِ فِي الْأَسَانِيدِ قَوْلٌ مُخْتَرَعٌ ، مُسْتَحْدَثٌ غَيْرُ مَسْبُوقٍ صَاحِبِهِ إِلَيْهِ ، وَلَا مُسَاعِدَ لَهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَيْهِ ، وَذَلِكَ أَنَّ الْقَوْلَ الشَّائِعَ الْمُتَّفَقَ عَلَيْهِ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْأَخْبَارِ وَالرِّوَايَاتِ قَدِيمًا وَحَدِيثًا ، أَنَّ كُلَّ رَجُلٍ ثِقَةٍ رَوَى عَنْ مِثْلِهِ حَدِيثًا ، وَجَائِزٌ مُمْكِنٌ لَهُ لِقَاؤُهُ وَالسَّمَاعُ مِنْهُ لِكَوْنِهِمَا جَمِيعًا كَانَا فِي عَصْرٍ وَاحِدٍ ، وَإِنْ لَمْ يَأْتِ فِي خَبَرٍ قَطُّ أَنَّهُمَا اجْتَمَعَا وَلَا تَشَافَهَا بِكَلَامٍ فَالرِّوَايَةُ ثَابِتَةٌ ، وَالْحُجَّةُ بِهَا لَازِمَةٌ ، إِلَّا أَنَّ يَكُونَ هُنَاكَ دَلَالَةٌ بَيِّنَةٌ أَنَّ هَذَا الرَّاوِي لَمْ يَلْقَ مَنْ رَوَى عَنْهُ ، أَوْ لَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ شَيْئًا ، فَأَمَّا وَالْأَمْرُ مُبْهَمٌ عَلَى الْإِمْكَانِ الَّذِي فَسَّرْنَا ، فَالرِّوَايَةُ عَلَى السَّمَاعِ أَبَدًا حَتَّى تَكُونَ الدَّلَالَةُ الَّتِي بَيَّنَّا ، فَيُقَالُ لِمُخْتَرِعِ هَذَا الْقَوْلِ الَّذِي وَصَفْنَا مَقَالَتَهُ ، أَوْ لِلذَّابِّ عَنْهُ : قَدْ أَعْطَيْتَ فِي جُمْلَةِ قَوْلِكَ أَنَّ خَبَرَ الْوَاحِدِ الثِّقَةِ عَنِ الْوَاحِدِ الثِّقَةِ حُجَّةٌ يَلْزَمُ بِهِ الْعَمَلُ ، ثُمَّ أَدْخَلْتَ فِيهِ الشَّرْطَ بَعْدُ ، فَقُلْتَ : حَتَّى نَعْلَمَ أَنَّهُمَا قَدْ كَانَا الْتَقَيَا مَرَّةً فَصَاعِدًا ، أَوْ سَمِعَ مِنْهُ شَيْئًا ، فَهَلْ تَجِدُ هَذَا الشَّرْطَ الَّذِي اشْتَرَطْتَهُ عَنْ أَحَدٍ يَلْزَمُ قَوْلُهُ ؟ وَإِلَّا فَهَلُمَّ دَلِيلًا عَلَى مَا زَعَمْتَ ، فَإِنِ ادَّعَى قَوْلَ أَحَدٍ مِنْ عُلَمَاءِ السَّلَفِ بِمَا زَعَمَ مِنْ إِدْخَالِ الشَّرِيطَةِ فِي تَثْبِيتِ الْخَبَرِ ، طُولِبَ بِهِ ، وَلَنْ يَجِدَ هُوَ وَلَا غَيْرُهُ إِلَى إِيجَادِهِ سَبِيلًا ، وَإِنْ هُوَ ادَّعَى فِيمَا زَعَمَ دَلِيلًا يَحْتَجُّ بِهِ ، قِيلَ : وَمَا ذَاكَ الدَّلِيلُ ؟ فَإِنْ قَالَ : قُلْتُهُ لِأَنِّي وَجَدْتُ رُوَاةَ الْأَخْبَارِ قَدِيمًا وَحَدِيثًا يَرْوِي أَحَدُهُمْ عَنِ الْآخَرِ الْحَدِيثَ ، وَلَمَّا يُعَايِنْهُ وَلَا سَمِعَ مِنْهُ شَيْئًا قَطُّ ، فَلَمَّا رَأَيْتُهُمْ اسْتَجَازُوا رِوَايَةَ الْحَدِيثِ بَيْنَهُمْ هَكَذَا عَلَى الْإِرْسَالِ مِنْ غَيْرِ سَمَاعٍ ، وَالْمُرْسَلُ مِنَ الرِّوَايَاتِ فِي أَصْلِ قَوْلِنَا ، وَقَوْلِ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْأَخْبَارِ لَيْسَ بِحُجَّةٍ احْتَجْتُ لِمَا وَصَفْتُ مِنَ الْعِلَّةِ إِلَى الْبَحْثِ عَنْ سَمَاعِ رَاوِي كُلِّ خَبَرٍ عَنْ رَاوِيهِ ، فَإِذَا أَنَا هَجَمْتُ عَلَى سَمَاعِهِ مِنْهُ لِأَدْنَى شَيْءٍ ثَبَتَ عِنْدِي بِذَلِكَ جَمِيعُ مَا يَرْوِي عَنْهُ بَعْدُ ، فَإِنْ عَزَبَ عَنِّي مَعْرِفَةُ ذَلِكَ أَوْقَفْتُ الْخَبَرَ ، وَلَمْ يَكُنْ عِنْدِي مَوْضِعَ حُجَّةٍ لِإِمْكَانِ الْإِرْسَالِ فِيهِ ، فَيُقَالُ لَهُ : فَإِنْ كَانَتِ الْعِلَّةُ فِي تَضْعِيفِكَ الْخَبَرَ ، وَتَرْكِكَ الِاحْتِجَاجَ بِهِ إِمْكَانَ الْإِرْسَالِ فِيهِ ، لَزِمَكَ أَنْ لَا تُثْبِتَ إِسْنَادًا مُعَنْعَنًا حَتَّى تَرَى فِيهِ السَّمَاعَ مِنْ أَوَّلِهِ إِلَى آخِرِهِ وَذَلِكَ أَنَّ الْحَدِيثَ الْوَارِدَ عَلَيْنَا بِإِسْنَادِ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ عَائِشَةَ فَبِيَقِينٍ نَعْلَمُ أَنَّ هِشَامًا قَدْ سَمِعَ مِنْ أَبِيهِ ، وَأَنَّ أَبَاهُ قَدْ سَمِعَ مِنْ عَائِشَةَ ، كَمَا نَعْلَمُ أَنَّ عَائِشَةَ قَدْ سَمِعَتْ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَقَدْ يَجُوزُ إِذَا لَمْ يَقُلْ هِشَامٌ فِي رِوَايَةٍ يَرْوِيهَا عَنْ أَبِيهِ : سَمِعْتُ ، أَوْ أَخْبَرَنِي ، أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَبِيهِ فِي تِلْكَ الرِّوَايَةِ إِنْسَانٌ آخَرُ ، أَخْبَرَهُ بِهَا عَنْ أَبِيهِ ، وَلَمْ يَسْمَعْهَا هُوَ مِنْ أَبِيهِ ، لَمَّا أَحَبَّ أَنَّ يَرْوِيهَا مُرْسَلًا ، وَلَا يُسْنِدَهَا إِلَى مَنْ سَمِعَهَا مِنْهُ ، وَكَمَا يُمْكِنُ ذَلِكَ فِي هِشَامٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، فَهُوَ أَيْضًا مُمْكِنٌ فِي أَبِيهِ ، عَنْ عَائِشَةَ ، وَكَذَلِكَ كُلُّ إِسْنَادٍ لِحَدِيثٍ لَيْسَ فِيهِ ذِكْرُ سَمَاعِ بَعْضِهِمْ مِنْ بَعْضٍ ، وَإِنْ كَانَ قَدْ عُرِفَ فِي الْجُمْلَةِ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ قَدْ سَمِعَ مِنْ صَاحِبِهِ سَمَاعًا كَثِيرًا ، فَجَائِزٌ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ أَنَّ يَنْزِلَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَةِ ، فَيَسْمَعَ مِنْ غَيْرِهِ عَنْهُ بَعْضَ أَحَادِيثِهِ ، ثُمَّ يُرْسِلَهُ عَنْهُ أَحْيَانًا ، وَلَا يُسَمِّيَ مَنْ سَمِعَ مِنْهُ ، وَيَنْشَطَ أَحْيَانًا فَيُسَمِّيَ الَّذِي حَمَلَ عَنْهُ الْحَدِيثَ وَيَتْرُكَ الْإِرْسَالَ ، وَمَا قُلْنَا مِنْ هَذَا مَوْجُودٌ فِي الْحَدِيثِ مُسْتَفِيضٌ ، مِنْ فِعْلِ ثِقَاتِ الْمُحَدِّثِينَ وَأَئِمَّةِ أَهْلِ الْعِلْمِ ، وَسَنَذْكُرُ مِنْ رِوَايَاتِهِمْ عَلَى الْجِهَةِ الَّتِي ذَكَرْنَا عَدَدًا يُسْتَدَلُّ بِهَا عَلَى أَكْثَرَ مِنْهَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى ، فَمِنْ ذَلِكَ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
باب صحة الاحتجاج بالحديث المعنعن وهذا القول يرحمك الله في الطعن في الأسانيد قول مخترع ، مستحدث غير مسبوق صاحبه إليه ، ولا مساعد له من أهل العلم عليه ، وذلك أن القول الشائع المتفق عليه بين أهل العلم بالأخبار والروايات قديما وحديثا ، أن كل رجل ثقة روى عن مثله حديثا ، وجائز ممكن له لقاؤه والسماع منه لكونهما جميعا كانا في عصر واحد ، وإن لم يأت في خبر قط أنهما اجتمعا ولا تشافها بكلام فالرواية ثابتة ، والحجة بها لازمة ، إلا أن يكون هناك دلالة بينة أن هذا الراوي لم يلق من روى عنه ، أو لم يسمع منه شيئا ، فأما والأمر مبهم على الإمكان الذي فسرنا ، فالرواية على السماع أبدا حتى تكون الدلالة التي بينا ، فيقال لمخترع هذا القول الذي وصفنا مقالته ، أو للذاب عنه : قد أعطيت في جملة قولك أن خبر الواحد الثقة عن الواحد الثقة حجة يلزم به العمل ، ثم أدخلت فيه الشرط بعد ، فقلت : حتى نعلم أنهما قد كانا التقيا مرة فصاعدا ، أو سمع منه شيئا ، فهل تجد هذا الشرط الذي اشترطته عن أحد يلزم قوله ؟ وإلا فهلم دليلا على ما زعمت ، فإن ادعى قول أحد من علماء السلف بما زعم من إدخال الشريطة في تثبيت الخبر ، طولب به ، ولن يجد هو ولا غيره إلى إيجاده سبيلا ، وإن هو ادعى فيما زعم دليلا يحتج به ، قيل : وما ذاك الدليل ؟ فإن قال : قلته لأني وجدت رواة الأخبار قديما وحديثا يروي أحدهم عن الآخر الحديث ، ولما يعاينه ولا سمع منه شيئا قط ، فلما رأيتهم استجازوا رواية الحديث بينهم هكذا على الإرسال من غير سماع ، والمرسل من الروايات في أصل قولنا ، وقول أهل العلم بالأخبار ليس بحجة احتجت لما وصفت من العلة إلى البحث عن سماع راوي كل خبر عن راويه ، فإذا أنا هجمت على سماعه منه لأدنى شيء ثبت عندي بذلك جميع ما يروي عنه بعد ، فإن عزب عني معرفة ذلك أوقفت الخبر ، ولم يكن عندي موضع حجة لإمكان الإرسال فيه ، فيقال له : فإن كانت العلة في تضعيفك الخبر ، وتركك الاحتجاج به إمكان الإرسال فيه ، لزمك أن لا تثبت إسنادا معنعنا حتى ترى فيه السماع من أوله إلى آخره وذلك أن الحديث الوارد علينا بإسناد هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة فبيقين نعلم أن هشاما قد سمع من أبيه ، وأن أباه قد سمع من عائشة ، كما نعلم أن عائشة قد سمعت من النبي صلى الله عليه وسلم ، وقد يجوز إذا لم يقل هشام في رواية يرويها عن أبيه : سمعت ، أو أخبرني ، أن يكون بينه وبين أبيه في تلك الرواية إنسان آخر ، أخبره بها عن أبيه ، ولم يسمعها هو من أبيه ، لما أحب أن يرويها مرسلا ، ولا يسندها إلى من سمعها منه ، وكما يمكن ذلك في هشام ، عن أبيه ، فهو أيضا ممكن في أبيه ، عن عائشة ، وكذلك كل إسناد لحديث ليس فيه ذكر سماع بعضهم من بعض ، وإن كان قد عرف في الجملة أن كل واحد منهم قد سمع من صاحبه سماعا كثيرا ، فجائز لكل واحد منهم أن ينزل في بعض الرواية ، فيسمع من غيره عنه بعض أحاديثه ، ثم يرسله عنه أحيانا ، ولا يسمي من سمع منه ، وينشط أحيانا فيسمي الذي حمل عنه الحديث ويترك الإرسال ، وما قلنا من هذا موجود في الحديث مستفيض ، من فعل ثقات المحدثين وأئمة أهل العلم ، وسنذكر من رواياتهم على الجهة التي ذكرنا عددا يستدل بها على أكثر منها إن شاء الله تعالى ، فمن ذلك
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

شرح الحديث من شرح النووى على مسلم

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،    الِاحْتِجَاجِ بِالْحَدِيثِ الْمُعَنْعَنِ
مُسْلِمًا - رَحِمَهُ اللَّهُ - ادَّعَى إِجْمَاعَ الْعُلَمَاءِ قَدِيمًا وَحَدِيثًا عَلَى أَنَّ مَحْمُولٌ عَلَى الِاتِّصَالِ وَالسَّمَاعِ إِذَا أَمْكَنَ لِقَاءُ مَنْ أُضِيفَتِ الْعَنْعَنَةُ إِلَيْهِمْ بَعْضُهُمْ بَعْضًا يَعْنِي مَعَ بَرَاءَتِهِمْ مِنَ التَّدْلِيسِ .
وَنَقَلَ الْمُعَنْعَنَ ، وَهُوَ الَّذِي فِيهِ فُلَانٌ عَنْ فُلَانٍ مُسْلِمٌ عَنْ بَعْضِ أَهْلِ عَصْرِهِ أَنَّهُ قَالَ : لَا تَقُومُ الْحُجَّةُ بِهَا ، وَلَا يُحْمَلُ عَلَى الِاتِّصَالِ ، حَتَّى يَثْبُتَ أَنَّهُمَا الْتَقَيَا فِي عُمُرِهِمَا مَرَّةً فَأَكْثَرَ ، وَلَا يَكْفِي إِمْكَانُ تَلَاقِيهِمَا .
قَالَ مُسْلِمٌ : وَهَذَا قَوْلٌ سَاقِطٌ مُخْتَرَعٌ مُسْتَحْدَثٌ ، لَمْ يُسْبَقْ قَائِلُهُ إِلَيْهِ ، وَلَا مُسَاعِدَ لَهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَيْهِ ، وَإِنَّ الْقَوْلَ بِهِ بِدْعَةٌ بَاطِلَةٌ وَأَطْنَبَ مُسْلِمٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي الشَّنَاعَةِ عَلَى قَائِلِهِ ، وَاحْتَجَّ مُسْلِمٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - بِكَلَامٍ مُخْتَصَرُهُ : أَنَّ الْمُعَنْعَنَ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ مَحْمُولٌ عَلَى الِاتِّصَالِ إِذَا ثَبَتَ التَّلَاقِي ، مَعَ احْتِمَالِ الْإِرْسَالِ ، وَكَذَا إِذَا أَمْكَنَ التَّلَاقِي .
وَهَذَا الَّذِي صَارَ إِلَيْهِ مُسْلِمٌ قَدْ أَنْكَرَهُ الْمُحَقِّقُونَ ، وَقَالُوا : هَذَا الَّذِي صَارَ إِلَيْهِ ضَعِيفٌ ، وَالَّذِي رَدَّهُ هُوَ الْمُخْتَارُ الَّذِي عَلَيْهِ أَئِمَّةُ هَذَا الْفَنِّ : ، وَغَيْرُهُمَا .
وَقَدْ زَادَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْمُتَأَخِّرِينَ عَلَى هَذَا ; فَاشْتَرَطَ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ وَالْبُخَارِيُّ الْقَابِسِيُّ أَنْ يَكُونَ قَدْ أَدْرَكَهُ إِدْرَاكًا بَيِّنًا ، وَزَادَ ; فَاشْتَرَطَ طُولَ الصُّحْبَةِ بَيْنَهُمَا ، وَزَادَ ; فَاشْتَرَطَ مَعْرِفَتَهُ بِالرِّوَايَةِ عَنْهُ .
وَدَلِيلُ هَذَا الْمَذْهَبِ الْمُخْتَارِ الَّذِي ذَهَبَ إِلَيْهِ أَبُو الْمُظَفَّرِ السَّمْعَانِيُّ الْفَقِيهُ الشَّافِعِيُّ أَبُو عَمْرٍو الدَّانِي الْمُقْرِي ابْنُ الْمَدِينِيِّ وَمُوَافِقُوهُمَا : أَنَّ إِنَّمَا حُمِلَ عَلَى الِاتِّصَالِ ; لِأَنَّ الظَّاهِرَ ، مِمَّنْ لَيْسَ بِمُدَلِّسٍ ، أَنَّهُ لَا يُطْلَقُ ذَلِكَ إِلَّا عَلَى السَّمَاعِ ، ثُمَّ الِاسْتِقْرَاءُ يَدُلُّ عَلَيْهِ .
فَإِنَّ عَادَتَهُمْ أَنَّهُمْ لَا يُطْلِقُونَ ذَلِكَ إِلَّا فِيمَا سَمِعُوهُ ، إِلَّا الْمُدَلِّسَ ، وَلِهَذَا رَدَدْنَا .
فَإِذَا ثَبَتَ التَّلَاقِي غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ الِاتِّصَالُ ، وَالْبَابُ مَبْنِيٌّ عَلَى غَلَبَةِ الظَّنِّ ؟ فَاكْتَفَيْنَا بِهِ .
وَلَيْسَ هَذَا الْمَعْنَى مَوْجُودًا فِيمَا ; فَإِنَّهُ لَا يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ الِاتِّصَالُ فَلَا يَجُوزُ الْحَمْلُ عَلَى الِاتِّصَالِ ، وَيَصِيرُ كَالْمَجْهُولِ ; فَإِنَّ رِوَايَتَهُ مَرْدُودَةٌ لَا لِلْقَطْعِ بِكَذِبِهِ أَوْ ضَعْفِهِ بَلْ لِلشَّكِّ فِي حَالِهِ .
وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
هَذَا حُكْمُ .
وَأَمَّا الْمُدَلِّسُ فَتَقَدَّمَ بَيَانُ حُكْمِهِ فِي الْفُصُولِ السَّابِقَةِ .
هَذَا كُلُّهُ تَفْرِيعٌ عَلَى الْمَذْهَبِ الصَّحِيحِ الْمُخْتَارِ الَّذِي ذَهَبَ إِلَيْهِ السَّلَفُ وَالْخَلَفُ مِنْ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ وَالْفِقْهِ وَالْأُصُولِ : أَنَّ الْمُعَنْعَنَ مَحْمُولٌ عَلَى الِاتِّصَالِ بِشَرْطِهِ الَّذِي قَدَّمْنَاهُ عَلَى الِاخْتِلَافِ فِيهِ .
وَذَهَبَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ إِلَى أَنَّهُ لَا يُحْتَجُّ بِالْمُعَنْعَنِ مُطْلَقًا لِاحْتِمَالِ الِانْقِطَاعِ ، وَهَذَا الْمَذْهَبُ مَرْدُودٌ بِإِجْمَاعِ السَّلَفِ ، وَدَلِيلُهُمْ مَا أَشَرْنَا إِلَيْهِ مِنْ حُصُولِ غَلَبَةِ الظَّنِّ مَعَ الِاسْتِقْرَاءِ .
وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
هَذَا حُكْمُ الْمُعَنْعَنِ .
أَمَّا ، كَقَوْلِهِ : حَدَّثَنِي وَالْبُخَارِيُّ الْمُعَنْعَنَ عِنْدَ ثُبُوتِ التَّلَاقِي رِوَايَةَ الْمُدَلِّسِ إِذَا أَمْكَنَ التَّلَاقِي وَلَمْ يَثْبُتْ الْمُعَنْعَنِ مِنْ غَيْرِ الْمُدَلِّسِ إِذَا قَالَ : حَدَّثَنِي فُلَانٌ : أَنَّ فُلَانًا قَالَ الزُّهْرِيُّ : أَنَّ قَالَ : كَذَا ، أَوْ حَدَّثَ بِكَذَا ، أَوْ نَحْوَهُ : فَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّ لَفْظَةَ أَنَّ كَعَنْ فَيُحْمَلُ عَلَى الِاتِّصَالِ بِالشَّرْطِ الْمُتَقَدِّمِ .
وَقَالَ ، سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَيَعْقُوبُ بْنُ شَيْبَةَ ، وَأَبُو بَكْرٍ : لَا تُحْمَلُ أَنَّ عَلَى الِاتِّصَالِ .
وَإِنْ كَانَتْ عَنْ لِلِاتِّصَالِ .
وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ ، ; فَكُلُّهُ مَحْمُولٌ عَلَى الِاتِّصَالِ وَالسَّمَاعِ .
قَوْلُهُ : ( فِي ذِكْرِ وَكَذَا قَالَ ، وَحَدَّثَ ، وَذَكَرَ ، وَشِبْهُهَا هِشَامٍ لَمَّا أَحَبَّ أَنْ يَرْوِيَهَا مُرْسَلًا ) ضَبَطْنَاهُ ( لَمَّا ) بِفَتْحِ اللَّامِ وَتَشْدِيدِ الْمِيمِ ، وَمُرْسَلًا بِفَتْحِ السِّينِ وَيَجُوزُ تَخْفِيفُ ( لَمَّا ) وَكَسْرُ سِينِ مُرْسَلًا .
قَوْلُهُ : ( وَيَنْشَطُ أَحْيَانًا ) هُوَ بِفَتْحِ الْيَاءِ وَالشِّينِ أَيْ يَخِفُّ فِي أَوْقَاتٍ .